إيجار ليموزين في مطار القاهرة  آخر رد: الياسمينا    <::>    ليموزين المطار في مصر الرفاهية والراحة في خدمة المسافرين  آخر رد: الياسمينا    <::>    حفل تكريم أوائل الثانوية العامة للعام الدراسي 2023.  آخر رد: الياسمينا    <::>    دورة البادل، كانت فكرة وبالجهد نجحت  آخر رد: الياسمينا    <::>    لاونج بموقع مميز ودخل ممتاز للتقبيل في جدة حي الخالدية  آخر رد: الياسمينا    <::>    تورست لايجار السيارات والليموزين في مصر  آخر رد: الياسمينا    <::>    كود خصم تويو 90% خصم 2024  آخر رد: الياسمينا    <::>    كود خصم تويو 90% خصم 2024  آخر رد: الياسمينا    <::>    المحامية رباب المعبي تحاضر عن مكافحة غسل الأموال وتمويل الإر...  آخر رد: الياسمينا    <::>    مساعدة عائلة محاصرة في قطاع غزة يواجهون مخاطر الموت  آخر رد: الياسمينا    <::>   
 
العودة   منتدى المسجد الأقصى المبارك > مكتبة الأقصى الخثنية > منتدى الفرق الإسلامية

 
موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع ابحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
 
  #1  
قديم 10-08-2011
نائل أبو محمد نائل أبو محمد غير متواجد حالياً
عضو بناء
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 6,651
افتراضي مجموعة طالب عوض الله ( الجزء الر ابع ) .

السبت 11 ذو القعدة 1432

الجزء السابق رقم ( 3 )
http://al-msjd-alaqsa.com:81/vb/show...t=12846&page=6

والآن الجزء الرابع .....
 
 
  #2  
قديم 10-11-2011
طالب عوض الله طالب عوض الله غير متواجد حالياً
عضو فعال
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 246
افتراضي رد: مجموعة طالب عوض الله ( الجزء الر ابع ) .





نفاق الحكومات الغربية تجاه المسلمين
يمثل أهم ما يُستخلص من دروس الانتفاضات الشعبية (ولكن ماذا يجب عليهم حياله؟)

صالح عبد الرحيم – الجزائر

يجد المراقب لما يحدث هذه الأيام في مختلف أقطار البلاد العربية أن الناس الذين خرجوا بمئات الألوف وبالملايين في وجه الحكام إلى الشارع ساخطين ومحتجين ومطالبين من خلال الاعتصام وإقامة التجمعات وتنظيم المسيرات، يجد في الظاهر كأنهم اتفقوا جميعاً على عدم إدراج مسألة تطبيق الإسلام ضمن مطالبهم. فهل هو الإعلام الغربي (المنافق) والعربي التابع له يعتِّم ويوجه، أم أنها خطة متعمدة من المنتفضين تنطوي على كثير من الدهاء والحكمة والحنكة المستخلصة من تجارب سابقة في بلدان مختلفة؟ أم أنه تدبير من جهات خارجية مؤثرة تهدف إلى إحداث التغيير الذي تريد بعدما تيقنت أن المنطقة وصلت إلى درجة الغليان، وأنها مقبلة على مرحلة جديدة تمامًا فلا بد من فعل شيء ما؟ إلا أن اللافت في كل هذا الحراك هو مواقف الدول الغربية الكبرى المؤثرة بشكل مباشر في المنطقة وسياساتُها المنافقة الماكرة إزاء تطلعات أهل المنطقة، وهذا ما يجب أن يعيه المسلمون قبل غيرهم. فمن تونس إلى مصر وما بعدها... إلى اليمن وسوريا وغيرها... وكانت الشعارات في معظمها تبدأ بـ «الشعب يريد» وتنتهي بجزئيات ما يريده هذا الشعب أو ذاك حسب البلد: من إسقاط النظام، إلى محاسبة الحكام، إلى تطهير البلاد، إلى إنهاء الانقسام، إلى العودة إلى فلسطين (كما رأينا في إحياء ذكرى يوم نكبة 48 في 15/05/2011م).

