إيجار ليموزين في مطار القاهرة  آخر رد: الياسمينا    <::>    ليموزين المطار في مصر الرفاهية والراحة في خدمة المسافرين  آخر رد: الياسمينا    <::>    حفل تكريم أوائل الثانوية العامة للعام الدراسي 2023.  آخر رد: الياسمينا    <::>    دورة البادل، كانت فكرة وبالجهد نجحت  آخر رد: الياسمينا    <::>    لاونج بموقع مميز ودخل ممتاز للتقبيل في جدة حي الخالدية  آخر رد: الياسمينا    <::>    تورست لايجار السيارات والليموزين في مصر  آخر رد: الياسمينا    <::>    كود خصم تويو 90% خصم 2024  آخر رد: الياسمينا    <::>    كود خصم تويو 90% خصم 2024  آخر رد: الياسمينا    <::>    المحامية رباب المعبي تحاضر عن مكافحة غسل الأموال وتمويل الإر...  آخر رد: الياسمينا    <::>    مساعدة عائلة محاصرة في قطاع غزة يواجهون مخاطر الموت  آخر رد: الياسمينا    <::>   
 
العودة   منتدى المسجد الأقصى المبارك > المنتدى الفكري

 
إضافة رد
 
أدوات الموضوع ابحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
 
  #1  
قديم 11-01-2011
المحرر السياسي المحرر السياسي غير متواجد حالياً
عضو فعال
 
تاريخ التسجيل: Sep 2011
المشاركات: 106
افتراضي كتاب "الدولة الإسلامية والدولة المدنية" لحزب التحرير




الدولة الإسلامية
و
"الدولة المدنية"

الطبعة الأولى/ 2011


http://arabic.hizbuttahrir.org/



هذا الكتيب من إصدارات حزب التحرير
رد مع اقتباس
 
 
  #2  
قديم 11-01-2011
المحرر السياسي المحرر السياسي غير متواجد حالياً
عضو فعال
 
تاريخ التسجيل: Sep 2011
المشاركات: 106
افتراضي رد: كتاب "الدولة الإسلامية والدولة المدنية" لحزب التحرير








الدولة الإسلامية
و
"الدولة المدنية"

الطبعة الأولى/ 2011




بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة

تشهد المنطقة الإسلامية وبخاصة البلاد الناطقة بالعربية منها مخاضاً عسراً، ستكون نتائجه فاصلة إما لصالح الأمة الأسلامية، وإما لصالح الكفار بقيادة أميركا لا قدر الله. وصعيد المعركة الحقيقي ثقافي؛ أي معركة أفكار، أو ما أطلقت عليه أميركا (معركة كسب العقول والقلوب).
فالمعارك العسكرية يجري فيها قتل وتدمير معدات وممتلكات، لكن معارك أفكار ينتج عنها توجية سلوك الأمم والأفراد، وقلب أنماط حياتهم، وتغيير غاية وجودهم، فهي المعارك الأخطر والأشرس، وهي التي يدوم تأثيرها على الأمم والشعوب لعقود بل ولقرون طويلة أحياناً.
وكانت المعركة الحقيقية التي أطاحت بدولة الخلافة الإسلامية العثمانية هي معركة الأفكار، فقد هوجمت أحكام الإسلام باعتبار قصورها عن مسايرة العصر، وهوجمت رابطة الأخوة الإسلامية بإثارة النزعات العرقية، وهوجم منصب الخلافة باعتباره يمثل الاستبداد في الحكم تارة، وتارة أخرى باعتباره حكماً دينياً "ثيوقراطياً" أي حكماً إلهياً باعتبار خليفة المسلمين كالبابا عند النصارى، رغم عدم وجود وجه للمقارنة بين منصبيهما، وتم إيهام بعض المثقفين الذين ضبعتهم مفاهيم الحضارة الغربية آنذاك بأن فصل الدين عن الدولة سيحقق التقدم.
وبعد أن غدت الدولة تترنح بفعل الغزو الثقافي حيث كانت الأمة تعاني أصلاً من حالة الانحطاط الفكري، تم الإجهاز عليها بأيدي أبنائها من الداخل بتوجيه الغرب الكافر، فأعلن الخائن مصطفى كمال أتاتورك إلغاء منصب الخلافة، وأعلن تركيا دولة علمانية قومية تفصل الدين عن الحياة.
وبعد هدم الخلافة العثمانية، تقاسمت الدول الإستعمارية بلاد الإسلام، وقامت بتجزئتها إلى دول وإمارات، ورسمت بينها حدوداً، وأنشأت لكل دولة جيشاً ودستوراً وقوانين، وجعلت لكل دولة ناشئة علماً وعاصمة وحاكماً _حارساً لمصالح الغرب_، وركزت هذا الفصل بأعياد للاستقلال للاحتفال واقعياً بتجزئة بلاد المسلمين.
وكانت الدول الناشئة قد أقيمت أصلاً على أساس فصل الدين الإسلامي عن حياة المسلمين، وإبعاده عن علاقات الدولة والمجتمع ، وحصره في علاقة الفرد بالله "العبادات".
ولأن الأمة الإسلامية أمة أصيلة، فإنه مهما مورس عليها من أساليب التضليل لسلخها عن دينها وأحكامه فإنها لا تفتأ أن يشدها إسلامها؛ لأنها لا تستعذب غير نظام الإسلام، وهي إن غفلت عن تجزئة بلاد الإسلام بعد تضليلها فإنها لا تستسيغ التجزئة؛ لأن الشرع يدعو إلى نبذ التجزئة، ولذلك تميزت الأنظمة العلمانية التي حكمت بلاد المسلمين بعد هدم الخلافة بتوجيه من الغرب الكافر بالبطش والقبضة الحديدية للحيلولة دون الناس وبين خيارهم الحقيقي، حيث لم تكن العلمانية "فصل الدين عن الحياة" في يوم من الأيام خياراً حقيقياً للأمة مطلقاً.
وقد برزت في منتصف القرن العشرين بعد مضي ربع قرن تقريباً من هدم الخلافة الدعوة لاستئناف الحياة الإسلامية بإعادة الإسلام إلى أن يكون هو أساس الدولة، وعلى أساس أحكامه وقوانينه يكون احتكام الأمة، وقد نبهت هذه الدعوة الأمة من جديد للصحوة من غفلتها عن دينها الذي كان وجوده حاكماً في حياتها ومرجعاً وحيداً لتصرفاتها سبب سعادتها وعزتها ورفعتها بين الأمم.
وبعد منتصف سبعينيات القرن الماضي وبعد إعلان الثورة في إيران، وبروز حكومة تعلن لأول مرة قيامها على أساس الإسلام، تنبه المسلمون إلى إمكانية عودة الحكم بالإسلام، وتنامت وتيرة الدعوة بحماس للعودة إلى تحكيم الإسلام في الحياة. وقد أطلق الغرب على الفترة التي تلت ذلك "الصحوة الإسلامية".
ولكن أميركا التي كانت وراء قلع الشاة باستغلال تعلق الأمة الحقيقي بإسلامها، واستخدمته في ذات الفترة في إعلان "الجهاد في أفغانستان" لضعضعة الاتحاد السوفييتي، هي ذاتها التي خططت لضرب البرجين لتعلن سياسة "مكافحة الإرهاب" التي كان من أبرز أهدافها إخماد شرارة صحوة الأمة على دينها التي أخذت تشعل حماس شباب المسلمين للوعي على حقيقة الإسلام والعمل لإعادته إلى واقع الحياة بإقامة الحكم على أساسه فكانت سياسة مكافحة الإرهاب الذريعة لإيقاف تلك الظاهرة التي أخذت ترعب الغرب الكافر وعلى رأسه أميركا.
إن الغرب الكافر وعلى رأسه أميركا يدرك تمامَ الإدراك أن استمرار صحوة الأمة على إسلامها بتلك الوتيرة وذلك التسارع سيضعهم في مواجهة مؤكدة مع الإمة الإسلامية؛ لذلك سارعوا بالتخطيط بعد دراسات واسعة واستعانة بمراكز أبحاث كَرَّست جُل جُهودها لرصد تلك الصحوة ومآلاتها، ثم أخذوا بالتنفيذ الفوري لحرف تلك الصحوة ومكافحتها بكافة السبل ومن ذلك قتل شباب المسلمين المتحمسين لنصرة دينهم وسجنهم والتنكيل بهم وحرف مسارهم وتشويه سمعتهم وتشويه صورة الإسلام في عيون المسلمين وشعوب ودول العالم الأخرى، مستخدمين في هذه الأخيرة آلتهم الإعلامية الضخمة، إضافة إلى تسخير إعلام أتباعهم وأذنابهم من زعماء العصابات الذين مكنتهم من الحكم في بلاد المسلمين.
وفي سنة 2004 ميلادية وفي مؤتمر قمة الثماني وبعد مناقشات واسعة للمشروعين الفرنسي والألماني للشرق الأوسط الكبير تم الإعلان عن النسخة الأميركية للمشروع، حيث تم الابتعاد عن تسمية المشاريع المذكورة بمشروع العالم الإسلامي أو أي لفظ يشير إلى الإسلام بناءً على نصيحة خبراء، حتى لا يجري تنبه المسلمين إلى عداء الغرب الكافر وعلى رأسه أميركا للإسلام والمسلمين، رغم أن إطلاق صفة الشرق الأوسط الكبير أو الضخم وهي الأقرب للدقة (greater) حصل نتيجة لضم معظم بلاد العالم الإسلامي جغرافياً للمشروع حيث أصبح الشرق الأوسط الكبير يضم إلى جانب الدول التي أطلق عليها هذا الإسم بلاد الإسلام من أفغانستان شرقاً إلى المغرب وموريتانيا غرباً ومن تركيا شمالاً إلى اليمن والسودان جنوباً.
والغاية الأساسية من مشروع الشرق الأوسط الكبير أو الضخم هو إعادة صياغة منطقة العالم الإسلامي بما يخدم تفرد أميركا في القرن الواحد والعشرين.
وقد وجدت أميركا ان أهم ما يقتضيه الحفاظ على تفردها هو المحافظة على إبعاد الإسلام عن الحياة؛ أي المحافظة على فصل الدين عن رعاية مصالح الأمة الإسلامية ومنع الأمة من التفكير في استئناف حياتها على أساسه، ولا يتأتى ذلك إلا بإقناع الأمة بضرورة إبقاء الإسلام بعيداً عن السياسة؛ أي بعيداً عن الدولة والحكم ورعاية مصالح الأمة، وحصره في العلاقة بين العبد وربه "العبادات الروحية".
وأهم ما يقتضيه إبعاد الإسلام عن حياة المسلمين هو:
_ إيجاد القناعة لدى المسلمين أنفسهم بضرورة إبقاء الإسلام بعيداً عن الوصول إلى الحكم؛ أي بعيداً عن حياة الأمة بذرائع وحجج منها: عدم استعداء العالم على المسلمين، والخجل من صورة الإسلام الذي نجح الغرب في ربطه بـ"التطرف" و"الإرهاب" والهمجية، فضلاً عن صورة الإسلام التي سبق أن جاهد الغرب لربطها بالتخلف عن ركب العصر.
_ تركيز الفكر الغربي الذي تم تقبل بعض مصطلحاته مثل الديموقراطية والتعددية والحريات العامة، حيث كانت أولى أهداف مشروع الشرق الأوسط الكبير المعلنة نشر الديموقراطية والحكم الصالح.
_ وأخطر ما يفعله الغرب في إبعاد الإسلام الحقيقي عن الحياة هو صياغة إسلام جديد على النمط الأميركي "الإسلام الديموقراطي المدني" بإلباس مفاهيم الكفر لباساً "شرعياً" مما يسترضي مشاعر بسطاء المسلمين ويضيع في ذات الوقت معالم الإسلام الحقيقي ويميع أفكاره بحجة الإنسجام بين الإسلام والعلمانية.
و"الإسلام الديموقراطي المدني" الذي تدعو له أميركا هو العلمانية بثوب خبيث جديد، وقد خططت ليكون لتركيا دورٌ إقليمي تلعبه بإحكام في منطقة الشرق الأوسط الكبيرلنشر دين أميركا الجديد الذي تريد تعميمه بتعميم الأنموذج التركي ليكون مثالاً يحتذى لتركيز العلمانية في بلاد المسلمين، وعلى أيدي من يسمونهم بـ"الإسلاميين المعتدلين". وكان الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون قد بشر سابقاً بدور لتركيا حيث ذكر أمام البرلمان التركي "أن تركيا ستكون طليعة العالم في القرن الحادي والعشرين". ولذلك ليس مستغرباً أن يحج الغنوشي وبعض رفاقه إلى تركيا، للتعرف على جوانب التجربة التركية في التعايش بين الإسلام والعلمانية. كما أنه ليس مستغرباً أن تلعب تركيا دوراً واضحاً في أحداث المنطقة ومساندة الشعوب فيما أطلق عليه ثورات "الربيع العربي".
_ إعادة تجديد الفكر الغربي "تجديد العلمانية" بصياغة مصطلحات وشعارات جديدة وغير مستفزة لمشاعر المسلمين، وقابلة للتفسير والتأويل بما لا يخالف الإسلام، مثل استعمال ألفاظ "الحكم الصالح" "الإصلاحات" ""المجتمع المدني" و"الدولة المدنية"..الخ.

الدولة المدنية

برز مؤخراً بفعل التضليل الثقافي التي تقوم به أميركا في المنطقة فكرة الدولة المدنية، وتأثر بها كثيرون من أبناء المسلمين من خاصتهم وعامتهم، وقد تقبلها هؤلاء باعتبارها بديلاً عن حكم العسكر والطواغيت لتعبيرها عن إرادة المجتمع، واعتبرها آخرون البلسم الشافي لما هو موجود في المجتمع من تعدد ثقافي وسياسي وعرقي وديني. وجعلوا الدولة المدنية مقابل "الدولة الدينية"، وهم يقصدون بـ"الدولة الدينية" الدولة التي تقوم على أساس نظرية الحق الإلهي أو دولة الكنيسة، مسقطين ذلك على الدولة التي تقوم على أساس دين الإسلام، كما يقصدون بـ"الدولة المدنية" الدولة التي تفصل الدين عن شؤون الحياة.
وانتشرت هذه الفكرة انتشار النار في الهشيم في أوساط المثقفين والسياسيين وحتى بعض الدعاة، وأصبحت أملاً منشوداً لديهم بعد أن نادى بها من تزعموا ثورة الناس في تونس ومصر وليبيا وسورية، وروجت لها الآلة الإعلامية بقوة، وخُدع بها بسطاء الناس، وتساهلوا في جعلها شعارات للاحتجاجات والمظاهرات لتسلط أذهانهم على التخلص من الطغاة، وألبست الأمة في النهاية ثوب المطالبة بالدولة المدنية ودفعت الدماء الغزيرة مقابل ذلك.
وكان بعض الدعاة يفر إلى مفهوم "الدولة المدنية" في مقابلاتهم مع المحطات الفضائية بعد أن يُضيق عليهم النقاش في أن الإسلام يرفض قبول الآخر، ولا يقبل بوجود منظمات سياسية تحمل أفكاراً تخالف الإسلام، ظناً منهم أن فكرة "الدولة المدنية" لا تعارض الإسلام، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم أقام "دولة مدنية" في المدينة المنورة.
والحقيقة أن لكل مصطلح مدلولاً محدداً، وقد حرص الغرب الكافر على تضليل المسلمين عن حقيقة مدلول المصطلحات، وعدم إظهار تعارضها مع الإسلام.
فـ "الدولة المدنية" هي الدولة التي تفصل الدين عن الحياة؛ أي تنحيه، وتنبذ أحكامه، ولا تسمح أن تبنى العلاقات بين الناس في المجتمع على أساسه.
ذلك أن لفظ "مدني: secularity" صفة تطلق على كل ما ليس إكليركياً؛ أي كنسياً ecclesiastical ؛ أي هي بمعنى غير ديني أو بمعنى دنيوي. إذ أن هناك في الفكر الغربي "دولة دينية"، وهي الدولة السائدة في العصور الوسطى، وهناك "الدولة المدنية"، وهي الدولة التي تفصل الدين عن الحياة؛ أي أن مصطلح "الدولة المدنية" يطلق على الدولة التي تفصل الدين عن الحياة وهي الدولة العلمانية.
ومن هنا أطلق على عملية نزع الصفة أو السيطرة الإكليركيةsecularize والتي تعرف باسم العلمنة، فـ"الدولة المدنية" هي الدولة التي لا سيطرة للدين عليها ولا تتصف بالصفة الدينية.
وعليه فالمقصود إذن بـ"الدولة المدنية" هي الدولة التي تفصل الدين عن الحياة؛ أي الدولة العلمانية، واستخدم واضعو هذا المصطلح لفظ "المدنية" ليكون مقابلاً للفظ "الدينية".
أما "الدولة الدينية": فإن مما عرفته أوروبا في العصور الوسطى فكرة "الدولة الدينية" التي يسيطر عليها رجال الدين "دولة الكنيسة"، والموصوفة بأنها دولة إلهية مقدسة تستمد سلطتها من الله ولا يجوز لأحد محاسبتها لأن أوامرها مع كونها صادرة منها فهي في رأيهم إلهية لا تقبل المناقشة. كما عرفت أوروبا دولة الحق الإلهي؛ حيث كان القياصرة والملوك في أوربا وروسيا يتخذون الدين وسيلة لاستغلال الشعوب، وظلمها، ومص دمائها، وكانوا يتخذون رجال الدين مطية لذلك، ويتوسلون بهم لإبقاء ظلمهم وقهرهم للشعب. فنشأ عن هذا صراع رهيب قام أثناءه فلاسفة ومفكرون منهم من أنكر الدين مطلقاً، ومنهم من اعترف بالدين ولكنه نادى بفصله عن الحياة. حتى استقر الرأي عند جمهرة الفلاسفة والمفكرين على فكرة واحدة هي فصل الدين عن الحياة، ونتج عن ذلك طبيعياً فصل الدين عن الدولة.
وسواء كانت "الدولة الدينية" بصورة دولة "الكنيسة" أم كانت بصورة "دولة الحق الإلهي الملكي"؛ أي سواء ما وجد في أوروبا من تحكم الكنيسة في جميع شؤون الحياة، أو ما وجد من حكم الملوك باسم الحق الإلهي وتحكمهم برجال الدين، فهاتان الصورتان تعبران بشكل واضح عن "الدولة الدينية" التي نشأت في أوروبا.
وعندما نبحث في واقع "الدولة المدنية" فإننا نبحثه في مقابل "الدولة الدينية"، ومن يروج لـ"الدولة المدنية" اليوم إنما يروج لها بالمعنى المقابل لـ"الدولة الدينية"، ويمارس بعضهم التمويه عندما يجعلها مقابل "الدولة العسكرية" أو مقابل "الدولة المتخلفة". فالموضوع هو في إبعاد الدين؛ أي الإسلام، عن الحياة.
ولفظ "المدنية" كذلك لا يدل على التقدم ولا الرقي، إذ أن "المدنية" اصطلاح غربي، ولا يدل عند واضعيه لا على الرقي ولا على المدينة؛ أي ليست المدنية نقيضاً للتأخر والفساد، ولا نقيضاً للقرية أو البادية، وليست كذلك نقيضاً لسلطة العسكر كما توهم البعض، وإنما هي نقيض لسلطة الكنيسة وحسب.
ومن هنا كانت الدعوة لـ"الدولة المدنية" هي ذاتها الدعوة للعلمانية ولكن باسم جديد "تجديداً للعلمانية".

