منتجات يوسيرين: رفع مستوى روتين العناية بالبشرة مع ويلنس سوق  آخر رد: الياسمينا    <::>    اكتشفي منتجات لاروش بوزيه الفريدة من نوعها في ويلنس سوق  آخر رد: الياسمينا    <::>    منتجات العناية بالبشرة  آخر رد: الياسمينا    <::>    استكشف سر جمال شعرك في ويلنس سوق، الوجهة الأولى للعناية بالش...  آخر رد: الياسمينا    <::>    ويلنس سوق : وجهتك الأساسية لمنتجات العناية الشخصية والجمال  آخر رد: الياسمينا    <::>    موقع كوبون جديد للحصول على اكواد الخصم  آخر رد: الياسمينا    <::>    إيجار ليموزين في مطار القاهرة  آخر رد: الياسمينا    <::>    ليموزين المطار في مصر الرفاهية والراحة في خدمة المسافرين  آخر رد: الياسمينا    <::>    حفل تكريم أوائل الثانوية العامة للعام الدراسي 2023.  آخر رد: الياسمينا    <::>    دورة البادل، كانت فكرة وبالجهد نجحت  آخر رد: الياسمينا    <::>   
 
العودة   منتدى المسجد الأقصى المبارك > القرآن الكريم > آيات القرآن الكريم
التسجيل التعليمات الملحقات التقويم مشاركات اليوم البحث

 
إضافة رد
 
أدوات الموضوع ابحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
 
  #11  
قديم 12-26-2010
الصورة الرمزية admin
admin admin غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 14,425
افتراضي تفسير التفسير/ ابن عرفة (ت 803 هـ) مصنف و مدقق

تفسير التفسير/ ابن عرفة (ت 803 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱهْدِنَا ٱلصِّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ }


قوله تعالى: { ٱهْدِنَا ٱلصِّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ }.

قال ابن عرفة: الطّلب من الأدنى للأعلى سؤال عند المنطقيين ودعاء عند النحويين. ومنهم من قال: إن كان لله تعالى فهو دعاء، (وإن كان) لغيره (فهو) أمر. والهداية (لها معنيان خاص وعام) (فالأعم) الإرشاد سواء كان للخير أو للشر، والأخص الإرشاد إلى طريق الخير والمراد هنا الأخص.

والصراط قيل: هنا الطريق وقيل: الطريق الموصلة للآمر الملائم وهو طريق الخير كأنه مأخوذ من السّرط وهو (الإبلاغ).

والإنسان ما يتبلغ إلا ما هو ملائم له، وَصَفَهُ على هذا بالمستقيم لأن طريق الخير قسمان قريبة، وبعيدة:

فالمستقيم نصّ (اقليدس) على أنه أقرب خطين بين نقطتين فالخط المستقيم أقرب من المعوج فلذلك وصفه على هذا بالمستقيم.

قال ابن عرفة: ولمّا قال " إياك نعبد " أوهم أن للإنسان في العبادة (ضربا) من المشاركة والاختيار، فعقبه بطلب الهداية تنبيها على كمال الافتقار، وأن كل العبادة والطاعة من الله تعالى وليس للعبد عليها قدرة، فهو دليل لأهل السنة.
__________________
اللهم علمنا ما ينفعنا - وإنفعنا بما علمتنا
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه - وأرنا الباطل باطلا وأرزقنا إجتنابه
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
اللهم إجعل عملنا خالصا لوجهك الكريم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبة وسلم
رد مع اقتباس
 
 
  #12  
قديم 12-26-2010
الصورة الرمزية admin
admin admin غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 14,425
افتراضي تفسير الجواهر الحسان في تفسير القرآن/ الثعالبي (ت 875 هـ) مصنف و مدقق 1-3

تفسير الجواهر الحسان في تفسير القرآن/ الثعالبي (ت 875 هـ) مصنف و مدقق 1-3



وقوله تعالَىٰ: { ٱهْدِنَا }: رغبة؛ لأنها من المربوب إلى الرب، وهكذا صيغ الأمر كلها، فإِذا كانت من الأعلى، فهي أَمْرٌ.

والهِدَايَةُ؛ في اللغة: الإرشادُ، لكنها تتصرف على وجوه يعبر عنها المفسِّرون بغير لفظ الإِرشاد وكلها إِذا تأملت راجِعةٌ إلى الإرشاد، فالهدى يجـيء بمعنى خَلْقِ الإيمان في القلب، ومنه قوله تعالَىٰ:

{ أُوْلَـٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ } [البقرة2: 5] و
{ يَهْدِي مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ } [النور24: 46]، و
{ إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَآءُ } [القصص28: 56]
{ فَمَن يُرِدِ ٱللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ } [الأنعام6: 125] الآية،

قال أبو المعالي: فهذه الآيات لا يتجه جلها إلا على خلق الإيمان في القلب، وهو محض الإرشاد.


وقد جاء الهدى بمعنى الدعاء؛ كقوله تعالى:


وقد جاء الهُدَىٰ بمعنى الإِلهام؛ من ذلك قوله تعالىٰ:


قال المفسِّرون: ألهم الحيواناتِ كلَّها إِلى منافعها.

وقد جاء الهُدَىٰ بمعنى البيان؛ من ذلك قوله تعالى:

{ وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَـٰهُمْ } [فصلت41: 17]

قال المفسِّرون: معناه: بيَّنَّا لهم.


قال أبو المعالي: معناه: دعوناهُمْ، وقوله تعالى:

{ إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَىٰ } [الليل92: 12]،

أي: علينا أنْ نبيِّن.


وفي هذا كله معنى الإِرشاد.

قال أبو المعالي: وقد ترد الهدايةُ، والمراد بها إِرشاد المؤمنين إِلى مسالك الجِنَانِ والطرقِ المفضيةِ إِلَيْهَا؛ كقوله تعالى في صفة المجاهدين:

{ فَٱهْدُوهُمْ إِلَىٰ صِرٰطِ ٱلْجَحِيمِ } [الصافات37: 23]،

معناه: فٱسلكوهم إِليها.


قال: * ع *: وهذه الهدايةُ بعينها هي التي تقال في طرق الدنيا، وهي ضدُّ الضلالِ، وهي الواقعة في قوله تعالَىٰ: { ٱهْدِنَا ٱلصِّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ }؛ على صحيح التأويلات، وذلك بيِّن من لفظ «الصِّرَاط» والصراط؛ في اللغة: الطريقُ الواضِحُ؛ ومن ذلك قول جَرِيرٍ: (الوافر)

أَمِيرُ المُؤْمِنيِنَ عَلَىٰ صِرَاطٍإِذَا ٱعْوَجَّ المَوَارِدُ مُسْتَقِيمِ


واختلف المفسِّرون في المعنى الذي استعير له «الصِّراط» في هذا الموضع: فقال علي بن أبي طالب رضي اللَّه عنه: الصراط المستقيم هنا القرآنُ، وقال جابرٌ: هو الإِسلام، يعني الحنيفيَّة.

وقال محمَّد بن الحنفيَّة: هو دينُ اللَّه الذي لا يَقْبَلُ مِن العِبَادِ غيره.

وقال أبو العالية: هو رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم وصاحباه أبو بَكْر وعمر، أي: الصراط المستقيم طريقُ محمد صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر، وهذا قويٌّ في المعنى، إلاَّ أنَّ تسمية أشخاصهم طريقاً فيه تجوُّز، ويجتمع من هذه الأقوال كلِّها أنَّ الدعوة هي أنْ يكون الداعي على سنن المنعم عليهم من النبيِّين والصِّدِّيقين والشهداء والصالحين في معتقداته، وفي التزامه لأحكام شرعه، وذلك هو مقتضى القرآن والإسلام؛ وهو حالُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وصاحبيه.

وهذا الدعاء إِنما أمر به المؤمنون، وعندهم المعتقدات، وعند كل واحد بعض الأعمال، فمعنى قوله: { ٱهْدِنَا } فيما هو حاصل عندهم: التثبيتُ والدوام، وفيما ليس بحاصل، إِما من جهة الجهل به، أو التقصير في المحافظة عليه: طلب الإِرشاد إِليه، فكلُّ داع به إنما يريد الصراط بكماله في أقواله، وأفعاله، ومعتقداته؛ واختلف في المشار إِليهم بأنه سبحانه أنعم عليهم، وقول ابن عبَّاس، وجمهور من المفسِّرين: أنه أراد صراط النبيِّين والصدِّيقين والشهداء والصالِحِين، وانتزعوا ذلك من قوله تعالَىٰ:
-1-

وقوله تعالَىٰ: { غَيْرِ ٱلْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ ٱلضَّالِّينَ } ، اعلم أنَّ حكم كل مضافٍ إلى معرفة أنْ يكون معرفة، وإنما تنكَّرت «غَيْرٌ» و «مِثْلٌ» مع إضافتهما إلى المعارف من أجل معناهما، وذلك إِذا قلْتَ: رأيتُ غَيْرَكَ، فكلُّ شيء سوى المخاطَبِ، فهو غيره؛ وكذلك إِنْ قُلْتَ: رأيْتُ مثْلَكَ، فما هو مثله لا يحصى؛ لكثرة وجوه المماثلة.


و { ٱلْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ }: اليهودُ، والضالُّون: النصَارَىٰ؛ قاله ابن مسعود، وابن عَبَّاس، مجاهد، والسُّدِّيُّ، وابن زيد.

وروَىٰ ذلك عديُّ بن حاتم عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وذلك بيِّن من كتاب اللَّه؛ لأنَّ ذِكْرَ غضَبِ اللَّه على اليهود متكرِّر فيه؛ كقوله:

{ وَبَاءُو بِغَضَبٍ مِّنَ ٱللَّهِ } [آل عمران3: 112]
{ قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِّنْ ذٰلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ ٱللَّهِ... } الآية [المائدة5: 60]


وغضب اللَّه تعالى، عبارة عن إظهاره عليهم محناً وعقوباتٍ وذِلَّةً، ونحو ذلك ممَّا يدلُّ على أنه قد أبعدهم عن رحمته بُعْداً مؤكَّداً مبالغاً فيه، والنصارَىٰ كان محقِّقوهم على شِرْعَةٍ قبل ورود شرعِ محمَّد صلى الله عليه وسلم، فلما ورد، ضلُّوا، وأما غير متحقِّقيهم، فضلالتهم متقرِّرة منذ تفرَّقت أقوالهم في عيسى عليه السلام، وقد قال اللَّه تعالَىٰ فيهم:

{ وَلاَ تَتَّبِعُواْ أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيراً وَضَلُّواْ عَنْ سَوَاءِ ٱلسَّبِيلِ } [المائدة5: 77].


وأجمع الناسُ على أنَّ عدد آي سورة الحمد سبْعُ آيات؛ العالمين آية، الرحيم آية، الدين آية، نستعين آية، المستقيم آية، أنعمت عليهم آية، ولا الضالين آية، وقد ذكرنا عند تفسير { بِسْمِ اللَّهِ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ }؛ أن ما ورد من خلاف في ذلك ضعيفٌ.

(القَوْلُ فِي «آمِينَ»)

رَوَىٰ أبو هريرة وغيره عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إِذَا قَالَ الإِمَامُ: { وَلاَ ٱلضَّالِّينَ }؛ فَقُولُوا «آمِينَ»، فَإنَّ المَلاَئِكَةَ فِي السَّماءِ تَقُولُ: «آميِنَ»، فَمَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ المَلاَئِكَةِ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ". * ت *: وخرج مسلم وأبو داود والنسائيُّ من طريق أبي موسَىٰ رضي اللَّه عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: " إِذَا صَلَّيْتُمْ فَأَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ، ثُمَّ ليُؤمَّكُمْ أَحَدُكُمْ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا قَالَ: { غَيْرِ ٱلْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ ٱلضَّالِّينَ } فَقُولُوا: «آمِينَ»، يُجِبْكُمُ اللَّهُ " الحديثَ. انتهى.

ومعنى «آمِينَ»؛ عند أكثر أهل العلم: اللَّهُمَّ، ٱسْتَجِبْ، أو أجبْ يَا رَبِّ.

ومقتضى الآثار أنَّ كل داع ينبغي له في آخر دعائه أنْ يقول: «آمِينَ»، وكذلك كل قارىء للحمدِ في غير صلاة، وأما في الصلاة، فيقولها المأموم والفَذُّ، وفي الإمام في الجهر اختلاف.
-2-

واختلف في معنى قوله صلى الله عليه وسلم: " فَمَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ المَلاَئِكَةِ " ، فقيل: في الإجابة، وقيل: في خلوص النية، وقيل: في الوقت، والذي يترجَّح أنَّ المعنى: فمن وافق في الوقْتِ مع خلوصِ النيةِ والإِقبالِ على الرغبة إِلى اللَّه بقلْبٍ سليمٍ فالإِجابة تتبع حينئذ؛ لأِنَّ من هذه حاله، فهو على الصراط المستقيم.

وفي «صحيح مُسْلِمٍ» وغيره عن أبي هريرة قال: سَمِعْتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ؛ " قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: قَسَمْتُ الصَّلاَةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ، فَنِصْفُهَا لِي، وَنِصْفُهَا لِعَبْدِي، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، فَإِذَا قَالَ العَبْدُ: الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ، قَالَ اللَّهُ؛ حَمِدَنِي عَبْدِي، فَإِذَا قَالَ: الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، قَالَ اللَّهُ: أَثْنَىٰ عَلَيَّ عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ: مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ، قَالَ: مَجَّدَنِي عَبْدِي، فَإذَا قَالَ: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ، قَالَ: هَذَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، فَإِذَا قَالَ: ٱهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ، قَالَ: هَذَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ " انتهى، وعند مالك: «فَهَؤُلاَءِ لِعَبْدِي».

وأسند أبو بكر بن الخَطِيبِ عن نافعٍ عن ٱبْنِ عُمَرَ قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ كَانَ لَهُ إِمَامٌ، فَقِرَاءَةُ الإِمَامِ لَهُ قِرَاءَةٌ " انتهى من «تَارِيخِ بَغْدَاد» ولم يذكر في سنده مَطْعَناً.

وقال ابن العربيِّ في «أحكامه»: والصحيحُ عندي وجوبُ قراءتها على المأمومِ فيما أسر فيه، وتحريمها فيما جهر فيه، إذا سمع الإِمام لِمَا عليه من وجوب الإِنصاتِ والاِستماعِ، فإِنْ بَعُدَ عن الإِمام، فهو بمنزلة صلاة السرِّ. انتهى.

نجز تفسير سورة الحَمْدِ، والحَمْدُ للَّه بجميع محامده كلِّها؛ ما علمْتُ منها، وما لم أَعْلَمْ.
-3-
__________________
اللهم علمنا ما ينفعنا - وإنفعنا بما علمتنا
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه - وأرنا الباطل باطلا وأرزقنا إجتنابه
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
اللهم إجعل عملنا خالصا لوجهك الكريم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبة وسلم
رد مع اقتباس
 
 
  #13  
قديم 12-26-2010
الصورة الرمزية admin
admin admin غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 14,425
افتراضي تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق 1-3

تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق 1-3


{ ٱهْدِنَا ٱلصِّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ }


اهْدِ: صِيغَةُ أمْرٍ، ومعناها: الدعاءُ، فقِيلَ معناه: أَرْشِدْنَا.

وقال عَليٌّ: وأُبَيّ بن كَعْب - رضي الله عنهما - ثبتنَا؛ كما يُقالُ للقائِم: قم حتى أَعودَ إليك، أَيْ: دُمْ على ما أنت عليه، وهذا الدعاء من المؤمنين مع كونهم علَى الهدايَةِ بِمعنى التَّثْبِيتِ، وبمعنى طلبِ مزيد الهدَاية؛ لأنَّ الأَلْطافَ والهدايات من الله - تعالى - لا تتناهى على مذهب أَهْلِ السُّنة.

قال ابنُ الخَطِيب - رحمه الله تعالى -: المرَادُ من قوله تعالى: { ٱهْدِنَا ٱلصّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ } هو: أنْ يكونَ الإنسانُ مُعْرِضاً عما سوى الله - تعالى - مُقْبِلاً بكليةِ قلبه وفِكْرِه وذِكْرِه على الله تعالى.

مثالُه: أنْ يصيرَ بحيثُ لو أُمِرَ بذبح ولده، لأطاعَ؛ كما فعل إِبْرَاهِيم عليه الصلاة والسلام، ولو أُمِر بأَنْ ينقادَ، لأن يذبحَهُ غيرُه، لأطاعَ؛ كما فعله إسْماعِيلُ عليه الصلاةُ والسَّلام، ولو أُمِرَ باَنْ يُلْقي نفسَهُ في البحر، لأطاعَ؛ كما فعله يُونُسُ عليه الصلاة والسلام، ولو أُمِرَ بأن يتلمذَ لمن هو أعلم منه بعد بلوغه في المَنْصب إلى أعلى الغايات، لأطاع؛ كما فعله موسى - عليه الصَّلاة والسلام - مع الخَضِر [عليه الصَّلاةُ والسلامُ]، ولو أُمِرَ بأنْ يصبرَ في الأمرِ بالمَعْرُوف، والنهي عن المنكر على القتل، والتفرِيقِ بنصفين، لأطاع؛ كما فعله يَحْيَى بنُ زَكَرِيَّا - عليهما الصَّلاة والسلام - فالمراد بقوله تعالى { ٱهْدِنَا ٱلصّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ } ، هو الاقتداءُ بأنبياء اللهِ في الصَّبر على الشدائدِ، والثبات عند نزُولِ البلاءِ، ولا شَكّ أن هذا مقامٌ شَدِيدٌ؛ لأن أكثر الخَلْقِ لا طاقة لهم به.