رغم أن نظام الإسلام وشريعته يكفل ويحقق محتوى جميع ما في لائحة المطالب لدى جميع الشعوب المنتفِضة، ورغم أن أهل هذه البلدان مسلمون، إلا أن رافعي بل واضعي الشعارات من منظمين وقادة حرصوا على ألا يُطلب كل ذلك من خلال الصدع بما تريده الأمة حقيقةً، وهو دون شك الإسلام في حياتها هويةً ودولةً ومجتمعاً بوصفه الحق من عند الله عقيدةً ونظاماً، إنما حرصوا على أن يُطلب من خلال إرادة الشعوب المستضعفة كحقوق تكفُلها الديمقراطية وتصدقها المواثيق الدولية كميثاق حقوق الإنسان وغيره. وبالتالي فهي في نظر كل العالم مطالب مشروعة، ولن يسع حكوماتِ الغرب -التي يحسبون لها ألف حساب - ولا شعوبَها إلا أن تقول إنها مشروعة! وقد قيل.
فمن يستطيع الوقوف في وجه من ينتفض ضد الديكتاتورية والظلم والقمع والاستبداد ويطالب بالكرامة والعدالة والحرية ورحيل الحكام الفاسدين المستبدين؟! وقد سمعنا ساسة الغرب عند أول شرر الانتفاضات - بل حكام البلاد العربية العملاء – يؤكدون على حق كل هذه الشعوب دون استثناء في الحرية والكرامة والرفعة والعيش الكريم! وأنْ لا رئاسة مدى الحياة! مع أن هؤلاء الحكام كانوا ظالمين لشعوبهم لعشرات السنين.
وبما أن الشعوب المنتفضة شعوبٌ إسلامية، فلن يكون - في نظر قادة الانتفاضات - ما يتحقق على أرض الواقع جراء هذه المطالب سوى ما يريده الإسلام وما تريده الأمة. فكأنهم خرجوا مطالبين بالإسلام بالمعنى لا باللفظ! أسلوب يبدو ذكياً يراه بعض منظمي ومسيري المسيرات في الميادين والساحات لئلا يؤلبوا عليهم العالم وشعوبَ الدول الغربية خاصةً إن هم جهروا بمرادهم، ما يمكِّن الساسة في الغرب والحكوماتِ من استنفار واستجماع القوة لدى شعوبهم ومنتخِبيهم في وجه التحركات الشعبية في بلاد المسلمين لإجهاضها وقطع الطريق على «الإسلام السياسي» ومنع التغيير المنشود. هذا من جهة.
ومن جهةٍ أخرى إذا ما استُبعد شعار الإسلام عن «الثورات» فإن هذه الأخيرة بحسب قادتها سوف تتمكن حينئذ من كسب الدعم من كل التيارات الفكرية والسياسية على اختلافها، ويتسنى لها حشد كل الطاقات من كل الطبقات في البلد في وجه الحاكم المستبد. إذ كلها تشترك في رفضها للنظام القائم وسخطها على من بيده الأمور، وفي توقها في نظرهم للديمقراطية والحرية والكرامة الإنسانية.
ولكن ما لم يُطرح كإشكال هو: ماذا بعد ذهاب الطاغية المستبد؟ وهل عندما تقر الدولُ الغربية بأن مطالب شعوب المنطقة هي بالفعل مطالب مشروعة، فهل هذا يعني أنها ستسهل أو على الأقل لا تمانع من التحول الديمقراطي لكي تتحقق للشعوب السيادةُ والعزة والكرامة والحرية والعدالة كما في الشعارات؟ وعلى حساب من سيكون هذا التحول؟ وهل ستساعد الشعوبَ لكي تزيل الحكام الجاثمين عليها عقودًا من الزمن؟ وهل ستزيل الظلم المسلط عليها وتطيح بالأنظمة القمعية الفاسدة؟ وهل ستأتي بحكم بديل ليس فيه ظلم ولا هضم ولا كبت ولا قمع؟! وهل فعلاً عندما يرحل الحاكم ويبقى النظام سوف تتغير الأمور؟ وهل سيكون إرساء الديمقراطية في مصر تحديداً خطوةً في اتجاه التحرير؟ هذا ما يجب أن يُطرح.
يا ويل من يفكر بهذا المنطق! ويا ويل من ينشد الحق والعدل والتحرر والكرامة والعزة في غير الإسلام!! وهل هنالك حق وعدل غير الإسلام؟!! ألا فليعلموا أن من كان يريد العزة فلله العزة جميعاً.
إن هذا المنطق من التفكير ينطوي على مصيبتين :
الأولى مفادها أن التغيير في بلادنا الإسلامية لا يمكن أن يحصل إلا بموافقة الغرب وفي نطاق ما يسمح به الغرب. لذا وجب على منشديه أن يخاطبوا شعوبهم بما يكون مقبولاً لدى هذا الغرب مسموحاً به، وهو ما يسمونه المطالب المشروعة (في شريعة الغرب)، وهذا هو منطق المهزوم فكريًا وسياسياً وحضارياً. كما يتجاهل هذا المنطق أن عنجهية أميركا وهيبة أميركا زعيمة الغرب قد دُفنت في ساحات الوغى في أفغانستان والصومال والعراق ومؤخراً في ميدان التحرير، وهم ما زالوا يقيمون صنمًا مترنحًا منذ أمد يوشك أن يتهاوى.
أما المصيبة التي هي أكبر من أختها فإن منطق التفكير هذا يقفز على حقيقة عظمى، وهي أن هذه الأنظمة القمعية هي من صنع الغرب، وأنها كانت تتقاسم مع الغرب والاحتلال المنافع طويلاً، وأن هؤلاء الحكام الفاسدين الذين يُراد إزالتهم لاسترداد سلطان الأمة وسيادة مبدئها يمثلون أدواتِ البطش التي مارس الغرب طوال عقود خلت وما زال يمارس بواسطتها كلَّ هذه الهيمنة والظلم والقهر وسلب الحقوق والاستبداد والاستعباد والسرقة وجميع أصناف الفساد.
أقرَّ الرئيس الأميركي أوباما في الخطاب الذي ألقاه (في طبعته الجديدة) يوم 19/05/2011م وحدد فيه رؤى وسياسات الولايات المتحدة تجاه المنطقة العربية، فيما بدا كأنه مراجعة لسياسات أميركا في البلاد العربية في ضوء التغيرات الجارية فيها، والذي صدر منه على ما يبدو في وقت لم يكتمل فيه بعد «المشهد الثوري»، وعينه على الانتخابات الرئاسية المقبلة، أقر أنهم بحسب قوله كانوا يدعمون ديكتاتوريات عندما راهنوا على الاستقرار في المنطقة على حساب حرية الشعوب. ويُفهم منه أنهم الآن تداركوا الأمر وتيقظوا لإنصاف الشعوب بل ولتقديم دعم مطلق للتغيير وعدم إعاقة منطق التغيير! فالغرب الاستعماري ممثلاً اليوم في أميركا وبريطانيا تحديداً هو العدو قبل هؤلاء الحكام وقبل هذه الأنظمة. ثم إن هذا المنطق من التفكير – الذي يقفز على كون الأنظمة من صنع الغرب وكون الحكام عملاء للغرب، والذي هو غريب عن الأمة الواعية - لا يوجد إلا عند صنفين من الناس:
الصنف الأول هم من أبناء الأمة ويخفى عليهم مدى عداوة الحكومات الغربية وساسة الغرب للأمة الإسلامية، وينظر هؤلاء للأمور والعلاقات بين الدول والشعوب بسذاجة محزنة. مع أن الإسلام يطلب منهم أن يتصدروا الأممَ في الفكر والوعي والسياسة وفي العلوم والمعارف والأخلاق والعمران وفي كل شيء. فهم لا يرون في حكومات الغرب وحوشاً ضارية وذئاباً متيقظة متربصة، مع أن الله تعالى قد نبأنا من أخبارهم. ولا يرون في المنظومة السياسية الدولية أداة للقهر والإذلال لدى الدول الغربية الكبرى على رؤوسهم، ولا للمؤسسات الدولية أدواتٍ لتغطية ما يمارَس عليهم من تسلط وإجرام من هذه الدول، فتارة يستنجدون بما يسمى المجتمع الدولي، وتارة بالحلف الأطلسي وتارة يستجيرون بالاتحاد الأوروبي، من أجل إصلاح أوضاعهم، أو من أجل إزالة الحكام الفاسدين الذين هم من صنعهم. كما يقصر نظرهم عن إدراك نفاق الدول الغريبة، وأنها هي التي تمنعهم من التحرر والانعتاق، وتمنعهم من الوحدة ومن إقامة دولتهم، كما يرون أن هذه الدول القزمة القائمة في بلادهم تفي بالحاجة إذا ما تم إصلاحها أو ترقيعها، وهي تمثلهم في المجتمع الدولي على كل حال!
أما الصنف الثاني فهم الذين يمارسون النفاق السياسي من السياسيين المنتفعين، وهم أرباب الانتهازية و المغرضون من توابع الغرب، سواء من العلمانيين أو ممن يُسمون إسلاميين. وهؤلاء لا يبحثون سوى عن موقع في واقع ما بعد الانتفاضة كما كانوا في واقع ما قبلها، بغض النظر عن الإسلام والمسلمين من قبلُ ومن بعد. فلا يهمهم أن يتغير النظام جذرياً لكي يقوم على أساس الإسلام؛ لأن هذا يكون خارج الإطار المرسوم فهم اليومَ مع «الثورة» يجلبون لها الدعم من الغرب على أساس الديمقراطية في مقابل الدكتاتورية بحسب زعمهم، ويسعون في المنابر الدولية لتحقيق أهدافها النبيلة، أو في العواصم الغربية لكسب الشرعية. وهم بالأمس القريب كانوا من ركائز منظومة الحاكم المستبد ويداً للنظام على شعبه ظلماً واستعباداً. يقابل هذا النفاق السياسي نفاقُ الحكومات الغربية التي تتقن نفاقها وتتفنن في إخفاء عداوتها لأمة الإسلام من أجل مصالحها، فهي مع الحكام ومع الشعوب حسب الظرف وحسب الطلب وحسب الحاجة والمصلحة.
ونحن إذا كنا لا نشك في أن حالة الاحتقان الشديدة، وحالة التردي الفظيعة التي تولدت في الأمة جراء أزمنة طويلة من قهر الحكام العملاء وأنظمة الطواغيت وضغط النظام الدولي على المسلمين هي التي جعلت الأمة الإسلامية اليوم تفكر بجد في ماضيها وفي حاضرها ومستقبلها، وتتهيأ لتصحو من غفلتها، وتنهض من كبوتها، بفضل العاملين من أبنائها، أضف إلى ذلك ما طرأ من متغيرات على الساحة الدولية بحكم ناموس التدافع والصراع والاحتكاك، على صعيد العلاقات بين الدول وما اعترى بعضها من ضعف وانكسار، وعلى صعيد الأفراد في مجال التواصل عبر القارات واستعمال وسائل الاتصال في شتى الميادين، وما كان من دور كبير لأدوات الإعلام، في زخم التناطح الحضاري واحتدام الصراع على النفوذ السياسي والاقتصادي والعسكري بشكل غير مسبوق...
وإذا كنا لا نشك في أن شرارة الانفجار لم يكن ينقصها سوى التوقيت، وأن الذي يجري اليوم هو فعلاً مطلب الشعوب في البلاد الإسلامية من أجل التغيير وإزالة الأنظمة الفاسدة، فإننا نؤكد أن أيادي الغرب الحاقد ليست في منأى عن التدخل المباشر في المجريات. كما أن أياديه المسمومة ليست في منأى عن توظيف واحتواء وتوجيه الأحداث نحو بر أمانه. وقد كان هذا وما زال واضحًا في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا وفي كل الأقطار التي انتفض فيها الناس على الأوضاع. ولكن في الحقيقة كلمة التدخل تفقد معناها عندما نتذكر مثلاً أن توني بلير رئيس وزراء بريطانيا الأسبق كان مستشارًا للقذافي ونظامه، فالنفوذ الغربي متغلغل في البلاد والعباد منذ زمن بعيد.
ثم نقول إن اختلاف التيارات الفكرية والأحزاب السياسية في أوساط هذه الشعوب في البلاد الإسلامية لا يبرر بحالٍ كتم صوت الإسلام، ولا يبرر إفراغ الشعارات والساحات مما يستفز الغرب أو ما قد يثير فتاه المدلل الكيان المسخ (إسرائيل)، ولا يبرر أبداً إخفاء مبدأ الأمة. صحيح أنه في بعض البلاد الإسلامية يوجد أناس من غير المسلمين يعيشون مع المسلمين، ولكن القضية في البلاد الإسلامية اليومَ هي قضية إنهاء هيمنة الغرب الرأسمالي الاستعماري على المنطقة برمتها، فالقضية أن ينهض المسلمون بوصفهم أمة عريقة صاحبة رسالة وذات هوية وحضارة هي حضارة الإسلام الشامخة لأجل هذه الغاية لا أن ينهض غيرهم، لا أن يكون المطلب هو الديمقراطية أولاً لتحرير هذه الشعوب ثم بعد ذلك تقرر الشعوب بعد التحرر ماذا تريد. وإذا ما كان من دور لغير المسلمين - من أبناء المنطقة - فلا أقل من أن يكونوا سنداً في إنجاز هذا المبتغى بمعنى عدم التعطيل، لا أن يكونوا عوناً للاستعمار الدخيل البغيض على المسلمين، لئلا يدفعوا الثمن باهظاً حاضراً ومستقبلاً كما ستدفعه (إسرائيل) قريباً بإذن الله – لو كانوا يعقلون. ولهم عبرة فيما مضى، فقد عاشوا منصَفين في ظل الخلافة الإسلامية مع المسلمين قروناً عديدة.
فمتى يستيقظ المسلمون ليدركوا أن الله تعالى عندما يخاطبهم: (إِن تُطِيعُواْ فَرِيقًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ)، وعندما يقول لهم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ الَّذِينَ كَفَرُواْ يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنقَلِبُواْ خَاسِرِينَ) إنما يعني ذلك على أرض الواقع – مما يعني - أن حلولنا يجب أن تكون من مبدئنا وهو الإسلام، فلا أقل في معاملة الكافرين من أن لا نأمنهم على ديننا وأن لا نقبل لهم رأياً أو مشورة، وهؤلاء هم اليومَ الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا وغيرها...ناهيك عن عدم جواز استدعاء التدخل الأجنبي المباشر في كل شؤوننا.
إلا أنه رغم كل هذه الاعتبارات نذكر الأمور الآتية سواء مما هو من جانب الإيجاب فيما انتاب المنطقة من حراك سياسي قوي في اتجاه التحرر عند هبوب رياح التغيير وفي أجواء الانتفاضات التي توشك أن تعم كل الأقطار، أو مما هو من قبيل المراوغة والنفاق السياسي الذي تمارسه الدول الغربية تجاه المسلمين وبلادهم مما لا يمكن أن لا نلاحظه. فقد برز بوضوح سواء على صعيد مجريات الأحداث أو على صعيد تداعياتها ما يلي:
اكتشفت الشعوب الإسلامية مقدار ما فيها من حياة وما فيها من قدرة على التغيير من حالها (على تواضع ما تحقق حتى الساعة) إن هي تحركت، واكتشفت الأمة مقدار ما فيها من حيوية وطاقة كامنة مستمدة من مبدئها إن هي عزمت، وتفطنت لما للجيوش من أهمية في تحركاتها نحو التغيير، كما أيقنت أن أوضاعها وتطلعاتها في جميع أقطارها واحدة. وبدأ ينمو فيها الوعي السياسي بالفعل - وقد يكون هذا من أهم ما ستنميه وتحققه هذه الانتفاضات - ليصل إلى ما تصبو إليه الأمة من تغيير جذري في حالها بقيام الخلافة الإسلامية، واستلام زمام أمرها، واسترجاع عزتها، وعودتها إلى المسرح الدولي من أجل حمل رسالتها.
شوهدت حالة كبيرة من الارتباك والترقب والتردد لدى الدول الغربية إزاء ما يحدث، خصوصًا في مصر. وهو ما أظهر أن ما حدث فيها مثَّـل صدمةً كبيرة لأميركا بوجه خاص، وراحت تتعامل مع الأحداث كأنها تريد أن تضمن أن لا يكون على الأقل نظام العهد الجديد مغايرًا كثيرًا. وانكشف ما كان يمثله حاكم مصر ونظامه من أهمية قصوى في كل المنطقة لأميركا في وجه منافسيها على المنطقة، على حساب شعوبها، كما ظهر كم كان «ثميناً» هذا العميل ونظامه سنداً لدولة يهود المزروعة في جسد الأمة لحساب الغرب - ولحساب أميركا بالذات في هذه المرحلة التاريخية. بينما فرنسا مثلاً تأخرت في مباركة تحرك الشارع في تونس، وتلكأت في بداية الأحداث هناك حتى انكشفت.
بدت الولايات المتحدة في خضم هذه الانتفاضات كأنها أُمسك بها في مرحلة حرجة، ما جعل خطاب أوباما الأخير لا يحمل في الحقيقة أيةَ استراتيجية أو سياسة مستقبلية غير محاولة احتواء الانتفاضات التي هي في الواقع كانت غير متوقعة بالمرة.
ما أن بدأت الأحداث في مصر وتنحى حاكمها – وسيأتي الدور عاجلا أم آجلا على حكام وأنظمة دول الطوق الذين هم دعامة أمن وحياة (إسرائيل) لحساب جهة العمالة بحسب البلد - حتى بدا كأن مصر الشعبية بدأت تعود إلى موقع الريادة في الأمة، وأن العد التنازلي لكيان يهود في اتجاه الزوال قد بدأ بالفعل. وستكشف الأيام المقبلة مقدار ما تبقى لحكام مصر من قدرة على المناورة في انتظار هبة جماهيرية أخرى يدعمها المخلصون في الجيش، بالتأكيد سوف تأتي على أسس التبعية هناك.
انكشف جلياً ما لـ(إسرائيل) من شبه علاقات فوقية استعلائية مع بعض أنظمة الحكم مقابل رفض كلي من جانب الأمة. ففي ذكرى يوم النكبة ولأول مرة نرى مناكفة الاحتلال عند الحدود بهذا الشكل، ولأول مرة منذ عقود نشهد اندفاعاً نحوها بهذا الحجم، فمن جهة الناقورة مع لبنان في الجنوب إلى رفح مع مصر تحركت الجبهات شعبياً في وجه (إسرائيل) على الحدود، وبدأ الناس يزحفون إليها، لا ينقصهم سوى الحوت من جهة البحر لينقض على يهود، مما كان له تأثير كبير على الداخل (الإسرائيلي)، ما كشف حالة الرفض التام والقطيعة الحقيقية بين كيان اليهود وشعوب المنطقة. مع أن الفعل كان رمزياً لم تُحرك فيه جيوش ولا حصل فيه زحف جماهيري. وما أن تحركت الجبهة السورية التي كانت هادئة منذ عقود حتى تداعى كيان يهود ليقول: هذا أمر خطير جداً! (و هو فعلاً كذلك عليهم)، وهم يعلمون أنه إذا ما حصل مثلُ هذا مستقبلاً واندفعت الجموع بالملايين والجيوش بالأسلحة وصيحات الله أكبر فلن يكون بوسع هذا الكيان أن يصد أو يرد!
تداعى الأميركيون والأوروبيون كل بأساليبه الخاصة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وللمحافظة على نفوذهم في جميع الأقطار المنتفضة على الحكام المجرمين، وتصرفوا بواقعية سياسية ظهرت خلالها معاييرهم المزدوجة في التعامل مع شعوب البلاد الإسلامية ومع الأحداث احتواءً وتوظيفاً، وتعرت أساليبهم الشيطانية في سبيل تحقيق مآربهم أو الإبقاء على مصالحهم ولو بالحد الأدنى. وما تفعله بريطانيا وفرنسا في بنغازي مع المجلس الوطني الانتقالي هو نموذج لهذا التحرك.
سارع بعض حكام المنطقة إلى استباق الأحداث بالإعلان عن إصلاحات لصالح الشعوب بحسبهم كما حدث في المغرب والجزائر وموريتانيا والأردن وغيرها، في محاولة ظاهرة لاحتواء الاضطرابات أو تفادي وقوع ما يخشى. ففي الجزائر على سبيل المثال سارعوا بالقول إن البلد قد مر عليه الطوفان من قبلُ وتجاوز ما يحدث الآن في البلاد العربية، وأقبلوا على رفع حالة الطوارئ (ولو شكلياً) وكلفوا من سيشرف على حواراتٍ مع القوى السياسية من أجل تعديلات شكلية في الدستور وقانون الإعلام والأحزاب. ومن اللافت أنهم أوعزوا إلى بعض سيئي الصيت والسمعة من زبانية النظام الممقوتين لدى الناس فيما سمي بالتنسيقية الوطنية للقيام بمسيرات تطالب بالتغيير والديمقراطية، كان لها أثر عكسي على ما يتطلع إليه الناس، في أجواء من اليأس والإحباط في ظل انعدام الثقافة السياسية لدى الشباب، المعول عليهم في “تفجير الثورات” وفي دفع عجلة التغيير.
وفي هذا المضمار أقبل مجلس التعاون الخليجي في ضوء ما حدث في مملكة البحرين على فتح الباب للأردن والمغرب للانضمام في خطوة تبدو مستغربة، واضحٌ فيها الاستقواء بهما على الأخطار الآتية من الشعوب والاستفادة المتبادلة من التجارب المختلفة، خصوصًا في القمع، ودفع التدخل وزعزعة الاستقرار ودرء ما يسمونه الفتن الآتية من الخارج (الدول الكبرى المنافسة وأدواتها المحلية). كما يظهر فيها بوضوح إبراز “ميزة” نظم الحكم عندهم وإضفاء قداسة على النظم الملكية وما يشبهها، ووضعها في مأمن من سخط الجماهير، للقول بأن لعنة الثورات لا تطال سوى الجمهوريات كما وقع في تونس ومصر ما بعدهما. كما باشروا بإصلاحات قد تفضي في بعض الأقطار إلى التحول إلى الملكية الدستورية أو ما يشبه، كل ذلك من أجل تفادي موجة التغيير.
بعد ظهور الشعوب في صدارة دول المنطقة على حساب الحكام العملاء وأنظمتهم بدا لأول مرة على أميركا، منذ صعودها في المسرح الدولي عقب الحرب العالمية الثانية (على حساب بريطانيا وفرنسا فيما يتعلق بمنطقتنا)، أنها تُراجع حساباتها تجاه كيان يهود وتجاه المنطقة ككل. وبدأ الداخل الأميركي ينظر أن (إسرائيل) باتت عبئاً على أميركا إذ صارت تتسبب في تشويه صورة الولايات المتحدة في العالم بسبب التزام هذه الأخيرة بأمنها. وهذا بالدرجة الأولى كما يرى كثير من ساستها لا يخدم أميركا التي تسعى دوماً لإخفاء وجهها القبيح وأسنانها المكشرة ومخالبها السامة عن فرائسها. وهذا في نظر المراقبين ما سيفرض حتماً تغييرًا على أجندة كل الدول الكبرى على ضوء مصالحها في ما يسميه الغربيون الشرق الأوسط. وبدأ الجميع يرقب ضيق هامش الحركة والمناورة وما ستفعله أميركا مستقبلاً إزاء هذا الرفض ل(إسرائيل) في محيطها، بعد أن اعترف قادة كيان يهود أن كيانهم بات مهدداً في حدوده لا بل في وجوده، ولسان حالهم يقول: هل لنا من مستقبل في هذه المنطقة؟..، رغم المبالغة والابتزاز من جانبهم.
ما أن بدأت الانتفاضات في وجه الحكام حتى أجمعت الدول الغربية على أن مطالب الشعوب في البلاد العربية بالحرية والكرامة والديمقراطية هي بالفعل مطالب مشروعة، وأن حكام المنطقة مستبدون بالفعل، ويجب حقاًّ وفعلاً أن يرحلوا فوراً! واقتربوا من الاعتذار من الشعوب نفاقاً! كل دولة غربية تستعمل لغتها الجديدة إزاء الأحداث بحسب علاقتها بالبلد المنتفض بما يخدم توجهها ومصلحتها، وصارت ترحب بل وتستقبل المعارضة أو «الثوار» أو الشباب وتوجه وتدعم في اتجاه التغيير! وفي بلدان أخرى تتجاهل ما يحدث كأن شيئاً لم يكن!
فجأةً أصبح لدعم الولايات المتحدة لرجل الشارع في البلاد العربية أولوية قصوى في استراتيجية أميركا في المرحلة المقبلة، كما جاء على لسان أوباما في الخطاب يوم 19/05/2011م. وأعلن هذا الرئيس أنهم سيقفون إلى جانب هذه الثورات الشعبية، التي حيَّاها وقال إنها فرصة لتحقيق الذات والأمل! وأكد أن أميركا ليست هي من أخرج الناس إلى الشوارع، وأن حراك التغيير العربي كما وصفه إنما هو راجع إلى الاستبداد السياسي والفشل الاقتصادي في هذه الدول. قال هذا بعد أن بدأت النظم تتداعى ورموزها ورؤوسها تتهاوى تحت ضربات الشعوب الغاضبة، وليس قبل ذلك!
كما بدا على لسانه في لغة أميركية جديدة قديمة وكأنهم سيقفون مع المظلوم ضد الظالم المستبد (منذ متى؟)، وأنهم سيقدمون مساعدات ماليةً من أجل اجتياز مرحلة وآثار التحولات، ومن أجل تعزيز الديمقراطية وتشجيع الإصلاح في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إذ مستقبل الولايات المتحدة كما ذكر في الخطاب مرتبطٌ بالمنطقة، مع رفضٍ لاستعمال العنف ضد الشعوب من قبل الحكام! (أليست المساعدات هي من أجل كسب وضمان الولاء السياسي في المرحلة المقبلة؟) وختم أخيرا بتأكيده كذباً ونفاقاً أن مصالح أميركا لا تتناقض مع آمال شعوب المنطقة في التحرر!
رغم كل التطمينات التي قدمها الرئيس الأميركي لكيان يهود في الكلمة التي ألقاها يوم 22/05/2011م أمام اللجنة الأميركية-(الإسرائيلية) للشؤون العامة (أيباك) إلا أنه بدا للعيان أنه وبلده في مأزق، وأنه بات أمام خيارات صعبة، وبدا مدافعاً عن نفسه. يحاول جاهداً أن يوقظ (إسرائيل) على محيطها وعلى التحديات المستقبلية الكبيرة التي سوف تواجهها في محيطها، وسوف تواجه أميركا قبلَها. فكأنه يقول لقادة هذا الكيان إن الأمور في المنطقة تتبدل بسرعة، ألا ترون أن أمامنا تحديات، وأن من حولكم «شرق أوسط» جديد، وأن الديموغرافيا تزيد لغير مصلحتكم، وأن الزمن لا يسير لصالح دولتكم على المدى البعيد، فانتبهوا! ويقول لهم إن هنالك جيلًا جديداً من الشباب في البلاد العربية بالملايين ينشد التحرر ولن يقبل بقاء الاحتلال، وإن العالم من حولكم يفقد صبره، ورغم محبتنا لكم والتزامنا المطلق بأمنكم ودعمكم وتفوقكم إلا أن هنالك متغيرات على الساحة، وإن مصلحتنا ومصلحتكم تقتضي شجاعة منكم فقرروا!
وأما على صعيد ما يجب على المسلمين القيام به في مقابل هذا المكر والكيد والنفاق فنرى أنه لابد من:
1- تعرية الرأي العام الغربي المنافق، لنقول لهم: قد نبأنا الله من أخباركم.
2- التسلح بالوعي السياسي والثبات على المواقف المبدئية، والخروج للناس برأي مفاده أن الأمة الإسلامية أمة واحدة تتوق للوحدة تحت راية خليفة واحد يحكمها بالإسلام، ولو كره الكافرون.
3- كشف استحالة الوصول إلى التغيير الجذري الذي تريده الشعوب الإسلامية حقيقةً عبر المطالبة بالديمقراطية الغربية (في مقابل الدكتاتورية) في تجاهل تام للإسلام الذي يتناقض معها كلياً، أو في محاولة بائسة يائسة للتوفيق بينهما.
4- كسر التعتيم الإعلامي وكشف حقيقة التواطؤ من جميع الجهات الرسمية وغير الرسمية على كتم أصوات من ينادون بتطبيق الإسلام وبعودة الخلافة من أبناء الأمة (في مقابل وهم الدولة المدنية الديمقراطية العادلة) كحل جذري لإنهاء النفوذ الأجنبي والهيمنة الغربية، ولتحرير الأمة من قيودها وحل كل المشاكل في البلاد الإسلامية.
نعلم أن هذه الأعمال تحتاج إلى كثير من الجهد والوعي والصبر والتوكل على الله عز وجل. هذا هو الطريق، حتى يأتي نصر الله.
وأخيرًا لا بد من الإجابة عن الأمة الإسلامية على السؤال: ماذا تريد الأمة حقيقةً؟ في سطرين:
إن ما تريده الأمة حقيقة هو الإسلام الذي يعلو ولا يعلى عليه منهجاً ونظاماً للحياة. تريد الخلافة دولةً وطريقةً للوحدة. وتريد الجهاد في سبيل الله طريقاً للعزة ودعوةً لإخراج البشرية من ظلمات الجاهلية الرأسمالية الديمقراطية إلى نور الإسلام. بكلمة مختصرة: تريدها خلافة راشدة على منهاج النبوة قال تعالى: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)


منقول عن : مجلة الوعي، العدد 295-296-297 ،(عدد خاص و مميز) السنة السادسة والعشرون ،شعبان ورمضان وشوال 1432هـ ، تموز و آب و أيلول 2011م
__________________
[
 
 
  #3  
قديم 10-12-2011
طالب عوض الله طالب عوض الله غير متواجد حالياً
عضو فعال
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 246
افتراضي رد: مجموعة طالب عوض الله ( الجزء الر ابع ) .