الدولة في الإسلام ليست "دولة مدنية" ولا "دولة دينية"

مما تقدم من معنى "الدولة المدنية" و"الدولة الدينية" فإن هذا المعنى لا ينطبق على الدولة الإسلامية مطلقاً، ولا شأن للدولة الإسلامية بـ"الدولة المدنية"، ولا حتى بـ"الدولة الدينية".
فالدولة الإسلامية ليست "دولة مدنية" تفصل الدين الحياة؛ لأنها تجعل الإسلام أساس وجودها وأساس كل شيء فيها.
وهي أيضاً ليست "دولة دينية" بالمعنى الروحي الكهنوتي، إذ لا يوجد أي تشابه بينهما مطلقاً، بل ما بينهما هو التناقض. ذلك أن مفهوم "الدولة الدينية الروحية" أنها دولة إلهية مقدسة تستمِد سلطتها من الله ولا يجوز لأحد محاسبتها لأن أوامرها مع كونها صادرة منها فهي في رأيها إلهية لا تقبل المناقشة.
أما الدولة الإسلامية فإنها ليست إلهية ولا مقدسة، وهي تستمد سلطتها من الأمّة؛ لأن السيادة وإن كانت للشرع ولكن الحكم والسلطان هو للأمّة تنيب عنها به الدولة. وخليفة المسلمين ينفذ الشرع الذي بويع على الحكم به. وهو ليس حاكماً مقدساً، إذ أنَّ لكل مسلم محاسبة الدولة فيما تقوم به من أعمال. وأوامر الدولة الإسلامية هي مع كونها أحكاماً شرعية تتبناها من الفقه الإسلامي فإن ما هو ظني من نصوص أدلتها أو ما دلالته ظنية منها فإنه قابل للمناقشة، بل يقبل التغيير وحتى الإلغاء باجتهاد صحيح.
لذلك لا توصف الدولة في الإسلام بـ"الدولة المدنية" لأن معنى "الدولة المدنية" هو الدولة التي تفصل الدين عن الحياة. ولا توصف كذلك بـ"الدولة الدينية" لدلالة "الدولة الدينية" على واقع يختلف عن واقع الدولة في الاسلام .

هل تشبه الدولة في الإسلام السلطة الروحية للكنيسة ؟

وحتى يتضح ذلك لا بد من إدراك معنى الروح في الإسلام نقول إن هناك بوناً شاسعاً بين معنى الروح في الإسلام وبين معناها في "الدولة الدينية الروحية".
فالروح في الإسلام هي إدراك الإنسان صلته بالله ، وإدراك الصلة بالله هو الذي يجعل الإنسان يقوم بأفعاله في الحياة حسب أوامر الله ونواهيه.
فالإنسان ليس مركّباً من جسد وروح، بل الإنسان مادة، وأعماله مادية فحسب.
والروح في أفعال الإنسان هي إدراك الإنسان لصلته بالله حين القيام بهذه الأفعال.
أمّا الروح التي يحيا بها الجسد فهي سر لا يعرف عنه شيئاً قال تعالى: {ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلاّ قليلا} .
وعندما يسير الإنسان أعماله في الدنيا حسب أوامر الله ونواهيه يكون قد أدرك صلته بالله، ويكون بذلك قد مزج المادة (أعمال الإنسان) بالروح (اوامر الله ونواهيه) وهي بالضبط فلسفة الإسلام في الحياة (مزج المادة بالروح).
وعلى ذلك فلا يوجد في تركيب الإنسان شيء يسمى الروح وهو سماوي، وشيء يسمى المادة وهو أرضي مادي، فلا يوجد شيئان في كفتين يرجح أحدهما على الآخر، وإنما يوجد شيء واحد مادي هو الإنسان وأفعاله التي يقوم بها في الحياة .
ولذلك لا يوجد في الاسلام سلطة (روحية) دينية (كهنوت) تقابلها سلطة دنيوية (زمنية)، بل جاء الإسلام لمحاربة هذه الأشياء كلها، فانعدمت فيه الناحية الكهنوتية ولم توجد عنده سلطة روحية؛ أي لم توجد لديه "الدولة الدينية" بالمعنى الكنسي الغربي.

الدولة في الإسلام إسلامية وحسب

الدولة الإسلامية ليست "دولة مدنية" يُفصل فيها الإسلام عن الحياة، كما أنها ليست "دولة دينية" بالمعنى الروحي بالمفهوم الغربي، وهي ليست سلطة روحية قائمة لترجيح كفة الروح "جزء الإنسان" على الجسد "جزئه الآخر"، ولا هي سلطة زمنية قائمة لترجيح كفة الجسد على الروح، وإنما هي دولة للحكم قائمة على عقيدة ثابتة وقيادة فكرية تنبثق عنها أنظمة الحياة التي تنفذها الدولة وتقوم بتشريع أحكامها التفصيلية باجتهاد صحيح حسب نصوصها وقواعدها العامة.
وهي دولة لها حضارة معينة هي طريقتها في الحياة، ولها عمل أصلي "وظيفة لازمة" وُجدت من أجله وهو تطبيق الإسلام وحمل الدعوة الإسلامية الى الناس.
فالأساس الذي تقوم عليه الدولة الإسلامية هو عقيدتها "العقيدة الإسلامية" وهي ما يجب على الدولة أن تحملها رسالة للعالم لإخراجه من ظلمات الكفر الى نور الإسلام.
وأمّا الحضارة التي للدولة الإسلامية أو طريقة الدولة الإسلامية في الحياة فتتميز بثلاثة أمور: أولها الأساس الذي تُبنى عليه، والثاني تصويرها للحياة، والثالث تفسيرها لمعنى السعادة.
فأساس الحضارة الإسلامية هو العقيدة الإسلامية؛ لأن مفاهيمها عن الحياة مصدرها القرآن الكريم والسنّة النبوية، وتعتمد على الاستنباط العقلي لكافة المفاهيم سواء أكانت آراءً أو أفكاراً أو أحكاماً.
وأمّا تصوير الحضارة الإسلامية للحياة فإنه تصوير فيه السمو الروحي والرقي المادي؛ لأن الحضارة الإسلامية تصور الحياة بأنها مزج المادة بالروح؛ أي جعل أعمال الإنسان مسيَّرة بأوامر الله ونواهيه، وبالتالي بالتشريع الذي تقوم الدولة على تنفيذه، ويقوم الإنسان بتنفيذه طواعية واختياراً إجابة لأمر الله، وليس على أساس المنفعة، وهذا أبدع تصوير؛ لأنه يجعل الحياة مطمئنة راقية مرفهة تضمن فيها سعادة بني الإنسان؛ لأنها تجعل السيادة للشرع على الجميع، والشرع يهدف إلى جعل المجتمع في صورة مثالية بالغة من الكمال أعلى ما يصل إليه الكمال الإنساني، وذلك بنظمه وتشريعاته وحلوله لمشاكل الحياة. فهذا التصوير يجعل الإنسان يسير وفق الشرع سيراً دائمياً طوعياً من نفسه أو قسرياً بتنفيذ الدولة.
وأمّا معنى السعادة في الحضارة الإسلامية فهو نوال رضوان الله؛ لأن السعادة في الحياة هي المثال الأعلى الذي يسعى الإنسان لبلوغه، وهو لا بد أن يكون واحداً غير متعدد ليتوحد توجيه الإنسانية نحوه. كما أنه لا بد أن يكون ثابتاً غير متغير لئلا يصبح قلقاً متزعزعاً. وأن لا يكون مادياً بل يجب أن يكون فوق المادية حتى لا تفسده المادة ولا تجعله ضيقاً ينتهي عند غاية يطلب بعدها غيرها حتى تغدو وسيلة؛ لأن المثل الأعلى يجب أن يكون غاية الغايات التي لا غاية وراءها. ولذلك كان المثل الأعلى في الحضارة الإسلامية رضوان الله لا إرضاء الضمير؛ لأن الضمير أو الوجدان يتغير بتغير الدوافع ويختلف باختلاف الأمزجة ويتعدد بتعدد الأفراد "إذ الضمير أو الوجدان هو إدراك شعوري ناتج عن الغرائز وما عند الإنسان من نتائجها من مفاهيم"، ولا هو حُسن الخُلُق ولا إشباع جوعات الجسد ولا غير ذلك مما فيه من قابلية التعدد أو التغير أو التحديد أو إمكانية جعله وسيلة لغيره حين بلوغه بعد السعي إليه.
وعلى ذلك تكون العقيدة الإسلامية وسيادة الشرع على أعمال الإنسان وجعل المثل الأعلى "رضوان الله" غاية الغايات وفوق المادة _يكون ذلك طريقة الحياة في الدولة الإسلامية_ وهو حضارتها. وأمّا العمل الأصلي للدولة ووظيفتها التي وُجدت من أجلها فإنها تنفيذ المبدأ عقيدة ونظاماً في داخل حدودها وحمل دعوته إلى باقي العالم قيادة فكرية بالدعوة وبالقوة المادية التي تحمي هذه الدعوة وتزيل الحواجز المادية التي تقف في طريقها.
هذه هي العناصر الأساسية التي تقوم عليها الدولة الإسلامية، وهي المقومات الحقيقية للدولة، وهي مفقودة في الدولة الدينية ومستكملة الوجود في الدولة الإسلامية مما يجعلها تتاقض مع الدولة الدينية وتبعد عنها أي مسحة روحية بالمعنى الكهنوتي المعطل للحياة. ولذلك كان من الظلم الفادح أن تقاس الدولة الإسلامية بالدولة الدينية التي كانت قائمة في القرون الوسطى قياساً شمولياً .
وحتى يتضح الفارق أكثر لا بد من التعرض لمدلول الدولة في الاسلام .

الدولة الاسلامية

الدولة في الإسلام قوة مقيدة التصرف بالشرع، والطريقة لتنفيذ أحكام الشرع في المجتمع الذي تحكمه، ولحمل الدعوة الإسلامية للعالم. ولذلك هي كيان تنفيذي لمجموعة المفاهيم والمقاييس والقناعات عن الحياة.
ويقوم جهاز الدولة على سبعة أركان وهي:
الخليفة "رئيس الدولة"، المعاونون لرئيس الدولة، مجلس الشورى، والجهاز الإداري، والولاة، والقضاء، والجيش.
وهذا الجهاز أقامه النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه، فقد كان يتولى شؤون الحكم وتدبير أمور الناس في سائر شؤون الحياة، قال تعالى: {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله} وكان إذا خرج من المدينة لغزوة من الغزوات أقام مكانه من يتولى أمور المسلمين نيابة عنه أثناء غيابه.
فإنه صلى الله عليه وسلم في أواخر السنة الأولى للهجرة، على رأس اثني عشر شهرا من مقدمه للمدينة، خرج إلى غزوة الأبواء واستعمل على المدينة سعد بن عبادة ليتولى شؤون المسلمين نيابة عنه، وفي غزوة تبوك حينما خرج لقتال الروم استخلف على المدينة محمد بن مسلمة. فكان عليه السلام رئيس الدولة، إذا خرج لقتال جعل مكانه من ينظر في أمور الناس.
وقد أقام عليه السلام معاونين له في شؤون الحكم؛ إذ قد خص أبا بكر وعمر بالأمور العامة، كما خص أبو بكر من بعده عمر وأبا عبيدة، وكما خص عمر عثمان وعليا. فكان أبو بكر وعمر معاونان للرسول، كما كان عمر وأبو عبيدة مع أبي بكر، وعثمان وعلي مع عمر.
أما الأمور الإدارية ورعاية مصالح الناس فقد عين صلى الله عليه وسلم لها من يقومون بشأنها، وكانوا يسمون كتابا. فقد عين زيد بن ثابت _كاتب الوحي_ يكتب إلى الملوك، وعَيَّن معيقيب بن أبي فاطمة كاتباً للغنائم، والمغيرة بن شعبة كاتباً للمداينات والمعاملات، وهكذا عين لكل مصلحة كاتباً أي لكل إدارة مديراً.
وأما الولاة فقد عين عليه السلام عتاب بن أسيد والياً على مكة وفرض له درهماً كل يوم، وولَّى معاذ بن جبل والياً على اليمن. وزياد بن لبيد على حضرموت، والعلاء بن الحضرمي على البحرين.
وأما القضاء فقد كان صلى الله عليه وسلم يحكم الناس ويفصل بينهم في الخصومات، وكان يبعث الولاة ويجعل لبعضهم حق الفصل في الخصومات، فقد عين عتاب بن أسيد والياً على مكة وقاضياً فيها كما جعل معاذ بن جبل والياً على اليمن وقاضياً فيها. وقد سار أبو بكر على ذلك إلى أن جاءت خلافة عمر، فخص الولاة بالولاية والحكم، وجعل القضاة منفردين عن الولاية، فولَّى أبا الدرداء قاضياً في المدينة، وشريحاً قاضياً في البصرة، وأبا موسى الأشعري قاضياً في الكوفة.
وأما الجيش فإن الرسول عليه السلام جعل جميع المسلمين جنداً؛ لأن الجهاد فرض على جميع المسلمين للقتال، وكان الرسول إذا غزا استنفر المسلمين فكانوا ينفرون خفافاً وثقالاً ويجاهدون بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله، ولم يكن هنالك جيش مخصص، وظل الحال كذلك في أيام أبي بكر، إلى أن جاء عمر فخصص من المسلمين جنداً جعل لهم أرزاقاً في بيت المال يكونون دائماً في عمل الجندية للجهاد، وكان باقي المسلمين كالجيش الاحتياطي يستنفرون للقتال كلما دعت الحاجة.
وأما مجلس الشورى فإن الرسول كان يستشير الصحابة في الأمور، وقد خص أربعة عشر رجلاً في الشورى، كان يرجع إليهم في أخذ الرأي، ولم يختر هؤلاء ممن هم أقدر الصحابة وأعلمهم وإنما اختارهم لأنهم نقباء على قومهم؛ أي ممثلين لهم، ولذلك اختار سبعة من الأنصار وسبعة من المهاجرين، وكانوا من النقباء فقط.
هذا هو جهاز الدولة في الاسلام، وهو قد أوجده الرسول صلى الله عليه وسلم فهو جهاز قائم متميز في شكله وفي الأسس التي يقوم عليها.

مسؤولية الدولة في الإسلام

الدولة في الإسلام وإن تولت جميع شؤون الجماعة لكنها لا تتولى عن الفرد شؤونه إلا إذا عجز عنها، فتعينه وتوفر له ما يمكنه من القيام بأموره بوصفه جزءاً من المجتمع.
وذلك لأن المجتمع كل مكون من أجزاء، هي الناس والأفكار، والمشاعر، والأنظمة. والناس في المجتمع بجميع أفرادهم جزء من أجزاء المجتمع، كما أن من أجزائه الأفكار والمشاعر والأنظمة التي تجمع هؤلاء الأفراد، والدولة نائبة عن الجماعة في تنفيذ الشرع الذي منه هذه الأفكار والمشاعر والأنظمة فهي موجودة لتنفيذ الشرع مسؤولة عن هذا التنفيذ كما أن الفرد في الجماعة مسؤول عنه.
غير أن مسؤولية الدولة تنفذها بالقوة والسلطان ومسؤولية الفرد ينفذها طاعة لله وطلبا لرضوانه. لأن كل مسلم في الجماعة مسؤول عن تنفيذ الشرع فيما يخصه بدافع تقوى الله عامل على مساعدة الدولة فيما يخص الجماعة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إجابة لأمر الله.
ولذلك لم تكن الدولة معتمدة على صرامة التشريع وقوة الجندي في الحكم، كما أنها لم تكن تاركة الحرية للناس إن شاؤوا نفذوا الشرع وإن شاؤوا لم ينفذوه ما داموا لم يتعرضوا لحرية الآخرين.
بل الدولة الإسلامية تعتمد على التقوى المتركزة في صدور الناس، يقومون بأوامر الله ويجتنبون نواهيه، وتعتمد على عدالة التشريع وقوة الجندي، متعاونة مع الأمة في تنفيذ أحكامه؛ لأن كل مسلم يعرف أنه على ثغرة من ثغر الإسلام فلا يُؤتين من قِبَله، فالأمة الإسلامية جميعها مسؤولة عن تنفيذ أحكام الله، يتعاون فيها الحكام والمحكومون، الراعي والرعية، لضمان تطبيق الإسلام تطبيقاً كاملاً.
ومع شمول هذه المسؤولية ولزوم هذا التعاون، فإن الدولة الإسلامية ليست مجموع الأمة والحكام، وإنما الدولة هي الخليفة الذي يبايعه المسلمون، ومن يعينهم هو لمعاونته، أو للقيام بشؤون الناس.

صلاحيات رئيس الدولة في الإسلام

بعد أن يبايع من المسلمون خليفتهم يصبح هو الذي يجعل الأحكام الشرعية التي يتبناها أحكاماً معمولاً بها؛ أي تصبح قانوناً، وهو الذي ينفذ الشرع، وليس للأمة شيء من ذلك لا إقرار التشريع ولا تنفيذه. نعم إن السلطان للأمة، ولكنها بعد أن بايعت الخليفة قد أنابته بهذه البيعة عنها فيه، وصار هو الذي يقوم بالحكم؛ أي بتنفيذ الشرع، ويجب على الأمة أن تراقبه وتحاسبه وتناقشه، وتلزمه عزل ولاته ومعاونيه إذا أظهرت عدم رضاها منهم.
والأمة هي التي تختار الخليفة "رئيس الدولة" ثم تبايعه بيعة دائمية تظل لازمة في أعناقها ما دام منفذاً للشرع، وهو يُعين معاونين له يكونون معه في الحكم يتحملون مسؤوليته ويرأسهم هو، ويتولى أمرهم، ويعين الولاة للولايات يحكمونها، وهو الذي يُشرف عليهم، وهو الذي يُعين القضاة، ويُعين المديرين لدوائر الدولة التي تقضي مصالح الناس، ويُعين قواد الجيش وأمراء ألويته ويباشر هو أمورهم، ويرجع لمجلس الشورى ليأخذ رأيهم. في شؤون المسلمين جميعها، ويشاورهم فيما يريد أن يفعله أو يتركه.

