إيجار ليموزين في مطار القاهرة  آخر رد: الياسمينا    <::>    ليموزين المطار في مصر الرفاهية والراحة في خدمة المسافرين  آخر رد: الياسمينا    <::>    حفل تكريم أوائل الثانوية العامة للعام الدراسي 2023.  آخر رد: الياسمينا    <::>    دورة البادل، كانت فكرة وبالجهد نجحت  آخر رد: الياسمينا    <::>    لاونج بموقع مميز ودخل ممتاز للتقبيل في جدة حي الخالدية  آخر رد: الياسمينا    <::>    تورست لايجار السيارات والليموزين في مصر  آخر رد: الياسمينا    <::>    كود خصم تويو 90% خصم 2024  آخر رد: الياسمينا    <::>    كود خصم تويو 90% خصم 2024  آخر رد: الياسمينا    <::>    المحامية رباب المعبي تحاضر عن مكافحة غسل الأموال وتمويل الإر...  آخر رد: الياسمينا    <::>    مساعدة عائلة محاصرة في قطاع غزة يواجهون مخاطر الموت  آخر رد: الياسمينا    <::>   
 
العودة   منتدى المسجد الأقصى المبارك > مكتبة الأقصى الخثنية > منتدى الدراسات والأبحاث والإصدارات

 
إضافة رد
 
أدوات الموضوع ابحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
 
  #11  
قديم 08-20-2010
سليم سليم غير متواجد حالياً
عضو مرابط
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 554
افتراضي رد: النكات البلاغية في ايراد الصفات الثنائية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جاء ذكر الرحمن مرة واحدة في سورة الرحمن وذلك للأسباب التالية:
1. "الرحمن" جاء رأس سورة,وآية تامة,ورأس السور هو في محل عنوانها,فعنوان السورة "رحمة" وكل ما ورد ذكره في السورة من نعمٍ وآلاءٍ في الدنيا والآخرة دلالة على مضمون الرسالة التي عنوانها "الرحمة".
فلم يكن هناك من داع لتكرار اسمه الرحمن,طالما أنه عنوّن السورة باسم الرحمة الممتلئ.
2. سورة "الرحمن" جاءت بعد سورة القمر, والتي فيها أخر آيتين هما:" "إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِر", فاستهل السورة التالية باسم يدل على المليك المقتدر ,والذي يهب هذه النعم وآلاء من جنات وأنهار,فكان "الرحمن" دلالة على أنه هو الله المليك المقتدر,وهو الذي يدخل المؤمنين الجنات,فكان حلقة وصل بين السورتين ومراعاة فحواهما.
3. الملاحظ أنه بعد أن ذكر"الرحمن" قال الله تعالى مباشرة"عَلَّمَ الْقُرْآنَ",وذلك لأن مشركي العرب كانوا ينكرون "الرحمن" ,وكانوا يقولون أنه يعلمه بشر,فجاء باسم "الرحمن" ليدحض أقوالهم الكاذبة واباطيلهم وأنه هو الذي علم سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام القرآن, فقال:"عَلَّمَ الْقُرْآنَ".
4.والملاحظ أن السورة اختتمها الله بآية:"َتبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ",أي تبارك الرحمن ذي الجلال والإكرام, فأول السورة "عنوانها" كان "الرحمن" وآخر السورة " "عقباها"كان "ذو الجلال والإكرام", فكل ما جاء فيها من نعم وآلاء من الله ذي الرحمة الواسعة المطلقة, ومن واسع كرمه وجوده منقطع النظير.
فلم يكن ما يقتضيه تكرار الرحمن" لما بين حدّي السورة"الرَّحْمَنُ" و"َتبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ" من رحمة وكرم ومباركة .
خامسًا:الرحمن هو الاسم الوحيد الذي جاء على وزن فعلان,وهي الصيغة الأبلغ للدلالة على عظيم وواسع رحمة الله عز وجل,لأنها الصيغة الوحيدة التي تفيد الإمتلاء من الصفة, وبلاغة القرآن جاءت في استخدامها للتعبير عن امتلاء صفة الرحمة.
سادسًا:الملاحظ أن لكل وزن إيقاع ورنة,والرحمن له إيقاع خاص فهو يبدأ بالراء وينهي بالنون, "رن" فهو اسم رنان,وعند سماعه او ترديده يشعر المرء بالسرور والحبور, ويبعث الأمل في النفوس,ويُبعد الوهم واليأس والقنوط.
[center]وأما الأسم الثاني "الرحيم"[/center
]هو لفظ عربي مشتق من الرحمة,وهو على وزن فعيل بمعنى فاعل,أي رحيم بمعنى راحم,وفعل رَحِم وإن كان متعدياً والصفة المشبهة إنما تصاغ من فِعلٍ لازم إلا أن الفعل المتعدي إذا صار كالسجية لموصوفه ينزل منزلة أفعال الغرائز فيحول من فِعَل بفتح العين أو كسرها إلى فَعُل بضم العين للدلالة على أنه صار سجية كما قالوا فقُه الرجل وظرف وفهم، ثم تشتق منه بعد ذلك الصفة المشبهة، ومثله كثير في الكلام، وإنما يعرف هذا التحويل بأحد أمرين إما بسماع الفعل المحول مثل فقُه وإما بوجود أثره وهو الصفة المشبهة مثل بليغ إذا صارت البلاغة سجية له، مع عدم أو قلة سماع بلغ.ومدلول الرحيم كون الرحمة كثيرة التعلق إذ هو من أمثلة المبالغة ولذلك كان يطلق على غير الله تعالى كما في قوله تعالى في حق رسوله:" بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ".وقال البيهقي:"الرحيم هو المريد لإنعام أهل الجنة".
وقد جاء في القرآن الكريم في أربعة عشر ومائة آية, ما بين تعريف وتنكير وافراد واقتران باسماء آخرى
.
__________________
رمضان أسم حروفه ناصعة=فالراء رحمة من الله واسعة
وميمه مغفرة منه جامعة=والضاد ضياء جنة رائعة
والألف احسان وألفة ماتعة=ونونه نُزل الصائمين ناعمة
رد مع اقتباس
 