إجرام حكام المسلمين استمرار لإجرام الاستعمار الغربي


أبو محمد – فلسطين – غزة

إن من أعظم الجرائم التي ارتكبهاالغرب بقادته ومؤسساته المختلفة هو دعمهم لحكام المسلمين في مختلف البلاد، فها هوالغرب أدرك أن كلفة الاستعمار العسكري فادحة جدًا، بل وزادت فداحتها دوليًا بعدانتهاء الحرب العالمية الثانية وسعي أميركا ممثلة بالاستعمار الجديد لإخراجالاستعمار القديم المتمثل بأوروبا وخصوصًا فرنسا وبريطانيا من بلاد المسلمين لتحلمحله.
إن خروج هذا الاستعمار من بلاد المسلمين لم يحدث إلّا بعد أن قسمها ووضعتوابع له متمثلة بمجموعة من الحكام وأوساط اقتصادية وثقافية تساند هؤلاء الحكاموتدعمهم بالقض والقضيض، فاستمر الاستعمار متخذًا أشكالًا شتى وصورًا كثيرة من أهمهاالاستعمار الاقتصادي والفكري والسياسي المتمثل بالحكام ومعهم جيوش من العملاءالفكريين وقوى الأمن التي مارست القهر على أبناء الأمة المخلصين الساعين للتخلص منالتبعية الغربية.
لذلك كانت هذه التيارات التابعة فكريًا وسياسيًا للغرب، وكانمن الطبيعي أن يلجأ أمثال هؤلاء الحكام إلى قمع الأمة مستخدمين أجهزة أمنية فاقإجرامها كل تصور، بل وميزت بلاد المسلمين والعرب منهم خصوصًا بفرق خاصة تحمي كلنظام، ففي العراق وسوريا حرس جمهوري، وفي إيران حرس ثوري، وفي ليبيا كتائب القذافيوهكذا دواليك... فهذه الأنظمة لم تكن يومًا تستمد شعبيتها وقوتها الحقيقية منالأمة، وإنما لجأت لجزء من القوة ثقفتهم بثقافة خاصة وجعلت منهم نخبًا عسكريةمهمتها حفظ النظام أولًا وأخيرًا وليس حفظ البلاد التي لا يستمدون شرعيتهممنها.
وعلى الرغم من كل هذه القوى التي وجدت فإن القوى الفكرية والسياسية التيشايعت الحكام قد انهزمت هزيمة فكرية منكرة، وانعدم أثرها على المسلمين، وأصبحتديكورًا تابعًا لأنظمة الحكم تأخذ حكمها، فيما بقيت الأجهزة الأمنية والفرقالمختارة من الجيوش سندًا يسلط على رقاب الأمة خوفًا من تحركها.
وعلى الرغم منوجود أجهزة القمع لدى هذه الأنظمة فإن الغرب يعلم تمامًا أنه لا قبل لهؤلاء الحكامبحفظ أنفسهم وعروشهم البالية دون سند غير طبيعي يأتي من الخارج، ويكفي أن نذكر علىسبيل المثال سوريا وهي التي كانت منبع الانقلابات والانقلابات المضادة، فإنه لماأتى حافظ الأسد ومن بعده ابنه إلى الحكم وكان مرتكزًا في حكمه على طائفة، فإنهما لميستمرا في الحكم لأربعة عقود دون منازع بسند طبيعي بل بسند خارجي، متمثل بعمالةنظامهما لأميركا التي حمت ولا زالت تحمي هذا النظام
إن هذا الجرم الذي ارتكبهالغرب الذي قضى على دولة الخلافة ثم نصب حكامًا عملاء له على رقاب المسلمين الذينأذاقوهم وبال أمرهم لهو جرم كبير لا تمحوه الأيام والليالي.
فالغرب، أميركاوأوروبا، هم الذين أوجدوا هذه الأنظمة الإجرامية على صدور المسلمين، وهم الذينأمدوا الأنظمة الحالية بأسباب الحياة، لذلك كان إجرام هؤلاء الحكام استمرارًالإجرام هذه الدول الاستعمارية التي قضت على نظام الخلافة، والتي احتلت بلادالمسلمين ثم أكملت سيطرتها عليها بوضع هؤلاء الأصنام من الحكام متخذين القتلوالتعذيب والتشريد لشعوبهم وسيلة لحفظ أمنهم وأمن أسيادهم.
والناظر في تاريخ دعمالدول الغربية لهذه الأنظمة يرى بوضوح كيف أن هذه الأنظمة ارتبطت ارتباطًا عضويًابالاستعمار، بل كانت واجهة لهذا الاستعمار وامتدادًا له.
وإن أردنا أن نفصلقليلاً في جرائم الحكام على أيدي المستعمرين، فيكفينا أن نمر على من أسس الأجهزةالأمنية التي جعلت أولى مهماتها قمع أبناء الأمة حفاظًا على الأنظمة التي تحميمصالح الدول الاستعمارية.
• ففي الأردن الذي أقطعته بريطانيا لأبناء الشريف حسينلقاء خدماته للإنجليز وعمله على هدم دولة الخلافة، جاءت بريطانيا بكلوب باشا لكييرئس الجيش العربي الأردني.
• وفي البحرين كمثال شغل أيان هندرسون وهو رجلاستخبارات بريطاني لمدة أعوام مسؤولية الأمن وحفظه في البلاد إبقاء للنظام الحاكمهناك.
• وفي سوريا التي لعبت في ما يسمى بـ (الحرب على الإرهاب) دورًا كبيرًا فيتقديم الخدمات لأميركا في محاربة ومنع المجاهدين من التسلل للعراق وحبسهم عن أنيكونوا ظهيرًا لإخوانهم المجاهدين في العراق.
• وفي بلاد الخليج والمغرب كانلهذه الأنظمة الفضل الأكبر في التعاون مع أجهزة الاستخبارات الأميركية وتمكينها منالعمل في البلاد بحجة مكافحة (الإرهاب)، وتسليم الأميركيين لقوائم بأسماء الناشطينالمناوئين لهم من أبناء الأمة المخلصين.
• أما في السلطة الفلسطينية فكانللأميركان النصيب الأكبر من الإشراف على تدريب وقيادة قواتها الأمنية بدأ بالجنرالالأميركي السيئ الصيت الجنرال دايتون ومن خلفه وهو الجنرال مولر.
أما في المجالالسياسي فقد كان الحكام في بلاد المسلمين صوتًا وأداة لمشاريع أسيادهم، عدا عنالصفقات والمشاريع الاقتصادية المشبوهة مع الشركات الأجنبية كشركات النفط وشركاتالسلاح التي أصبحت صفقاتها مع الحكام من أكبر الصفقات في العالم إنقاذًا لهذهالشركات ودولها من الإفلاس وتقليل نسب البطالة، وتصديرها وسائل القمع والتعذيبوانتزاع المعلومات من المعتقلين لهذه الأنظمة.
إن التخلص من الحكام بأشخاصهم لايكفي لتغيير الواقع أبدًا.
فالدول الغربية التي عملت لعقود مع هذه الأنظمة لمتدخر وسيلة أو جهدًا في ربط تابعيها مباشرة معها، من خلال إيجاد عملاء في أوساطالسياسيين والاقتصاديين وكبار ضباط الجيش خصوصًا من خلال الصفقات والمناوراتالمشتركة والتعاون العسكري والأمني، بل إن نشاط هذه الدول قد امتد لكثير من الحركاتوالأحزاب في بلاد المسلمين بل وطالت اتصالاتهم حتى بعض العلماء من علماءالسلاطين.
وطبيعي لكل حكم لا يستند إلى الأمة، وهي السند الطبيعي، أن يستندللسند الخارجي، بينما يقوم بقمع محكوميه لكي يستمر على رأس نظام يمكن الغرب منتنفيذ سياساته.
فكل إجرام الحكام إنما هو جزء من إجرام الغرب بحق المسلمين، فهوالذي هدم خلافتهم وقسم بلدانهم وولى عليها عملاء له يحفظون مصالحه ويمنعون الداعينمن إعادة الحكم بما أنزل الله، بل إن الغرب نفسه قد ساهم إما من خلال عملائه أوبنفسه مباشرة بتمكين الحاكم له من الإجرام بحق أبناء المسلمين، سواء في القمعالسياسي أم نهب الثروات أم المشاركة في الخطط السياسية والمشاريع الغربية التي تحققمصالحهم.
لذلك فان من أهم شروط أي تغيير حقيقي أن تقطع يد الغرب المستعمر منبلاد المسلمين، سواء أياديه المباشرة أم التي اصطنعها من فئة الحكام والمروجين لهم،وحينها سيكون مآل الأمور إلى إقامة نظام من جنس الأمة يكون فيه الحاكم مطبقًا لماتحمله الأمة من أفكار ومقاييس وقناعات، لا متسلطًا على رقاب الأمة بقوة المالوالبطش كي يستمر في حكمه.
إن شعار إسقاط النظام والذي يرفع في هذه الثورات يجبأن يعني إسقاط الأفكار التي يقوم عليها النظام واستبدالها بمجموعة أخرى من الأفكارو المفاهيم متمثلة بقواعد يبنى عليها النظام الجديد وتكون أساسًا للدستور وللحكموالدولة.
إن أهم الأفكار التي تقوم عليها الدول وتخط بناء عليها قوانينها هيالدساتير، لذلك فان أحد أهم معاني إسقاط الأنظمة إنما يكون في تغيير الدساتيرتغييرًا جذريًا مستندًا إلى فكر الأمة وإلى مفاهيمها المنبثقة عن العقيدة الإسلاميةفقط وفقط، فهل يكفي هنا أن يقال بأن الإسلام هو المصدر الرئيسي للتشريع، فهذا معناهأن يشرك مع الإسلام ما هو غيره، وكأنه اتهام قبيح للإسلام بأنه لا يكفي لإيجاد حلولللمشاكل المتجددة في المجتمع، أو كأنه مصدر من المصادر المتنوعة يتساوى فيه حكمالله الكامل الشامل الحق مع حكم البشر الناقص المعوج.
وكذلك فان وضع دستور جديدللبلاد يقوم على أساس الإسلام وحده لا يمكن أن يتم إلا بالانعتاق من رجالات النظامالقديم ووسطه السياسي المنافق. فإسقاط النظام هو إسقاط الأفكار التي يقوم عليها،وإسقاط رجالات النظام من مفاصل الدولة والتأثير فيها ممن تلبسوا بهذه الأفكاروكانوا لها سندًا، وإسقاط الوسط السياسي وظل الحكم البائد من مثل التجمع الدستوريفي تونس والحزب الوطني في مصر وحزب البعث في سوريا... من خلال إبعادهم عن معتركالتأثير في النظام الجديد وكشف فضائحهم أمام الملأ فوق ما هم فيه من انكشاف
أمامكونات التغيير الحقيقي فتقوم على ما يلي:
• إن التغيير الحقيقي لا يمكن أن يتمإلّا بإزالة الانعتاق من تبعية الغرب المستعمر والمتمثلة في الأوساط السياسيةوالفكرية والاقتصادية وكبار قادة العسكر والجيش المدافعين عن الوصاية الأجنبيةوالتبعية للدول الغربية.
• ويكون كذلك بمنع الدول الغربية من التدخل عبرسفاراتها والتي أضحت بعضها بمثابة القلاع داخل الدول وسفرائها، وأشبه بالمندوبينالسامين يتدخلون في كل صغيرة وكبيرة، ويجتمعون بمن شاءوا ويزورون من شاءوا وتعج بعضسفاراتهم بآلاف الموظفين.
• وتكون كذلك بإلغاء جميع المعاهدات المخالفة للإسلاموأولها المعاهدات مع كيان يهود، والمعاهدات التي تكرس التبعية لأميركا وأوروبا،سواء أكانت معاهدات ثقافية أم اقتصادية كاتفاقية الكويز، أم سياسية كمعاهدة كامبديفيد، أم عسكرية كمناورات النجم الساطع في مصر.
• وكذلك تكون باستبعاد أيةتبعية عسكرية للغرب كمنع وإيقاف المساعدات العسكرية الأميركية لمصر و التي هي أحدأهم أشكال التبعية لأميركا في مصر، فكما أنه لا يمكن لبلاد أن تنتصر إن كان طعامهامستوردًا ولا تعتمد في إنتاجه على نفسها، فكذلك لا يمكن لأمة أن تنتصر إن كانسلاحها سلاحًا أميركيًا أو غير ذاتي.
• ويكون كذلك بوقف مفاعيل دراسات مراكزالأبحاث والمنتديات الفكرية التي يروج لها الغرب ويدعمها بحجة نشر الثقافةالأميركية أو تعزيز الديمقراطية أو تعزيز قيم الحرية والعدالة بالمفاهيم الغربية،أو مشاريع إفساد المرأة أو المحافظة على حقوق الإنسان بحسب الفهم الغربي لهذهالحقوق.
• ومن وسائل التبعية الغربية الاستثمارات الأجنبية، حيث إنها كثيرًا ماتكون عبارة عن مشاريع نهب وسلب لثروات البلاد، وأداة لممارسة الضغوط على الأنظمةوحتى الشعوب من أجل تحقيق غاياتها، وكثير منها ارتبط بعلاقات وصفقات مشبوهة مع فئةالحكام من أجل تيسير أعمالهم وتمكينهم من النهب بلا رقيب.
بمثل هذا التفكير يكونالتغيير الحقيقي، يكون ابتداء بإزالة التبعية الغربية وإسقاطها وإسقاط رموزهاوأولهم الحكام ثم الأحزاب المتواطئة مع الغرب والسياسيين المروجين لمشاريعه،والمراكز الثقافية الممولة منه، والسفارات التي أصبحت دولًا داخل الدول، وأهم منهذا كله الأفكار الغربية التي يروجها الغرب وعملاؤه في بلاد المسلمين
منقول عن : مجلة الوعي، العدد 295-296-297 ،(عدد خاص و مميز) السنة السادسة والعشرون،شعبان ورمضان وشوال 1432هـ ، تموز و آب و أيلول 2011م
__________________
[
 
 
  #4  
قديم 10-13-2011
طالب عوض الله طالب عوض الله غير متواجد حالياً
عضو فعال
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 246
افتراضي رد: مجموعة طالب عوض الله ( الجزء الر ابع ) .




محاكمات مبارك استفزاز للشعب المصري






يوسف قزاز

ما زال الرئيس المخلوع يحضر إلى جلسات المحكمة بالكثير من مظاهر الهيبة التي لا تليق به . إن مجرد متابعة تلك الترتيبات ورؤية الحراسات والسرير المتحرك وغيرها تستفز كل المصريين الشرفاء , ناهيك عن ذوي الشهداء الذين دفعوا أرواحهم في سبيل التخلص من فرعون العصر . لا أدري كيف يستطيع هؤلاء تحمل تلك المعاملة لذلك المجرم , وكيف يستطيع القاضي أن يصرف عن ذهنه كل أفعال مبارك التي امتدت لثلاثين عاما دون أن تتحرك فيه مشاعر المصريين الشرفاء من ذوي الشهداء , وملايين الذين جرى تعذيبهم في معتقلات مبارك التي استمرت طوال تلك المدة دون رقيب أو حسيب.
والسؤال الذي يجب طرحه وبشدة : هل كانت تتوفر لضحايا نظام مبارك أدنى درجات الحقوق البشرية ؟ بل هل كان هناك شيء اسمه محكمة أو قضاء أو محامين أو وسائل إعلام أو منظمات مدنية أو ...أو ... وهل ما كان يطلق عليه محكمة أمن الدولة لا يستحقه مبارك وزبانيته من باب المعاملة بالمثل على أقل تقدير ؟
إن مبارك يستحق أن يقدم لمحاكم عديدة من أمن دولة , إلى محكمة جرائم الحرب , إلى محكمة إبادة جماعية , إلى محكمة جرائم ضد الإنسانية , بل ينبغي أن يتم استحداث نظام محاكمة خاصة تليق بشخص مارس كل أنواع الإجرام مثل مبارك وزبانيته لعلها تستطيع الإحاطة بكل جرائم مبارك في حق مصر قبل كل المصريين , وفي حق العدالة قبل كل المظلومين , وفي حق الإنسانية قبل حقوق كل البشر . (إن الله يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته)
مع إطلالة كل يوم جديد تتكشف للعامة من المصريين بل ومن كل الناس حقائق جديدة عن هذا الديكتاتور المخلوع . فبالإضافة لنهب مصر أرضا وشعبا , وجعل نصف سكانها يعيشون تحت مستوى خط الفقر كان عداؤه للإسلام واضحا , وعدم صلاته إلا رياءا وفي المناسبات الرسمية وإدمانه الكحول و... و ... وغيرها من المسلكيات التي تخص نجله ( جمال ) الذي كان يسعى لوراثة والده . وأما الحقيقة البارزة التي تميز بها والتي بجب ألا تنسى فهي أنه كان الحضن الدافيء لليهود لدرجة أنهم لم يستطيعوا إخفاء مشاعرهم نحوه.
كيف يستطيع المواطن المصري البسيط أن يحتمل رؤية مبارك بهذه الأبهة في جلسات محاكماته وهو يستذكر سنوات عجاف امتدت لثلاثين عاما , تحمّل خلالها ما تعجز الجبال عن تحمله , وصبر كما لم يصبر أحد من الشعوب الأخرى في هذا العصر , بل إنه (مبارك) قد جلب لمصر العار الذي يريد المصريين محوه من ذاكرة العرب والمسلمين ليس ابتداءا بأهل غزة وفلسطين , ولا انتهاءا بالعراق وأهله المكلومين.
إن المطلوب من القضاة أن يحترموا مشاعر شعبهم قبل أن يقيموا وزنا لأي أمر آخر , فهم يعلمون قبل غيرهم من أبناء مصر حجم الكارثة التي جلبها مبارك وزبانيته على مصر وأهلها وليس مقبولا منهم مثل هذه المسيحية مع هذا المجرم , فهو لا يستحق تكريما ولا حفاوة لا في جلسات محاكماته ولا في طريقة إحضاره إلى المحكمة ولا في سرير مرضه المزعوم ولا غير ذلك من الكثير مما يستفز مشاعرنا قبل مشاعر المصريين , وإن القضاة يجب أن ينحازوا إلى الحق والعدل قبل كل شيء , وأن يراعوا مشاعر أهلهم أهل الشهداء الذين سقطوا على أرض مصر على مدى ثلاثين عاما , وتكللوا بكوكبة شهداء التغيير . وأن يراعوا مشاعر الذين قضوا أعمارهم في ظلمات وعذابات سجون مبارك لا لشيء سوى أنهم خالفوا الطاغية في نهجه الإجرامي والخياني . وبغير ذلك فإن غضب الشعب سيطال كل من يزدري مشاعر الناس كائنا من كان , ومهما كان موقعه فاعتبروا يا أولي الأبصار.

منقول عن : مجلة الزيتونة
__________________
[
 
 
  #5  
قديم 10-14-2011
طالب عوض الله طالب عوض الله غير متواجد حالياً
عضو فعال
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 246
افتراضي رد: مجموعة طالب عوض الله ( الجزء الر ابع ) .