واعلم أن صيغةَ " افْعَلْ " تَرِدُ لمعانٍ كثيرةٍ ذكرِها الأُصُوليُّونَ.

وقال بعضُهم: إن وردت صيغةُ " افعل " من الأَعلى للأدنى، قيل فيها: أَمرٌ، وبالعكس دُعاء، ومن المُساوي التماسٌ، وفاعله مستتر وُجُوباً، لِمَا مَرَّ، أي: اهْدِ أنت، و " نا " مفعولٌ أَوَّلٌ، وهو ضميرٌ متصل يكون للمتكلم مع غيره، أو المعظّم نفسه، ويستعملُ في موضع: الرّفع، والنصب، والجر، بلفظ واحد؛ نحو: " قُمْنَا " ، و " ضَرَبَنَا زَيْدٌ " ، و " مَرَّ بِنَا " ، ولا يشاركه في هذه الخصوصية غيرُه من الضَّمائر.

وقد زعم بعضُ النَّاس أن الياء كذلك؛ تقولُ: " أكرمني " ، و " مرّ بي " ، و " أنت تقومين يا هند " ، و " الياء " في المثال الأوّل منصوبةُ المحلِّ، وفي الثاني مجرورته، وفي الثالث مرفوعتهُ، وهذا ليس بشيءٍ؛ لأن الياءَ في حالةِ الرفع، ليستْ تلك الياء التي في حالة النَّصْب والجر؛ لأن الأُولَى للمتكلم، وهذه للمخاطبة المؤنثة.

وقيل: بل يشاركُه لفظُ هُم؛ تقول: " هم نائمون " و " ضربتهم " و " مررت بهم " ، فـ " هم " مرفوعُ المحلِّ، ومنصوبُه، ومجروره بلفظ واحد، وهو للغائبين في كل حالٍ، وهذا وإِنْ كان أقربَ مِنَ الأولِ، إلاّ أَنَّهُ في حالة الرفع ضميرٌ منفصل، وفي حالة النصب والجر ضميرٌ متّصلٌ.
-1-

فافترقا، بخلاف " نَا " فإنَّ معناها لا يختلِفُ، وهي ضمير متصل في الأحوال الثلاثة.

و " الصِّراطَ " مفعولٌ ثانٍ، و " المستقيم " صِفَتُه، وقد تبعه في الأربعةِ من العشرة المذكورة.

وأصلُ " هَدَى " أن يتعدّى إِلَى الأولِ بنفسه وإلى الثاني بحرفِ الجَرِّ، وهو إما: " إلى " أو " اللام "؛ كقوله تعالى:

{ وَإِنَّكَ لَتَهْدِيۤ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } [الشورى42: 52]،
{ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ } [الإسراء17: 9]

ثمّ يُتَّسَعُ فيه، فيُحْذَف الجَرُّ، فيتعدى بنفسه، فأصل " اهْدِنَا الصَّرَاطَ ": إهدنا للصِّراط أو إلى الصّراط، ثم حذف.


والأمرُ عند البصريين مَبْنِيٌّ وعند الكوفين مُعْرَبٌ، ويَدَّعُونَ في نحو: " اضْرِبْ " ، أنّ أصله: " لِتَضْرِبْ " بلامِ الأَمْرِ، ثم حذف الجازم، وتبعه حرفُ المُضَارعة، وأتي بهمزة الوصل؛ لأجل الابتداء بالسَّاكن، وهذا مما لا حاجة إليه، وللرد عليهم موضعٌ يليق به.

ووزْنُ " اهْدِ " " افْع "؛ حُذِفَتْ لاَمُه، وهي الياء حملاً [للأمر على المجزوم، والمجزوم تُحْذَفُ] منه لامه إذا كانت حرف علّة.

ومعنى الهِدَاية: الإرشادُ أو الدلاَلةُ، أو التقدّم. ومنه هواد الخيل لتقدمها. قال امرؤُ القَيْسِ: [الطويل]

70 - فَأَلْحَقَنا بالهَادِيَاتِ وَدُونَهُجَوَاحِرُهَا في صَرَّةٍ لَمْ تَزَيَّلِ


أي: المتقدّمات الهَادية لغيرها.

أو التَّبْيينُ؛ نحو:

{ وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ } [فصلت41: 17]

أي: بيّنّا لهم؛ ونحو:

{ أَعْطَىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ } [طه20: 50]،

أَيْ: أَلْهَمَهُ لمصالحه.


أو الدعاءُ؛ كقوله تعالى

{ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ } [الرعد13: 7]،

أيْ دَاعٍ.


وقيل: هو المَيْلُ؛ ومنه قوله تعالى:

{ إِنَّا هُدْنَـآ إِلَيْكَ } [الأعراف7: 156]

والمعنى: بقلوبِنا إِلَّيْكَ، وهذا غلط؛ فإن تَيْك مادةٌ أُخْرَى من " هَادَ - يَهُودُ ".


وقال الرَّاغِبُ: الهِدَايَةُ: دَلاَلَةٌ بِلُطْفٍ، ومنه الْهَدِيَّةُ، وخصّ ما كان دلالةً بـ " هديت " وما كان إعْطَاءً بـ " أهديت ".

و " الصِّرَاط ": الطَّريقُ المستسهلُ، وبعضُهم لا يقيده بالمستسهلِ؛ قال [الرجز]

71 - فَضَلَّ عَنْ نَهْجِِ الطَّرِيقِ الْوَاضِحِ


ومثله: [الوافر]

72 - أَمِيرُ الْمُؤْمِنينَ عَلَى صِرَاطٍإِذَا اعْوَجَّ الْمَوَارِدُ مُسْتَقِيمِ


وقال آخَرُ: [الوافر]

73 - شَحَنَّا أَرْضَهُمْ بِالْخَيْلِ حَتَّىتَرَكْنَاهُم أَذَلَّ مِنَ الصِّرَاطِ


أَي: الطَّريقِ.

وهو مُشْتَقٌّ من " السَّرْطِ " وهو: الابتِلاَع؛ إِمَّا لأنَّ سالكَهُ يَسْتَرِطُه، أَوْ لأنه يَسْتَرِطُ سَالِكَه؛ ألا ترى إلى قولهم: قَتَلَ أَرْضاً عَالِمُهَا، وقَتَلَتْ أَرْضٌ جَاهِلَهَا؛ وبهذَيْن الاعتباريْن قال أبو تمام: [الطويل]

74 - رَعَتْهُ الْفَيَافِي بَعْدَ مَا كَانَ حِقْبَةًرَعَاهَا وَمَاءُ المُزْنِ يَنْهَلُّ سَاكِبُهْ


وعلى هذا سُمِّيَ الطريقُ لَقَماً ومُلْتَقِماً؛ لأنه يلتقِمُ سالِكَه، أو يلتقمُهُ سالِكُه.

وأصله: السّين: وقد قرأ به قُنْبُل رحمه الله تعالى حيث ورد، وإنما أُبْدِلَتْ صَاداً؛ لأجلِ حرفِ الاسْتِعْلاَءِ وإبدالها صاداً مُطَّرد عنده؛ نحو: " صَقَر " في " سَقَر " ، و " صَلَخ " في " سَلَخ " ، و " أَصْبغ " في " أَسْبغ " ، و " مُصَيْطر " في " مُسَيْطر " لما بينهما من التَّقارب.
-2-

وقد تُشَمُّ الصادُ في " الصِّرَاطِ " ونحوه زَاياً، وقرأ به خَلَفٌ، وحَمْزَةُ حيث ورد، وخَلاَّد: الأوَّلَ فقط، وقد تُقْرأُ زاياً مَحْضَة، ولم تُرْسَمْ في المصحَفِ إلا بالصَّاد، مع اختلافٍ في قراءتِهم فيها كما تقدم.

و " الصِّراطَ " يُذَكَّرُ ويُوَنَّثُ: فالتذكيرُ لُغَة تَمِيم، والتَّأْنِيثُ لغةُ " الحِجَازِ " ، فإِنِ اسْتُعْمِلَ مُذكَّراً، جمع على " أَفْعِلَة " في القلّةِ، وعلى " فُعُل " في الكَثْرَةِ، نحو: " حِمَارِ " ، و " أَحْمِرَة " و " حُمُر " ، وإِنِ اسْتُعْمِل مُؤَنثاً، فقياسه أن يجمعَ على " أَفْعُل ": نحو: " ذِرَاع " و " أذْرُع ".