قواعد نظام الحكم في الاسلام

يقوم نظام الحكم في الإسلام على أربع قواعد، هي:
اولاً: السيادة للشرع لا للشعب، فالذي يسيِّر إرادة الفرد شرعاً ليس الفرد نفسه كما يشاء، بل إرادة الفرد مسيَّرة بأوامر الله ونواهيه. وكذلك الأمّة ليست مسيَّرة بإرادتها تفعل ما تريد، بل هي مسيَّرة بأوامر الله ونواهيه. والدليل على ذلك قوله تعالى: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكّموك فيما شجر بينهم) وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به)، فالذي يتحكم في الأمّة والفرد، ويسيِّر إرادة الأمّة والفرد، إنّما هو ما جاء به الرسول. فالأمّة والفرد تخضع للشرع، ومن هنا كانت السيادة للشرع. ولهذا فإن الخليفة لا يبابَع من قِبل الأمّة كأجير عندها لينفذ لها ما تريد، كما هي الحال في النظام الديمقراطي، وإنما يبايَع الخليفة من الأمّة على كتاب الله وسنة رسوله لينفذ كتاب الله وسنّة رسوله؛ أي لينفذ الشرع لا لينفذ ما يريده الناس .
ثانياً: السلطان للأمّة. ذلك لأن الشرع جعل نصب الخليفة من قِبل الأمّة وجعْل الخليفة يأخذ السلطان بهذه البيعة. أمّا جعْل الشرع نصب الخليفة ينصَّب من قِبل الأمّة فواضح في أحاديث البيعة، عن عبادة بن الصامت قال: (بايَعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في المنشط والمكره) وعن جرير بن عبدالله قال: (بايعت النبي صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة)، وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: رجل على فضلِ ماء بالطريق يمنع منه ابن السبيل، ورجل بايع إماماً لا يبايعه إلاّ لدنياه إن أعطاه ما يريد وفى له وإلاّ لم يفِ له، ورجل يبايع رجلاً بسلعة بعد العصر فحلف بالله لقد أعطي بها كذا وكذا فصدقه ولم يعطَ بها). فالبيعة من قِبل المسلمين للخليفة وليست من قِبل الخليفة للمسلمين، فهم الذين يبايعونه أي يقيمونه حاكماً عليهم، وما حصل مع الخلفاء الراشدين أنهم إنّما أخذوا البيعة من الأمّة، وما صاروا خلفاء إلاّ بواسطة بيعة الأمّة لهم. وأمّا جعْل الخليفة يأخذ السلطان بهذه البيعة فواضح في أحاديث الطاعة وفي أحاديث وحدة الخلافة. عن عبدالله بن عمرو بن العاص يقول: إنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ومن بايع إماماً فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليُطِعه إن استطاع فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر)، وعن نافع قال: قال لي عبدالله بن عمر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من خلع يداً من طاعة الله لقي الله يوم القيامة لا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية)، وعن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (من كره من أميره شيئاً فليصبر عليه، فإنه ليس أحد من الناس خرج من السلطان شبراً فمات إلاّ مات ميتة جاهلية)، وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كانت بنو اسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلما هلك نبي خلفه نبي، وإنه لا نبي بعدي، وسيكون خلفاء فيكثرون، قالوا: فما تأمرنا؟ قال: فوا ببيعة الأول فالأول، ثم أعطوهم حقهم فإن الله سائلهم عما استرعاهم). فهذه الأحاديث تدل على أن الخليفة إنّما أخذ السلطان بهذه البيعة، إذ قد أوجب الله طاعته بالبيعة، (من بايع إماماً... فليطعه)، فهو قد أخذ الخلافة بالبيعة ووجبت طاعته لأنه خليفة قد بويع فيكون قد أخذ السلطان من الأمّة ببيعتها له ووجوب طاعتها لمن بايعته؛ أي لمن له في عنقها بيعة، وهذا يدل على أن السلطان للأمّة. على أن الرسول صلى الله عليه وسلم مع كونه رسولاً فإنه أخذ البيعة على الناس وهي بيعة على الحكم والسلطان وليست بيعة على النبوة، وأخذها على النساء والرجال ولم يأخذها على الصغار الذين لم يبلغوا الحُلُم، فكون المسلمين هم الذين يقيمون الخليفة ويبايعونه على كتاب الله وسنّة رسوله، وكون الخليفة إنّما يأخذ السلطان بهذه البيعة، دليل واضح على أن السلطان للأمّة تعطيه من تشاء.
ثالثاً: نصب رئيس دولة واحد فرض على المسلمين. فإن فرضية نصب الخليفة ثابتة في الحديث الشريف، فقد روي عن نافع قال: قال لي عبدالله بن عمر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من خلع يداً من طاعة الله لقي الله يوم القيامة لا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة فقد مات ميتة جاهلية)، ووجه الاستدلال بهذا الحديث هو أن الرسول أوجب على كل مسلم أن تكون في عنقه بيعة لخليفة ولم يوجب أن يبايع كل مسلم الخليفة، فالواجب هو وجود بيعة في عنق كل مسلم، أي وجود خليفة يستحق في عنق كل مسلم بيعة بوجوده. فوجود الخليفة هو الذي يوجِد في عنق كل مسلم بيعة سواء بايع أم لم يبايِع. وأمّا كون الخليفة واحداً فلِما روي عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما) وهذا صريح بتحريم أن يكون للمسلمين أكثر من خليفة.
رابعاً: لرئيس الدولة وحده حق تبني الأحكام الشرعية فهو الذي يسنّ الدستور وسائر القوانين، وقد ثبت ذلك بإجماع الصحابة، على أن للخليفة وحده حق تبني الأحكام، ومن هذا الإجماع أُخذت القواعد الشرعية المشهورة "أمر الإمام يرفع الخلاف" "أمر الإمام نافذ" "للسلطان أن يُحدِث من الأقضية بقدر ما يَحدُث من مشكلات".
هذا واقع نظام الحكم في الإسلام وهو نظام متميز عن غيره من النظم المعروفة الآن في أصوله وأسسه، وإن تشابهت بعض مظاهره مع بعض مظاهرها. فنظام الحكم الإسلامي يختلف، في طبيعته وحقيقته، عن سائر نظم الحكم في العالم.
فهو ليس نظاماً ملكياً، ولا يقر النظام الملكي؛ لأنه لا يجعل لرئيس الدولة أي حقوق سوى ما لأي فرد من الأمة، ولا يجعل رئيس الدولة مالكا، بل منفذاً لشرع الله، نائباً عن الأمة في السلطان، وليس هو رمزاً لها: يملك ولا يحكم، وإنما هو يحكم نيابة عنها، ولا يملك شيئاً من هذا الحكم. فضلاً عن انعدام ولاية العهد فيه واستنكاره لها.
وهو كذلك ليس نظاماً جمهورياً؛ لأن رئاسة الدولة فيه لا تحدد بزمن معين، وإنما تحدد بتنفيذ الشرع، فما دام الرئيس قائماً بالشرع فهو رئيس مهما طالت مدته، ومتى أخل بالشرع انتهت مدة حكمه ولو كانت يوماً أو ساعة. علاوة على أنه يتناقض مع النظام الجمهوري في الأساس الذي يقوم عليه، إذ أساس النظام الجمهوري أن السيادة للشعب، أما النظام الإسلامي فالسيادة فيه للشرع لا للشعب.
ونظام الحكم في الإسلام ليس نظاماً اتحادياً، تنفصل أقاليمه بالاستقلال الذاتي، وتتحد في الحكم العام؛ بل هو نظام وحدة تعتبر فيه مراكش في المغرب وخراسان في المشرق، كما تعتبر مديرية الفيوم إذا كانت العاصمة الإسلامية هي القاهرة. وتعتبر مالية الولايات كلها مالية واحدة وميزانية واحدة تنفق على مصالح الرعية كلها، بغض النظر عن الولايات.

الدولة الاسلامية ليست دولة ديموقراطية

الديموقراطية تعني عند أصحابها "حكم الشعب للشعب" فالشعب هو الذي يختار الحاكم، وهو الذي يسن القوانين، وهو الذي يفصل الخصومات بين الناس؛ لذلك جاؤوا بفكرة أن الشعب مصدر السلطات. فالشعب هو الذي يأتي بالحكام وهو الذي يضع الدستور ويسن القانون وهو الذي يحاسب الحكام ويأتي بمن يفصل الخصومات بين الناس من جهة وبين الناس والدولة من جهة أخرى.
وهذا الواقع يخالف الإسلام مخالفة تامة.

وأما أن الشعب هو الذي يضع الدستور ويسن القانون، فإن الدستور والقانون في الإسلام أحكام شرعية مستنبطة من الأدلة الشرعية، وكل مادة من مواد الدستور وكل حكم من أحكام القانون حكم شرعي، بل إن الشرع عندما أمر بأخذ معالجات الحياة؛ أي الأحكام الشرعية، حصر الأخذ بما انبثق عن العقيدة من أحكام ومعالجات وقرنه بالإيمان وجعل الأخذ من غيره أخذاً من الطاغوت.

أما كون أن الشعب هو الذي يأتي بالحكام، فإن الواقع في الديموقراطية يتناقض مع الإسلام، فإنه وإن كان الشعب في الديموقراطية يختار الحاكم، لكن الحكام الفعليين هم أصحاب رؤوس الأموال الضخمة، فهم من يأتون بالحكام وليس الشعب، هذا من جهة. ومن جهة أخرى فإن الشعب عندما يختار الحاكم فإنه يختاره على اعتبار أنه أجيرٌ عند الشعب، أما في الإسلام فإن الأمة هي التي تختار الحاكم، والبيعة هي التي تجعل الحاكم حاكماً منفذاً للشرع مقيداً به، لا أجيراً عند الأمة، ولا منفذاً لإرادتها، بل راعياً لمصالحها حسب الشرع، فالحاكم في الإسلام ليس أجيراً عند الأمة، وإنما نائباً عنها منفذاً للشرع.

وأما أن السلطة القضائية مصدرها الشعب، فإن ذلك مغالطة، ذلك أن الشعب يختار الحاكم ويبايعه، والحاكم هو الذي ينيب عنه من يتولى القضاء. فالشعب لا يختار القضاة، وليس له صلاحية عزلهم، وإنما كل ذلك بيد الحاكم.
وعليه فلا يجوز وصف الدولة الاسلامية بأنها دولة ديموقراطية لأن فكرة الديموقراطية فكرة تناقض الإسلام فيحرم حملها والدعوة إليها، فضلاً عن ادعاء أنها من الإسلام، والإسلام منها براء.


حقوق الإنسان

أما فكرة حقوق الإنسان، فإنها منبثقة عن عقيدة فصل الدين عن الحياة عقيدة الغرب الكافر، وهذه الفكرة تخالف الإسلام وتضاده. كما أنهم حينما وضعوا هذه الحقوق لم يلتزموا بما جاء به الإسلام، بل لم يجعلوه ملاحظاً أساساً، وقد جاءت بعض نصوص هذه الحقوق مخالفة لأحكام الإسلام، كالحق في إبداء الرأي، وكالحق في تغيير الدين وتبديل العقيدة، والحق في الحرية الشخصية، وهذا يترتب عليه إباحة إبداء الرأي بشكل مطلق ولو كان في ذلك دعوة للكفر وهدم للعقيدة وانسلاخ من الدين، أو دعوة للفسق والفجور والتحلل بين المسلمين. كما أباحت هذه الحقوق الردة عن الإسلام بحجة حرية العقيدة، وأباحت الزنا والعلاقات غير الشرعية ما دامت تحفظ حقوق الفرد في الحرية الشخصية، وهذا يخالف الإسلام مخالفة صريحة. فالمسلم مقيد في جميع أعماله بالشرع، فهو ليس حرٌ بالمعنى الذي يطرحه الغربيون، وإنما هو عبد لله مقيد بالأوامر والنواهي، ولا يجوز له مخالفة ذلك.
إن حقوق الإنسان التي يروجون لها ويجعلونها سيفاً مسلطاً على رقاب الشعوب والدول هي حقوق ارتبطت كلياً بوجهة النظر الغربية عن الحياة، وتجربة الغرب التاريخية. وإعلان حقوق الإنسان نفسه هو نتاج غربي ثقافياً وسياسياً وقانونياً، ومحاولتهم لجعل هذه الحقوق عالمية تعتبر في إحدى جوانبها إحدى محاولاتهم لنشر حضارتهم وتشكيل العالم بمفاهيمها زاعمين أنها التعبير الحضاري الأرقى في مجمل تاريخ البشر، والمفارقة انه في الوقت الذي وضع الغرب الكافر حقوق الانسان سواء في أميريكا أو فرنسا أو بريطانيا في نهايات القرن التاسع عشر كان الغرب في أوج المرحلة الاستعمارية للشعوب والأمم ومارس واضعو هذه الحقوق أبشع ما يمكن أن يتصور في حق البشر في أميركا أو إفريقيا أو آسيا.
إن محاولات البحث عن حقوق الإنسان في الإسلام ومقاربتها مع ما يطرحونه يعتبر من محاولات التوفيق بين الإسلام والكفر، وانسياقاً وراء طريقتهم في البحث والتفكير، مما يجعلنا نتقمص شخصيتهم ونتصور المشكلات الإنسانية وحلولها من خلال عرضهم لها، بينما يحتم علينا ديننا أن نتعرف على ما للإنسان وما عليه من عقيدتنا الإسلامية، لا ممن يخفون وراء الدعوة لحقوق الإنسان تاريخاً ملطخاً بدماء البشر، وتقدماً ممزوجاً بظلم الشعوب واستعبادها وسلبها كل شيء حتى حق الحياة من أجل تحقيق مصالحهم الأنانية.


التعددية السياسية


أما فكرة التعددية السياسية، فإنها كذلك فكرة غربية نشأت عند الرأسماليين من نظرتهم للمجتمع، وأن هذا المجتمع يتألف من أفراد، وهؤلاء الأفراد لهم معتقدات وآراء ومصالح ومنابت متنوعة، وحاجات متعددة. ولذلك فهم يَرَوْنَ أنه لابد أن يكون في المجتمع فئات مختلفة، لكل فئة منها أهدافها الخاصة، التي ينبغي أن يمثلها حزب أو حركة أو تنظيم، والتي ينبغي الاعتراف بوجودها، والسماح لها بالمشاركة السياسية.

والتعددية السياسية تعني حرية الإنسان في اعتناق أي فكرة والدعوة إليها في ظل نظام يفصل الدين عن الدولة والحياة، فمجتمع التعددية لا يسمح فقط بالارتداد عن الإسلام، بل يمنح المرتدين حق الدعوة إلى ردتهم ولكل ما يحرمه الإسلام، فهو مجتمع يجيز وجود أحزاب سياسية تدعو لعقائد الكفر وعلى رأسها عقيدة فصل الدين عن الحياة، وأخرى تقوم على الدعوة إلى ما حرمه الله مثل الدعوة إلى الوطنية والقومية أي العصبية التي وصفها الإسلام بأنها منتنة، كما تسمح التعددية بالدعوة إلى الشذوذ الجنسي، وتحلل المرأة ... فلا شيء ممنوع مع التعدد. ولذلك فإن قبول المسلمين بفكرة التعددية قبول بوجود دعوات للكفر في بلادهم، وقبول بكل دعوة تبيح ما حرم الله.
على أن الإسلام الذي حرّم التعددية السياسية بالمفهوم الغربي أباح تعدد الأحزاب ولكن على أساس العقيدة الإسلامية، قال تعالى {ولتكن منكم امة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون}. ففي هذه الآية طلبٌ بصيغة الأمر _ وهو الفعل المضارع المقرون بلام الأمر _ من الأمة أن تكون فيها جماعة، ولم تحصر الآية الطلب بجماعة واحدة فقط، فلم ترد كلمة واحدة، بعد كلمة أمة، بل جاءت كلمة "أمة" نكرة تفيد العموم، انظر الى قوله تعالى {وإلهكم إله واحد} فلو لم يقيد لفظ إله هنا لأفاد القول بتعدد الإله، ولذلك فإن ورود لفظ أمة بصيغة النكرة دليل على جواز تعدد الجماعات والأحزاب في الأمة الإسلامية. ولكن الآية حصرت الناس الذين يشكلون الجماعة، فكلمة "منكم" في الآية تمنع أن تكون الجماعة أو الحزب من غير المسلمين، وتحصر ذلك في المسلمين فقط. وتحدد عمل الاحزاب بعملين أحدهما الدعوة إلى الخير؛ أي الإسلام، والعمل الثاني هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومنه أمر الحاكم بالمعروف ونهيه عن المنكر؛ أي محاسبته.

ما لا يخالف الإسلام أو ما يوافق الإسلام
ليس من الإسلام
في معرض تبرير بعض الدعاة لقبول الأفكار التي تدعو لها أميركا، وبخاصة فكرة الديموقراطية و"الدولة المدنية" .. الخ يدعي هؤلاء أن هذه الأفكار توافق الإسلام أو على الأقل لا تخالفه، ولذلك كان لزاماً أن نبين للمسلمين واقع خطأ هذا التبرير وضلال هذه الفكرة التي ينادي بها هؤلاء الدعاة عن جهل أو تضليل، من نسبة هذه الأفكار إلى الإسلام، وذلك ببيان أن ما يوافق الإسلام وما لا يخالف الإسلام ليس من الإسلام.
ذلك أن الإسلام هو ما جاء وحياً من الله؛ أي ما جاء بالكتاب والسنّة وما أرشد إليه الكتاب والسنّة من أدلة، هذا وحده هو الإسلام، وما عداه كفر سواء أكان موافقاً للإسلام أم كان لا يخالفه. والدليل على ذلك أن الله تعالى أمرنا أن نأخذ ما يأمر به الرسول وأن نترك ما نهانا عنه وأمرنا أن نحتكم إلى رسول الله أي إلى ما جاء به رسول الله. قال تعالى: {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} فهو نص في وجوب أخذ ما جاء به الرسول، وترك ما نهى عنه، وإذا قرنت هذه الآية بقوله تعالى: {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم} وعرف أن {ما} في قوله {ما آتاكم} وقوله {وما نهاكم} للعموم، ظهر جلياً وجوب أخذ ما جاء به وترك ما نهى عنه، وأنه عام في جميع ما أمر به وجميع ما نهى عنه، والطلب في هذه الآية سواء طلب الفعل أو طلب الترك طلب جازم يفيد الوجوب بدليل تهديد الله لمن يخالفه بالعذاب الأليم. وقال الله تعالى: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكّموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما}، ففي هذه الآية نفى الله الإيمان عمن يحكّم غير الرسول في أفعاله مما يدل على الحصر في التحكيم بما جاء به الرسول، وعلى حرمة الأخذ من غير ما جاء به، وهذا كله صريح في التقيد بما جاء به الإسلام.
على أن الله تعالى لم يكتف بذلك بل انه نهى نهياً صريحاً عن الأخذ من غير ما جاء به الوحي من الله، فنعى على الذين يريدون أن يتحاكموا لغير ما جاء به الرسول، قال تعالى: {ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالاً بعيداً}، فهذا صريح في النهى عن التحاكم بغير ما جاء به الرسول، فقد جعل ذلك ضلالاً إذ هو تحاكم إلى الطاغوت. على أن هناك أحاديث تبين بصراحة على أن الحلال ما أحل الله والحرام ما حرم الله، وهذا يعني أن ما لم يحلّه الله لا يعتبر حلالاً وما لم يحرمه لا يعتبر حراماً، أي لا يؤخذ مطلقاً، فعن سلمان الفارسي قال: "سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن السمن والجبن والفراء فقال: الحلال ما أحل الله في كتابه والحرام ما حرم الله في كتابه" وأخرج الدارقطني من حديث أبي ثعلبة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها وحدّ حدوداً فلا تعتدوها" وهذا صريح بأنه لا يصح أن نتعدى ما حدده الله لنا، فلا يصح أن نأخذ من غير ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم.
على أن الحكم الشرعي هو خطاب الشارع المتعلق بأفعال العباد، والمسلمون مأمورون بأن يحكّموا في أفعالهم خطاب الشارع وأن يسيّروا تصرفاتهم بحسبه، فإذا أخذوا ما لا يخالفه أو أخذوا ما يوافقه فإنهم يكونون قد أخذوا غير الحكم الشرعي، لأنهم لم يأخذوه بعينه بل أخذوا ما يوافقه أي ما يشبهه أو ما لا يخالفه أي ما لا يصطدم معه، وفي كلتا الحالتين لا يكونون قد أخذوا الحكم الشرعي عينه بل أخذوا غيره، وغير الحكم الشرعي ليس هو الحكم الشرعي، سواء خالف أم لم يخالف، وافق أم لم يوافق، فلا يكون أخذهم له أخذ للحكم الشرعي، فيحرم أخذ ما لم يأت به الإسلام، سواء وافق الإسلام أم لم يوافقه، وسواء خالفه أم لم يخالفه، لأنّا فوق كوننا قد أمرنا بأخذ ما أمر به الرسول وترك ما نهانا عنه ومفهومه أن لا نأخذ غيره، فإنه قد جاء النهي صريحاً عن أخذ ما لم يأت به الرسول أي عن أخذ شيء غير ما جاء به الرسول، ويؤيد ذلك أحاديث أخرى كثيرة صريحة في هذا النهي، فعن عائشة قالت: قالت رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ومن أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" وفي رواية أخرى عنها: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد" وروى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي بأخذ القرون قبلها شبراً بشبر وذراعاً بذراع. فقيل: يا رسول الله كفارس وروم؟ فقال: ومَن مِن الناس إلاّ أولئك؟" وروى البخاري عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم. قلت: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟" فهذه النصوص صريحة في النهي عن الأخذ من غيرنا، فالحديث الأول يقول "فهو رد" والحديثان الآخران يتضمنان معنى النهي، فأخذ القوانين الغربية هو أخذ من غير الإسلام، وهو اتباع لمن هم مثل الفرس والروم والنصارى واليهود، فهو اتباع للانكليز والفرنسيين والأمريكان وأمثالهم، ولذلك يحرم أخذها بغض النظر عن كونها توافق الإسلام أم لم توافقه، تخالفه أم لم تخالفه، فإن أخذها حرام.

