إيجار ليموزين في مطار القاهرة  آخر رد: الياسمينا    <::>    ليموزين المطار في مصر الرفاهية والراحة في خدمة المسافرين  آخر رد: الياسمينا    <::>    حفل تكريم أوائل الثانوية العامة للعام الدراسي 2023.  آخر رد: الياسمينا    <::>    دورة البادل، كانت فكرة وبالجهد نجحت  آخر رد: الياسمينا    <::>    لاونج بموقع مميز ودخل ممتاز للتقبيل في جدة حي الخالدية  آخر رد: الياسمينا    <::>    تورست لايجار السيارات والليموزين في مصر  آخر رد: الياسمينا    <::>    كود خصم تويو 90% خصم 2024  آخر رد: الياسمينا    <::>    كود خصم تويو 90% خصم 2024  آخر رد: الياسمينا    <::>    المحامية رباب المعبي تحاضر عن مكافحة غسل الأموال وتمويل الإر...  آخر رد: الياسمينا    <::>    مساعدة عائلة محاصرة في قطاع غزة يواجهون مخاطر الموت  آخر رد: الياسمينا    <::>   
 
العودة   منتدى المسجد الأقصى المبارك > القرآن الكريم > آيات القرآن الكريم

 
إضافة رد
 
أدوات الموضوع ابحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
 
  #11  
قديم 12-25-2010
الصورة الرمزية admin
admin admin غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 14,425
افتراضي تفسير تفسير القرآن/ ابن عبد السلام (ت 660 هـ) مصنف و مدقق

تفسير تفسير القرآن/ ابن عبد السلام (ت 660 هـ) مصنف و مدقق


{ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }


{ إِيَّاكَ } الخليل: إيا: اسم مضاف إلى الكاف، الأخفش إياك: كلمة واحدة، لأن الضمير لا يضاف. { نَعْبُدُ } العبادة: أعلى مراتب الخضوع تقرباً، ولا يستحقها إلا الله ـ تعالى ـ، لإنعامه بأعظم النعم، كالحياة والعقل والسمع والبصر، أو هي لزوم الطاعة، أو التقرب بالطاعة، أو المعنى " إياك نؤمل ونرجوا " مأثور والأول أظهر { نَسْتَعِينُ } على عبادتك أو هدايتك أمروا بذلك كما أمروا بالحمد له، أو أخبروا.

__________________
اللهم علمنا ما ينفعنا - وإنفعنا بما علمتنا
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه - وأرنا الباطل باطلا وأرزقنا إجتنابه
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
اللهم إجعل عملنا خالصا لوجهك الكريم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبة وسلم
رد مع اقتباس
 
 
  #12  
قديم 12-25-2010
الصورة الرمزية admin
admin admin غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 14,425
افتراضي تفسير التفسير/ ابن عرفة (ت 803 هـ) مصنف و مدقق

تفسير التفسير/ ابن عرفة (ت 803 هـ) مصنف و مدقق


{ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }


قوله تعالى: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }.

إن قلت: لِمَ قدمت العبادة على الاستعانة مع أن الاستعانة سبب فيها؟

أجاب الزمخشري: بأن العبادة وسيلة والاستعانة مقصد فقدمت الوسيلة قبل (الحاجة). قال ابن عرفة: بل الصواب العكس (فالعبادة) هي المقصد.

قال: وكان يمشي لنا الجواب عن ذلك بأن هذا أقرب لكمال الافتقار وخلوص النية فإنّ المكلف إذا (أَقَرّ أوّلا بأن لاَ قُدْرة) له على الفعل إلا بالله، ثم فعل العبادة فإنّه قد تحول نيته بعد ذلك (وتزهو نفسه) ويتوهّم أن الفعل الواقع منه بقدرته استقلالا، فإذا أقر بعد الفعل بأن الاستعانة له عليه إلا بالله كان (نفيا) للتهمة وأقرب لمقام التذلّل والخضوع.

قلت: وقال بعض الناس العبادة مقصد باعتبار الحكم الشرعي والاستعانة مقصد باعتبار نية المكلف في طلبه لأنه (أخبر) أنه إنما يعبد الله لا غيره، ثم أخبر أنه لا يستعين على تلك العبادة إلا بالله.

قلت: وأجاب القاضي العماد (عن) السؤال بثلاثة أوجه:

-الأول: طلب المعونة من الله لا يكون إلا بعد معرفته ومعرفته هو التوحيد (وهي) العبادة.

-الثاني: يحتمل أن ترجع (العبادة) لتوحيد الله والاستعانة طلب معونته على حوائج الدنيا والآخرة وأول السورة في توحيد الله تعالى وآخرها للعبد كما في حديثه:... " قسمت الصّلاة بيني وبين عبدي نصفين ".

قدم العبادة ليكون ما هو لله بإزاء ما هو لله، وما هو للعبد بإزاء ما هو للعبد.

-الثالث: طلب المعونة عبادة خاصة وإياك نعبد عامة، والعام مقدم على الخاص.
__________________
اللهم علمنا ما ينفعنا - وإنفعنا بما علمتنا
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه - وأرنا الباطل باطلا وأرزقنا إجتنابه
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
اللهم إجعل عملنا خالصا لوجهك الكريم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبة وسلم
رد مع اقتباس
 
 
  #13  
قديم 12-25-2010
الصورة الرمزية admin
admin admin غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 14,425
افتراضي تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق 1-5

تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق 1-5


{ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }


إِيَّاكَ: كلمة ضمير خُصَّت بالإضافةِ إلى المُضْمَر، ويُسْتَعْمل مقدماً على الفعل. وإيَّاكَ أَسْأَلُ؛ ولا يُسْتَعملُ مؤخراً إلاّ منفصلاً؛ فيُقالُ، ما عنيتُ إِلاَّ إِيَّاك.

