منتجات العناية بالبشرة  آخر رد: الياسمينا    <::>    استكشف سر جمال شعرك في ويلنس سوق، الوجهة الأولى للعناية بالش...  آخر رد: الياسمينا    <::>    ويلنس سوق : وجهتك الأساسية لمنتجات العناية الشخصية والجمال  آخر رد: الياسمينا    <::>    موقع كوبون جديد للحصول على اكواد الخصم  آخر رد: الياسمينا    <::>    إيجار ليموزين في مطار القاهرة  آخر رد: الياسمينا    <::>    ليموزين المطار في مصر الرفاهية والراحة في خدمة المسافرين  آخر رد: الياسمينا    <::>    حفل تكريم أوائل الثانوية العامة للعام الدراسي 2023.  آخر رد: الياسمينا    <::>    دورة البادل، كانت فكرة وبالجهد نجحت  آخر رد: الياسمينا    <::>    لاونج بموقع مميز ودخل ممتاز للتقبيل في جدة حي الخالدية  آخر رد: الياسمينا    <::>    تورست لايجار السيارات والليموزين في مصر  آخر رد: الياسمينا    <::>   
 
العودة   منتدى المسجد الأقصى المبارك > المنتدى العام لمشاركات الأعضاء
التسجيل التعليمات الملحقات التقويم مشاركات اليوم البحث

 
إضافة رد
 
أدوات الموضوع ابحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
 
  #1  
قديم 10-22-2011
ابو البراء الشامي ابو البراء الشامي غير متواجد حالياً
عضو مرابط
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 823
افتراضي حزب التحرير، نشأته وسيرته ،ملف الوثائق والنشرات, أرشيف لوثائق انطلاق مسيرة حزب التحرير

نشأته وسيرته


ملف الوثائق والنشرات



1. فترة امارة الأمير المؤسس الشيخ تقي الدين النبهاني

1369هـ - 1393 هـ



1949 م - 1977 م

2. فترة امارة الشيخ عبد القديم زلوم

1393 هـ - 1424 هـ
1977 م - 2003 م


3. فترة امارة الشيخ المهندس عطا أبو الرشته

1424 هـ (الموافق ) 2003م حتى ما بعد التمكين إن شاء الله





سنقوم بعون الله باستعراض نشأة حزب التحرير وسيرته من خلال الوثائق والنشرات التي أصدرها، وكذلك أهم الأبحاث التي ألفها آخرون للتأريخ لانطلاق مسيرته المباركة، وكذلك الأبحاث الجادة التي تستعرض فكر وثقافة حزب التحرير ، ويمكن اعتبار هذا الموضوع مساعد ومكمل بصورة أو أخرى لكتاب " أحباب الله، بزوغ نورٍ من المسجد الأقصى، انطلاق مسيرة حزب التحرير.

للمتابعة


http://www.alokab.com/forums/index.php?showtopic=48771
رد مع اقتباس
 
 
  #2  
قديم 10-22-2011
خلافة خلافة غير متواجد حالياً
عضو مشارك
 
تاريخ التسجيل: Oct 2011
المشاركات: 56
افتراضي رد: حزب التحرير، نشأته وسيرته ،ملف الوثائق والنشرات, أرشيف لوثائق انطلاق مسيرة حزب التحرير

بسم الله الرحمن الرحيم
الذكرى 14 لتصحيح مسار حزب التحرير

[22 أكتوبر 1997م الموافق لـ 20 من جمادى الآخرة 1418هـ/ 22 أكتوبر2011م الموافق لـ 25 من ذي القعدة 1432هـ]


في مثل هذا اليوم، ومنذ 14 سنة خلت، انطلقت عملية تصحيح مسار حزب التحرير، بإصدار بيان تاريخي إلى شباب حزب التحرير، بعد أن بلغ حال الحزب من الإنحدار حدّ الكارثة: فالعمل لتحقيق الغاية متوقف تماماً، وما يَصدر عن الحزب من آراء وأفكار وأحكام متبنّاة أو غير متبنّاة في الحضيض، وحتى الناحية الإدارية لم تَسلم من التخبط والفساد... وعلى هذا الأساس تَدَاعى الكثيرون من قياديي حزب التحرير ونابهيه في مختلف المناطق الحزبية ودَرَسوا واقع الحزب، وواقع الأمير وبطانته، وقرروا بالإجماع يوم 22 أكتوبر 1997م الموافق لـ 20 من جمادى الآخرة 1418هـ اختيار قيادة مؤقتة للحزب تتولى تسيير الأمور ريثما يقوم الشباب باختيار أمير دائم لهم. وقد قررت القيادة المؤقتة للحزب ما يلي:
أولاً: عزل عبد القديم زلوم عن إمارة الحزب وفصله من الحزب نهائياً.
ثانياً: إعفاء محمود عويضة (أبي أياس) من جميع مسؤولياته وفصله من الحزب نهائياً.
ثالثاً: إعفاء محمد صبري موسى (أبي عماد) من جميع مسؤولياته وفصله من الحزب نهائياً.
رابعاً: إعفاء عبد الحليم زلوم من جميع مسؤولياته وفصله من الحزب نهائياً.
خامساً: إلغاء تبني كتاب ((حمل الدعوة: واجبات وصفات)) واعتباره كأن لم يكن.
سادساً: إلغاء نشرة أوسلو ونشرة المعاهدة الأردنية واعتبار كل منهما كأن لم تكن.
سابعاً: إلغاء العقوبات التي أصدرها الأمير المعزول بحق الشباب بسبب نشرة النقابات والجمعيات الخيرية أو بسبب كتاب ((كتاب حمل الدعوة: واجبات وصفات))، ودعوة هؤلاء الشباب لاستئناف العمل مع الحزب.
ثامناً: دعوة جميع مسؤولي المناطق الحزبية التي لم يتم الاتصال بها حتى الآن، وجميع شباب الحزب في هذه المناطق، لإعلان تأييد عزل الأمير، والسير مع القيادة المؤقتة.
تاسعاً: تشكيل الأجهزة الرئيسية للحزب، وتعيين مسؤولين عامين لمختلف المناطق الحزبية في المجال وخارجه.
عاشراً: الشروع فوراً بوضع الخطط والأساليب للشباب لاستئناف العمل الحزبي على وجهه الصحيح، وبما من شأنه أن يحقق الغاية.

وبهذه المناسبة التاريخية الهامة، فإن التاريخ وإلى يومنا هذا قد بيّن بشكل قطعي، أن القائمين على عملية التصحيح، كانوا على حق وصواب، وأن عبد القديم ومن بعده المهندس عطا أبو الرشته كانوا على خطأ وإنحراف، وبخاصة مع هذه الثورات العربية بإخراج أمريكي، التي لم تكشف عن إنحراف حزب المهندس عن فكرة حزب التحرير فقط، بل وعن طريقته في التغيير، وطريقته في التحليل السياسي...، بل وبيّنت بما لا يدع مجالا للشك بأن حزب المهندس أصبح أداة بيد عملاء أمريكا ينشطون به ثورات الربيع العربي الأمريكية الإخراج...:

1/- فقد تمّ تحقيق الهدف الأول من عملية التصحيح والذي هو المحافظة على الفكرة التي قام عليها حزب التحرير، لأن الفكرة هي الروح للناس وللأمة وللحزب وللدولة، أي أن الفكرة أولا فالحزب ثانياً فالدولة ثالثاً، حتى تتحقق غايتنا باستئناف الحياة الإسلامية وحمل الدعوة إلى العالم...

2/- وقد فجَّر عمل تصحيح مسار حزب التحرير كيان الحزب، فقد انشطر الحزب على نفسه فصار حزبين كما هو عليه اليوم. الأول [وهو ما نسميه اليوم حزب المهندس عطا أبو الرشته] كان همه جمع الشباب حوله ممن عاشوا أحداث الحسم، وحجب ما أمكن من المعلومات عن الحدث لمن سواهم، وحظر النقاش وما يؤدي إليه على من تبعهم من الشباب، وتابع عملية إنحرافه عن فكرة وطريقة حزب التحرير بأساليب كثيرة وبخاصة منها أسلوب الإضافات والتعديلات التي يقوم بها على كتب حزب التحرير، التي بدأها منذ الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، فضلا عن تركيزه على العمل خارج مجاله الطبيعي، وسعيه للإنتشار (العالمي) لأعضائه دون انتشاره بين الناس في مجاله. أما الثاني [وهو حزب التحرير] فكان همه بناء الكتلة، ووضع الخطة، وإيصال المعلومة، وإحياء النقاش بين الشباب. لذا كان درب الأول قصيرا فسرعان ما أعلن عن نهاية الأزمة بالنسبة له، والقضاء على من أسماهم بالناكثين والمتمردين... أما حال الدرب الثاني فلم يكن سهلا البتة. فطريقه طويلة وشاقة، والأمر بالنسبة له أقرب إلى تأسيس حزب منه إلى إعادة بنائه، وتابع عمله على أساس فكرته عاملا في مجاله لقيادة الأمة الإسلامية، ومسخّرا أجهزته وطاقات شبابه فكرا وعملا في تحقيق ذلك.

3/- أن الإعلام المحلي والإقليمي والدولي، ومن ورائه حكام المنطقة والغرب الكافر المستعمر، حينما يتناول الحزب، لا يتناول - وبشكل متقصد - إلا حزب المهندس الذي يطرح فكرا مشابها لما يطرحه حزب التحرير، بدون أدنى تطرق لعملية التصحيح في 1997/10/22 ولا لما نتج عنها.

إخوتي الكرام:
المسلم الحق، والحزبي الحق هو الذي يلتفت إلى التاريخ لأخذ العبر والدروس منه...
فما هي الدروس والعبر التي نستخلصها مما جرى لحزب التحرير؟
وما هو الفرق بين حزب التحرير وحزب المهندس؟


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رد مع اقتباس
 
 
  #3  
قديم 10-22-2011
ابو البراء الشامي ابو البراء الشامي غير متواجد حالياً
عضو مرابط
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 823
افتراضي رد: حزب التحرير، نشأته وسيرته ،ملف الوثائق والنشرات, أرشيف لوثائق انطلاق مسيرة حزب التحرير

بسم الله الرحمن الرحيم
الأعراض التي تمر بها الكتلة عند انتقالها من كتلة حزبية إلى حزب متكامل

أولاً: فــي الأعضــاء:
1-عدم إحاطة بجميع ثقافة الحزب.
2-عدم تمركز الأفكار التي تتضمنتها ثقافة الحزب.
3-عدم وجود تجارب في الميدان التنظيمي.
4-وجود ارتباك في التنظيم.
5-عدم وجود تجارب في الميدان السياسي.
6-وجود تموجات سياسية.



ثانياً: فــي اللجــان:
1-اختلاف في الآراء وتفرق في الكلمة في الميدان التنظيمي.
2-ظهور التذمر من أعمال الأعضاء ومن أعمالها والإكثار من النقد.
3-محاولة التسابق على إعطاء المفهوم والمبالغة في تتبع المفاهيم لتصحيحها بشكل قطعي.
4-قلة المعرفة في الميدان السياسي.

يبرز في الكتلة ضعف عام في الأجهزة القائمة ويكون ناتجاً عن ضعف الاستعداد الأصلي في الشخص، وإما من عدم النضوج الفكري لقلة الدراسة أو قلة المناقشة أو قلة الحلقات التي أعطاها. وإما من ضعف الولاء الحزبي لعدم فهم العلاقة الحزبية أو لضعف الجو الإيماني لديه أو لضعف الإيمان بالكتلة. وإما من عدم وجود المناخ الحزبي وذلك من البيئة التي يعيشها الشخص، أو من ناحية بيته أو ناحية أصدقائه ومعارفه.
تتعرض الكتلة إلى أخطار الاحتكاك بالفئات الحاكمة وبالكافر المستعمر ويصبح واجباً عليها أن تبني جسمها تحت نيران الاضطهاد الوحشي وأن تستعد لنـزال الكافر المستعمر وكفاح عملائه، ولذلك فينتزع منها خيرة شبابها ويرسلهم إلى السجن والمنفى والمعتقل ومع ذلك يتحتم عليها أن تستمر في البناء في حالة الاضطهاد ولو أدى إلى انتزاع شبابها ولو أدى إلى تحمل تضحيات جسيمة.
ولذلك كان لزاماً أن يدرك هذه الأعراض، وأن تعلم أنها أعراض طبيعية لا بد من وجودها حين تسير الكتلة في طريقها لأن تصبح حزباً، ويجب أن يدرك أنه لا بد أن تعالج هذه الأعراض ولكن برفق وهدوء وصبر، مع جعل السير والتجربة والزمن جزءاً من العلاج. ولأجل القيام بالأعمال في دور تحويل الكتلة الحزبية إلى حزب لا بد أن توجد الأمور التالية:
يجب أن يكون في الكتلة أعضاء متفرغون تتجلى فيهم الصفات الآتية:
أ-أن يكونوا محيطين بالثقافة الحزبية من أطرافها.
ب-أن تكون لديهم قابلية الإبداع.
ج-أن تكون لديهم قابلية القوة فكرياً وعملياً.
د-أن تكون لديهم تجربة سياسية.
هـ-أن يكون لديهم استعداد للخضوع للنظام بعيدين عن الروح الفردية، لأن كل من يخشى النظام والتنظيم ولديه استعداد للتمرد على التنظيم وعنده أنانية الاستثناءات يبقى خارج الحزب.
يجب أن يكون أعضاء الحزب جميعهم عاملين في الحزب وذلك:
أ-بأن يكون كل واحد منهم قائماً بعمل ثقافي أو سياسي أو تنظيمي أو غير ذلك، ولو بالإشراف على حلقة أو الدراسة في حلقة.
ب-أن يدعم كل واحد منهم الحزب مادياً في كل ما يستطيعه من مال أو نفوذ أو عمل أو غير ذلك.
ج-أن يستعد للبذل والتضحية كلما طلب إليه ذلك.
يجب أن يظهر بالكتلة الحزبية الخضوع عن رضى واطمئنان لمن له صلاحية العمل، فيجب أن يخضع المشرفون على الحلقات والدارسون جميعاً للجان المحلية، وأن تخضع اللجان المحلية للجان الولايات، وأن يخضع الجميع للجنة القيادة.
أن يكون للمشرفين ولكل لجنة سلطان فكري وتنفيذي له هيبته، وأن يكون كل واحد قائداً وجندياً في آن واحد، أي له سلطة ويخضع لسلطة.
يجب أن لا يتشدد على الأعضاء في طلب البذل والتضحية ويقبل منهم ما يعطون من أنفسهم، ولا يعتبر عدم تضحيتهم تمرداً، لأن التضحية اختيارية. أما إذا قبل الشخص مهمة ما واستعد للتضحية في سبيلها، ثم تخلى عنها، فإنه يعتبر متمرداً، وتقدر حينئذ المسؤولية حسب ما ترى لجنة القيادة.
يجب أن يكون بين الحزب والجماهير صلات متينة، وأن يظل الحزب متصلاً بالجماهير، لأن هذه الصلة هي الناحية العملية التي تحول الكتلة إلى حزب. والكتلة إذا انطوت على نفسها وانعزلت عن الجماهير وفقدت صلتها بالأمة، أو ضعفت صلتها بها، فقدت الكتلة ثقة الأمة بها، وكان في ذلك خطر هلاكها. ولأجل أن تحيا الكتلة وتنمو وتتحول إلى حزب لا بد أن تتكاثر صلاتها بالجماهير وتتنوع هذه الصلات وتتوطد شيئاً فشيئا.

يعالج للحيلولة دون حصول الهبوط الفكري ولبقاء الارتفاع الفكري بما يلي:
1-العناية بتطبيق الأفكار التي يحملها على كل شيء يمر به قراءة وعملاً.
2-إعمال الفكر حين إعطاء الحلقة، وإدراك أنه يبني عقلية إسلامية، وليس هو معط لمعلومات فقط.
3-الاقتصار على إعطاء الأفكار الموجودة في الفقرة التي قرئت، وبذل الجهد لإعطاء جميع الأفكار الموجودة فيها.
4-الإكثار من القراءة في الثقافة الإسلامية وفي أي كتاب أو مجلة أو ما شاكل ذلك مما يجد في قراءته فكراً.
5-الإكثار من الصلة بالناس جميعاً والدخول في مناقشات معهم.
وبذلك يبعد عن الإشباع في إعطاء الحلقات ويجد لذة مهما تعددت بدل الملل، ثم يتابع النمو الفكري، ويفهم كل ما تتاح له قراءته ما دام لديه المقياس الذي يحفظ به نفسه من الخلط والخطأ ومن الزيغ.


http://www.alokab.com/forums/index.php?showtopic=48771
رد مع اقتباس
 
 
  #4  
قديم 10-22-2011
خلافة خلافة غير متواجد حالياً
عضو مشارك
 
تاريخ التسجيل: Oct 2011
المشاركات: 56
افتراضي رد: حزب التحرير، نشأته وسيرته ،ملف الوثائق والنشرات, أرشيف لوثائق انطلاق مسيرة حزب التحرير

