ثمانية شهداء في غزة ومائة شهيد في درعا
قامت قوات العدو الصهيوني بغارة على قطاع غزة، سقط فيها ثمانية شهداء، أربعة مقاومين وأربعة من الأطفال المدنيين العزل، كما قام الجيش السوري الباسل بمداهمة مدينة درعا، وقتل مائة شخصاً في يوم واحد هو يوم الأربعاء الدامي (واليوم وصل العدد إلى ثلاثمائة). عدد القتلى في غزة عشرعدد القتلى في درعا أو أقل، رغم أن غزة تعتبر في حالة حرب مع الكيان الصهيوني أما درعا فأبناؤها المسالمون خرجوا في مظاهرة سلمية يطالبون بحقوقهم من رئيسهم الذي يعلن دوماً أن الحريات في بلده لا تقارن إلا بالحريات في الدانمارك والسويد، وأن حق التظاهر والتعبير عن الرأي مكفول لكل المواطنين.
ذنب الفلسطينيين هو أنهم يرفضون الاحتلال الإسرائيلي لبلدهم ويتوقون إلى التحرر التام وإلى إقامة دولتهم الحرة، وذنب السوريين أيضاً أنهم يريدون التحرر من ربقة النظام السوري الجاثم على صدورهم منذ أربعين عاماً والتحرر من قانون الطوارئ الذي يحكمهم منذ ثمانية وأربعين عاماَ، والتحرر من حكم الحزب الواحد.
القاتل في غزة هو العدو الصهيوني بقياداته المجرمة في تل أبيب، والقاتل في درعا هو الوالي الإسرائيلي على سوريا الدكتور بشار الأسد.
هدف الإسرائيلين قمع وكبت الفلسطينيين، وهدف بشار الأسد قمع وكبت الشعب السوري، الذي أحس بعد أن هبت ريح الحرية في العالم العربي أنه ليس أقل من غيره من الشعوب العربية التي نالت حريتها أو التي في طريقها إلى نيل حريتها. هذا الشعب الصابر منذ أربعين عاماً على الجور والطغيان والفساد والقتل والمجازر والاعتقالات والسرقات، وعلى كل ما يتميز به أفسد نظام دكتاتوري في العالم.
الإسرائيليون سمحوا لأهالي الشهداء بالصلاة على شهدائهم ودفنهم، أما النظام السوري فقام بقتل المشيعين العائدين من الجنازة الأولى ليلحقهم بإخوانهم من قافلة الشهداء الأولى. في غزة سيارات الإسعاف كانت تنقل الجرحى والمصابين دون أن يعترض طريقها أحد، أما في درعا فقد منع الناس من إخلاء الجرحى والقتلى واضطروا لتركهم في الطرقات، كما أنهم الآن محاصرين في بيوتهم مع جرحاهم وقتلاهم، وقد اضطروا في الأيام السابقة أن يداووا الجرحى في المسجد لعدم إمكانية نقلهم إلى المشافي خشية اعتقالهم. ونداءات الاستغاثة تصل من المستشفيات ومن العيادات.
في غزة قتل أطفال، وفي درعا اعتقل النظام الشهر الماضي الأطفال وعذبهم في أقبية المخابرات لأنهم أوهنوا عزيمة الأمة وأضعفوا نفسيتها بكتابتهم شعارات ضد النظام على جدران مدارسهم. ثم أكمل النظام جريمته بقتل الطفل منذر المسالمة 14 سنة، وطفلة أخرى عمرها 13 سنة، والسيدة الشهيدة ابتسام المسالمة البالغة من العمر 30 سنة.
إعلام النظام بخطابه المتخشب من القرن الماضي احتار كيف يشرح للعالم ماذا يحصل في درعا، فمرة يقول إنها حركة أناس مندسين، ثم يقول إنهم متسللون من الخارج من جماعة ريبال الأسد وعبد الحليم خدام، ثم يقول إنهم فلسطينيون متطرفون، أخيراً اكتشف النظام أنهم عصابة مسلحة تختبئ في المسجد وتخبئ فيه أسلحة ونقود. ونحن لو سلمنا بنظرية العصابة هذه فهل تسير العصابة في مظاهرة فيها عشرة آلاف إنسان كلهم معروفون من أهل المدينة، ليطلق عليهم الأمن النار؟ ثم إذا كان أفراد العصابة مندسين وسط المعتصمين والمتظاهرين، فهل نقتل كل المتظاهرين والمعتصمين لنقضي على العصابة، والله إن الإنسان العاقل والطفل الصغير وكل من في رأسه ذرة عقل لا يمكن أن يصدق كلمة واحدة مما يقوله هذا النظام الذي عودنا منذ نشأته على أكاذيبه التي لا تصدق، وعلى قصصه ورواياته المزعومة التي هي أشبه بحكايات ألف ليلة وليلة ومغامرات السندباد البحري.