وهو مفعولٌ مُقَدَّمٌ على " نعبد " قُدِّم للاختصاصِ، وهوَ واجِبُ الانفصالِ.

واخْتلَفُوا فيه: هَلْ هو مِنْ قَبِيل الأسماءِ الظاهرة أو المضمرة؟ فالجمهورُ: على أنه مُضْمَرٌ.

وقال الزَّجَّاجُ رحمه الله تعالى: هو اسمٌ ظاهر.

والقائِلُون بأَنَّهُ ضميرٌ اخْتَلَفُوا فيه على أربَعةِ أقوالٍ:

أحدُهما: أنه كلمةُ ضَمِيرٍ.

والثاني: عَلَى أَنَّ " إِيَّا " وَحْدَهُ ضَمِيرٌ، وما بَعْدَهُ اسمٌ مُضَافٌ إليه يبيّن ما يُرادُ به [من تكلّم وغيبة وخطابِ].

وثَالِثُها: أَنَّ " إِيَّا " وحده ضميرٌ، وما بعده حُرُوفٌ تبين ما يُرادُ به [من تكلم وغيبة وخطاب].

ورابعُها: أَنَّ " إيَّا " عمادٌ وما بعده هو الضميرُ، وشذّت إضافته إلى الظاهِرِ في قولِهِم: " إذا بلغ الرَّجُلَ السِّتِّينَ، فإياه وإِيَّا الشَّواب " بِإِضَافَةِ " إِيَّا " إلى " الشواب " ، وهذا يُؤَيِّدُ قَوْلَ مَنْ جَعَلَ الكَافَ، والهاء، والياء في محلّ جر، إِذا قُلْتَ: " إِيَّاكَ إِيَّاه إِيَّايَ " وقد أَبْعَدَ بعضُ النَّحوِيِّينَ، فجعل له اشْتِقاقَاً، ثُمَّ قال: هَلْ هو مشتقٌّ من " أَوَّ "؛ كقول الشاعر في ذلك: [الطويل]

62- فَأَوِّ لِذِكْرَاهَا إِذَا ما ذَكَرْتُهَا..................


أَوْ منْ " آيَة "؛ كقوله [الرجز]

63- لَمْ يُبْقِ هَذَا الدَّهْرُ مِنْ آيَائِهِ


وهل وَزْنُه: " إفْعَل، أو فَعِيل، أو فَعُول " ثم صَيرَّه التصريفُ إلى صِيغةِ " إِيَّا "؟ وهذا الذي ذكره لا يُجدِي فائدةً، مع أنَّ التصريفَ والاشتقاق لاَ يَدْخُلاَن في المتوغِّلِ في البناءِ وفيه لُغاتٌ: أَشْهرُها: كَسْرُ الهمزةِ، وتَشْدِيدُ اليَاءِ، ومنها، فَتْحُ الهمزةِ وإبدالُها هاء مع تشديدِ الياءِ وتَخْفِيفهَا؛ قال الشَّاعر: [الطويل]

64- فَهَيَّاكَ وَالأَمْرَ الَّذِي الَّذِي إِنْ تَرَاحَبَتْمَوَارِدُهُ ضَاقَتْ عَلِيْكَ مَصَادِرُهْ


وقال بعضُهم: " إِيَّاكَ " بالتَخْفِيفِ مرغوبٌ عنه؛ لأنه يَصِيرُ: " شَمْسَك نعبد "؛ فإِنَّ إِيَاةَ الشمسِ: ضَوْؤُها - بكسر الهَمزةِ، وقد تُفْتَحُ. وقيل: هي لها بمنزلةِ الهَالةِ للقمر، فإذا حذفت التاءَ، مَدَدْتَ؛ قال: [الطويل]

65- سَقَتْهُ إِيَاءُ الشَّمْسِ إِلاَّ لِثَاتِهِأُسِفَّ فَلَمْ تَكْدِمْ عَلَيْهِ بإثْمِدِ


وقد قٌرِىءَ ببعضِهَا شَاذًّا.

وللضَّمائِرِ تَقسيمٌ مُتَّسع لا يحتمله هذا الكتاب، وإنما يأتي في غُضُونِه ما يليقُ به.

و " نَعْبُدُ " فعلٌ مضارعٌ مرفوع؛ لتجردِه من الناصبِ والجازمِ، وقِيل: لوقوعِه موقعَ الاسمِ، وهذا رأْيُ البصريين.

ومعنى المضارع المشابه، يعني: أنه أشبه الاسمَ في حركاتِهِ، وسكناتِه، وعدَدَ حُرُوفِهِ، أَلاَ تَرَى أَنَّ " ضَارِباً " يُشْبه " يَضْرِب " فيما ذكرت، وأنه يشيع ويختصُّ في الأزمانِ كما يشيعُ الاسمُ، ويختص في الأَشْخاصِ، وفَاعِلُهُ مستترٌ وُجُوباً لما مَرّ في الاستعاذة.
-1-

والعبادَةُ: غايةُ التذللِ، ولا يستحقُّها إلا مَنْ له غايةُ الإِفْضَالِ، وهو الباري - تعالى - وهو أبلغ من العُبُوديةِ؛ لأن العُبُودِيَِّة إظهار التذلُّلِ، ويُقالُ: طريقٌ مُعَبَّدٌ، أَيْ: مُذَلَّلٌ بالوطْء فيه. وقال طَرَفَة في ذلك: [الطويل]

66- تُبَارِي عِتَاقاً نَاجِيَاتٍ وَأُتْبِعَتْوَظِيفاً وظيفاً فَوْقَ مَوْرٍ مُعَبَّدِ


ومنه: العَبْدُ؛ لِذلَّتِهِ، وبَعيرٌ معبَّدٌ: أَيْ مُذلَّلٌ بِالقَطِرَان.