"الإصلاحات" المطلوبة أميركياً و"الدولة المدنية"


لقد سبق لأميركا أن طلبت قبل طرحها لمشروع الشرق الأوسط الكبير (الضخم) ما أسمته بالإصلاحات من الأنظمة الحاكمة في المنطقة للوصول إلى "الدولة المدنية"، وكان فحوى تلك الإصلاحات رفع قبضة الأنظمة القائمة عن أنفاس الناس، وتمكين شعوب المنطقة من المشاركة في حكم أنفسهم، وإجراء تعديلات على الدساتير والقوانين، وتعديل مناهج التعليم، وتمكين المرأة من نيل مكانة أكبر في الحياة العامة، وإجراء إصلاحات في سياسة الاقتصاد، ومكافحة الفساد المالي والإداري..
والمتأمل فيما طلبته أميركا من الأنظمة، يتصور أنها تقف إلى جانب الشعوب وتناصرها لنيل ما يتصور أنه حق لهذه الشعوب. والحقيقة أنها إنما طلبت ما تسميه بالإصلاحات لتتمكن من كسب رضا الشعوب لتحمل تلك الشعوب هذه الأفكار التي تريدها أميركا؛ لأن ذلك يؤمن لها التفرد في هذا القرن. ولم تكن أميركا لتفعل إلا ما فيه تأمين لمصالحها وخدمة لأهدافها.
وحقيقة ما تنادي به أميركا من إصلاحات إنما هو إفساد للأمة، وتضليل لها، فالأنظمة في بلاد المسلمين ينبغي التخلص منها وليس إصلاحها، وتغيير الأنظمة لا يكون بتغيير القائمين عليها بل التغيير الحقيقي إنما يكون بتغيير الأساس الذس تقوم عليه تلك الأنظمة، ولذلك فإن العلاج الحقيقي هو في إنهاء الأساس العلماني الذي تقوم عليه الأنظمة الحالية واستبدال العقيدة الإسلامية به لتكون أساس الدولة باعتبارها عقيدة الأمة التي لن تنهض إلا على أساسها.
والدساتير في بلاد المسلمين التي صورت بأنها ثوابت للأمة ولا تحتاج إلا بعض التعديل إنما هي دساتير كفر وكذلك القوانين المدنية، ولذلك فإن الدعوة إلى تعديل الدساتير أو إلغاء واستبدال بعض القوانين إنما هي دعوة مضللة ومغرضة.
أما تعديل مناهج التعليم فقد بنيت معظم السياسات التعليمية لتخدم الفكر الغربي ووضعت المناهج لتحقق هذا الغرض بالذات، وبخاصة في المواد الثقافية.
أما محاربة الفساد المالي والإداري فإنما يكون بتغيير التربة التي تنبت الفساد، ويتربى عليها المفسدون؛ أي بتغيير الأساس الذي تقوم عليه الحياة في المجتمع.
فهل تخدم أميركا إلا مصالحها بالدعوة لما تسميه بالإصلاحات؟! للوصول إلى ما يسمونه "الدولة المدنية"؟!
لقد سبق أن نصح روبرت ساتلوف المدير التنفيذي في مؤسسة واشنطن لسياسات الشرق الأدنى في مقالة له قبل بضع سنوات على شكل رسالة موجهة إلى السيدة كارل هيوجز مساعدة وزير الخارجية الأميركية الأسبق لشؤون السياسة العامة، وعنوان المقال "إقصاء مصطلحي العالم العربي والعالم الإسلامي من القاموس الدبلوماسي الأميركي" وقد ورد في مقاله: "دافعوا قدر الإمكان عن مقاربة خاصة بكل بلد على حدة، قولاً وفعلاً، إذ يريد الإسلاميون المتطرفون محو الحدود وخلق عالم فوق الأوطان، حيث تنفصل دار الإسلام عن دار الحرب، لا تتراجعوا أمامهم قبل خوض المعركة".
هكذا يفكرون ويمكرون ويحددون أهدافهم وينفذون سياساتهم، بناء على ما يخططونه، فهل من يخطط لإصلاح أنظمة بلاد المسلمين يضمر أي خير لهم؟!


الدين الأميركي الجديد

إن أميركا تشن حملة فكرية شرسة لترسيخ ما تسميه "الإسلام المعتدل"، الذي يقبل بما يسمى بـ"الدولة المدنية"؛ وهو "الإسلام الديموقراطي المدني" الذي صاغته وتعمل على أن يكون هو دين أهل المنطقة الجديد.
وإن من أبرز أفكار هذا الدين الجديد، القبول بفكرة الديموقراطية، والتي تعني حكم الشعب للشعب. لكن أميركا مررت هذه الفكرة على أنها حرية الشعب في اختيار من يحكمه، فتلقفها بعض الدعاة وأخذوا يدَّعون أن الديموقراطية من صميم الإسلام وجوهره. وبذلك أصبحت "الديموقراطية" فكرة إسلامية! والدعوة لها لا تخالف الإسلام بل توافقه!.
كما أن من أبرز أفكار هذا الدين الجديد فكرة حقوق الإنسان، وكما فعلت أميركا بفكرة الديموقراطية فعلت بهذه الفكرة، فأدخلتها على أن الإسلام ضمن حقوق الإنسان كلها، من حقه في الحياة وحقه في التعليم وحقه في العمل وحقه في التعبير عن رأيه.. الخ، فوجدنا كثيرين أخذوا يدعون لفكرة "حقوق الإنسان"، بل وجدنا أيضاً من يسعى لتأصيلها شرعاً. ونسي هؤلاء أو تناسوا أن من أهم أفكار حقوق الإنسان التي تروج لها أميركا هي فكرة حق الإنسان في اختيار دينه، وحقه في التعبير عن رأيه، وحقه في حرية التملك وحقه في الحرية الشخصية. وهذه الأفكار هي جوهر فكرة "حقوق الإنسان" التي تروج لها أميركا في بلاد المسلمين، وهي تخالف الإسلام مخالفة تامة.
ومن أفكار هذا الدين كذلك التعددية السياسية، وبحسب هذه التعددية التي تدعو لها أميركا فإنه يجوز أن تَنشأ أحزاب أو حركات تنادي بعقيدة كفر كعقيدة فصل الدين عن الحياة، أو أن تقوم على أساس حَرَّمه الإسلام كالأحزاب القومية والوطنية. كما يجوز أن تَنشأ حركات تنادي بما حرّم الله، كإباحة الشذوذ الجنسي، والزنى، أو أن تنشأ فئات تدافع عـن إباحة الميْسِر، وشرب الخمر، وتحلّل النساء.

أيها المسلمون:
إن الغرب الكافر والمضبوعين بثقافته من المثقفين والمفكرين وبعض "الدعاة" المتأثرين بحضارته، يعملون على تمييع الإسلام وتقديمه للناس على أنه "الإسلام المعتدل" غير "المتشدد أو المتطرف". فها هي أميركا تموه على الأمة الإسلامية بالديموقراطية وبمفاهيمها الغربية لتكون بديلاً عن الفهم الصحيح للإسلام في أذهان المسلمين؛ و كان من المفروض أن تقابل دعاوى أميركا بالرفض المطلق، ذلك لأن أميركا لا تدعو لفكرة إلا إذا كانت تقتضيها مصالحها، وعندما تتناقض هذه الفكرة مع مصلحتها فإنها تدوسها ولا تسأل عنها، وقد رأينا ذلك واضحاً في عدوانها على العراق وأفغانستان، ورأينا كيف داست أميركا على القيم والمثل التي كانت تدعو لها. ولكن أن تبلغ الهزيمة الفكرية عند بعض الدعاة أن يلبسوا الأفكار الأميركية لبوس الإسلام وتبدأ الدعوة لهذه الأفكار على قدم وساق في وسائل الإعلام المرئي منها والمسموع والمقروء واعتبار أن هذه الأفكار هي التي ستنقذ المجتمع! وستعطي كل ذي حق حقه! فهذا هو التضليل الذي ما بعده تضليل والخطر الحقيقي الذي يجب أن يواجه.
لقد رسمت اميركا خططها للعالم ومنطقتنا، وحددت الغايات والأدوار والأدوات، بل وحسمت صعيد المعركة الاساسي في منطقتنا "معركة كسب العقول والقلوب".
ولذلك انصبت العناية الأساسية والحقيقية من قبل صُناع القرار والإدارات المنفذة على تركيز وإيجاد القناعات عند الأمة بضرورة بقاء الإسلام بصورته النقية بعيداً عن حياتها عملياً، وقد ظهر ذلك جلياً بإبعاد شعارات الإسلام عن ما أطلق عليها بالثورات العربية.
وتم دفع شباب الأمة لحمل مفاهيم الغرب الكافر بعد تضليلهم بأنها لا تناقض الإسلام (الديموقراطية، والدولة المدنية.. الخ)، وقد تم تقصد جعل تلك المفاهيم والشعارات وكأن الشعوب في المنطقة هي من اختارتها، ولذلك تم استغلال طاقة شباب الأمة واندفاعهم لتخليص أمتهم من طاغوتية من نصبهم الكفار لحكم الأمة ودوس كرامتها، ليبذلوا الدماء الزكية لما توهموه إنقاذاً للأمة بحملهم لشعارات تطالب بـ"الدولة المدنية" والديموقراطية ...وقد رمت اميركا برؤوس عبيدها السابقين من الطواغيت بعد أن تخلت عنهم ليكونوا جائزة ثمينة مقابل احتضان الامة لشعارات الكفر من ديموقراطية ودولة مدنية ... دون أن تدقق الشعوب بما بعد فرحها بالتخلص من أولئك المجرمين القتلة.
وقد انتهج الأميركان أساليب خبيثة لاستغلال طاقات شباب الأمة لتهيئة النخبة منهم لقيادة الجماهير المخلصة والتي تتوق إلى الإنعتاق من قبضة الطواغيت المجرمين، وقد سبق أن تحدث كولن باول وزير الخارجية الأميركية الأسبق خلال شهادته أمام لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الأميركي قبل نحو سبع سنوات عن مبادرات تهدف إلى التواصل مع الشباب في المنطقة من خلال برامج التبادل، مع التركيز على الشبان، والشابات غير المنتمين لطبقات النخبة ومن غير التقليديين . كما تحدث عن مبادرات للبث الإذاعي والتلفزيوني لتشجيع تطوير الصحافة الحرة ... ومساعدة المشاهدين والمستمعين في الشرق الأوسط على التعرف على أفكار مختلفة. وقد أعلن في نفس الفترة أثناء زيارته للقاهرة أن هناك بعداً جديداً في أجندة الرئيس جورج بوش فيما يخص منطقة الشرق الأوسط، وقد أوضح في مؤتمر صحفي في ختام زيارته طبيعة ذلك البعد من أنه يتعلق بتغيير المنطقة بحلول عام 2013ميلادية.
إن على الأمة الإسلامية أن تعي أنها أمة رسالة شرفها الله بحملها للناس كافة لإخراجهم من ظلمات الكفر إلى نور الإسلام، وأن عليها أن تتسيد هذا الكون لتخرجه من الشقاء الذي يعيشه في غياب الإسلام العظيم، وتخليصه من قبضة أميركا التي عبر أحد كبار مفكريها السياسيين "نعوم تشومسكي" ملخصاً الفكرة التي تريد الولايات المتحدة تطبيقها في الشرق الأوسط (مشروع الشرق الأوسط الكبير) بقوله "إذا كان لا بد من تعلم الدرس المركزي لهذا النظام العالمي الجديد فهو: نحن السادة، وعليكم أن تمسحوا أحذيتنا".
وأخيراً فإنه قد آن لامتنا الماجدة أن ترفع راية الاسلام، وأن تعود لها عزتها وكرامتها، وأن تتبوأ مكانها في الصدارة بين الأمم بعد أن تتخلص من كل الأضاليل التي أوقعها أعداؤها بها، ولن تبقى أمتنا مرهونة لأميركا والغرب الكافرين، وسيكون أول ما تصنعه نبذ الأفكار الدخيلة عليها والتي أريد لها أن تكون قناعات لديها توجه سلوكها في الحياة، وسيكون ذلك بمعرفة كل مسلم أنه على ثغرة من ثغر الإسلام وينبغي أن لا يؤتى الإسلام من قبله.
وحتى ترتسم صورة الدولة الإسلامية بشكل أوضح في أذهان المسلمين ليستأنفوا حياتهم على أساسها فإننا نضع أمام المسلمين مواد الدستور التي استنبطت من كتاب الله وسنة رسوله وما أرشدا اليه من إجماع وقياس.

مشروع الدستور
أحكام عامة


المادة 1– العقيدة الإسلامية هي أساس الدولة، بحيث لا يتأتى وجود شيء في كيانها أو جهازها أو محاسبتها، أو كل ما يتعلق بها، إلا بجعل العقيدة الإسلامية أسـاساً لـه. وهي في نفس الوقت أساس الدستور والقوانين الشرعية بحيث لا يسمح بوجود شيء مما له علاقة بأي منهما إلا إذا كان منبثقاً عن العقيدة الإسلامية.
المادة 2– يتبنى رئيس الدولة أحكاماً شرعية معينة يسنها دستوراً وقوانين، وإذا تبنى حكماً شرعياً في ذلك صار هذا الحكم وحده هو الحكم الشرعي الواجب العمل به، وأصبح حينئذ قانوناً نافذاً وجبت طاعته على كل فرد من الرعية ظاهراً وباطناً.
المادة 3- لا يتبنى رئيس الدولة أي حكم شرعي معين في العبادات ما عدا الزكاة والجهاد، ولا يتبنى أي فكر من الأفكار المتعلقة بالعقيدة الإسلامية.
المادة 4– جميع الذين يحملون التابعية الإسلامية يتمتعون بالحقوق والواجبات الشـرعية.
المادة 5– لا يجوز للدولة أن يكون لديها أي تمييز بين أفراد الرعية في ناحية الحكم أو القضاء أو رعاية الشؤون أو ما شاكل ذلك، بل يجب أن تنظر للجميع نظرة واحدة بغض النظر عن العنصر أو الدين أو اللون أو غير ذلك.
المادة 6– تنفذ الدولة الشرع الإسلامي على جميع الذين يحملون التابعية الإسلامية سواء أكانوا مسلمين أم غير مسلمين على الوجه التالي:
أ – تنفذ على المسلمين جميع أحكام الإسلام دون أي استثناء.
ب – يترك غير المسلمين وما يعتقدون وما يعبدون.
ج – المرتدون عن الإسلام يطبق عليهم حكم المرتد إن كانوا هم المرتدين، فإذا كانوا أولاد مرتدين وولدوا غير مسلمين فيعاملون معاملة غير المسلمين حسب وضعهم الذي هم عليه مـن كونهم مشركين أو أهل كتاب.
د – يعامل غير المسلمين في أمور المطعومات والملبوسات حسب أديانهم ضمن ما تجيزه الأحكام الشرعية.
هـ – تفصل أمور الزواج والطلاق بين غير المسلمين حسب أديانهم، وتفصل بينهم وبين المسلمين حسب أحكام الإسلام.
و – تنفذ الدولة باقي الأحكام الشرعية وسائر أمور الشريعة الإسلامية من معاملات وعقوبات وبينات ونظم حكم واقتصاد وغير ذلك على الجميع، ويكون تنفيذها على المسلمين وعلى غير المسلمين على السواء، وتنفذ كذلك على المعاهدين والمستأمنين وكل من هو تحت سلطان الإسلام كما تنفذ على أفراد الرعية إلا السفراء والرسل وما شاكلهم فيعاملون في تصرفاتهم حسب ما يجري الاتفاق عليه مع دولهم.
المادة 7– اللغة العربية هي وحدها لغة الإسلام وهي وحدها اللغة التي تستعملها الدولة.
المادة 8– الاجتهاد فرض كفاية، ولكل مسلم الحق بالاجتهاد إذا توفرت فيه شروطه.
المادة 9– جميع المسلمين يحملون مسؤولية الإسلام، فلا رجال دين في الإسلام، وعلى الدولة أن تمنع كل ما يشعر بوجودهم من المسلمين.
المادة 10– حمل الدعوة الإسلامية هو العمل الأصلي للدولة.
المادة 11– الكتاب والسنة وإجماع الصحابة والقياس هي وحدها الأدلة المعتبرة للأحكام الشرعية. ولا يجوز أن يؤخذ التشريع من غير هذه الأدلة.
المادة 12– الأصل براءة الذمة، ولا يعاقب أحد إلا بحكم محكمة، ولا يجوز تعذيب أحد مطلقاً، وكل من يفعل ذلك يعاقب.
المادة 13– الأصل في الأفعال التقيد بالحكم الشرعي فلا يقام بفعل إلا بعد معرفة حكمه، والأصل في الأشياء الإباحة ما لم يرد دليل التحريم.
المادة 14– الوسيلة إلى الحرام محرمة إذا تحقق فيها أمران: أحدهما أن تكون موصلة إلى الحرام حتماً بحيث لا تتخلف، وثانيهما أن يكون الفعل قد ورد الشرع بتحريمه.


نظام الحكم


المادة 15– نظام الحكم هو نظام وحدة وليس نظاماً اتحادياً.
المادة 16– يكون الحكم مركزياً والإدارة لا مركزية.
المادة 17– لا يجوز أن يتولى الحكم أو أي عمل يعتبر مـن الحكم إلا رجل حر عدل، ولا يجوز أن يكون إلا مسلماً.
المادة 18– محاسبة الحكام من قبل المسلمين حق من حقوقهم وفرض كفاية عليهم. ولغير المسلمين من أفراد الرعية الحق في إظهار الشكوى من ظلم الحاكم لهم، أو إساءة تطبيق أحكام الإسلام عليهم.
المادة 19– للمسلمين الحق في إقامة أحزاب سياسية لمحاسبة الحكام، أو الوصول للحكم عن طريق الأمة على شرط أن يكون أساسها العقيدة الإسلامية، وأن تكون الأحكام التي تتبناها أحكاماً شرعية. ولا يحتاج إنشاء الحزب لأي ترخيص. ويمنع أي تكتل يقوم على غير أساس الإسلام.
المادة 20– يقوم نظام الحكم على أربع قواعد هي:
أ – السيادة للشرع لا للشعب.
ب – السلطان للأمة.
ج – نصب رئيس دولة واحد فرض على المسلمين.
د – لرئيس الدولة وحده حق تبني الأحكام الشرعية فهو الذي يسن الدستور وسائر القوانين.
المادة 21– يقوم جهاز الدولة على سبعة أركان وهي:
أ – رئيس الدولة.
ب – المعاونون.
ج – الولاة.
د – القضاة.
هـ – الجهاز الإداري.
و – الجيش.
ز – مجلس الشورى.