 
  #12  
قديم 08-22-2010
سليم سليم غير متواجد حالياً
عضو مرابط
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 554
افتراضي رد: النكات البلاغية في ايراد الصفات الثنائية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وأهم الملاحظات على إيراد " الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ ":
1.إيراد الصفتين دون اداة عطف,فلم يقل "الرحمن والرحيم",وذلك لأن العطف لا يفيد الترتيب,وحتى لو استخدمت اداة عطف تفيد الترتيب فهذا لا يعني أنها سوف تفيد تلازم الصفتين كمًا وقدرًا,فقولنا "الرحمن الرحيم" يدل على ترتيب الصفتين وتلازمها ووجودهما معًا وفي آنٍ واحد,فالله سبحانه وتعالى رحمن بقدر ما هو رحيم, ورحيم بقدر ما هو رحمن,فلا تفاضل في القدر بين الصفتين.
وقد جاء في القرآن الكريم إيراد صفتين مما يتصف فيها البشر دون عطف, فقول الله عزوجل في سورة القصص:" قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يٰأَبَتِ ٱسْتَئْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ ٱسْتَئْجَرْتَ ٱلْقَوِيُّ ٱلأَمِين", هنا نلاحظ أن الله سبحانه وتعالى وصف سيدنا موسى عليه السلام بصفتين متلازمتين دون عطف بينهما, فلم يقل "إن خير من استأجرت من كان قويًا وأمينًا",بل جاءت الصفتان معرفتان_تعريف عموم الجنس_ متلازمتان من غير عطف,وقدّم "القوي" على "الأمين" لسببين وهما:
الأول:لأن القوة أظهر من الأمانة,حيث رأت إبنة سيدنا شعيب عليه السلام قوته في هيئته وما فعله من أجلهن,وبعدها أدركت أمانته من خلال تصرفه معها وتقدمه عليها في السير,فهذه من إمارات الأمانة,فلما رأت قوته وأدركت أمانته حكمت عليه بـالأمانة بقدر حكمها عليه بالقوة.
الثاني:لأن موسى عليه السلام أول ما فعله معهن بانت قوته,فكانت قوته أول ما لاحظن بنات شعيب عليه السلام,وتبعها إدراك الأمانة.
وجاءت الصفتان هكذا للدلالة على أن القوة والأمانة يجب أن تلزما الشخص المستأجر,وهما بنفس القدر, فيجب أن يكون أمينًا بقدر ما يجب أن يكون قويًا.
وكذلك قول الله تعالى في سورة إبراهيم:" َلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ",وقوله تعالى في سورة القلم:" هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ".
وهذا ينطبق على كل الصفات الثنائية التي سوف نتعرض لها في هذا البحث.
2.تقديم الرحمن على الرحيم, وفي كل المواطن في القرآن, وقدّم الرحمن على الرحيم وذلك للأسباب التالية:
أولًا: صفة الرحمن خاصة بالله عزو جل, ولا يتصف بها غيره من مخلوقاته,وأما الرحيم فقد يوصف بها إنسان, فنقول:رجل رحيم, ولا نقول:رجل رحمن,فقدّم الخاص على العام.
ثانيًا: الرحمن أبلغ من الرحيم للزيادة اللغوية,فقدّم الأبلغ .
ثالثًا:الرحمن لا يتعدى بينما الرحيم يتعدى,فنقول رحيم به, ولا نقول رحمن به.
رابعًا:الرحمن أعم وأشمل لأنه وكما قيل رحمن الدنيا والآخرة ورحيم الدنيا,فقدّم الأعم والأشمل.
خامسًا:قرن الله تعالى في كتابه العزيز اسم الجلالة بالرحمن ولم يقرنه بالرحيم, يقول الله تعالى في سورة الإسراء:" قُلِ ٱدْعُواْ ٱللَّهَ أَوِ ٱدْعُواْ ٱلرَّحْمَـٰنَ أَيّاً مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ ٱلاْسْمَاءُ ٱلْحُسْنَى".
سادسًا: قدم الرحمن والتي هي الصفة المتجددة وفيها الامتلاء بالرحمة لأبعد حدودها لأن الإنسان في طبيعته عجول وكثيراً ما يؤثر الإنسان الشيء الآتي السريع وان قل على الشيء الذي سيأتي لاحقاً وإن كثر ,كما في سورة القيامة:" كَلاَّ بَلْ تُحِبُّونَ ٱلْعَاجِلَةَ",وقوله سبحانه وتعالى في سورة الإسراء:" وَكَانَ الإِنسَانُ عَجُولاً", لذا جاء سبحانه بالصفة المتجددة ورحمته قريبة ومتجددة وحادثة إليه ولا تنفك لأن رحمته ثابتة.
سابعًا: الملاحظ أن الرحمن جاء بعد اسم الجلالة "الله" _الذي يوحي بالعظمة والهيبة المطلقة_وذلك للتخفيف من وطأة المهابة والهول الحاصل عند سماع اسم الله الأعظم,ليبعث الأمل في النفوس والرجاء في الرحمة المطلقة والممتلئة في اسمه "الرحمن",وأعقبها بــ "الرحيم" كي يبعد الوهم الحاصل في نفوس البشر لما يقع في صدورهم أنه "رحمن"
في ذاته لا تتعدى رحمته إلى مخلوقاته.
__________________
رمضان أسم حروفه ناصعة=فالراء رحمة من الله واسعة
وميمه مغفرة منه جامعة=والضاد ضياء جنة رائعة
والألف احسان وألفة ماتعة=ونونه نُزل الصائمين ناعمة
رد مع اقتباس
 