وقيل: العبادةُ التَّجَرُّدُ، ويُقالُ: عَبَدْتُ اللهَ - بالتخفيف فقط - وعَبَّدْتُ الرجلَ - بالتشديدِ فقط، أَيْ: ذللتُه، واتخذتُه عبداً.

وفي قوله تعالى: " إِيَّاكَ نَعْبُد " التفاتٌ مِنَ الغَيْبَةِ إلى الخِطَابِ، إِذْ لو جرى الكلامُ على أصله، لَقِيل: الحمد لله، ثم قيل: إِيَّاهُ نَعبدُ، والالتفاتُ: نوعٌ مِن البلاغَةِ.

قال ابنُ الخَطِيب - رحمه الله -: والفائدةُ في هذا الالتفاتِ وجوه:

أحدُها: أن المصلِّي كان أَجْنَبِيًّا عند الشروعِ في الصَّلاةِ، فلا جَرَمَ أَثْنَى على الله - تعالى - بألفاظ الغيبة، إلى قوله: " يَوْمِ الدِّينِ " ، ثم إنه تعالى كأنه قال له: حَمَدْتَنِي وأَقْرَرْتَ بكونِي إلهاً، ربًّا، رحماناً، رحيماً، مالكاً ليوم الدين، فَنعْمَ العبدُ أنت، فرفعنا الحجابَ، وأبدلنا البُعدَ بالقُرْبِ، فتكلّم بالمخاطبة وقل: إياك نعبد.

الثاني: أنّ أحسنَ السؤالِ ما وقع على سبيلِ المُشَافَهَةِ، [والسبب فيه أن الردَّ مِنَ الكريمِ إذا سُئِل] على سبيل المشَافهة والمخاطبة بَعِيدٌ.

ومن الالتفَاتِ - إلاّ كونه عَكْسَ هذا - قولُه تبارك وتعالى:

{ حَتَّىٰ إِذَا كُنتُمْ فِي ٱلْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم } [يونس10: 22]

ولم يَقُلْ: " بكم "؛ وقد التفتَ امرؤ القَيْسِ ثَلاثَ التفاتاتٍ في قوله: [المتقارب].

67- تَطَاوَلَ لَيْلُكَ بَالأَثْمُدِوَنَامَ الخَلِيُّ وَلَمْ تَرْقُدِ
وَبَاتَ وبَاتَتْ لَهُ لَيْلَةٌكَلَيْلَةِ ذِي العَائِرِ الأَرْمَدِ
وَذَلِكَ مِنْ نَبَأٍ جَاءنِيوَخُبِّرْتُهُ عَن أَبِي الأَسْوَدِ


وقد خَطَّأَ بعضُهم الزمخشريَّ - رحمه الله تعالى - في جَعْلِه هذا ثَلاثةَ التفاتَاتٍ، وقال: بل هما التفاتان:

أحدُهما: خُروجٌ مِنَ الخطابِ المفتتح به في قولِهِ: " لَيْلُك " ، إلى الغَيْبَةِ في قوله: " وبَاتَتْ له لَيْلَةٌ ".

والثاني: الخروجُ من هذه الغيبةِ إلى التكلُّم، في قولِه: " مِنْ نَبَأ جَاءَنِي وخُبِّرْتُهُ ".

والجوابُ: أَنَّ قولَه أَوّلاً: " تَطَاوَلَ لَيْلُك " فيه التفاتٌ؛ لأنه كان أصل الكلامِ أَنْ يقولَ: " تطاول لَيْلِي "؛ لأنه هو المقصودُ، فالتفتَ مِنْ مقامِ التكلُّمِ إلى مقامِ الخِطَابِ، ومن مقامِ الخِطَابِ إلى الغيبةِ، ثُمَّ مِنَ الغيبةِ إلى التكلُّمِ الذي هو الأصل.

وقُرِىءَ شاذًّا: " إِيَّاكَ يُعْبَدُ " على بنائِهِ للمفعول الغائبِ؛ ووجهُهَا على إِشْكالِهَا: أن فيها استعارةً والتفاتاً:

أما الاستعارةُ: [فإنه اسْتُعِير] فيها ضميرُ النصبِ لضمير الرفْعِ، والأصل: أنت تُعْبَد، وهو شائع؛ كقولِهم: " عَسَاكَ، وعَسَاهُ، وعَسَانِي " في أحدِ الأقوالِ؛ وقول الآخر: [الرجز]

68- يَا ابْنَ الزُّبَيْرِ طَالَمَا عَصَيْكَاوَطَالَمَا عَنَّيْتَنَا إِلَيْكَا


فالكافُ في " عَصَيْكَا " نائبةٌ عن التاءِ، والأصل: " عَصَيْتَ ".
-2-

وأما الالتفاتُ: فكان من حَقِّ هذا القارىء أَنْ يَقْرأَ: " إِيَّاكَ تُعْبَدُ " بالخطابِ، ولكنه التفت من الخطاب في " إِيَّاكَ " إلى الغَيْبَةِ في " يُعْبَدُ " إلاّ أن هذا الالتفاتَ غَرِيبٌ؛ لكونِهِ في جُمْلةٍ واحدةٍ، بخلاف الالتفاتِ المتقدّمِ؛ ونظيرُ هذا الالتفات قولُه: [الطويل]

69- أَأَنْتَ الهِلاَلِيُّ الَّذِي كُنْتَ مَرَّةًسَمِعْنَا بِهِ وَالأَرْحَبِيُّ المُغَلَّبُ


فقال: " بِهِ " بعد قوله: " أَنْتَ " و " كُنْتَ ".