بسم الله الرحمن الرحيم

بيان إلى شباب حزب التحرير


أيها الشباب:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
فإنه لا يخفى عليكم ما آل إليه حال الحزب من انحدار بلغ حدّ الكارثة.
فالعمل لتحقيق الغاية متوقف تماماً، وما يَصدر عن الحزب من آراء وأفكار وأحكام متبنّاة أو غير متبنّاة في الحضيض، وحتى الناحية الإدارية لم تَسلم من التخبط والفساد.
أما توقف العمل لتحقيق الغاية، فواضح لكم كل الوضوح، حيث انشغل الشباب في السنوات الأخيرة فيما يَصدر عن القيادة من ترّهات يحاولون تصحيحها دون جدوى، وجَعلت القيادة مهمتها الأساس والرئيسة محاولة إخراس الشباب دون حل الإشكالات التي يثيرونها، فهي تتصدى لكل من يتساءل عن أي رأي أو فكر أو حكم يصدر عنها بالتوبيخ تارة، وبالإنذار تارة أخرى، وبالعقوبات القاسية في معظم الأحيان، دون إعطاء أي تفسيرٍ شافٍ، ودون تحقيق مع الشباب في أسباب العقوبات، التي غالباً ما تكون مبنيّة على تهيؤات لا أساس لها من جانب بطانة الأمير. وقد أدى هذا إلى انكفاء الحزب على نفسه، وإلى بلبلة الشباب، ودفعهم للإحباط، وإضافة إلى ذلك، تخلت القيادة عن دورها الطبيعي في رسم الخطط والأساليب للأعمال الحزبية المنتجة، التي من شأنها أن تمكّن الحزب من البروز في المجتمع كأمل للأمّة، وبالتالي أخذ قيادتها لإحداث التغيير وتحقيق الغاية.
وأما فيما يتعلق بما تصدره القيادة من آراء وأفكار وأحكام، فإنه أُسّ البلاء، والدليل على مكمن الداء.
أما أنه أُسّ البلاء، فلأن ما تصدره هو الذي أدى إلى بلبلة الشباب وانكفاء الحزب على نفسه.
وأما أنه الدليل على مكمن الداء، فلأن ما يَصدر يدل دلالة واضحة على جهل القيادة، وعجزها، وانحرافها.
ففي الناحية السياسية، لم يَصدر عن القيادة منذ سنوات عديدة أي تحليل سياسي، يستند إلى الواقع، أو حتى يرقى إلى درجة وصفه بأنه تحليل سياسي. وحين يطالب الشباب بتفسير للتحليلات السياسية تأتيهم تأويلات أسخف مما تساءلوا عنه، بحيث صار معروفاً حتى للناس، ناهيك عن الشباب، أن بعض ما يصدر في الصحف من تحليلات أرقى بكثير من تحليلات الحزب التي لم تعد تستند إلى فكر سياسي أو إلى معلومات صحيحة، أو إلى واقع يشير إليها من قريب أو بعيد. وتتميز صياغة هذه التحليلات بركاكتها، بل إن بعضها لم يكن يتضمن أي رأي. وإن تضمّن رأياً لا تلبث الأحداث والوقائع المستجدة أن تدحضه وتبيّن مدى بعده عن الصواب. وما ذلك إلا لأن من يكتب هذه التحليلات لا يتقيد بثوابت الحزب في الفكر السياسي والرأي السياسي، وإنما يَصدر عن تهيؤات في ذهنه ما أنزل الله بها من سلطان. فهو يضع الرأي في ذهنه أولاً وقبل تحليل الوقائع والأحداث في ضوء المعلومات المتوفرة، ثم يأخذ بعد ذلك في البحث عن أي شيء يسند هذا الرأي مهما كان هذا الشيء ضعيفاً، فإن لم يجد شيئاً لفّقه، كما حصل في نشرة أوسلو ونشرة المعاهـدة الأردنية، اللتين تلاعب فيهما فيما استدل به من نصوص، ووقائع، وأوقات الأحداث، وحتى مناصب الأشخاص، بحيث اجتزأ من النصوص، وقفز عن عبارات منها ليجعل النص يُعطي عكس معناه في الحقيقة. وجاء بنصّ ورد في موضوع وجعله دليلاً على موضوع آخر لا صلة به بموضوع النص.
فهو في النشرتين استدل بنصوص من كتابين لبيريز قفز فيها عن العبارات التي تدل على علم أميركا بمفاوضات أوسلو، كما استدل على أن أميركا لم يكن لها دور في المعاهدة الأردنية بقول بيريز ((لم يكن يد للأمريكيين))، ومع أن هذه العبارة واردة فعلاً في أحد كتابي بيريز، إلا أنها واردة في موضوع آخر لا شأن له بالمعاهدة الأردنية، حيث أوردها بيريز في معرض حديثه عن إحدى جلسات المفاوضات متعددة الأطراف، التي كادت أن لا تنعقد ثم انعقدت ولم يكن للأميركيين يد في انعقادها على حد قول بيريز. ولكي يدلل على أن (( الخيار الأردني )) ظلَّ قائماً حتى بعد ((فك الارتباط)) فإنه زَوَّر ((تاريخ فك الارتباط)) هذا، فجعله عام 1987م بدلاً من تاريخه الحقيقي وهو عام 1988م. وبالنسبة لمناصب الأشخاص فإنه خلع على دينيس روس، الذي كان يومها (ولا يزال) مجرد مساعد لوزير الخارجية، منصب مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الأمن القومي، حتى يدلل على تكذيبه لمحمود عباس في النص الذي أورده من كتابه وبيَّن فيه أن الجانب الأمريكي أخفى معلومات مفاوضات أوسلو عن روس. فهو أعطى روس هذا المنصب الرفيع ليدلل على أن مثله لا يمكن أن تخفى عنه مفاوضات أوسلو.
فكاتب النشرتين ظن أن الشباب لا يتابعون الأحداث، ولا يقرءون الكتب ذات الصلة بها، ولذلك لفَّق وزوَّر وكذب ظناً منه أن الشباب كالأمير لا يتابعون ولا يقرءون، ولكنه فوجئ بوعي الشباب ويقظتهم ومتابعتهم. فما أن صدرت النشرتان حتى انهالت الشكاوى من الشباب على ديوان المظالم تطالب بمحاسبة الأمير على إصداره التلفيق والكذب والتزوير الذي كتبه أحد رجال مكتبه، كما تطالب بكف يد هذا الرجل عن كتابة التحليلات السياسية، ومنعه من تولّي أية مسؤولية حزبية بعد أن ثبت كذبه وتلفيـقه وتزويره.
غير أن الأمير لم يُرسِل لديوان المظالم مِنْ هذه الشكاوى العديدة إلا شكوى واحدة، ظناً منه ومن كاتب النشرتين أن هذه الشكوى هي الأضعف، نظراً لأنها تتعلق فقط بأمانة نقل النصوص.
وحين نظر ديوان المظالم في الشكوى على مدى يزيد عن شهر، فإنه خرج بقرار أن الكاتب ((جانَبَ أمانة النقل)) أي أنه لم يكن أميناً في نقل النصوص، بل تعمّد التلاعب فيها لخدمة رأيه ولفّق وزوّر وكذب.
وبدلاً من أن يكون لهذا القرار نتيجته الطبيعية، وهي كفّ يد كاتب النشرتين عن كتابة أي تحليل سياسي بعد ذلك باسم الحزب، ومَنْعِه من تولي أية مسؤولية في الحزب، لأن الأمانة شرط شرعي ضروري في كل مسؤولية حزبية، فإن الأمير خالف القانون الإداري الذي يُفترض أن يَلتزم به، خاصة وأنه هو الذي أصدره، وأبقى الكاتب عضواً في مكتبه، كما أبقاه مسؤولاً عن كتابة الرأي السياسي للحزب. ولم يكتف بذلك، بل إنه وبطانة السوء من حوله عزلوا رئيس ديوان المظالم من مسؤوليته، وعيّنوا مكانه رئيساً آخر من محاسيبهم.
وأما ما صدر عن القيادة من أفكار وأحكام، فإنكم ولا شك عانيتم الكثير في إرسال التساؤلات وأحياناً الاعتراضات والشكاوى للقيادة، ولم يأتكم إلا الأجوبة غير الشافية أو التوبيخ، أو العقوبات.
ولعل أبرز ما صدر في هذا الشأن موضوعان: أولهما نشرة النقابات والجمعيات الخيرية، التي تسببت بمجزرة من الفصل والعقوبات الأخرى لشباب وذلك قبل أن تضطر القيادة لسحبها بعد أن أصر جميع الشباب تقريباً على رفضها.
وكان حريّاً بالقيادة، بعد سحبها النشرة، أن تلغي العقوبات التي أوقعتها بالشباب بسببها، ولكنها لم تفعل وكأنّ هذه القيادة مشحونة بروح الانتقام، وليس بالرعاية.
والغريب أن هذه النشرة تضمنت في بدايتها اعترافاً من القيادة بأن النقابات والجمعيات الخيرية ((بضاعة غربية))، أي أنها من النظام الرأسمالي وليست من الإسلام، ومع ذلك تجرأت على إصدارها، وحاولت إلزام الشباب بها، رغم اعترافها هذا، ولم تكتف بذلك بل عاقبت كل من عارضها وطالب بسحبها بحجج مختلفة.
وأما الموضوع الثاني الذي أصدرته القيادة، وتبنّته على الفور ووقفت في وجه جميع الشباب الذين عارضوه وطالبوا بإلغاء تبنّيه بكلّ صلف وقسوة ووحشية، مستغلة صلاحياتها في إيقاع العقوبات على الشباب، ومتناسية أن الرابطة الحزبية في الحزب فكرية وليست هذه الصلاحيات، فإنه كتاب محمود عويضة (أبي أياس) الذي صدر بعنوان ((حمل الدعوة: واجبات وصفات)).
فقد كشف هذا الكتاب مدى الهوّة التي تفصل بين شباب الحزب وبين القيادة، ومدى جهل هذه القيادة بطريقة الحزب في التبني، وفيما يُتبنّى ولا يُتبنّى، فضلاً عن جهلها بحقيقة الفكرة والطريقة، وبالكثير من الأفكار الأساسية للحزب، ونقول جهل القيادة، على افتراض الإخلاص وحسن النيّة.
فَمِنْ أعراف الحزب الراسخة أنه لا يتبنّى إلا الآراء والأفكار والأحكام اللازمة للعمل قبل الخلافة أو للتطبيق بعد إقامة الدولة، ولذلك لا بد من توحيد مفاهيم الشباب حولها ليعلموا على جعل جمهرة الأمّة تتبناها، وذلك كأحكام النظام الاقتصادي وباقي الأنظمة، وكالأفكار الأساسية للحزب الواردة في نظام الإسلام وفي التكتل والمفاهيم، وكالفكر السياسي والآراء السياسية المتصلة به في كتابي مفاهيم سياسية ونظرات سياسية. أما الكتب التي أصدرها الحزب لزيادة معلومات الشباب، وإثرائهم فكريا، وتوسيع دائرة ثقافتهم، من مثل كتاب نقض الاشتراكية الماركسية، والسياسة الاقتصادية المثلى، والتفكير، وسرعة البديهة، وغيرها، فإن الحزب لم يتبنّها لأن الأصل حصر المتبنّى في أضيق نطاق، وكان المفروض أن لا يتم تبني كتاب حمل الدعوة، خاصة وأنه لم يؤلّفه الأمير، لأن موضوعه أريد به حث الشباب على القيام بأعمال الدعوة والاستعداد لتقديم التضحيات (مع أنه أدى إلى العكس). وأمور الحث والوعظ والتوجيه وما إليها ليست من قبيل ما يُتبنى، وهذا أمر بديهي عند الشباب الواعين.
فتبني هذا الكتاب كشف جهل الأمير وبطانته لما يُتبنى وما لا يُتبنّى، كما كشف جهلهم بأن ما يُبتنى وخاصة في العقائد والأحكام الشرعية يجب أن يستدل عليه بأدلة مأخوذة من الأدلة والإجمالية (الكتاب والسنة وإجماع الصحابة والقياس)، فإن كانت على العقائد فيجب أن تكون قطعية. وإن كانت على الأحكام الشرعية فيجب أن تكون راجحة.
كذلك فإن من أعراف الحزب الراسخة أنه إذا خرج من تبنّ إلى آخر. أن لا يكتفي بذكر التبني الجديد، بل لا بد له من بيان خطأ التبني السابق، ورجحان التبني الجديد.
ونظراً لكثرة ما تضمنه الكتاب من أخطاء، وانحرافات ومخالفات للشرع ولأساسيات الحزب، فإننا نكتفي بذكر بعض الأمثلة:
ففي الصفحة (5) من مقدمة الكتاب، وفي معرض حديث المؤلف عن الأنبياء والرسل السابقين عليهم السلام، يقول ((فَمَن حَمَلَ الدعوة مِن بَعدهم اقتداء بهم وامتثالاً لأمرهم...)) فهذا النص يجعل أوامر الأنبياء والرسل السابقين مصدراً من مصادر التشريع، فضلاً عن جعلهم القدوة للمسلمين في حمل الدعوة. وهذا ضلال ما بعده ضلال لأنه يناقض النصوص الشرعية القطيعة، كما يناقِض الأساسيات البديهية للحزب، التي يَعلَمها الشباب علم اليقين، فالرسول محمد صلى الله عليه وسلم هو وحده قدوتنا، حيث يقول تعالى:{لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة}، وشرائع الرسل السابقين خاصة بأقوامهم {لكلٍّ جعلنا منكم شِرْعَةً ومِنهاجا}، بينما يطالبنا المؤلف بجعل أوامر الأنبياء والمرسلين شريعة لنا، لأن هذا هو معنى ((وامتثالاً لأمرهم)). فهذا القول يعني أن نضيف للفكرة الإسلامية ما ليس منها، ومن أساسيات ما تبناه الحزب منذ نشأته أن ما ليس من الإسلام لا يؤخذ ولا يجوز إضافته للفكرة حتى تظل نقية، بل إن الحزب يقول إن شَرْعَ من قبلنا ليس شرعاً لنا وهو ما يقول به جميع الفقهاء الثقات.
فمعنى أن نقتدي بموسى أو بعيسى عليهما السلام، وأن نمتثل لأوامرهما، هو أن ندعو لاعتناق اليهودية والنصرانية، وأن نتقيد بما ورد فيهما من أحكام، مع أن الإسلام جاء ناسخاً لهاتين الديانتين ولشريعتيهما، وذلك بديهي لدى عامة المسلمين، ناهيك عـن الشباب، اللهم إلا من بعض العملاء والمنافقين الذي يقولون بوحدة الأديان وبمقولة أبناء إبراهيم، وما إلى ذلك من ترّهات باطلة لا تنطلي على أحد.
ولا يقال إن المؤلف لم يقصد ذلك، لأنه في الصفحة (30) من الكتاب يقول، في معرض حديثه عن ضرورة الاقتداء بالرسل السابقين والامتثال لأمرهم،: ((والدليل على ما نقوله قوله تعالى في سورة يوسف {لقد كان في قصصهم عبرة لأولى الألباب ما كان حديثاً يُفترَى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدىً ورحمة لقوم يؤمنون}. فقد بيّن سبحانه أن هذه القصص: تصديق للإسلام وتفصيل كل شيء وأنها هدى ورحمة لنا، فإنّ علينا تعلمها للاهتداء بها والاسترشاد بهديها})). إلى هذا الحد بلغ المؤلف من الجهل في تفسير آيات القرآن، مع أن قوله تعالى: {ما كان حديثاً يُفترى...} إلى آخر الآية، هو إخبار عن القرآن بأنه تفصيل لكل شيء، والهدى والرحمة للمؤمنين، ولا يعني بأية حال قصص الأنبياء والرسل السابقين.
إن جهل المؤلف ليس في مثل فظاعة جهل الأمير الذي أكد أكثر من مرّة أنه قرأ الكتاب ثلاث مرات فلم يجد فيه غلطة واحدة! ألم يقرأ هذه الآية في الكتاب ويقرأ تفسير المؤلف لها؟ ويقول الكتاب في الصفحة (28): ((فإننا ولا شك مطالَبون بتعلم آيات القرآن كلها وتعليمها والعمل بها، ومنها آيات القصص، وإلا لما كان لإيرادها الكثيف في القرآن معنى)). مع أن الآية التي استدل بها فيما بعد {لقد كان في قصصهم عبرة لأولى الألباب...} تدل بشكل قطعي لا لبس فيه على أن الله سبحانه وتعالى ذكر لنا آيات القصص للعِظة والعبرة.
وفي هذا الموضوع يقول الحزب في كتاب الشخصية ـ الجزء الأول وفي الصفحة 314: ((نعم إنّ القرآن قصّ علينا تاريخ بعض الأنبياء وبعض الأمم الأخرى للعِظة بالنسبة للإيمان وطاعة الله وبيان عاقبة من يعصيه، لا لنتخذ أخبارهم وأعمالهم منهجاً للســير بحسبه)). كما يقول في مكان آخر: ((ولكن معنى الإيمان بهم هو التصديق بنبوّتهم ورسالتهم وبما اُنزِل عليهم من كتاب وليس معنى الإيمان بهم اتّباعهم)).
وأما استدلال المؤلف بقوله تعالى: {فبهداهم اقتده}، واعتبار هذا النص دليلاً على وجوب الاقتداء بالرسل السابقين واتّباعهم من جانب المسلمين وحَمَلة الدعوة، فهو دلالة أخرى على جهل المؤلف بمعاني الآيات، وبما تبنّاه الحزب، الذي بيّن أن المقصود بقوله تعالى: {هداهم} الوارد في الآية هو أصل التوحيد ثم يوضّح ذلك فيقول إن الآية لا تطلب الاقتداء بهم وإنما بهداهم والفرق كبير وواضح.
ولا يكتفي الكتاب بتشويه الفكرة، وإفقادها نقاءها، بإضافة ما ليس من الإسلام إليها، بل يتعدى ذلك إلى الطريقة أيضاً، حيث يقول (29) : ((بعبارة أخرى فإن قصص الأنبياء والمرسَلين ما هي إلا نماذج لكيفية حمل الدعوة إلى الأمم المختلفة))، كما يقول في الصفحة (30) : ((فإن المسلم يحتاج إلى الوقوف على عدد من النماذج لكيفية حمل الدعوة إلى جميع الأقوام والأمم فَحَبَانا رب العالمين بنماذج عدة لكيفية حمل الدعوة التي تصلح لحامل الدعوة في التسلح بها والاستفادة منها)). فهو هنا يتجاهل أن أحكام الطريقة لا تؤخذ إلا من الكتاب والسنة، وبالتحديد من سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، ويجعل من قصص الأنبياء والمرسَلين السابقين نماذج لحمل الدعوة، وبالتالي يجعل هذا القصص مصدراً تشريعياً للطريقة أيضاً.
إن المرء لا يستغرب أن يقع الجاهل في الضلال، ولكن الغريب أن يظل مصرّاً على التمسك بهذا الضلال بعد أن بُيِّن له الحق، وذلك لا ينطبق على المؤلف وحده وإنما على الأمير بالدرجة الأولى، حيث هو الذي تبنّاه، وهو الذي رَدَّ بالرفض على كل من اعترَض على أي شيء في الكتاب.
والحزب يتبنّى أن الحكمة والعلّة يجب أن يكون على كل منهما دليل من نص شرعي، ولا يجوز الاستدلال على أي منهما بتقدير الإنسان، أو بتصورات العقل، أو بالقضايا المنطقية، وذلك طبيعي لأن العلة هي الباعث على الحكم، فإذا لم يبيِّن لنا الله هذا الباعث فلا يجوز لنا أن ندّعي أننا نعرفه، لأنه من اختصاصه سبحانه، فإنْ ذَكَرَه أخذناه وإلا فإن الحكم لا يكون معلَّلاً. ومثلما يقال عن العلة يقال عن الحكمة. فالحكمة هي مقصد الله سبحانه وتعالى من تطبيق الحكم، أي النتيجة التي أراد أن تترتب على هذا التطبيق. ومراد الله لا يعلمه إلا هو، فإنْ ذَكَرَه لنا أخذناه، وإلا فإننا لا يجوز لنا أن نلتمس للحكم حكمة، لأن في ذلك ادعاء بأننا مطّلعون على أمر يتعلق بذات الله دون أن يخبرنا عنه. وقد ورد في كتاب الشخصية ـ الجزء الثالث موضوع بارز وموسع (من الصفحة 359 حتى الصفحة 366) يقول الحزب فيه إنه لا يجوز الادعاء بمعرفة أية حكمة لم يَرِدْ فيها وحي من الله. فالحكمة هي الغاية التي أرادها الله من تشريع الحكم، وهي لا تكون إلا بنص شرعي لأننا يستحيل علينا عقلاً وشرعاً الاطلاع على حكمة لم يَرِد بها وحي، لأن الحكمة من اختصاصه تعالى.
غير أن الكتاب يورد العديد من الحِكَم التي لم يَرِد بها نص، وإنما فرضها المؤلف من عنده، مدّعياً بذلك أنه يعلم ما لم يخبرنا به الله. ففي الصفحة (38) يقول المؤلف ((أما الحكمة من هذا فهي أن كل نبي ورسول....)) ويقول في الصفحة (22) : ((هذه هي الحكمة وهذا هو القصد من استعمال لفظ التدبُّر))، وهاتان الحكمتان كغيرهما من الحِكَم التي أوردها المؤلف في الكتاب لا دليل عليهما من النصوص الشرعية التي جاء بها الوحي، وإنما يَستدل المؤلف على كل الحِكَم التي جاء بها بقضايا منطقية مضلِّلة. وكَمَثَل على طريقة التفكير المنطقية التي اتّبعها المؤلف في استنباط الحِكَم قوله في الصفحة (28) : ((ونحن نعلم أن الله سبحانه لا يأتي بحرف في كلمة في آية في سورة من القرآن إلا لحكمة ولغرض، فما الحكمة من ذِكر هذا القدر الكبير من قصص الأنبياء والمرسلين في القرآن المجيد؟))، وبعد سلسلة من القضايا المنطقية يضيف: ((نحن مطالَبون بالقصص ومأمورون بحملها للناس))، ثم يضيف ((فكما نحن مطالَبون بالعبادات، ومطالَبون بأحكام المعاملات والعقود، ومطالَبون بسائر الأحكام الشرعية تعلّماً وتعليماً وعملاً فإننا ولا شك مطالَبون بتعلم آيات القرآن كلها وتعليمها والعمل بها، ومنها آيات القصص وإلا لما كان لإيرادها الكثيف معنى)). فهو يعتمد على المنطق الذي يراه، فما دام القرآن فيه الكثير من آيات القصص فلا بد أن ذلك لحكمة، ثم لا يلبث أن يقدِّر هذه الحكمة منطقياً ويدّعي أن المقصود هو تعلّمها والعمل بها، متجاهلاً بذلك ما سبق أن بيّنّاه من أن الله بيَّن لنا أن ذكر القصص في القرآن إنما هو للعظة والعبرة. فهو في سيره وراء المنطق يتجاوز حدوده البشرية، ويدّعي معرفة ما لم يكشفه لنا رب العزّة، خارجاً بذلك عما تبنّاه الحزب واستدل عليه بالآيات القطعية، ومخالفاً ما تبناه الحزب كذلك من أن الحكمة لا يجوز أن تؤخذ من غير النص الشرعي.
ومثل ذلك يقال عن سائر الحِكَم التي أوردها في كتابه، كحكمة انفراد الرسول صلى الله عليه وسلم بالآيات التنزيلية دون سائر الرسل (مفسراً الآيات بأنها المعجزات مع أنها ليست كذلك)، وحكمة خلق الكون، وحكمة استعمال لفظ التدبر مع آيات القرآن وعدم استعمالها مع الآيات الكونية.
وسبق للحزب أن بيَّن خطر التماس العِلل والحِكَم من غير النصوص الشرعية، فذلك ما أدى بالبعض إلى اعتبار المصلحة علّة أو حكمة. وإلى القول بالتالي بالمصالح المرسَلة واعتبارها من القواعد الشرعية، الأمر الذي أدى بعلماء السلاطين إلى أن يحلّوا ما حرّم الله، ويحرّموا ما أحلّه، دون أي اعتبار للشرع.
ولعل أوضح ما خاض فيه الكتاب وتبنّاه الأمير بشكل مخالف لما تبناه الحزب، مع أنه يُعتبر من الأساسيات البديهية لدى الشباب، هو استدلاله بالظني على العقائد والغيبيات. فقد استدل بنصوص شرعية ظنية في موضوع الطائفة الظاهرة، وخرج من هذه النصوص، وبطريقة التفكير المنطقية إياها، إلى أن حزب التحرير هو الطائفة الظاهرة. والحزب كما يعلم الجميع ليس فئة منفصلة عن الأمة، بل هو جزء من الأمة. وقد حذّر شبابه أشد التحذير من الانفصال عنها، باعتبار ذلك لا يؤدي إلا إلى الإخفاق. والاستدلال بالظني على الغيبيات مناقِض لما تبناه الحزب، ومع ذلك فإننا لو افترضنا جواز الأخذ بالظني في العقائد والغيبيات، فما رأي مؤلف الكتاب والأمير الذي تبنّاه في قول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث المستدَل به على الطائفة الظاهرة ((لا تزال)) وهو قول يعني أن هذه الطائفة الظاهرة مستمرة منذ أن قال الرسول صلى الله عليه وسلم الحديث وحتى قيام الساعة؟ فكيف يكون ذلك وحزب التحرير لم يوجَد إلا في النصف الثاني من القرن العشرين؟ وأين هذه الطائفة قبل وجود حزب التحرير؟
هذا غيض من فيض مما ورد في الكتاب من أخطاء، بعضها إذا أصر عليه مدّعيه يُعتبر خطيئة، وبعضها يُعتبر من الضلال. وهناك الكثير من الأخطاء التي لم نأتِ على ذكرها، كقول المؤلف بأخذ ((ما لا يتعارض مع الأفكار والأحكام الشرعية)) رغم تحذير الحزب من ذلك في كتاب ((كيف هُدِمَت الخلافة))، وفي نشرة أصدرها في 7/8/1966 بعنوان: ((ما يوافق الإسلام وما لا يخالف الإسلام كلها أحكام كفر وليست من أحكام الإسلام)). ومن ذلك جهل المؤلف والأمير بأن الصفات والأخلاق ما هي إلا ثمرة التقيد بالأحكام الشرعية، وجهلهما بمفهوم الخير والشر (في الصفحة 105) رغم أن هذا المفهوم موضَّح بكل جلاء في كتاب مفاهيم حزب التحرير. ومن الأخطاء ما خاض فيه المؤلف في موضوع التدبّر والتفكّر، وتفرّد الإنسان بالعقل والخلط بين الإيمان والعمل، والقول بأن الآية الواحدة في القرآن معجزة، مع أن الله لم يذكر ذلك في القرآن، بل بيّن أن السورة معجزة، وهذا ما تبنّاه الحزب، والقول بأن كلمة ((آية)) تعني معجزة، مع أن الحزب تبنّ‍ى أن معناها العلامة الدالة على شيء، وهذا ما قال به سائر المفسّرين. ومن الأخطاء ادعاؤه بأن إعجاز القرآن قُصِدَ به إثبات وجود الله، مع أن العرب كانوا يؤمنون بوجود الله، وإعجاز القرآن كان لإثبات نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، بدليل قوله تعالى: {قل لمن الأرض ومَن فيها إن كنتم تعلمون * سيقولون لله قل أفلا تذكّرون * قل من ربّ السماوات السبع ورب العرش العظيم * سيقولون الله قل أفلا تتقون}.
هذه الأخطاء وغيرها كثير لا تدل على جهل المؤلف وحده، وإنما تدل قبل كل شيء على جهل الأمير الذي تبنّى الكتاب، وأصرّ على تبنّيه وادّعى أنه لا يتضمن غلطة واحدة رغم كل ما بيّنه الشباب له في اعتراضاتهم وتساؤلاتهم من أخطاء. فقد ظل الأمير رغم كل ذلك مصرّاً على التمسك بتبنّي الكتاب، واعتبار كل من يفنِّد ما فيه أو من يعارِض تبنّيه، بأنه عاجز عن فهم الكتاب، فضلاً عن التوبيخ الذي وجّهه لبعض من فَنَّد أو عارض، والعقوبات التي أنزلها بالكثيرين بسبب هذا الكتاب.
والخلاصة أن هذا الكتاب فوق ما فيه من أخطاء كثيرة دلّ بشكل قاطع لا شُبْهة فيه على أن من كتبه ومن تبنّاه يجهلان الأفكار والأحكام والقواعد الشرعية الأساسية في الحزب، كما يجهلان معنى نقاء الفكرة، وحقيقة أن الطريقة أحكام شريعة لا يجوز أن تؤخذ إلا من الكتاب والسنة وسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، ويحرم أن يضاف سواء للفكرة أو للطريقة أي شيء من غير الإسلام. ولا يقال هنا إن الأخذ من آيات القصص ليس أخذاً من غير الإسلام، لأن هذه الآيات موجودة في القرآن الكريم. لا يقال ذلك لأن القرآن الكريم وردت فيه آيات كثيرة على سبيل الإخبار، ونحن لسنا مطالَبين بتنفيذ ما في هذه الآيات، سواء كانت من قصص الأنبياء والمرسَلين أو أخبار الأمم السابقة، أو غير ذلك، فبعض الآيات تحدثت عن إبليس، وبعضها تحدث عنه الكفر الصراح كقوله تعالى: {وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله}، بل إن الله نهانا عن اتّباع اليهود والنصارى بقوله سبحانه: {ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتّبع ملّتهم}، حيث جاء الإخبار هنا للنهي.
فالقرآن الكريم اشتمل على آيات طلب منا الإيمان بمضمونها أو تنفيذ ما جاء فيها من أحكام، كما اشتمل على آيات أخرى لا يجوز الإيمان بمضمونها أو تنفيذ ما جاء فيها، لأنها أخبرتنا عن كفر الناس أو معصيتهم.
وآيات القصص كلها إنما هي للعبرة، كما أخبرنا الله تعالى، حيث قال في سورة يوسف: {لقد كان في قصصهم عـبرة لأولى الألباب}.
ومثلما يحرم على الأمير تبنّي هذا الكتاب، لما تضمنّه من مخالفات للشرع ولما تبنّاه الحزب، فإنه يحرم عليه إلزام الشباب بتبنّيه، كما يحرم على أي شاب أن يتبنّاه بعد أن تبيّن له ما فيه من مخالفات شرعية وحزبية.
ولا عذر للأمير في هذا التبني، لأن الشباب في أسئلتهم وتساؤلاتهم واعتراضاتهم بيّنوا ما في الكتاب من مخالفات بشكل تفصيلي، ومع ذلك فإنه ظلّ مصرّاً على تبنّي الكتاب والادّعاء بخلوّه من الأخطاء، الأمر الذي لا يشير إلى جهله فقط، وإنما إلى عجزه وانحرافه كذلك.
هذا عن الكتاب، أما فيما يتعلق بالتخبط والفساد الإداري في الحزب، فحدِّث ولا حرج. فالمسؤوليات لا توكَل لمن هم أهل لها، وإنما للمحاسيب والأزلام الذين يَقبلون أن تكون صِلاتهم الشخصية ببطانة الأمير فوق المسؤولية الحزبية ومقتضياتها. وقد أدى هذا الفساد إلى ارتباك الأجهزة الحزبية، واضطراب الشباب، لأن المسؤولين عاجزون عن أداء مهامهم الحزبية على الوجه الصحيح، واستغلّوا صلاحياتهم في تنفيذ نزوات بطانة الأمير، وتصيّد الواعين المخلِصين، مما سمَّم الجو الحزبي، وجعل الشباب يفقدون الثقة بأمانة المسؤولين وبالحزب. ولعل أوضاع الحزب في الأردن وما آلت إليه مؤخراً أوضح دليل على هذه المسألة.
وفي ضوء كل هذه الحقائق التي بَيَّنت بشكل لا لبس فيه عجز الأمير عن رسم الخطط والأساليب لتحريك الشباب للقيام بمهمة الحزب الأساسية التي من شأنها تحقيق غايته، وإشغاله الشباب بدلاً من ذلك بإصدارات سياسية وفكرية وفقهية بلبلتهم مما جعل الحزب ينكفئ على نفسه، وإقراره للفساد والتخبط الإداري الذي تمارسه بطانته بتفويض منه، إضافة إلى إصراره على الاعتماد على هذه البطانة التي شكا منها معظم الشباب وطالبوه بإبعادها، والاستعانة بغيرها من الطاقات الكثيرة الرائعة المتوفرة في الحزب، رغم أن هذه البطانة عَرَفَ عنها الأمير الكثير مما لا يصّح السكوت عليه، كانشغالها بتفسير الأحلام، وباستحضار الأرواح والجن وحتى الملائكة كما زَعمَت، وكفساد ذمتها المالية، وقبولها هدايا بآلاف الدولارات من شباب تحت إمرتها، فإن الأمير يكون قد قَصَّر وخان الأمانة، وفَقَدَ ثقة الشباب، وأصبح مستحقّاً للعزل، ويحرم على أي شاب أن يظل موالياً له وسائراً في الحزب تحت إمرته.
والسؤال المهم والحاسم هو كيف يتم عزل الأمير؟
صحيح أن القانون الإداري تضمّن آلية لعزل الأمير، ولكن هذه الآلية صمّمها الأمير وبطانته بحيث لا تؤدي إلى عزله حتى لو ثبت عجزه أو فسقه أو انحرافه، لأن المعنيين بهذه الآلية هم في غالبيتهم من محاسيب الأمير وبطانته.
فهل يجوز أن يَحُول القانون الإداري دون تنفيذ ما هو واجب شرعاً؟
والجواب على ذلك أن الشباب حين انضمّوا للحزب أقسموا على أن يكون كل منهم ((حارساً أميناً للإسلام))، وهذا يوجِب على الجميع أن لا يجعلوا الشكليات الإدارية تَحُول دون تنفيذ الفرض. فما دام الأمير واجب العزل فيجب أن يُعزَل سواء بالطريقة الإدارية أو بغيرها.
وحرمة استمرار السير وراء هذا الأمير واضحة لا لبس فيها لأنه تبنَّى من غير الإسلام، وخالف الأساسيات الحزبية، وظلّ مصرّاً على هذا التبني بعد أن جاءه فيه البلاغ المبين. ولا يقال إن من لا يَثق بالأمير ولا يَقبل بتبنّي ما تبنّاه الأمير من مخالفات للشرع ولما تبنّاه الحزب من آراء وأفكار وأحكام أساسية عليه الخروج من الحزب. لا يقال ذلك لأن أمير الحزب الحالي هو شأننا جميعاً أصبح عضواً في الحزب بعد أن أقسم على الالتزام بما تبنّاه الأمير المؤسس رحمه الله. فالحزب ليس ملكه، وإنما هو مؤتَمَن على إمارة الحزب، فإما أن يؤدي مهامه على الوجه الصحيح، وإما أن يعتزل من نفسه، أو يُجبر على ذلك.
وقد حاول العديد من قياديي الحزب المخلصين نصحه بالتخلي عن إمارة الحزب بعد أن رفض التخلي عن بطانته، ورفض إلغاء ما تبنّاه مما يخالف أحكام الشرع وما تبناه الحزب من أساسيات. ولكنه رغم كبر سنه وضعفه لم يستجب لأحد.
وفي ضوء رفضه التخلي الطوعي عن إمارة الحزب. ورفضه التخلي عن بطانة السوء من حوله، ورفضه إلغاء ما يخالف الشرع وأساسيات الحزب مما تبنّاه، وفي ضوء استحالة عزله بحسب الإداريات والآليات الواردة في القانون الإداري. فإنه لا يبقى لعزله سوى طريقة واحدة، وهي أن يتولى الشباب أنفسهم هذه المهمة.
ولا يقال إن عزل أمير الحزب لا يجوز لأنه أشبه بشق عصا الطاعة على الخليفة. لا يقال ذلك، لأن إمارة الحزب إمارة خاصة، بينما إمارة الخليفة عامة، ولا قياس. فأمير الحزب كأمير السفر كل منهما أمير خاص، بينه وبين مَنْ هُم تحت إمرته عهد وشروط، فإذا نقض العهد، أو أخل بالشروط فإنّ من هُم تحت إمرته يصبحون في حِلّ من عهده.
فأمير السفر إذا اشتَرَط عليه من هُم تحت إمرته أن يتوقف في مكان ما أثناء السفر ورفض التوقف فإنهم يصبحون في حِلّ من إمرته، وفي هذه الحالة يمكنهم عزله وتولية أمير آخر من بينهم مكانه، وعلى الأمير الجديد أن يتقيّد بشروطهم. ومثل ذلك يقال عن أمير الحزب، فإن العهد الذي بيننا وبينه أن يلتزم بالفكرة والطريقة كما تبنّاهما الأمير المؤسس، وأن لا يضيف إليهما ما هو مـن غير الإسلام، وأن يسير بالحزب نحو غايته، فإنْ أخلّ بذلك بأنْ تبنّى من غير الإسلام وأصرّ على تبنّيه، أو عجز عن تسيير الحزب على الوجه الذي يجعل الحزب يتلبس بما من شأنه تحقيق غايته، فإن الشباب يصبحون في حِلّ من إمارته، وعليهم في هذه الحالة عزله وتولية غيره مكانه.
ولا يجوز في هذا المقام الاستدلال بالنصوص الواردة بشأن الأمير العام على أمير الحزب الذي هو أمير خاص. فقول الرسول صلى الله عليه وسلم:"من رأى من أميره شيئاً فكرهه فَلْيَصْبِر عليه فإنّ من فارق الجماعة شبراً فمات إلا مات ميتة جاهلية" خاص بالأمير العام، أي الخليفة أو الحاكم، لأن لفظ الجماعة الوارد في الحديث يعني جماعة المسلمين، ولا يعني أي جماعة خاصة كجماعة السفر أو جماعة الحزب. ومثل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم:"تَسمَع وتُطيع وإن ضَرَبَ ظهرك وأخَذ مالك". فالحاكم وحده الذي له صلاحية إيقاع العقوبات المادية والبدنية على الأفراد أو أخذ أموالهم. ونفس الشيء على قوله صلى الله عليه وسلم:"مَن خلع يداً من طاعة الله..."، كما ينطبق على ما جاء في حديث عبادة بن الصامت من قوله صلى الله عليه وسلم:"وأن لا نُنازِع الأمر أهله، قال إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان"، فقوله "أن لا ننازع الأمر أهله" متعلق بالحكم. تماماً مثل قوله تعالى:{يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم}. وبناءً على هذا لا يجوز القول بأن طاعة أمير الحزب واجبة حتى يُظهِر الكفر البواح، لأن هذا متعلق بالحاكم وحده.
فأمير الحزب يفقد الحق في الطاعة كما يفقد شرعية إمرته إذا أخل بالعهد الذي بيننا وبينه، فلم يَجعل الحزب يقوم بالأعمال، التي من شأنها تحقيق الغاية، أو إذا تبنّى ما يخالِف الإسلام، أو يخالف أساسيات الحزب، ورَفَضَ العدول عن ذلك.
وقد ورد في الجامع الصغير للسيوطي (الجزء الثاني صفحة 22) حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فيه:"ستكون عليكم أمراء من بعدي يأمرونكم بما لا تعرِفون بما تُنكِرون فليس أولئك عليكم بأئمة". فإذا كان الأمر كذلك فيما يتعلق بالأمـير العام، فمن باب أولى أن ينطبق مضمون الحديث على الأمير الخاص.