 
  #13  
قديم 08-23-2010
سليم سليم غير متواجد حالياً
عضو مرابط
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 554
افتراضي رد: النكات البلاغية في ايراد الصفات الثنائية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وأما تفصيل الآيات التي ذكرت " الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ":
1.آية الفاتحة:" بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ "ونُحتت منها البسملة,والبسملة تعني قول" بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ",وقد اختلف العلماء في كونها آية من كل سورة أو أنها آية من سورة الفاتحة فقط.
وبيان هذه المسألة :
يقول الله تعالى:" إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ"," ويقول الله سبحانه وتعالى:"ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَـذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاء نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَي", فهذا يبين لنا أن القرآن الذي بين أيدينا لم يطرأ عليه تغيير أو تبديل,والقرآن وصلنا عن طريق التواتر,والتواتر هو الخبر اليقين,وكل خبر غير يقين يعتريه الظن,وكل خبر يُختلف فيه فهو غير يقين, والبسملة أُختلف فيها وهذا يعني أن خبرها ليس يقينًا....قال الباقلاني:" لو كانت التسمية من القرآن لكان طريق إثباتها إما التواتر أو الآحاد، والأول: باطل لأنه لوثبت بالتواتر كونها من القرآن لحصل العلم الضروري بذلك ولامتنع وقوع الخلاف فيه بين الأُمَّة، والثاني: أيضاً باطل لأن خبر الواحد لا يفيد إلا الظن فلو جعلناه طريقاً إلى إثبات القرآن لخرج القرآن عن كونه حجة يقينية، ولصار ذلك ظنياً، ولو جاز ذلك لجاز ادعاء الروافض أن القرآن دخله الزيادة والنقصان والتغيير والتحريف» ا هـ
وقال إبن العربي في كتابه «أحكام القرآن» : يكفيك أنها ليست من القرآن الاختلافُ فيها، والقرآن لا يُختلف فيه ا هـ.
وزاد عبد الوهاب فقال: «إن رسول الله بين القرآن بياناً واحداً متساوياً ولم تكن عادته في بيانه مختلفة بالظهور والخفاء حتى يختص به الواحد والاثنان؛ ولذلك قطعنا بمنع أن يكون شيء من القرآن لم ينقل إلينا وأبطلنا قول الرافضة إن القرآن حِمْل جَمَل عند الإمام المعصوم المنتظر فلو كانت البسملة من الحمد لبيّنها رسول الله بياناً شافياً» ا هـ
وهناك بعض الأدلة من السنة على عدم ذكر آية البسملة كونها آية من كل سورة, مثال ذلك قول الرسول عليه الصلاة والسلام:" قسمت الصلاة نصفين بيني وبين عبدي فنصفها لي ونصفها لعبدي ولعبدي ما سأل، يقول العبد:" ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ " ، فأقول: حمدني عبدي "
وحديث أُبيّ بن كعب في «الموطأ» و«الصحيحين» أن رسول الله قال له: " ألا أعلمك سورة لم يُنْزَل في التوراة ولا في الإنجيل مثُلها قبل أن تخرج من المسجد " قال: بلى، فلما قارب الخروج قال له: كيف تقرأ إذا افتتحت الصلاة؟ قال أبيٌّ فقرأت :" :" ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ ", حتى أتيت على آخرها، فهذا دليل على أنه لم يقرأ منها البسملة.
عن أنس بن مالك من طرق كثيرة أنه قال: صليت خلف رسول الله وأبي بكر وعمر فكانوا يستفتحون بالحمد لله رب العالمين لا يذكرون :"بسم الله الرحمٰن الرحيم"، لا في أول قراءة ولا في آخرها.
عن عبد الله بن مغفل قال: صليت مع النبي وأبي بكر وعمر وعثمان، فلم أسمع أحداً منهم يقول:" بِسمِ ٱلله الرَّحْمٰنِ الرَّحِيـمِ ",إذا أنت صليت فقل:" ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ "عمل أهل المدينة، فإن المسجد النبوي من وقت نزول الوحي إلى زمن مالك صلى فيه رسول الله والخلفاء الراشدون والأمراء وصلى وراءهم الصحابة وأهل العلم ولم يسمع أحد قرأ " بِسمِ ٱلله الرَّحْمٰنِ الرَّحِيـمِ "في الصلاة الجهرية، وهل يقول عالم أن بعض السورة جهر وبعضها سر، فقد حصل التواتر بأن النبي والخلفاء لم يجهروا بها في الجهرية، فدل على أنها ليست من السورة ولو جهروا بها لما اختلف الناس فيها.
وروى أنس بن مالك أن النبي قال: ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ " فضل ثلاثين حسنة على سائر الكلام " وورد حديث آخر أن النبي قال: " من قال لا إله إلا الله كتبت له عشرون حسنة، ومن قال الحمد لله رب العالمين كتبت له ثلاثون حسنة "...ولم يذكر أحدهم آية البسملة.
وقال إبن عاشور في هذه المسألة:"وأنا أرى في الاستدلال بمسلك الذوق العربي أن يكون على مراعاة قول القائلين بكون البسملة آية من كل سورة فينشأ من هذا القولِ أَنْ تكون فواتح سور القرآن كلُّها متماثلة وذلك مما لا يحمد في كلام البلغاء إذ الشأن أن يقع التفنن في الفواتح، بل قد عد علماء البلاغة أَهَمَّ مواضع التأنق فاتحةَ الكلام وخاتمتَه، وذكروا أن فواتح السور وخواتمها واردة على أحسن وجوه البيان وأكملها فكيف يسوغ أن يُدَّعَى أَن فواتح سوره جملةٌ واحدة، مع أن عامة البلغاء من الخطباء والشعراء والكتاب يتنافسون في تفنن فواتح منشآتهم ويعيبون من يلتزم في كلامه طريقة واحدة فما ظنك بأبلغ كلام."اهـ
والزمخشري عند تفسيره هذه السورة بدأ بآية" ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ",ولم يفسر آية البسملة,وكذلك الطبري,والبيضاوي وإبن عجيبة,وإبن عادل وغيرهم.
فهذه أدلة على أن البسملة ليست آية من كل سورة,وأما أنها تُقرأ عند كل سورة فذلك للأسباب التالية:
1. أمر الرسول عليه الصلاة والسلام الافتتاح بالتسمية في الأمور المهمة ذوات البال ,فقد ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال:"كل أمر ذي بال لا يُبدأ فيه بسم الله الرحمٰن الرحيم فهو أقطع ".
2.البسملة ,عندما كان يقرأها الرسول عليه الصلاة والسلام كانت علامة على إنتهاء سورة وإبتداء سورة آخرى...فقد جاء عن الصحابة أنهم لم يعلموا أن السورة إنتهت وبدأت سورة آخرى إلا عند سماعهم الرسول عليه الصلاة والسلام يبسمل.
3.والبسملة كتبت للفصل بين السور ليكون الفصل مناسباً لابتداء المصحف، ولئلا يكون بلفظ من غير القرآن، وقد روى أبو داود في «سننه» والترمذي وصححه عن ابن عباس أنه قال: قلت لعثمان بن عفان: «ما حملكم أن عمدتم إلى براءة وهي من المئين وإلى الأنفال وهي من المثاني فجعلتموهما في السبع الطوال ولم تكتبوا بينهما سطراً بسم الله الرحمٰن الرحيم»، قال عثمان كان النبي لما تنزل عليه الآياتُ فيدعو بعض من كان يكتب له ويقول له ضع هذه الآية بالسورة التي يذكر فيها كذا وكذا، أو تنزل عليه الآية والآيتان فيقول مثل ذلك، وكانت الأنفال من أول ما أنزل عليه بالمدينة، وكانت براءة من آخر ما أنزل من القرآن وكانت قصتها شبيهة بقصتها فقُبِض رسول الله ولم يبين لنا أنها منها، فظننتُ أنها منها، فمن هناك وضعتُها في السبع الطوال ولم أكتب بينهما سطر بسم الله الرحمٰن الرحيم.
الملاحظ في آية الفاتحة أنها آية استهلال وبدء كلام, فكان من الواجب بيان أن المبتدئ به هو الله وهو رحمن ورحيم,وخير ما يستهل به المرء كلمه هو اسم الله الرحمن الرحيم, وفي هذا غاية الإظهار لعظمة الله تعالى وحث على التبري عن الحول والقوة إلا بالله وإشارة إلى أن قدر العباد غير مستقلة في الأفعال فحمل تبنة كحمل جبل إن لم يعن الله الملك المتعال,وإن لم يرحم الرحمن ذو الرحمة المطلقة الممتلئة, والرحيم بكل خلقه.وهي تكون في صلاة والمرء عندما يقف بين يدي الجبار يطلب رحمته المطلقة وعطفه الواسع,حيث قال رسول الله عليه الصلاة والسلام:"لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب".
وذكر الرحمن أولًا من باب تناول جلائل النعم وعظائمها وأصولها، فأردفه بـ(الرحيم) كالتتمة والرديف ليتناول ما دقّ منها ولطف
.
__________________
رمضان أسم حروفه ناصعة=فالراء رحمة من الله واسعة
وميمه مغفرة منه جامعة=والضاد ضياء جنة رائعة
والألف احسان وألفة ماتعة=ونونه نُزل الصائمين ناعمة
رد مع اقتباس
 