و " إيَّاكَ " واجبُ التقديم على عامله؛ لأَنَّ القاعدَةَ أَنَّ المفعولَ به إذا كان ضميراً - لو تأخر عم عامله - وجب اتصالُهَ وَوَجَبَ تَقْدِيمُهُ.

وتَحَرَّزُوا بقولِهِم: " لو تأَخَّرَ عنه وجب اتصالُه " ، من نحو: " الدرهم إياه أعطيتك " لأنك لو أخرتَ الضميرَ هنا فقلتَ: " الدِّرْهَمُ أَعْطَيْتُكَ إِيَّاهُ " لم يَلْزم الاتصالُ، لما سيأتي بل يجوزُ: " أعطيتكَهُ ".

فصل في معنى العبادة

قال ابنُ الخَطِيب رحمه الله تعالى: العبادةُ عبارةٌ عن الفعل الذي يؤتى به لغرضِ تَعْظِيم الغَيْرِ، من قولهم: طريقٌ مُعبَّدٌ، أَيْ: مذلّلٌ، فقوله: إِيَّاكَ نَعْبُدُ، معناه: لا أعبد أحداً سواك، ويدلّ على هذا الحصر وجوه:

فَذَكَر من جملتها: تسميَة الله، والرب، والرحمن، والرحيم، ومالك يوم الدين، وكونَهُ قادراً بأن يُمْسِكَ السّماءَ بلا إعانة، وأَرْضاً بلا دِعَامة، ويُسَيِّرُ الشمسَ والقمر، ويسكن القُطْبَيْن، ويخرجُ من السَّماءِ تارة النَّارَ؛ وهو البرق، وتارة الهواءَ؛ وهو الريح، وتارة الماء؛ وهو المطر.

وأما في الأرضِ فتارةً يُخْرج الماء من الحَجَرِ؛ وتارةً يخْرج الحجرَ من الماء؛ وهو الجمد، ثم جعل في الأرض أجساماً مُقيمةً لا تسافر؛ [وهي الجبال]، وأجساماً مسافرة لا تقيم؛ وهي الأنهار، وخسف بقارون فجعل الأَرضَ فَوْقَهُ، ودفع محمداً - عليه الصلاة والسلام - إلى قَاب قَوْسَيْن، وجعل الماء ناراً لى قوم فرعون؛ لقوله:

{ أُغْرِقُواْ فَأُدْخِلُواْ نَاراً } [نوح71: 25]،

وجعل النارَ بَرْداً وسلاماً على إِبْرَاهِيمَ - عليه السلام - ورفع مُوسَى - عليه السلام - فوق الطُّورِ، وغرق الدنيا من التّنُّورِ، وجعل البحر يبساً لموسى - عليه الصلاة والسلام - فهذا من أداة الحَصْرِ.


والكلام في " إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ " كالكَلاَمِ في " إِيَّاكَ نَعْبُدُ ".

والواو: عاطِفَةٌ، وهي من المشتركةِ في الإعرابِ والمعنَى، ولا تقتضى تَرْتِيباً على قول الجمهور، خلافاً لطائفةٍ من الكُوفيينَ ولها أحكام تختص بها تأتي إن شاء الله تعالى.

وأصل " نَسْتَعِين ": " نَسْتَعْوِنُ "؛ مَثْلُ: " نَسْتَخْرِجُ " في الصحيح؛ لأنه من العَوْنِ، فاسْتُثْقِلَتِ الكسرةُ على الوَاوِ، فنقلت إلى السَّاكن قَبْلَها، فسكنت الواوُ بعد النَّقْلِ وانكَسَر ما قبلها؛ فَقُلِبَتْ ياءً.

وهذه قاَعِدَةٌ مطّردَةٌ؛ نَحْوُ: " مِيزَان، ومِيِقَات " ، وهما من: الوَزْنِ، والوَقْتِ.

والسِّينُ فيه معناها: الطلبُ، أَيْ نَطْلُبُ منك العونَ على العِبَادَةِ، وهو أحد المعاني التي لـ " استفعل " وله مَعََانٍ أُخَرٌ:

الاتخاذُ: نحو: " اسْتَعْبِدْهُ " أي: اتخذْهُ عبداً.
-3-

والتحولُ؛ نحو: " اسْتَحْجَرَ الطِّينُ " أَيْ: صار حجراً، ومنه قوله: " إِنَّ الْبُغَاثَ بأَرْضِنَا يَسْتَنْسِرُ " أي: تتحولُ إلى صفة النُّسور.

ووجُودُ الشَّيْءِ بمعنى ما صِيغَ منه؛ نحو: " اسْتَعْظَمَهُ " أَيْ: وجده عظيماً.

وعَدُّ الشَّيْء كذلك، وإِن لم يكُنْ؛ نحو: " اسْتَحْسَنَهُ ".

ومطاوعةُ " أَفْعَل "؛ نحو: " أَشْلاَه فَاسْتَشْلَى ".

وموافقتُه له أيضاً؛ نحو: " أَبَلَّ الْمَرِيضُ وَاسْتَبَلَّ ".

وموافقةُ " تَفَعَّلَ "؛ نحو: " اسْتَكْبَرَ " بمعنى " تكبر ".