وعلى هذا الأساس تَدَاعى الكثيرون من قياديي الحزب ونابهيه في مختلف المناطق الحزبية ودَرَسوا واقع الحزب، وواقع الأمير وبطانته، وقرروا بالإجماع اختيار قيادة مؤقتة للحزب تتولى تسيير الأمور ريثما يقوم الشباب باختيار أمير دائم لهم.
وقد قررت القيادة المؤقتة للحزب ما يلي:

أولاً: عزل عبد القديم زلوم عن إمارة الحزب وفصله من الحزب نهائياً.
ثانياً: إعفاء محمود عويضة (أبي أياس) من جميع مسؤولياته وفصله من الحزب نهائياً.
ثالثاً: إعفاء محمد صبري موسى (أبي عماد) من جميع مسؤولياته وفصله من الحزب نهائياً.
رابعاً: إعفاء عبد الحليم زلوم من جميع مسؤولياته وفصله من الحزب نهائياً.
خامساً: إلغاء تبني كتاب ((حمل الدعوة: واجبات وصفات)) واعتباره كأن لم يكن.
سادساً: إلغاء نشرة أوسلو ونشرة المعاهدة الأردنية واعتبار كل منهما كأن لم تكن.
سابعاً: إلغاء العقوبات التي أصدرها الأمير المعزول بحق الشباب بسبب نشرة النقابات والجمعيات الخيرية أو بسبب كتاب ((كتاب حمل الدعوة: واجبات وصفات))، ودعوة هؤلاء الشباب لاستئناف العمل مع الحزب.
ثامناً: دعوة جميع مسؤولي المناطق الحزبية التي لم يتم الاتصال بها حتى الآن، وجميع شباب الحزب في هذه المناطق، لإعلان تأييد عزل الأمير، والسير مع القيادة المؤقتة.
تاسعاً: تشكيل الأجهزة الرئيسية للحزب، وتعيين مسؤولين عامين لمختلف المناطق الحزبية في المجال وخارجه.
عاشراً: الشروع فوراً بوضع الخطط والأساليب للشباب لاستئناف العمل الحزبي على وجهه الصحيح، وبما من شأنه أن يحقق الغاية.