 
  #14  
قديم 08-24-2010
سليم سليم غير متواجد حالياً
عضو مرابط
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 554
افتراضي رد: النكات البلاغية في ايراد الصفات الثنائية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
والآية الثانية من نفس سورة الفاتحة فقد جاءت لنكتة بلاغية دقيقة,وذلك من أجل العناية بالرحمة أكثر منها بسائر الأمور,وأيضًا لأن الآية السابقة ذكرت "رب العالمين" وحيث أن لفظ رب قد يدل على السيد والملك من دون الله فأعادها لبيان أن هذا الرب هو الله الرحمن الرحيم,ونلاحظ أيضًا أن " مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ" جاءت بعد " ٱلرَّحْمـٰنِ ٱلرَّحِيم" ليقول لنا الله لا تغتروا بمضاعفة وتكرار رحمتي فإني مالك يوم الدين,وإلي مصيركم أجمعين,وهذه له وحده حيث لا يبقى إلا وجهه ذو الجلال والإكرام.
وأما آية البقرة:" وَإِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلرَّحْمَـٰنُ ٱلرَّحِيم ",فقد جاء بهذين الاسمين(الصفتين) " ٱلرَّحْمـٰنِ ٱلرَّحِيم"، أي المنعم بجلائل النعم ودقائقها وهما للمدح وفيهما تلميح لدليل الألوهية والانفراد بها لأنه منعم، وغيره ليس بمنعم وليس في الصفتين دلالة على الحصر ولكنهما تعريض به هنا لأن الكلام مسوق لإبطال ألوهية غيره فكان ما يذكر من الأوصاف المقتضية للألوهية هو في معنى قصرها عليه تعالى.
وآية النمل:" ." إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ",فإن النكتة البلاغية فيها كونها رسالة من نبي من أنبياء الله, ومن دأب الأنبياء والرسل أن يفتتحوا رسائلهم بالبسملة, فهي هنا بسملة وليس فقط ايراد الصفتين"الرحمن الرحيم",فكانت عنوان رسالة نبي إلى ملك آخر ليس على دينه, وهكذا فعل الرسول عليه الصلاة والسلام وكان قبل نزول آية هود:" بِسْمِ ٱللَّهِ مَجْريٰهَا وَمُرْسَاهَا" يكتب باسمك اللهم,وبعد أن نزلت هذه الآية أصبح يكتب البسملة. وهذا هو الأصل في رسائل الملوك وليس ما يفعلونه اليوم حيث يبدأون باسم الملك أو رئيس الجمهورية أو غيرها من ألقاب الزعامة والرئاسة, وذلك لأنهم بُتر غلف بهت.

وأية فصلت:" تَنزِيلٌ مِّنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ",فيها أيضًا نكتة بلاغية لذيذة, فالمسألة هنا مسألة إنباء وإخبار أن القرآن منزل من عند الله ,وتنزيله رحمة للعباد,وأن هذه الرحمة من عند الله الرحمن الرحيم,وهي آية استهلال تظهر البراعة في تنزيل الرحمة وتطمين المتلقي,فالقرآن رحمة للعباد كما هو رحمة للرسول, فأنزله رحمة وليس نقمة ,كما يقول الله تعالى في سورة طه:" مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى".
وأما في آية الحشر:" هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ",ووجه تعقيب صفة عموم العلم بصفة الرحمة أن عموم العلم يقتضي أن لا يغيب عن علمه شيء من أحوال خلقه وحاجتهم إليه، فهو يرحم المحْتاجين إلى رحمته ويُهْمِل المعاندين إلى عقاب الآخرة، فهو رحمان بهم في الدنيا،ونلاحظ أن التعقيب جاء بضمير الغائب"هو" وذلك للتأكيد وربط أول الآية بآخرها, حيث قال في أولها :" :" هُوَ اللَّهُ",وعقب الآية بقوله تعالى:" هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ", فالله هو الرحمن الرحيم.
__________________
رمضان أسم حروفه ناصعة=فالراء رحمة من الله واسعة
وميمه مغفرة منه جامعة=والضاد ضياء جنة رائعة
والألف احسان وألفة ماتعة=ونونه نُزل الصائمين ناعمة
رد مع اقتباس
 
 
  #15  
قديم 08-30-2010
سليم سليم غير متواجد حالياً
عضو مرابط
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 554
افتراضي رد: النكات البلاغية في ايراد الصفات الثنائية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

2.
"الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ"


