قرأت لك : قضية زعيم مخلص أم مجرد زعيم

[نائل أبو محمد]

بسم الله الرحمن الرحيم
قضية زعيم مخلص أم مجرد زعيم
أيها المسلمون: لقد تجاوز الكافر المستعمر مرحلة تقرير مصير الأُمة وزرع أفكاره العلمانية والإلحادية فيها إلى مرحلة التلاعب بها، فمرة يوهمها أن الزعيم الأوحد والمخلّص لها هو سعد زغلول، سواء كان ذلك عن طريق ما يسمى الطابور الخامس أو عن طريق المنافقين أو عن طريق وسائل إعلامه أو عن طريق المغفلين المضبوعين بثقافته، ومرة هو جمال عبد الناصر ومرة هو أبو مدين ومرة هو الخميني ومرة هو البشير زعيم السودان ومرة هو زعيم حزب اللات ومرة هو صدام حسين ومرة هو أردوغان وهكذا، والأُمة من شدة جهلها بدينها وبحالها رغم كثرة مشايخها ووعاظها تميد مع كل ناعق لاهثة وراء كل سراب معلقة عليه آمالاً في أن يطرد لها الاستعمار من بلادها ويحررها منه سياسياً واقتصادياً وفكرياً، جاهلة أو متجاهلة أن هؤلاء الزعماء جاءوا عن طريق الكافر المستعمر سواء كان بتعيينه لهم مباشرة أو عن طريق مبدأه فيما يسمى الانتخابات الديمقراطية والنـزيهة تحت إشراف مؤسساته الدولية هيئة الأُمم وغيرها، كما حصل ويحصل في تركيا والجزائر وتونس واليمن وليبيا ومصر، وغداً في سوريا، فإذا لم تعجبه نتائج هذه الانتخابات النـزيهة!!! أمر بإعادتها وبحل البرلمان، وهكذا حتى يَصل إلى سدة الحكم من يرضى عنه تحت مسمى الزعيم والإسلام المعتدلين، فكيف يُرجى من هؤلاء المتزعمين أن يطردوا ذلك الاستعمار وهم عبيد لمبدئه ينادون وعلى رؤوس الأشهاد بأنهم سوف يطبقونه ويدافعون عنه؟!! فذاك يرفع شعارات ضد الامبريالية وهو من صنيعها يطبق مبدأها ويقتل من يخالفها، وذاك يرفع شعارات ضد اليهود والصهيونية ولم يطلق عليهم رصاصة واحدة بل يزج في السجون من يفعل ذلك أو حتى يفكر فيه، وذاك يرفع شعارات ضد الشيطان الأكبر أمريكا وهم من صنيعها وممن استضاؤوا بنارها وما فضيحة إيران غيت عنا ببعيد، بل إنهم في كل مناسبة يكونون ضيوفا عليها وفي جامعاتها، وذاك يرفع شعار القرآن دستورنا ثم ينادي بإقامة دولة ونظام مدني جمهوري ديمقراطي، وذاك يرفع شعارات عن الجهاد والنضال والوطنية في حين يلهث خلف ما يسمى المفاوضات والسلام والتنازل عن الأوطان، وذاك يرفع شعارات عن الاقتصاد وعن فقر الأُمة في حين أمر شعبه بزراعة الورد بدلا عن القمح ليظل اقتصاد بلاده مربوطاً بالقمح والدولار الأمريكي، ناهيك عن بيعه البترول والغاز للكفار بسعر أقل بكثير مما يبيعه لشعبه، إلى غير ذلك من المصائب والويلات التي جلبها هؤلاء الساسة لأُمة الإسلام.
فيا أيها المسلمون استفيقوا من سباتكم ومن غفلتكم واعلموا أنكم إن كنتم فعلاً تريدون التحرر من مهازل حياتكم ومن الذل الذي تعيشونه، فعليكم أولاً أن تنفضوا عنكم أفكار الكافر المستعمر والتي زينها لكم عملاؤه تحت مسمى الديمقراطية والحريات والوسطية والحل الوسط، فهذه الأفكار وغيرها منذ أن حلت محل أحكام الإسلام الصحيح طيلة مائة عام مضت تقريباً، أُصيبت الأُمة بما أُصيبت به من الذلة والمهانة والتشرذم والفرقة، واعلموا أيضاً أن كل زعيم يرفع شعارات عن الإقليمية والقومية فإنه لا يستحق أن تُعلقوا عليه أي أمل بل لا يستحق النظر إليه لأن هذه الشعارات ليست من الإسلام في شيء ولو كان رافعها شيخاً معمماً، ولأنها من مخلفات اتفاقية سايكس بيكو الاستعمارية المتمثلة في الرايات المزركشة والتي تقضي بتقسيم العالم العربي والإسلامي إلى كيانات هزيلة لا تقوى إلا على النهوض في وجه شعوبها فقط، وبمنع أي شعب من التدخل في الآخر إلا إذا طلب الكافر المستعمر منهم ذلك، وما فعله بهم يوم عراق صدام عنا ببعيد.
أيها المسلمون: إن قضية الأُمة الحقيقية والراهنة هي قضية زعيم مخلّص لمليار ونصف مليار مسلم، لا مجرد زعيم لهذا الشعب أو ذاك، ولا مجرد شيخ هنا أوهناك، فما لم يظهر مخلّص لها من براثن الاستعمار ومن الذلة والمهانة والتشرذم والفرقة ومن الظلم السياسي والاقتصادي لا فرق عنده بين مصري وسوداني ولا بين عراقي وشامي ولا بين عربي وعجمي، فلن تبرح الأُمة مكانها الذليل المشرذم المضبوع بالثقافة الغربية مهما رُفع من شعارات عن الحرية والعدالة والرفاه، فلا تُعلقوا آمالاً على زعماء ليست هذه حالهم فتحبطوا زيادة فوق زيادة فيودي بكم إلى ترك دينكم لا قدّر الله وعدم الثقة به وبمن سيأتي لتطبيقه في المستقبل القريب، وهذا عين ما يرجوه الكافر المستعمر من كل محاولاته التلاعب بكم وبدينكم وبقضاياكم وزعمائكم تحت غطاء ما يُسمى الإسلام المعتدل والزعامة المعتدلة.
أيها المسلمون في كل مكان: كونوا على ثقة أنكم على أبواب مخاض لبعث آخر زعيم مجدد لكم على رأس هذه المائة يسوسكم بشرع ربكم الخالص من الشوائب الدخيلة عليه، يحرركم وبلادكم من الاستعمار، ويفتح روما ومدينة القاطع وسائر مدائن الشرك ويحرر بيت المقدس يحثي المال حثياً لا يعده عدا، تكون دولته كدولة أبي بكر وعمر، نظامها خلافة على منهاج النبوة لا على منهاج المشايخ والديمقراطية والجمهورية، مؤيداً من الله تعالى كي يستطيع مواجهة دول الكافر المستعمر أمريكا وغيرها والقضاء عليها، فنرجو أن يكون هذا أوانه ويومه وعصره فثقوا بوعد رسولكم لكم حيث قال(إن الله يبعث على رأس كل مائة سنة من يجدد لهذا الدين أمره) وقال(لا تقوم الساعة حتى يخرج رجل من أهل بيتي يملأ الأرض قسطا وعدلاً كما مُلأت قبله ظلماً وجورا) وقال(كل ما هو آت قريب) الله أكبرالله أكبر الله أكبر.

أنصار العمل الإسلامي الموحد
بيت المقدس – 22 رمضان / 1433هـ