أيها الشباب:
إن واقع الحزب الحالي وكل الإحباطات التي عانيتم منها في ظل القيادة السابقة ستنتهي بعون الله، بفضل توفيقه تعالى ثم بفضل همّة وإخلاص كل واحد منكم. ونعني بالإخلاص الإخلاص لله أولاً ثم للحزب.
لقد كان لوقفتكم العقيدية الواعية والشجاعة في وجه انحراف القيادة المعزولة وفسادها الأثر الحاسم في نجاح عملية تصحيح مسار الحزب، وانتشاله من الوهدة التي تردّى فيها. فتمسّككم بنقاء الفكرة والطريقة، وعدم رضوخكم للوعيد والتهديد، وارتفاعكم الشامخ إلى مستوى التحدي، كل ذلك دلّ بالدرجة الأولى على إخلاصكم الخالص لله ثم للحزب، كما دلّ على الوعي الذي ينبغي أن يتحلّى به شباب حزب التحرير، وعلى الجرأة في أسمي صورها. فهذه الوقفة بكل أبعادها هي التي أدت بعون الله وتوفيقه إلى النجاح المنقطع النظير في عملية التصحيح.
إن أولوياتنا كما بيّنها الأمير المؤسس رحمه الله هي: الفكرة فالحزب فالدولة. فالأساس هي الفكرة، والحزب إذا حافظ على نقاء الفكرة، وظلت واضحة ومبلورة عند شبابه، يستطيع أن يُنهِض الأمّة، ويحقق الغاية، ويقيم الدولة إذا ما توفرت له قيادة تتميز بالإخلاص الخالص، وبالتفاني، والقدرة على رسم الخطط والأساليب للأعمال الحزبية المنتجة، وإذا ما دَأبَت هذه القيادة على إصدار الآراء والأفكار والأحكام بعد إعطائها حقها من الدراسة والبحث والفكر، بحيث يتجلى فيما يصدر الإبداع الذي افتقدناه منذ حوالي عشرين عاما، وإذا ما تجاوب الشباب مع هذه القيادة وأدّوا ما عليهم من واجبات.
فالفكرة النقية هي سر حياة الحزب، والحزب هو الأمل لإنقاذ الأمة بإقامة الخلافة، والخلافة هي الأمل لإنقاذ العالم بأسره بإذن الله.
والقيادة مهما أوتِيَت من قدرات، ومهما كان إخلاصها خالصاً، ومهما تفانت في أداء مهامها، فإنها عاجزة لوحدها عن تحقيـق الغاية، ما لم تُحسِن الاستفادة من طاقات الشباب الفكرية والفقهية والسياسية والإدارية وغيرها. وبِقَدْرِ ما تُدرك القيادة هذه الناحية، وبقدْر استجابة الشباب بالعطاء، بقدرْ ما نتقدم نحو الخلافة.
ولذلك فإن الحزب لا يقول لكم اطمئنوا فإن كل شيء على ما يرام، وإنما يدعوكم للكدّ والعمل والمشاركة التامة في كل الجهود التي تُبذَل لتحطيم العقبات التي تعترض سبيلنا، مهما كلف ذلك كل واحد منا من تضحيات.
وجائزتنـا الكبرى ليست تحقيق الغاية وحسب، وإنما هي بالدرجة الأولى وقبل ذلك وفوقه رضوان الله الذي نأمل أن نناله جميعاً.


{وَلَيَنْصُرَنَّ اللّهُ مَنْ يَنْصُرُه إنّ اللّه لَقَوِيُُّ عَزيز} صدق الله العظيم


حزب التحرير

20 من جمادى الآخرة 1418 هـ
22/10/1997 م

آخر تعديل بواسطة خلافة ، 10-22-2011 الساعة 08:18 PM
رد مع اقتباس
 
 
  #5  
قديم 10-22-2011
ابو البراء الشامي ابو البراء الشامي غير متواجد حالياً
عضو مرابط
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 823
افتراضي رد: حزب التحرير، نشأته وسيرته ،ملف الوثائق والنشرات, أرشيف لوثائق انطلاق مسيرة حزب التحرير

التحدي في مواقف الرعيل الأول


طالب عوض الله


الأسئلة:

1. منذ قيام الدعوة ظهر التحدي بصورة بالغة من الأمير المؤسس رحمه الله في اللقاء الشهير في قصر رغدان... هل كان هذا هو التحدي الوحيد بل كان هناك غيره من الرعيل الأول وخاصة الأمير الثاني ؟
2. تحدي الشيخ الداعور في مجلس النواب هل كان له الأثر في نظرة العامه ، وكيف كان ذلك ؟
3. هل كانت التحديات من بقية الرعيل الأول بصورة لا فتة للنظر ومؤثرة ؟
من خلال معايشتي لبزوغ نور من المسجد الأقصى يعلن انطلاق مسيرة حزب التحرير كان واضحاً



الجواب:


التحدي الكبير الذي قابل به شيوخنا من الرعيل الأول للحكام وأعداء الدعوة أذكر منها التالي:
1. في كل أسبوع كان الملك عبد الله بن الحسين يدعوا بعض العلماء ( المشايخ ) إلى القصر في رغدان، مما كان حافزاً للمشايخ أن يطلبوا من الملك أن يفرج عن زميلهم الشيخ تقي الدين، فما كان من الملك إلا أن أمر بإحضار الشيخ تقي الدين من سجنه للقصر الملكي بحضور جمع من المشايخ، ولما جلس بينهم توجه الملك عبد الله إلى الشيخ تقي الدين قائلاً: اسمع يا شيخ، هل تعاهدني على أن توالي من واليت، وتعادي من عاديت؟ فنظر أليه الشيخ ولم يجبه بشيء، وكررها ثانية : هل تعاهدني على أن توالي من واليت، وتعادي من عاديت؟ فنظر إليه كما في الأولى ولم يجبه. ومرة ثالثة أعاد عليه نفس السؤال ولكن هذه المرة بصوت مرتفع أكثر من المرتين السابقتين، وهنا رفع الشيخ رأسه ونظر للملك قائلاً: لقد عاهدت الله من قبل على أن أوالي من والى الله وأعادي من عاداه.. فهاج الملك وماج وصاح في الشيخ: قم يا شيخ، أنت شيخ خطر ، وقال لجنوده: خذوه. فأرجعه الحرس إلى السجن، وفي هذا الموقف الذي يحتاج للرجال الأتقياء لم يقل أي من المشايخ أي كلمة.........

2. على أثر تزايد الإقبال المتزايد على حضور دروس الحزب في المساجد، والصراع الفكري الذي أحدث دوياً هائلاً وتفاعلاً شديداً في المجتمع أكسب الحزب العدد الوافر من المنتسبين، أصدرت الحكومة قانوناً بتاريخ 25/08/1955يمنع الخطابة والتدريس في المساجد بدون الحصول على رخصة من الجهات الرسمية أسمته " قانون الوعظ والإرشاد والخطابة والتدريس في المساجد لسنة 1954 " وفرضت عقوبات السجن والغرامة على المخالف، فهاجم سماحة الشيخ الداعور ذلك القانون في خطبة له بالمسجد الإبراهيمي مشبهاً ذلك القانون بقانون رخصة بيع الخمور في البارات والخمارات، ولما أقرت القانون هيئة مشايخ السلاطين المسماة " الهيئة العلمية الإسلامية " بأمر من الجنرال كلوب قام سماحة الشيخ عبد القديم بمهاجمة فكرة جعل رجال دين في الحياة الإسلامية، كما هاجم فكرة الزي الأوكليروسي المميز للعلماء، في خطبة نارية في المسجد الإبراهيمي في الخليل، ومما جاء فيها:" ولولا أنّ حزب التحرير لا يؤمن بالجزئيات لوضعت هذه العمامة تحت قدي احتقارا لها ولمن يلبسـها". – الشيخ وقتها ومنذ تخرجه من الأزهر كان يلبس اللباس المخصص للعلماء وهو الجبة والعمامة – ومع أن الشيخ رحمه الله كان مشهوراً بالحلم الشديد وعدم الانفعال، إلا أن الانفعال كان ظاهراً في خطبته لهول الأمر الذي تناولته، وكانت تلك هي المرة الوحيدة التي رأيته فيها بالغ الانفعال.
3.في منح الثقة لحكومة سليمان النابلسي فاز بثقة 59 نائب - منهم نواب الإخوان الخمسة - لم يحجب الثقة عن الحكومة إلا شيخنا الأستاذ أحمد الداعور حيث استهل بيانه بالتالي ( وقد تقدمت حكومة دولة سليمان النابلسي إلى هذا المجلس ببيانها الوزاري فكانت كسابقاتها من حيث الجوهر إمعانا في نبذ الإسلام عن تعمد، وإيغالا في السير في ركاب الاستعمار عن قصد، ولكنها زادت عن غيرها في الدجل السياسي والخداع القتال وإني إذ أتقدم بمناقشة هذا البيان لأبين بعض الأخطار التي ينطوي عليها هذا حتى أكشف البرقع الشفاف الذي وضعته على وجهها لتخفي سحنة الاستعمار وتغطي ألعابها بالألاعيب البهلوانية والألفاظ المبطنة.....) ،بعدها جاءت حكومة الأحكام العسكرية التي يرأسهما اسماّ - إبراهيم هاشم - وفعلاً المجرم البالغ الإجرام - سمير الرفاعي - ورغم التهديد بمسدس وضع في رأسه كان الوحيد بين النواب الذي رفض إعطاء الثقة ، واستهل بيانه مخاطباً زملائه ( أخواني ، إن هذه الحكومة ، حكومة إبراهيم هاشم، بل حكومة سمير الرفاعي ، وبعد أن ألهبت ظهور هذه الأمة بسياطها ، أتت وبكل وقاحة تستجديكم لطلب الثقة، وكما قال الشاعر:


بالأمس أوهى المسلمين جراحة = واليوم مدّ له يد الجراح


هنا انسحب الوزراء والنواب على السواء ، ولم يسمحوا له بإكمال بيانه ، ألا أنه طبع في كتيب ووزع على الأمة. بعدها في الانتخابات الفرعية لشغر منصب واحد في الخليل، حاول الشيخ التدخل لرفع الضغط عن أسعد بيوض للانسحاب ، وقد تم منعه من إكمال السفر للخليل في موقع مخفر كفار عصيون، وبعد تخاذل أسعد وانسحابه لصالح مرشح الحكومة العميل إسماعيل حجازي، تجرأت عليه الدولة وسجنته وهو نائب وقدمته لمحكمة عسكرية حكمت عليه بالسجن ثلاث سنوات قضاها في معتقل الجفر الصحراوي، رغم تمتعه بالحصانة البرلمانية، التي سحبت منه بموافقة كافة زملائه أعضاء المجلس بما فيهم نواب الإخوان المسلمين الخمسة عدى واصف عنبتاوي نائب نابلس ، الذي كان الرجل الوحيد في المجلس.

يتبع إن شاء الله
رد مع اقتباس
 
 
  #6  
قديم 10-22-2011
خلافة خلافة غير متواجد حالياً
عضو مشارك
 
تاريخ التسجيل: Oct 2011
المشاركات: 56
افتراضي رد: حزب التحرير، نشأته وسيرته ،ملف الوثائق والنشرات, أرشيف لوثائق انطلاق مسيرة حزب التحرير