"العزيز الرحيم" كما هو واضح مؤلف من اسمين,الأول"العزيز" والثاني" الرحيم",وأما معنى العزيز, فالملاحظ أن اللفظ المؤلف من حرف العين ويليه الزاي وهذا الاجتماع يدل على المنعة والشدة,مثل عزّ وعزّز وعزم, والعزيز قد يكون مشتق من عّزّ يَعِزُّ بكسر العين,أو بضم العين _يَعُزّ_ أو بفتحها _يعَزّ_,فالأول يعني لا مثل له ولا ند ولا نظير,أو يعني ما ندر وقل وجوده,والمعنى الأول هو الذي يليق برب العزة سبحانه وتعالى,والثاني_بضم العين_ يعني الغالب القاهر الذي لا يُغلب ولا يُقهر,والقادر الذي لا قدرة لمخلوق مع قدرته, وهذا أيضًا يليق بالله عز وجل,ومنه قول الله تعالى في سورة ص:" إِنَّ هَذَآ أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِي نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي ٱلْخِطَابِ"’ أي غلبني في مخاطبته وقهرني بحجته,ومنها قول العرب:"من عزّ بزّ",أي من غلب سلب.
وقال جرير:
يعزُّ على الطريق بمنكبيه=كما ابترك الخليع على القداح
وقد تردد "العزيز" في القرآن الكريم هكذا مفردًا معرفًا في أربع آيات,وكلها في حق البشر_عزيز مصر زمن سيدنا يوسف عليه السلام_,وفي ستين آية مقرونًا باسم آخر وهي في حق الله سبحانه وتعالى,وأما نكرة فقد جاء في خمس وثلاثين آية ,في تسع وعشرين آية في حق الله تعالى, وست آيات في حق غيره من مخلوقاته وكلها تحمل تقريبًا نفس المعنى وهو الشديد أو المنيع,والآيات التي جاء فيها نكرةهي:
1." لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ",التوبة 128,نلاحظ هنا أنه عُدّي بعلى وهذا يدل على معنى الثقل والشدة على النفس,قال بشر بن عوانة في ذكر قتله الأسد ومصارعته إياه:
فقلت له يعز علي أني = قتلت مناسبي جلدًا وقهرًا
2." قَالُواْ يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيراً مِّمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفاً وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ",هود 91,أي لأنّك هَيّنُ علينا ومحقّر عندنا وليس لك من ينصرك منّا,فلا عز له ولا منعة.
3." وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ",إبراهيم 20, أي ليس على الله أي شيء صعب أو شديد,فهو يأتي بخلق جديد ويؤمن به وما ذلك عليه ببعيد أو صعب أو ممتنع لأنه هو القاهر فوق عباده.
4." وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ",فاطر 17,وتعني ما عنت آية إبراهيم.
5." إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ",فصلت 41,أي كتاب منيع من عند عزيز قوي شديد.
6." َيَنصُرَكَ اللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً",الفتح 3,أي نصرًا ذا عزة لا ذل فيه.
__________________
رمضان أسم حروفه ناصعة=فالراء رحمة من الله واسعة
وميمه مغفرة منه جامعة=والضاد ضياء جنة رائعة
والألف احسان وألفة ماتعة=ونونه نُزل الصائمين ناعمة
رد مع اقتباس
 
 
  #16  
قديم 08-31-2010
سليم سليم غير متواجد حالياً
عضو مرابط
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 554
افتراضي رد: النكات البلاغية في ايراد الصفات الثنائية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وأهم الملاحظات على ورود "العزيز" في القرآن:
1.لم يرد في القرآن الكريم مفردًا معرفًا دالًا على الله سبحانه وتعالى,وإنما أطلق على البشر,وعندما يطلق على إنسان فهذا يدل على منعته وقوته ومكانته بين الناس,كما هو ملاحظ في قصة عزيز مصر.
والوجه البلاغي في هذا أن الاسم قد يطلق على المخلوقات وليس خاصًا لله تعالى.
وعند ايراده مفردًا نكرة لا يكون إلا في حق مخلوقات الله,ولم يأت مفردًا نكرة في حق الله في أي آية من آيات القرآن,فقد جاء في حق الكتاب والنصر وأمر الخلق.
2.لم يرد دالًا على الله تعالى إلا مقترنًا باسم آخر,مثل الرحيم, الحليم,الحكيم,الحميد,الغفور,الجبار,وغيرها.
3.لم يرد في القرآن كلمة فاصلة مثل "الغفور العزيز " إلا مع صفة واحدة وهي "القوي" معرفة أو نكرة "قوي",وجاء في سبع آيات ,آيتان بالتعريف وخمس بالتنكير,فأما آيات التعريف فهي:
_ "َلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحاً وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ",هود 66.
_"اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ العَزِيزُ
,الشورى19.
وأما بالتنكير:
_"ٱلَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَن يَقُولُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ وَلَوْلاَ دَفْعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا ٱسمُ ٱللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ ٱللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ"الحج,40.
_" مَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ ٱللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ",الحج 74.
_"لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِٱلْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ ٱلْكِتَابَ وَٱلْمِيزَانَ لِيَقُومَ ٱلنَّاسُ بِٱلْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا ٱلْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِٱلْغَيْبِ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ",الحديد 24.
_" كَتَبَ ٱللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَاْ وَرُسُلِيۤ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ",المجادلة 21.
_"وَرَدَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُواْ خَيْراً وَكَفَى ٱللَّهُ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱلْقِتَالَ وَكَانَ ٱللَّهُ قَوِيّاً عَزِيزاً",الأحزاب 25
والوجه البلاغي في هذا _أي اجتماع القوة والعزة_ وهما من صفات الغلبة والمنعة والقهر والإنتقام,أن جاءت عقب كلام اقتضى ذلك,ففي آية هود جاء بعد أن ساق الحديث عن أمر الله وتنجية صالح عليه السلام ومن آمن معه.
وفي آية الحج جاءت بعد وعد الله بنصر دينه وعزته.وفي آية الأحزاب فقد جاءت لدفع الوهم الذي قد يحصل في نفوس بعض الضعفاء وموافقتهم الكفار بأن الريح هي التي كانت السبب في رجوعهم وهزيمتهم,فأثبت الله لنفسه العزة والقوة ليبيّن للمؤمنين ويزيدهم إيمانًا بأن الله هو الغالب القاهر المتنع.
4.أكثر الاسماء اقترانًا بالعزيز هو"الحكيم" حيث ورد في سبع وأربعين آية,تسعة وعشرون معرفة وثمانية عشر نكرة, ويليه اسم "الرحيم" حيث ورد في ثمانية عشر آية, فالعليم " في ست آيات,فالحميد في ثلاث وكذلك الغفار,ومرتان مع الغفور,ومرة واحدة مع كل من الوهاب والمقتدر والجبار.
__________________
رمضان أسم حروفه ناصعة=فالراء رحمة من الله واسعة
وميمه مغفرة منه جامعة=والضاد ضياء جنة رائعة
والألف احسان وألفة ماتعة=ونونه نُزل الصائمين ناعمة
رد مع اقتباس
 