بعض أحبار اليهود ورهبان النصارى وشيوخ السلاطين
كلامهم تحريف وفعلهم تسويف وزيّهم نفاق وتحييف
بقلم: احمد ابو قدوم

يقول تعالى: {مِّنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ ٱلْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا} ويقول: {وَمِنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ ٱلْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ} والتحريف هو التأويل الباطل الناتج عن الأهواء، ويكون من قام بهذا الفعل وهو التحريف، قد تعمد صرف الكلام عن معناه الواضح والصريح الى معنىً مغاير، وقد فعل هذا الفعل البعض من أحبار اليهود ورهبان النصارى وشيوخ المسلمين الذين هم فينا كما الأحبار عند اليهود والرهبان عند النصارى، إذ اتخذ ثلاثتهم لأنفسهم زيا خاصا بهم، وأصبحوا يحللون الحرام ويحرمون الحلال كي يلبسوا الحق بالباطل ويضلوا الناس وهم يعلمون، إرضاء للهوى أو للحاكم أو للناس، يقول تعالى:{أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍوَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْيَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ}، ويقول: {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله}، وكان هذا سببا في أن يتوعدهم الله بالعذاب الأليم في الآخرة، لأنهم باعوا دينهم بدنياهم ودنيا غيرهم، يقول تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنْ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُوْلَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ*أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ اشْتَرُوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ}.
وما نراه هذه الأيام من تحريم للحلال وتحليل للحرام من بعض علماء المسلمين، كتحريمهم للإنكار على الظالمين ظلمهم، وتحريمهم لذكر حكام السوء بالسوء، واعتباره من الغيبة، وتحليلهم لسفك دماء المسلمين الذين يحاسبون الحكام بالوسائل السلمية (المظاهرات والمسيرات) ويطالبونهم بتطبيق الإسلام، بحجة انهم بغاة وخارجين على ولي الأمر، كما فعل (أحبار ورهبان علي عبد الله صالح) عندما حرموا الخروج عليه بالقول أو بالفعل - وهو يحكم فيهم بالكفر- على اعتبار أنه وليّ أمر "وليّ أمرهم" -وليس ولي أمر المسلمين- وكما فعل من يسمون بهيئة كبار العلماء (أحبار ورهبان آل سعود)، عندما حللوا الإستعانة بالكفار الصليبيين، لاحتلال البلاد الإسلامية وقتل المسلمين في العراق، وجعل بلاد الجزيرة منطلقا للقوات الصليبية التي تقتل وتبيد المسلمين، وكما فعل (أحبار ورهبان آل الأسد) وعلى رأسهم الشيخ أحمد حسون، وكما فعل ويفعل أحبار ورهبان الحكام والأجهزة الأمنية في الأردن ومصر وتونس وليبيا وغيرها على منابر المسلمين، من تحريمهم للحلال وتحليلهم للحرام، وما نسمعه ونراه من أقوال وأفعال هؤلاء الشيوخ، يدلل دلالة واضحة على أنّ هؤلاء هم نسخة طبق الأصل عن أحبار اليهود ورهبان النصارى، الذين ضلوا وأضلوا الناس من خلال تحريمهم للحلال وتحليلهم للحرام، واتخاذهم زيا خاصا بهم يتميزون به عن سائر الناس، نعم لا ترى إلا أحبارَ ورهبانَ وشيوخَ السلاطين بزيهم المميز، ينافقون ويحرمون ويحللون حسب مواصفات ومقاييس الحكام الظلمة الفسقة وربما الكفرة، كما يفعل الأبواق من الوصوليين والظلاميين والمتزلفين للحكام بغية حصولهم على وظيفة او منصب أو جاه، وليس أدل على ذلك من هذا الحسون الذي ربما؛ بل على الأغلب أنّه يعلم أنّ الذي قتل ولده هم الأجهزة الأمنية من خلال الشبيحة، لإلصاق تهم العمل المسلح للثورة المباركة في الشام الجريحة، ومع ذلك بقي على موقفه، منافقا النظام ومتحديا الذين ضحوا بدمائهم من أجل انعتاق الناس من قبضة آل الأسد الأمنية، وهو من داخله يتعذب من سوء فعلته النكراء، التي أذاقته مرارة الألم الذي أصاب الناس من فتواه.
وان الشبيحة والبلطجية والاجهزة الامنية والشيوخ على شاكلة احبار اليهود ورهبان النصارى الذين يحللون ما حرم الله ويحرمون ما احل الله، ويحرفون الكلم من بعد مواضعه، سوف يدفعون ثمن خيانتهم، وأن الأمة ستحاسبهم حتى بعد موتهم وستكتب على شواهد قبورهم: أنّ هؤلاء شرذمة خانوا الله ورسوله والمؤمنين. وابشرهم بأن الخلافة على منهاج النبوة قد آن أوانها وان حزب التحرير لصاحبها بإذن الله.




ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــ
__________________
[
 
 
  #6  
قديم 10-15-2011
طالب عوض الله طالب عوض الله غير متواجد حالياً
عضو فعال
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 246
Exclamation رد: مجموعة طالب عوض الله ( الجزء الر ابع ) .



بأي ميزان نزن أردوغان؟!

إبراهيم الشريف *

إن أمة ترضع العزة من آي قرآنها وعاشت قرونًا تتفيء ظلالها ، لا يمكن أن تكبت عقود الحكم الجبري إحساسها النابض بها وشوقها العظيم إليها؛ لذلك فالأمة تتلمس الطريق إلى عزتها لحظة بلحظة وتتحسسه في كل موقف قد تفوح منه بعض رائحتها، ولكن لما غُيبت المقاييس الأصيلة، تاهت بالأمة الدروب ولهثت مضبوعة وراء من ضلوا بها عن السبيل، من زعماء عزفوا جيدًا على وتر المشاعر فأطربوا أسماعها وأسروا قلوبها ولكنهم زيفوا إحساسها-إلا من رحم الله منها-، مثلما كان يفعل عبد الناصر، ومثلما فعل صدام ومثلما كان يفعل عرفات أحيانًا ..

وها نحن أولاء اليوم أمام حالة تأييد مشاعري متنامية لرئيس الوزراء التركي رجب أردوغان، حتى صار بعضهم يشبهه بالسلطان محمد الفاتح أو بحفيد العثمانيين وغير ذلك من التشبيهات، وبغض النظر عن المدى الذي وصلت إليه فإنها حالة يجب الوقوف عليها.

فمن المواقف التي يحسبها له من يصفه بالسلطان أردوغان: موقفه مع شمعون بيرس وانسحابه من مؤتمر دافوس، وعدم السماح بمشاركة (إسرائيل) في المناورات العسكرية المشتركة لحلف الناتو التي أقيمت في تركيا، وتصريحاته ضد (إسرائيل) بعد أسرها لسفينة "مرمرة" وقتلها 9 أتراك في المياه الدولية، ثم "تجميد" العلاقات التجارية العسكرية والدبلوماسية ومطالبتها بالاعتذار ورفض تقرير بالمر.... ويعتبرونها مواقف مشرفة في ظل هذه الأوضاع وأنها أكثر المستطاع وتبدد ولو شيئًا من مسلسل الذل والإهانة الذي تعيشه الأمة، ويعتبرون الرجل زعيمًا يستحق أن يمتطي صهوة القيادة وتنساق الأمة خلفه مؤيدة لخطواته ومباركة لانجازاته..

والحقيقة أن قراءة الواقع السياسي يجب أن تكون قراءة واعية مجردة عن المشاعر، والحكم عليه يجب أن ينبني على قواعد ثابتة، بمعنى أنه يجب أن نفهم الواقع كما هو لا كما نحب، وأن الحكم عليه يجب أن ينبني على العقيدة الإسلامية لا أن ينبت في مراكب تتلاعب بها الأمواج والرياح، وإلا فقدنا وعينا وتم سوقنا إلى المهالك ونحن نهلل ونستبشر، نرى الأمر نحسبه عارضًا ممطرنا فإذا هو ريح فيها عذاب أليم!

وإنه لا ينبغي أن تسمح الأمة لأحد بخداعها وإدخالها في حالة تستنزف من طاقاتها وقدراتها ووقتها وأملها ثم تعود مخذولة يائسة، خاصة وأن بين يديها كتاب ربها الذي أنزله هدى ونور فلا تضل ما اتخذت مقاييسها وأحكامها منه وبنت أفكارها على أساسه.

وللوقوف على حقيقة مواقف أردوغان بخصوص قضية فلسطين المحتلة مثلاً، نسأل هل يتحرك أردوغان في مواقفه من منطلق إسلامه أو من أجل إسلامه أم من منطلقات أخر؟، فهل أردوغان لديه مشكلة مع (إسرائيل) التي تحتل أرض الإسراء والمعراج؟ وما طبيعة هذه المشكلة؟

الواقع المشهود أن أردوغان لا يرى مشكلة في احتلال حوالي 80% من فلسطين، بل ويعتبر (إسرائيل) دولة شرعية، ولا يزال يعترف بحقها في الوجود على أرض الإسراء والمعراج، وينادي بحل الدولتين الأميركي، ويحرض حماس على الاعتراف علنًا بـ(إسرائيل)!، وإنما يرى المشكلة فقط في المستوطنات لأنها تشكل عقبة أمام "السلام" (حل الدولتين-خطة تصفية قضية فلسطين وإنهاء الصراع).

وعندما تحدث عن حرب غزة تهرب تمامًا من زاوية النظر الإسلامية واعتبر أن حديثه في دافوس جاء من منطلق إنساني-وليس من منطلق الواجب الإسلامي-، وعندما استقبلته الجماهير بعد انسحابه من دافوس وطالبته بقطع العلاقات مع (إسرائيل) رفض معللا ذلك بأن إبقاء العلاقات أولى من قطعها، هذا رغم المذبحة التي ارتكبها كيان الإرهاب والإجرام في غزة ولما يمر عليها أسبوعان بعد.

ولو كانت لدى أردوغان مشكلة مع (إسرائيل) بعد حرب غزة لما جلس بجانب بيرس أصلا ولما كانت حادثة انسحابه حفاظًا على كرامة تركيا كما قال لأنه لم يعط فرصة الحديث كما بيرس، كما أن أردوغان سارع ودون طلب منه بإرسال طائرتي إطفاء للمساعدة في إخماد حريق الكرمل (قرب حيفا المحتلة) وعزّى بقتلى الحريق ولما تجف دماء الأتراك التسعة بعد !.. وبعد صدور تقرير بالمر لم يعلن أردوغان عداءه للاحتلال بل رهن عودة "الصداقة" بالاعتذار فقط، واعتبر أن عدم الرد العسكري على جريمة مرمرة يعبر عن عظمة تركيا!

إن الإسلام الذي هو مقياس الحكم على الأفعال والأشخاص يفرض وبشكل قاطع إعلان حالة الحرب مع هذا الكيان المغتصب قولاً واحدًا، ويعتبر الاعتراف به جريمة كبرى في دين الله، وإقامة أي نوع من العلاقات السرية أو العلنية خيانة عظمى للأمة الإسلامية ولمسرى رسول الله الذي تنخر أساس مسجده الحفريات ليل نهار، ولم تتوقف حملات محاولات تهويده لحظة واحدة.

فأردوغان لا ينظر أبدًا لفلسطين ولأهل فلسطين من زاوية الإسلام وإنما من زاوية مصالح انتخابية وإقليمية نفعية بحتة، ولمن عميت عليه حقيقة منطلقات أردوغان في التعامل مع فلسطين ومع دولة الاحتلال أذكره بأن أردوغان وبعد حرب غزة كان ينوي تأجير 216كم ² من أراضي تركيا لشركة يهودية لمدة 44 عامًا بحجة نزع ألغام، وكان تعقيب سفير (إسرائيل) لدى أنقرة "Gaby Levy" : (إنه لمن الأهمية بمكان لكل يهودي أن يحضر لهذه الأراضي التي حضر إليها أجدادنا وأجداد أجدادنا ) ]المصدر: صحيفة حريات بتاريخ 26/05/2009[، ولما واجهت أردوغان معارضة قال: (أنظر إننا نحل مشكلة البطالة، أولا تحب ذلك! هل نرفض شركة أجنبية لأنها من هذا الدين أو ذاك المال لا دين ولا قومية له)! ]المصدر: صحيفة راديكال بتاريخ 24/05/2009.[ على عكس السلطان عبد الحميد رحمه الله تعالى الذي كان ينظر من زاوية الإسلام ورفض كل إغراءات يهود المالية وقال قولته المشهورة ووقف موقفه المشهود.

ولا تتضح مرجعية أردوغان من تعامله مع قضية فلسطين وحسب، فعلاقته بزعيمة الشر في الكرة الأرضية وعدوة الإسلام والمسلمين "الولايات المتحدة الأميركية" علاقة تحالف معلن ضد ما يسمونه الإرهاب "الإسلام"، وقد قام أردوغان بتسليم قيادات مجاهدة لأميركا مثل الشيخ عبد الهادي العراقي بعد أن وافق على طلبه اللجوء السياسي في تركيا، كما أن تركيا عضو في حلف الناتو وتسلمت قيادة الحلف الذي يشن حربًا صليبية في أفغانستان، وقد امتدحه المجرم بوش وامتدح تجربته (تجربة العلمانية المعتدلة) وطلب تعميمها في المنطقة!

كما أن أردوغان طلب من أميركا نشر أسطول طائرات بدون طيار على أراضي تركيا بحجة محاربة الأكراد ولكنها في الحقيقة ستكون منطلقًا لقتل المسلمين في العراق إذا ما انسحبت منه، وكان حزبه قد وافق على استخدام أميركا لقاعدة انجرليك الجوية في حربها على العراق وأفغانستان والتي تقول منظمة اتحاد علماء أميركا عنها أن أميركا تخزن فيها 90 صاروخًا نوويًا، ووافق على نشر رادار لحلف الناتو في تركيا، تحت غطاء كثيف من التصريحات التي داعبت مشاعر كثيرين ممن يحبون الإسلام ويبحثون عن رائحة العزة بلا وعي.

ومن الملاحظ أن كل تحركات أردوغان في المنطقة تحظى بدعم حليفته أميركا، فنراه يكيل التصريحات و"يجمّد" –وليس يقطع- العلاقات مع (إسرائيل) ويتحدث عن تحركات لأسطول البحرية التركية ويعتبر تقرير بالمر كأنه لم يكن ويثير زوبعة، ولا نرى رفضًا ولا تأنيبًا ولا تهديدًا رسميًا من أميركا لتركيا بل نرى مزيدًا من التحالف والتوافق خصوصًا حول موضوع سوريا وإعطاء بشار الفرصة تلو الفرصة.. والواضح أن أميركا اتخذت من أردوغان عرّابًا جديدًا لسياستها في المنطقة، ولتضغط من خلاله على (إسرائيل) لوقف عنجهيتها وإحراجها المتكرر لأوباما الضعيف، وحسب صحيفة يني شفق فإن بوش الابن قرر جعل أردوغان عمودًا فقريًا للمشروع الأميركي في المنطقة وطلب منه أن يرسل وعاظًا وأئمة إلى أنحاء العالم الإسلامي ليبشروا بنموذج الإسلام المعتدل التركي (العلمانية المعتدلة)] يني شفق 30-1-2004[

إن أردوغان الذي تستقبله الجماهير في مصر مطالبة بالخلافة ويردها محببًا إليها العلمانية ومكرهًا إليها الخلافة لا يمكن أن يعبر عن إحساس الأمة الحقيقي النابض بالإسلام، فهو علماني وفي حزب علماني ويقود دولة علمانية وتعهد باحترام العلمانية ومبادئ أتاتورك وعدم تقديم تنازلات بشأنها، هذا الحزب الذي ينص في مقدمة برنامجه السياسي على أن : (حزبنا يعتبر مبادئ أتاتورك والإصلاحات أهم وسيلة لرفع الرأي العام التركي إلى مستوى الحضارة المعاصرة)، ثم يطير إلى تونس ليعيد الكرة هناك ويبشر بعلمانيته المعتدلة ويقول بأن الديمقراطية والعلمانية لا تتعارضان مع الإسلام بزعمه! بدعوى أن العلمانية تقف على مسافة متساوية من جميع الأديان، فساوى بذلك بين الإسلام وغيره وجعل السيادة لغير الإسلام في الدولة، وكأن الله لم ينزل قرآنًا ليحكم به ويكون ظاهرًا على الدين كله.

فهذه القرابين التي يقدمها أردوغان لأميركا بترويجه لأفكارها ومشاريعها في بلاد الثورات، ومحاربة العمل السياسي لإقامة الخلافة، وقربان إلغاء قانون تجريم الزنا وجعله مباحًا، أمام معبد الاتحاد الأوروبي لن تزيده إلا بعدًا عن الأمة وستنقشع غيوم تضليله بأسرع مما يتصور.

وإذا تحدثنا عن تجربة أردوغان ونجاحها في تحسين الاقتصاد كما يقال، فإن هذا النجاح لم يكن مبينًا على أسس صحيحة ولا أسس ترضي الله، ومثال تأجير أراض تركية ليهود لمدة 44 عامًا واضح فيه العقلية الأردوغانية النفعية العلمانية، وتحسن الاقتصاد في تركيا إنما بمساعدة حليفتها أميركا لتهيئتها لدخول الاتحاد الأوروبي والانسلاخ عن العالم الإسلامي، وذلك لما لأميركا من مصلحة اختراق الاتحاد الأوروبي بدولة حليفة مثل تركيا.

إن المسلمين بما أكرمهم الله من قرآن كريم وسنة مطهرة وتاريخ حافل بالعزة والكرامة وقيادة المسرح الدولي، يجب أن لا يرضوا إلا بما يرضي الله، وليس بما يسمح به الواقع ولا يغضب أعداء الله، فإن في هذا خطر شديد على سفينة الإسلام، ولو كان أردوغان يسير أصلاً في الاتجاه الصحيح ثم قصرت به الهمة عن القيام بكل ما يلزم لعذرنا قليلاً من يهللون له، ولكن الواضح أن اتجاه سير أردوغان هو عكس الاتجاه الصحيح أصلاً، بل هو باتجاه أميركا عدوة الإسلام والمسلمين، فلم يعادي أعداء الله بل والاهم فوالى أميركا ووالى (إسرائيل) وعزز وجودها و ساهم في قتال المسلمين في العراق وأفغانستان، وجعل من نفسه صنم العلمانية الحديث.

وإن عصمة الأمة في التمسك بحبل ربها، والتمسك بدين ربها يكون بعدم الرضا عن أي نظام سوى نظام الإسلام، وعدم اتخاذ مقاييس إلا مقاييس الإسلام في الحكم على الأفعال والأشخاص، وعدم تأييد وموالاة أي حاكم لا يحكم بما أنزل الله ويوالي أعداءه مهما ادعى وتفنن في ادعاءاته، فإن اتخذنا ميزانًا للحكم على الأشخاص والأحداث غير ميزان الإسلام ضللنا وسخط الله علينا، وأما إذا ما اتخذنا ميزان الإسلام ميزانًا هدانا الله السبيل ورضي عنا وأرضانا ويسّر لنا إقامة دولة القرآن التي تحفظ الإسلام وتطبقه وتنشره وتعلي شأن المسلمين، وتستعيد ثرواتهم المنهوبة وكرامتهم المسلوبة
.
__________________
[
 
 
  #7  
قديم 10-16-2011
طالب عوض الله طالب عوض الله غير متواجد حالياً
عضو فعال
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 246
Exclamation رد: مجموعة طالب عوض الله ( الجزء الر ابع ) .




الغرب المستعمر يعترف أن خلافة المسلمين باتت قريبة ..