بسم الله الرحمن الرحيم

فكرة الحزب


فكرة الحزب هي ما تبنّاه من الفكرة الإسلامية ، حسب طريقته في الفهم وشرطه في التبني . والفكرة الإسلامية هي العقيدة الإسلامية وما ينبثق عنها من أحكام وما يُبنى عليها من أفكار .
ولبيان أهمية الفكرة بالنسبة لحزب التحرير ليس هناك ما هو أفضل مما ذكره الحزب في نشرة أصدرها بتاريخ 23/4 / 1974م، جاء فيها:
((والحزب يقوم على الفكرة وحدها . أي على مبدأ الإسلام حسب فهمه هو لأفكاره وأحكامه . فالفكرة وحدها هي التي يقوم عليها ، فهي سرّ حياته ، وهي وحدها التي تجعله حياً ، وتجعل حياته دائمة بل خالدة . فهو لا يقوم على الأشخاص مهما أوتوا من العلم والجاه والقوة ، ولا يهتم بكثرتهم أو قلّتهم ، ولا يقوم على تأييد الناس له ، قلّ هذا التأييد أو كَثُر ، ولا يقوم على ما يوفر له القدرة على العمل ، مهما كانت هذه القدرة مغرية بالتسهيل والتيسير والتقدم والارتفـاع . ولا يقوم على ما يقرّبه من الحكم أو يسهّل له أن يتولاه ، وإنما يقوم على شيء واحد هو الفكرة .
ويعتبر هذه الفكرة سرّ حياته ، أي روحه التي يحيى بها ، والتي إذا فقدها مات ، فالفكرة هي أساس وجوده . وهي أساس حياته وأساس سيره . ولذلك يُعنى بالفكرة وحدها ، ويوجّه همّه كله نحو الفكرة ، ويعتبر جلَّ أعماله متعلقاً بالفكرة سواء من حيـث التبني ، أو من حيث النشر ، أو من حيث التطبيق ، أو من حيث ما يلزم لبناء المجتمع ، أو يستلزم إقامة الدولة ، أو يقتضي إنهاض الأمة ، أو يستوجب حمل الرسالة إلى العالم . وإذا كان يَعمل لإقامة الدولة ، وبناء المجتمع ، وإنهاض الأمة ، وحمل الرسالة إلى العالم ، فإنما يعمل بالفكرة ، ومن أجل الفكرة : فالفكرة هي كل شيء في حزب التحرير )) .
والحزب لم يتبنَّ الفكرة الإسلامية بشكل إجمالي ، وإنما بشكل تفصيلي ، لأنّ تبنّي الفكرة الإسلامية بشكل إجمالي لا يجعله حزباً متميزاً ، كما لا يحدد هويته بدقة . ومع تبنيه الفكرة الإسلامية بشكل تفصيلي ، فإنه اقتصر في تبنيه على ما يلزمه منها للعمل الذي ينهض به ، أي بالقدر الذي يلزمه كحزب سياسي يريد إيجاد فكرته في المجتمع وتجسيدها في العلاقات . فهو تبنّى ما يلزمه لأداء مهامّه من إنهاض الأمة ، وبناء المجتمع ، وإقامة الدولة ، وحمل رسالة الإسلام للعالم .
ولذلك فإنه لم يتبنَّ في العقائد إلا ما كانت أعماله تستوجب التبني فيها ، ولم يتبنَّ في العبادات إلا ما كان لا بدّ منه لنشر الأفكار كأحكام الجهاد . ولم يتبنَّ في التشريع إلا ما كان أخذه للسلطة يستوجبه ، وهو وإن كان قد تبنى في نظام الحكم ، فإنه لم يتبنَّ في العقوبات ، كما لم يتبنَّ إلا النزر اليسير في المعاملات . فالحزب ليس مذهباً من المذاهب ، ولا هو طريقة من الطرق ، كما أنه ليس مجتهداً من المجتهدين .
ونظراً لما أصاب الفكرة الإسلامية خلال قرون الانحطاط من عوامل التغشية والحرف والتضليل ، سواء نتيجة لجهل المسلمين أو لكيد أعدائهم ، فقد أخذ الحزب على عاتقه توضيح الفكرة وبلورتها وتنقيتها من كل شائبة لحقت بها ، حتى تعود صافية واضحة نقية ، كما نزل بها الوحي .
ومن أجل ذلك ، وَجَد الحزب أنه لا بدّ له من تبني طريقة معيّنة في الفهم ، وجعلها شرطاً في تبنيه للعقائد والأحكام والأفكار . وطريقته في الفهم تتمثل في مجموعة من القواعد الضوابط التي جعلها قيداً في أخذه للعقائد والأحكام والأفكار . وطريقته في التبني هي أخْذ الفكرة عن المجتهد على شرط الحزب ، أي وفق طريقته في الفهم، ثم تبنيها وإلزام كل شاب في الحزب بتبنيها .
فبالنسبة للأفكار المتعلقة بالعقائد فإنه لا يتبناها إلا إذا قام الدليل القطعي على صحتها و صدقها ، سواء أكان هذا الدليل مما جاء به الوحي أم كان دليلاً عقلياً حسب فهم الحزب لمعنى العقل .
وعلى هذا الأساس تبنى الحزب أن العقيدة الإسلامية هي الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقضاء والقدر خيرهما وشرهما من الله تعالى .
والإيمان هو التصديق الجازم المطابق للواقع عن دليل . فلا بدّ في الإيمان من الدليل ، لأنه بدون دليل لا يكون إيماناً . ولا بدّ أن يكون الدليل قطيعاً حتى يتأتى في التصديق الجازم ، لأنه إن كان ظنياً فلا يفيد سوى مجرّد التصديق وليس التصديق الجازم .
وقد تبنى الحزب حُرْمة أخذ العقيدة وكل ما هو من العقائد من الدليل الظني ، استناداً للنهي الجازم عن أخذها بالظن . والأدلة على حرمة أخذ العقائد بالظن عديدة : منها قوله تعالى : { إنْ يًتَّبعون إلا الظنّ وإنْ هُم إلا يَخْرُصون } ، وقوله سبحانه : { وما يَتَّبِعُ أكثرهم إلا ظنّاً إنّ الظنّ لا يُغني من الحق شيئاً } ، وقوله : { وما لهم به من علم إنْ يَتَّبِعون إلا الظنّ } ، وغير ذلك من الآيات قطعية الثبوت والدلالة .
واستناداً لهذه الأدلة ، فإنه يحرم على المسلم أن يبني عقيدته على الظن ، أو يعتقد بأي فكر عقيدي استناداً لدليل ظني ، وهو إنْ فعل ذلك كان آثما .
فدليل العقائد إما أن يكون نصّاً جاء به الوحي قطعي الثبوت والدلالة ، وإما أن يكون العقل .
والعقل عند الحزب ، ويرادفه الفكر والإدراك ، هو نقل الحس بالواقع بواسطة الحواس إلى الدماغ ووجود معلومات سابقة يفسَّر بواسطتها الواقع . ولذلك لا بدّ من وجود واقع وحواس ودماغ ومعلومات سابقة تكفي لتفسير الواقع حتى يحصل العقل أو الفكر أو الإدراك ، ويتصل بفهم الحزب لمعنى العقل موضوع آخر ، وإن كان لا علاقة له بكون العقل من الأدلة على العقائد ، ألا وهو كيفية فهم النصوص الفكرة . إذ يَشترط الحزب أن تُتلقى تلقياً فكرياً ، سواء كانت هذه النصوص مقروءة أو مسموعة . والتلقّي الفكري عند الحزب هو أن يَفهم المتلقي معاني الجمل كما تدل عليه لا كما يريدها مَنْ صدرت عنه أو مَنْ تلقاها أن تكون .
وفهم النصوص الفكرية لا يتأتى إلا بوجود معلومات سابقة عنها في ذهن المتلقي ، وأن تكون هذه المعلومات السابقة في مستوى الفكر الذي يُراد فهمه ، بحيث يدرك المتلقي واقع هذه الفكر إدراكاً يحدّده ويميّزه عن غيره ، ويعطي الصورة الحقيقية عنه .
والفكر يُتلقى لفهمه واتخاذ موقف منه . فإما أن المتلقي يصدّقه وعندها يأخذه ، وإما أنه لا يصدّقه وعندها إما أن ينبذه أو يحاربه لأن الفكر لا يُتلقى لمجرد المعرفة .
وتصور الفكر تصوراً صحيحاً هو الذي يعصم الفكر من الزلل والانحراف ، ويجعل المرء يقرر موقفه منه تقريراً صحيحاً . فالأفكار الخاطئة أو المنحرفة لا يقف ضررها عند حدّ أخذ المرء لها ، بل قد تصرفه عن أعمال أساسية في حياته ، وقد تجعله يزلّ وينحرف ، أو يضلّ ضلالاّ كبيراً .
والأصل في المسلم ، وحامل الدعوة من باب أولى أن يأخذ الأفكار أو ينبذها أو يحاربها بقياسها على العقيدة ، أي بجعله العقيدة قاعدة فكرية له . وهو قبل أن يقيس الفكر على العقيدة لا بدّ له من معرفة أن الفكر حقيقة أم لا ، فإن كان حقيقة ، أي له واقع ينطبق عليه ، قاسه على العقيدة ، وإلا فإنه لا حاجة لقياسه على العقيدة ، لأنه إما أن لا يكون فكراً على الإطلاق لأنه لا واقع له ، وإما أنه فكر خاطئ ، أي لا ينطبق على واقعه تمام الانطباق.
وبقياس الفكر على العقيدة يُنظر ، فإن وافق العقيدة يُؤخذ ، وإن كان يتناقض أو يتعارض معها أو مع ما ينبثق عنها ، فلا يُؤخذ ، فإما أن يُنبذ أو يُحارب .
والعقل هو الذي تَوصَّل بشكل قطعي إلى أن للإنسان والكون والحياة خالقاً خلقها جميعاً ، وإلى أن القرآن من عند الله ، وإلى أن محمداً رسول الله . وصَلُحَ العقل لأن يكون الدليل القطعي على هذه الركائز الثلاث للعقيدة لأنها مما يقع تحت الحس أو يُلمس أثره بالحس ، ولذلك كان بمقدور العقل إصدار حكمه القطعي عليها . أما باقي أدلة العقيدة فقد جاء بها الوحي نصوصاً قطعية الثبوت والدلالة . باستثناء موضوع القضاء والقدر ، أي تحديد المقصـــود بعبارة (( وبالقضاء والقدر خيرهما وشرهما من الله تعالى )) ، كجزء من العقيدة ، فإنّ هذا الموضوع عقلي .
هذا بالنسبة لما تبناه الحزب في العقائد حسب طريقته في الفهم ، أما بالنسبة للأحكام الشرعية ، فإن الحزب يفرّق بين أمرين : أصول الأحكام ، والأحكام العملية ( أي الفرعية ) .
فبالنسبة لأصول الأحكام تبنّى الحزب أنها شأنها شأن العقائد لا تُؤخذ إلا عن يقين ، أي يجب أن تستند إلى أدلة قطعية حتى تُعتبر أصولاً للأحكام .
وهكذا حصر الحزب أصول الأحكام ( أو الأدلة الإجمالية ) في أربعة : الكتاب والسنّة والإجماع والقياس . فهذه الأدلة الأربعة هي وحدها التي قام الدليل القطعي على اعتبارها أدلة . وكما يُطلق عليها أصول الأحكام يُطلق عليها كذلك أصول الفقه .
وأما الأحكام الشرعية العملية ( أو الفروعية ) ، فإن الحزب تبنى أنها يجوز أخذها من الأدلة الظنية ، ولا يُشترط فيها القطع ، بل تكفي فيها غلبة الظن .
والدليل الظني قد يكون قطعي الثبوت ظني الدلالة ، كقوله تعالى { أو لا مستم النساء } ، أو ظني الثبوت قطعي الدلالة ، كقول الرسول صلى الله عليه وسلم (( لا وصيّة لوارث )) ، أو ظني الثبوت والدلالة كقوله صلى الله عليه وسلم (( لا طلاق ولا إعتاق في إغلاق )) . فهذه هي أنواع الأدلة الظنية ، وهي كلها تصلح للاستدلال على الأحكام الشرعية العملية أو الفروعية .
وإذا كان الدليل الظني من السنّة فإن الحزب يشترط فيه أن يكون من نوع الحديث الصحيح أو الحسن ، حسب فهمه هو للصحيح والحسن ، وإن خالف رأي بعض علماء الحديث في ذلك .
والحزب لا يكتفي بفهم النصوص عند الاستدلال بها ، وإنما يشترط إلى جانب فهمها انطباقها على الواقع . ولذلك فإنه يَدرس الواقع دراسة اجتهاد ، ويَدرس النص دراسة اجتهاد ، ثم يطبِّق الحكم الذي استنبطه من النص على الواقع الذي درسه ، فإن انطبق عـليه أخذه ، وإنْ لم ينطبق عليه تركه وبحث عن الحكم الذي ينطبق عليه حتى يجده ، فإنْ انطبق عليه تبناه ، وإنْ لم ينطبق عليه ولم يعرف حكماً ينطبق على هذا الواقع فإنه إما أن لا يتبناه ، وإما أن يتبنى أنه ليس من أحكام الإسلام . ومن أجل دقة فهم الأحكام وضبط هذا الفهم . تبنى الحزب قواعد وتعاريف شرعية تنطبق عليها طريقته في الفهم وطريقته في التبني .
فمن القواعد الشرعية التي تبناها الحزب كضوابط قاعدة ( الأصل في الأفعال التقيـد بالحكم الشرعي ) ، وقاعدة ( الأصل في الأشياء الإباحة ما لم يَردْ دليل التحريم ) ، وقاعدة ( ما لا يتم الواجب إلا بـه فهـو واجب) ، وغيرها كثير .
ومن التعاريف الشرعية ، وهي شأنها شأن القواعد الشرعية عبارة عن أحكام شرعية ، تعريفه للحكم الشرعي بأنه ( خطاب الشارع المتعلق بأفعال العباد بالاقتضاء أو التخيير أو الوضع ) ، وتعريفه للجهاد بأنه ( بذل الوُسْع في القتال في سبيل الله مباشرة أو معاونة بمال أو رأي أو تكثير سواد ونحو ذلك ) ، وتعريفه للفقه بأنه ( علم بالمسائل الشرعيــة العملية المستنبَطة من أدلتها التفصيلية ) وتعريفه للسبب بأنه ( ما يلزم من وجوده وجود ومن عدمه عدم ) ، وغير ذلك من التعاريف الشرعية .
وقد ميّز الحزب بين الأحكام والأفكار ، فبيّن أن الأحكام يجب أن تنبثق عن العقيدة ، أي أن تُؤخذ مما جاء به الوحي ، فُيستدل عليها من الكتاب أو السنّة أو مما أرشدا إليه من إجماع أو قياس . وأما الأفكار فإنه لا يُشترط فيها انبثاقها عن العقيدة ، فهي قد تنبثق عن العقيدة ، كما هو شأن الأفكار العقيدية الواردة في النصوص ، وقد تُبنى عليها وهو الأعمّ الأغلب في الأفكار . ومعنى بناء الأفكار على العقيدة جعل العقيدة قاعدة فكرية وقياس الأفكار عليها ، فما وافق العقيدة يُؤخذ وما تناقض أو تعارض معها أو مع ما ينبثق عنها لا يُؤخذ .
ففكرة ( أن النهضة هي الارتقاء الفكري ) فكرة لم تنبثق عن العقيدة ، ولم تَرِد في النصوص الشرعية ، ولكنها فكرة لها واقع يصدّقها وتوافق العقيدة عند قياسها عليها ، ولذلك فإنها تُبنى على العقيدة .
ومثلما تبنى الحزب قواعد وتعاريف شرعية فإنه تبنّى كذلك مصطلحات وتعاريف وقواعد فكرية .
والمراد بالمصطلحات تكرار استعماله لألفاظ أو عبارات معيّنة لتقتصر دلالالتها على معان محددة . كاستعماله لكلمة ( المبدأ ) ، وعبارة ( الكون والإنسان والحياة ) ، ومصطلح الفكرة ، ومصطلح ( الطريقة ) ، و ( الجو الإيماني ) ، و ( القيــــادة الفكرية ) ، و ( وجهة النظر في الحياة ) و ( والإحساس الفكري ) ، و ( منطق الإحساس ) وغيرها من المصطلحات .
ومن التعاريف تعريفه للعقيدة بأنها ( فكرة كليّة عن الكون والإنسان والحياة ، وعما قبل الحياة الدنيا وعما بعدها ، وعن علاقتها بما قبلها وما بعدها ) ، وتعريفه للمبدأ بأنه ( عقيدة عقلية ينبثق عنها نظام ) ، وتعريفه للمجتمع بأنه ( مجموعة من الناس بينهم علاقات دائمية ) ، وغير ذلك من التعاريف .
ومن القواعد الفكرية المتبناة قاعدة ( الأسلوب يقرره نوع العمل ) ، ( والفكر يجب أن يَسبق العمل وأن يكون الفكر والعمل من أجل تحقيق غاية ) ، و ( الإدارة يجــــب أن تتسم بالسهولة واليسر والسرعة في الإنجاز ) ، و ( الصلاحية فردية والعمل جماعي ) ، وغيرها .
والإسلام فكرة وطريقة من جنس فكرته ، فالفكرة هي العقيدة والمعالجات المنبثقة عنها ، والطريقة هي الأحكام المتعلقة بكيفية تنفيذ المعالجات ، وكيفية المحافظة على العقيدة وكيفية حمل الدعوة .
ومثلما يحرص الحزب على الفكرة فإنه يَحرص على الطريقة ، لتظل هي الأخرى نقية صافية لا تشوبها شائبة .
وحَمْل الدعوة من أحكام الطريقة ولذلك يجب التقيد بهذه الأحكام في حملها ، سواء في الدور المكي أو المدني . ومصدر هذه الأحكام هو القرآن وسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وكما لا يصح أن نأخذ عن الرسل الآخرين في أحكام الفكرة ، فإنه لا يجوز الأخذ عنهم في أحكام الطريقة ، بل يُؤخذ من كتاب الله ومن سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم فقط ، لأن الرسول عليه السلام وحده القدوة والأسوة . وأي أخذ عن غير الرسول صلى الله عليه وسلم في أحكام الطريقة يُعتبر أخذاً عن غير الإسلام .
وقد بيّن الحزب أحكام الفكرة وأحكام الطريقة ، فحكم تحريم الخمر من الفكرة ، وحكم إقامة الحدّ على شارب الخمر من أحكام الطريقة ، والنطق بالشهادتين من أحكام الفكرة ، وقتل المرتد من أحكام الطريقة ، وتحريم سرقة المال من أحكام الفكرة وقطع يد السارق من أحكام الطريقة .
وفي مجال حمل الدعوة ، فإن الاقتصار على الناحية الفكرة في الدور المكّي من أحكام الطريقة ، وحمل الدعوة بالجهاد في الدور المدني من أحكام الطريقة أيضاً . كذلك فإن مراحل السير في حمل الدعوة من أحكام الطريقة .
ويجب التمييز عند البحث في أحكام الطريقة بين ما هو من الطريقة وبين ما هو من الأساليب . فما كان من الطريقة يجب التقيد به وعدم الانحراف عنه ، لأن الطريقة أحكام شرعية مستمدة من سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ، والتقيد بها فرض والانحراف عنها معصية ، أما الأساليب فإنها باعتبارها غير متعلقة بوجهة النظر في الحياة فإنها كلها مباحة ما لم يَرِد دليل على حرمة أسلوب منها . والأساليب هي الكيفية غير الدائمة للقيام بالعمل. ومثل الأساليب الوسائل التي هي عبارة عن الأدوات المادية التي يستعان بها في تنفيذ العمل . فهي باعتبارها أشياء كلها مباحة إلا إذا ورد دليل على حرمة شيء منها .
ولأجل ذلك لا بدّ من التمييز بين الطريقة وبين الأساليب والوسائل . كما ينبغي أن تكون الأساليب والوسائل واقعية وعملية . ومعنى واقعية أن تعالج واقعاً موجوداً بالفعل ، ومعنى عملية أن توضَع لمباشرة العمل بها على الفور.
وحين يتبنّى الحزب أساليب معينة لأداء أعمال حمل الدعوة فيجب التزام هذه الأساليب ، وذلك لأنها متبناة ، لا لأي شيء آخر . ولذلك فإنه مثلما يحرص الحزب على الفكرة والطريقة فإنه يحرص كذلك على الأساليب المتبناة ما لم يظهر خطؤها . فإذا ظهر خطؤها فإنه يتركها ويتبنى غيرها مثلما يترك فهمة لأي فكر من الفكرة أو الطريقة إذا ظهر خطؤه .
والحزب يرى أنه لا اجتهاد في تنفيذ الأساليب المتبناة ، تماماً مثلما يرى أنه لا اجتهاد في أي فكر متبنّى . ذلك أن الاجتهاد في مثل هذه الحالة إما خطأ فادح إن كان بغير قصد ، وإما انحراف مقصود إن كان عن تعمد وإصرار .
هذا عرض موجز لفكرة الحزب ، ولطريقته في الفهم ، وطريقته في التبني ، إضافة إلى بيان أن سير الحزب في حمل الدعوة يستند إلى ما جاء في القرآن وإلى سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم دون غيره من الرسل ، وبيان حرص الحزب على الأساليب المتبناة .
وقد بقيت مواضيع في مسألة التبني لا بدّ من بلورتها ولفت النظر إليها .
أولها أنه قبل تبني الحزب لأي فكر وأي حكم وأي رأي يمرّ ما يُراد تبنيه بثلاثة أدوار : أولها الدراسة ، وثانيها التفكير ، وثالثها البحث والتتبع ، وبعد ذلك يخرج الرأي للشباب والناس فكراً متبنى .
ومع ذلك ، فإن الحزب يقول إن رأيه صواب يحتمل الخطأ ، وخلافه خطأ يحتمل الصواب ، وذلك حتى ينفي القداسة عن الرأي الذي يتبناه الحزب . ولكن ينبغي أن يتذكر الجميع أن الأصل في الرأي المتبنى أنه صواب ، والخطأ مجرد احتمال .
ولهذا لا يجوز لأمير الحزب أن ينتقل من رأي تبناه الحزب إلى غيره هكذا دون تفسير ، بل يجب عليه أن يبيّن بوضوح وجلاء خطأ الرأي السابق ، كما يجب أن يبيّن وجه الصواب في الرأي الجديد .
والثانية أن الأمير لا يجوز له أن يتبنى على غير شرط الحزب في التبني كما جرى بيانه في هذا الموضوع . فلا يجوز له أن يتبنى مثلاً على أساس المصالح المرسلة ، ولا على أساس أن ( شرع مَنْ قبلنا شرعُُ لنا ) . صحيح أن الأمير صاحب الصلاحية في التبني ، ولكن ذلك مقيَّد بالتزام طريقة الحزب في الفهم وطريقته في التبني .
والثالثـة أن أمير الحزب لا يجوز له أن يتبنى في ما التزم الحزب بعدم التبني فيه ، أو فيما لا حاجة له للتبني فيه. وذلك كالتزام الحزب بعدم التبني في بعض مسائل العبادات كالصوم والصلاة والحج ، أو فيما لا يلزم للحزب لأداء مهامه التي ينهض بها ، كالدراسات أو الأبحاث التي لا شان لها بهذه المهام ، أو فيما هو من قبيل الحث على التضحية أو العمل أو التحلي بقيم رفيعة معينة . وطبعاً لا يعني ذلك عدم إصدار الحزب شيئاً في هذه الأمور ، وإنما المقصود عدم تبني ما يصدره فيها .
والرابعة أن تَقيَّد الشباب لا يَقتصر على المتبنى ، بل يجب أن يتقيدوا بتنفيذ جميع أحكام الإسلام سواء كانت متبناة أو غير متبناة . فالحزب لا يتبنى في أحكام الصلاة ، ولكنه لا يقبل بين صفوفه من لا يُصلي .
والخامسة أن ما يتبناه الحزب مُلزِم لكل شاب ، يستوي في ذلك أمير الحزب وشابُُ تم تحزيبه بالأمس .
فكل شاب يتبنى كل حكم وكل فكر وكل رأي تبناه الحزب ، وإذا لم يتبن رأياً واحداً أو فكراً واحداً أو حكماً واحداً فإنه يخرج من الحزب ولا يصبح جزءاً منه ، لأن عضويته في الحزب مرهونة بتبني كل ما تبناه الحزب.
والتبني لا يقتل الإبداع لدى الشباب كما يتوهم البعض ، بل هو الذي يوجِد لديهم ذخيرة للتفكير فيها ومحاكمتها مما يفتح لديهم آفاق الإبداع .
هذا فضلاً عن كون التبني هو الذي يجعل الحزب حزباً سياسياً متميزاً عن غيره ، وهو الذي يجعل كُلاً فكرياً شعورياً بالفعل .
بهذا يكتمل موضوع فكرة الحزب . فقد تم توضيح جوهرها ، وقواعد وضوابط الفهم والتبني التي التُزِمَتْ فيها ، كما جرى التركيز على بيان أهميتها والأولوية التي ينبغي أن تكون لها عند الحزب والشباب .
وهذه الأولوية التي تناساها بعض الشباب ، وصاروا يضعون الأشخاص قبلها ، ما كانت بحاجة إلى كل هذا البيان لولا سنوات الهبوط الطويلة التي مرت على الحزب ، بحيث صار الحزب ، وهو أداة النهضة ، بحاجة إلى إنهاض .
إذ نتيجة لكون القيادة السابقة لم يكن لديها الحد الأدنى من الوعي اللازم لقيادة الحزب حتى تحافظ على نقاء الفكرة وصفائها وبلورتها ، وتَحُول دون إدخال أي شوائب عليها أو تمييعها ، نتيجة لذلك اختلّت الأولويات . وكان من الطبيعي أن يحدث ما حدث لأن واقع القيادة ينعكس على الحزب والشباب .
غير أنه من فضل الله على الحزب أن جمهرة كبيرة من شبابه لم تستسلم للهبوط ، وبقيت متيقظة ، وأدركت ما يعانيه الحزب والشباب ، وسبب هذه المعاناة ، وطريقة علاجها .
فعملية التصحيح وإن تولاها في البداية أشخاص معدودون إلا أنها جاءت تعبيراً صادقاً عما في نفوس مئات الشباب الواعين المخلصين في سائر المناطق الحزبية ، ولذلك سرعان ما انضم هؤلاء الشباب لعملية التصحيح لأنهم كانوا بانتظارها .
وفكرة الحزب هي التي تحدد كل شيء في الحزب . فمن يتمسك بها نقية صافية فهو عضو في الحزب ، ومن لا يكترث بما يصيب هذه الفكرة من تمييع وإدخال شوائب وتغشية ، فإنه ليس في الحقيقة عضواً في الحزب ، بغض النظر عن الناحية الإدارية .
فالذين يُعطون الأولوية لشخص أو أشخاص على الفكرة ليسوا من حزب التحرير في شيء ، ولا قيمة لكثرتهم أو قلّتهم ، حتى لو توهّم بعض الناس أنهم من الحزب .
وذلك بديهي لأن الحزب يقوم على الفكرة وحدها . فهي وحدها الرابط بين شبابه ، وهي وَسَيْر الحزب الأمر المشترك بين الشباب والحزب .
أما الشباب الواعون المخلصون الجادون في حمل الدعوة ، المستعدون للتضحية بالغالي والرخيص للسير بها حتى تحقيق الغاية ، المدرِكون لأهمية الفكرة وأولويتها وحيوية المحافظة على نقائها وصفائها ، الحريصون على عدم انحراف الحزب عن مساره الصحيح ، فهؤلاء هم حزب التحرير ، وهم وحدهم المؤهَّلون لإنهاض الأمة وأخذ قيادتها ، وهم القادرون بعون الله على تحقيق الغاية .