 
  #17  
قديم 09-02-2010
سليم سليم غير متواجد حالياً
عضو مرابط
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 554
افتراضي رد: النكات البلاغية في ايراد الصفات الثنائية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولًا:.في كل الآيات التي ذُكر فيها" الْعَزِيزُ" و" الرَّحِيمُ",قُدّم العزيز على الرحيم,ولم يرد تقديم الرحيم على العزيز في كل آي القرآن.
ثانيًا:. جاءت فواصل آيات,وكان "الرحيم" هو الكلمة الفاصلة في كل الآيات.
ثالثًا:.جاء "العزيز" فاصلة في الآيات التي اقترن "العزيز" باسم "القويّ",وهي سبع آيات,في آيتين بالتعريف وهما:
1.َ"لَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحاً وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ "هود66
2." اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ العَزِيزُ "الشورى19
وخمس آيات نكرة وهي:
1." وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ "الحج40
2." مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ "الحج74
3." وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْراً وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيّاً عَزِيزاً "الأحزاب25
4." وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ "الحديد25
5."كتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ "المجادلة21
رابعًا: تردد"العزيز الرحيم" أكثر ما يكون في سورة الشعراء,حيث جاء في تسع آيات من السورة وهي:

1."وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ",الشعراء,9
2." وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ",الشعراء,68
3." وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ",الشعراء, 104
4." وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ",الشعراء, 122
5." وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ",الشعراء, 140
6." وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ",الشعراء, 159
7." وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ",الشعراء, 175
8." وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ",الشعراء, 191
9." وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ",الشعراء, 217
وفي كلها تقدم العزيز على الرحيم,وكان الرحيم كلمة الفاصلة,وأما سبب هذا التكرار:
_سياق الآيات يدل على وجوب إظهار المنعة والقوة لأن نزول الآيات فيه مواساة وتسلية لرسول الله محمد عليه الصلاة والسلام,لتعنت المشركين وكفرهم وعدم إيمانهم برسالته,,فالآية الثانية وقوله تعالى:" تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ",يدل على تنزيل القرآن, وأن تنزيله من لدن عزيز قوي ذي إنتقام,وتبعها قوله تعالى:" لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلاَّ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ",وفي هذه تسلية لسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام ,وهي من باب رحمة الله برسوله الكريم,ف:" وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ", ومن باب تسلية الرسول محمد عليه الصلاة والسلام قصّ القرآن أنباء الرسل والأنبياء من قبله,وكيف كفرت أقوامهم برسالاتهم, فابتدأ القصص بسيدنا موسى عليه السلام,حيث قال:" وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ",وسرد ما حصل مع قوم فرعون وإغراقهم ونجاة موسى ومن معه من بني إسرائيل,وكيف أن منهم من كفر بعد كل تلك الآيات والمعجزات ,حيث قال تعالى:" ثُمَّ أَغْرَقْنَا الآخَرِينَ* إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ", ومن الملاحظ أن قول الله تعالى:" وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ",جاء بعد قصة كل نبيوقوله تعالى:" إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ" ,فذكر الله تعالى سيدنا إبراهيم بعد موسى, فنوح فهود فصالح فلوط فشعيب عليهم السلام أجمعين,وختم السورة بذكر سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام, فكانت فاتحة السورة وخاتمتها في حق القرآن والرسول عليه الصلاة والسلام.
فكان الجو العام يستدعي بيان العزة والمنعة والقوة ,فالقرآن من عند العزيز الجبار,عز نبيه بالقرآن وذل الكافرين,ورحم الله رسوله بتنزيل الكتاب على قلبه كما رحم الناس بتبليغهم إياه.فوافقت اسماؤه الجو العام للسورة من عزّ وقوة ومنعة ورحمة للعالمين.
__________________
رمضان أسم حروفه ناصعة=فالراء رحمة من الله واسعة
وميمه مغفرة منه جامعة=والضاد ضياء جنة رائعة
والألف احسان وألفة ماتعة=ونونه نُزل الصائمين ناعمة
رد مع اقتباس
 
 
  #18  
قديم 09-03-2010
سليم سليم غير متواجد حالياً
عضو مرابط
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 554
افتراضي رد: النكات البلاغية في ايراد الصفات الثنائية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وأما الآيات الآخر التي جاء فيها "العزيز الرحيم" فهي:
1."بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ",الروم 5
2."ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ",السجدة 6
3." ."تَنزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ",يس 5
4." إِلَّا مَن رَّحِمَ اللَّهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ",الدخان 42
وسوف يأتي بيانها في مكانها إن شاء الله.
_الشعراء هي السورة الوحيدة التي حلف فيها الناس بعزة فرعون, وهي عزة كاذبة فاسدة ضالة,فالعزة الحقة هي لله ومن الله وبالله,قال الله تعالى :"َأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ", فردًا على هؤلاء السحرة أثبت الله سبحانه وتعالى عزته في تسع آيات من سورها,ليبن للناس أجمعين من مؤمنين وكافرين أن العزة لله, كما يقول الحق :"وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ".
خامسًا:تقديم "العزيز" على "الرحيم" وللأسباب التالية:
1.قدم "العزيز" لمناسبة استهلال السورة وما بدأ به,فقد بدأ بذكر الكتاب وتنزيله أولًا,وثانيًا بيان حزن الرسول عيه الصلاة والسلام بسبب إعراض المشركين,وثالثًا بيان قدرة الله على إنزال العذاب العاجل بهم,ورابعًا امهالهم كي يتفكروا في خلق الله, فجاء "بالعزيز" أولًا كي يلاءم العزة في تنزيل الكتاب وألحقه بـ"الرحيم" ليوافق ما تستدعيه حالة الرسول عليه الصلاة والسلام من رحمة وشفقة على نفسه الطاهرة,وكذلك عندما ذكر انزال العذاب عليهم من السماء في قوله تعالى:"إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّن السَّمَاء آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ",فهو مقام قوة ومنعة وعزة,وأتبعه بقوله تعالى:"أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الأَرْضِ كَمْ أَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ",وفيه امهال لقومه أن يتفكروا فيؤمنوا,فهو مقام رحمة , فقد رحم الله قوم سيدنا محمد ولم ينزّل عليهم العذاب من رحمته لنبيه وحنان من لدنه.
وهذا واضح بيّن في آيات الشعراء.
2.في تقديم "العزيز" تظهر القدرة والتي هي المقصود في هذا الموطن,أو لأنه أدل على دفع المضار الذي هو أهم من جلب المصالح.
3.وفي تقديم "العزيز" على "الرحيم" نكتة اخرى ,كي لا يطمع من في نفسه مرض أن الله عجز عن معاقبتهم لو قدم "الرحيم" على "العزيز",فذكر العزيز وفيه بيان قدرته على عذابهم ثم الحقها بـ"الرحيم", فأزال هذا الوهم بذكر العزيز وهو الغالب القاهر، ومع ذلك فإنه رحيم بعباده، فإن الرحمة إذا كانت عن القدرة الكاملة كانت أعظم وقعاً.
4. نلاحظ أن آية:"إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ" سبقت آية:"."وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ",فهذا يدل على أن هناك قلة آمنت,وهذه القلة أحق بالعزة والمنعة من الرحمة, فقدّم العزيز وهو الذي يعز من يشاء وجاء بالرحيم بعدها ليدل على رحمته لهم أيضًا, فهو الله سبحانه وتعالى أعزّ هذه القلة المؤمنة ورحمها وأظهرها على المشركين
.
__________________
رمضان أسم حروفه ناصعة=فالراء رحمة من الله واسعة
وميمه مغفرة منه جامعة=والضاد ضياء جنة رائعة
والألف احسان وألفة ماتعة=ونونه نُزل الصائمين ناعمة
رد مع اقتباس
 