مجلس الشورى


المادة 22– الأشخاص الذين يمثلون المسلمين في الرأي ليرجع إليهم رئيس الدولة هم مجلس الشورى. ويجوز لغير المسلمين أن يكونوا في مجلس الشورى من أجل الشكوى من ظلم الحكام، أو من إساءة تطبيق أحكام الإسلام.
المادة 23– ينتخب أعضاء مجلس الشورى انتخاباً.
المادة 24– لكل من يحمل التابعية إذا كان بالغاً عاقلا الحق في أن يكون عضواً في مجلس الشورى رجلاً كان أو امرأة مسلماً كان أو غير مسلم، إلا أن عضوية غير المسلم قاصرة على إظهار الشكوى من ظلم الحكام، أو إساءة تطبيق الإسلام.
المادة 25– الشورى هي أخذ الرأي مطلقاً، والمشورة هي أخذ الرأي الملزم. و ليس التشريع ولا التعريف ولا الأمور الفكرية ككشف الحقائق وكالأمور الفنية والعلمية من المشورة، وأما ما عداها من الآراء فإنه يدخل تحت المشورة.
المادة 26– الشورى حق للمسلمين فحسب ولا حق لغير المسلمين في الشورى، وأما إبداء الرأي فإنه يجوز لجميع أفراد الرعية مسلمين وغير مسلمين.
المادة 27– المسائل التي تدخل تحت الشورى وتكون من نوع المشورة يؤخذ فيها برأي الأكثرية بغض النظر عن كونه صواباً أم خطأً. أمـا ما عداها مما يدخل تحت الشورى فيتحرى فيها عن الصواب، بغض النظر عن الأكثرية أو الأقلية.
المادة 28– لمجلس الشورى صلاحيات أربع وهي:
أولاً - أ - كل ما هو داخل تحت ما تنطبق عليه كلمة مشورة من الأمور الداخلية يجب أن يؤخذ رأي مجلس الشورى فيه، وذلك مثل شؤون الحكم والتعليم والصحة والاقتصاد ونحوها. ويكون رأيه ملزماً. وكل ما ليس داخلاً تحت ما تنطبق عليه كلمة مشورة لا يجب أن يؤخذ رأي مجلس الشورى فيه، فلا يجب أن يؤخذ رأيه في السياسة الخارجية والمالية والجيش.
ب – لمجلس الشورى الحق في المحاسبة على جميع الأعمال التي تحصل بالفعل في الدولة سواء أكانت من الأمور الداخلية أم الخارجية أم المالية أم الجيش، ورأيه ملزم فيما كان رأي الأكثرية فيه ملزماً، وغير ملزم فيما كان رأي الأكثرية فيه غير ملزم. وإن اختلف مجلس الشورى والحكام على عمل من الناحية الشرعية يرجع فيه لرأي محكمة المظالم.
ثانياً – لمجلس الشورى حق إظهار عدم الرضى من الولاة أو المعاونين ويكون رأيه في ذلك ملزماً وعلى رئيس الـدولة عزلهم في الحال.
ثالثاً – يحيل رئيس الدولة إلى مجلس الشورى الأحكام التي يريد أن يتبناها في الدستور والقوانين. وللمسلمين من أعضائه حق مناقشتها وإعطاء الرأي فيها، ورأيهم في ذلك غير ملزم.
رابعاً – للمسلمين من أعضاء مجلس الشورى حق حصر المرشحين لرئاسة الدولة، ورأيهم في ذلك ملزم فلا يقبل ترشيح غير من رشحهم.

رئاسة الدولة


المادة 29– رئيس الدولة هو الذي ينوب عن الأمة في السلطان وفي تنفيذ الشرع.
المادة 30– رئاسة الدولة عقد مراضاة واختيار، فلا يجبر أحـد على قبولها، ولا يجبر أحد على اختيار من يتولاها.
المادة 31– لكل مسلم بالغ عاقل رجلاً كان أو امرأة الحق في انتخاب رئيس الدولة وفي بيعته، ولا حق لغير المسلمين في ذلك.
المادة 32- إذا تم عقد رئاسة الدولة لواحد بمبايعة من يتم انعقاد البيعة بهم تكون حينئذ بيعة الباقين بيعة طاعة لا بيعة انعقاد فيجبر عليها كل من يلمح فيه إمكانية التمرد.
المادة 33– لا يكون أحد رئيساً للدولة إلا إذا ولاه المسلمون، ولا يملك أحد صلاحيات رئاسة الدولة إلا إذا تم عقدها له على الوجه الشرعي كأي عقد من العقود في الإسلام.
المادة 34– يشترط في القطر أو البلاد التي تبايع رئيس الدولة بيعة انعقاد أن يكون سلطانها سلطاناً ذاتياً يستند إلى المسلمين وحدهم لا إلى أي دولة كافرة، وأن يكون أمان المسلمين في ذلك القطر داخلياً وخارجياً بأمان الإسلام لا بأمان الكفر. أما بيعة الطاعة فحسب من البلاد الأخرى فلا يشترط فيها ذلك.
المادة 35– لا يشترط فيمن يبايع لرئاسة الدولة إلا أن يكون مستكملاً شروط الانعقاد ليس غير، وإن لم يكن مستوفياً شروط الأفضلية لأن العبرة بشروط الانعقاد.
المادة 36– يشترط في رئيس الدولة حتى تنعقد له الرئاسة ستة شروط وهي: أن يكون رجلاً، مسلماً، حراً، بالغاً، عاقلاً عدلاً.
المادة 37– إذا خلا منصب رئاسة الدولة بموت رئيسها أو اعتزاله، أو عزله يجب نصب رئيس للدولة مكانه خلال ثلاثة أيام من تاريخ خلو منصب رئاسة الدولة.
المادة 38– طريقة نصب رئيس الدولة هي:
أ – يجري الأعضاء المسلمون في مجلس الشورى حصر المرشحين لهذا المنصب وتعلن أسماؤهم ثم يطلب من المسلمين انتخاب واحد منهم.
ب – تعلن نتيجة الانتخاب ويعرف المسلمون من نال أكثر أصوات المنتخبين.
ج – يبادر المسلمون بمبايعة من نال أكثر الأصوات رئيساً للدولة على العمل بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
د – بعد تمام البيعة يعلن من أصبح رئيساً للدولة على الملأ حتى يبلغ خبر نصبه كافة الأمة، مع ذكر اسمه وكونه يحوز الصفات التي تجعله أهلاً لانعقاد رئاسة الدولة له.
المادة 39– الأمة هي التي تنصب رئيس الدولة ولكنها لا تملك عزله متى تم انعقاد بيعته على الوجه الشرعي.
المادة 40– رئيس الدولة هو الدولة، فهو يملك جميع الصلاحيات التي تكون للدولة، فيملك الصلاحيات التالية:
أ – هو الذي يجعل الأحكام الشرعية حين يتبناها نافذة فتصبح حينئذ قوانين تجب طاعتها، ولا تجوز مخالفتها.
ب – هو المسؤول عن سياسة الدولة الداخلية والخارجية معاً، وهو الذي يتولى قيادة الجيش، وله حق إعلان الحرب، وعقد الصلح والهدنة وسائر المعاهدات.
ج – هو الذي له قبول السفراء الأجانب ورفضهم، وتعيين السفراء المسلميـن وعزلهم.
د – هو الذي يعين ويعزل المعاونين والولاة، وهم جميعاً مسؤولون أمامه، كما أنهم مسؤولون أمام مجلس الشورى.
هـ – هو الذي يعين ويعزل قاضي القضاة، ومديري الدوائر، وقواد الجيش وأمراء ألويته، وهم جميعاً مسؤولون أمامه مسؤولين أمام مجلس الشورى.
و – هو الذي يتبنى الأحكام الشرعية التي توضع بموجبها ميزانية الدولة وهو الذي يقرر فصول الميزانية والمبالغ التي تلزم لكل جهة سواء أكان ذلك متعلقاً بالواردات أم بالنفقات.
المادة 41– رئيس الدولة مقيد في التبني بالأحكام الشرعية فيحرم عليه أن يتبنى حكماً لم يستنبط استنباطاً صحيحاً من الأدلة الشرعية وهو مقيد بما تبناه من أحكام، وبما التزمه من طريقة استنباط، فلا يجوز له أن يتبنى حكماً استنبط حسب طريقة تناقض الطريقة التي تبناها، ولا أن يعطي أمراً يناقض الأحكام التي تبناها.
المادة 42– لرئيس الدولة مطلق الحق في رعاية شؤون الرعية حسب رأيه واجتهاده. إلا أنه لا يجوز له أن يخالف أي حكم شرعي بحجة المصلحة، فلا يمنع الرعية من استيراد البضائع بحجة المحافظة على صناعة البلاد مثلاً، ولا يسعر على الناس بحجة منع الاستغلال مثلاً، ولا يجبر المالك على تـأجير ملكه بحجة تيسير الإسكان مثلاً، ولا غير ذلك مما يخالف أحكام الشرع فلا يجوز له أن يحرم مباحاً أو يبيح حراماً.
المادة 43– ليس لرئاسة الدولة مدة محدودة، فما دام رئيس الدولة محافظاً على الشرع منفذاً لأحكامه، قادراً على القيام بشؤون الدولة يبقى رئيساً للدولة ما لم تتغير حاله تغيراً يخرجه عن رئاسة الدولة. فإذا تغيرت حاله هذا التغير وجب عزله في الحال.
المادة 44– الأمور التي يتغير بها حال رئيس الدولة فيخرج بها عن رئاسة الدولة ثلاثة أمور هي:
أ – إذا اختل شرط من شروط انعقاد رئاسة الدولة، كأن ارتد أو فسق فسقاً ظاهراً، أو جن، أو ما شاكل ذلك. لأن هذه الشروط شروط انعقاد، وشروط استمرار.
ب – العجز عـن القيام بأعباء رئاسة الدولة لأي سبب من الأسباب.
ج – القهر الذي يجعله عاجزاً عن التصرف بمصالح المسلمين برأيه وفق الشرع. فإذا قهره قاهر إلى حد أصبح فيه عاجزاً عن رعاية مصالح الرعية برأيه وحده حسب أحكام الشرع يعتبر عاجزاً حكماً عن القيام بأعباء الدولة فيخرج بذلك عن رئاسة الدولة. وهذا يتصور في حالتين:
الحالة الأولى – أن يتسلط عليه فرد واحد أو عدة أفراد من حاشيته فيستبدون بتنفيذ الأمور. فإن كان مأمون الخلاص من تسلطهم ينذر مدة معينة ثم إن لم يرفع تسلطهم يخلع. وإن لم يكن مأمون الخلاص يخلع في الحال.
الحالة الثانية – أن يصير مأسوراً في يد عدو قاهر، إما بأسره بالفعل، أو بوقوعه تحت تسلط عدوه، وفي هذه الحال ينظر، فإن كان مأمول الخلاص يمهل حتى يقع اليأس من خلاصه، فإن يُئس من خلاصه يخلع وإن لم يكن مأمول الخلاص يخلع في الحال.
المادة 45– محكمة المظالم وحدها هي التي تقرر ما إذا كانت قد تغيرت حال رئيس الدولة تغيراً يخرجه عن الرئاسة أم لا، وهي وحدها التي لها صلاحية عزله أو إنذاره.

المعاونون

المادة 46– يعين رئيس الدولة معاونين له يتحملون مسؤولية الحكم، فيفوض إليهم تدبير الأمور برأيهم وإمضاءها على اجتهادهم.
المادة 47– يشترط في المعاون ما يشترط في رئيس الدولة؛ أي أن يكون رجلاً حراً مسلماً بالغاً عاقلاً عدلاً، ويشترط فيه علاوة على ذلك أن يكون من أهل الكفاية فيما وكل إليه من أعمال.
المادة 48– يشترط في تقليد المعاون أن يشتمل على أمرين:
أحدهما عموم النظر، والثاني النيابة. ولذلك يجب أن يقول له رئيس الدولة قلدتك ما هو إلي نيابة عني، أو ما في هذا المعنى من الألفاظ التي تشتمل على عموم النظر والنيابة. فإن لم يكن التقليد على هذا الوجه لا يكون معاوناً، ولا يملك صلاحيات المعاون إلا إذا كان تقليده على هذا الوجه.
المادة 49- عمل المعاون هو مطالعة رئيس الدولة لما أمضاه من تدبير، وأنفذه من ولاية وتقليد، حتى لا يصير في صلاحياته كرئيس الدولة. فعمله أن يرفع مطالعته وأن ينفذ هذه المطالعة، ما لم يوقفه الخليفة عن تنفيذها.
المادة 50– يجب على رئيس الدولة أن يتصفح أعمال المعاون وتدبيره للأمور؛ ليقر منها الموافق للصواب، ويستدرك الخطأ. لأن تدبير شؤون الأمة موكول لرئيس الدولة ومحمول على اجتهاده هو.
المادة 51– إذا دبر المعاون أمراً وأقره رئيس الدولة فإن له أن ينفذه كما أقره الرئيس ليس بزيادة ولا نقصان. فإن عاد رئيس الدولة وعارض المعاون في رد ما أمضاه ينظر، فان كان في حكم نفذه على وجهه، أو مال وضعه في حقه، فرأي المعاون هو النافذ؛ لأنه بالأصل رأي رئيس الدولة، وليس لرئيس الدولة أن يستدرك ما نفذ من أحكام وأنفق من أموال. وإن كان ما أمضاه المعاون في غير ذلك مثل تقليد والٍ أو تجهيز جيش، جاز لرئيس الدولة معارضة المعاون، وينفذ رأي رئيس الدولة، ويلغى عمل المعاون؛ لأن لرئيس الدولة الحق في أن يستدرك ذلك من فعل نفسه فله أن يستدركه من فعل معاونه.
المادة 52– لا يخصص كل واحد من المعاونين بدائرة من الدوائر أو بقسم خاص من الأعمال؛ لأن ولايتهم عامة. وكذلك لا يباشرون الأمور الإدارية، ويكون إشرافهم عاماً على الجهاز الإداري.

الجهاز الإداري


المادة 53– الجهاز الإداري قسمان: أحدهما إدارة التنفيذ، والآخر إدارة المصالح. وكلاهما ليس من الحكم، ومن يتولون العمل فيهما أجراء وليسوا حكاماً.
المادة 54– إدارة التنفيذ هي جهاز لتنفيذ ما يصدر عن رئيس الدولة للجهات الداخلية والخارجية، ولرفع ما يرد إليه من هذه الجهات، فهي واسطة بين رئيس الدولة وغيره تؤدي عنه وتؤدي إليه.
المادة 55– يشترط فيمن يتولى إدارة التنفيذ أن يكون مسلماً؛ لأنه من بطانة رئيس الدولة.
المادة 56– يتولى إدارة التنفيذ مدير واحد، ويجوز أن يتولاها أكثر من واحد، بحيث يخصص كل واحد بعمل وهي متصلة مباشرة مع رئيس الدولة كالمعاونين، فمديرها يعتبر معاوناً ولكن في التنفيذ وليس في الحكم.
المادة 57– إدارة المصالح تقوم على مصالح الناس الذين يعيشون في ظل سلطان الدولة. ويعين لكل مصلحة من المصالح مدير يتولى إدارتها، ويكون مسؤولاً عنها مباشرة ولهؤلاء المديرين صلاحية تعيين موظفي دوائرهم ونقلهم وتأديبهم وعزلهم ضمن الأنظمة الإدارية، ويكون هؤلاء الموظفون مسؤولين أمام مديري دوائرهم من حيث عملهم، ومسؤولين أمام رئيس الدولة والمعاونين والولاة من حيث التقيد بالأحكام والأنظمة العامة.
المادة 58– سياسة إدارة المصالح تقوم على البساطة في النظام، والإسراع في إنجاز الأعمال، والكفاية فيمن يتولون الإدارة.
المادة 59– لكل من يحمل التابعية وتتوفر فيه الكفاية رجلاً كان أو امرأة مسلماً كان أو غير مسلم أن يعين مديراً لإدارة أية مصلحة من المصالح، وأن يكون موظفاً فيها.
المادة 60– المدراء في الجهاز الإداري كله سواء في إدارة التنفيذ، أو في إدارة المصالح لا يعزلون إلا لأسباب موجبة ضمن الأنظمة الإدارية. ولكن يجوز أن ينقل من عمل إلى عمل آخر حسب ما يرى المسؤولون عنه من حيث التوظيف.

الولاة


المادة 61– تقسم البلاد التي تحكمها الدولة إلى وحدات، وتسمى كل وحدة ولاية. وتقسم كل ولاية إلى وحدات تسمى كل واحدة منها عمالة، ويسمى كل من يتولى الولاية والياً أو أميراً، ويسمى كل من يتولى العمالة عاملاً أو حاكماً.
المادة 62– يعين الولاة من قبل رئيس الدولة، ويعين العمال من قبل رئيس الدولة ومن قبل الولاة إذا فوض إليهم ذلك. ويشترط في الولاة والعمال ما يشترط في المعاونين، فلا بد أن يكونوا رجالاً أحراراً مسلمين بالغين عقلاء عدولاً، وأن يكونوا من أهل الكفاية فيما وكل إليهم من أعمال، ويتخيرون من أهل التقوى والقوة.
المادة 63– للوالي صلاحية الحكم والإشراف على أعمال الدوائر في ولايته نيابة عن رئيس الدولة فله من الصلاحيات في ولايته جميع ما للمعاون في الدولة، فله الإمارة على أهل ولايته، والنظر في جميع ما يتعلق بها ما عدا المالية والقضاء والجيش. إلا أن الشرطة توضع تحت إمارته من حيث التنفيذ لا من حيث الإدارة.
المادة 64– لا يجب على الوالي مطالعة رئيس الدولة بما أمضاه في عمله على مقتضى إمارته إلا على وجه الإختيار، فإذا حدث إنشاء جديد غير معهود وقفه على مطالعة رئيس الدولة، ثم عمل بما أمر به. فإن خاف فساد الأمر بالانتظار قام بالأمر وأطلع رئيس الدولة وجوباً على الأمر وعلى سبب عدم مطالعته قبل القيام بعمله.
المادة 65– يكون في كل ولاية مجلس منتخب من أهلها يرأسه الوالي وتكون لهذا المجلس صلاحية المشاركة في الرأي في الشؤون الإدارية لا في شؤون الحكم، ورأيه غير ملزم للوالي.
المادة 66– ينبغي أن لا تطول مدة ولاية الشخص الواحد على الولاية بل يعفى من ولايته عليها كلما رؤي له تركز في البلد، أو افتتن الناس به.
المادة 67– لا ينقل الوالي من ولاية إلى ولاية؛ لأن توليته عامة النظر محدودة المكان، ولكن يعفى ويولى ثانية.
المادة 68– يعزل الوالي إذا رأى رئيس الدولة عزله، أو إذا أظهر مجلس الشورى عدم الرضى منه بسبب أو بدون سبب، أو إذا أظهر جمهرة أهل ولايته السخط منه. وعزله إنما يجري من قبل رئيس الدولة.
المادة 69– على رئيس الدولة أن يتحرى أعمال الولاة، وأن يكون شديد المراقبة لهم، وأن يعين من ينوب عنه للكشف عن أحوالهم، والتفتيش عليهم وأن يجمعهم أو قسماً منهم بين الحين والآخر، وأن يصغي إلى شكاوي الرعية منهم.