{ وَلَنْصُرَنَّ الله مَنْ يَنْصُرُه إن الله لَقَوِيُُّ عَزيز }
صدق الله العظيم



حزب التحرير

في 12 من ذي القعدة 1418 هـ
10/3/1998 م
رد مع اقتباس
 
 
  #7  
قديم 10-22-2011
ابو البراء الشامي ابو البراء الشامي غير متواجد حالياً
عضو مرابط
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 823
افتراضي رد: حزب التحرير، نشأته وسيرته ،ملف الوثائق والنشرات, أرشيف لوثائق انطلاق مسيرة حزب التحرير

وعلى الهامش للجواب على من هم في الهامش




وتصديقا لنكتة التصحيح
فان حزب التحرير المعزول قيادته يعمل في كل قارات الدنيا

بينما حزب التحرير الحق يبرز في منتدى عدد افراده عشرة وفي موقعه يصل عدد قرائه خمسة في احسن الاحوال


الموقع الرسمي لحزب التحرير عربي
http://www.hizb-ut-tahrir.org/arabic/
الموقع الرسمي لحزب التحرير بالالماني
http://www.hizb-ut-tahrir.org/DE/
الموقع الرسمي لحزب التحرير بالتركي
http://www.hizb-ut-tahrir.org/TR/
الموقع الرسمي لحزب التحرير بالانكليزي
http://www.hizb-ut-tahrir.org/EN/
المكتب الاعلامي المركزي لحزب التحرير عربي
http://www.hizb-ut-tahrir.info/info/
موقع المكتب الاعلامي المركزي لحزب التحرير بالانكليزي
http://www.hizb-ut-tahrir.info/info/english.php
موقع المكتب الاعلامي المركزي لحزب التحرير بالالماني
http://www.hizb-ut-tahrir.info/info/deutsch.php
موقع المكتب الاعلامي المركزي لحزب التحرير بالتركي
http://www.hizb-ut-tahrir.info/info/turkish.php
تلفزيون و فضائية حزب التحرير البث المتلفز
http://www.htmedia.info/
راديو واذاعة حزب التحرير
http://www.hizb-ut-tahrir.info/info//index.php/radio
راديو و اذاعة حزب التحرير
http://www.fomny.org/Video/Arabic-Ra...-ut-tahrir.htm
موقع الخلافة بالعربية
http://khilafah.net/main//index.php/default/index
موقع أمير حزب التحرير حفظه الله تعالى
http://hizb-ut-tahrir.info/arabic/in...tameer/categ_9
قاعة البث الحي لحزب التحرير
http://www.alummah-voice.com/live/index.php
موقع المكتب الاعلامي لحزب التحرير لبنان
http://www.tahrir.info/
موقع المكتب الاعلامي لحزب التحرير في فلسطين
http://www.pal-tahrir.info/
موقع حزب التحرير أمريكا
http://www.hizb-america.org/
موقع حزب التحرير باكستان
http://www.hizb-pakistan.org/
موقع حزب التحرير ماليزيا
http://www.mykhilafah.com/
موقع حزب التحرير ولاية تركيا
http://www.turkiyevilayeti.org/
موقع حزب التحرير اندونيسيا
http://hizbut-tahrir.or.id/
موقع حزب التحرير استراليا
http://www.hizb-australia.org/
موقع حزب التحرير بريطانيا
http://www.hizb.org.uk/hizb/index.php
موقع حزب التحرير فرنسا
http://albadil.edaama.org/
موقع حزب التحرير ألمانيا
http://www.islam-projekte.com/
موقع حزب التحرير الدنمارك
http://www.hizb-ut-tahrir.dk/new/
موقع حزب التحرير بنغلاديش
http://www.khilafat.org/index.php
موقع حزب التحرير هولندا
http://www.kalifaat.org/
موقع حزب التحرير اوكرانيا
http://www.hizb.org.ua/
موقع الخلافة بالانكليزي
http://www.khilafah.com/
موقع أرشيف حزب التحرير
http://www.hizb-ut-tahrir.info/arabi.../category/P30/

مواقع صديقة
شبكة و منتديات الناقد الاعلامي
http://naqed.info/oldf/index.php?
منتدى العُقاب
http://alokab.com/forums/
نداءات من بيت المقدس
http://www.al-aqsa.org/index.php/default/main
مجلة الوعي
http://www.al-waie.org/
رد مع اقتباس
 
 
  #8  
قديم 10-22-2011
خلافة خلافة غير متواجد حالياً
عضو مشارك
 
تاريخ التسجيل: Oct 2011
المشاركات: 56
افتراضي رد: حزب التحرير، نشأته وسيرته ،ملف الوثائق والنشرات, أرشيف لوثائق انطلاق مسيرة حزب التحرير

بسم الله الرحمن الرحيم


عزل الأمير


لوحظ في المناقشات التي دارت بين الشباب ، عقب إعلان القيادة المؤقتـة عزل عبد القديم زلوم عن إمارة الحزب ، أنه قد جرى فيها خلط بين ثلاث مسائل : طاعة الأمير ، واستحقاق الأمير للعزل ، وآلية عزل الأمير .
والصحيح أن مسألة استحقاق الأمير للعزل ، شأنها شأن المسألتين الأخريين ، مسألة منفصلة ، وينبغي أن لا تُخلط بغير أسباب استحقاقه للعزل . وهي الأسباب التي فصَّلها بيان إعلان العزل ، وأولها وأهمّها عجز الأمير المعزول عن تسيير الحزب على نحو يؤدي لتحقيق غاية الحزب . وهذا السبب وحده كافٍ لجعل الأمير مستحقاً للعزل ، ولجعل الإجراء الذي اتُخِذَ بحقه مُسوَّغاً .
فالحزب ينهض بأداء فرضين . أولهما هو وجوب وجود فئة أو طائفة أو حركة أو جماعة أو تنظيم أو حزب في الأمة ينطبق عليه مدلول قوله تعالى { ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون } . وهذا الفرض على الكفاية ، وقد تم تحقيقه بمجرد وجود الحزب في المجتمع ، وقيامه بالدعوة إلى الخير ( الذي هو الإسلام ) والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، لأن الفرض هنا منصب على ذلك فقط وليس على تحقيق أية غاية أخرى .
وأما الفرض الثاني الذي ينهض به الحزب ، فهو العمل لإقامة الخلافة . وهذا الفرض جاء من القاعدة الشرعية المتبنّاة (( ما لم يتم الواجب إلا به فهو واجب )) . فالعمل لإقامة الخلافة فرض على جميع المسلمين ، ومَنْ لا يعمل منهم لتحقيق هذه الغايـة آثم حتى تتحقق . صحيح أن الفرض هنا أيضاً فرض على الكفاية ، ولكن الفرض لا يتحقق بمجرد وجود الحزب في الأمّة ، بل لا بدَّ له من أن يحقِّق الغاية . ولما كانت الغاية لم تتحقق بعد ، فإنّ كل مَنْ لا يعمل مع حزب التحرير في الوقت الحاضر آثم . نظراً لعدم وجود حزب غيره يعمل لإقامة الخلافة حسب الطريقة الشرعية لذلك . وسقوط الإثم عن شباب حزب التحرير آتٍ من تلبُّس الحزب بالعمل الذي من شأنه أن يؤدي لتحقيق الغاية . فإذا لم يكن الحزب مُتلبساً بالعمل الذي من شأنه تحقيق الغاية فإن الإثم لا يسقط عن شبابه ، كما أن العمل معه لا يعود مجزئاً . والتلبس بالعمل الذي من شأنه تحقيق الغاية لا يكفي فيه الدعوة إلى الإسلام ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، بل لا بد من أن يَرسم الحزب الخطط ويَضع الأساليب للأعمال التي من شأنها أن تؤدي لتحقيق الغاية ، سواء على صعيد طلب النصرة أو على صعيد أخذ قيادة الأمة .
وواقع الحال أن الحزب في ظل القيادة المعزولة لم يعد متلبساً بالعمل الذي من شأنه تحقيق الغاية في السنوات الأخيرة . وهو أمر لم يكن يخفى على معظم الشباب ، ناهيك عن المطّلعين على بواطن الأمور في الحزب . ويكفي الإشارة في هذا المقام إلى إشغال القيادة السابقة الشباب فيما أصدرته من كتب ونشرات مخالِفة للشرع ولما تبنّاه الحزب ، مما جعل الحزب يتقوقع على نفسه ، وينشغل عن العمل في الأمة .
هذا السبب وحده كاف لجعل عزل الأمير واجباً . ولذلك صار لا بد من عزله ، وإعادة الحزب إلى المسار الصحيح ، والتلبّس بالعمل الذي من شأنه تحقيق الغاية .
ومع ذلك ، فإن هناك أسباباً أخرى تضافرت مع هذا السبب ، وجعلت قرار العزل أكثر إلحاحاً . وهذه الأسباب موضَّحة كذلك في البيان . ومن بينها تبني أحكام وأفكار أدخلت على الفكرة والطريقة اللتين تبناهما الحزب ما يخالف الشرع ، ويتناقض مع صفائهما ونقائهما . هذا فضلاً عن الأمور الأخرى التي أتى عليها البيان .
وينبغي أن لا يغيب عن ذهن أي شاب أن الحزب جماعة خاصة ، وهي ليست جماعة المسلمين ، وإن كان أعضاء هذه الجماعة الخاصة جزءاً من جماعة المسلمين .
فالحزب ككيان تنطبق عليه الأحكام الشرعية التي تنطبق على الجماعة الخاصة ، كما ينطبق على أميره ما ينطبق على أمير الجماعة الخاصة ، وليس ما ينطبق على خليفة المسلمين .
والجماعة الخاصة هي عدد من المسلمين بلغ ثلاثة فأكثر بينهم أمر مشترك . وهذا الأمر المشترك قد يكون السفر ، وقد يكون عملاً ما اجتمعوا عليه ، واتفقوا على شروط أو ضوابط له ، كعمل الحزب .
والجماعة الخاصة يجب أن يكون لها أمير ، كما دلّ على ذلك حديث الرسول صلى الله عليه وسلم برواية عبد الله بن عمر : " لا يَحِلّ لثلاثة يكونون بفلاة من الأرض إلا أمّروا عليهم أحدهم " .
وكوْن الجماعة الخاصة لها أمير يعني وجوب طاعة هذا الأمير . فالأمير سواء أكان أميراً عامّاً كالخليفة ، أميراً خاصاً كأمير الحج ، وقائد السرية ، وأمير الحزب ، طاعته واجبة في الشأن الذي أمِّر فيه ، لأن طاعة الأمير هي تُدخل الناس في الجماعة ، وترك طاعته تُخرجهم منها ، سواء أكانت هذه الجماعة جماعة المسلمين أو جماعة خاصة كالحزب .
غير أن الخليفة وإن كان قد وُلِيَ برضى المسلمين ، إلا أن بقاءه خليفة لا يعتمد على رضاهم ، بل يبقى خليفة ما دام حاله لم يتغير على نحو يوجِب عزله ، وما دام ملتزماً بالحكم بالإسلام ولم يُظهِر الكفر البواح . فإمارة الخليفة دائمية .
وهذا لا ينطبق على الأمير الخاص . فالجماعة التي ولّته إمارتها لها أن تعزله إذا فقدت الثقة به ، سواء أمرها بمعصية أم لم يفعل ذلك .
والدليل على ديمومة إمارة الخليفة حديث عبادة بن الصامت كما أورده البخاري حيث قال : " دعانا النبي صلى الله عليه وسلم فبايعناه فقال فيما أخذ علينا أن بايعناه على السمع والطاعة في مَنشطنا ومكرهنا وعُسرنا ويُسرنا وأثَرَةٍ علينا وأن لا ننازِع الأمر أهله إلا أنْ تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان " .
فهذا الحديث دلَّ على أن الخليفة يبقى خليفة ما دام يحكم بالإسلام ولا يُظهِر الكفر البواح ، وطاعته واجبة ما لم يأمر بمعصية ، وهذا الطبع إذا لم يتغير حاله على نحو يوجِب عزله . فالخليفة يبقى خليفة بغض النظر عن رضى الرعية أو سخطها ، وسواء وثقت بـه أم لم تثق ، ما دام يحكم بالإسلام ولم يتغير حاله على نحو يوجِب عزله .
أما الأمير الخاص ، فإن الأدلة الشرعية بحقه لا تدل على شيء من ذلك ، ولم تمنع هذه الأدلة عزله إذا فَقَدَ رضى الجماعة أو ثقتها ، أو أخلَّ بالشرط أو العهد الذي بينه وبين الجماعة . وكوْن الحزب مستمراً في عمله قبل قيام الخلافة وبعده لا يعني ولا يقتضي دوام إمارة أميره لا عقلاً ولا شرعاً . فالفرض منصبّ على أن يكون له أمير ، وليس أميراً معيّناً .
فأمير الحزب يبقى أميراً برضى الشباب وثقتهم ، وما دام قائماً على رعاية الأمر المشترَك لأعضاء الحزب وفق العهد الذي بينه وبين الشباب . فإذا اختل شيء من ذلك فللشباب حق عزله ، لأنه إنما صار أميراً برضاهم ، وبقاؤه أميراً عليهم منوط بهذا الرضى إلى جانب التزامه بالعهد الذي بينه وبين الشباب . وهذا تحقيق لمناط إمارة الجماعة الخاصة وليس حكماً عقلياً ، وبالتالي لا يَرِد طلب الدليل على هذا التفصيل .
فالشارع لم يُحرِّم على الجماعة الخاصة عزل أميرها ولم يوجِب طاعته في حال تقصيره ، أو عجزه عن القيام بواجباته ، أو تغييره في صفة الأمر المشترك الذي اجتمعوا عليه .
وفي حزب التحرير هناك عهد بين الشباب وبين الأمير إنْ نقضه استحق العزل . والعهد الذي بين الشباب والأمير هو أن يلتزم بالفكرة والطريقة كما تبنّاهما الحزب منذ تأسيسه ، وأن يعمل على تلبّس الحزب بالأعمال التي من شأنها تحقيق الغاية . ويجب على الشباب في حالة وفاء الأمير بقسطه من العهد أن يطيعوه ، وينفّذوا أوامره وأوامر من يفوّضهم من المسؤولين ، حسبما هو مُتبنى في الناحية الإدارية . أما إذا أخلّ الأمير بشيء من عهده مع الشباب ، سواء على صعيد تبني ما لا ينبثق عن العقيدة أو يُبنى عليها ، أو على صعيد رسم الخطط والأساليب التي من شأنها تحقيق الغاية ، فإنَّ الشباب في هذه الحالة في حِلّ من عهده ، ولهم عزله ، ويكون هذا العزل واجباً عليهم إذا هو عجز عن رسم الخطط والأساليب التي تجعل الحزب متلبساً بالعمل الذي من شأنه تحقيق الغاية . وذلك لأن العمل لإقامة الخلافة هو الفرض الذي ينهض به الحزب وأنشئ من أجله ، فإذا لم يتلبّس بالعمل الذي من شأنه أن يؤدي لتحقيق هذا الفرض ، فإن العمل معه لا يعود مجزئاً .
وأما إذا تبنى من الآراء والأفكار والأحكام ما يحرم على الشباب تبنيه ، فإن عزله يصبح واجباً عليهم كذلك ، لأن القاعدة الشرعية تقول (( الوسيلة إلى الحرام محرمّة )) . ففي هذه الحالة ، فإنّ تبني الأمير ملزِم لشباب ، فإنْ كان ما تبنّاه مما يحرم تبنّيه ، فمعنى ذلك أنه يُلزمهم بتبني الحرام ، الأمر الذي ينبغي أن يعترضوا عليه وأن يرفضوه ، وأن يظلوا يراجعونه فيه حتى يرجع عن تبنّيه . فإن لم يرجع عن تبنّي الحرام وجب عليهم عزله ، حتى لا يقعوا هم أنفسهم في إثم تبني الحرام .
وهكذا فإنّ عزل الأمير السباق كان واجباً : أولاً لعجزه عن جعل الحزب يتلبّس بالعمل الذي من شأنه تحقيق غاية الحزب ، وهي إقامة الخلافة ، وثانياً لأنه تبنّى أحكاماً وأفكاراً من غير الإسلام حسب فهم الحزب وتبنّيه لما ينبثق عن الفكرة الإسلامية أو يُبنى عليها . ولا يقال هنا إن الأحكام التي تبنّاها قال بها فقهاء آخرون . لا يقال ذلك لأن الحزب تبنى أن هذه الأحكام ليست من الإسلام وإن قال بها أولئك الفقهاء استناداً إلى قاعدة (( شرع مَنْ قبلنا شرع لنا )) ، التي فنّدها الحزب وبيَّن أنها خاطئة ، وتمسّك بقاعدة (( شرع مَنْ قبلنا ليس شرعاً لنا )) . فهذا التبني يُخرجه من الحزب لأنه خرج به عما تعهّد بالالتزام به من الأحكام التي تبنّاها الحزب . وتبنّى ما هو من غير الإسلام لا يُخرجه من الإسلام ، ما دامت لديه شبهة دليل . ونحن لا نقول بخروجه من الإسلام ، وإنما بخروجه من الحزب .
وفي حالة وجوب عزل الأمير يُنظر في كيفية عزله . فإن كانت قوانين الحزب الإدارية تُتيح عزله ، تُفعَّل هذه القوانين بحيث يتم عزله بحسبها .
أما إن كانت القوانين الإدارية لا تُتيح عزله ، فإنه لا قيمة لها في هذه الحالة ، ويجب عزله دون التقيّد بها وذلك لأن القوانين الإدارية هي من الأساليب التي تَدخل تحت عموم المباح ما لم تؤدِّ إلى الحرام . فإن أدّت إلى الحرام فلا يجوز التقيّد بها ، لأنها تصبح وسيلة إلى الحرام ، والوسيلة إلى الحرام محرّمة .
وهكذا جرى عزل الأمير السابق . فالشباب تبيَّن لهم أنه مستحق العزل ، ووجدوا أن القوانين الإدارية الخاصة بعزله ( أي آلية عزل الأمير ) لا تُتيح عزله ، فتخطّوها والتزموا بالحكم الشرعي الذي يوجِب عزله لأن السير خلفه حرام .
ولا يَرِد هنا موضوع الطاعة . فالطاعة لكل أمير سواء أكان أميراً عامّاً أم أميراً خاصاً من البديهيات . والطاعة لا تَرِد حين يكون الأمر متعلقاً بحرمة السير وراء الأمير .
ولا يقال هنا إنّ عزله بغير الأسلوب الإداري من شأنه أن يؤدي إلى شقّ الحزب ، وذلك لأن الشاب الذي يبقى سائراً خلف الأمير الواجب العزل آثم ، كما أنه لا يعود عضواً في الحزب ، وبالتالي فإن الحزب في هذه الحالة لا صلة له بالأمير الواجب العزل أو بمن بقي سائراً خلفه ، وإنما الحزب هو الذين عزلوا الأمير وعيّنوا غيره ، وهؤلاء لا انشقاق بينهم .
والمسلم أي مسلم لا يًنظر إلى عاقبة الفعل إن كان واجباً . فهو يذهب للجهاد حيث قد يُستشهَد ، مما قد يؤدي ، وخاصة في هذا الزمن ، إلى ضياع عائلته ، وإقدام بعض أفرادها على ارتكاب الحرام . فلا يقال في هذه الحالة إنه ما كان له أن يقوم بما فرضه الله عليه لأن ما قام به قد يؤدي إلى الحرام . فقاعدة (( الوسيلة إلى الحرام محرمَّة )) إنما تنطبق على الأعمال المباحة وليس الواجبة .
فالمسلم يجب أن يقوم بالفرض ، حتى وإن كان هناك احتمال بأن يؤدي قيامه به إلى مآلات محرَّمة . وأبسط مثل على ذلك هو حمل الدعوة ، الذي قد يؤدي إلى دخول حامل الدعوة للسجن ، وبالتالي ضياع عائلته ، واحتمال ارتكاب بعض أفرادها الحرام . فهل تكون هذه النتيجة المحتملة مانعاً من قيامه بالفرض ؟ الجواب قطعاً بالنفي .
وفي الحالة التي نحن بصددها من وجوب عزل الأمير ، فإنّ إثم شقّ الحزب يقع على من بقوا مع الأمير المعزول، لأنهم تقاعسوا عن أداء الفرض الذي هو عزل الأمير ، كما أن بقاءهم معه ، وهو على الوضع الذي بيّنّاه ، هو الذي أدى إلى شقّ الحزب ، إن كان يجوز اعتبار ما هو حاصل في الحزب الآن انشقاقاً .
هذا توضيح كافٍ لما حصل في الحزب . فالموضوع ليس موضوع الطاعة ، وإنما هو موضوع استحقاق الأمير للعزل ، ووجوب قيام الشباب بعزله . فمن تبيّن له وجوب عزله لا يجوز له طاعته ، ولا السير وراءه .
وبعد أن تبيّن وجوب عزله بكل جلاء ، لا يجوز أن يبقى أحد من الشباب مع الأمير المعزول .
كذلك فإن الموضوع ليس الالتزام بقوانين الحزب الإدارية ، لأن هذه القوانين لا يجوز أن تحُول دون تحقيق الفرض . فإنْ حالتْ دونه يجب تجاهلها وعزل الأمير بأية طريقة ممكنة يجيزها الشرع ، وإن لم يَنُص عليها القانون الإداري .
والخلط بين وجوب عزل الأمير ، وبين طاعته ، وآلية عزله في القانون الإداري ، هو الذي أدى إلى البلبلة ، وتردّد بعض الشباب في الانضمام للحزب . وبعد هذا البيان الواضح للموضوع كله لم يعد هناك عذر لأحد في البقاء خارج الحزب .
والبديهية التي غابت عن أذهان البعض أننا في الحزب نتكتّل حول فكرته ، وليس حول شخص أو أشخاص . فإذا وُضِعَ الشاب أمام خيار التمسك بالفكرة أو التمسك بأمير معيّن ، فإن موقفه يجب أن يكون محسوماً لصالح التمسك بالفكرة التي هي الرابط الأساس بين شباب الحزب .


