إيجار ليموزين في مطار القاهرة  آخر رد: الياسمينا    <::>    ليموزين المطار في مصر الرفاهية والراحة في خدمة المسافرين  آخر رد: الياسمينا    <::>    حفل تكريم أوائل الثانوية العامة للعام الدراسي 2023.  آخر رد: الياسمينا    <::>    دورة البادل، كانت فكرة وبالجهد نجحت  آخر رد: الياسمينا    <::>    لاونج بموقع مميز ودخل ممتاز للتقبيل في جدة حي الخالدية  آخر رد: الياسمينا    <::>    تورست لايجار السيارات والليموزين في مصر  آخر رد: الياسمينا    <::>    كود خصم تويو 90% خصم 2024  آخر رد: الياسمينا    <::>    كود خصم تويو 90% خصم 2024  آخر رد: الياسمينا    <::>    المحامية رباب المعبي تحاضر عن مكافحة غسل الأموال وتمويل الإر...  آخر رد: الياسمينا    <::>    مساعدة عائلة محاصرة في قطاع غزة يواجهون مخاطر الموت  آخر رد: الياسمينا    <::>   
 
العودة   منتدى المسجد الأقصى المبارك > القرآن الكريم > منتدى القرآن الكريم لمشاركات الأعضاء

 
إضافة رد
 
أدوات الموضوع ابحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
 
  #1  
قديم 06-27-2009
نائل أبو محمد نائل أبو محمد غير متواجد حالياً
عضو بناء
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 6,651
افتراضي كيف يجب علينا أن نفسر القرآن الكريم


كيف يجب علينا
أن نفسر القرآن الكريم


للعــــلامة المــــحدث
محمد ناصر الدين الألباني
رحمه الله تعالى
رد مع اقتباس
 
 
  #2  
قديم 06-27-2009
نائل أبو محمد نائل أبو محمد غير متواجد حالياً
عضو بناء
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 6,651
افتراضي رد: كيف يجب علينا أن نفسر القرآن الكريم


مقدمة الناشر :
إن الحمد لله , نحمده و نستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا , ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له , ومن يضلل فلا هادي له , وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له , وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .

أما بعد فهذه رسالة ( كيف يجبُ علينا أن نفسر القران الكريم ؟ ) وأصلها أسئلة أُلقيت على الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى , فأجاب عنها مسجلةً , ثم فُرغت وطبعت في أوراق , وقدمت للشيخ رحمه الله تعالى , فقرأها وعلق عليها بخط يده .

وقد رأت المكتبة الإسلامية في عمان أن تنشرها اليوم لتعم بها الفائدة , ولينتشر علىُ الشيخ رحمه الله , وليؤجر عليها في قبره رحمه الله .

وهي على صغر حجمها عظيمة الفائدة كبيرة النفع للأمة الإسلامية بأسرها , إذ إنها توضح الأصول والقواعد التي يجب علينا أن ننهجها إذا أردنا أن نفسر القران الكريم بالطريقة الصحيحة التي يرضاها ربنا تبارك وتعالى , والتي شرعها على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم , ثم اتبعها من بعده خير هذه الأمة : صحابته , ثم التابعون لها بإحسان رضي الله عنهم أجمعين .

كما أن فيها على صغر حجمها الشيء الكثير من القواعد العامة التي تهم كل مسلم يريد أن يكون من الفرقة الناجية , والتي يجب عليه أن يتمسك ويعمل بها حتى تقوده إلى الطريق الصحيح , كقاعدة ( كلما أُحييت سنة أُميتت سنة ) وغيرها من تلك القواعد النورانية التي فتح الله بها على الشيخ رحمه الله وغفر له , فقد كان واسع العلم والمعرفة بشريعة الإسلام وبسنة رسولنا صلى الله عليه وسلم وصدق ربنا إذ يقول ( ... يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ... )-المجادلة11 ... رحم الله الشيخ , وجزى القائمين على نشر علمه من بعده خيراً , ونفع بهذا العلم كل مسلم أطلع عليه .


الناشر

عمان في 4 ذي الحجة 1420هـ
رد مع اقتباس
 
 
  #3  
قديم 06-27-2009
نائل أبو محمد نائل أبو محمد غير متواجد حالياً
عضو بناء
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 6,651
افتراضي رد: كيف يجب علينا أن نفسر القرآن الكريم


سؤال 1 : فضيلة الشيخ ! قرأت في كتاب صغير حديثاً يقول ( خذ من القران ما شئت لما شئت ) فهل هذا الحديث صحيح ؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً .

الجواب : هذا الحديث ( خذ من القران ما شئت لما شئت )(1) حديث مشتهر على بعض الألسنة ولكنه –مع الأسف الشديد- من تلك الأحاديث التي لا أصل لها في السنة , ولذلك فلا يجوز روايته ونسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم .

ثم ذا المعنى الواسع الشامل لا يصخ ولا يثبت مطلقاً في شريعة الإسلام : ( خذ من القران ما شئت لما شئت ) فمثلا إن أنا جلست في عقر داري , ولا أعمل في مهنتي وصنعتي , وأطلب الرزق من ربي أن ينزله علي من السماء لأني اخذ من القران لهذا ! من يقول هذا ؟!

هذا كلام باطل , ولعله من وضع أولئك الصوفية الكسالى الذين طُبعوا على الجلوس والسكن فيما يسمونها بالرباطات , ينزلون فيها وينتظرون رزق الله ممن يأتيهم به من الناس , عملاً أن هذا ليس من طبيعة المسلم , لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد ربى المسلمين جميعاً على علو الهمة , وعلى عزة النفس , فقال عليه الصلاة والسلام ( اليدُ العليا خير من اليد السفلى , فاليد العليا هي المنفقة , واليد السفلى هي السائلة )(2) .

ويُعجبني بهذه المناسبة مما كنت قرأته فيما يتعلق ببعض الزهاد من الصوفية – ولا أطيل في ذلك , فقصصهم كثيرة وعجيبة :-

زعموا أن أحدهم خرج سائحاً ضارباً في الأرض بغير زاد , فوصل الأمر إلى أنه كاد أن يموت جوعاً , فبدت له من بعيد قرية , فأتى إليها , وكان اليوم يوم الجمعة , وهو بزعمه خرج متوكلاً على الله , فلكيلا ينقض بزعمه توكله المزعوم , لم يظهر شخصه للجمهور الذي في المسجد , وإنما انطوى على نفسه تحت المنبر , لكيلا يشعر به أحد , لكنه كان يحدث نفسه لعل أحداً يُحس به , وهكذا خطب الخطيب خطبته , وهو لم يُصل مع الجماعة ! فبعد أن انتهى الإمام من الخطبة والصلاة , وبدأ الناس يخرجون زرافات ووحداناً من أبواب المسجد , حتى شعر الرجل بأن المسجد كاد يخلو من الناس , وحينئذٍ تُقفل الأبواب , ويبقى وحيداً في المسجد من غير طعام ولا شراب , فلم يسعه إلا أن يتنحنح ليثبت وجوده للحاضرين , فالتفت بعس الناس , فوجدوه قد تحول كأنه عظم من الجوع والعطش , فأخذوه وأغاثوه .

وسألوه : من أنت يا رجل ؟!

قال : أنا زاهد متوكل على الله .

قالوا : كيف تقول : متوكل على الله , وأنت كدت أن تموت ؟! ولو كنت متوكلاً على الله لما سألت , ولما نبهت الناس إلى وجودك بالنحنحة , حتى تموت بذنبك ؟!

هذا مثال إلى ما يؤدي به مثلُ هذا الحديث ( خذ من القران ما شئت لما شئت ) .

والخلاصة : أن هذا الحديث لا أصل له .
رد مع اقتباس
 
 
  #4  
قديم 06-27-2009
نائل أبو محمد نائل أبو محمد غير متواجد حالياً
عضو بناء
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 6,651
افتراضي رد: كيف يجب علينا أن نفسر القرآن الكريم


سؤال 2 :
فضيلة الشــيخ ! يقول القـرانيون : قال تعالى ( وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا )] الإسراء12[ ... وقال تـعالى ( مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ )]الأنعام 38[... ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( إن هذا القران طرفه بيد الله , وطرفه بأيديكم , فتمسكوا به , فإنكم لن تضلوا ولن تهلكوا بهده أبداً )(3) . نرجو من فضيلتكم التعليق على ذلك .

الجواب : أما قوله تعالى ( مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ )]الأنعام 38[ , فهذه الآية إنما تعني الكتاب هُنا : اللوح المحفوظ , ولا تعني : القران الكريم .