القضاء


المادة 70– القضاء هو الإخبار بالحكم الشرعي على سبيل الإلزام، وهو يفصل الخصومات بين الناس، أو يمنع ما يضر حق الجماعة، أو يرفع النزاع الواقع بين الناس، وأي شخص ممن هو في جهاز الحكم، حكاماً أو موظفين، رئيس دولة أو من دونه.
المادة 71– يعين رئيس الدولة قاضياً للقضاة من الرجال البالغين الأحرار المسلمين العقلاء العدول من أهل الفقه، وتكون له صلاحية تعيين القضاة وتأديبهم وعزلهم ضمن الأنظمة الإدارية، أما باقي موظفي المحاكم فمربوطون بمدير الدائرة التي تتولى إدارة شؤون المحاكم.
المادة 72– القضاة ثلاثة: أحدهم القاضي، وهو الذي يتولى الفصل في الخصومات بين الناس في المعاملات والعقوبات. والثاني المحتسب، وهو الذي يتولى الفصل في المخالفات التي تضر حق الجماعة. والثالث قاضي المظالم، وهو الذي يتولى رفع النزاع الواقع بين الناس والدولة.
المادة 73– يشترط فيمن يتولى القضاء أن يكون مسلماً، حراً، بالغاً، عاقلاً، عدلاً، فقيهاً، مدركاً لتنزيل الأحكام على الواقع. ويشترط فيمن يتولى قضاء المظالم زيادة على هذه الشروط أن يكون رجلاً وأن يكون مجتهداً.
المادة 74– يجوز أن يقلد القاضي والمحتسب تقليداً عاماً في القضاء بجميع القضايا في جميع البلاد، ويجوز أن يقلد تقليداً خاصـاً بالمكان وبأنواع القضاء. أما قاضي المظالم فلا يقلد إلا تقليداً عاماً من حيث القضاء، أما من حيث المكان فيجوز أن يقلد في جميع أنحاء البلاد، ويجوز أن يقلد في ناحية من النواحي.
المادة 75– لا يجوز أن تتألف المحكمة إلا من قاض واحد له صلاحية الفصل في القضاء، ويجوز أن يكون معه قاض آخر أو أكثر، ولكن ليست لهم صلاحية الحكم وإنما لهم صلاحية الاستشارة وإعطاء الرأي، ورأيهم غير ملزم له.
المادة 76– لا يجوز أن يقضي القاضي إلا في مجلس قضاء، ولا تعتبر البينة واليمين إلا في مجلس القضاء.
المادة 77– يجوز أن تتعدد درجات المحاكم بالنسبة لأنواع القضايا. فيجوز أن يخصص بعض القضاة بأقضية معينة إلى حد معين، وأن يوكل أمر غير هذه القضايا إلى محاكم أخرى.
المادة 78– لا توجد محاكم استئناف، ولا محاكم تمييز، فالقضاء من حيث البت في القضية درجة واحدة، فإذا نطق القاضي بالحكم فحكمه نافذ، ولا ينقضه حكم قاض آخر مطلقاً.
المادة 79– المحتسب هو القاضي الذي ينظر في كافة القضايا التي هي حقوق عامة لا يوجد فيها مدع، على أن لا تكون داخلة في الحدود والجنايات.
المادة 80– يملك المحتسب الحكم في المخالفات فور العلم بها في أي مكان دون الحاجة لمجلس قضاء، ويجعل تحت يده عدد من الشرطة لتنفيذ أوامره، وينفذ حكمه في الحال.
المادة 81– للمحتسب الحق في أن يختار نواباً عنه تتوفر فيهم شروط المحتسب، يوزعهم في الجهات المختلفة، وتكون لهؤلاء - النواب - صلاحية القيام بوظيفة الحسبة في المنطقة أو المحلة التي عينت لهم في القضايا التي فوضوا فيها.
المادة 82– قاضي المظالم هو قاض ينصب لرفع كل مظلمة تحصل على أي شخص يعيش تحت سلطان الدولة، سواء أكان من رعاياها أم من غيرهم، وسواء حصلت هذه المظلمة من رئيس الدولة أو ممن هو دونه من الحكام الموظفين.
المادة 83– يعين قاضي المظالم ويعزل من قبل رئيس الدولة، أو من قبل قاضي القضاة. ولكن ليس لرئيس الدولة، ولا لقاضي القضاة حق عزله في حال تلبسه في أية مظلمة أو شكوى.
المادة 84– لا يحصر قاضي المظالم بشخص واحد أو أكثر بل لرئيس الدولة أن يعين عدداً من قضاة المظالم حسب ما يحتاج رفع المظالم مهما بلغ عددهم. ولكن عند مباشرة القضاء لا تكون صلاحية الحكم إلا لقاض واحد ليس غير، ويجوز أن يجلس معه عدد من قضاة المظالم أثناء جلسة القضاء، ولكن تكون لهم صلاحية الاستشارة ليس غير، وهو غير ملزم بالأخذ برأيهم.
المادة 85– لمحكمة المظالم حق عزل أي حاكم أو موظف في الدولة، كما لها حق عزل رئيس الدولة.
المادة 86– تملك محكمة المظالم صلاحية النظر في أية مظلمة من المظالم سواء أكانت متعلقة بأشخاص من جهاز الدولة. أم متعلقة بمخالفة رئيس الدولة لأحكام الشرع، أم متعلقة بمعنى نص من نصوص التشريع في الدستور والقانون وسائر الأحكام الشرعية ضمن تبني رئيس الدولة، أم متعلقة بفرض ضريبة مـن الضرائب، أم غير ذلك.
المادة 87– لا يشترط في قضاء المظالم مجلس قضاء، ولا دعوة المدعى عليه، ولا وجود مدع، بل لها حق النظر في المظلمة ولو لم يدع بها أحد.
المادة 88– لكل إنسان الحق في أن يوكل عنه في الخصومة وفي الدفاع من يشاء سواء أكان مسلماً أم غير مسلم رجلاً كان أو امرأة. ولا فرق في ذلك بين الوكـيل والموكل. ويجوز للوكيل أن يوكل بأجر ويستحق الأجرة على الموكل حسب تراضيهما.
المادة 89– يجوز للشخص الذي يملك صلاحيات في أي عمل من الأعمال الخاصة كالوصي والولي، أو الأعمال العامة كرئيس الدولة والحاكم والموظف، وكقاضي المظالم والمحتسب، أن يقيم مقامه في صلاحيته وكيلاً عنه في الخصومة والدفاع فقط باعتبار كونه وصياً أو ولياً أو رئيس دولة أو حاكم أو موظف أو قاضي مظالم أو محتسب. ولا فرق في ذلك بين أن يكون مدعياً أو مدعى عليه.


الجيش


المادة 90– الجهاد فرض عـلى المسلمين، والتدريب على الجندية إجباري، فكل رجل مسلم يبلغ الخامسة عشرة من عمره فرض عليه أن يتدرب على الجندية استـعداداً للجهاد. وأما التجنيد فهو فرض على الكفاية.
المادة 91– الجيش قسمان قسم احتياطي، وهم جميع القادرين على حمل السلاح من المسلمين. وقسم دائم في الجندية تخصص لهم رواتب في ميزانية الدولة كالموظفين.
المادة 92– القوى المسلحة قوة واحدة هي الجيش وتختار منها فرق خاصة تنظم تنظيماً خاصاً وتعطى ثقافة معينة هي الشرطة.
المادة 93– يعهد إلى الشرطة بحفظ النظام، والإشراف على الأمن الداخلي، والقيام بجميع النواحي التنفيذية.
المادة 94– تجعل للجيش ألوية ورايات، ورئيس الدولة هو الذي يعقد اللواء لمن يوليه على الجيش، أما الرايات فيقدمها رؤساء الألوية.
المادة 95– رئيس الدولة هو قائد الجيش، وهو الذي يعين رئيس الأركان، وهو الذي يعين لكل لواء أميراً، ولكل فرقة قائداً. أما باقي رتب الجيش فيعينهم قواده وأمراء ألويته. وأما تعيين الشخص في الأركان فيكون حسب درجة ثـقافته الحربية ويعينه رئيس الأركان.
المادة 96– يجعل الجيش كله جيشاً واحداً يوضع في معسكرات خاصة. إلا أنه يجب أن توضع بعض هذه المعسكرات في مختلف الولايات، وبعضها في الأمكنة الإستراتيجية، ويجعل بعضها معسكرات متنقلة تنقلاً دائماً تكون قوات ضاربه. وتنظم هذه المعسكرات في مجموعات متعددة يطلق على كل مجموعة منها اسم جيش ويوضع لها رقم الجيش الأول، الجيش الثالث مثلاً، أو تسمى باسم ولاية من الولايات أو عمالة من العمالات.
المادة 97– يجب أن يوفر في الجيش التعليم العسكري العالي على أرفع مستوى، وأن يرفع المستوى الفكري لديه بقدر المستطاع وأن يثقف كل شخص في الجيش ثقافة إسلامية تمكنه من الوعي على الإسلام ولو بشكل إجمالي.
المادة 98– يجب أن يكون في كل معسكر عدد كاف من الأركان الذين لديهم المعرفة العسكرية العالية والخبرة في رسم الخطط وتوجيه المعارك، وأن يوفر في الجيش بشكل عام هؤلاء الأركان بأوفر عدد مستطاع.
المادة 99– يجب أن تتوفر لدى الجيش الأسلحة والمعدات والتجهيزات واللوازم والمهمات التي تمكنه مـن القيام بمهمته بوصفه جيشاً إسلامياً.


النظام الاجتماعي


المادة 100- الأصل في المرأة أنها أم وربة بيت، وهي عرض يجب أن يصان.
المادة 101- الأصل أن ينفصل الرجال عن النساء ولا يجتمعون إلا لحاجة يقرها الشرع كالبـيع، ويقر الاجتماع من أجلها كالحج.
المادة 102- تعطى المرأة ما يعطى الرجل من الحقوق، ويفرض عليها ما يفرض عليه من الواجبات إلا ما خصها الإسلام به، أو خص الرجل به بالأدلة الشرعية. فلها الحق في أن تزاول التجارة، والزراعة والصناعة. وأن تتولى العقود والمعاملات، وأن تملك كـل أنواع الملك، وأن تنمي أموالها بنفسها وبغيرها، وأن تباشر جميع شؤون الحياة بنفسها.
المادة 103- يجوز للمرأة أن تعين في وظائف الدولة، وفي مناصب القضاء ما عدا محكمة المظالم، وأن تنتخب أعضاء مجلس الشورى، وأن تكون عضواً فيه، وأن تشترك في انتخاب رئيس الـدولة ومبايعته.
المادة 104- لا يجوز أن تتولى المرأة الحكم، فلا تكون رئيس دولة ولا قاضياً في محكمة المظالم ولا والياً ولا عاملاً ولا تباشر أي عمل يعتبر من الحكم.
المادة 105- المرأة تعيش في حياة عامة وفي حياة خاصة. ففي الحياة العامة يجوز أن تعيش مع النساء والرجال المحارم والرجال الأجانب على أن لا يظهر منها إلا وجهها وكفاها، غير متبرجة ولا متبذلة. وأما في الحياة الخاصة فلا يجوز أن تعيش إلا مع النساء أو مع محارمها، ولا يجوز أن تعيش مع الرجال الأجانب. وفي كلتا الحياتين تتقيد بجميع أحكام الشرع.
المادة 106- تمنع الخلوة بغير محرم، ويمنع التبرج وكشف العورة أمام الأجانب.
المادة 107- يمنع كل من الرجل والمرأة من مباشرة أي عمل فيه خطر على الأخلاق، أو فساد في المجتمع إذا كان مندرجاً تحت حكم من الأحكام الشرعية، كاستئجار المرأة أو غلام للانتفاع بالميل الجنسي من الرجال لهم كمضيفة الطائرة، وكالصبي الجميل عند الحلاقين أو في المطاعم.
المادة 108- الحياة الزوجية حياة اطمئنان، وعشرة الزوجين عشرة صحبة. وقوامة الزوج قوامة رعاية لا قوامة حكم. وقد فرضت عليها الطاعة، وفرض عليه نفقتها حسب المعروف لمثلها.
المادة 109- يتعاون الزوجان في القيام بأعمال البيت تعاوناً تاماً، وعلى الزوج أن يقوم بجميع الأعمال التي يقام بها خارج البيت، وعلى الزوجة أن تقوم بجميع الأعمال التي يقام بها داخل البيت حسب استطاعتها. وعليه أن يحضر لها خداماً بالقدر الذي يكفي لقضاء الحاجات التي لا تستطيع القيام بها.
المادة 110- كفالة الصغار واجب على المرأة وحق لها، سواء أكانت مسلمة أو غير مسلمة ما دام الصغير محتاجاً إلى هذه الكفالة فإن استغنى عنها ينظر، فإن كانت الحاضنة والولي مسلمين خيْر الصغير في الإقامة مع من يريد، فمن يختاره له أن ينضم إليه سواء أكان الرجل أم المرأة، ولا فرق في الصغير بين أن يكون ذكراً أو أنثى. أما إن كان أحدهما غير مسلم فلا يخير بـل ينضم إلى المسلم منهما.