 
  #19  
قديم 09-04-2010
سليم سليم غير متواجد حالياً
عضو مرابط
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 554
افتراضي رد: النكات البلاغية في ايراد الصفات الثنائية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


وأما تفصيل الآيات التي ذكرت " الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ":

1.آيات الشعراء التسع,الذي نلاحظه أن ثماني آيات تكررت تماماً كما هي :" وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ",وكانت كل آية عقب قصة من قصص الأنبياء,وأولها كانت عقب تسلية الرسول محمد عليه الصلاة وتذكيره بالرسل من قبله وكفر أقوامهم وإعراضهم,أو كما قال عبد الرزاق بن عبد المسن البدر في كتابه "فقه الاسماء الحسنى":"وفيه دلالة أن ما قدّر الله لأنبيائه من النصر والتأييد والرفعة من آثار رحمته التي اختصهم بها,فكان لهم حافظًا ومؤيدًا وناصرًا ومعينًا,وما قدّره لأعدائهم من الخذلان والحرمان والعقوبة والنكال من آثار عزّته,فنصر رسله برحمته,وانتقم منأعدائه وخذلهم بعزّته,فكان ذكر الاسمين مقرونين في هذا السياق في غاية الحكمة والمناسبة".
وأما التاسعة والأخيرة كانت أيضًا بحق سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام وخطابًا له,وأمره بالتوكل على الله فهو حسبه وهو العزيز الحق الذي يعز من يشاء ويذل من يشاء وهو الرحيم وأرحم الراحمين,حيث قال تعالى:" وَتَوكَّلْ عَلَى ٱلْعَزِيزِ ٱلرَّحِيمِ",وقال ابن عاشور في تفسيرها:" وعلق التوكل بالاسمين { العزيز الرحيم } وما تبعهما من الوصف بالموصول وما ذيل به من الإيماء إلى أنه يُلاحظ قوله ويعلم نيتَه، إشارة إلى أن التوكل على الله يأتي بما أومأت إليه هذه الصفات ومستتبعاتها بوصف { العزيز الرحيم } للإشارة إلى أنه بعزته قادر على تغلبه على عدوّه الذي هو أقوى منه، وأنه برحمته يعصمه منهم. وقد لوحظ هذان الاسمان غير مرة في هذه السورة لهذا الاعتبار كما تقدم.

2. " بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ",الروم 5,قال ابن عاشور فيها:"وجملة ينصر من يشاء } تذييل لأن النصر المذكور فيها عامّ بعموم مفعوله وهو { من يشاء } فكل منصور داخل في هذا العموم، أي من يشاء نصره لحِكَم يعلمها، فالمشيئة هي الإرادة، أي: ينصر من يريد نصره، وإرادته تعالى لا يُسأل عنها، ولذلك عُقب بقوله { وَهُوَ العَزِيزُ } فإن العزيز المطلق هو الذي يغلب كل مغالب له، وعقبه بــــ { الرَّحِيم } للإشارة إلى أن عزّته تعالى لا تخلو من رحمة بعباده ولولا رحمته لما أدال للمغلوب دولة على غالبه مع أنه تعالى هو الذي أراد غلبة الغالب الأول، فكان الأمر الأول بعزته والأمر الثاني برحمته للمغلوب المنكوب وترتيب الصفتين العليتين منظور فيه لمقابلة كل صفة منهما بالذي يناسب ذكره من الغلبين، فالمراد رحمته في الدنيا.

3." ذٰلِكَ عَالِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ ",السجدة 6,في هذه الآية ذكر الله تعالى "العزيز" لما تقدم من ذكر الكتاب وأنه من عند الله ولا ريب في هذا, وذكر خلقه السموات والأرض,وتدبيره الأمر بينهما,فعقب بـ"الرحيم",فالقرآن من عند العزيز الحق الغالب القاهر وهو الرحيم بعباده بهدايته وتنزيله الفرقان.أو أنه خلق الخلق بمحض قدرته بدون معين، فالعزة وهي الاستغناء عن الغير ظاهرة، وأنه خلقهم على أحوال فيها لطف بهم فهو رحيم بهم فيما خلقهم إذ جعل أمور حياتهم ملائمة لهم فيها نعيم لهم وجنبهم الآلام فيها. فهذا سبب الجمع بين صفتي " العزيز " و " الرحيم " هنا على خلاف الغالب من ذكر " الحكيم"مع " العزيز".

4." تَنزِيلَ ٱلْعَزِيزِ ٱلرَّحِيمِ ",يس 5,في هذه الآية نلاحظ أن الله عزوجل أقسم وأجاب القسم وأقر وأثبت فحوى القسم,فأثبت نبوة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام بعد أن استكبر الكفار نبوته,فكان المقام مقام اثبات مع عزة,واقرار مع قدرة فأورد اسمًا مما اصطفاه لنفسه من اسماء,ومعن يدل على الرفعة والعلو,فأعز رسوله الكريم بلا ضعف ولا وهن ولا هوان,فأسند التنزيل للعزيز الرحيم مباشرة دون تبعيض ولا إجزاء,فلم يقل"تنزيل من العزيز الرحيم",وذلك لاتمام العزة واظهار القوة والسلطان في أمر تنزيل القرآن,وقرن العزيز بالرحيم لأن المسألة مسألة تنزيل القرآن وارسال النبي,فالله سبحانه وتعالى عزيز بتنزيل القرآن,وهو رحيم بارسال الرسول,فوافقت هنا الأسماء مقام العزة والرحمة.