أما قوله تعالى ( وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا )] الإسراء12[ , فإذا ضممتم إلى القران الكريم ما تقدم بيانه آنفا , فحينئذٍ يتم أن الله عز وجل قد فصل كل شيء تفضيلاً , لكن بضميمة أخرى , فإنكم تعلمون أن التفصيل قد يكون تارة بالإجمال , بوضع قواعد عامة يدخل تحتها جزئيات لا يمكن حصرها لكثرتها , فبوضع الشارع الحكيم لتلك الجزئيات الكثيرة قواعد معروفة ظهر معنى الآية الكريمة , وتارة التفصيل وهو المتبادر من هذه الآية , كما قال عليه الصلاة والسلام ( ما تركتُ شيئاً مما أمركم الله به إلا وقد أمرتكم به , ولا تركتُ شيئاً مما نهاكم الله عنه إلا وقد نهيتكم عنه )(4) .

فالتفصيل إذاً تارة يكون بالقواعد التي لا تدخل تحتها جزئيات كثيرة , وتارة يكون بالتفصيل لمفردات عبادات وأحكام تفصيلاً لا يحتاج إلى الرجوع إلى قاعدة من تلك القواعد .

ومن القواعد التي لا يدخل تحتها فرعيات كثيرة –وتظهر بها عظمة الإسلام وسعة دائرة الإسلام في التشريع –قوله صلى الله عليه وسلم على سبيل المثال :

( لا ضرر ولا ضرار )(5) ... وقوله عـليه السلام ( كل مـسكر خمر , وكل خـمر حرام )(6) ... وقوله عليه السلام ( كل بدعة ضلالة , وكل ضلالة في النار )(7) .

هذه قواعد وكليات لا يفوتها شيء مما يتعلق بالضرر بالنفس أو الضرر بالمال في الحديث الأول , وما يتعلق بما يُسكر كما في الحديث الثاني , سواء كان المسكر مستنبطاً من العنب –كما هو المشهور- أو من الذرة , أو من أي مادة من المواد الأخرى , فما دام لأنه مُسكر فهو حرام .

كذلك في الحديث الثالث : لا يمكن حصر البدع لكثرتها , ولا يمكن تعدادها ومع ذلك فهذا الحديث – مع إيجازه- يقول بصراحة ( وكل بدعة ضلالة , وكل ضلالة في النار ) .

هذه تفصيل لكن بقواعد .

وأما الأحكام التي تعرفونها , فهي مفصلة بمفردات جاء ذكرها في السنة على الغالب , وأحياناً كأحكام الإرث مثلاً فهي مذكورة في القران الكريم .
أما الحديث الذي جاء ذكره , فهو حديث صحيح , فالعمل به هو الذي بإمكاننا أن نتمسك به , وكما جاء في الحديث ( تركت فيكم أمرين , لن تضلوا ما تمسكتم بهما : كتاب الله , وسنة رسوله )(8) .

فالتمسك بحبل الله – الذي هو بأيدينا- إنما هو العـمل بالسنة المُفـصلة للقران الكريم .


رد مع اقتباس
 
 
  #5  
قديم 06-27-2009
نائل أبو محمد نائل أبو محمد غير متواجد حالياً
عضو بناء
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 6,651
افتراضي رد: كيف يجب علينا أن نفسر القرآن الكريم


سؤال 3 :
هناك من يقول : إذا عارض الحديث آية من القران , فهو مردود مهما كانـت درجة صحـته , وضرب مثالاً لـذلك بحديث ( إن الميت ليُعـذب ببكاء أهله عليه )(9) , واحتج بقول عائشة في ردها الحديث بقول الله عزوجل ( وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى )]فاطر18[ , فكيف على يُرد على من يقول ذلك ؟

الجواب : رد هذا الحديث هو من مشاكل رد السنة بالقران وهو يدل على انحراف ذلك الخط .

أما الجواب عن هذا الحديث – وأخص به من تمسك بحديث عائشة رضي الله عنها فهو :

*أولاً : من الناحية الحديثية : فإن هذا الحديث لا سبيل لرده من الناحية الحديثية اثنين :

أ – أن جاء بسند صحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما .
ب – أنه ابن عمر رضي الله عنه لم يتفرد به , بل تابعه على ذلك عمر بن الخطاب وهو وابنه لم يتفردا به , فقد تابعهما المغيرة ن شُعبة , وهذا مما يحضرني في هذه الساعة بأن هذه الروايات عن هؤلاء الصحابـــة الثلاثة رضي الله عنهـم فـي الصحيحين .

أما لو أن الباحث بحث يحثاً خاصاً في هذا الحديث فيسجد له طرقاً أخرى , وهذه الأحاديث الثلاثة كلها أحاديث صحيحة الأسانيد فلا تُرد بمجرد دعوى التعارض مع القران الكريم .