اليوم طلع علينا مفتي النظام الذي باع دينه بدنيا غيره ليحذر العلماء من أهل الشام من الكلام غداً على المنابر عما يجري في سوريا وفي حوران! فهل سيرضخ علماء الأمة لطلب المفتي المزور؟ وهل سيصمتون مقابل سلامتهم وسلامة أهلهم أم أنهم سيقولون كلمة حق عند سلطان جائر فيكونون أصحاب حمزة في الجنة؟ غدا يوم الملحمة وغدا سيستبين لنا الصادق من المنافق الجبان وغدا سيميز الله الخبيث من الطيب فيا علماء سوريا اختاروا لأنفسكم أين تحبون أن تحشروا. إنما هي ميتة واحدة فلتكن في سبيل الله وهو سيتولى أموركم من بعدكم أم أنكم لا تثقون بموعود الله وتثقون بمواعيد المفتي ورئيسه؟
كلمة أخيرة لمن لا يزال يعتقد أن الرئيس لا يعلم، وأن هناك حرس قديم وحرس جديد هم الذين ينفذون المذابح، وأن الفساد ليس من الرأس، وأن الرئيس هو الذي يدعم المقاومة وهو الذي سيحرر فلسطين، إلى كل هؤلاء نقول: إن ابن من باع الجولان مستعد أن يبيع دمشق ومستعد أن يدمرها أيضاَ، وإن من بيده السلطات الثلاث القضائية والتشريعية والتنفيذية هو المسؤول الأول والأخير عن كل ما يحدث وعن كل قطرة دم تسيل على أرض الوطن، فكفاكم غباءً أو تغابياَ وكفاكم حسن ظن وغفلة فلن تستفيقوا إلا على أصوات دبابات العدو أو دبابات رجال النظام تدك بيوتكم وتزلزل الأرض من تحت أقدامكم. لقد دمر أبوه حماة وهو الآن يدمر درعا وقراها، ولكن هيهات هيهات، الزمن غير الزمن والناس غير الناس ولن يتم له هذا ولو ملك عنان السماء، وسيريه شعب سوريا أنه الشعب الأبي الذي لا يقل عظمة عن شعوب تونس ومصر وليبيا واليمن.
من يحتضن المقاومة اليوم احتضن أوجلان من قبل ثم سلمه للأتراك، واحتضن كارلوس من قبل ثم سلمه للأمريكان، واحتضن أبو نضال وعرفات وكل الفصائل الفلسطينية ثم طردهم وأخرجهم أذلة صاغرين وباعهم مقابل تثبيت عرشه، وذبَحهم في لبنان، والمقاومة نفسها تتمنى لو أنها كانت في بلد غير سوريا ولكنها عاجزة حتى عن الكلام وسيأتي اليوم الذي يتكلم فيه مشعل وتتضح الحقائق. أما حزب الله الذي يقال إنه يساعد في قتل إخواننا في الجنوب فدعمه فقط من أجل المشروع الشيعي وهو ورقة ضغط سياسية ليس إلا، وكما ذبح النظام حركة أمل فليس بعيداَ أن يأتي اليوم الذي يذبح فيه حزب الله فالمصالح هي التي تحكم وليست العقائد ولا المبادئ.
أما المتشككون والمنتظرون حتى ينكشف غبار المعركة ليقرروا إلى أي صف ينحازون، فهؤلاء قد خسروا خسراناً مبيناً وسيقولون غدا كما قال أجدادهم: (ياليتني كنت معهم فأفوز فوزاً عظيماً)، إن الحياة مواقف وستسألون عن موقفكم من إخوتكم في جنوب سوريا، فهيئوا الجواب من الآن عندما ستقفون بين يدي الديان، وذلك والله موقف عظيم رهيب. لقد صبرتم أربعين سنة على الظلم والفساد والبطش وجاءت الفرصة الآن ولن تتكرر، فإما أن يقوم الشعب بوجه جلاديه وإما أن يخنع إلى الأبد.
ختاماً نقول: لقد كسر أهل درعا وأهل حوران حاجز الخوف، ولن يقف في وجههم أحد بعد اليوم، وقد أثبتوا اليوم رغم كل البطش أنهم سيعودون للتظاهر، وبشكل سلمي رائع، رغم الضحايا ورغم الجراح ورغم النزيف المتواصل، فهيا أيها الشعب السوري في دمشق وحلب وحمص وحماة والقامشلي قوموا غدا بعد الصلاة من كل مساجد سوريا فلن يستطيع المجرم أن يضع على كل مسجد مئات الأفراد من المخابرات والجيش ولن يستطيع أن يوقف زحف الشعب فإن كان المجرمون وأعوانهم مليون فنحن اثنان وعشرون مليون. وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
أمير أوغلو
الخميس 24.03.2011
بلاد الشام في حال غياب الخليفة : الأردن . سوريا . لبنان . فلسطين المحتلة . الضفة .. وغزة و اسرائيل ..
العرض العادي