حزب التحرير

في 2 شبعان 1418 هـ
2/12/1997 م
رد مع اقتباس
 
 
  #9  
قديم 10-22-2011
سهل سهل غير متواجد حالياً
عضو فعال
 
تاريخ التسجيل: Oct 2010
المشاركات: 136
افتراضي رد: حزب التحرير، نشأته وسيرته ،ملف الوثائق والنشرات, أرشيف لوثائق انطلاق مسيرة حزب التحرير

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو البراء الشامي مشاهدة المشاركة
وعلى الهامش للجواب على من هم في الهامش




وتصديقا لنكتة التصحيح
فان حزب التحرير المعزول قيادته يعمل في كل قارات الدنيا

بينما حزب التحرير الحق يبرز في منتدى عدد افراده عشرة وفي موقعه يصل عدد قرائه خمسة في احسن الاحوال

http://www.al-waie.org/
اخي الكريم ابو البراء لا داعي الى مثل هذه التلميحات كل واحد يقول ما عنده ويحكم عقله بما يسمع من الطرف الاخر وللقراء اتباع صاحب الرأى الأصوب
رد مع اقتباس
 
 
  #10  
قديم 10-22-2011
خلافة خلافة غير متواجد حالياً
عضو مشارك
 
تاريخ التسجيل: Oct 2011
المشاركات: 56
افتراضي رد: حزب التحرير، نشأته وسيرته ،ملف الوثائق والنشرات, أرشيف لوثائق انطلاق مسيرة حزب التحرير

بسم الله الرحمن الرحيم


كيف يحصل الانحراف في الحزب


الحزب هو تكتل مبدئي و تكتل آمن أفراده به يراد إيجاده في المجتمع ، في بقعة من الأرض ثم في جميع أنحاء العالم ، و حزب التحرير ينطبق عليه هذا التعريف للحزب ، و هو تكتل يقوم على الإسلام بوصفه مبدأ و يراد إيجاده في واقع العالم الإسلامي ثم تركيزه و حمايته و نشره في جميع أنحاء العالم و السير به في الطريق التصاعدي و للحيلولة دون تأويله أي- المبدأ- و دون هبوط المجتمع الإسلامي .
يتبنى حزب التحرير أفكارا و أحكاما من الشرع الإسلامي و يدعو لها و يعمل على تطبيقها و تبنيه لها ليس بناء على المصلحة و لا على حسب صلاحيتها للمعالجة و إنما يأخذها و يتبناها باعتبارها جاء بها الوحي أو مستنبطه مما جاء بها الوحي ، و لذلك تبناها حسب قوة الدليل ليس غير ، فإذا كان دليلهم قويا تبناها ، و إذا كان دليلها ضعيفا نبذها و لو كانت شائعة لدى المسلمين و لو كانت تعالج المشكلة و لو كانت المصلحة في تبنيها لان تبني الحزب للأفكار و الأحكام إنما هو مبني على قوة الدليل أي على كونها جاء بها الوحي أو مستنبطه مما جاء به الوحي.
و الحزب يقوم على الفكرة وحدها أي على مبدأ الإسلام حسب فهمه هو لأفكاره و أحكامه ، فالفكرة وحدها هي التي يقوم عليها ، فهي سر حياته ، و هي وحدها التي تجعله حيا ، و تجعل حياته دائمة بل خالدة ، فهو لا يقوم على الأشخاص مهما أوتوا من العلم و الجاه و القوة و لا يهتم بكثرتهم أو قلتهم و لا يقوم على تأييد الناس لهم قل هذا التأييد أو كثر و لا يقوم على ما يوفر القدرة على العمل مهما كانت هذه القدرة مغرية بالتيسير و التسهيل و التقدم و الارتفاع و لا يقوم على ما يقربه من الحكم أو يسهل له أن يتولاه و إنما يقوم وحده على الفكرة و يعتبر هذه الفكرة سر حياته أي روحه التي يحيا بها و التي إذا فقدها مات فالفكرة هي أساس وجوده و هي أساس حياته و هي أساس سيره و لذلك يعنى بالفكرة وحدها و يوجه همه كله نحو الفكرة و يعتبر جل أعماله متعلقة بالفكرة سواء من حيث التبني أو من حيث النشر أو من حيث التطبيق أو من حيث ما يتطلب بناء المجتمع و يستلزم إقامة الدولة أو يقتضي إنهاض آلامه أو يستوجب حمل الرسالة إلى العالم و إذا كان يعمل لإقامة الدولة و بناء المجتمع و إنهاض للامه و حمل الرسالة إلى العالم فانه يعمل بالفكرة و من اجل الفكرة و الفكرة هي كل شيء في حزب التحرير .
و هو يقصد بالفكرة ، الفكرة الإسلامية من حيث كونها عقيدة مبنية على الأساس الروحي و من حيث كونها فكرة سياسية لا فكرة دونية روحيه فحسب و لا فكرة تشريعيه فقط و لا فكرة عقليه محضة و لذلك فهو حزب سياسي مبدئه الإسلام و لا يصح أن يوصف بغير هذا الوصف .
و حزب التحرير قد وضع قاعدة لتبني الأفكار و الأحكام فبالنسبة إلى الأفكار المتعلقة بالعقائد لا يتبناها إلا إذا قام الدليل القاطع على صحتها و صدقها سواء أكان الدليل مما جاء به الوحي أو دليلا عقليا حسب فهمه لمعنى العقل و أما الأحكام فلا يشترط ثبوتها بشكل قاطع فيكفي أن يغلب الظن على صحتها و صدقها و هو لا يكتفي بالنصوص و لا بفهم هذه النصوص و إنما يشترط بجانب ذلك انطباقها على الواقع الذي جاءت به النصوص .
ولذلك فإنه يدرس الواقع دراسة اجتهاد و يدرس النص دراسة اجتهاد ، ثم يطبق الحكم الذي استنبطه من النص على الواقع الذي درسه فإن انطبق عليه أخذه ، و إن لم ينطبق عليه تركه ، و بحث عن الحكم الذي ينطبق عليه حتى يجده ، فإن انطبق عليه تبناه ، و إن لم ينطبق عليه و لم يعرف حكما ينطبق على هذا الواقع ، فإما أن لا يتبناه ، و إما أن يتبنى لأنه ليس من أحكام الإسلام و هنا نقطة يجب الانتباه إليها فالحزب مثلا لا يتبنى وجوب الشورى على الحاكم ، و لكنه لا يقول على هذا الحكم أنه ليس من أحكام الإسلام أما حكم الصيام عن الكلام فإن الحزب لا يتبناه و يتبنى انه ليس من الإسلام لأنه من شرع من قبلنا .
و طريقة التبني في الحزب هي أخذها من المجتهد على شرط الحزب ، و لما الفكرة الإسلامية قد أصابها من عوامل التغشية ما أصابها ، و تعرضت بالغزو الثقافي و الغزو السياسي إلى ما تعرضت له من أنواع التضليل ، ولما كانت الفكرة روح الحزب , كان لازما عليه أن يتبنى من الأفكار و الأحكام ما يعتقد انه وحده هو الحق بالنسبة لما يتعلق بالعقائد ، و ما يغلب على ظنه أنه وحده الصواب فيما يتعلق بالأحكام .
إلا انه بالرغم من الفكرة حسب فهم الحزب هي سر حياته ، و غاية وجوده ، فإنه لم يتبنى جميع اللازمة للمسلم ، بل تبنى فقط ما يلزم لما يعمل له ، فهو لم يتبن من العقائد إلا ما كانت أعماله تستوجب التبني فيها ، ولم يتبن في العبادات إلا ما كان لا بد منه من نشر الأفكار ، لنشر الأفكار ، كأحكام الجهاد , و لم يتبن من التشريع إلا ما كان أخذه للسلطة يستوجبه .
و حزب التحرير باعتباره حزبا سياسيا ، و ليس مدرسة فكرية أو مذهبا من المذاهب ، فإنه يتبع طريقة النبي الأمي ، ويسير على هداه ، و لا يقتدي إلا به ، و لا يقيم وزنا لسواه من جميع الأنام .
و هو جزء من الأمة و كواحد من المسلمين لا يتميز عن أصغر مسلم بشىء ، إلا أنه أثقل الناس حملا ، و أكثرهم طمعا في رضوان الله ، فالأمة الإسلامية التي هو جزء لا يتجزأ منها هي التي تمثل الإسلام ، و هي تعتبر جماعة المسلمين ، و ليس الحزب و لا أي تكتل من التكتلات .
و تبني الأفكار التي تبنها الحزب جميعها فكرا فكرا كل فكر بعينه كما تبنتاه الحزب، هو الذي يجعل الفرد جزء من الحزب ، أي هو الذي يجعله عضوا في الحزب ، و بدونه لا تحصل له العضوية ولا يكون جزءا في الحزب ، و لهذا الشخص الذي لا يتبنى أفكار الحزب لا يكون دخل الحزب و لا صار جزءا منه و لو انتسب إليه ، لأن شرط جزئية الحزب تبني ما تبناه ، أي قيام الشخص على نفس الفكر الذي قام عليه الحزب ، و إذا لم يقم عليه لا يكون منه و لا بوجه من الوجوه ، و من لا يتبنى ما تبناه الحزب يكون قد خرج من جزئية الحزب ، و لو بفكر واحد ، و صار غير جزء من الحزب أي غير عضو فيه .
و الحزب شخصية معنوية يتألف كيانها من مجموع المفاهيم و المقاييس القناعات،
و من مجموعة من الناس تجمعها مع بعضها و مع المفاهيم و المقاييس والقناعات ،
عقيدة واحدة وثقافة واحدة ، ويصبح لهذه الشخصية بعد تكوينها إرادة عامة ، و هي إرادة كل فرد رضي فيها رضي بالعقيدة و الثقافة الجامعتين . و من حيوية هذا الكيان كون الإرادة العامة نافذة ، بحيث تدمج الشخصية الخاصة لكل فرد في الحزب الشخصية العامة و تسير بمسيرها و تخضع لإرادتها . غير أن كل فرد يمكنه بوصفه إنسانا أن يكون ذا إرادة مخالفة للإرادة العامة , و يمكنه أن يحمله كيانه المطلق و المستقل بحكم الطبيعة على مواجهة ما يجب عليه من التزامات بالتساهل , فيتركها على اعتبار أن ضياعها أقل ضررا بالحزب م ثقل ضررها عليه، فيتقي نفسه بتركها ، و بأنه ما زال عضوا في الحزب منسجما مع نفسه في هذا الكل الفكري الشعوري ، وهذه الفتوى تستر عن عينيه تغلب شخصيته الخاصة على الشخصية العامة ، فظن انه لا يزال عضوا في الحزب ، و الحقيقة أن عضويته جزء من كل غير قابلة للتجزئة ، و لذلك فهي لا تتجزأ مطلقا . فإذا غلب شخصيته الخاصة في مسألة مهما كانت صغيرة ، فقد غلب شخصيته الخاصة على الشخصية المعنوية ، و يكون قد فصل شخصيته الخاصة على الشخصية العامة أي أخرج نفسه من الحزب . فبقاء اعتباره عضوا في الحزب هو فوق اعتبارا لوهم بأنه حقيقة ، يضعف الإرادة العامة ، و بالتالي يضعف الشخصية المعنوية ، فإذا تكرر هذا مع عدة أشخاص ، ازداد ضعف الإرادة العامة ، فإذا ظل الاستمرار على ذلك أدى إلى هلاك الشخصية المعنوية ، و لذلك وجب أن يبادر إلى تنبيه من تتغلب لديه شخصيته الخاصة على الشخصية المعنوية عند بروز هذا التغلب في أي مظهر من مظاهره . فإن لم يرتدع و ظلت شخصيته الخاصة متغلبة فإنه ينبغي أن يبعد عن الحزب ، لأنه إذا لم يبعد عن الحزب انتقل مرضه بالعدوى الى غيره . فلأجرب يعدي السليم حتما .
و من طبيعة كل كتلة أن يحصل في خلاياها شيء من العفونة ، فلا بد لها من عملية تطهير دائمية ، و إذا استطاعت الكتلة أن يحصل فيها التطهير طبيعيا بأن تتساقط الثمرة من نفسها دون قطعها و رميها يكون أحسن و إلا كان لا بد من قطع الثمرة العفنة لحفظ جسم الكتلة عن التعفن ، أما انشطار الحزب إلى حزبين و أحزاب فسببه أن الأفكار مع نمو الكتلة و سيرها في الحياة يحصل فيها تقارب ، ثم يحصل اختلاف في الفهم ، و يجوز ذلك عندما يكون الانضباط الحزبي ضعيفا ، فيؤدي الاختلاف في الأفكار و الفهم إلى انشطار التكتل ، إلا أن هذا يحصل عندما يكون الاختلاف في الأفكار حقيقيا لا مصطنعا ، و حين يكون الاختلاف في الأفكار المتعلقة بالفكرة و الطريقة ، لا الأفكار المتعلقة بالأساليب , فاختلاف الأشخاص في نوع الأساليب لا يحصل منه انشطار .
و حتى يدرك أن الطريقة التي تسلكها الكتلة هي نفس الطريق التي سلكها الرسول(( صلى الله عليه و سلم )) يجب أن يفرق بين ما هو من الأحكام الشرعية, و ما هو من الأساليب ، حتى يكون الإقتداء صحيحا و حتى لا يحصل خطأ في السير أو انحراف في الطريق . فإذا جعل أسلوب من الأساليب محل إقتداء كان خطأ في الإقتداء . فالانحراف يقع في ترك محل إقتداء و أخذ حكم غيره ، أو اعتباره أسلوبا و قد يحصل الانحراف في إتباع أسلب يتنافى مع الحكم الشرعي ، كالطلب الجزئيات التي لا يجوز طلبها ، كأن بطلب من حاكم لا يعترف له شرعا بحق رعاية الشؤون بأن يسن قانونا إسلاميا فهذا الأسلوب يناقض مع أحكام الإسلام ، فإتباعه انحراف و لو كان أسلوبا ، و مما يخشى منه أيضا استعمال الأساليب في غير محلها ، فمثلا كل شخص يستطيع أن يلقي محاضرة في أي مكان ومعى ذلك أن لكل شخص أن يخطب في كل مكان ، و عليه يمكن أن يفهم منه أنه يخطب في المظاهرات و يخطب في المؤتمرات لأنها أمكنة عامة و هذا خطأ ، إذ الخطاب في المظاهرة أو المؤتمر اشتراك فيهما حتما دون حاجة إلى تفسير أو تأويل ، و الاشتراك لا يجز لأعضاء حزب الحرير ، لذلك لا يجوز أن يخطب في هذه المظاهرات و المؤتمرات .
و يجب على الكتلة أن تطبق سيرة الرسول على كل عمل يحصل إن كان من الأفكار و الأحكام ، و أن يبدع في الأساليب و الوسائل ، فإذا حاولت التأويل التفسير بغير ما يفيده الفهم التشريعي من عمل الرسول أو قوله فقد انحرفت .
و عليه فإنه لا يخشى على الكتلة التشدد في التقيد في السيرة , و إنما يخشى على الكتلة من الانحراف عن طريق الرسول (( صلى الله عليه وسلم )) بالتأويل و التفسير .
و لذلك توجب الحرص على الفكرة و الطريقة و الحرص على الأساليب المتبناة ما لم يظهر خطؤها ، أما إذا ظهر خطؤها فإنها تترك و يتبنى الحزب غيرها ، كما أن الحزب يترك فهمه لأي فكر من الفكرة و الطريقة إذا ظهر له خطؤه ، و لذلك يعتبر الاجتهاد في تنفيذ أي فكر متبنى سوأ أكان من الفكرة أو الطريقة أو أي أسلوب متبنى و خطأ فادح إن لم يكن عن تعمد ، وانحراف مقصود إن كان عن تعمد و إصرار ، ولذلك لا يجوز أن يبقى أي تموجان في الآراء عند أي حزب سواء كانت هذه الآراء فكرية أم سياسية أم إدارية ، و يجب أن يستمر الحزب بفكرته و طريقته و أساليبه ، في صلابة يزعزع بها الثقة بغيره ، و يحافظ على قيمه الذاتية محافظة تامة . و المراد بالقيم الذاتية للكتلة هي القيم الرفيعة حسب مفاهيم الإسلام ، فإذا حصل ما يتنافى مع القيم الرفيعة و تكرر و فشا على مستوى الحزب و قيادته ، تعالج الكتلة علاجا يرجع الأمور إلى ما كانت عليه من المحافظة القيمة الذاتية .
اما إبداع القيادة فهو تطبيق الفكرة على الوقائع المتجددة و التقيد بها مهما اختلفت الوقائع و تباينت فإذا اضرب التطبيق أو دخل التأويل ، يكون الإبداع قد ضعف ، و تكون القيادة هدفا للانهيار و الانحراف ...... و القيادة المبدعة يجب أن تكون ملتزمة بالواقع مقيدة فيه تماما ، و لكنها تتقيد لتتحكم به فتغيره ، لا أن يتحكم الواقع بها و تتغير بحسبه كما يحصل في القيادة الإصلاحية .