*ثانياً : من الناحية التفسيرية : فإن هذا الحديث قد فسره العلماء بوجهين :

الوجه الأول : أن هذا الحديث إنما ينطبق على الميت الذي كان يعلم في قيد حياته أن أهله بعد موته سيرتكبون مخالفات شرعية , ثم لم ينصحهم ولو يوصهم أن لا يبكوا عليه , لأن البكاء يكون سبباً لتعذيب الميت .

و – ال – التعريف في لفظ ( الميت ) هنا ليست للاستغراق والشمول , أي : ليس الحديث بمعنى أن كل ميت يُعذب ببكاء أهله عليه , وإنما – ال - هنا للعهد , أي : الميت الذي لا ينصح بألا يرتكبوا بعد وفاته ما يخالف الشرع , فهذا الذي يعذب ببكاء أهله عليه , أما من قام بواجب النصيحة , وواجب الوصية الشرعية بألا ينوحوا عليه , وألا يأتوا بالمنكرات التي تُفعل خاصة في هذا الزمان , فإنه لا يُعذب وإذا لم يُوص لم ينصح عُذب .

هذا التفصيل هو الذي يجب أن نفهمه من التفسير الأول لكثير من العلماء المعروفين والمشهورين , كالنووي وغيره , وإذا عرفنا هذا التفصيل , وضح ألا تعارض بين هذا الحديث وبين قوله تعالى ( وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى )]فاطر18[, إنما يظهر التعارض فيما لو فُهم أن – ال – في لفظ ( الميت ) إنما هي للاستغراق والشمول , أي : كل ميت يُعذب , حينئذٍ يُشكل الحديث ويتعارض مع الآية الكريمة , أما إذا عرفنا المعنى الذي ذكرناه آنفا , فلا تعارض ولا إشكال , لأن الذي يُعذب إنما يُعذب بسبب عدم قيامه بواجب النصح والوصية , هذا الوجه الأول مما قيل في تفسير هذا الحديث لدفع التعارض .

أما الوجه الثاني : فهو الذي ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في بعض مصنفاته , أن العذاب هنا ليس عذاباُ في القبر , أو عذاباً في الآخرة , وإنما هو بمعنى التألم وبمعنى الحزن , أي : إن الميت إذا سمع بكاء أهله عليه , أسف وحزن لحزنهم هم عليه .

هكذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية , وهذا لو صح لاستأصل شأفة الشبهة .
لكني أقول : أن هذا التفسير يتعارض مع حقيقتين اثنتين لذلك لا يسعنا إلا أن نعتمد على التفسير الأول للحديث :
رد مع اقتباس
 
 
  #6  
قديم 06-27-2009
نائل أبو محمد نائل أبو محمد غير متواجد حالياً
عضو بناء
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 6,651
افتراضي رد: كيف يجب علينا أن نفسر القرآن الكريم


الحقيقة الأولى :
أن في حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه الذي أشرت إليه آنفا زيادة تبين أن العذاب ليس بمعنى التألم , وإنما هو بمعنى العذاب المتبادر , أي : عذاب النار , إلا أن يعفو الله تبارك وتعالى , كما هو صريح قوله عزوجل ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ )]النساء48[ , ففي رواية المغيرة قال ( إن الميت ليُعذب ببكاء أهله يوم القيامة ) , فهذا صريح بأن الميت يُعذب بسبب بكاء أهله عليه يوم القيامة , وليس في القبر , وهو الذي فسره ابن تيمية بالألم والحزن .

الحقيقة الأخرى :
هي أن الميت إذا مات لا يحس بشيء يجري من حوله , سواء أكان هذا الشيء خيراً أو شراً – كما تدل عليه أدلة الكتاب والسنة – اللهم إلا في بعض المناسبات التي جاء ذكرها في بعض الأحاديث , إما كقاعدة لكل ميت , أو لبعض الأموات , حيث أسمعهم الله عزوجل بعض الشيء الذي يتألمون به .

فمن الأول :
الحديث الذي رواه البخاري في صحيحه من حديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن العبد إذا وضع في قبره , وتولى عنه أصحابه –حتى إنه سمع قرع نعالهم – أتاه ملكان )(10) , ففي هذا الحديث الصحيح إثبات سمع خاص للميت في وقت دفنه , وحين ينصرف الناس عنه , أي : في الوقت الذي يُجلسه الملكان أُعيدت الروح إليه , فهو في هذه الحالة يسمع قرع النعال , فلا يعني الحديث بداهة أن هذا الميت وكل الأموات تُعاد إليهم أرواحهم , وأنهم يظلون يسمعون قرع النعال المـارة بين القبور إلى يوم يبـعثون! لا .