وموافقةُ " افْتَعَلَ "؛ نحو: " اسْتَعْصَمَ " بمعنى " اعْتَصَمَ ".

والإِغْنَاءُ عن المجرد؛ نحو: " اسْتَكَفّ " و " اسْتَحْيَا " ، لم يتلفظ لهما بمجردِ استغناء بهما عنه.

والإِغْنَاءُ بهما عن " فَعَلَ " أي المجرد الملفوظ به نحو: " اسْتَرْجَعَ " و " استعان " ، أَيْ: رجع وحَلَق عانته.

وقُرىءَ: " نِسْتَعينُ " بكسرْ حرف المضارعة؛ وهي لُغَةٌ مطردةٌ في حروف المُضَارعة.

وذلك بشرط ألا يكن حرفُ المضَارعة ياءً؛ لثقل ذلك، على أنَّ بعضَهُم قال: " ييجَلُ " ، مضارع " وجَلَ " ، وكأنه قصد إلى تَخْفِيفِ الواو إلى الياء، فكسر ما قبلها لتنقلب؛ وقد قُرِىء: " فإنَهم ييلَمُون " [النساء: 104]، وهي هادمةٌ لهذا الاستثناءِ، وسيأتي تحقيقُ ذلك في موضعه إِنْ شاء الله تعالى.

وأن يكون المُضَارعُ من ماضٍ مكسورِ العَيْن؛ نحو: " تِعْلَمُ " من " عَلِمَ " ، أو في أوله همزةُ وصلٍ، نحو " نِسْتَعِينُ " من " اسْتَعَانَ " ، أو تاءُ مُطَاوَعةٍ؛ نحو: " نِتَعَلَّمُ " من " تَعَلَّمَ " ، فلا يجوزُ في " يضْربُ " و " يقتلُ " كسر حرف المُضَارعة؛ لعدم الشُّروط المذكورة.

والاستعانَةُ: طلبُ العَوْنِ: وهو المُظَاهرة والنصرة، وقدم العِبَادَةَ على الاسْتِعَانَةِ؛ لأنها وصلةٌ لطلب الحاجة.

وقال ابنُ الخَطِيبِ: كأنه يقولُ: شَرَعْتُ في العبادَةِ، فأستعين بك في إتمامها، فلا تمنعني من إتمامها بالمَوْتِ، ولا بالمرضِ، ولا بقلب الدَّواعي وتَغَيُّرِهَا.

وقال البَغَوِيُّ - رحمه الله تعالى - فإن قِيل: لم قدم ذِكْرَ العِبَادةِ على الاستعانَةِ، والاستعانةُ لا تكون إلاَّ قبل العبادة؟

قلنا: هذا يلزمُ من جَعَلَ الاستعانَة قبلَ الفعل، ونحن نَجْعلُ التوفِيقَ، والاستعانَة مع الفعل، فلا فرق بيت التقديم والتأخير.

وقيل: الاستعانَةُ نوعُ تعبُّدٍ، فكأنه ذكر جملة العبادَةِ أوّلاً، ثم ذكر ما هو من تفاصيلها وأطلق كُلاًّ من فِعْلَيْ العبادَةِ والاستعانَةِ فلم يذكر لهما مفعولاً؛ ليتناول كلَّ معبود به، وكلَّ مُسْتَعان [عليه]، أَوْ يكون المرادُ وقوعَ الفعلِ من غير نظر إلى مفعول؛ نحو:
-4-

{ كُلُواْ وَٱشْرَبُواْ } [البقرة2: 60]

أي أوقعوا هذين الفِعْلَيْنِ.

فصل في نظم الآية

قال ابنُ الخَطِيْبِ - رحمه الله تعالى -: قال تعالى: " إِيَّاكَ نَعْبُدُ " فقدَّمَ قولَه: " إيَّاك " على قوله: " نعبد " ولم يقل: " نعبدك " لوجوه:

أحدُها: أنه - تبارك وتَعَالَى - قدّم ذِكْرَ نَفْسِهِ؛ لينبه العَابِدَ على أن المعبودَ هو اللهُ - تعالى - فلا يتكاسَلُ في التعظيم.

وثانيها: أَنَّه إِنْ ثقلت عليك العبادات والطاعات وصعبت، فَاذْكُرْ أوَّلاً قولَه: " إياك "؛ لتذكرني، وتحضر في قلبك معرفتي، فإذا ذكرتَ جَلاَلي وعظمتي، وعلمتَ أني مولاك، وأنك عبدي؛ سهلت عليك تلك العبادة.

وثالثها: أن القديمَ الواجبَ لذاتِه متقدمٌ في الوجودِ على لمحدث الممكن لذاته، فوجب أن يكون ذكره متقدماً على جميع الأذكار.

فصل في نون " نعبد "

قال ابنُ الخَطِيب - رحمه الله تعالى -: لقائلٍ أَنْ يقولَ: النُّون في قوله تعالى: " نعبد " إما أن تكون نونَ الجمع، أو نونَ العظمةِ، والأول باطِلٌ، لأن الشخصَ الواحدَ لا يكون جَمْعاً، والثاني باطل أيضاً؛ لأن عند أداء العبوديةِ، اللاَّئق بالإنسان أن يذكر نفسه بالعَجْز والذّلة لا بالعَظَمَةِ.

واعلم أنه يمكن الجوابُ عنه مِنْ وُجُوه:

أحدها: أنّ المرادَ مِنْ هذه النونِ نونُ الجَمْعِ، وهو تنبيه على أنَّ الأَوْلَى بالإنسان، أَنْ يؤدي الصَّلاة بالجماعة.