النظام الاقتصادي


المادة 111- سياسة الاقتصاد هي النظرة إلى ما يجب أن يكون عليه المجتمع عند النظرة إلى إشباع الحاجات. فيجعل ما يجب أن يكون عليه المجتمع أساساً لإشباع الحاجات.
المادة 112- المشكلة الاقتصادية هي توزيع الأموال والمنافع على جميع أفراد الرعية، وتمكينهم من الإنتفاع بها بتمكينهم من حيازتها ومن السعي لها.
المادة 113- يجب أن يضمن إشباع جميع الحاجات الأساسية لجميع الأفراد فرداً فرداً إشباعاً كلياً، وأن يضمن تمكين كل فرد منهم من إشباع الحاجات الكمالية على أرفع مستوى مستطاع.
المادة 114- المال لله وحده وهو الذي استخلف بني الإنسان فيه فصار لهم بهذا الاستخلاف العام حق ملكيته، وهو الذي أذن للفرد بحيازته فصار له بهذا الإذن الخاص ملكيته بالفعل.
المادة 115- الملكية ثلاث أنواع: ملكية فردية، وملكية عامة، وملكية الدولة.
المادة 116- الملكية الفردية هي حكم شرعي مقدر بالعين أو المنفعة يقتضي تمكين من يضاف إليه من انتفاعه بالشيء وأخذ العوض عنه.
المادة 117- الملكية العامة هي إذن الشارع للجماعة بالاشتراك في الانتفاع بالعين.
المادة 118- كل مال مصرفه موقوف على رأي رئيس الدولة واجتهاده يعتبر ملكاً للدولة، كأموال الضرائب والخراج والجزية.
المادة 119- الملكية الفردية في الأموال المنقولة وغير المنقولة مقيدة بالأسباب الشرعية الخمسة وهي:
أ - العمل.
ب – الإرث.
ج – الحاجة إلى المال لأجل الحياة.
د – إعطاء الدولة من أموالها للرعية.
هـ – الأموال التي يأخذها الأفراد دون مقابل مال أو جهد.
المادة 120- التصرف بالملكية مقيد بأذن الشارع، سواء أكان تصرفاً بالإنفاق أم تصرفاً بتنمية الملك. فيمنع السرف والترف والتقتير، وتمنع الشركات الرأسمالية والجمعيات التعاونية وسائر المعاملات المخالفة للشرع، ويمنع الربا والغبن الفاحش والاحتكار والقمار وما شابه ذلك.
المادة 121- الأرض العشرية هي التي أسلم أهلها عليها وأرض جزيرة العرب، والأرض الخراجية هي التي فتحت حرباً أو صلحاً ما عدا جزيرة العرب. والأرض العشرية يملـك الأفراد رقبتها ومنفعتها. وأما الأرض الخراجية فرقبتها ملك للدولة ومنفعتها يملكها الأفراد، ويحق لكل فرد تبادل الأرض العشرية، ومنفعة الأرض الخراجية بالعقود الشرعية، وتورث عنهم كسائر الأموال.
المادة 122- الأرض الموات تملك بالأحياء والتحجير، وأما غير الموات فلا تملك إلا بسبب شرعي كالإرث والشراء والإقطاع.
المادة 123- يمنع تأجير الأرض للزراعة مطلقاً سواء أكانت خراجية أم عشرية، كما تمنع المزارعة. أما المساقاة فجائزة مطلقاً.
المادة 124- يجبر كل من ملك أرضاً على استغلالها، ويعطى المحتاج من بيت المال ما يمكنه من هذا الاستغلال. وكل من يهمل الأرض ثلاث سنين من غير استغلال تؤخذ منه وتعطى لغيره.
المادة 125- تتحقق الملكية العامة في ثلاثة أشياء هي:
أ – كل ما هو من مرافق الجماعة كساحات البلدة.
ب – المعادن التي لا تنقطع كمنابع البترول.
ج – الأشياء التي طبيعتها تمنع اختصاص الفرد بحيازتها كالأنهار.
المادة 126- المصنع من حيث هو من الأملاك الفردية. إلا أن المصنع يأخذ حكم المادة التي يصنعها. فإن كانت المادة من الأملاك الفردية كان المصنع ملكاً فردياً كمصانع النسيج. وإن كانت المادة من الأملاك العامة كان المصنع ملكاً عاماً كمصانع استخراج الحديد.
المادة 127- لا يجوز للدولة أن تحول ملكية فردية إلى ملكية عامة؛ لأن الملكية العامة ثابتة في طبيعة المال وصفته لا برأي الدولة.
المادة 128- لكل فرد من أفراد الأمة حق الانتفاع بما هو داخل في الملكية العامة، ولا يجوز للدولة أن تأذن لأحد دون باقي الرعية بملكية الأملاك العامة أو استغلالها.
المادة 129- يجوز للدولة أن تحمي من الأرض الموات ومما هو داخل في الملكية العامة لأية مصلحة تراها من مصالح الرعية.
المادة 130- يمنع كنز المال ولو أخرجت زكاته.
المادة 131- تجبى الزكاة من المسلمين، وتؤخذ على الأموال التي عين الشرع الأخذ منها من نقد وعروض تجارة ومواش وحبوب، ولا تؤخذ من غير ما ورد الشرع به. وتؤخذ من كل مالك سواء أكان مكلفاً كالبالغ العاقل أم غير مكلف كالصبي والمجنون. وتوضع في باب خاص من بيت المال، ولا تصرف إلا لواحد أو أكثر من الأصناف الثمانية الذين ذكرهم القرآن الكريم.
المادة 132- تجبى الجزية من الذميين، وتؤخذ على الرجال البالغين إذا كانوا يحتملونها، ولا تؤخذ على النساء ولا على الأولاد.
المادة 133- يجبى الخراج على الأرض الخراجية بقدر احتمالها، وأما الأرض العشرية فتجبى منها الزكاة على الناتج الفعلي.
المادة 134- تستوفى من المسلمين الضريبة التي أجاز الشرع استيفاءها لسد نفقات بيت المـال، على شرط أن يكون استيفاؤها مما يزيد على الحاجات التي يجب توفيرها لصاحب المال بالمعروف، وأن يراعى فيها كفايتها لسد حاجات الدولة، ولا تؤخذ من غير المسلمين ضريبة مطلقاً، ولا يحصل منهم مال إلا الجزية.
المادة 135- كل ما أوجب الشرع على الأمة القيام به من الأعمال وليس في بيت المال مال للقيام به فإن وجوبه ينتقل على الأمة، وللدولة حينئذ الحق في أن تحصله من الأمة بفرض الضريبة عليها. وما لم يجب على الأمة شرعاً القيام به لا يجوز للدولة أن تفرض أي ضريبة من أجله، فلا يجوز أن تأخذ رسوماً للمحاكم أو الدوائر أو لقضاء أي مصلحة.
المادة 136- لميزانية الدولة أبواب دائمية قررتها أحكام شرعية. وأما فصول الميزانية والمبالغ التي يتضمنها كل فصل، والأمور التي تخصص لها هذه المبالغ في كل فصل، فإن ذلك موكول لرأي رئيس الدولة واجتهاده.
المادة 137- واردات بيت المال الدائمية هي الفيء كله، والجزية والخراج، وخمس الركاز، والزكاة. وتؤخذ هذه الأموال دائمياً سواء أكانت هنالك حاجة أم لم تكن.
المادة 138- إذا لم تكف واردات بيت المال الدائمية لنفقات الدولة فإن لها أن تحصل من المسلمين ضرائب، ويجب أن تسير في تحصيل الضرائب على الوجه التالي:
أ - لسد النفقات الواجبة على بيت المال للفقراء والمساكين وأبن السبيل وللقيام بفرض الجهاد.
ب – لسد النفقات الواجبة على بيت المال على سبيل البدل كنفقات الموظفين وأرزاق الجند وتعويضات الحكام.
ج – لسد النفقات الواجبة على بيت المال على وجه المصلحة والإرفاق دون بدل كإنشاء الطرقات واستخراج المياه وبناء المساجد والمدارس والمستشفيات.
د – لسد النفقات الواجبة على بيت المال على وجه الضرورة كحادث طرأ على الرعية من مجاعة أو طوفان أو زلزال.
المادة 139- يعتبر من الواردات التي توضع في بيت المال الأموال التي تؤخذ من الجمارك على ثغور البلاد، والأموال الناتجة من الملكية العامة أو من ملكية الدولة، والأموال الموروثة عمن لا وارث له.
المادة 140- نفقات بيت المال مقسمة على ست جهات هي:
أ – الأصناف الثمانية الذين يستحقون أموال الزكاة يصرف لهم من باب الزكاة. فإذا لم يوجد مال في باب الزكاة لا يصرف لهم شيء.
ب – الفقراء والمساكين وأبن السبيل والجهاد والغارمين إذا لم يوجد في باب أموال الزكاة مال صرف لهم من واردات بيت المال الدائمية، وإذا لم يوجد لا يصرف للغارمين شيء. وأما الفقراء والمساكين وأبن السبيل والجهاد فتحصل ضرائب لسد نفقاتهم ويقترض لأجل ذلك في حالة خوف الفساد.
ج – الأشخاص الذين يؤدون خدمات للدولة كالموظفين والجند فإنه يصرف لهم من بيت المال. وإذا لم يكف مال بيت المال تحصل ضرائب في الحال لسد هذه النفقات ويقترض لأجلها في حالة خوف الفساد.
د – المصالح والمرافق الأساسية كالطرقات والمساجد والمستشفيات والمدارس يصرف عليها من بيت المال فإذا لم يف ما في بيت المال تحصل ضرائب في الحال لسد هذه النفقات.
هـ – المصالح والمرافق الكمالية يصرف عليها من بيت المال فإذا لم يوجد ما يكفي لها في بيت المال لا يصرف لها وتؤجل.
و – الحوادث الطارئة كالزلازل والطوفان يصرف عليها من بيت المال، وإذا لم يوجد يقترض لأجلها المال في الحال ثم يسدد من الضرائب التي تجمع.
المادة 141- تضمن الدولة إيجاد الأعمال لكل من يحمل التابعية.
المادة 142- الموظفون عند الأفراد والشركات كالموظفين عند الدولة في جميع الحقوق والواجبات، وكل من يعمل بأجر موظف مهما اختلف نوع العمل أو العامل. وإذا اختلف الأجير والمستأجر على الأجرة يحكم أجر المثل. أما إذا اختلفوا على غيرها فيحكم عقد الإجارة على حسب أحكام الشرع.
المادة 143- يجوز أن تكون الأجرة حسب منفعة العمل، وأن تكون حسب منفعة العامل، ولا تكون حسب معلومات الأجير، أو شهاداته العلمية، ولا توجد زيادات سنوية للموظفين بل يعطون جميع ما يستحقون من أجر سواء أكان على العمل أم على العامل.
المادة 144- تضمن الدولة نفقة من لا مال عنده ولا عمل له، ولا يوجد من تجب عليه نفقتـه. وتتولى إيواء العجزة وذوي العاهات.
المادة 145- تعمل الدولة على تداول المال بين الرعية، وتحول دون تداوله بين فئة خاصة.
المادة 146- تعالج الدولة تمكين كل فرد من الرعية من إشباع حاجاته الكمالية، وإيجاد التوازن في المجتمع على الوجه التالي:
أ – أن تعطي المال منقولاً أو غير منقول من أموالها التي تملكها في بيت المال، ومن الفيء وما شابهه.
ب – أن تقطع من الأراضي العامرة من لا يملكون أرضاً كافية. أما من يملكون أرضاً ولا يستغلونها فلا تعطيهم وتعطي العاجزين عن الزراعة مالاً لتجعل لديهم القدرة على الزراعة.
ج – تقوم بسداد ديون العاجزين عن السداد من مال الزكاة ومن الفيء وما شابهه.
د – تعطي المحتاج وغير المحتاج من أموال الملكية العامة حسب ما تراه مؤدياً للتمكين من إشباع الحاجات الكمالية، ولإيجاد التوازن.
المادة 147- تشرف الدولة على الشؤون الزراعية ومحصولاتها وفق ما تتطلبه السياسة الزراعية التي تحقق استغلال الأرض على أعلى مستوى من الإنتاج.
المادة 148- تشرف الدولة على الشؤون الصناعية برمتها، وتتولى مباشرة الصناعات التي تتعلق بما هو داخل في الملكية العامة.
المادة 149- التجارة الخارجية تعتبر حسب تابعية التاجر لا حسب منشأ البضاعة، فالتجار الحربيون يمنعون من التجارة في بلادنا. إلا بإذن خاص للتاجر أو للمال. والتجار المعاهدون يعاملون حسب المعاهدات التي بيننا وبينهم، والتجار الذين من الرعية يمنعون من إخراج ما تحتاجه البلاد من المواد ومن إخراج المواد الإستراتيجية، ولا يمنعون من إدخال أي مال يملكونه.
المادة 150- لجميع أفراد الرعية الحق في إنشاء المختبرات العلمية المتعلقة بكافة شؤون الحياة، وعلى الـدولة أن تقوم هي بإنشاء هذه المختبرات.
المادة 151- يمنع الأفراد من ملكية المختبرات التي تنتج مواد تؤدي ملكيتهم لها حتماً إلى ضرر على الأمة أو على الدولة قد نص الشرع على تحريمه.
المادة 152- توفر الدولة جميع الخدمات الصحية مجاناً للجميع ولكنها لا تمنع استئجار الأطباء، ولا بيع الأدوية.
المادة 153- يمنع استغلال واستثمار الأموال الأجنبية في البلاد، كما يمنع منح الامتيازات لأي أجنبي.
المادة 154- تصدر الدولة نقداً خاصاً بها يكون مستقلاً ولا يجوز أن يرتبط بأي نقد أجنبي.
المادة 155- نقود الدولة هي الذهب والفضة مضروبة كانت أو غير مضروبة، ولا يجوز أن يكون لها نقد غيرهما.
ويجوز أن تصدر الدولة بدل الذهب والفضة شيئاً آخر على شرط أن يكون له في خزانة الدولة ما يساويه من الذهب والفضة. فيجوز أن تصدر الدولة نحاساً أو برونزاً أو ورقاً أو غير ذلك وتضربه باسمها نقداً لها إذا كان له مقابل يساويه تماماً من الذهب والفضة.
المادة 156- يمنع فتح المصارف منعاً باتاً، ولا يكون إلا مصرف الدولة، ولا يتعامل بالربا ويكون دائرة من دوائر بيت المال. ويقوم بإقراض الأموال حسب أحكام الشرع، وبتسهيل المعاملات المالية والنقدية.
المادة 157- الصرف بين عملة الدولة وبين عملات الدول الأخرى جائز كالصرف بين عملتها هي سواء بسواء، وجائز أن يتفاضل الصرف بينهما إذا كانا من جنسين مختلفين على شرط أن يكون يد بيد، ولا يصح أن يكون نسيئة. ويسمح بتغيير سعر الصرف دون أي قيد ما دام الجنسان مختلفين، ولكل فرد من أفراد الرعية أن يشتري العملة التي يريدها من الداخل والخارج وأن يشتري بها دون أي حاجة إلى إذن عملة أو غيره.


سياسة التعليم


المادة 158- يجب أن يكون الأساس الذي يقوم عليه منهج التعليم هو العقيدة الإسلامية، فتوضع مواد الدراسة وطرق التدريس جميعها على الوجه الذي لا يحدث أي خروج في التعليم عن هذا الأساس.
المادة 159- سياسة التعليم هي تكوين العقلية الإسلامية والنفسية الإسلامية، فتوضع جميع مواد الدراسة التي يراد تدريسها على أساس هذه السياسة.
المادة 160- الغاية من التعليم هي إيجاد الشخصية الإسلامية وتزويد الناس بالعلوم والمعارف المتعلقة بشؤون الحياة. فتجعل طرق التعليم على الوجه الذي يحقق هذه الغاية وتمنع كل طريقة تؤدي لغير هذه الغاية.
المادة 161- يجب أن يفرق في التعليم بين العلوم التجريبية وما هو ملحق بها كالرياضيات، وبين المعارف الثقافية. فتدرس العلوم التجريبية وما يلحق بها حسب الحاجة، ولا تقيد في أي مرحلة من مراحل التعليم. أما المعارف الثقافية فإنها تؤخذ في المرحلتين الابتدائية والثانوية وفق سياسة معينة لا تتناقض مع أفكار الإسلام وأحكامه. وأما في المرحلة العالية فتؤخذ هذه المعارف كما يؤخذ العلم على شرط أن لا تؤدي إلى أي خروج عن سياسة التعليم وغايته.
المادة 162- يجب تعليم الثقافة الإسلامية في جميع مراحل التعليم، وأن يخصص في المرحلة العالية فروع لمختلف المعارف الإسلامية كما يخصص فيها للطب والهندسة والطبيعيات وما شاكلها.
المادة 163- الفنون والصناعات قد تلحق بالعلم من ناحية كالفنون التجارية والملاحة والزراعة وتؤخذ دون قيد أو شرط، وقد تلحق بالثقافة عندما تتأثر بوجهة نظر خاصة كالتصوير والنحت فلا تؤخذ إذا ناقضت وجهة نظر الإسلام.
المادة 164- يكون برنامج التعليم واحداً، ولا يسمح ببرنامج غير برنامج الدولة. ولا تمنع المدارس الأهلية ما دامت مقيدة ببرنامج الدولة، قائمة على أساس منهج التعليم، متحققاً فيها سياسة التعليم وغايته على أن لا تكون أجنبية.
المادة 165- تعليم ما يلزم للإنسان في معترك الحياة فرض على الدولة لكل فرد ذكراً كان أو أنثى، في المرحلتين الابتدائية والثانوية، فعليها أن توفر ذلك للجميع مجاناً، ويفسح مجال التعليم العالي مجاناً للجميع بأقصى ما يتيسر من إمكانيات.
المادة 166- تهيئ الدولة المكتبات والمختبرات وسائر وسائل المعرفة في غير المدارس والجامعات لتمكين الذين يرغبون مواصلة الأبحاث في شتى المعارف من فقه وأصول فقه وحديث وتفسير، ومن فكر وطب وهندسة وكيمياء، ومن اختراعات واكتشافات ومن غير ذلك، حتى يوجد في الأمة حشد من المجتهدين والمبدعين والمخترعين.
المادة 167- يمنع استغلال التأليف للتعليم في جميع مراحله ولا يملك أحد مؤلفاً كان أو غير مؤلف حقـوق الطبع والنشر إذا طبع الكتاب ونشره. أما إذا كان أفكاراً لديه لم تطبع ولم تنشر فيجوز له أن يأخذ أجرة إعطائها للناس كما يأخذ أجرة التعليم.
المادة 168- لكل فرد من الرعية أن يصدر أي جريدة أو مجلة سياسية كانت أم غير سياسية، وأن يصدر أي كتاب دون حـاجة لأي ترخيص. ويعاقب كل من يطبع أو ينشر أو يصدر أي شيء من شأنه أن يهدم الأساس الذي تقوم عليه الدولة.
المادة 169- تعمل الدولة على مكافحة الأمية، وتثقيف من فاتتهم الثقافة في سن التعليم.


السياسة الخارجية


المادة 170- السياسة هي رعاية شؤون الأمة داخلياً وخارجياً، وتكون من قبل الدولة والأمة. فالدولة هي التي تباشر هذه الرعاية عملياً، والأمة هي التي تحاسب بها الدولة.
المادة 171- لا يجوز لأي فرد، أو حزب، أو كتلة، أو جماعة، أن تكون لهم علاقة بأي دولة من الدول الأجنبية مطلقاً. والعلاقة بالدول محصورة بالدولة وحدها؛ لأن لها وحـدها حق رعاية شؤون الأمة عملياً. وعلى الأمة والتكتلات أن تحاسب الدولة على هذه العلاقات الخارجية.
المادة 172- الغاية لا تبرر الواسطة؛ لأن الطريقة من جنس الفكرة فلا يتوصل بالحرام إلى الواجب ولا إلى المباح. والوسيلة السياسية لا يجوز أن تناقض طريقة السياسة.
المادة 173- المناورات السياسية ضرورية في السياسة الخارجية، والقوة فيها تكمن في إعلان الأعمال وإخفاء الأهداف.
المادة 174- الجرأة في كشف جرائم الدول، وبيان خطر السياسات الزائفة، وفضح المؤامرات الخبيثة، وتحطيم الشخصيات المضللة، هي من أهم الأسالـيب السياسية.
المادة 175- يعتبر إظهار عظمة الأفكار الإسلامية في رعاية شؤون الأفراد والأمم والدول من أعظم الطرق السياسية.
المادة 176- القضية السياسية للأمة هي الإسلام في قوة شخصية دولته، وإحسان تطبيق أحكامه، والدأب على حمل دعوته إلى العالم.
المادة 177- الإسلام هو المحور الذي تدور حوله السياسة الخارجية، وعلى أساسه تبنى علاقة الدولة بجميع الدول.
المادة 178- علاقة الدولة بغيرها من الدول القائمة في العالم تقوم على اعتبارات أربعة:
أحدها: الدول القائمة في العالم الإسلامي تعتبر كأنها قائمة في بلاد واحدة. فلا تدخل ضمن العلاقات الخارجية، ولا تعتبر العلاقات معها من السياسة الخارجية، ويجب أن يعمل لتوحيدها كلها في دولة واحدة. ولا يعتبر رعاياها أجانب، بل لهم الحق كأي فرد من أفراد الرعية إن كانت دارهم دار إسلام، أما إن كانت دارهم دار كفر فيعتبر رعاياها أجانب.
ثانيها: الدول التي بيننا وبينها معاهدات اقتصادية، أو معاهدات تجارية، أو معاهدات حسن جوار، أو معاهدات ثقافية تعامل وفق ما تنص عليه المعاهدات. ولرعاياها الحق في دخول البلاد بالهوية دون حاجة إلى جواز سفر إذا كانت المعاهدة تنص على ذلك، على شرط المعاملة بالمثل فعلاً. وتكون العلاقات الاقتصادية والتجارية معها محدودة بأشياء معينة، وصفات معينة على أن تكون ضرورية، ومما لا يؤدي إلى تقويتها.
ثالثها: الدول التي ليس بيننا وبينها معاهدات، والدول الاستعمارية فعلاً كإنجلترا وأمريكا وفرنسا والدول التي تطمع في بلادنا كروسيا، تعتبر دولاً محاربة حكماً، فتتخذ جميع الإحتياطات بالنسبة لها، ولا يصح أن تنشأ معها أية علاقات دبلوماسية. ولرعايا هذه الدول أن يدخلوا بلادنا، ولكن بجواز سفر وبتأشيرة خاصة لكل فرد ولكل سفرة.
رابعها: الدول المحاربة فعلاً كإسرائيل مثلاً يجب أن نتخذ معها حالة الحرب أساساً لكافة التصرفات. وتعامل كأننا وإياها في حرب فعلية سواء أكانت بيننا وبينها هدنة أم لا. ويمنع جميع رعاياها من دخول البلاد، وتستباح دماء وأموال غير المسلمين منهم.
المادة 179- تمنع منعاً باتاً المعاهدات العسكرية، وما هو من جنسها، أو ملحق بها كالمعاهدات السياسية، واتفاقيات تـأجير القواعد والمطارات، ويجوز عقد معاهدات حسن الجوار، والمعاهدات الاقتصادية، والتجارية، والمالية، والثقافية، ومعاهدات الهدنة.
المادة 180- يسمح للدول غير المحاربة فعلاً، وغير الدول الاستعمارية فعلاً، وغير الدول الطامعة في بلادنا، أن تفتح سفارات في البلاد على شرط أن يمنع نشاطها الثقافي والسياسي، وتقيد صلاحيتها وتنقلاتها.
المادة 181- تفتح الدولة سفارات لدى الدول غير المحاربة فعلاً حسب ما تقتضيه مصلحة الدعوة ويكون من عمل هذه السفارات حمل الدعوة والدعاية للإسلام.
المادة 182- المنظمات التي تقوم على غير أساس الإسلام، أو تطبق أحكاماً غير أحكام الإسلام، لا يجوز للدولة أن تشترك فيها، وذلك كالمنظمات الدولية مثل هيئة الأمم، ومحكمة العدل الدولية، وصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي. وكالمنظمات الإقليمية مثل الجامعة العربية، ومؤسسة الإنماء العربي.


هذه هي مواد الدستور المأخوذة من الأدلة الشرعية باجتهاد صحيح. على أن الأسباب الموجبة لهذه المواد مفصلة تفصيلاً كاملاً في كتاب مقدمة الدستور الذي أصدره حزب التحرير سنة 1963م، سائلين المولى عز وجل أن يمكن أمتنا الإسلامية من أن تضعه موضع تطبيق فعلي، بعد كنس هذه الأنظمة الخائنة التي أهلكت الحرث والنسل، والأنظمة الأخرى التي يراد لها أن تنفذ خطة أميركا للمنطقة والمتمثلة بمشروع الشرق الأوسط الكبير.