إنما هذا وضعٌ خاص وسماع خاص من الميت , لأنه أُعيدت روحه إليه , وحينئذٍ لو أخذنا بتفسير ابن تيمية رحمه الله , وسعنا دائرة إحساس الميت بما يجري حوله , سواءً عند نشعه قبل دفنه , أو بعد وضعه في قبره , ومعنى ذلك : أن يسمع بكاء الأحياء عليه و وهذا يحتاج إلى نص , وهو مفقود . هذا أولاً .

وثانياً :
بعض نصوص الكتاب والسنة الصحيحة تدل على أن الموتى لا يسمعون , وهذا بحث طويل , ولكني سأذكر حديثاً واحداً , وأنهي الجواب عن السؤال وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم ( إن لله ملائكة سياحين في الأرض يبلغوني عن أمتي السلام )(11) , وقوله ( سياحين ) أي : طوافين على المجالس , فكلما صلى مسلم على النبي صلى الله عليه وسلم , فهناك ملك موكل يوصل السلام من ذاك المسلم إلى النبي صلى الله عليه وسلم , فلو كان الأموات يسمعون , لكان أحق هؤلاء الأموات أن يسمع هو نبينا صلى الله عليه وسلم , لما فضله الله تبارك وتعالى , وخصه بخصائص على كل الأنبياء والرسل والعالمين , فلو كان أحدٌ يسمع لكان النبي صلى الله عليه وسلم ثم لو كان النبي صلى الله عليه وسلم يسمه شيئا بعد موته , لسمع صلاة أمته عليه .

ومن هنا تفهمون خطأ – بلا ضلال – الذين يستغيثون ليس بالنبي صلى الله عليه وسلم بل وبمن دونه , سواء كانوا رسلا أو أنبياء أو صالحين , لأنه لو استغاثوا بالرسول عليه الصلاة والسلام لما سمعهم , كما هو صريح القران ( إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ )]الأعراف194[ , و ( إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ )]فاطر14[ إلى آخر الآية .

إذا فالموتى من بعد موتهم لا يسمعون , إلا ما جاء النص في قضية خاصة – كما ذكرت آنفا – من سماع الميت قرع النعال , وبهذا ينتهي الجواب عن هذا السؤال .
رد مع اقتباس
 
 
  #7  
قديم 06-27-2009
نائل أبو محمد نائل أبو محمد غير متواجد حالياً
عضو بناء
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 6,651
افتراضي رد: كيف يجب علينا أن نفسر القرآن الكريم


سؤال 4 :
إذا كانت المسجلة مفتوحةً على القرآن الكريم , وبعض الحاضرين لا يستمعون بسبب أنهم مشغولون بالكلام , فما حكم عدم الاستماع ؟ وهل يأثم أحد من الحاضرين أو الذي فتح المسجلة ؟

الجواب :
الجواب عن هذه القضية يختلف باختلاف المجلس الذي يُتلى فيه القران من المُسجلة , فإن كان المجلس مجلس علم وذكر وتلاوة قران , فيجب –والحالة هذه – الإصغاء التام , ومن لم يفعل فهو آثم , لمخالفته بقول الله تبارك وتعالى في القران ( وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ )]الأعراف204 [ .

أما إذا كان المجلس ليس مجلس علم ولا ذكر ولا تلاوة قران , وإنما مجلس عادي , كأن يكون إنسان يعمل في البيت , أو يدرس أو يطالع , ففق هذه الحالة لا يجوز فتح آلة التسجيل , ورفع صوت التلاوة بحيث يصل إلى الآخرين الذين هم ليسوا مكـلفين بالسـماع , لأنهم لم يجـلسـوا له , والمسؤول هو الذي رفع صوت المسجلة وأسمع صوتها للآخرين , لأنه يُحرجُ على الناس , ويحملهم على أن يسمعوا للقران في حالة هم ليسوا مستعدين لها (*) .