و " المُسْتَقِيمَ " اسمُ فَاعِلِ من استقامَ، بمعنى المُجَرّد، ومعناه: السَّوِيّ مِنْ غَيْرِ اعْوِجَاج، وأَصْلُه: " مُسْتَقْوم " ثُم أُعِلّ كإعلالِ " نَسْتَعِيْن " وسيأتي الكلامُ [مُسْتَوْفًى] على مادتِه إن شاء الله - تعالى - عند قوله تعالى


و " الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ " قال ابْنُ عَبَّاسٍ، وجَابِرٌ - رضي الله عنهما -: هو الإسْلاَم، وهو قولُ مُقَاتِلٍ، وقال ابن مَسْعودٍ رضي الله تعالى عنهما: هو القرآن الكريم، وروي عن علي - رضي الله تعالى عنه - مرفوعاً: الصِّرَاطُ المُسْتَقِيمُ: كتَابُ اللهِ تَعَالَى.

وقال سَعِيدُ بنُ جُبَيْرٍ رضي الله عنه " طَريقُ الجَنَّة ".

وقال سَهْلُ بن عَبْدِ الله رحمه الله تعالى: هو طريقُ السُّنَّةِ والجَمَاعة. وقال بَكْرُ بنُ عبد الله المُزْنِيّ: هو طريقُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم.

وقال أَبُو العَالِيَةِ، والحَسَنُ: رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وصَاحِبَاه.

قال ابنُ الخَطِيب: الحِكْمَةُ في قوله: " اهْدِنَا " ولم يَقُلْ " اهدني "؛ إما: لأن الدعاءَ مهما كان أعم، كان إلى الإجابة أَقْربَ.

وإِمَّا لقول النبي عليه الصلاة والسلام " " ادْعُوا الله تعالى بِأَلْسِنَةٍ مَا عَصَيْتُمُوه بها " قالُوا: يَا رَسُولِ الله، فمنْ لنا بتلك الأَلْسِنَةِ؟ قال: " يَدْعُو بَعْضَكُمْ لبعضٍ؛ لأنك ما عصيت بِلِسَانه، وَهُوَ ما عَصَى بِلِسَانِكَ " ".

الثالث: كأنّ العبدَ يقولُ: سمعتُ رَسُولَك يقولُ: " الجَمَاعَةُ رَحْمَةٌ " ، فلما أَرَدْتُ حمدك، قلتُ: الحَمْدُ لله، ولما ذكرت العبادة، ذكرتُ عبادةَ الجَمِيع، ولما ذكرتُ الاستعانةَ، ذكرتُ استعَانَة الجَمِيع، فلا جرم لَمَّا طلبتُ الهدايةَ، طلبتُها للجميع، ولما طلبتُ الاقتداءَ بالصالحين، طلبتُ اقتداءَ الجميع؛ فقلتُ:

{ صِرَاطَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ } [الفاتحة1: 7]،

ولما طلبتُ الفِرَارَ من المردودين، ففررت من الكل؛ فقلت:

{ غَيْرَ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّآلِّيْنَ } [الفاتحة1: 7]،

فلما لَمْ أُفارقِ الأنبياءَ والصالحين في الدنيا، فأرجو ألا أفارِقََهم في الآخرة؛ كما قال تعالى:

{ فَأُوْلَـٰئِكَ مَعَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِم } [النساء4: 69] الآية الكريمةَ.

-3-
__________________
اللهم علمنا ما ينفعنا - وإنفعنا بما علمتنا
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه - وأرنا الباطل باطلا وأرزقنا إجتنابه
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
اللهم إجعل عملنا خالصا لوجهك الكريم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبة وسلم
رد مع اقتباس
 
 
  #14  
قديم 12-26-2010
الصورة الرمزية admin
admin admin غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 14,425
افتراضي تفسير الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ) مصنف و مدقق 1-4

تفسير الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ) مصنف و مدقق 1-4



أخرج وكيع وأبو عبيد وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي داود وابن الأنباري كلاهما في المصاحف من طرق عن عمر بن الخطاب. أنه كان يقرأ { صراط من أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم وغير الضالين }.

وأخرج أبو عبيد وعبد بن حميد وابن أبي داود وابن الأنباري عن عبد الله بن الزبير قرأ { صراط من أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم وغير الضالين } في الصلاة.

وأخرج ابن الأنباري عن الحسن أنه كان يقرأ { عليهمي } بكسر الهاء والميم، واثبات الياء.

وأخرج ابن الأنباري عن الأعرج أنه كان يقرأ { عليهمو } بضم الهاء والميم، وإلحاق الواو.

وأخرج ابن الأنباري عن عبد الله بن كثير أنه كان يقرأ { أنعمت عليهمو } بكسر الهاء وضم الميم مع إلحاق الواو.

وأخرج ابن الأنباري عن ابن إسحق أنه قرأ { عليهم } بضم الهاء والميم من غير إلحاق واو.

وأخرج ابن أبي داود عن ابراهيم قال: كان عكرمة والأسود يقرآنها { صراط من أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم وغير الضالين }.

وأخرج الثعلبي عن أبي هريرة قال { أنعمت عليهم } الآية السادسة.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله { صراط الذين أنعمت عليهم } يقول: طريق من أنعمت عليهم من الملائكة، والنبيين، والصديقين، والشهداء، والصالحين الذين أطاعوك وعبدوك.

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله { صراط الذين أنعمت عليهم } قال: المؤمنين.

وأخرج ابن جرير عن أبي زيد في قوله { صراط الذين } قال: النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه.

وأخرج عبد بن حميد عن الربيع بن أنس في قوله { صرط الذين أنعمت عليهم } قال: النبيون { غير المغضوب عليهم } قال: اليهود { ولا الضالين } قال: النصارى.

وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد { غير المغضوب عليهم } قال: اليهود { ولا الضالين } قال: النصارى.

وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير { غير المغضوب عليهم ولا الضالين } قال:اليهود والنصارى.

وأخرج عبد الرزاق وأحمد في مسنده وعبد بن حميد وابن جرير والبغوي في معجم الصحابة وابن المنذر وأبو الشيخ عن عبد الله بن شقيق قال " أخبرني من سمع النبي صلى الله عليه وسلم وهو بوادي القرى على فرس له، وسأله رجل من بني العين فقال: من المغضوب عليهم يا رسول الله؟ قال: اليهود قال: فمن الضالون؟ قال: النصارى ".

وأخرج وكيع وعبد بن حميد وابن جرير عن عبد الله بن شقيق العقيلي قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحاصر أهل وادي القرى فقال له رجل: من هؤلاء؟ قال: هؤلاء { المغضوب عليهم } يعني اليهود قال: يا رسول الله فمن هؤلاء الطائفة الأخرى؟ قال: هؤلاء { الضالون } يعني النصارى ".
-1-

وأخرج ابن مردويه من طريق عبد الله بن شقيق عن أبي ذر قال " سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن { المغضوب عليهم } قال: اليهود. قلت { الضالين } قال: النصارى ".

وأخرج البيهقي في الشعب من طريق عبد الله بن شقيق عن رجل من بلعين عن ابن عم له أنه قال " أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بوادي القرى فقلت: من هؤلاء عندك؟ قال: { المغضوب عليهم } اليهود { ولا الضالين } النصارى ".

وأخرج سفيان بن عيينة في تفسيره وسعيد بن منصور عن اسماعيل بن أبي خالد " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { المغضوب عليهم } اليهود { والضالون } هم النصارى ".

وأخرج أحمد وعبد بن حميد والترمذي وحسنه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان في صحيحه عن عدي بن حاتم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن { المغضوب عليهم } اليهود وإن { الضالين } النصارى ".

وأخرج أحمد وأبو داود وابن حبان والحاكم وصححه والطبراني عن الشريد قال " مَرَّ بِي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا جالس هكذا، وقد وضعت يدي اليسرى خلف ظهري، واتكأت على الية يدي قال: أتقعد قعدة المغضوب عليهم؟ ".

وأخرج ابن جريج عن ابن مسعود قال { المغضوب عليهم } اليهود و { الضالين } النصارى.

وأخرج ابن جريرج عن مجاهد. مثله.

قال ابن أبي حاتم: لا أعلم خلافاً بين المفسرين في تفسير { المغضوب عليهم } باليهود { والضالين } بالنصارى.

ذكر آمين

أخرج وكيع وابن أبي شيبة عن أبي ميسرة قال: لما أقرأ جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتحة الكتاب فبلغ { ولا الضالين } قال: " قل آمين فقال: آمين ".

وأخرج وكيع وابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي وابن ماجه والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن وائل بن حجر الحضرمي قال " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ { غير المغضوب عليهم ولا الضالين } فقال (آمين) يمد بها صوته ".