فهلا أدرك المسلمون أنفسهم ذلك؟

دكتور حازم بدر- فلسطين

تعتبر الخلافة الشكل والإطار السياسي الذي أكده الشرع لتطبيق الإسلام في معترك الحياة. والعلاقة العضوية بين وجود الخلافة ومبدأ الإسلام بدأت مع قصة الإسلام كدين الله الخالد, وهي قصة لم تنته فصولها بعد. وها هم المسلمون اليوم, بعد تسعين عاما على فقد أمهم الخلافة, يعيشون محطة فيصلية في هذه القصة, كأبطال في ملحمة التأكيد على عقيدتهم, وهويتهم, وبناء سلطانهم الذي سلب منهم. وها هم اليوم يتحفزون لاستقبالها, ويستبشرون بتمكين الله عز وجل لهم مرة أخرى في دولتهم دولة الخلافة, ليعيدوا سيرتهم خير أمة أخرجت للناس, وقادة للعالم كما كانوا.
وقصتنا مع الإسلام العظيم بدأت يوم بعث محمد برسالة, تجسدت في دولة ساست الناس بأحكام الله, فنعمت البشرية كلها بنظام الإسلام, وعاش المسلمون فيها في عزة ومنعة وسؤدد, فكانت خلافة دان لها العالم كله بالولاء, وكانت قبلته لقرون مديدة في العيش الحضاري الراقي, الذي رفع الإنسان .. في السياسة والرعاية والعدل والعلوم .. وفي كل شيء.
وكانت دولة الخلافة مصدر القلق الوحيد لأعداء الدين, فكانوا يتربصون بها الدوائر من أجل هدمها, فهم أدركوا أن قوة الإسلام, وسر حياته يكمن في وجودها, وأن هدم صرحها - وحده - سيكفل ذهاب قوة المسلمين, ويمكنهم من السيطرة على أمة الإسلام, ومقدراتها. وهكذا, وبعد قرون من الإشعاع الحضاري غير المسبوق على البشرية, بقيادة دولة الخلافة, قضى الله أن ينزع سلطان المسلمين, وأن ينهار هذا الكيان السياسي في سنة 1924 عقوبة منه عز وجل للمسلمين على عدم العض عليه بالنواجذ, ولتراخيهم في نصرة دينهم.
سقط صرح دولة الخلافة, وصار المسلمون إلى دويلات متفرقة, متشرذمة, مرتبطة بالكافر المستعمر, الذي استباح البلاد والعباد, وأورثنا المهانة والذلة. فكانت إستقلالات مزعومة, وقوانين علمانية, وأفكار غير إسلامية سيطرت على المجتمع, ودعوات وطنية وقومية ... سهر الغرب الكافر وأعوانه, من الحكام وعلمائهم, على ترسيخها عند الناس, حتى لا يفكروا في دولة الخلافة.
ثم تلى ذلك زمان أن بدأت سكرة المسلمين بالتلاشي شيئا فشيئا, وبدأ العاملون للإسلام بالتحرك. لكن التحرك لم يكن كله رشيد, ولم يلتفت كثير من العاملين إلى طريقة إيجاد الإسلام في الحياة, وهي الخلافة. ولم يدركوا أن أية دعوة, مهما كانت خيرة, لا تستهدف الخلافة, لن يكتب لها أي نجاح في إعادة مجد الإسلام, وسيظل المسلمون يدورون في حلقات فارغة, ولن تقوم لهم قائمة. وهذا ما حرص الغرب, وأنظمة الجور أن يكون, فكانوا يوجهون الدعاة - تضليلا - إلى الدعوة إلى العبادة الفردية, والتزام أخلاق الإسلام مثلا, وكانوا يساعدون من يدعو إلى إصلاح جزئي يخدم ويديم وجود الأنظمة, وكان الحكام يرحبون بمن يعتبرهم شرعيين, ويعمل من خلال منظومتهم الفاسدة, فيدخل مجالسهم التشريعية العفنة, ويشاركهم حتى في حكوماتهم ...
وقام حزب التحرير ليقرأ واقع التغيير قراءة صحيحة, فأدرك أنه أمام مجتمع تسوده أفكار غير إسلامية, تحكمه ثلة من العملاء, نصبهم الكافر المستعمر على رقابنا, يسوموننا سوء العذاب, ويطبقون علينا قوانين أقصت نظام الإسلام, في كل جوانب الحياة, ويستبيحون ثروات بلادنا لحسابه. أمام هذا الواقع بدأ الحزب بالعمل في عقول الناس, لتغيير مفاهيمهم, حتى لا يقبلوا إلا بما هو إسلام خالص, ويعملوا على الانقلاب والثورة على أوضاعهم. وأعلن منذ اليوم الأول أن الأنظمة, في بلاد العالم الإسلامي, غير شرعية, وأنها مغتصبة لسلطان المسلمين, وأنه لا يمكن التلاقي معها, وأن العلاقة معها هي علاقة كفاح من أجل إزالتها, وأنها لا تكون بالارتماء في أحضانها, معتبرا أن من يفعل ذلك ينتحر سياسيا, ويخدم أعداء الإسلام.
واستمر الحزب يدعو المسلمين بهذه الدعوة الصريحة الواضحة. فحاربته الأنظمة, وعتمت على حركته, كونها أدركت أنه لا يساوم في موضوع القضاء عليها. وجعلت أبواقها الثقافية, وإعلامها الرخيص, وعلمائها العملاء, وحتى المضللين ممن (يعمل) للإسلام تحت بصرها ورعايتها .. جعلتهم يشككون في دعوة الحزب للخلافة, فمنهم من اعتبرها قديمة بالية! ومنهم من قال بعدم وجوبها! ومنهم من اعتبر أنها وهم في عصر العلمانية الفكرية ! ومنهم من اعتبر دول الضرار التي قامت على أنقاضها مجزئة وفيها الخير! ومنهم من قال باستحالة قيامها بداعي هيمنة الغرب وقوته العسكرية! ومنهم من اعتبرها حلم يصعب تحقيقه! ... ورغم كل هذا استمر الحزب في دعوته, سافرا متحديا, حتى غدت دعوته تنتشر في عشرات البلدان, وزاد التفاف جماهير المسلمين حول فكرته, وارتفعت أسهمه عند الناس, بعد أن رأوا صدق دعوته, وثباته على نهجه.
ومع تنامي قوة الحزب ودعوته بدأ الغرب الكافر - الذي يحرس وجود الأنظمة في بلاد المسلمين - يدرك أن حزب التحرير يهدد مصالحه فيها, فهي تشكل مزرعته التي يأكل منها دون مقابل, فأوعز للحكام أن حاربوا الحزب بلا هوادة, وليكن ذلك تحت ستار كثيف من التعمية إن أمكن, حتى لا يلتفت الناس إليه, فهو لا يمكن احتواءه كباقي الحركات, لأنه يهدد وجود الأنظمة في الأساس. فكانت الاعتقالات, وكانت السجون, وكان التعذيب والقتل في كل مكان, من أزوبكستان إلى الباكستان إلى سوريا إلى تونس إلى طاجيكستان إلى تركيا إلى ليبيا إلى ... وحتى في بلاد الغرب لم يسلم رجاله. لكن يستمر الحزب ماض في طريقه, دول كلل أو ملل, ويرتفع نجمه, ويفرض نفسه كرائد للأمة لا يكذب أهله, ويبدأ كثير من أبناء المسلمين يلهجون وينادون بالخلافة, حصنهم المهدوم, كخلاص وحيد أكيد لما هم فيه من تفرق, واستباحة, وظلم, وهوان.
وأمام هذا المد الجارف والمتصاعد لفكرة الخلافة أصبح الساسة الغربيون (حكام المسلمين الفعليين) يعيشون حالة فزع حقيقية من تنامي الدعوة لها, وانحسار الدعوات الأخرى التي وقفوا ورائها. وباتوا لا يستطيعون كتمان رعبهم من قرب انبعاثها, وصاروا يذكرون الحزب ويحذرون منه, فهو قائد العمل لها. وأصبحوا لا يتركون مناسبة إلا ويعلنون رفضهم القاطع لقيامها, وأنها الشيء الوحيد الذي لا يمكن أن يساموا فيه. ومن تصريحاتهم للتذكير :
1. بوتينرئيس روسيا السابق في كانون أول سنة 2002 :"إن الإرهاب الدولي أعلن حرباًعلى روسيا بهدف اقتطاع أجزاء منها, وتأسيس خلافة إسلامية."
2. هنريكيسينجر في السادسِ من تشرين الثاني 2004: "إن التهديدات ليست آتية من الإرهاب, ولكن التهديد آت من الإسلام الأصولي المتطرف, الذي عمل على تقويض الإسلام المعتدل المناقض لما يراه الأصوليون, في مسألة الخلافة الإسلامية."
3. توني بلير رئيسُوزراءِ بريطانيا السابق أمامَ المؤتمرِ العامِ لحزبِ العمالِفي 16/7/2005:"إننا نجابه حركة تسعى إلى إزالة دولة إسرائيل, وإلى إخراج الغرب من العالم الإسلامي, وإلى إقامة دولة إسلامية واحدة تُحَكّمُ الشريعة في العالم الإسلامي, عن طريق إقامة الخلافة لكل الأمة الإسلامية." 4. بوش الابن في 8/10/2005:"يعتقد المقاومون المسلحون أنهم باستيلائهم على بلد واحد سيقودون الشعوب الإسلامية, ويمكنونهم من الإطاحة بكافة الحكومات المعتدلة في المنطقة, ومن ثم إقامة إمبراطورية إسلامية متطرفة تمتد من إسبانيا إلى إندونيسيا."
5. دونالد رامسفيلد وزير الدفاع الأمريكي السابق في 5/12/2005 :"ستكون العراق بمثابة القاعدة للخلافة الإسلامية الجديدة, التي ستمتد لتشمل الشرق الأوسط, وتهدد الحكومات الشرعية في أوروبا وأفريقيا وآسيا. هذا هو مخططهم, لقد صرحوا بذلك, وسنقترف خطأ مروعا إذا فشلنا في أن نستمع ونتعلم."
6. جريدة "مليات" التركية في 13/12/2005 نقلاً عن صحيفة نيويورك تايمز:"إنأصحاب الصلاحية في إدارة بوش باتوا يتداولون كلمة "الخـلافة" في الآونةالأخيرة" كالعلكة."" من كثرة حديثهم عنها.
7. ساركوزي رئيس فرنسا في أول خطاب له في 27/8/2007 حذر منقيام دولة الخلافة التي ستمتد حسب تعبيره من "إندونيسيا إلى نيجيريا."
8. نشر موقع نيو أمريكا مقالا للكاتبة "ريفين جلابوغ" في 29/6/2011 تحت عنوان ( مؤتمرات خلافة حول العالم بما فيهاالولايات المتحدة) قالت فيه: "إن من يقف خلف هذا المؤتمراتهو حزب التحرير" وانه "حزب سياسي عالمييسعى إلى تشكيل الخلافة." وتقول نقلا عن موقع "ذي بليز": "إن هذا التنظيمتحديدا يعمل بجد وحزم ضد الولايات المتحدة، ويتهم القوة العظمىبالمستَعمرة، وأن الحزب يقف بقوة ضد وجود إسرائيل, واصفا إيّاها بالغيرشرعية مطالبا بإزالتها". وأكّدت على وجوب الحذر بالقول "انه خلال ثورةمصر حذر المحافظ "بندت جلين بيك" من أن مطالب بعض الثوار النهائية هوإقامة خلافة إسلامية في مصر." وتنهي الكاتبة مقالتها عن حزب التحرير في نصف سطر قائلة: "حسنا يبدو أنهم واعون على كل شيء."
9. ريتشارد مايرز قائدُ التحالفِ الصليبي فيالعراق في 31/06/2006 :"إن الخطر الحقيقي والأعظم على أمن الولايات المتحدة هو التطرف الذي يسعى لإقامة دولة الخلافة."
10. جون شياالصحفي الأمريكي ورئيسِ تحريرِ مجلةِ "أمريكان ريبورتس" في رسالة إلى أوباما في 11/1/ 2010 ينصحه فيها بالتفاوض مع دولة الخلافة القادمة:"الحقيقة الجلية هي أنه لا يستطيع أي جيش في العالم, ولا أية قوة عسكرية - مهما بلغت درجة تسليحها - أن تهزم فكرة. يجب أن نقر بأننا لا نستطيع أن نحرق قادة هذه الفكرة في كل بلاد الشرق الأوسط, ولا أن نحرق كتبها, أو ننشر أسرارها, ذلك لأن هناك إجماعا بين المسلمين على هذه الفكرة. إن الشرق الأوسط يواجه اليوم القوة الاقتصادية الموحدة للدول الأوروبية, هذا صحيح, لكن علينا أن نعرف أنه في الغد سيواجه الغرب القوة الموحدة لدولة الخلافة الخامسة." وأضاف مخاطبا الرئيس الأمريكي:"إن المعركة بين الإسلام والغرب حتمية لا يمكن تجنبها .. وليس أمامنا إلا أن ندخل في مفاوضات سلام مع الإسلام. إني أتوقع أن يخبرك البعض بأنه من المستبعد تماما أن ندخل في مفاوضات مع عدو متخيل اسمه "دولة الخلافة," لكنه يجب عليك كقائد عسكري, وأنت تصوغ سياستك في التعامل مع الإسلام, أن تعترف بسخافة الادعاء بأن الإسلام منقسم على نفسه, وأن تعترف كذلك بأن توحيد بلاد الإسلام تحت إمرة قائد كاريزمي أمر محتمل."
11 . الكاتب الأمريكي "هيرب دنينبيرج" في مقال نشرته صحيفة "ذابوليتان" في 15 /5 /2009 حذر مما سماه ب "الغزو الإسلامي" لأوروبا قائلا:"إن هدف المسلمين حاليا ربما يقتصر علىالنيل من إسرائيل، ولكن هدفهم الأساسي يتمثل في السيطرة على أوروبا. " وأضافأنه إذا كانت أوروبا في الظاهر تعتبر "قارة غربية مسيحية" إلا أنها قريباستكون خاضعة للسيطرة الإسلامية، معتبرا أن "انهيار أوروبا المسيحية يمضيبخطى متسارعة" وأن انحسار الثقافة الأوروبية يعود إلى "تراجع الإيمانبالقيم الغربية، في الوقت الذي يستميت فيه آخرون (في إشارة إلى المسلمين) في سبيل إعلاء قيمهم وثقافتهم." وحذر دنينبيرج من أن "الهيمنة الإسلاميةسوف تغزو الولايات المتحدة بعد أوروبا باعتبارها الهدف النهائي للمسلمين ".
إن هذه التصريحات وغيرها تؤكد حقيقة واحدة, وتشير إلى دلالة واحدة: أن الخلافة اليوم هي كابوس الغرب المخيف, وأنه يجهد في عدم عودتها إن استطاع. لكن هناك دلالة أهم وأكبر في هذه التصريحات, وهي: أن أبناء الأمة أولى من الغرب الكافر في إدراك أهمية وجود الخلافة في حياتهم, وبالتالي العمل الجاد لها, وأنها - وليس سواها - من ستخلصهم, وتنهضهم من جديد, وأن الغرب يعمل بجد على صرفهم عنها, بداعي عجزهم! وأنها حلم بعيد المنال! وأن الأنظمة المأجورة العلمانية القطرية فيها كل الخير, ويمكن التعايش معها, ويجب أن تستمر! وأن الحزب عندما يدعو المسلمين للوحدة في دولة الخلافة, والانقلاب على أوضاعهم, والتخلص من دول الضرار التي يعيشون تحت سياطها, إنما يدعو إلى مستحيل؟! .. إن على أبناء الأمة, المضللين بهذه الأباطيل وغيرها, أن يبدءوا بالالتفات إلى تصريحات ساسة الغرب عن الخلافة والعاملين لها, وأن يتدبروها, حتى يقطعوا أن الخلافة في متناولهم, وأنها وحدها من سيخلصهم من الهزيمة, والتبعية, والمهانة, وأنها من سيعيد مجدهم المفقود.
وتندلع الثورات المباركة في بلاد المسلمين, ليتفاجىء كثير من أبناء الأمة بأنهم أحياء, وأن بيدهم وحدهم مفاتيح التغيير, وأن الخروج على الحكام, والانقلاب عليهم أمر ميسور وممكن. ويسعد الحزب, ويحمد الله أن الأمة تري من معدنها الأصيل, وأنها تقفز قفزات كبيرة باتجاه التغيير, فهي باتت تنادي بما نادى به منذ عشرات السنين. وإن دل هذا على شيء, فإنما يدل على أن الحزب - والحمد والمنة لله - أدرك مفردات التغيير, وأدرك الحل وما يخلص الأمة, واستقام على دعوته منذ نشأته. ومن دلالته أيضا أن عمل الحزب في الأمة, وعمل كل مخلص لدين الله, قد أثمر اليوم تحرك المسلمين. إن هذه الثورات على الأنظمة اليوم جاءت لتعلن أن موقف الحزب المبدئي في التغيير هو الصحيح. وقد آن الأوان, أكثر من أي وقت مضى, لأن يلتفت المسلمون للحزب, ويتقاطروا في العمل معه, فهو قد صدقهم النصيحة, وأخلص لهم الدعوة.
هزت هذه الثورات المباركة أعماق الغرب المستعمر, فهو قد لمس أن الأمة الإسلامية حية, وأنها في طريقها لأن تقتعد - على أنقاضه - مقام السيادة في العالم من جديد. فسارع إلى تأييد هذه الثورات في العلن, حتى يلتف عليها, ويمنع وصولها إلى منتهاها الطبيعي, بتغيير الأنظمة الغاشمة بالكلية, وذوبانها في دولة الخلافة, خصوصا بعد أن توحدت مطالب الجماهير الثائرة بأنها تريد "إسقاط النظام" ما يرشد إلى أن المشكلة واحدة (انفراط عقد الخلافة) , و الحل يجب أن يكون واحدا (تجمع عقد الخلافة بتوحد أقطار المسلمين بالخلافة, والحكم بالإسلام, كما كانوا). ومن أجل اختطاف حركة جماهير الأمة في غير مكان, وإبقاء الأمور في بلاد المسلمين في قبضته, فإن الغرب المستعمر اليوم ينتهج السياسة الخبيثة التالية: 1. الظهور بمظهر المؤيد لهذه الثورات, والداعم لها حتى لا يخسر وجوده في الساحة العربية الإسلامية كعراب لسياستها!
2. تضليل الغرب للمسلمين بدعوتهم إلى أخذ ديمقراطيته الفاسدة في بلادهم, تلك الديمقراطية التي أحطت به هناك في الغرب, والتي فطن وجودها بعد عقود وعقود من دعم الأنظمة الدكتاتورية في بلادنا!
3 . دعم الأنظمة في بطشها ومجازرها ضد الجماهير حتى يكسر إرادتها, وشوكتها, فإذا رآها تتهاوى أمام بطولات الثائرين, عمد إلى التخلص منها, واستبدالها بوجوه جديدة عميلة له, تديم وجود الأنظمة لحسابه.
4. احتواء الثائرين المنتفضين عن طريق الاعتراف بهم, وحوارهم, وجعلهم يطالبون بما يريد من سياسات, وكذلك دعمهم بالمال والسلاح إن لزم.
5. إخفاء دعوات الثائرين, التي تبرز هويتهم الإسلامية, والتي تدعو إلى الإسلام, والحكم بالإسلام والخلافة والوحدة, وإبراز الدعوات إلى الديمقراطية, والدولة المدنية العلمانية, والإصلاح الدستوري المحدود.
6 . إحياء الحركات والأحزاب الوطنية العلمانية, وبناء ودعم أحزاب وحركات جديدة, تستقطب الجماهير باسم التغيير الجديد, تنادي بما يريده الغرب, وتدعو إلى تغييرات طفيفة هنا وهناك, ولا تغير أي شيء في واقع الأنظمة.
7. إطلاق ساسة الغرب لتصريحات مباشرة ضد عودة الخلافة, وإعلانهم أنهم يقبلون بأي شيء سواها, من أجل إخافة الثائرين, وتخذيلهم عن الدعوة لها, أو عن أي شيء قريب منها. ولعل تصريح فرانكو فراتينيي وزير الخارجية الإيطالي, في بداية أحداث ليبيا, من أنه "لن تكون هناك خلافة إسلامية في ليبيا" مثال صارخ على ذلك. وهذا يذكرنا بما قاله القذافي في بداية أحداث ليبيا أيضا لتخويف الغرب, بعد أن أدرك أن أسياده يتخلون عنه "أخشى أن تقوم إمارة إسلامية في ليبيا", وأنه حسب زعمه "سيتحالف مع القاعدة" إن لزم. فهلا أدرك المسلمون ما يخيف الغرب المستعمر والحكام؟
8. دعمهم للحركات الإسلامية التي يسمونها معتدلة, وقبولهم حتى بصيرورتها جزءا من النظام السياسي الحاكم إن لزم, بعد أن تعلن عن تخليلها عن كل شيء ينادي به الإسلام.
9 . التدخل العسكري للغرب من أجل الإبقاء على النظم التابعة له, إن وجد أن الأمور فلت من يده لصالح التغيير الصحيح.
ولعل سياسة الغرب تجاه الحركات الإسلامية العلمانية من أخطر أساليبه اليوم, في منع التغيير الحقيقي والصحيح في بلاد المسلمين, فهو يدرك أن الإسلام هو فكر الناس المهيمن, وهو مهوى أفئدتهم, ورجاؤهم, وتطلعهم, وهو الذي يحركهم. ولذلك نراه يؤيد ويطلب من أصحاب مدرسة الإسلام المعتدل (الأمريكي) أن يقفزوا إلى الواجهة, ليكشفوا عن سوءاتهم أكثر وأكثر, بالإعلان عن مواقف (ظاهرها أنها تمثل الإسلام) تجعلهم جزءا مقبولا من الواقع السياسي المرسوم الجديد, وتجعل الغرب يرضى عنهم, وتستقطب المسلمين المضللين, كونها البديل (الإسلامي) للأنظمة المتداعية للسقوط؟! فهؤلاء (المعتدلين) العملاء فكريا للغرب, والملونين سياسيا, لا يريدون دولة واحدة للمسلمين تطبق شرع الله, وهم مع استمرار القطرية الضيقة النتنة التي يسهر على وجودها الغرب, وهم مع استمرار القوانين الوضعية, التي لقنها الكافر المستعمر للأنظمة, وهم مع الدولة المدنية العلمانية, التي تقصي أنظمة الإسلام في الحكم والسياسة والاقتصاد والاجتماع .., وهم مع التعاون والحوار مع الدول المستعمرة والشرعة الدولية, وهم مع استمرار المعاهدات مع يهود, وهم مع التحالف مع القوى السياسية العلمانية في المجتمع, التي تحارب الإسلام وتنفذ أجندات الغرب, وهم حتى مع حاكم غير مسلم يحكم المسلمين ... قاتلهم الله أنى يؤفكون. وهؤلاء .. بدل أن يغتنموا الفرصة التاريخية, ويبنوا على هبة الأمة باتجاه دينها, فينحازوا لمطالبها الشرعية .. بدل ذلك نراهم يخذلون أمتهم, ويطعنوها في ظهرها لحساب الكفار, لا تستحقها والله تضحيات المسلمين اليوم. والأمة ستحاسبهم على خيانتهم هذه, وعلى قبولهم أن يكونوا مطايا للكفار, يستخدمهم لأغراضه, ولعذاب الله أكبر وأشد.
أما حزب التحرير - والحالة هذه - فلن يغير ولن يبدل, وسيستمر في نهجه القويم الذي جاءت مطالب الثورات تؤكد صحته وصدقه. وهو إذ يعتبر ثورات المسلمين اليوم ثورات مباركة تنم عن خير عميم كامن في الأمة, يدعو الله أن يستغرق تحرك جماهير المسلمين بلاد المسلمين كلها, وأن يتوج هذا التحرك بدولة الخلافة الجامعة التي تلم شمل المسلمين مرة أخرى, وتعزهم, وتجعلهم أئمة الكون كما كانوا. إن حزب التحرير يؤمن أن دولة الخلافة ستكون النهاية السعيدة لكل ما يحصل اليوم, ويؤمن أن الأمة - والحمد الله - وصلت حدا من الوعي يجعلها لا تقبل أن يلتف أحد على مطالبها, ولعل الدعوات الجديدة في الشارع المصري والتونسي, والتي تطالب بتصحيح مسار الثورة, دليل على فهم طيب, عند المسلمين, على ما يجب أن يكون عليه الحال, ورد على من يحاول التآمر على الأمة, واختطاف مطالبها.
إن الأمة اليوم بدأت بأخذ زمام الأمور بيدها, وقد تجاوزت عقدة الخوف التي لازمتها ردحا من الزمن, وأدركت أنها قوية بدينها, وأنها صاحبة الكلمة الأولى والسلطان, وأنها إن قالت, قال الله بقولها, وماردها خرج من قمقمه إلى غير رجعة, ليقضي على الكفر وأهله, ليبني صرح الإسلام المجيد الذي اشتقنا للتفيؤ بظله.
وإن ما يجري اليوم سيصب في بناء هذا الصرح, والأمة لن تتراجع, وإن كانت خرجت في تونس ومصر وليبيا واليمن والبحرين وسوريا, فهي تضرب مثالا لما تريده في باقي البلدان, فالحال واحد والظلم واحد, وحتمية الانقلاب عليه واحدة. وسواء اتسع الخروج على الحكام وأنظمتهم في مناطق جديدة أم لا, فإن الأمة باتت جاهزة للانقلاب الكوني الكبير, الذي ستعلنه دولة الخلافة, عما قريب بإذن الله, وستضحى بالغالي والنفيس من أجلها.
أما أبرز ما يلوح أمام ناظري من أحداث في المستقبل القريب, في ضوء ما يجري اليوم, فالتالية:
1. استمرار تحرك جماهير المسلمين المطالبة بالتغيير.
2. تصدي الأنظمة لها بالقوة والجبروت بدعم مباشر من الغرب, مع تقديمها تنازلات شكلية (في شكل انتخابات مدروسة, وحوارات وطنية, وتغييرات لبعض القوانين, ومحاكمات صورية لبعض الساسة) تبقي الوضع على ما هو.
3. إستصناع الغرب والأنظمة لحركات وأحزاب تنادي بالتغيير, وتعمل من تحت عباءتها, حتى تستقطب الناس, وتضحك على ذقونهم, وتذهب ريحهم.
4. استمرار آلة الأنظمة والغرب الإعلامية في تزوير مطالب الثائرين, وحرفها عن إسلاميتها, وتصويرها بأنها مع علمانية وديمقراطية الدولة, وأنها مع الإصلاح الدستوري المحدود...
5 . استخدام الحركات الإسلامية العلمانية استخداما بشعا في القبض على الروح الإسلامية عند الناس, وتصوير أفكار هذه الحركات الإسلامية بأنها تمثل الإسلام العصري المتزن والمعتدل, الذي يقبل به الغرب, ويمكن قبوله حتى في الحكم, على الطريقة الأردوغانية.
6 . إدراك جماهير المسلمين, شيئا فشيئا, أن مطالبهم لم تلبى, وأن من يقود الدفة في بلدانهم (بعيد الثورات) لا زال يدين بالولاء للغرب, وأنه يلتف عليهم, وأن سياساته لم تختلف البتة عن سياسات الحكام المخلوعين, وأنه يعمل على تدجينهم للقبول بالفتات من التغيير, الذي لا يسمن ولا يغني من جوع, ويبقي الأمور على حالها لحساب الغرب. فتبدأ الجماهير بالتحرك مرة أخرى فيما يمكن تسميته ب"الثورات المضادة", وتعود الأنظمة لاستخدام البطش للحفاظ على (الشرعية الجديدة) التي أفرزتها الثورات في بدايتها.
6. استمرار عمل حزب التحرير في إفهام جماهير المسلمين كيف يكون الخلاص, وكشف الأنظمة ومؤامراتها ضد الناس, سواء في البلدان التي خرج فيها الناس, أم تلك التي تنتظر. وأن الخلاص لا يكون في تغيير وجوه مجرمة بوجوه لم تحترق بعد, ولا يكون في تغييرات شكلية في كل بلد, تكرس القطرية النتنة, وتحافظ على حدود سايكس بيكو, بل يكون في رمي كل الأنظمة الغاشمة إلى مزبلة التاريخ, واستبدالها بدولة الإسلام الجامعة الواحدة.
7. إدراك المسلمين, بشكل أكبر وأعمق, أن ما يدعوهم إليه الحزب هو الصحيح, فتقوى دعوة الحزب بين الناس, وتنكشف وتسقط أطروحات الحركات الإسلامية العلمانية, وغيرها. ويصبح الحزب متفردا رائدا في الطرح والعمل.
8. يستمر هذا المشهد إلى ما شاء الله, حتى تلتحم إرادة الأمة بإرادة جيوشها, وتعلن دولة الخلافة. قال تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} النور55 أسأل الله رب العرش العظيم أن يكون هذا قريبا.
__________________
[
 