الثاني: أنَّ الرجلَ إِنْ كان يُصَلِّي في جماعة، فقوله: " نعبد " ، المُرَاد منه ذلك الجمعُ، وإن كان يصلّي وحده كان المراد أني أعبدك، والملائكةُ معي.

الثالث: أنَّ المُؤْمِنين إخوةٌ، فلو قال: " إياك أعبدُ " كان قد ذكر عبادَةَ نفسِه، ولم يذكر عبادَةَ غَيْرِه، أما إذا قال: " إياك نعبدُ " كان قد ذكر عبادَة نفسِه، وعبادة جميع المؤمنين شرقاً وغرباً.
-5-
__________________
اللهم علمنا ما ينفعنا - وإنفعنا بما علمتنا
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه - وأرنا الباطل باطلا وأرزقنا إجتنابه
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
اللهم إجعل عملنا خالصا لوجهك الكريم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبة وسلم
رد مع اقتباس
 
 
  #14  
قديم 12-25-2010
الصورة الرمزية admin
admin admin غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 14,425
افتراضي تفسير الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ) مصنف و مدقق 1-2

تفسير الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ) مصنف و مدقق 1-2


{ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }


أخرج الحاكم وصححه وتعقبه الذهبي عن أبي هريرة. أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ { اهدنا الصراط المستقيم } بالصاد.

وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد والبخاري في تاريخه وابن الأنباري عن ابن عباس. أنه قرأ { اهدنا السراط } بالسين.

وأخرج أبن الأنباري عن عبد الله بن كثير. أنه كان يقرأ { السراط } بالسين.

وأخرج ابن الأنباري عن الفراء قال: قرأ حمزة { الزراط } بالزاي قال الفراء: و { الزراط } باخلاص الزاي. لغة لعذرة، وكلب، بني العين.

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله { اهدنا الصراط المستقيم } يقول ألهمنا دينك الحق.

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله { اهدنا الصراط المستقيم } قال ألهمنا الطريق الهادي، وهو دين الله الذي لا عوج له.

وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس قال { الصراط } الطريق.

وأخرج وكيع وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والمحاملي في أماليه من نسخة المصنف والحاكم وصححه عن جابر بن عبد الله في قوله { اهدنا الصراط المستقيم } قال: هو الإِسلام، وهو أوسع مما بين السماء والأرض.

وأخرج ابن جريج عن ابن عباس قال { الصراط المستقيم } الإِسلام.

وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود وناس من الصحابة { الصراط المستقيم } الإِسلام.

وأخرج أحمد والترمذي وحسنه والنسائي وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان عن النّواس بن سمعان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " ضرب الله صراطاً مستقيماً، وعلى جنبتي الصراط سوران فيهما أبواب مفتحة ، وعلى الأبواب ستور مرخاة، وعلى باب الصراط داع يقول: يا أيها الناس ادخلوا الصراط جميعاً ولا تتفرقوا. وداع يدعو من فوق: الصراط فإذا أراد الإنسان أن يفتح شيئاً من تلك الأبواب قال: ويحك. لا تفتحه فإنك إن تفتحه تلجه. فالصراط الإِسلام، والسوران حدود الله، والأبواب المفتحة محارم الله، وذلك الداعي على رأس الصراط كتاب الله، والداعي من فوق واعظ الله تعالى في قلب كل مسلم ".

وأخرج وكيع وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وأبو بكر بن الأنباري في كتاب المصاحف والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإِيمان عن عبد الله بن مسعود في قوله { اهدنا الصراط المستقيم } قال: هو كتاب الله.

وأخرج ابن الأنباري عن ابن مسعود قال: إن هذا الصراط محتضر تحضره الشياطين. ياعباد الله هذا الصراط فاتبعوه، { والصراط المستقيم } كتاب الله فتمسكوا به.

وأخرج ابن أبي شيبة والدارمي والترمذي وضعفه وابن جرير وابن أبي حاتم وابن الأنباري في المصاحف وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن علي قال:سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " ستكون فتن قلت: وما المخرج منها؟ قال: كتاب الله. فيه نبأ ما قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم، هو الفصل وليس بالهزل، وهو حبل الله المتين، وهو ذكره الحكيم، وهو الصراط المستقيم ".
-1-

وأخرج الطبراني في الكبير عن ابن مسعود قال { الصراط المستقيم } الذي تركنا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأخرج ابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود قال { الصراط المستقيم } تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على طرفه، والطرف الآخر في الجنة.

واخرج البيهقي في الشعب من طريق قيس بن سعد عن رجل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " القرآن هو النور المبين، والذكر الحكيم، والصراط المستقيم ".

وأخرج عبد بن حميد وابن جريج وابن أبي حاتم وابن عدي وابن عساكر من طريق عاصم الأحول عن أبي العالية في قوله { الصراط المستقيم } قال: هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحباه من بعده قال: فذكرنا ذلك للحسن فقال: صدق أبو العالية، ونصح.

وأخرج الحاكم وصححه من طريق أبي العالية عن ابن عباس في قوله { الصراط المستقيم } قال: هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحباه.

وأخرج عبد بن حميد عن أبي العالية الرياحي قال: تعلموا الإسلام، فإذا علمتموه فلا ترغبوا عنه، وعليكم بالصراط المستقيم فإن { الصراط المستقيم } الإسلام، ولا تحرفوا يميناً وشمالاً.

وأخرج سعيد بن منصور في سننه وابن المنذر والبيهقي في كتاب الرؤية عن سفيان قال: ليس في تفسير القرآن اختلاف إنما هو كلام جامع يراد به هذا وهذا....