وأخرج الطبراني والبيهقي عن وائل بن حجر " أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال { غير المغضوب عليهم ولا الضالين } قال: رب اغفر لي (آمين) ".

وأخرج الطبراني عن وائل وابن حجر قال " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل في الصلاة، فلما فرغ من فاتحة الكتاب قال (آمين) ثلاث مرات ".

وأخرج ابن ماجه عن عليّ " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال { ولا الضالين } قال (آمين) ".

وأخرج مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه وابن أبي شيبة عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا قرأ ـ يعني الإمام ـ { غير المغضوب عليهم ولا الضالين } فقولوا (آمين) يجبكم الله ".
-2-

وأخرج مالك والشافعي وابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والبيهقي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا أمن الإِمام فأمنوا، فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة، غفر له ما تقدم من ذنبه ".

وأخرج أبو يعلى في مسنده وابن مردويه بسند جيد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا قال الإمام { غير المغضوب عليهم ولا الضالين } قال الذين خلفه (آمين) التقت من أهل السماء وأهل الآرض، ومن لم يقل (آمين) كمثل رجل غزا مع قوم فاقترعوا سهامهم ولم يخرج سهمه فقال: ما لسهمي لم يخرج؟ قال: إنك لم تقل (آمين) ".

وأخرج أبو داود بسند حسن عن أبي زهير النميري وكان من الصحابة أنه كان إذا دعا الرجل بدعاء قال: اختمه (بآمين) فإن آمين مثل الطابع على الصحيفة، وقال " أخبركم عن ذلك؟ خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فأتينا على رجل قد ألح في المسألة، فوقف النبي صلى الله عليه وسلم يسمع منه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أوجب أن ختم. فقال رجل من القوم: بأي شيء يختم؟ قال بـ (آمين) فإنه إن ختم بآمين فقد أوجب ".

وأخرج أحمد وابن ماجه والبيهقي في سننه عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على التأمين ".

وأخرج ابن ماجه بسند ضعيف عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على آمين، فأكثروا من قول (آمين) ".

وأخرج ابن عدي في الكامل عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن اليهود قوم حسد، حسدوكم على ثلاثة أشياء، إفشاء السلام، واقامة الصف، وآمين ".

واخرج الطبراني في الأوسط عن معاذ بن جبل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن اليهود قوم حسد، ولم يحسدوا المسلمين على أفضل من ثلاث: رد السلام، وإقامة الصفوف، وقولهم خلف إمامهم في المكتوبة (آمين) ".

وأخرج الحرث بن أسامة في مسنده والحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن مردويه عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أعطيت ثلاث خصال: أعطيت صلاة في الصفوف، وأعطيت السلام وهو تحية أهل الجنة، وأعطيت (آمين) ولم يعطها أحد ممن كان قبلكم إلا أن يكون الله أعطاها هرون، فإن موسى كان يدعو وهرون يؤمن. ولفظ الحكيم: إن الله أعطى أمتي ثلاثاً لم يعطها أحد قبلهم: السلام وهو تحية أهل الجنة، وصفوف الملائكة، (وآمين) إلا ما كان من موسى وهرون ".
-3-

وأخرج الطبراني في الدعاء وابن عدي وابن مردويه بسند ضعيف عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " آمين خاتم رب العالمين على لسان عباده المؤمنين ".

وأخرج جويبر في تفسيره عن الضحاك عن ابن عباس قال " قلت يا رسول الله ما معنى آمين؟ قال: رب أفعل ".

وأخرج الثعلبي من طريق الكلبي عن ابن صالح عن ابن عباس. مثله.

وأخرج وكيع وابن أبي شيبة في المصنف عن هلال بن يساف ومجاهد قالا (آمين) اسم من أسماء الله.

وأخرج ابن أبي شيبة عن حكيم بن جبير. مثله.

واخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم النخعي قال: كان يستحب إذا قال الإِمام { غير المغضوب عليهم ولا الضالين } أن يقال: اللهم اغفر لي (آمين).

وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد قال: إذا قال الإِمام { غير المغضوب عليهم ولا الضالين } فقل: اللهم إني أسألك الجنة وأعوذ بك من النار.

وأخرج ابن أبي شيبة عن الربيع بن خيثم قال: إذا قال الإمام { غير المغضوب عليهم ولا الضالين } فاستعن من الدعاء ما شئت.

واخرج ابن شاهين في السنة عن إسماعيل بن مسلم قال: في حرف أبي بن كعب { غير المغضوب عليهم وغير الضالين آمين بسم الله } قال إسماعيل: وكان الحسن إذا سئل عن (آمين) ما تفسيرها؟ قال: هو اللهم استجب.

وأخرج الديلمي عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من قرأ { بسم الله الرحمن الرحيم } ثم قرأ فاتحة الكتاب، ثم قال آمين، لم يبق في السماء ملك مقرب إلا استغفر له ".
-4-

__________________
اللهم علمنا ما ينفعنا - وإنفعنا بما علمتنا
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه - وأرنا الباطل باطلا وأرزقنا إجتنابه
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
اللهم إجعل عملنا خالصا لوجهك الكريم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبة وسلم
رد مع اقتباس
 
 
  #15  
قديم 12-26-2010
الصورة الرمزية admin
admin admin غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 14,425
افتراضي تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق 1-2

تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق 1-2


{ ٱهْدِنَا ٱلصِّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ }


{ ٱهْدِنَا } ، قال علي بن أبي طالب (كرّم الله وجهه) وأبيّ بن كعب: أرشدتنا فهذا كما يقال للرجل الذي يأكل: كل، والذي يقرأ: إقرأ، وللقائم: قم لي حتّى أعود لك أي دُم على ما أنت عليه. وقال السدّي ومقاتل: أرشدنا، يقال: هديته للدّين وهديته الى الدين هدىً وهدايةً، قال الحسن بن الفضل: الهدى في القرآن على وجهين:

الوجه الأول: هدى دعاء وبيان كقوله:


الوجه الثاني: هدى توفيق وتسديد كقوله:


و { ٱلصِّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ } الطريق الواضح المستوي، قال عامر بن الطفيل:

خشونا أرضهم بالخيل حتّىتركناهم أذل من الصراط


وقال جرير:

أمير المؤمنين على صراطإذا اعوجّ الموارد مستقيم


الإختلاف في قراءة الصراط

وفى الصراط خمس قراءات: بالسين وهو الأصل، سمّي الطريق سِراطاً لأنّه يسترط المارّة. أخبرنا عبد الله بن حامد، أخبرنا محمد بن حمدويه، حدّثنا محمود بن آدم، حدّثنا سفيان عن عمر عن ثابت قال: سمعت ابن عباس قرأ السِراط بالسين، وبه قرأ ابن كثير [من] طريق.... ويعقوب [من] طريق.....

وبإشمام السين وهي رواية أبي حمدون عن الكسائي، وبالزاي وهي رواية أبي حمدون عن سليم عن حمزة.

وبإشمام الزاي وهي قراءة حمزة في أكثر الروايات والكسائي في رواية نهشل والشيرازي.

وبالصاد قراءة الباقين من القرّاء.

وكلّها لغات فصيحة صحيحة إلاّ إن الاختيار الصاد؛ لموافقة المصحف لأنها كتبت في جميع المصاحف بالصاد. ولأن آخرتها بالطاء لأنهما موافقتان في الاطباق والاستعلاء.

واختلف المفسّرون في { ٱلصِّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ } فأخبرنا أبو محمد عبد الله بن حامد، وأبو القاسم الحسن بن محمد النيسابوري قالا: أخبرنا أبو محمد أحمد بن عبد الله المزني، حدّثنا محمد بن عبد الله بن سليمان، حدّثنا الحسين بن علي عن حمزة الزيّات عن أبي المختار الطائي عن [ابن] أبي أخ الحرث الأعسر عن الحرث عن علي قال: " سمعت النبي صلى الله عليه وسلم [يقول]: " الصراط المستقيم كتاب الله عزّ وجلّ ".

وأخبرنا عبد الله بن حامد، أخبرنا حامد بن محمد، حدّثنا محمد بن شاذان الجوهري، حدّثنا زكريا بن عديّ عن مقتضي عن منصور عن أبي وائل عن عبد الله قال: الصراط المستقيم كتاب الله عزّ وجلّ.

وأخبرنا عبد الله، أخبرنا عبد الرَّحْمن بن محمد، حدّثنا ليث، حدّثنا عقبة بن سليمان، حدّثنا الحسين بن صالح عن أبي عقيل عن جابر قال: الصراط المستقيم الإسلام، وهو أوسع مما بين السماء والأرض [وإنما كان] الصراط المستقيم الإسلام لأن كل دين وطريق [غير] الإسلام فليس بمستقيم.