 
  #8  
قديم 10-17-2011
طالب عوض الله طالب عوض الله غير متواجد حالياً
عضو فعال
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 246
Exclamation رد: مجموعة طالب عوض الله ( الجزء الر ابع ) .

الشعب التونسي يعلنها بصراحة نريدها دولة اسلامية


تفضل بالمشاهدة والزيارة


http://www.facebook.com/photo.php?v=...type=2&theater
__________________
[
 
 
  #9  
قديم 10-18-2011
طالب عوض الله طالب عوض الله غير متواجد حالياً
عضو فعال
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 246
افتراضي رد: مجموعة طالب عوض الله ( الجزء الر ابع ) .

لغة الضاد .. الأولى عالميا في الخلافة القادمة



دكتور حازم بدر – فلسطين
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين, وبعد:
يقول ابن خلدون:"إن قوة اللغة في أمة ما تعني استمرارية هذه الأمة بأخذ دورها بين بقية الأمم, لأن غلبة اللغة بغلبة أهلها, ومنزلتها بين اللغات صورة لمنزلة دولتها بين الأمم." وهذا حق, وهو يفسر تراجع مكانة اللغة العربية, اليوم, أمام الإنجليزية والفرنسية, على سبيل المثال, والتي تقف خلفها دول تنفق على نشرها بسخاء, من أجل نشر حضارتها في العالم, مجتاحة بها العالم عن طريق كل وسائل الاتصال الحديثة, لتفرض على الناس طريقة عيشها, وأسلوب تفكيرها, وحلول المشاكل من وجهة نظرها.
إن نزول الإسلام {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ}الشعراء195 جعل اللغة العربية أشرف لغة, وجعل الحفاظ عليها من الحفاظ على الدين, إذ لا يمكن فهم الدين, والعمل به إلا بفقه هذه اللغة, وتعليمها وتعلمها. وهذا ما أدركه المسلون الأوائل, فكان الاهتمام باللغة العربية, وعلومها من أسس عمل الدولة, ومن سياستها. فهذا رسول الله, صلى الله عليه وسلم, يقول حين لحن رجل بحضرته:"أرشدوا أخاكم فقد ضل" , وها هو يقضي, بوصفه رئيس دولة, بأن يعلم كل أسير, في معركة بدر, ليس له فداء, أولاد الأنصار, كتابة اللغة العربية, وها هو يراسل قادة الدول باللغة العربية. وهذا عمر, رضى الله عنه, يأمر بألا يقرىء القرآن إلا عالم باللغة, ويأمر أبا الأسود ليضع النحو, ويقول:"تعلموا العربية فإنها تثبت العقل, وتزيد المروءة", ويقول:"إياكم ورطانة الأعاجم", ويقول:"تعلموا النحو كما تتعلمون السنن والفرائض." وهذا علي, كرم الله وجهه, يطلب من أبي الأسود أن يكتب كتابا, في أصول العربية, فيرد عليه:"إن فعلت هذا أحييتنا, وبقيت فينا هذه اللغة." وهذا يدل على أن الاهتمام باللغة, ورفع شأنها, كان قرارا سياسيا اتخذه قادة المسلمين.
واستمر خلفاء المسلمين في الحفاظ على اللغة العربية, وعلومها, خدمة للإسلام, فكان التعريب للدواوين والنقود, وكان وضع أسس الإعجام (للمصحف بالنقاط والشكل), وكانت الدول المفتوحة تستخدم اللغة العربية, كلغة رسمية, وصارت العربية لغة العلوم والفنون بفضل الترجمة, وبقيت هذه اللغة في العصور اللاحقة ترتقي وتنهض وتزدهر, لغة للعلم والآداب, فنمت الحركة الثقافية, والعلمية, في حواضر العالم الإسلامي بازدهارها. وكان الخلفاء يعقدون المناظرات بين علماء اللغة في مجالسهم, وكانوا يشجعون الشعر والشعراء, وكانوا يغدقون عليهم الأعطيات, فضلا عن إنشائهم الكتاتيب والمدارس والجامعات, لخدمتها. وقد كانت اللغة العربية تنزل, من علوم الإسلام ومعارفه, منزلة القلب من الجسد, وكان المسلمون يتعلمون اللغة العربية كما يتعلمون حفظ القرآن, وكانوا ينظرون إلى النحو والصرف وغيرها كما ينظرون إلى علم التفسير والحديث, وكانوا ينظرون إلى ألفية ابن مالك كما ينظرون إلى تفسير القرطبي, وإلى الكافية كما ينظرون إلى صحيح البخاري, دون نقصان. ورحم الله الشافعي الذي اعتبر العلم بلسان العرب "كالعلم بالسنن عند أهل الفقه." وهكذا أخذت اللغة العربية دورا عظيما في بناء صرح الإسلام, وسمت بين اللغات, وعلا نجمها عند الناس, وانتشرت انتشارا مهولا, بانتشار الفتوحات في الأمصار.
ثم ضعف الاهتمام باللغة العربية في العصور المتأخرة للدولة الإسلامية, ما ساعد على انهيارها, خصوصا مع ما رافق ذلك من غزو فكري وجه, ليس فقط للإسلام, بل لأداة فهمه - اللغة العربية, إذ نجح الكافر المستعمر في إبعاد المسلمين عن الاهتمام باللغة, ودراستها, والتعمق فيها, ودرجت اللهجات العامية في بلاد المسلمين, فضعف الفهم للإسلام, وكذلك الاجتهاد, الذي يعتبر الفقه في اللغة شرطه الأساسي. وبعد أن سقطت الخلافة, وصار الكافر المستعمر صاحب القرار, في بلاد المسلمين, اتخذ إجراءات عديدة أبعدت اللغة العربية عن مركز الاهتمام لدى الأمة الإسلامية, وجعلتهم يتوجهون قبلة لغاته لدراستها, أبرزها:
1. تضليل المسلمين بأن اللغة العربية لغة جامدة وصعبة, وأن لغته هي لغة العصر, وأنها لغة العلم والثقافة, وأن اللغة العربية لا يمكنها مواكبة العصر, وليست مرنة, ولا تتسع للمصطلحات الحديثة, من أجل تنفيرهم وإبعادهم عنها.
2. توجيه وتصميم المناهج في بلاد المسلمين بشكل يصد عن اللغة العربية, وزرع حب اللغة الأجنبية, وتدريس العلوم باللغات الأجنبية. يقول المبشر تاكلي:"يجب أن نشجع إنشاء المدارس على النمط الغربي العلماني, لأن كثيرا من المسلمين قد زعزع اعتقادهم بالإسلام والقرآن, حينما درسوا الكتب المدرسية الغربية, وتعلموا اللغات الأجنبية." ويقول الحاكم الفرنسي للجزائر, في الذكرى المائة لاحتلالها:"إننا لن ننتصر على الجزائريين ما داموا يقرؤون القرآن, ويتكلمون العربية, فيجب أن نزيل القرآن العربي من وجودهم, ونقتلع اللسان العربي من ألسنتهم."
3. الصد عن استخدام العربية الفصحى, من خلال الدعوة إلى العامية, وإحياء اللهجات المحلية ودراستها, والدعوة إلى إلغاء الحرف العربي والكتابة بالحرف اللاتيني, وتشجيع الكتابة بالعامية, واستخدام الإعلام للعامية, والألفاظ الأجنبية ...
4. محاربة الأنظمة في بلاد المسلمين - وبتوجيه من الغرب - للغة العربية الفصحى, لصالح اللهجات العامية, واللغات الأجنبية, في مجالات الحياة المختلفة, كالتعليم, والإعلام, والإعلان, والتواصل السياسي والتجاري, ...
وهكذا, فإن مشكلة اللغة العربية -اليوم- هي مشكلة سياسية بحتة, وتكمن في إقصاء الإسلام عن الدولة والمجتمع, ولا علاقة لها باللغة العربية كلغة. وهو يعني أن دولة الخلافة القادمة, الدولة الأولى في العالم, ستعيد للغة العربية مكانتها الأولى بين اللغات. أما كيف ستحييها, وتنهضها كما كانت, فبأمور أهمها:
أولا: إيجاد وتركيز البيئة اللغوية, التي تدفع المسلمين لاستخدام اللغة الفصحى, كطبع وسجية في حياتهم (ما يطلق عليه السليقة), ويكون هذا من خلال:
1. نشر الاهتمام بالفصحى لدى الأمة, وربطها بفهم الإسلام, ودراسته, والعمل به.
2. جعل اللغة العربية وحدها لغة الإسلام, واللغة التي تستعملها الدولة.
3. إعلان العربية الفصحى كلغة رسمية للدولة, وفرضها في الإعلام, ودوائر الدولة, والمرافق العامة, والمراسلات التجارية, ومخاطبة الدول الأجنبية, وفي السفارات والبعثات الدبلوماسية, وفي حمل الدعوة الإسلامية إلى غير المسلمين.
4. منع استخدام العامية, أو اللغات الأجنبية في أي مكان عام في الدولة, ومنع أي مظهر لها, ويشمل هذا أسماء المحلات التجارية, وأسماء البضائع, واللوحات الإرشادية وغيرها, ويشمل الأسواق, وكل مرافق الحياة.
5. مراقبة المطبوعات من كتب ومجلات ودعايات, حتى لا يتطرق أي شيء عامي, أو أجنبي إليها.
6. إعادة دور المساجد بوصفها دور علم, وتعليم للعربية الفصحى.
ثانيا: بناء قاعدة تعليمية تثمر ناطقين بالفصحى, وتثمر علماء أفذاذ في اللغة, وتثمر مجتهدين ومفكرين ومفسرين وفقهاء ... ويكون ذلك من خلال:
1. تصميم المناهج على أساس إيجاد البيئة اللغوية, وتخريج الناطقين المبدعين بالفصحى. ويكون هذا في مناهج المدارس الحكومية والخاصة, والجامعات, وكل المؤسسات التعليمية. ويتحقق هذا, في المقام الأول, بتركيز تدريس اللغة العربية في المدارس, بحيث تجعل حصص العلوم الإسلامية والعربية أسبوعيا بمقدار حصص باقي العلوم, من حيث العدد, ومن حيث الوقت.
2. توفير المكتبات, وكافة وسائل الحصول على المعلومات, والكتب في اللغة العربية الفصحى, وإقامة المسابقات في اللغة, وتقديم المحفزات المادية والمعنوية للمبدعين والمتفوقين فيها.
3 . فرض الفصحى على جميع موظفي الدولة, نطقا وكتابة, من خلال عقد دورات مكثفة لهم لإتقانها. إضافة إلى جعلها شرطا في التوظيف.
4 . فرض اختبارات, تقيس اللغة العربية الفصحى, على موظفي الدولة, والمعلمين, وخريجي الجامعات, وكل من يدخل الدولة ... وتصميم, وإجراء دورات تشمل مهارات اللغة, وبمستويات متعددة, لمساعدة من لا يتجاوز الحد الأدنى من اللغة العربية الفصحى. كما يفرض على معلمي اللغة العربية, والخطباء, ومدرسي القرآن مستوى أعلى فيها.
5 . إعداد برامج تلفزيونية خاصة بتنمية اللغة العربية الفصحى.
6 . منع تدريس, أو التدريس, بأية لغة أخرى غير العربية, في كل التخصصات, وفي كل المدارس والجامعات. ويستثنى من هذا التخصصات اللغوية, في التعليم العالي, بقصد إيجاد العدد الكافي من متقني اللغات الأجنبية التي تحتاجها الدولة, للترجمة مثلا, وحمل الدعوة.
7. تشجيع حركة الترجمة والتعريب, من أجل أخذ العلوم, والاكتشافات, والاختراعات, من الأمم الأخرى, بدل أن يدرسها المسلمون بلغات تلك الأمم, وكتابة كل العلوم باللغة العربية فقط.
8 . فتح المساجد للتعليم, وجعلها رائدة في حلقات العلم اللغوي الشرعي.
9 . وضع خطة شاملة لتحفيظ القرآن الكريم للمسلمين, وخصوصا الصغار, حتى يشبوا في بيئة لغوية سليمة, تتكلم اللغة الفصيحة, بشكل تلقائي (بالسليقة). إضافة إلى تحفيظ الأبناء ديوان العرب, الذي هو الشعر, وخاصة الشعر الجاهلي, الذي يمثل مختلف الأنماط والأشكال اللغوية, ليصبح, مع القرآن, مقياسا آليا وطبيعيا للناطق بالفصحى. ورحم الله الفاروق حين أوصى:"عليكم بديوان العرب."
إن الأمة لم تفصل بين لغتها والإسلام, إلا بعد أن ضعفت فكريا, وانهارت ككيان سياسي, وما أن تقوم دولة الخلافة, حتى يعود مجد اللغة العربية الذي ساد. فالعلاقة بين الإسلام, واللغة العربية, علاقة فريدة لا تشبهها أية علاقة بين المبادىء واللغات, ذلك أن الإسلام لا يفهم, ولا يفقه إلا بها, فالوحي نزل بها قرآنا عربيا:{إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} يوسف2 , وهي لغة السنة, ولغة الاجتهاد, ولغة الدولة الإسلامية, فهي إذن من متعلقات الهوية الإسلامية, التي لا يستغنى عنها. ولذلك إذا لم تمزج الطاقة العربية بالطاقة الإسلامية, فسيظل الانحطاط يهوي بالمسلمين. يقول ابن تيمية, رحمه الله, موضحا الترابط بين الإسلام, واللغة العربية:"فتعلم اللغة العربية من الدين, ومعرفتها فرض واجب, فإن فهم الكتاب والسنة, فرض, ولا يفهمان إلا بفهم اللغة العربية, وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب." ويقول الشافعي رحمه الله:"إن الله فرض على جميع الأمم تعلم اللسان العربي بالتبع لمخاطبتهم بالقرآن, والتعبد به."
وعليه, فليعلم المسلمون اليوم أن لغتهم العربية, المجني والمتآمر عليها, هي أشرف وأعظم لغات الأرض, حين قدر الله أن تكون لغة القرآن. ذكر أبو الحسين أحمد بن فارس في كتاب "الصاحبي في فقة اللغة" (باب لغة العرب أفضل اللغات وأوسعها) مشيرا إلى قوله تعالى: {لتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ }الشعراء195, فقال:"فلما خص - جل ثناؤه - اللسان العربي بالبيان, علم أن سائر اللغات قاصرة عنه, وواقعة دونه. فإن قال قائل: فقد يقع البيان بغير اللسان العربي, لأن كل من أفهم بكلامه على شرط لغته فقد بين. قيل له: إن كنت تريد أن المتكلم بغير اللغة العربية قد يعرب عن نفسه, حتى يفهم السامع مراده, فهذا أخس مراتب البيان, لأن الأبكم قد يدل بإشارات وحركات له على أكثر مراده, ثم لا يسمى متكلما, فضلا عن أن يسمى بينا, أو بليغا. وإن أردت أن سائر اللغات تبين إبانة اللغة العربية فهذا غلط." وهذا الإتحاد العضوي بين العربية والإسلام قدم خدمة جليلة في فهم الإسلام, وأدائه, لما فيهما من القدرة على التأثير والتوسع والانتشار. أما قدرة اللغة العربية على التأثير, فذلك لسعة ما فيها من المفردات, التي تمكن من تصوير الواقع تصويرا دقيقا, ففي اللغة العربية, على سبيل المثال, سبعون اسما للأسد ليست مترادفة. وأما قدرة العربية على التوسع, فإن ما احتوته اللغة العربية من قواعد, في النحت والاشتقاق والتعريب والتشبيه, يجعلها تتسع لما يستجد من أشياء, ووقائع, وأحداث. فعملية التعريب, وهي أخذ الأشياء المستجدة بأسمائها, التي سميت بها, وإخضاعها فقط للميزان الصرفي, لتصبح الكلمة عربية الوزن, أكثر من كافية. وأما الانتشار, فإن اللغة العربية, لاقترانها بالإسلام, وكونها لغة القرآن, ولا يقرأ إلا بها, فمن البديهي أن تنتشر في كل قطر يصل إليه الإسلام. يقول العقاد, رحمه الله:"ولقد قيل كثيرا: إن اللغة العربية بقيت لأنها لغة القرآن, وهو قول صحيح لا ريب فيه, ولكن القرآن إنما أبقى اللغة, لأن الإسلام دين الإنسانية قاطبة, وليس بالدين المقصور على شعب أو قبيلة." ويقول إبراهيم علي:" إننا أمام إعجاز هز أركان الوجود البشري بلغته، وفصاحته، وبلاغته، وتركيبه، وأساليبه؛ فلو قُدر للحياة العربية وموروثاتها اللغوية أن تعيش بعيدة عن القرآن الكريم لما تجاوزت الفترةَ الجاهليةَ إلا بمقدار يسير، و لبقي العرب أمة مهملة في قديم الزمن, أو في جانب من جوانب التاريخ."
إن هذه القوة, وهذا الإبداع الذاتي للغة العربية, الذي لا يضاهى, جعل علماء الغرب يشهدون لها, فهذا الفرنسي أرنست رينان, يقول:"ولا نكاد نعلم من شأنها, إلا فتوحاتها وانتصاراتها, التي لا تبارى, ولا نعلم شبها لهذه اللغة, التي ظهرت للباحثين كاملة من غير تدرج, وبقيت حافظة لكيانها, خالصة من كل شائبة." ويقول:"من أغرب المدهشات أن تنبت تلك اللغة القومية, وتصل إلى درجة الكمال, وسط الصحارى, عند أمة من الرحل, تلك اللغة التي فاقت أخواتها بكثرة مفرداتها, ودقة معانيها, وحسن نظام مبانيها." ويضيف:"اللغة العربية بدأت فجأة على غاية الكمال, وهذا أغرب ما وقع في تاريخ البشر, فليس لها طفولة, ولا شيخوخة." وهذا فيلا سبازا, يؤكد أن:"اللغة العربية من أغنى لغات العالم, بل هي أرقى من لغات أوروبا, لتضمنها كل أدوات التعبير في أصولها, في حين أن الفرنسية, والانجليزية, والإيطالية, وسواها قد تحدرت من لغات ميتة, ولا تزال حتى الآن تعالج رمم تلك اللغات, لتأخذ من دمائها ما تحتاج إليه." أما الأمريكي وليم ورل, فيقول:"إن اللغة العربية من اللين, والمرونة, ما يمكنها من التكيف وفق مقتضيات هذا العصر, وهي لم تتقهقر فيما مضى أمام أية لغة أخرى, من اللغات التي احتكت بها, وستحافظ على كيانها في المستقبل, كما حافظت عليه في الماضي." أما ريتشارد كريتفل فيصف اللغة العربية بقوله:"إنه لا يعقل أن تحل اللغة الفرنسية, أو الانجليزية محل اللغة العربية. وإن شعبا له آداب غنية, منوعة, كالآداب العربية, ولغة مرنة, ذات مادة لا تكاد تفنى, لا يخون ماضيه, ولا ينبذ إرثا ورثه, بعد قرون طويلة عن آبائه وأجداده." وأخيرا, المستشرق الايطالي جويدي, يتغزل بها, فيقول:"اللغة العربية الشريفة آية في التعبير عن الأفكار, فحروفها تميزت بانفرادها بحروف لا توجد في اللغات الأخرى, كالضاد والظاء والعين والغين والحاء والطاء والقاف, وبثبات الحروف العربية الأصيلة, وبحركة البناء في الحرف الواحد بين المعنيين, وبالعلاقة بين الحرف والمعنى الذي يشير إليه. أما مفرداتها, فتميزت بالمعنى والاتساع والتكاثر والتوالد, وبمنطقيتها (منطقية في قوالبها), ودقة تعبيرها من حيث الدقة في الدلالة والإيجاز, ودقة التعبير عن المعاني."
نعم .. هذه هي اللغة العربية, وهذه حقيقتها, لمن لا يعرفها. وهي لغة كل العصور والأزمنة, وهي اللغة المعجزة, وهي أكثر اللغات الإنسانية ارتباطا بعقيدة أمتها, وهويتها, وشخصيتها. أما وأنه قد ظهر تاريخيا أن اللغة العربية أسمى وأغنى وأقوى اللغات في العالم, فإن مشكلتها اليوم ليست فيها نفسها, وإنما هي سياسية بحتة. ومع إدراكنا أن قضية اللغة العربية هي قضية فرعية نشأت عن القضية المصيرية للأمة الإسلامية, وهي غياب الخلافة والحكم بالإسلام, فإن خفة وزن اللغة العربية اليوم على مسرح اللغات العالمي, ونزول تأثيرها أمام اللغات الأخرى, سببه هجمات وتقصيرات سياسية تجاهها, فوزن اللغة من وزن دولتها. وما أن تقوم دولة الخلافة, ويعود قرارها السياسي المخلص, حتى تعود العربية إلى سالف وضعها, قلب الإسلام النابض, وتتفجر طاقاتها الكامنة, وتصبح لغة العلوم والثقافة, ولغة المعاهدات الدولية, ولغة التخاطب بين الناس, ويتهافت الناس على دراستها, كلغة عالمية أولى, ويعود لها مجدها وعزها, ومكانتها الطبيعية بين اللغات, وهي مقام الريادة والسيادة. أسأل الله تعالى أن يكون ذلك قريبا, وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

المراجع:
1. مجلة الوعي: الأعداد 273, 170
2. بحث تخرج بعنوان: اللغة العربية لا يعيد مكانتها إلا الدولة الإسلامية. نضال صيام. القدس- فلسطين. موقع نداءات من بيت المقدس
3. كتاب: قادة الغرب يقولون: دمروا الإسلام .. أبيدو أهله. جلال العالم
4. موضوع: اللغة العربية لغة كل العصور. إبراهيم علي. مجلة البيان
5. كتاب: الصاحبي في فقه اللغة لابن فارس. مكتبة مشكاة الإسلام
__________________
[
 
 
  #10  
قديم 10-18-2011
طالب عوض الله طالب عوض الله غير متواجد حالياً
عضو فعال
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 246
Exclamation رد: مجموعة طالب عوض الله ( الجزء الر ابع ) .