5." إِلاَّ مَن رَّحِمَ ٱللَّهُ إِنَّهُ هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيم ",الدخان 42,في هذه الآية استئناف بياني هو جوابٌ مجمل عن سؤال سائل عن تعيين من رحمهُ الله، أي أن الله عزيز لا يُكرهه أحد على العدول عن مراده، فهو يرحم من يَرحمه بمحض مشيئته وهو رحيم، أي واسع الرحمة لمن يشاء من عباده على وفق ما جرى به علمه وحكمته ووعدُه.ثم إن المقام مقام رهبة وخوف وذل وضعف,فهو يوم الميقات فيه يعز الله من يشاء ويرحم,ويوم لا تنفع عزة إلا عزة الله ولا تجدي رحمة إلا رحمته سبحانه وتعالى.
__________________
رمضان أسم حروفه ناصعة=فالراء رحمة من الله واسعة
وميمه مغفرة منه جامعة=والضاد ضياء جنة رائعة
والألف احسان وألفة ماتعة=ونونه نُزل الصائمين ناعمة
رد مع اقتباس
 
 
  #20  
قديم 09-05-2010
سليم سليم غير متواجد حالياً
عضو مرابط
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 554
افتراضي رد: النكات البلاغية في ايراد الصفات الثنائية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



"الْغَفُورُ الرَّحِيمُ"


" الْغَفُورُ الرَّحِيمُ",مؤلف من " الْغَفُور" و " الرَّحِيم",والغفور فعول من غفر وتعني ستر,وهي للمبالغة كما غفاّر,وقد ذكر الزجاج في كتابه"تفسير أسماء الله الحسنى"أن أبي علي قطرب فرق بينهما,فقال:"أن يكون الغفور في ذنوب الآخرة,والغفارُ الذي يسترهم في الدنيا فلا يفضحهم.
وقال الأصفهاني:"وقيل: أغفروا هذا الأمر ,أي: استروه بما يجب أن يستر به".
وجاء في لسان العرب:"غفَر الشيءَ يغفِرهُ غَفْرًا سترهُ, والمتاع في الوعاءِ أدخلهُ وسترهُ والشيب بالخضاب غطَّاهُ,قال الشاعر:
حتى اكتسيتُ من المشيبِ عمامةً = غفراءَ أغفَرَ لونُها بخضاب
وقال الزبيدي في "تاج العروس":"والغَفُورُ. والغَفَّارُ - والغافِرُ -: من صفاتِ الله تَعَالَى، وهُمَا من أَبْنِيَةِ المُبَالَغَة، ومعناهُما، السّاتِرُ لِذُنوبِ عِبَادِه، المُتَجَاوِزُ عن خَطاياهُمْ وذُنُوبِهم.
وهي للمبالغة في كثرة عدد ما يغفر الله من ذنوب,وتفيد الثبوت والدوام.
وقد جاءاسم الله في غفره الذنوب وسترها في صيغ ثلاث:اسم الفاعل:غافر, وفعّال :غفّار, وفعول :غفور,فأما غافر لم يأت مفردًا هكذا وإنما مضافًا إلى الذنب, وجاءت في آية واحدة, وهي في سورة غافر:" غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ", والوجه البلاغي كونه جاء مضافًا لدلالتها على مجرد وقوع الحدث,أي غفران الذنب.
وغفًار جاء في خمس آيات, أثنتان نكرة وهما:
1."وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى",طه
2."فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً",نوح
وثلاث آيات معرفًا ومقرونًا باسمه العزيز وهي:
1."رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ",ص
2."خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ",الزمر
3." َدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ",غافر.
وغفّار على هذه الصيغة تفيد التعدد والتكرار,ففي آية طه نلاحظ أن الله تعالى علق الغفران بالتوبة والإيمان والعمل الصالح والهداية, فالله سبحانه يغفر الذنب للعبد إذا قام بهذه الأمور الأربعة.
وأما " الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ ",فالوجه البلاغي في إيرادها: فإن وصف " العزيزُ "كناية عن أنه يفعل ما يشاء لا غالب له فلا تُجدي المشركين عبادةُ أوليائهم، ووصفَ " الغَفَّارُ " مؤذن باستدعائهم إلى التوبة باتباع الإِسلام. وفي وصف " الغَفَّارُ " مناسبة لذكر الأجل لأن المغفرة يظهر أثرها بعد البعث الذي يكون بعد الموت وانتهاء الأجل تحريضاً على البدار بالتوبة قبل الموت حين يفوت التدارك.
و"غفور" مفردًا جاء في آية واحدة في سورة الإسراء:"إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُوراً",فالملاحظ أن "غفور" لم تقرن هنا باسمه الرحيم,والوجه البلاغي يكمن في سياق الآيات,فقد جاءت هذه الآية بعد أمر الله بعبادته وحده والإحسان بالوالدين,وعلق المغفرة بالإنابة وجاء بصيغة فعّال "أوّاب" في قوله تعالى:" لِلأَوَّابِينَ " أيالمداومين على التوبة والاستغفار,فالذنب مغفور وأما الرحمة فعلمها عند الله إن شاء رحم وإن شاء عاقب, وفي هذه تنويه على عظيم الإحسان بالوالدين.
الغفور ورد في القرآن الكريم في إحدى وتسعين آية,معرفًا ومفردًا ومقرونًا باسم آخر.
فقد جاء معرفًا مقرونًا باسم الرحيم في ثماني آيات سبع منها كان "الرحيم" كلمة الفاصلة, وواحدة "الغفور" كان الفاصلة.,ونكرة في أربع وستين آية, ومعرفًا مقرونًا باسم الودود,والعزيز,و"ذو الرحمة" مرة واحدة لكل منها,
ونكرة مقرونًا باسم "حليم" في أربع آيات "غفور حليم", "حليم غفور" في آيتين,وكذلك مقرونًا باسم"عفو" في أربع آيات,ومقرونًا باسم "شكور" في ثلاث آيات,وغفور في آيتين.
__________________
رمضان أسم حروفه ناصعة=فالراء رحمة من الله واسعة
وميمه مغفرة منه جامعة=والضاد ضياء جنة رائعة
والألف احسان وألفة ماتعة=ونونه نُزل الصائمين ناعمة
رد مع اقتباس
 
إضافة رد

أدوات الموضوع ابحث في الموضوع
ابحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 07:00 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.2
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.