وروى عاصم الأحول عن أبي العالية الرياحي: هو طريق النبي صلى الله عليه وسلم وصاحباه.
-1-

قال عاصم: فذكرت ذلك للحسن فقال: صدق أبو العالية ونصح.

وقال بكر بن عبد الله المزني: " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام، فسألته عن الصراط المستقيم، فقال: سنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي ".

وقال سعيد بن جبير: يعني طريق [الحق].

وقال السدّي: أرشدنا إلى دين يدخل صاحبه به الجنة ولا يعذب في النار أبداً، ويكون خروجه من قبره إلى الجنة.

وقال محمد بن الحنفية: هو دين [الله] الذي لا يقبل من عباده غيره.

أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله العايني، حدّثنا أبو الحسين محمد بن عثمان النصيبي ببغداد، حدّثنا أبو القاسم [....] ابن نهار، حدّثنا أبو حفص المستملي، حدّثنا أبي، حدّثنا حامد بن سهل، حدّثنا عبد الله بن محمد العجلي، حدّثنا إبراهيم بن جابر عن مسلم بن حيان عن أبي بريدة في قول الله تعالى: { ٱهْدِنَا ٱلصِّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ } قال: صراط محمد صلى الله عليه وسلم وآله (عليهم السلام).

وقال عبد العزيز بن يحيى: يعني طريق السواد الأعظم. [وقال] أبو بكر الورّاق: يعني صراطاً لا تزيغ به الأهواء يميناً وشمالا. وقال محمد بن علي النهدي: يعني طريق الخوف والرجاء. وقال أبو عثمان الداراني: [يعني] طريق العبودية.

وسمعت أبا القاسم الحسن بن محمد يقول: سمعت أبا نصر منصور بن عبد الله بهرات يقول: سمعت أبا الحسن عمر بن واصل العنبري يقول: سمعت [سهل] بن عبد الله التستري يقول: طريق السنّة والجماعة لأن البدعة لا تكون مستقيمة.

وأخبرنا أبو القاسم الحسن بن محمد بن الحسن المفسّر: حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب الأصم: حدّثنا أحمد بن عبد الجبار العطاردي: أخبرنا أبو بكر بن عيّاش عن عاصم عن زر عن أبي وائل عن عبد الله قال: " خطّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خطّين، خطّاً عن يمينه وخطّاً عن شماله ثم قال: " هذه السُبُل، وعلى كلّ سبيل منهما شيطان يدعو إليه، وهذا سبيل الله " ، ثم قرأ { وَأَنَّ هذا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ } ".

وأخبرنا عبد الله بن حامد، أخبرنا أحمد بن محمد بن يوسف، حدّثنا معمّر بن سفيان الصغير، حدّثنا يعقوب بن سفيان الكبير، حدّثنا أبو صالح عبد الله بن صالح، حدّثنا معاوية بن صالح أن عبد الرَّحْمن بن جبير بن نصر حدّثه عن أبيه جبير عن نواس بن معاذ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " " ضرب الله مثلا (صراطاً مستقيماً) وعلى جانبي الصراط ستور مرخاة فيها أبواب مفتّحة وعلى الأبواب ستور مرخاة، وعلى باب الصراط داع يقول: يا أيها الناس ادخلوا الصراط ولا تعوجوا، وداع يدعو من فوق الصراط، فإذا أراد فتح شيء من تلك الأبواب قال: ويلك لا تفتحه؛ فإنك إن تفتحه تلجه بالصراط: الإسلام. والستور حدود الله، والأبواب المفتحة محارم الله، وذلك الداعي على الصراط كتاب الله عزّ وجلّ، والداعي من فوق واعظ الله في قلب كل مسلم ".
-2-
__________________
اللهم علمنا ما ينفعنا - وإنفعنا بما علمتنا
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه - وأرنا الباطل باطلا وأرزقنا إجتنابه
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
اللهم إجعل عملنا خالصا لوجهك الكريم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبة وسلم
رد مع اقتباس
 
 
  #16  
قديم 12-26-2010
الصورة الرمزية admin
admin admin غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 14,425
افتراضي رتفسير حقائق التفسير/ السلمي (ت 412 هـ) مصنف و مدقق

تفسير حقائق التفسير/ السلمي (ت 412 هـ) مصنف و مدقق



{ ٱهْدِنَا ٱلصِّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ }


قيل معناه: مِلّ بقلوبنا إليك وأقم بهممنا بين يديك وكن دليلنا منك إليك؛ حتى لا ينقطع عما بك لك.

وقيل: اهدنا الصراط المستقيم أى: أرشدنا إلى طرق المعرفة؛ حتى نستقيم معك بخدمتك فهذا دعاء المريدين فى هذه الآية.

وقيل: اهدنا أى: أرنا طريق هدايتك كى نستقيم معك على توحيدك فهذا دعاء المؤمنين.

وقيل: اهدنا أى: أرنا طريق أنسك فنفرح ونطرب بقربك فهذا دعاء العارفين.

وقيل: اهدنا بك إليك، لنستعين ببدايتك عن وسائط المقامات والمجاهدات.

وقيل: اهدنا بفناء أوصافنا فبنا الطريق إلى أوصافك التى لم تزل ولا تزال.

وقيل: اهدنا بكشف الغفلة عنا طريق الوصول إلى رضاك.

وقيل: اهدنا هدى العيان بعد البيان؛ لنستقيم لك على حب إرادتك فينا.

وقيل: اهدنا هدى من أنت المتولى لهدايته طريق حقيقة معرفتك؛ لنستقيم لك بفناء أوصافنا فيك.

وقيل: اهدنا هدى من يكون منك مبداه؛ حتى يكون إليك منتهاه.

وقيل: اهدنا أى: اكشف عنا ظلمات أحوالنا لننظر فى خفى غيبك نظرة الاستقامة.

وقيل: اهدنا الصراط المستقيم بالغيبوبة عن الصراط ليلاً يكون من يوطأ بالصراط.

وقيل: اهدنا بك ولا تشغلنا بموارد الصراط والاستقامة عنك.

حُكى عن أبى عثمان فى قوله: اهدنا الصراط المستقيم أى: أرشدنا لاستعمال السنن فى أداء فرائضك.

حُكى عن فُضيل بن عياض فى قوله اهدنا الصراط المستقيم قال: طريق الحج صراط الذين أنعمت عليهم من الأنبياء والأولياء غير المغضوب عليهم ولا الضالين غير اليهود والنصارى، فإنك قطعت عليهم طريق الحج بقولك:


وقيل: اهدنا الصراط المستقيم لنستعين بهدايتك على الشيطان، فإنه قال:


وقيل: اهدنا الصراط المستقيم وهو الافتقار إليك، كما قيل لأبى حفص النيسابورى رحمه الله: فإذاً تقدم على ربك، قال: وما للفقير أن يقدم به على الغنى سوى فقره.

وقال سهل بن عبد الله: أرشدنا بمعونتك الطريق إليك.

قيل أليس قد هداه الصراط المستقيم حتى صلى وسأل فقال: إنما سأل الله زيادة هدى، كما قال الله تعالى:

{ وَٱلَّذِينَ ٱهْتَدَوْاْ زَادَهُمْ هُدًى } [محمد47: 17]

بسؤالهم اهدنا الصراط المستقيم.


وقال الجنيد: إن القوم إنما سألوا الهداية من الحيرة التي قدرت عليهم من أسماء صفات الأزلية، فسألوا الهداية إلى أوصاف العبودية ليلاً؛ ليستغرقوا في رؤية صفات الأزلية.


__________________
اللهم علمنا ما ينفعنا - وإنفعنا بما علمتنا
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه - وأرنا الباطل باطلا وأرزقنا إجتنابه
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
اللهم إجعل عملنا خالصا لوجهك الكريم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبة وسلم
رد مع اقتباس
 
 
  #17  
قديم 12-26-2010
الصورة الرمزية admin
admin admin غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 14,425
افتراضي تفسير لطائف الإشارات / القشيري (ت 465 هـ) مصنف و مدقق

تفسير لطائف الإشارات / القشيري (ت 465 هـ) مصنف و مدقق



{ ٱهْدِنَا ٱلصِّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ }


الهداية الإرشاد، وأصلها الإمالة، والمهديُّ من عرف الحق سبحانه، وآثر رضاه، وآمن به. والأمر في هذه الآية مضمر؛ فمعناه اهدنا بنا - والمؤمنون على الهداية في الحال - فمعنى السؤال الاستدامة والاستزادة. والصراط المستقيم الطريق الحق وهو ما عليه أهل التوحيد. ومعنى اهدنا أي مِلْ بنا إليك، وخُذْنا لك، وكن علينا دليلنا، ويَسِّرْ إليك سبيلنا، وأقم لنا هممنا، واجمع بك همومنا.