وأقرب مثال على هذا : أن أحدنا يمر في الطريق , فيسمع من السمان , وبائع الفلافل , الذي يبيع أيضاً هذه الأشرطة المُسجلة ( الكاسيتات ) فقد ملأ صوت القران , وأينما ذهبت تسمع هذا الصوت , فهل هؤلاء الذين يمشون في الطريق – كل في سبيله – هم مكلفون أن ينصتوا لهذا القران الذي يُتلى في غير محله ؟! لا , وإنما المسؤول هو هذا الذي يُحرجُ على الناس , ويسمعهم صوت القران , إما للتجارة أو لإلفات نظر الناس , ونحو ذلك من المصالح المادية , فإذاً هم يتخذون القران من جهةٍ مزامير – كما جاء في بعض الأحاديث(12) , ثم هم يشترون بآيات الله ثمناً قليلاً في أسلوب آخر غير أسلوب اليهود والنصارى الذين قال الله عزوجل في حقهم في هذه الآية ( اشْتَرَوْا بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا )]التوبة9[.
رد مع اقتباس
 
 
  #8  
قديم 06-27-2009
نائل أبو محمد نائل أبو محمد غير متواجد حالياً
عضو بناء
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 6,651
افتراضي رد: كيف يجب علينا أن نفسر القرآن الكريم

سؤال 5 :
إن الله عزوجل يُخبر عن نفسه فيقول ( وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ )]آل عمران54[ , فربما يضيق عقل بعض الناس عن فهم هذه الآية على ظاهرها , وبما أننا لسنا بحاجة للتأويل , فكيف يكون الله خير الماكرين ؟!

الجواب :
المسألة سهلة بفضل الله , وذلك لأننا نستطيع أن نعرف أن المكر – من حيث هو مكر- لا يوصف دائماً وأبداُ بأنه شر , كما إنه لا يوصف دائما وأبدا بأنه خير , فرُب كافر يمكر بمسلم , لكن هذا المسلم كيس فطن ليس مغفلا ولا غبيا , فهو متنبه لمكر خصمه الكافر , فيعامله على نقيض مكره هو , بحيث تكون النتيجة أن هذا المسلم بمكره الحسن قضى على الكافر بمكره السيئ , فهل يقال : إن هذا المسلم حينما مكر بالكافر تعاطى أمراً غير مشروع ؟ لا أحد يقول هذا .

ومن السهل أن تفهموا هذه الحقيقة من قوله علــيه الصلاة والسلام ( الـحرب خدعة )(13) , فالذي يقالُ في الخدعة يُقال في المكر تماماً , فمخادعة المسلم لأخيه المسلم حرام , لكن مخادعة المسلم للكافر عدو الله وعدو رسوله هذا ليس حراماً , بل هو واجب , كذلك مكر المسلم بالكافر الذي يريد المكر به –بحيث يبطل هذا المسلم مكر الكافر- هذا مكر حسن , وهذا إنسان وذاك إنسان .

فماذا نقول بالنسبة لرب العالمين القادر العليم الحكيم ؟

ها هو يبطل مكر الماكرين جميعاً لذلك قال ( وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ) , فحينما وصف ربنا عزوجل نفسه بهذه الصفة ؟ قد لفت نظرنا بأن المكر حتى من البشر ليس دائماً , لأنه قال ( وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ) فهناك ماكر بخير , وماكر بشر , فمن مكر بخير لم يُذم , والله عزوجل كما قال ( وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ) .

وباختصار أقول : كل ما خطر ببالك فالله بخلاف ذلك , فإذا توهم الإنسان أمراً لا يليق بالله , فليعلم رأساً أنه مخطئ , فهذه الآية هي مدح لله عزوجل , وليس فيها أي شيء لا يجوز نسبته إلى الله تبارك وتعالى .

رد مع اقتباس
 
 
  #9  
قديم 06-27-2009
نائل أبو محمد نائل أبو محمد غير متواجد حالياً
عضو بناء
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 6,651
افتراضي رد: كيف يجب علينا أن نفسر القرآن الكريم


سؤال6 :
كيف نوفق بين هاتين الآيتين ( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ )]ال عمران85[ , وقوله تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ )]المائدة69[ ؟

الجواب :
لا تعارض بين الآيتين كما يوهم السؤال , وذلك لأن آية الإسلام هي بعد أن تَبلُغً دعوةُ الإسلامِ أولئك الأقوام الذين وصفهم الله عزوجل في الآية الثانية ( فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ) وذكر منهم الصابئة , والصابئة حينما يذكرون يسبق إلى الذهن أن المقصود بهم : عُباد الكواكب لكنهم –في الحقيقة- كل قوم وقعوا في الشرك بعد أن كانوا من أهل التوحيد فالصابئة كانوا موحدين , ثم عرض لهم الشرك وعبادة الكواكب , فالذين ذُكروا في هذه الآية هم المؤمنون منهم الموحدون , فهؤلاء قبل مجيء دعوة الإسلام هم كاليهود والنصارى , وهم ذُكروا أيضاً في نفس السياق الذي ذُكر فيه الصابئة فهؤلاء مَنْ كان منهم متمسكاً بدينه في زمانه , فهو من المؤمنين ( فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ) .