وأخرج ابن سعد في الطبقات وأبو نعيم في الحلية عن أبي قلابة قال: قال أبو الدرداء: إنك لا تفقه كل الفقه حتى ترى للقرآن وجوهاً.

وأخرج ابن سعد عن عكرمة قال: سمعت ابن عباس يحدث عن الخوارج الذين أنكروا الحكومة فاعتزلوا علي بن أبي طالب قال: فاعتزل منهم اثنا عشر ألفاً، فدعاني علي فقال: اذهب إليهم فخاصمهم، وادعهم إلى الكتاب والسنة، ولا تحاجهم بالقرآن فإنه ذوو وجوه، ولكن خاصمهم بالسنة.

وأخرج ابن سعد عن عمران بن مناح قال: فقال ابن عباس: يا أمير المؤمنين فأنا أعلم بكتاب الله منهم.في بيوتنا نزل فقال: صدقت، ولكن القرآن جمال ذو وجوه يقول...ويقولون...ولكن حاججهم بالسنن فإنهم لن يجدوا عنها محيصاً. فخرج ابن عباس إليهم، فحاججهم بالسنن، فلم يبق بأيديهم حجة.
-2-
__________________
اللهم علمنا ما ينفعنا - وإنفعنا بما علمتنا
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه - وأرنا الباطل باطلا وأرزقنا إجتنابه
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
اللهم إجعل عملنا خالصا لوجهك الكريم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبة وسلم
رد مع اقتباس
 
 
  #15  
قديم 12-25-2010
الصورة الرمزية admin
admin admin غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 14,425
افتراضي تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق

تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) مصنف و مدقق


{ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }


{ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } رجع من الخبر الى الخطاب على التلوين. وقيل فيه إضمار، أي قولوا: { إِيَّاكَ }. و { أَيَّا } كلمة ضمير، لكنه لا يكون إلاّ في موضع النصب، والكاف في محلّ الخفض بإضافة إيا إليها، وخصّ بالإضافة إلى الضمير؛ لأنه يضاف إلى الاسم المضمر ألا يقول الشاعر:

فدعني وإيا خالدلأقطعن عُرْيَ نياطه


وحكى الخليل عن العرب: إذا بلغ الرجل الستين فإياه وإياكم.

ويستعمل مقدّماً على الفعل مثل (إياك أعني) و (إياك أسأل)، ولا يستعمل مؤخّراً على الفعل إلاّ أنّ..... به حين الفعل، فيقال: ما عبدت إلاّ إياك ونحوها. وقال أبو ميثم سهل ابن محمد: إياك ضمير منفصل، والضمير ثلاثة أقسام:

ضمير متّصل نحو الكاف والهاء والياء في قولك: أكرمك، وأكرمه، وأكرمني. سمي بذلك لاتصاله بالفعل.

وضمير منفصل نحو إياك وإياه وإياي. سمي بذلك لانفصاله عن الفعل.

وضمير مستكن، كالضمير في قولك: قعد وقام. سمي بذلك لأنه استكن في الفعل ولم يُستبقَ في اللفظ ويعمّ أن فيه ضمير الفاعل؛ لأن الفعل لا يقوم إلاّ بفاعل ظاهر أو مضمر.

وقال أبو زيد: إنما هما ياءان: الأولى للنسبة والثانية للنداء، تقديرها: (أي يا)، فأُدغمت وكسرت الهمزة لسكون الياء. وقال أبو عبيد: أصله (أو ياك)، فقلبت الواو ياءً فأدغموه، وأصله من (آوى، يؤوي، إيواء) كأن فيه معنى الانقطاع والقصد. وقرأ الفضل الرقاشي (أياك) بفتح الألف وهي لغة.

وإنما لم يقل: نعبدك (لأنه) يصحّ في العبارة، وأحسن الإشارة؛ لأنهم إذا قالوا: إياك نعبد، كان نظرهم منه إلى العبادة لا من العبادة إليه. وقوله: { نَعْبُدُ } أي نوحد ونخلص ونطيع ونخضع، والعبادة رياضة النفس على حمل المشاق في الطاعة. وأصلها الخضوع والانقياد والطاعة والذلة، يقال: طريق معبّد إذا كان مذللا موطوءاً بالأقدام. قال طرفة:

تبارى عتاقاً ناجيات وأتبعتوظيفاً وظيفاً فوق مور معبّد


وبعير معبد إذا كان مطلياً بالقطران، قال طرفة:

إلى أن تحامتني العشيرة كلّهاوأفردت إفراد البعير المعبّد


وسمّي العبد عبداً لذلّته وانقياده لمولاه.

{ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }: نستوفي ونطلب المعونة على عبادتك وعلى أمورنا كلّها، يقال: استعنته واستعنت به، وقرأ يحيى بن رئاب: (نَسْتَعِينُ) بكسر النون. قال الفرّاء: تميم وقيس وأسد وربيعة يكسرون علامات المستقبل إلاّ الياء، فيقولون إستعين ونِستعين ونحوها، ويفتحون الياء لأنها أخت الكسرة. وقريش وكنانة يفتحونها كلّها وهي الأفصح والأشهر.

وإنّما كرّر { إِيَّاكَ }؛ ليكون أدلّ على الإخلاص والاختصاص والتأكيد لقول الله تعالى خبراً عن موسى:

{ كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً *وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً } [طه20: 33-34]،

ولم يقل: كي نسبحك ونذكرك كثيراً.