فصل: اقطعْ أسرارنا عن شهود الأغيار، ولوِّح في قلوبنا طوالع الأنوار، وأفْرِدْ قصودنا إليك عن دَنَس الآثار، ورقِّنا عن منازل الطلب والاستدلال إلى جَمْع ساحات القُرب والوصال.

فصل: حُلْ بيننا وبين مساكنة الأمثال والأشكال، بما تلاطفنا به من وجود الوصال، وتكاشفنا به من شهود الجلال والجمال.

فصل: أرْشِدْنَا إلى الحق لئلا نتكل على وسائط المعاملات، ويقع على وجه التوحيد غبار الظنون وحسبان الإعلال.

اهدنا الصراط المستقيم أي أزِلْ عنَّا ظلمَاتِ أحوالنا لنستضيء بأنوار قُدْسِك عن التفيؤ بظلال طلبنا، وارفع عنا ظل جهدنا لنستبصر بنجوم جودك، فنجدك بك.

فصل: اهدنا الصراط المستقيم حتى لا يصحبنا قرين من نزغات الشيطان ووساوسه، ورفيق من خطرات النفوس وهواجسها، أو يصدنا عن الوصول تعريج في أوطان التقليد، أو يحول بيننا وبين الاستبصار ركون لي معتاد من التلقين، وتستهوينا آفة من نشو أو هوادة، وظن أو عادة، وكلل أو ضعف إرادة، وطمع مالٍ أو استزادة.

فصل: الصراط المستقيم ما عليه من الكتاب والسنة دليل، وليس للبدعة عليه سلطان ولا إليه سبيل. الصراط المستقيم ما شهدت بصحته دلائل التوحيد، ونبهت عليه شواهد التحقيق، الصراط المستقيم ما دَرَجَ عليه سَلَفُ الأمة، ونطقت بصوابه دلائل العبرة. الصراط المستقيم ما باين الحظوظَ سالكُه، وفارق الحقوقَ قاصدُه. الصراط المستقيم ما يُفْضِي بسالكه إلى ساحة التوحيد، ويُشْهِدُ صاحبَه أثرَ العناية والجود، لئلا يظنَّه موجَبٌ (ببدل) المجهود.
__________________
اللهم علمنا ما ينفعنا - وإنفعنا بما علمتنا
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه - وأرنا الباطل باطلا وأرزقنا إجتنابه
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
اللهم إجعل عملنا خالصا لوجهك الكريم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبة وسلم
رد مع اقتباس
 
 
  #18  
قديم 12-26-2010
الصورة الرمزية admin
admin admin غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 14,425
افتراضي تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 404 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى

تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 404 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى



{ ٱهْدِنَا ٱلصِّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ }


قوله تعالى: { ٱهْدِنَا ٱلصّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ } اي اهْدِنا مرادك منّا لان الطريق المستقيمَ ما اراد الحق من الخلق من الصدق والإخلاص في عبوديته وايضاً ارشِدْنا الى ما انت عليه وايضاً اهْدِنِا انابتك حتى نتّصف بصفاتك وايضاً اهدنا الى معرفتك حتى نستريحَ من معاملتنا بنسيم أُنسِك وحقائق حسنك وقيل معنى اهِدِنا اي مِلْ بقلوبنا اليك واقم بهمِّنا بين يديك وكن دليلَنا منك اليك حتى لا تقطعَ عمالك بك وقيل اي ارشدنا طريق المعرفة حتى نستقيم معك بخدمتك وقيل أي ارِنَا طريق الشكر فنفْرحَ ونَطرب بقربك وقيل اهدنا بفناء أوصاف الطريق الى أوصافك التي لم يزل ولا يزال وقيل اهدنا هدى العيان بعد البيان لنستقيم لك على حسب ارادتك وقيل اهدنا هدى من يكون منك مَبْدأه حتى يكون اليك منتهاه وقيل اهدِنا الصّراط المستقيم بالضِّدية عن الصّراط لئلاّ يكون مربوطاً بالصّراط قال الجنيد إن القوم لما سألوا الهداية عن الحيرة التي وردت عليهم عن اشهاد صفاته الازليّة فسألوا الهداية الى أوصاف العبوديّة كيلا يستغرقوا في رؤية صفات الازليّة قال بعضهم اليك قصدنا فقومنا وقيل اهدنا بالقوة والتمكين وقال الحسين اي اهدِنا طريق المحبة لك والسعى اليك قال الشبلي اهدنا صراط الاولياء والاصفياء وقال بعضهم ارشدنا الذي لا اعوجاج فيه وهوالاسلام وقيل ارشدنا في الدنيا الى الطاعات وبلغنا في الاخرة الدرجات وقال الاستاذ اي ازل عنّا ظلُماتِ احوالنا لنستضئ بانوار قدسك عن التفيؤ لظلال طلبنا وارفع عنّا ظلّ جَهْدِنا لنستبصر بنجوم جودك فنجدك بك قال الحسينُ اهدنا الى طاعتك كما ارشَدَنا الى علم توحيدك قال علي بن أبي طالب كرم الله وجهه اهدِنا اي ثبتنا على الطريق المستقيم والمنهج القويم.


__________________
اللهم علمنا ما ينفعنا - وإنفعنا بما علمتنا
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه - وأرنا الباطل باطلا وأرزقنا إجتنابه
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
اللهم إجعل عملنا خالصا لوجهك الكريم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبة وسلم
رد مع اقتباس
 
 
  #19  
قديم 12-26-2010
الصورة الرمزية admin
admin admin غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 14,425
افتراضي تفسير تفسير القرآن / ابن عربي (ت 638 هـ) مصنف و مدقق

تفسير تفسير القرآن / ابن عربي (ت 638 هـ) مصنف و مدقق


{ اهدنا الصراط المستقيم } أي: ثبتنا على الهداية ومكّنا بالاستقامة في طريق الوحدة التي هي طريق المنعم عليهم بالنعمة الخاصة الرحيمية التي هي المعرفة والمحبة والهداية الحقانية الذاتية من النبيين والشهداء والصدّيقين والأولياء، الذين شاهدوه أوّلاً وآخراً وظاهراً وباطناً، فغابوا في شهودهم طلعة وجهه الباقي عن وجود الظل الفاني.

{ غير المغضوب عليهم } الذين وقفوا مع الظواهر، واحتجبوا بالنعمة الرحمانية، والنعيم الجسمانيّ، والذوق الحسيّ عن الحقائق الروحانية، والنعيم القلبي، والذوق العقليّ كاليهود إذ كانت دعوتهم إلى الظواهر والجنان والحور والقصور، فغضب عليهم لأن الغضب يستلزم الطرد والبعد والوقوف مع الظواهر التي هي الحجب الظلمانية غاية البعد. { ولا الضالين } الذين وقفوا مع البواطن التي هي الحجب النورانية واحتجبوا بالنعمة الرحيمية عن الرحمانية، وغفلوا عن ظاهرية الحقّ، وضلّوا عن سواء السبيل، فحرموا شهود جمال المحبوب في الكلّ كالنصارى إذ كانت دعوتهم إلى البواطن وأنوار عالم القدّوس ودعوة المحمديين الموحدين إلى الكلّ، والجمع بين محبة جمال الذات، وحسن الصفات، كما ورد في القرآن الكريم:

{ وَسَارِعُوۤاْ إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ } [آل عمران3، الآية: 133]،
{ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَآمِنُواْ بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ } [الحديد57، الآية: 28]،
{ وَٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً } [النساء4، الآية: 36]،


فأجابوا الدعوات الثلاث. كما جاء في حقهم:

{ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ } [الإسراء17، الآية: 57]،
{ يَقُولُونَ رَبَّنَآ أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا } [التحريم66، الآية: 8]،
{ إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسْتَقَامُواْ } [فصلت41، الآية: 30].

فأثيبوا بالجميع على ما أخبر الله تعالى:

{ جَزَآؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِى } [البينة98، الآية: 8]،
{ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ } [الحديد57، الآية: 19]،
{ فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ ٱللَّهِ } [البقرة2: 115]،
{ لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ ٱلْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ } [يونس10، الآية: 26].