ولكن بعد أن بعث الله عزوجل محمداً عليه الصلاة والسلام بدين الإسلام , وبلغت دعوة هذا الإسلام أولئك الناس من يهود ونصارى وصابئة , فلا يقبل منه إلا الإسلام .

إذاً قوله تعالى ( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا ) أي : بعد مجيء الإسلام على لسان الرسول عليه الصلاة والسـلام , وبلوغ دعوة الإسلام إليه , فلا يُقبل منه إلا الإسـلام .

وأما الذين كانوا قبل بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام بالإسلام , أو الذين قد يوجدون اليوم على وجه الأرض ولم تبلغهم دعوة الإسلام أو بَلَغَتْهُمْ دعوةُ الإسلام ولكنْ بلغتهم محرفةً عن أساسها وحقيقتها , كما ذكرتُ في بعض المناسبات عن القاديانيين –مثلاً- الذين انتشروا في أوربا وأمريكا يدعون إلى الإسلام لكن هذا الإسلام الذين يدعون إليه ليس من الإسلام في شيء , لأنهم يقولون بمجيء أنبياء بعد خاتم الأنبياء محمد عليه الصلاة والسلام , فهؤلاء الأقوام –من الأوربيين والأمريكيين الذين دعوا إلى الإسلام القادياني , ولم تبلغهم دعوة الإسلام الحق – على قسمين :

*قسم منهم على دين سابق وهم متمسكون به , فعلى ذلك تحمل آية ( فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ) .

*وقسم انحرف عن هذا الدين –كما هو شأن كثير من المسلمين اليوم –فالحجة قائمة عليهم .

أما من لم تبلغهم دعوة الإسلام مطلقاً –سواء بعد الإسلام أو قبله- , فهؤلاء لهم معاملة خاصة في الآخرة , وهي أن الله عزوجل يبعث إليهم رسولاً يمتحنهم - كما امتحن الناس في الحياة الدنيا – فمن استجاب لذلك الرسول في عرصات يوم القيامة وأطاعه دخل الجنة , ومن عصاه دخل النار(14) .
رد مع اقتباس
 
 
  #10  
قديم 06-27-2009
نائل أبو محمد نائل أبو محمد غير متواجد حالياً
عضو بناء
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 6,651
افتراضي رد: كيف يجب علينا أن نفسر القرآن الكريم


سؤال7 :
قال تعالى ( وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا )]الأنعام25[ , يَشُم البعض من هذه الآية رائحة الجبر , فما رأيكم في ذلك ؟

الجواب :
هذا الجعـل هو جعلٌ كوني , ولفهم هذا لابد من شرح مـعنى الإرادة الإلهية , فالإرادة الإلهية تنقسم إلى قسمين : ( إرادة شرعية , وإرادة كونية ) .

والإرادة الشرعية : هي كل ما شرعه الله عزوجل لعباده , وحضهم على القيام به من طاعات وعبادات على اختلاف أحكامها , من فرائض إلى مندوبات , فهذه الطاعات والعبادات يريدها تبارك وتعالى ويُحبها .

وأما الإرادة الكونية : فهي قد تكون تارة مما لم يشرعها الله , ولكنه قدرها وهذه الإمارة إنما سُميت بالإرادة الكونية اشتقاقاً من قوله تعالى ( إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ )]يس82[ , فــ ( شَيْئًا ) اسم نكرة يشمل كل شيء , سواء أكان طاعة أو معصية , وإنما يكون ذلك بقوله تعالى ( كُنْ ) , أي بمشيئته وقضائه وقدره , فإذا عرفنا هذه الإرادة الكونية – وهي أنها تشمل كل شيء , سواء أكان طاعة أو كان معصية – فلا بد من الرجوع بنا إلى موضوع القضاء والقدر , لأن قوله تعالى ( وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا ) , معناه أن هـــــذا الـذي قــــــال له ( كُنْ ) جعله أمراً مُقدراً كائناً لابد منه , فكل شيء عند الله عزوجل بقدر , وهذا أيضاً يشمل الخير والشر , ولكن ما يتعلق منه بنا نحن الثقلين –الإنس والجن المكلفين المأمورين من الله عزوجل- أن ننظر فيما نقوم نحن به , إما أن يكون بمحض إرادتنا واختيارنا , وإما أن يكون رغماً عنا , وهذا القسم الثاني لا يتعلق به طاعة ولا معصية , ولا يكون عاقبة ذلك جنة ولا ناراً , وإنما القسم الأول هو الذي عليه تدور الأحكام الشرعية , وعلى ذلك يكون جزاء الإنسان الجنة أو النار , أي : ما يفعله الإنسان بإرادته , ويسعى إليه بكسبه واختياره هو الذي يحاسب عليه , إنْ كان خيراً فخير , وإن كان شراً فشر .