و الآن هل هناك أمثلة تبين كيفية حصول الانحراف في الحزب ؟


و الجواب على ذلك أنه في الكلمة ما يلي :-
1 . ((الحزب يعمل على الحيلولة دون تأويل المبدأ))
و الذي يقول أن الإقتداء بالأنبياء و الامتثال لأمرهم ، و إننا مطالبون أن نعمل مثل عملهم و أن نسير على منهاجهم و أن قصصهم نماذج في كيفية حمل الدعوة ، الذي يقول أن كل ذلك لا يعني أن شرع من قبلنا شرع لنا فإنما يعمل على تأويل المبدأ .... و بالتالي يعمل على حرف الحزب .

2 . (( إن تبني الحزب للأفكار إنما هو مبني على قوة الدليل )) .
و الذي يقول : أن الله خلق الكون ليدل عليه ، فإنه يقول قولا لا دليل عليه ، بل جاء الدليل بخلافه ، ومن هذا شأنه فإنه لا يأخذ أفكاره بناء على قوة الدليل ..... و هو بهذا العمل يعمل على حرف الحزب .

3 . (( إن الحزب يقوم على الفكرة ولا يوم على الأشخاص ))
و الذي يجعل مسألة عزل الأمير مسألة غير قابلة للبحث ، فهو يقيم الحزب على شخص الأمير لا على الفكرة وهو بالتالي يعمل على حرف الحزب .

4. (( إن الحزب لا يقوم على كثرة الأشخاص أو قلتهم ))
و الذي يعمل على تكثير سواد حزبه بإعادة المبعدين عن الحزب للشبهة الأمنية ، و الذي تعنيه النسبة المئوية للمتمسكين بشخص الأمير مقابل نسبة من يؤيدون عزله ، فإنه يقيم التكتل على الكثرة لا على الفكرة و هو بذاك يعمل على حرف الحزب .

5 . (( الحزب لا يقوم على ما يقربه من الحكم أو يسهل له أن يتولاه , و إنما يقوم عل شيء واحد هو الفكرة ))
و الذي يقول – حين ينشطر الحزب إلى نصفين - أن النصرة و خيوطها بأيدينا، فهو يقيم التكتل على ما يقربه من الحكم لا على الفكرة ... و هو بهذا القول يعمل على حرف الحزب .

6. (( إن الحزب بالنسبة للأفكار المتعلقة بالعقائد لا يتبنها إلا إذا قام الدليل القاطع على صحتها و صدقها )) .
و الذي يقول : نحن نتبنى أن عزير نبي بالظن و نتبنى أننا الطائفة الظاهرة ظنا ، فهو يتبنى أفكارا متعلقة بالعقائد دون أن يكون عليها دليل قاطع ...... و بالتالي فهو يعمل على حرف الحزب .

7 . (( إن الحزب يتبنى في العقائد ما يعتقد وحده أنه الحق ))
و الذي يقول أن الوصف في الآيات التالية (( و أصحاب اليمين ما أصحاب اليمين في سدر مخضود * و طلع منضود * و ظل ممدود ......الآية )) الذي يقول أن هذا الوصف هو لفساق المسلمين الذين لم يتجاوزوا عقبة حب الدنيا ، لا يستطيع أن يقيم دليلا على أن هذا الفهم هو وحده الحق بل لا يتصور مثل هذا المديح لفساق المسلمين .
و من يتبنى في العقائد بالظن أو غلبة الظن فإنه يعمل على حرف الحزب .

8 . ((إن الحزب يشترط في تبني الأحكام صحة انطباق النص على الواقع))
ومن يستدل على وجوب حمل الدعوة بقوة و صلابة بقوله تعالى : (( يا يحيى خذ الكتاب بقوة )) أي يستدل بشرع من قبلنا بدل الاستدلال بنصوص السيرة فإنه لا يكون أتى بالنص الذي يعين الحكم لهذا الواقع و بالتالي يعمل على حرف الحزب .

9 . (( إن الحزب يتبنى فقط ما يلزم لما يعمل له ، فلم يتبنى في العبادات إلا ما كان لا بد منه لنشر الأفكار مثل أحكام الجهاد ))
و الذي يتبنى فصل (( مع كتاب الله )) و هو من " كتاب حمل الدعوة " بما يحويه هذا الفصل من أحكام عبادة قراءة القرآن و ختمه فإنه يعمل على حرف الحزب .

10 . ((إن حزب التحرير يتبع الرسول النبي الأمي ، و يسير حسب هداه ، و لا يقتدي إلا به ، و لا يقيم وزنا لسواه من جميع الأنام ))
و الذي يقول عن حامل الدعوة أنه يجب أن يكون قدوة لغيره إماما لهم يقتدون به في أعماله و سلوكه و يقول – فيقلدونه و يقول – إماما لهم يأخذون عنه و يترسمون خطاه . الذي يقول كل ذلك يكون قد نقل القدوة من محلها ، فيكون بهذه الأقوال ممن يعملون على حرف الحزب .

11 . (( إن حزب التحرير جزء من الأمة الإسلامية و لا يتميز عن أصغر مسلم بشيء .... ) ) .
و الذي يقول أن الحزب هو الطائفة الظاهرة و أنهم – أي شباب الحزب – هم الذين لهم طوبى ، فهو يفصل الحزب عن الأمة ، و يميزه عن باقي المسلمين ..... و هو بالتالي يعمل على حرف الحزب .

12 . (( إن الشخص الذي لا يتبنى أفكار الحزب ، لا يكون قد دخل الحزب و لا صار جزءا منه و لو انتسب إليه )) .
و الشخص الذي ألف كتاب حمل الدعوة ، و لم نكن قد عهدناه مشرفا في حلقات الحزب حتى نعرف حقيقة أفكاره و ما يتبناه فجاء كتابه مدللا على أفكاره و على ما يتبناه ، هذا الذي تجاوز عن مفاهيم الحزب و قفر عن معظم اصطلاحاته فجاء بمعان جديدة للإيمان ، و حمل الدعوة ، و الفطرة ، و الشخصية ، و العقل ، و حتى الإسلام عرفه بغير تعريف الحزب له ، و جعل دليله على الحكمة العقل و المنطق ، بل هذا الذي بخل به قلمه عن أشهر تعابير الحزب و هو عبارة (( الكون و الإنسان و الحياة )) . و هذا ليس جزءا من الحزب ، و حين يتبنى الحزب كتابه ، و يقدم هذا الشخص و كتابه على آراء الحزب و أفكاره ، فإنه – أي الحزب – منحرف لا محالة .

13 . (( إن الشخص الذي تتغلب شخصيته الخاصة على الشخصية المعنوية للحزب يجب أن يبعد عن الحزب )) .
والأمير الذي يفرض شخصا مثل مؤلف كتاب حمل الدعوة على الحزب, وهذا الشخص الذي بلغ من تغليب شخصيته الخاصة على الشخصية المعنوية جدا يجعله غير قابل للاعتراف بالخطأ, بل ويرفض الاعتراض وللشباب فقط حق الاستفسار منه والاستيضاح, ويرى انشطار الحزب هو وأمثاله دون أن يتخذ قرارا حاسما لمنع هذا الانشطار, الأمير الذي يفرض أمثال هؤلاء على الحزب لطول الصحبة وعدم القدرة عن الانفكاك منهم, فإنه يسمح من انتقال العدوى إلى غيرهم - وقد بدأنا نرى آثار العدوى تنتقل لغيرهم ممن بدءوا يهيئون أنفسهم لأخذ مكانة أولائك- مثل هكذا أمير يعمل دون أدنى ريب على حرف الحزب. بل قد وجد الآن في الحزب من جعل من الانحراف إنشائها وإبداعا .

14. (( إن الاختلاف فغي الأفكار والفهم يؤدي إلى انشطار في التكتل))
والذي أدى إلى الاختلاف في الأفكار والفهم وأدى بالتالي إلى انشطار الحزب أمور متعددة منها نشرة النقابات, وكتاب حمل الدعوة, والنشرات السياسية التي لا تحتوي أي رأي واضح وتحتوي تناقضات صارخة, وكذلك التقيحات والزيادات الغير مدروسة بعناية في الكتب.
ومعروف منهم المسئولون عن كل ذلك والذين يتحملون مسؤولية انشطار الحزب وانحرافه.

15. (( يجب أن يفرق بين ماهر منه الأحكام الشرعية وما هو من الأساليب حتى لا يحصل انحراف في الطريق فالانحراف يقع في ترك ما كان محل اقتداء, واخذ حكم شرعي غيره أو اعتباره أسلوبا )) .
وقد يحصل الانحراف في إتباع أسلوب يتناقض مع الحكم الشرعي.
والذين فسروا عبارة ( ... قصص الأنبياء والمرسلين ما هي إلا نماذج لكيفية حمل الدعوة ... ) بقولهم ان هذه القصص النماذج هي أساليب في حمل الدعوة, وحين نقتدي بها فإننا نقتدي بأسلوب, هؤلاء وقعوا في انحرافتين, الأول أنهم جعلوا الأسلوب محل اقتداء, والأسلوب ليس محل اقتداء لأنه يجوز أخذه من أي واحد من البشر .
والثاني والأخطر أنهم سموا شرائع أو طرق الأنبياء والسابقين في حمل الدعوة سموها أساليب ليبرروا قولهم وربما يبرروا أخذها فتصبح وزارة سيدنا يوسف, وتكسير سيدنا إبراهيم للأصنام أسلوبا يجوز أخذه .

16. (( فإذا حاولت الكتلة التأويل والتفسير بغير ما يفيده الفهم التشريعي من عمل الرسول أو قوله فقد انحرفت )) .
وما جاء في النشرة التي تتحدث عن وجوب طاعة الأمير لقوله منقولا بالمعنى أن الأمراء لا يجوز الخروج عليهم إلا إذا أظهروا الكفر البواح ) ... هذا القول الذي يؤدي إلى ضرب الفكرة في سبيل الدفاع عن شخص الأمير بتطبيق حكم جاء فقط في حق الأمير العام على الأمير الخاص, وهذا هو التأويل والتفسير بغير ما يفيده الفهم التشريعي .. وهو عين الانحراف الذي يدل على واقعة المسالة عند الأمير المعزول والسائرين معه .

17. (( فإن حصل ما يتنافى مع القيم الرفيعة وتكرر وفشا على مستوى الحزب وقيادته, تعالج الكتلة كلها علاجا يرجع الأمور إلى ما كانت عليه من المحافظة على القيمة الذاتية للكتلة)) .
ومن القيم الذاتية او الرفيعة للحزب : السعي نحو الكمال ودوام التنقيب في الأفكار , وتقبل نقاش الشباب في أي فكر يجري تبنيه , والرجوع عن الخطأ, أما إقفال النقاش في أفكار معينة واعتبار النقاش فيها تجريحا بصاحبها وكيل الشتائم والاتهامات للمعترضين على هذه الأفكار , واعتبار محاسبة الشباب للأمير على قيامه بتبني الكتاب تمردا أو قلة أدب , ومن قبيل الفتنة فان في كل هذا نسف للقيم الذاتية للكتلة مما اقتضى معالجة الكتلة معالجة جذرية .

18. (( إبداع القيادة وتطبيق الفكرة على الوقائع المتجددة بعناية ودقة فإذا اضطرب التطبيق أو دخل التأويل يكون الإبداع قد ضعف وتكون القيادة هدفا للانهيار والانحراف )).
وقد ضعف الإبداع في القيادة , بل انعدم فانهارت وانحرفت , ومن الانحراف أن يصبح الحزب مفتيا , وحين لا يجد الحزب ما يصدره في وقت يفتقر فيه إلى الابتداع الفكري والسياسي . وبعد أن كان قد ألغى النقاش السياسي في بداية الحلقة واعترض مؤخرا على حلقات التركيز السياسي.
واقفل بالنقاش في أفكار كتاب حمل الدعوة, حين لا يجد ما يصدره بعد كل هذا إلا فتوى هزيلة في الاستنساخ , فانه يتحول بذلك عن السياسة والفكر وهو مطابع الحزب وعمله الى الفتوى والفقه لأنه لا يقدر إلا عليهما , ومن أراد أن يعرف مستوى هذه القدرة وضحالتها فليراجع أدلة تحريم الاستنساخ البشري مع التدقيق , ويضاف الى ذلك العجز الواضح في رسم الخطط و الأساليب للقيام بالأعمال.

19. ((كما أن الحزب يترك فهمه لأي فكر من الفكرة والطريقة إذا ظهر له خطؤه)) .
فالحزب لا يترك فهمه لأي فكر إلا إذا تبين له خطأ هذا الفكر. وإذا ترك الحزب فهمه لفكرة واحدة لغير هذا السبب يكون قد انحرف , فلو تخلى عن حرمة المزارعة مراعاة لظروف الناس , آو تخلى عن حرمة الجمعيات الخيرية تحت ضغط الواقع , فانه يكون قد انحرف , لأنه يكون مستندا في هذا التخلي إلى وجوب استمرار ارتباط الفكرة بما جاء بها الوحي .
وهذا يقودنا إلى موضوع صلاحية التبني , فأمير الحزب هو الذي له صلاحية التبني , والتبني يكون انشائا جديدا ويكون تغيرا في متبنى على أن يكون هذا التبني منبثقا عن العقيدة الإسلامية بدليل صحيح راجح , أو مبنيا عليها .
وفي الأحكام الشرعية فانه يتبنى كإنشاء جديد أحكاما يستدل عليها بنص من الكتاب أو السنة أو إجماع الصحابة أو القياس وبطريقة صحيحة في الاستدلال , أما إن كان ما تبناه هو تغير لحكم متبنى في الحزب , فيجب أن يبين وجه بطلان التبني السابق , كأن يكون دليله ضعيفا , أو أن الدليل لا ينطبق على الواقع , أو أن الاستنباط لم يكن صحيحا كما ينبغي أن يبين وجه رجحان التبني الجديد.
أما في الأفكار فإن الفكر هو في حقيقته حكم على واقع فإذا تبين أن فكرا ما غير صحيح , سواء لعدم انطباقه على الواقع , أو لأي سبب آخر فان له أن يغير هذا الفكر , بعد أن يبين وجه الخطأ فيه.
أما الآراء الواردة في التحليلات السياسية غير المنبثقة عن وجهة النظر في الحياة , كالقول بان خطة أمريكا في المنطقة الفلانيه هي كذا , أو أن فلانا عميلا لأمريكا , فهذه الآراء تغير إذا ثبت خطأها مع بيان وجه الخطأ فيها .
أما ما أطلق عليه البعض وصف - الثوابت والأساسيات - مع التحفظ على هذا الإطلاق التي لا يجوز مسها ، فهي كثيرة ويصعب حصرها لكثرتها ولكنها تعرف عند ذكرها بين الشباب من مثل قولنا المبدأ هو كذا وكذا والمجتمع يتألف من كذا وكذا والوجود المحسوس هو الكون والإنسان والحياة وتعريف الحضارة هو كذا والتفكير هو كذا ومثل قولنا بوجوب العمل لإقامة الخلافة وحصرنا في الأدلة الإجمالية بأربعة ومثل تبني قاعدة ( ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ) وقاعدة (شرع من قبلنا ليس شرعا لنا ) وان الحكمة والعلة يجب أن يدل عليهما الوحي وان الحزب لا يجوز أن قوم بأعمال مادية ، وفي الناحية السياسية من مثل تعريفنا للموقف الدولي , ومعنى الاستعمار، و وجود النفوذ الأجنبي ، وما إلى ذلك من آراء هي في حقيقتها أفكار تنطبق على واقع , أي لكل منها واقع تنطبق عليه .

والخلاصة أن أفكار الحزب وآراءه المتبناة وهي أعراف تميز بها الحزب ، والتغير فيها تغير في هوية الحزب وواقعه كما أن هناك متبنيات كثيرة يمكن للأمير العدول عنها , ومن ذلك الأحكام الجزئية في الأنظمة المختلفة مثل حرمة المزارعة و أحكام العورة وكقولنا أن في كل من النظام الرأسمالي والشيوعي أفكارا مستنيرة وكقولنا القيادات ثلاث ، وان مقومات الدولة العظمة هي كذا وكذا, و ما ورد حول خصائص بعض الشعوب والأمم , أو أن يغير الرأي في عمالة بعض الحكام , ولكن ذلك يكون بعد أن يثبت خطأ الرأي السابق ورجحان الرأي اللاحق وإلا فإن تغيير حكم أو فكر أو رأي واحد من هذه الأحكام والآراء الأفكار الجزئية والتفصيل يمكن أن يكون مؤشرا على انحراف الحزب مثله في ذلك تغيير أي متبنى اعتبر من الثوابت والأساسيات وذلك إذا اجري التغيير دون اعتماد طريقة الحزب في التبني والدرس .
أما في الإدارة فللأمير أن يغير كل ما هو من الأساليب , مما لا تحضره الأحكام الشرعية .
فله أن يجعل الحلقة تتألف من ستة دارسين ومشرف , ولكن ليس له أن يلغي الحلقات وله أن يغير في نظام المناطق ولكن شريطة أن يضع نظاما آخر يحقق الهدف من نظام المناطق وهكذا

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


13/12/1997
رد مع اقتباس
 
إضافة رد


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 02:16 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.2
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.