__________________
اللهم علمنا ما ينفعنا - وإنفعنا بما علمتنا
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه - وأرنا الباطل باطلا وأرزقنا إجتنابه
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
اللهم إجعل عملنا خالصا لوجهك الكريم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبة وسلم
رد مع اقتباس
 
 
  #20  
قديم 12-26-2010
الصورة الرمزية admin
admin admin غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 14,425
افتراضي تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق 1-3

تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق 1-3


{ ٱهْدِنَا ٱلصِّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ }


{ اهدنا الصراط المستقيم } بيان المعونة المطلوبة كانه قيل كيف اعينك فقالوا اهدنا الصراط المستقيم وايضا ان التعقيب بالدعاء بعد تمام العبادة قاعدة شرعية. قال فى التيسير


اظهار التوحيد { واياك نستعين } طلب العون عليه وقوله { اهدنا } لسؤال الثبات على دينه وهو تحقيق عبادته واستعانته وذلك لان الثبات على الهداية اهم الحاجات اذ هو الذى سأله الانبياء والاولياء كما قال يوسف عليه السلام توفنى مسلما وسحره فرعون توفنا مسلمين والصحابة وتوفنا مع الابرار وذلك لانه لا ينبغى ان يعتمد على ظاهر الحال فقد يتغير فى المآل كما لابليس وبرصيصا وبلعم بن باعورا: قالوا المولى جلال الدين قدس سره

صد هزار ابليس وبلعم درجهانهمجنين بودست بيدا ونهان
اين دورا مشهور كرد انيدالهتاكه باشند اين دوبرباقى كواه
اين دور درزد آويخت بردا بلندورنه اندر قهر بس درزدان بدند


وفى تفسر القاضى اذا قاله العارف الواصل الى الله عنى به ارشدنا طريق السير فيك لتمحو عنا ظلمات احوالنا وتميط غواشى ابداننا لنستضيء بنور قدسك فنراك بنورك. قال المولى الفنارى ومبناه ان السير فى الله غير متناه كما قال قطب المحققين ولا نهاية للمعلومات والمقدورات فما دام معلوم او مقدور فالشوق للعبد لا يسكن ولا يزول واصل الهداية ان يعدى باللام أو إلى فعومل معاملة اختار فى قوله تعالى


والصراط المستقيم استعارة عن ملة الاسلام والدين الحق تشبيها لوسيلة المقصود بوسيلة المقصد او لمحل التوجه الروحانى بمحل التوجه الجسمانى وانما سمى الدين صراطا لان الله سبحانه وان كان متعاليا عن الامكنة لكن العبد الطالب لا بد له من قطع المسافات ومس الآفات وتحمل المجافاة ليكرم لوصول والموافاة.

ثم فى قوله

{ اهدنا الصراط المستقيم } [الفاتحة1: 6].


مع انه مهتد وجوه الاول ان لا بد بعد معرفة الله تعالى والاهتداء بها من معرفة الخط المتوسط بين الافراط والتفريط فى الاعمال الشهوية والغضبية وانفاق المال والمطلوب ان يهديه الى الوسط والثانى انه وان عرف الله بدليل فهناك ادلة اخرى فمعنى اهدنا عرفنا ما فى كل شئ من كيفية دلالته على ذاتك وصفاتك وافعالك. والثالث ان معنا بموجب قوله تعالى

{ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً } [الأنعام6: 153].


طلب الاعراض عما سوى الله وان كان نفسه والاقبال بالكلية عليه حتى لو امر بذبح ولده كابراهيم عليه السلام او بان ينقاد للذبح كاسماعيل عليه السلام او بأن يرمي نفسه في البحر كيونس عليه السلام أو بأن يتلمذ مع بلوغه اعلى درجات الغايات كموسى او بان يصير في الأمر بالمعروف على القتل والشق بنصفين كيحيى وزكريا عليهما السلام فعل وهذا مقام هائل الا ان فى قوله
-1-

{ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ } [الفاتحة1: 7]

دون ان يقول صراط الذين ضربوا وقتلوا تيسيرا ما وترغيبا الى مقام الانبياء والاولياء من حيث انعامهم ثم الاستقامة الاعتدالية ثم الثبات عليها امر صعب ولذا قال النبى صلى الله عليه وسلم " شيبتنى هود واخواتها ".

حيث ورد فيها فاستقم كما امرت فان الانسان من حيث نشأته وقواه الظاهرة والباطنة مشتمل على صفات واخلاق طبيعية وروحانية ولكل منها طرفا افراط وتفريط والواجب معرفة الوسط من كل ذلك والبقاء عليه وبذلك وردت الاوامر ونطقت الآيات كقوله تعالى


الآية حرضة على الوسط بين البخل والاسراف وكقوله صلى الله عليه وسلم لمن سأله مستشيرا فى الترهيب وصيام الدهر وقيام الليل كله بعد زجره اياه " ان لنفسك عليك حقا ولزوجك عليك حقا ولزورك عليك حقا فصم وافطر وقم ونم". وهكذا فى الاحوال كلها نحو قوله تعالى

{ وَلَا تَجْهَر بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِت بِهَا } [الإسراء17: 110]

ولم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما.

{ مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى } [النجم53: 17].


" ولما رأى صلى الله عليه وسلم عمر رضى الله عنه يقرأ رافعا صوته سأله فقال اوقظ الوسنان واطرد الشيطان قال عليه السلام " اخفض من صوتك قليلا " واتى اباك بكر رضى الله عنه فوجده يقرأ خافضا صوته فسأله فقال قد اسمعت من ناجيت فقال عليه السلام " ارفع من صوتك قليلا " " وهكذا الامر فى باقى الاخلاق فان الشجاعة صفة متوسطة بين الهور والجبن والبلاغة بين الايجاز المجحف والاطناب المفرط وشريعتنا قد تكلفت بيان ميزان الاعتدال فى كل ترغيب وترهيب وحال وحكم وصفة وخلق حتى عينت للمذمومة مصارف اذا استعملت فيها كانت محمودة كالمنع لله والبغض لله.

والمستقيم على اقسام منها مستقيم بقوله وفعله وقلبه ومستقيم بقلبه وفعله دون قوله اى لم يعلم احدا ولهذين الفوز والاول اعلى ومستقيم بفعله وقوله دون قلبه وهذا يرجى له النفع بغيره ومنها مستقيم بقوله وقلبه دون فعله ومستقيم بقوله دون فعله وقلبه ومستقيم بقلبه دون قوله وفعله ومستقيم بفعله دون قوله وقلبه وهؤلاء الاربعة عليهم لا لهم وان كان بعضهم فوق بعض ولبس المراد بالاستقامة بالقول ترك الغيبة والنميمة وشبههما فان الفعل يشتمل ذلك.

انما المراد بها ارشاد الغير الى الصراط المستقيم وقد يكون عريا مما يرشد اليه مثال اجتماعها رجل تفقه فى امر صلاته وحققها ثم علمها غيره فهذا مستقيم فى قوله ثم حضر وقتها فاداها على ما علمها محافظا على اركانها الظاهرة فهذا مستقيم فى فعله ثم علم ان مراد الله منه من تلك الصلاة حضور قلبه معه فاحضره فهذا مسقتيم بقلبه وقس على ذلك بقية الاقسام.
-2-

وفى التأويلات النجمية ان اقسام الهداية ثلاثة.

الاولى هداية العامة أي عامة الحيوانات الى جلب منافعها وسلب مضارها واليه اشار بقوله تعالى


وقوله


والثانية هداية الخاصة اى للمؤمنين الى الجنة واليه الاشارة بقوله تعالى


والثالثة هداية الاخص وهى هداية الحقيقة الى الله بالله وإليه الاشارة بقوله تعالى


وقوله


وقوله

{ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ }[الشورى42: 13] وقوله
{ وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدَى } [الضحى93: 7].


اى كنت ضالا فى تيه وجودك فطلبتك بجودى ووجدتك بفضلى ولطفى وهديتك بجذبات عنايتى ونور هدايتى الى وجعلتك نورا فاهدى بك الى من اشاء من عبادى فمن اتبعك وطلب رضاك فنخرجهم من ظلمات الوجود البشرى الى نور الوجود الروحانى ونهديهم الى صراط مستقيم كما قال تعالى

{ قَد جَاءَكُم مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ *يَهْدِي بِهِ اللَّهُ } [المائدة5: 15-16]

والصراط المستقيم هو الدين القويم وهو ما يدل عليه القرآن العظيم وهو خلق سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم فيما قال تعالى

{ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ } [القلم68: 4]

ثم هو اما الى الجنة وذلك لاصحاب اليمين كما قال تعالى


الآية واما الى الله تعالى وهذا للسابقين المتقربين كما قال تعالى

{ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * صِرَاطِ اللَّهِ } [الشورى42: 52-53]

وكل ما يكون لاصحاب اليمين يحصل للسابقين وهم سابقون على اصحاب اليمين بمالهم من شهود الجمال وكشف الجلال وهذا خاصة لسيد المرسلين ومتابعيه كما قال تعالى


قال الشيخ سعدى قدس سره

اكر جز بحق مى رود جاده اتدر آتش فشانند سجاده ات

-3-
__________________
اللهم علمنا ما ينفعنا - وإنفعنا بما علمتنا
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه - وأرنا الباطل باطلا وأرزقنا إجتنابه
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
اللهم إجعل عملنا خالصا لوجهك الكريم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبة وسلم
رد مع اقتباس
 
إضافة رد

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 03:36 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.2
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.