وكون الإنسان مختاراً في قسم كبير من أعماله , فهذه حقيقة لا يمكن المجادلة فيها شرعاً ولا عقلاً .

أما شرعاً : فنصوص الكتاب والسنة متواترة في أمر الإنسان بأن يفعل ما أمر به , وفي أن يترك ما نُهي عنه , وهذه النصوص أكثر من أن تذكر .

أما عقلاً : فواضح لكل إنسان متجرد عن الهوى والغرض بأنه حينما يتكلم , حينما يمشي , حينما يأكل , حينما يشرب , حينما يفعل أي شيء , مما يدخل في اختياره , فهو مختار في ذلك غير مضطر إطلاقاً , وأنا شئتُ أنْ أتكلم الآن , فليس هناك أحد يجبرني على ذلك بطبيعة الحال , ولكنه مقدر , ومعنى كلامي هذا مع كونه مقدراً , أي أنه مقدر مع اختياري لهذا الذي أقوله وأتكلم به , ولكن باستطاعتي أن أصمت لأبين لمن كان في شك مما أقول أني مختار في هذا الكلام .

إذاُ , فاختيار الإنسان –من حيث الواقع- أمر لا يقبل المناقشة والمجادلة , وإلا فالذي يجادل في مثل هذا إنما هو يسفسط ويشكك في البدهيات , وإذا وصل الإنسان إلى هذه المرحلة انقطع معه الكلام .

إذاً فأعمال الإنسان قسمان : اختيارية , و اضطرارية .

والاضطرارية : ليس فيها كلام , لا من الناحية الشرعية ولا من الناحية الواقعية , والشرع يتعلق بالأمور الاختيارية , فهذه هي الحقيقة , وإذا ركزناها في أذهاننا , استطعنا أن نفهم الآية السابقة ( وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً ) وهذا الجعل كوني , ويجب أن نتذكر الآية السابقة ( إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) أن الإرادة ههنا إرادة كونية , ولكن ليس رغماُ عن هذا الذي جعل الله على قلبه أكنه .

مثال من الناحية المادية : أن الإنسان حينما يُخلق إنما يُخلق ولحمه غض طري , ثم إذا كبر وكبر يقسو لحمه ويشتد عظمه ولكن الناس ليسوا كلهم سواءً , فهذا مثلاً إنسان منكب على نوع من الدراسة والعلم , فهذا ماذا يقوى فيه ؟ يقوى عقله ؟ ويقوى دماغه من الناحية التي هو ينشغل بها , ويَنصب بكل جهده عليها , ولكن من الناحية البدنية جسده لا يقوى , وعضلاته لا تنمو .

والعكس بالعكس تماماً : فهذا شخص منصب على الناحية المادية , فهو في كل يوم يتعاطى تمارين رياضية –كما يقولون اليوم- فهذا تشتد عضلاته , ويقوى جسده , ويصبح له صورة كما نرى ذلك أحياناً في الواقع , وأحياناً في الصور , فهؤلاء الأبطال مثلاُ تصبح أجسادهم كلها عضلات , فهل هو خُلق هكذا , أم هو اكتسب هذه البنية القوية ذات العضلات الكثيرة ؟ هذا شيء وصل إليه هو بكسبه واختياره .

ذلك هو مثل الإنسان الذي يضل في ضلاله وفي عناده , وفي كفره وجحوده , فيصل الران , إلى هذه الأكنة التي يجعلها الله عزوجل على قلوبهم ؟ لا بفرض من الله واضطرار من الله لهم , وإنما بسبب كسبهم واختيارهم , فهذا هو الجعل الكوني الذي يكسبه هؤلاء الكفار , فيصلون إلى هذه النقطة التي يتوهم الجُهال أنها فُرضت عليهم , والحقيقة أن ذلك لم يُفرض عليهم وإنما ذلك بما كسبت أيديهم , وأن الله ليس بظلامٍ للعبيد .
رد مع اقتباس
 
إضافة رد

أدوات الموضوع ابحث في الموضوع
ابحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 08:44 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.2
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.