آثار التدخل الغربي في الثورات العربية وخاصة ليبيا


بعد أن بدأ الضعف الكبير يستشري في شرايين الدولة العثمانية نتيجة لبعض الإساءات في تطبيق الأحكام الشرعية تارةً، ولاستكلاب الغرب الحاقد عليها تارةً أخرى، فقد استغل الغرب الأوروبي الكافر هذا الضعف لكي ينتصر داخليًا على كل النزاعات والصراعات والحروب الداخلية الأوروبية، وليلتقي من خلال الاتفاق على أهداف ومصالح مشتركة خارج القارة الأوروبية، والانصراف إلى مراقبة واستغلال الظروف والأوضاع المتردية التي كانت تعاني منها الدولة العثمانية دولة الخلافة كسلطة قائمة وحامية للمشرق العربي الإسلامي.
لقد بدأ العمل للنيل من الدولة العثمانية بدءًا من الحصول على الامتيازات والحصانات التي منحتها الدولة الإسلامية لمعظم الدول الأوروبية في مختلف الفترات التاريخية وإعطائهم الوصاية على رعايا الدول الأوروبية المقيمين داخل حدود الدولة العثمانية، ومثال ذلك اتفاقية الدولة العثمانية مع فرنسا عام 1535م وإنكلترا عام 1579م، وهولندا عام 1598م، وروسيا القيصرية عام 1700م والسويد ونابولي (إيطاليا) والدنمارك وغيرها من الدول، ثم كان التدخل في شؤون الدولة العثمانية تحت ذريعة حماية حقوق الأقليات المسيحية في الشرق العربي الإسلامي، ثم احتلالًا للأقاليم العثمانية والتي كانت تتمتع بقسط واسع من الاستقلال الذاتي في ظل سلطة رمزية اسمية للدولة العثمانية عليها.
هذه التدخلات الغربية والتنازلات من الدولة العثمانية أغرت الدول الأوروبية الاستعمارية بشن الحروب العدوانية على دولة الخلافة وتضييق الخناق عليها، إلا أن الدولة الإسلامية بقيت تحاول السيطرة على ولاياتها؛ ومثال ذلك طلب السلطات العثمانية من باشوية ولاية الجزائر العثمانية إعلان الحرب على فرنسا التي كانت تتمول من الموانىء الجزائرية بسبب إغلاق الأسواق الأوروبية بوجه تجارتها. وقد كانت باشوية ولاية الجزائر العثمانية قد أيدت وساندت الثورة الفرنسية، وكانت تزود فرنسا بالقمح الجزائري، وأقرضت حكومة الثورة بدون فائدة مبلغًا قدره مليونًا من الفرنكات عام 1796م، في حين كانت الدول الأوروبية برمتها تفرض حصارًا محكمًا على فرنسا الثورة، ولكن فرنسا تنكرت لهذا الجميل وجهزت لاحقًا حملة عسكرية واحتلت الجزائر عام 1830م وتونس عام 1881م...
ثم كان حصار الأسطول الحربي الأميركي لموانىء ولاية ليبيا العثمانية أثناء المناوشات والمعارك التي دارت خلال أعوام 1801م - 1805م في النزاع المسلح بين سلطات باشوية ولاية ليبيا العثمانية والولايات المتحدة الأميركية، وذلك نتيجة امتناع السفن الأميركية من دفع الزيادات المقررة من قبل تلك السلطات على الرسوم المستوفاة من البواخر والسفن التي تمر أو ترسو في موانئ الولاية مما أدى إلى أسر الليبيين السفينة الحربية الأميركية (فيلاديلفيا) مع بحارتها وجنودها؛ حيث اضطرت الولايات المتحدة للدخول في مفاوضات مع باشوية ولاية ليبيا وعقدت معاهدة صلح معها لإطلاق سراح بحارتها وجنودها، واضطرت إلى دفع تعويضات مالية كبيرة إلى باشوية ولاية ليبيا العثمانية في تلك الفترة...
كما وفرضت (فرنسا - إسبانيا) منذ أوائل القرن العشرين حمايتها المشتركة على المغرب خلال السنوات (1908م-1912م) حيث احتلت إسبانيا مناطق الريف شمال المغرب والصحراء الغربية (الساقية الحمراء ووادي الذهب) إضافة إلى احتلالها منذ القرنين الرابع عشر والخامس عشر وحتى الآن لبعض المدن الساحلية المغربية ومنها مدينتي (سبتة ومليلية) المغربيتين والجزر المغربية الصغيرة المتناثرة سواء المحاذية منها للساحل الشمالي للمغرب أو الجزر المغربية التي تقع قبالة السواحل المغربية في المحيط الأطلسي كجزر الكناري وغيرها من الجزر الأخرى التي تعتبر جغرافيًا وتاريخيًا جزءًا من السواحل الغربية للمغرب.
كما قامت إيطاليا باحتلال ليبيا عام 1911م نتيجة الضعف الذي كانت تعاني منه الدولة العثمانية الأمر الذي اضطرت معه إلى التنازل عن ليبيا بموجب معاهدة (أوشي) عام 1912م.
كذلك قامت إنكلترا باحتلال مصر عام 1882م والسودان عام 1899م والسواحل الجنوبية لشبه الجزيرة العربية التي كانت جزءًا من (جنوب اليمن - عدن) عام 1838م والسواحل الشرقية لشبه الجزيرة العربية بفرض الحماية على المشيخات الصغيرة في الخليج العربي كالبحرين عام 1820م والإحساء والقطيف عام 1871م فمسقط وساحل عمان عام 1892م و الكويت عام 1899م... وباقي أجزاء الدولة الإسلامية التي لم تستطع في نهاية المطاف الصمود أمام جحافل الغرب الكافر الحاقد الذي تربص بها الدوائر فأسقطها وأزالها وأسقط معها منبع العزة للمسلمين والذي يتمثل بدولة الخلافة، هذا الكيان العظيم الذي صمد في وجه كل الصعاب لما يزيد عن 1400 سنة.
تلك نبذة تاريخية تبين لكل ذي بصر وبصيرة عن منهجية التعامل الغربي ضد الأمة الإسلامية منذ بدايات الحروب الصليبية وحتى يومنا هذا.
إذًا فقد تم تقسيم كعكة الدولة الإسلامية على الدول الأوروبية بعد الحرب العالمية الأولى، والأميركية والأوروبية بعد الحرب العالمية الثانية. وأخذت كل دولة حصتها لتسرق منها ما تشاء من تلك الحصة وتزرع فيها عملاءها وأعوانها حتى تطبق السيطرة ولا تترك متنفسًا لأي محاولة للتحرير.
لكن الولايات المتحدة الأميركية وبحكم قوتها العسكرية والاقتصادية وسقوط الاتحاد السوفياتي (روسيا) بعد انهيار الشيوعية أفسح لأميركا أن تتصدر قيادة العالم وبلا منافس، فبدأت أميركا ترسم سياسات جديدة للمناطق التي تم تقسيمها سابقًا لتعيد هيكلة النفوذ على الدول الضعيفة فيكون لها نصيب الأسد على حساب النفوذ الأوروبي في المنطقة.
فكانت حرب الخليج الثانية (1991م) إيذانًا ببداية الانقضاض والقضم الأميركيين لمناطق المصالح الحيوية الأوروبية في العالم. لم يعد العراق منطقة تستحق عند السوفيات الدفاع عنها حين انطلق عدوان (عاصفة الصحراء) عليه؛ تشهد على ذلك ليونة سياسة ميخائيل جورباتشوف ووزير خارجيته إدوارد شيفارنادزه في مداولاته في مجلس الأمن التي أفضت إلى سلسلة القرارات من660 الى 678 (القاضي باستعمال القوة العسكرية ضد العراق)، فيما يشهد على عكسه سعي الرئيس فرانسوا ميتران -حتى آخر لحظة- إلى تجنيب العراق هذه الحرب.
حين انتهت الحرب إلى ما انتهت اليه، وأعقبها الحصار الطويل القاتل، كانت مصالح أوروبا (فرنسا وألمانيا خاصة) أكبر المتضررين بعد العراق والبلدان العربية الفقيرة. وأثناء عملية إخراج النفوذ الأوروبي من شرق المتوسط العربي، كانت مركبة النفوذ الأميركي المضاد تزحف حثيثًا نحو مناطق أخرى في أفريقيا لتحكم عليها الإطباق حيث كان لابد من زعزعة النفوذ الفرنسي والأوروبي إجمالًا عن طريق الحروب والقلاقل، كما في رواندا وبوروندي والبحيرات العظمى، بعد صومال فارح عيديد!، من أجل استنزاف ذلك النفوذ والزج بقواه في مصهر تناقضات لا تقبل التسوية ولا يستقيم معها نفوذ أو يستقر.
ثم كان حصار ليبيا والسودان لمنع تدفق الطاقة إلى جنوب أوروبا. غير أن ذلك وحده ما كان يكفي لإزاحة النفوذ الأوروبي كليًا، وكان لابد من مشروع أميركي إقليمي شامل يشمل المنطقة جميعها ويدمج مناطق النفوذ الأوروبي فيها تحت عنوان التعاون الإقليمي.
إن بروز الربيع العربي، وقتل الصمت لدى الشعوب العربية الإسلامية تجاه حكامهم العملاء دفع بعجلة تغيير الأوراق بالنسبة لتابعية الدول لأميركا. فباتت أميركا من جهة تريد استغلال الوضع الراهن لتغيير الوجوه في بلاد الثورات من تابعية أوروبية لتابعية أميركية، وباتت أوروبا تحاول وباستماتة إبقاء عملائها أو حتى تغيير واحد مكان واحد للصمود أمام المد الأميركي على مستعمراتها. وكذلك كانت تحاول أن تلعب لعبة أميركا نفسها بتحويل النفوذ الأميركي في بعض البلاد إلى نفوذها كما في مصر وسوريا.
صحيح أن أوروبا وبقيادة بريطانيا تمكنت من كسب الثورة التونسية وتوجيهها كما تريد، وأن أميركا استوعبت ثورة مصر ولو جزئيًا وامتصت بعض الغضب الشعبي لتكسب الوقت الكافي لها لاستنفاد كل هذا الغضب، إلاّ أن وضع ليبيا قد بات للعيان أنه صراع أميركي أوروبي مستميت لكسب ثروات هذا البلد البترولية الخيالية وما لها من تأثير على اقتصاد هذه الدول العملاقة.
إنّ الصراع الدولي على ليبيا واليمن بدأ يأخذ أشكالًا جديدة قد تصل معها إلى مرحلة كسر العظام، فأميركا لم تترك من جهدها جهدًا في دس أنفها في شؤون ليبيا واليمن والتي تعتبرها أوروبا جزءًا من مناطق نفوذها، وما يُدلّل على ذلك المناقشات الساخنة التي تجري في أروقة البيت الأبيض والكونغرس، فالمتابع لهذه المناقشات يُلاحظ انقسامًا شديدًا بين كبار السياسيين الأميركيين على ما يجب أن يكون عليه الموقف الأميركي من تلك القضايا.
ففريق يُنادي بضرورة انسحاب أميركا من قيادة التحالف الغربي العدواني تجاه ليبيا بحجة أنّ ليبيا بلد يقع ضمن النفوذ الأوروبي الخالص ولا طائلة من سحب ليبيا من الأوروبيين، بينما فريق آخر يُنادي بضرورة التدخل وذلك لتحقيق أمرين:
الأول: منع الأوروبيين من الاستفراد بالملفات الشرق أوسطية لا سيما استفرادها في ملفات دول كليبيا واليمن المحسوبتين على أوروبا.
والثاني: محاولة إحلال النفوذ الأميركي في تلك المناطق محل النفوذ الأوروبي ولو كانت الكلفة عالية.
وبين هذين الرأيين يتخبط أوباما وإدارته في طريقة التدخل في محاولة منه لجسر الهوة بين مواقف الفريقين.
أمّا بريطانيا وفرنسا فألقتا بكامل ثقلهما في ليبيا واليمن، واعتبرتا تدخلهما فيهما بمثابة حياة أو موت، ولذلك نجدهما تُنفقان الأموال الباهظة فيهما بالرغم من وضعهما الاقتصادي الصعب وضرورة إجراء تقشف في الإنفاق.
إنّ مجرد الصراع على من يتولى قيادة التحالف العدواني ضد ليبيا هو بحد ذاته صراع على من يملك نفوذًا أكبر في ليبيا.
إنّ بريطانيا حسمت أمرها في مسألة تغيير القذافي في ليبيا وعلي عبدالله صالح في اليمن، ولا مجال لديها لإبقائهما في السلطة، فهما قد استهلكا واستنفدا ما هو مطلوب منهما، وهي تُحاول ترتيب خلفاء لهما يكونون من عملائها، واستعانت بريطانيا في تحقيق هدفها هذا بفرنسا، ونسّقت معها الخُطا، واعتبرت أن نجاحها في اليمن وليبيا هو نجاح لأوروبا، وإنّ فرنسا بصفتها الدولة الأهم في أوروبا فلا بد من إشراكها معها في مهمتها تلك، ولا بُد من إعطائها نصيبًا من كعكتها، وذلك لقطع الطريق على أميركا التي لا تقبل المشاركة وتريد الاستحواذ بمفردها على الكعكة كلها.
وأمّا أميركا فاتخذت الجانب المخالف لبريطانيا وفرنسا في تلك القضيتين، فبما أنّ بريطانيا وفرنسا قرّرتا تغيير الأنظمة التابعة لأوروبا في ذينك البلدين، فإنّ أميركا وعلى عكسهما تُريد إطالة عمر القذافي وعلي عبد الله صالح في سدة الحكم، لتخريب المخططات الأوروبية، ولمحاولة إيجاد موطئ قدم لها فيهما، ولعل هذا ما يُفسر تلكؤ أميركا في إجراءات الإطاحة بالقذافي.
وما يُدلّل على هذا الرأي تصريحات المسؤولين الأميركيين المضطربة والمتناقضة في هذا الشأن.
لقد دفع الوضع الراهن في ليبيا كُلاً من أميركا وأوروبا إلى استغلال كل ثغرة موجودة فيها للانقضاض على هذه الدولة النفطية الغنية، وإن المبكي للعين والمحزن للقلب أن الدول العربية وبمساعدة حكامها العملاء قد مهدت للغرب جسر العبور إلى ليبيا واحتلالها احتلالًا فعليًا واقتصاديًا والسماح لهم بالتدخل العسكري في ليبيا لإسقاط القذافي.
يمكن القول إن ما هو حاصل في ليبيا الآن هو نتيجة مخطط غربي تواطأت معه جامعة الدول العربية، هدفه أولًا الانتقام من نظام القذافي المجرم- الذي لم يشفع له عند أسياده في الدول الغربية أنه دفع أكبر دية في التاريخ مقابل ضحايا تفجير «لوكربي»، وأنه سلم البرنامج النووي الليبي على طبق من ذهب للدول الغربية.
وثانيًا الطمع الغربي الواضح في موارد وثروات الشعب الليبي. فكما هو واضح فإن الدول الغربية جاءت إلى ليبيا لتسيطر على هذه الثروات، وما يترتب على هذا التدخل من نتائج ستكون عواقبه لا شك وخيمة على الشعب الليبي، فالشعب الليبي سيقع تحت استعمار اقتصادي مقيت، حيث إن جميع الأموال التي اختلسها القذافي وأسرته وأودعها في البنوك الغربية سوف تصادرها الدول الغربية المشاركة في فرض الحصار على ليبيا، كفاتورة أولى لهذا التدخل، ومن ثم سوف تفرض هذه الدول على الحكومة الليبية القادمة تزويدها بالنفط والغاز الليبي بثمن بخس دراهم معدودة، هذا ناهيك عن أن هذه الدول الغربية -وعلى رأسها فرنسا والولايات المتحدة، وبعد أن أبادوا الجيش الليبي بشكل غير مبرر- سوف تقوم باستنزاف الأموال الليبية بحجة إعادة تسليح الجيش الليبي من جديد.
ما بات واضحًا هو أن الأميركان وحلفاءهم نجحوا في الضغط على أعضاء المجلس الانتقالي في ليبيا، من خلال سياسة العصا والجزرة: إما نترككم للقذافي ولن تحلموا بأن يعترف بكم أحد ولن يزودكم أحد بالسلاح، وإما أن تقبلوا تدخلنا وتحفظوا مصالحنا وعندها يرحل القذافي.
ومن ناحية أخرى ومن أجل إتمام هذا السيناريو الخبيث وضعت الدول الغربية القذافي في الزاوية، ولم تترك أمامه خيارات تضمن له عدم الملاحقة؛ لذلك أجبروه على القتال حتى النهاية لأن مشهد الرئيسين العراقي والصربي ماثل أمام عينيه، وعليه لم يكن أمام المجلس إلا الإذعان للمطالب الغربية، فهذا المجلس بلع الطعم الأميركي، رغم أنه يدرك أن الانتصار على القذافي ليس في حاجة إلى جر الجيوش وفرض منطقة حظر طيران، وبذلك قبل بالعروضات الأوروبية وكذلك الأميركية مقابل الاعتراف به دوليًا كما حصل باعتراف أكثر من 30 دولة منها دول كبرى به على أنه الممثل الشرعي والوحيد للشعب الليبي.
نحن الآن أمام طاغية ليبي يستعين بقوات مرتزقة من الحفاة العراة في مواجهة معارضة مسلحة بقيادة المجلس الانتقالي وأمام مجلس انتقالي يستعين كذلك بقوات مرتزقة مدججة بالصواريخ والطائرات وتحمل اسم حلف الناتو الذي يضم أكثر من أربعين دولة. فمنحنى الصراع قد انتقل من كونه تحريرًا من طاغية مجرم قاتل تافه إلى نزاع على السلطة، والتي ستكون بنهاية المطاف لواحدة من هذه الدول الكبرى أميركا، أو فرنسا، أو بريطانيا.
ولنا في تاريخ ليبيا عبرة، ففي عام 1943م جرى تقسيم ليبيا المستعمرة الإيطالية السابقة إلى ثلاثة كيانات بعد الحرب العالمية الثانية وانتصار الحلفاء. واحد تحت اسم ولاية برقة وكان من نصيب بريطانيا، والثاني فزان من نصيب فرنسا، والثالث طرابلس التي أقامت فيها الولايات المتحدة قاعدة هويلس العسكرية الشهيرة.
إنّ طاغية ليبيا بمجازره الدموية، وأولئك الحكام بعدم نصرتهم أهل ليبيا وإنقاذهم من ذلك الطاغية، هم شركاء في جريمة تهيئة الأجواء لتدخل الدول الغربية عسكريًا بعد أن تدخلت سياسيًا بقرار مجلس الأمن 1973 بحجة الإنقاذ الإنساني لأهل ليبيا، في الوقت الذي لا تعرف فيه هذه الدول أي إنسانية إلا أن تكون مدفوعة الأجر، وليس أي أجر، بل الأجر الفاحش الذي يحقق مصالحها في بلاد المسلمين.
لقد آن لهذه الأمة الإسلامية الراقية أن تعيد بَصْمَتها في اللعبة السياسية العالمية، وتستعيد دورها لتفرض هي بنفسها وجودها الفعال بين هذه الأمم بدل أن تبقى ألعوبة بيد الاستعمار يأخذها كيف شاء. فكيف لهذه الأمة أن تهنأ بالعيش وهي ترى إخوانها في كل مكان يذبحون صباح مساء على يد حكامهم تارةً أو التحالف تارةً أخرى، ألم نسمع قول الله تعالى: (وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ)، ألم نسمع قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا، وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ»البيهقي، ألم تَعِ هذه الأمة أن مصيبتها في حكامها... ثم في سكوتها عن بوائق هؤلاء الحكام الظلمة وطغيانهم، ما يؤدي إلى أن يصيبها ما يصيبهم من عذاب، ليس في الآخرة فحسب، بل حتى في الدنيا.( وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)... إنّ هؤلاء الحكام في سبيل كراسيهم المعوجة الزائفة لا يتورعون عن سفك الدماء، وخدمة الأعداء وبيع البلاد والعباد.. إن عروشهم هي نعيمهم، فطاغية ليبيا يعلم أن الناس لا يريدونه وأن بريطانيا التي أوصلته للحكم بعد أربعين سنة لفظته بعد ما استنفد دوره، وله عبرة في أشياعه من قبل.
إنه إن كان من شيء يُعَوّل عليه في هذه الظروف القائمة فإنها الأمة الإسلامية وجيوشها الجرارة، فبها وحدها يمكن استدراك الأمر حيث تتحرك لتنقذها من الطاغية القذافي، وتعيد البسمة إلى أهل ليبيا، وبذلك تقطع الحجة التي اقتحم الغرب بها أجواء ليبيا وأرضها بطائراته وصواريخه. ولكن أنى للمسلمين في ليبيا ذلك في ظل هكذا أنظمة حكم محيطة بها؟ فالأمر يحتاج إلى دولة إسلامية تعيد الحق إلى نصابه وتقطع دابر التدخل الغربي فيها.
لقد آن لهذه الأمة أن تعي الدور الذي أوكله الله لها بشهادتها على الناس، لقد آن لها أن تأخذ دورها الذي أراده الله لها(كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ)، آن لها أن تقيم دولة الخلافة التي هي فقط من سيحرس البلاد والعباد ويقصم ظهور الأعداء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إِنَّمَا الْإِمَامُ جُنَّةٌ يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ وَيُتَّقَى بِهِ» النسائي، آن لها أن تدرك أنها لن تستطيع رفع الظلم عن نفسها في ظل الأنظمة الوضعية والحكام الرويبضات.
ولكن قُوّة الشدّة علامة الفرج، ولن يغلب عسر يسرين، وظلمة الليل يتبعها انبلاج الفجر، وإنّ للإسلام هزات شداداً ستأتي الظالمين وأعداء الاسلام من حيث لم يحتسبوا...
قال تعالى: (وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ)

منقول عن : مجلة الوعي، العدد 295-296-297 ،(عدد خاص و مميز) السنة السادسة والعشرون ،شعبان ورمضان وشوال 1432هـ ، تموز و آب و أيلول 2011م
__________________
[
 
موضوع مغلق

أدوات الموضوع ابحث في الموضوع
ابحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 12:09 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.2
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.