إسكان المعلمين في القدس.. مأساة تحتاج إلى نهاية سعيدة!
الأربعاء 26 محرم 1433
إسكان المعلمين في القدس.. مأساة تحتاج إلى نهاية سعيدة!
عزام توفيق أبو السعود : 6 تشرين الأول 2011
ستة وخمسون وحدة سكنية في بيت حنينا، حلم بها معلمون ومعلمات " مقادسة" افنوا عمرهم في تربيتنا، وتربية أجيال متعاقبة من المقدسيين، هذا الحلم عمره اربعون عاما، عاشوها ومات بعضهم وهو ينتظر، حين بدأ حلمهم يسير نحو واقع ملموس... حين بدأ البناء قبل أعوام عشرة بدعم من دولة الامارات .
قالوا جاء الفرج، ولكن وبعد عام ونصف توقف البناء أربعة أعوام بسبب مقاول لم يستطع اتمام العمل .. تمت التسوية معه، وطرح عطاء جديد، وجاء مقاول جديد، وعاد البناء يزدهر، ثم توقف البناء .. خلاف بين المقاول والمشرف، وحسابات لم تكن دقيقة، وتأخر في الدفعات، وتوقف العمل مرة أخرى .
وحاول المعلمون والمعلمات أن يحلوا مشكلتهم واستدانوا وباعوا ما تبقى من "الذهبات"، وجمعوا فيما بينهم بعض المال، وعاد المقاول ليعمل حتى قارب العمل على الانتهاء، وعادت المشاكل، مقاول متعب ماليا، ودفعات تتأخر لكن المفاتيح أصبحت جاهزة، يريد المقاول أن يسلمها لأصحابها ان حصل على بقية مستحقاته.
أكثر من عام وهو ينتظر.. والمعلمون ينتظرون المفاتيح، وينتظرون من يحن عليهم، ويبني لهم اسوارا، ويمدد لهم شبكة مجار ، ويكمل الشوارع ويعبدها.. الوسطاء كثيرون، والوسطاء مشاغلهم أكثر واهتماماتهم أقل.. والمعلمون والمعلمات الأصليون أصحاب الحلم... أخذ الموت يغيبهم واحدا تلو الآخر، وباتت سيم الشيخوخة على بقيتهم، وعلى بعض ورثتهم أيضا، ولا زال الحلم ... لم يتحقق!
ستة وخمسون وحدة سكنية لمتقاعدين أنهكتهم الحياة، لا نستطيع أن نكملها نحن العرب في القدس في أكثر من عشر سنوات! ومستوطنات تقام بآلاف الوحدات السكنية، يتم بناؤها في القدس في مدد قصيرة ، وتتمدد ويزداد عددها في مدد أقصر، ونحن المقدسيون.. وسنواتنا العشر الخالية كلها انتظار ... ونحن نرى تلك المنازل غير المكتملة امام أعيننا على هذا التل المطل في بيت حنينا المطل على المدينة المقدسة، ولا نستطيع استكمال بنائها.. أي مسخرة هذه؟! نعم والله انها ليست مأساة هؤلاء المعلمين والمعلمات، بل هي مأساة القدس، ومأساة طريقة معالجتنا لأمورنا، ومأساة اعتدادنا بفلسطينيتنا وعروبتنا التي تكاد تفرّغ من مضامينها! إنها مسخرة ادارتنا لأمورنا!
للأساتذة والمعلمات وورثتهم لا بد من كلمة يجب أن تقال : لا تعتمدوا على أحد .. يجب أن تعيدوا تفكيركم ونمط معالجتكم للأمور... عليكم أن لا تنتظروا مالا من أحد.. عليكم أن تجدوا المال اللازم لاستكمال مشروعكم .. كفاكم انتظارا لأموال دعم أو هبات، فمن يملك المال لا يريد أن يكمل مشواره حتى وان تعهد بالدفع، ومن لا يملك المال لا يستطيع أن يفي بوعوده حتى وان تعهد بها ، لذلك فإن عليكم فقط أن تجدوا المال لدى غيرهما...
هذا المشروع يحتاج فقط إلى مبلغ يزيد قليلا عن المليون دولار لاستكمال البناء، أقل من نصف هذا المبلغ هو مستحقات المقاول القديم، والباقي هو ما يحتاجه استكمال شبكة المجاري والطرق والأسوار.. ولدينا بنوك عربية تدعي انتماءها للوطن، وانتماءها للعروبة، وحبها للقدس ورغبتها للعمل في القدس، ووضعها آلية مناسبة لذلك، دعونا نختبر بمشروعكم هذا مدى الانتماء والحب لدى هذه البنوك الفلسطينية والعربية للقدس.
إذا قسمنا هذا المليون دولار على عدد الوحدات السكنية، فنحن نتكلم عن عشرين ألف دولار تقريبا لكل وحدة سكنية، اقترضوها من البنوك وسددوها على أعوام ثلاثة أو أربعة، القسط الشهري سيكون في حدود خمسمائة دولار فقط، هي أقل من ايجار أي شقة تسكنونها.. عليكم بمفاوضة البنوك لقرض جماعي أو قروض فردية، فالمبالغ التي نتحدث عنها هي مبالغ زهيدة بالنسبة للبنوك، ينفقون أضعافها على الجوائز والدعاية..ولا أعتقد أن بنوكنا العربية منفردة أو مجتمعة عاجزة عن اقراضكم هذه المبالغ، وان كانت السلطة الفلسطينية معنية بالقدس وأهل القدس، فلتكفل قروضكم لدى هذه البنوك ..
مرة أخرى أقول لمعلمينا ومعلماتنا الأفاضل: انهضوا من سباتكم فما حك جلدك مثل جيبك..وليس مثل ظفرك! توجهوا للبنوك وفاوضوهم، وعلى البنوك أن تعرف أن اساتذتنا ومعلمينا يوفون بالتزاماتهم ، فهم من ربوا أبناءنا على كل الصفات الحميدة التي يجب أن يتصفوا بها، وما تحتاجونه هو مبلغ تافه بالنسبة لودائع المقدسيين في البنوك الوطنية هذه، واسعوا لدى السلطة لتكفلكم لدى هذه البنوك وتحثها على اقراضكم، حتى نرى ، ولو مرة واحدة أحد أحلامكم وأحلامنا بمشاريعنا السكنية في القدس يتحقق..!
|
العرض العادي