قال تعالى {وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ}


4/ذي الحجة/1432هـ
31/10/2011م

http://arabic.hizbuttahrir.org/
http://muntada.sawtalummah.com/showthread.php?t=1473

آخر تعديل بواسطة المحرر السياسي ، 11-02-2011 الساعة 02:20 PM
رد مع اقتباس
 
 
  #3  
قديم 11-01-2011
مستنير مستنير غير متواجد حالياً
عضو مشارك
 
تاريخ التسجيل: Oct 2011
المشاركات: 45
افتراضي رد: كتاب "الدولة الإسلامية والدولة المدنية" لحزب التحرير

رائع جدا
رد مع اقتباس
 
 
  #4  
قديم 11-02-2011
سهل سهل غير متواجد حالياً
عضو فعال
 
تاريخ التسجيل: Oct 2010
المشاركات: 136
افتراضي رد: كتاب "الدولة الإسلامية والدولة المدنية" لحزب التحرير

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو البراء الشامي مشاهدة المشاركة
وموقع حزب التحرير ليس موقعا أكله الدود لمعرفات لانترنتية لا نعرف من هم



--------------------------------------------------------------------------------

الموقع الرسمي لحزب التحرير عربي
http://www.hizb-ut-tahrir.org/arabic/
الموقع الرسمي لحزب التحرير بالالماني
[url]http://www.hizb-ut-http://www.al-waie.org/
اريد ان أطلب منك طلب يا ابو البراء عندما تريد ان تبث أعلان عن مواقع جماعتكم حبذا لو تختصرها بعلامه معينه مثل او او وسنعرف انه فاصل أعلاني لكم ليس لشيء الا لأختصار الوقت لأن حذف المواقع من الاقتباس تأخذ الوقت معي فالوقت من ذهب ولا داعي للاعلان لانكم ماركه عالميه الشعب يريد خلافه اسلاميه بالبندوره ولخيار الخلافه من سوريا جايه زي النار ...........الخ الخ
رد مع اقتباس
 
 
  #5  
قديم 11-14-2011
المحرر السياسي المحرر السياسي غير متواجد حالياً
عضو فعال
 
تاريخ التسجيل: Sep 2011
المشاركات: 106
افتراضي رد: كتاب "الدولة الإسلامية والدولة المدنية" لحزب التحرير

(فـ "الدولة المدنية" هي الدولة التي تفصل الدين عن الحياة؛ أي تنحيه، وتنبذ أحكامه، ولا تسمح أن تبنى العلاقات بين الناس في المجتمع على أساسه).
من كتاب "الدولة الإسلامية و"الدولة المدنية" لحزب التحرير الطبعة الأولى 1432هـ الموافق 2011م
رد مع اقتباس
 
 
  #6  
قديم 11-14-2011
ابو البراء الشامي ابو البراء الشامي غير متواجد حالياً
عضو مرابط
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 823
افتراضي رد: كتاب "الدولة الإسلامية والدولة المدنية" لحزب التحرير

الموقع الرسمي لحزب التحرير عربي
http://www.hizb-ut-tahrir.org/arabic/
الموقع الرسمي لحزب التحرير بالالماني
http://www.hizb-ut-tahrir.org/DE/
الموقع الرسمي لحزب التحرير بالتركي
http://www.hizb-ut-tahrir.org/TR/
الموقع الرسمي لحزب التحرير بالانكليزي
http://www.hizb-ut-tahrir.org/EN/
المكتب الاعلامي المركزي لحزب التحرير عربي
http://www.hizb-ut-tahrir.info/info/
موقع المكتب الاعلامي المركزي لحزب التحرير بالانكليزي
http://www.hizb-ut-tahrir.info/info/english.php
موقع المكتب الاعلامي المركزي لحزب التحرير بالالماني
http://www.hizb-ut-tahrir.info/info/deutsch.php
موقع المكتب الاعلامي المركزي لحزب التحرير بالتركي
http://www.hizb-ut-tahrir.info/info/turkish.php
تلفزيون و فضائية حزب التحرير البث المتلفز
http://www.htmedia.info/
راديو واذاعة حزب التحرير
http://www.hizb-ut-tahrir.info/info//index.php/radio
راديو و اذاعة حزب التحرير
http://www.fomny.org/Video/Arabic-Ra...-ut-tahrir.htm
موقع الخلافة بالعربية
http://khilafah.net/main//index.php/default/index
موقع أمير حزب التحرير حفظه الله تعالى
http://hizb-ut-tahrir.info/arabic/in...tameer/categ_9
قاعة البث الحي لحزب التحرير
http://www.alummah-voice.com/live/index.php
موقع المكتب الاعلامي لحزب التحرير لبنان
http://www.tahrir.info/
موقع المكتب الاعلامي لحزب التحرير في فلسطين
http://www.pal-tahrir.info/
موقع حزب التحرير أمريكا
http://www.hizb-america.org/
موقع حزب التحرير باكستان
http://www.hizb-pakistan.org/
موقع حزب التحرير ماليزيا
http://www.mykhilafah.com/
موقع حزب التحرير ولاية تركيا
http://www.turkiyevilayeti.org/
موقع حزب التحرير اندونيسيا
http://hizbut-tahrir.or.id/
موقع حزب التحرير استراليا
http://www.hizb-australia.org/
موقع حزب التحرير بريطانيا
http://www.hizb.org.uk/hizb/index.php
موقع حزب التحرير فرنسا
http://albadil.edaama.org/
موقع حزب التحرير ألمانيا
http://www.islam-projekte.com/
موقع حزب التحرير الدنمارك
http://www.hizb-ut-tahrir.dk/new/
موقع حزب التحرير بنغلاديش
http://www.khilafat.org/index.php
موقع حزب التحرير هولندا
http://www.kalifaat.org/
موقع حزب التحرير اوكرانيا
http://www.hizb.org.ua/
موقع الخلافة بالانكليزي
http://www.khilafah.com/
موقع أرشيف حزب التحرير
http://www.hizb-ut-tahrir.info/arabi.../category/P30/

مواقع صديقة
شبكة و منتديات الناقد الاعلامي
http://naqed.info/oldf/index.php?
منتدى العُقاب
http://alokab.com/forums/
نداءات من بيت المقدس
http://www.al-aqsa.org/index.php/default/main
مجلة الوعي
http://www.al-waie.org/
رد مع اقتباس
 
 
  #7  
قديم 11-22-2011
رفيق بالخصم رفيق بالخصم غير متواجد حالياً
عضو مشارك
 
تاريخ التسجيل: Oct 2011
المشاركات: 50
افتراضي رد: كتاب "الدولة الإسلامية والدولة المدنية" لحزب التحرير

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المحرر السياسي مشاهدة المشاركة




الدولة الإسلامية
و
"الدولة المدنية"

الطبعة الأولى/ 2011



أيها المسلمون:
إن الغرب الكافر والمضبوعين بثقافته من المثقفين والمفكرين وبعض "الدعاة" المتأثرين بحضارته، يعملون على تمييع الإسلام وتقديمه للناس على أنه "الإسلام المعتدل" غير "المتشدد أو المتطرف". فها هي أميركا تموه على الأمة الإسلامية بالديموقراطية وبمفاهيمها الغربية لتكون بديلاً عن الفهم الصحيح للإسلام في أذهان المسلمين؛ و كان من المفروض أن تقابل دعاوى أميركا بالرفض المطلق، ذلك لأن أميركا لا تدعو لفكرة إلا إذا كانت تقتضيها مصالحها، وعندما تتناقض هذه الفكرة مع مصلحتها فإنها تدوسها ولا تسأل عنها، وقد رأينا ذلك واضحاً في عدوانها على العراق وأفغانستان، ورأينا كيف داست أميركا على القيم والمثل التي كانت تدعو لها. ولكن أن تبلغ الهزيمة الفكرية عند بعض الدعاة أن يلبسوا الأفكار الأميركية لبوس الإسلام وتبدأ الدعوة لهذه الأفكار على قدم وساق في وسائل الإعلام المرئي منها والمسموع والمقروء واعتبار أن هذه الأفكار هي التي ستنقذ المجتمع! وستعطي كل ذي حق حقه! فهذا هو التضليل الذي ما بعده تضليل والخطر الحقيقي الذي يجب أن يواجه.
لقد رسمت اميركا خططها للعالم ومنطقتنا، وحددت الغايات والأدوار والأدوات، بل وحسمت صعيد المعركة الاساسي في منطقتنا "معركة كسب العقول والقلوب".
ولذلك انصبت العناية الأساسية والحقيقية من قبل صُناع القرار والإدارات المنفذة على تركيز وإيجاد القناعات عند الأمة بضرورة بقاء الإسلام بصورته النقية بعيداً عن حياتها عملياً، وقد ظهر ذلك جلياً بإبعاد شعارات الإسلام عن ما أطلق عليها بالثورات العربية.
وتم دفع شباب الأمة لحمل مفاهيم الغرب الكافر بعد تضليلهم بأنها لا تناقض الإسلام (الديموقراطية، والدولة المدنية.. الخ)، وقد تم تقصد جعل تلك المفاهيم والشعارات وكأن الشعوب في المنطقة هي من اختارتها، ولذلك تم استغلال طاقة شباب الأمة واندفاعهم لتخليص أمتهم من طاغوتية من نصبهم الكفار لحكم الأمة ودوس كرامتها، ليبذلوا الدماء الزكية لما توهموه إنقاذاً للأمة بحملهم لشعارات تطالب بـ"الدولة المدنية" والديموقراطية ...وقد رمت اميركا برؤوس عبيدها السابقين من الطواغيت بعد أن تخلت عنهم ليكونوا جائزة ثمينة مقابل احتضان الامة لشعارات الكفر من ديموقراطية ودولة مدنية ... دون أن تدقق الشعوب بما بعد فرحها بالتخلص من أولئك المجرمين القتلة.
وقد انتهج الأميركان أساليب خبيثة لاستغلال طاقات شباب الأمة لتهيئة النخبة منهم لقيادة الجماهير المخلصة والتي تتوق إلى الإنعتاق من قبضة الطواغيت المجرمين، وقد سبق أن تحدث كولن باول وزير الخارجية الأميركية الأسبق خلال شهادته أمام لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الأميركي قبل نحو سبع سنوات عن مبادرات تهدف إلى التواصل مع الشباب في المنطقة من خلال برامج التبادل، مع التركيز على الشبان، والشابات غير المنتمين لطبقات النخبة ومن غير التقليديين . كما تحدث عن مبادرات للبث الإذاعي والتلفزيوني لتشجيع تطوير الصحافة الحرة ... ومساعدة المشاهدين والمستمعين في الشرق الأوسط على التعرف على أفكار مختلفة. وقد أعلن في نفس الفترة أثناء زيارته للقاهرة أن هناك بعداً جديداً في أجندة الرئيس جورج بوش فيما يخص منطقة الشرق الأوسط، وقد أوضح في مؤتمر صحفي في ختام زيارته طبيعة ذلك البعد من أنه يتعلق بتغيير المنطقة بحلول عام 2013ميلادية.
إن على الأمة الإسلامية أن تعي أنها أمة رسالة شرفها الله بحملها للناس كافة لإخراجهم من ظلمات الكفر إلى نور الإسلام، وأن عليها أن تتسيد هذا الكون لتخرجه من الشقاء الذي يعيشه في غياب الإسلام العظيم، وتخليصه من قبضة أميركا التي عبر أحد كبار مفكريها السياسيين "نعوم تشومسكي" ملخصاً الفكرة التي تريد الولايات المتحدة تطبيقها في الشرق الأوسط (مشروع الشرق الأوسط الكبير) بقوله "إذا كان لا بد من تعلم الدرس المركزي لهذا النظام العالمي الجديد فهو: نحن السادة، وعليكم أن تمسحوا أحذيتنا".
وأخيراً فإنه قد آن لامتنا الماجدة أن ترفع راية الاسلام، وأن تعود لها عزتها وكرامتها، وأن تتبوأ مكانها في الصدارة بين الأمم بعد أن تتخلص من كل الأضاليل التي أوقعها أعداؤها بها، ولن تبقى أمتنا مرهونة لأميركا والغرب الكافرين، وسيكون أول ما تصنعه نبذ الأفكار الدخيلة عليها والتي أريد لها أن تكون قناعات لديها توجه سلوكها في الحياة، وسيكون ذلك بمعرفة كل مسلم أنه على ثغرة من ثغر الإسلام وينبغي أن لا يؤتى الإسلام من قبله.

4/ذي الحجة/1432هـ
31/10/2011م

http://arabic.hizbuttahrir.org/
http://muntada.sawtalummah.com/showthread.php?t=1473
الحمد لله على نعمة الإيمان بفكرة حزب التحرير والعمل معه
رد مع اقتباس
 
 
  #8  
قديم 11-22-2011
رفيق بالخصم رفيق بالخصم غير متواجد حالياً
عضو مشارك
 
تاريخ التسجيل: Oct 2011
المشاركات: 50
افتراضي رد: كتاب "الدولة الإسلامية والدولة المدنية" لحزب التحرير

السلام عليكم

يبدو أن حزب المهندس يقوم على أساس كثرة المواقع الأنترنتية أعلاه دون المجتمعية ... وقد نسي الشيخ تقي الدين النبهاني مؤسس حزب التحرير ذكر هذا الأساس في نصه أدناه، ليتنبه شباب حزب المهندس، ومنهم أبو البراء الشامي، إلى إنحراف حزبهم، وأنه لم يعد حزب التحرير :

يقول الحزب في النشرات التكتلية: ((والحزب يقوم على الفكرة وحدها، أي على مبدأ الإسلام حسب فهمه هو لأفكاره وأحكامه، فالفكرة وحدها هي التي يقوم عليها، فهي سر حياته، وهي وحدها التي تجعله حياً، وتجعل حياته دائمة بل خالدة. فهو لا يقوم على الأشخاص مهما أوتوا من العلم والجاه والقوة، ولا يهتم بكثرتهم أو قلتهم، ولا يقوم على تأييد الناس له، قلّ هذا التأييد أو كثر، ولا يقوم على ما يوفر له القدرة على العمل مهما كانت هذه القدرة مغرية بالتسهيل والتسيير، والتقدم والارتفاع. ولا يقوم على ما يقربه من الحكم أو يسهل له أن يتولاه وإنما يقوم على شئ واحد هو الفكرة.
ويعتبر هذه الفكرة سر حياته، أي روحه التي يحيى بها، والتي إذا فقدها مات. فالفكرة هي أساس وجوده، وهي أتساس حياته، وهي أساس سيره. ولذلك يعنى إلا بالفكرة وحدها، ويوجه همه كله نحو الفكرة، ويعتبر جل أعماله متعلق بالفكرة سواء من حيث التبني، أو من حيث النشر أو من حيث التطبيق، أو من حيث ما يتطلب بناء المجتمع أو يستلزم إقامة الدولة، أو يقتضي إنهاض الأمة، أو يستوجب حمل الرسالة إلى العالم. وإذا كان يعمل لإقامة الدولة وبناء المجتمع، وإنهاض الأمة، وحمل الرسالة إلى العالم، فإنما يعمل بالفكرة، ومن اجل الفكرة. فالفكرة هي كل شئ في حزب التحرير.)).
رد مع اقتباس
 
 
  #9  
قديم 11-22-2011
ابو البراء الشامي ابو البراء الشامي غير متواجد حالياً
عضو مرابط
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 823
افتراضي رد: كتاب "الدولة الإسلامية والدولة المدنية" لحزب التحرير

بسم الله الرحمن الرحيم
حزب التحرير- تونس

يعرض مشروع دستور إسلامي على المسلمين


http://www.hizb-ut-tahrir.info/info/...ts/entry_15494
رد مع اقتباس
 
 
  #10  
قديم 11-22-2011
ابو البراء الشامي ابو البراء الشامي غير متواجد حالياً
عضو مرابط
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 823
افتراضي رد: كتاب "الدولة الإسلامية والدولة المدنية" لحزب التحرير

بيان صحفي

المجلس العسكري يتخبط في رعاية شؤون الناس بسبب التبعية لأمريكا من أجل الالتفاف على الثورة وإجهاضها




في خضم تصاعد الغضب عند الناس والذي بدأ يتوهج بسبب سوء ما آلت إليه أحوالهم، وبعد أن رأوا أن الثورة قد اختطفت أو كادت، وأن النور الذي رأوه في آخر النفق قد اختفى، خرجوا يتظاهرون للسبب الذي أخرجهم أول مرة، ألا وهو إسقاط النظام الذي لا يزال يحكم عبر القوانين نفسها، بل زيد عليها وثائق حاكمة وقوانين تثبت أركان النظام السابق، ليعود أشرس مما كان عليه.



وقد فوجئ الناس باستخدام العنف في ميدان التحرير من قبل الشرطة المدعومة من المجلس العسكري الذي ادّعى أنه حامٍ لثورتهم، وكذّب هذا الادّعاء دماءُ هذه الأعداد الكبيرة من الشهداء والجرحى، وكان الأولى للمجلس العسكري أن يهبّ لنصرة الناس جميعا بالحق والعدل، ولا يكون ذلك إلا بتطبيق شرع الله عليهم.



وكانت أمريكا قد عيّنت مؤخرا ويليام تايلور "سفيرا خصوصيا لمتابعة وإدارة واحتواء الثورة في مصر وتونس وليبيا" واختارت لمهمته اسماً برّاقاً هو "المنسّق الخاص للتحولات الديمقراطية في منطقة الشرق الأوسط"، وهو على اتصال دائم بالمجلس العسكري، ينسق الخطوات التي تقرّها أمريكا بخصوص أهل مصر المسلمين وإحكام سيطرتها عليهم. ويبدو أن الدماء التي أريقت هي نتائج مهامّه الأولى لحين الانتهاء من الانتخابات التشريعية والرئاسية التي خدعت كثيرا من الناس والأحزاب، والتي رسمت أمريكا طريقها لتُخرج من رحم النظام السابق نظاما أكثر حيوية وشراسة، ويلبس قناعا يخدع الناس ويظنّون به خيرا، وذلك من خلال نظام علماني ديمقراطي جديد، يطبق تشريع البشر من خلال مجلس الشعب، ويبعدهم عن تطبيق شرع الله رب البشر. ومن المعلوم أن مايك مولن رئيس أركان الحرب الأمريكي كان يقوم بعشرات الزيارات المكوكية أثناء الثورة وبعدها، ويرسم خارطة طريق للنظام في مصر، لإدارة واحتواء الثورة من خلال غرفة طوارئ أنشأتها أمريكا لهذا الغرض.



إن حزب التحرير في مصر يدين هذا العنف الذي يقتل الناس بغير حق، ويحمّل المجلس العسكري الحاكم ومن ورائه أمريكا مسؤولية ذلك، ويطلب منه الانعتاق من التبعية لأمريكا، بل ويقوم بطرد هذا المنسّق الخاص مع زمرته في السفارة الأمريكية، وما السفارة "الإسرائيلية" عنهم ببعيدة.



أما القول بأن مصر بحاجة إلى حكومة إنقاذ وطنيّ، فما هو إلا اجترار لحكومة عصام شرف، واستهتار بالدماء الزكية التي أريقت، طالما تستند إلى الدستور والقوانين السابقة وتخرج من المشكاة نفسها، وإن الخلاص الحقيقي لن يكون إلا بتغيير شامل للأنظمة والقوانين، ليحل محلها شرع الله الذي تطبقه دولة الخلافة ويعلن الجيش نصرته وحمايته لها.



إن جميع مشاكل مصر، في الحكم والاقتصاد والتجارة والتعليم والصحة والصناعة والزراعة والسياسة الخارجية والجيش، وكل ما يتعلق برعاية شؤون الناس، يمكن حلّها فورا بتطبيق الدستور الإسلامي الكامل الذي أعده حزب التحرير، والذي هو جاهز للتطبيق الفوري، ولا يحتاج ذلك إلا أن يعطي المجلس العسكري النصرة لحزب التحرير، ويكونوا الأنصار الجدد، بعد أن ينعتقوا من الولاء لأمريكا، ويعلنوا الخلافة الإسلامية الراشدة والتي سيفرح لها جميع أهل مصر والأمة الإسلامية جمعاء، فالله معنا وهو ناصرنا وهو على كل شيء قدير.



( ويَمْكُرُونَ ويَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ المَاكِرِينَ )

http://www.hizb-ut-tahrir.info/info/...ts/entry_15492
رد مع اقتباس
 
إضافة رد

أدوات الموضوع ابحث في الموضوع
ابحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 01:44 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.2
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.