وقال الشاعر:

وجاعل الشمس مصراً لا خفاء بهبين النهار وبين الليل قد فصلا


ولم يقل بين النهار والليل. وقال الآخر:

بين الأشجّ وبين قيس باذخبخ بخ لوالده وللمولود


وقال أبو بكر الورّاق: إياك نعبد لأنك خلقتنا، وإياك نستعين لأنك هديتنا وسمعت أبا القاسم الحبيبي يقول: سمعت أبا الحسن علي بن عبد الرَّحْمن الفرّان، وقد سئل عن الآية فقال: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ } لأنك الصانع،و { إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } لأن المصنوع لا غنى به عن الصانع، { إِيَّاكَ نَعْبُدُ } لتدخلنا الجنان، و { إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } لتنقذنا من النيران، { إِيَّاكَ نَعْبُدُ } لأنّا عبيد و { إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } لأنك كريم مجيد، { إِيَّاكَ نَعْبُدُ } لأنك المعبود بالحقيقة و { إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } لأننا العباد بالوثيقة.


__________________
اللهم علمنا ما ينفعنا - وإنفعنا بما علمتنا
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه - وأرنا الباطل باطلا وأرزقنا إجتنابه
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
اللهم إجعل عملنا خالصا لوجهك الكريم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبة وسلم
رد مع اقتباس
 
 
  #16  
قديم 12-25-2010
الصورة الرمزية admin
admin admin غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 14,425
افتراضي تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق

تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق



{ إِيَّاكَ نَعْبُدُ } ، يعنى نوحد، كقوله سبحانه في المفصل

{ عَابِدَاتٍ } [التحريم66: 5]،

يعنى موحدات، { وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } [آية: 5] على عبادتك، { ٱهْدِنَا ٱلصّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ } [آية: 6]، يعنى دين الإِسلام؛ لأن غير دين الإسلام ليس بمستقيم، وفى قراءة ابن مسعود: ارشدنا، { صِرَاطَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ ٱلْمَغْضُوبِ عَلَيْهِم وَلاَ ٱلضَّآلِّينَ } ، يعنى دلنا على طريق الذين أنعمت عليهم، يعنى النبيين الذين أنعم الله عليهم بالنبوة، كقوله سبحانه:

{ أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ ٱلنَّبِيِّيْنَ } [مريم19: 58]،

{ غَيْرِ ٱلْمَغْضُوبِ عَلَيْهِم } ، يعنى دلنا على دين غير اليهود الذين غضب الله عليهم، فجعل منهم القردة والخنازير، { وَلاَ ٱلضَّآلِّينَ } [آية: 7]، يقول: ولا دين المشركين، يعنى النصارى.


قال: حدثنا عبيدالله، قال حدثنى أبى، عن الهذيل، عن مقاتل، عن مرثد، عن أبى هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " يقول الله عز وجل: قسمت هذه السورة بينى وبين عبدى نصفين، فإذا قال العبد: { ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } ، يقول الله عز وجل: شكرنى عبدى، فإذا قال: { ٱلرَّحْمـٰنِ ٱلرَّحِيمِ } ، يقول الله: مدحنى عبدى، فإذا قال: { مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ } ، يقول الله: أثنى علىَّ عبدى، ولعبدى بقية السورة، وإذا قال: { وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } ، يقول الله: هذه لعبدى إياى يستعين، وإذا قال: { ٱهْدِنَا ٱلصّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ } ، يقول الله: فهذه لعبدى، وإذا قال: { صِرَاطَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ } ، يقول الله: فهذه لعبدى، { وَلاَ ٱلضَّآلِّينَ } ، فهذه لعبدى ".

قال: حدثنا عبيد الله، قال: حدثنى أبى، قال: حدثنا الهذيل، عن مقاتل، قال إذا قرأ أحدكم هذه السورة فبلغ خاتمتها، فقال: { وَلاَ ٱلضَّآلِّينَ } ، فليقل: آمين، فإن الملائكة تؤمن، فإن وافق تأمين الناس، غفر للقوم ما تقدم من ذنوبهم.

قال: حدثنا عبيد الله، قال: حدثنى أبى، قال: حدثنى هذيل، عن وكيع، عن منصور، عن مجاهد، قال: لما نزلت فاتحة الكتاب رنَّ إبليس.

قال: حدثنا عبيدالله، قال: حدثنى أبى، عن صالح، عن وكيع، عن سفيان الثورى، عن السدى، عن عبد خير، عن على، رضى الله عنه، فى قوله عز وجل:

{ سَبْعاً مِّنَ ٱلْمَثَانِي } [الحجر15: 87]،

قال: هى فاتحة الكتاب.



__________________
اللهم علمنا ما ينفعنا - وإنفعنا بما علمتنا
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه - وأرنا الباطل باطلا وأرزقنا إجتنابه
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
اللهم إجعل عملنا خالصا لوجهك الكريم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبة وسلم
رد مع اقتباس
 
 
  #17  
قديم 12-25-2010
الصورة الرمزية admin
admin admin غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 14,425
افتراضي تفسير تفسير القرآن/ التستري (ت 283 هـ) مصنف و مدقق

تفسير تفسير القرآن/ التستري (ت 283 هـ) مصنف و مدقق


{ إِيَّاكَ نَعْبُدُ } [5] أي نخضع ونذلّ ونعترف بربوبيتك ونوحّدك ونخدمك، ومنه اشتق اسم العبد. { وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } [5] أي على ما كلفتنا بما هو لك، وإليك المشيئة والإرادة فيه، والعلم والإخلاص لك، ولن نقدر على ذلك إلاَّ بالمعونة والتسديد لنا منك، إذ لا حول لنا ولا قوة إلاَّ من عندك. فقيل له: أليس قد هدانا الله إلى الصراط المستقيم؟ قال: بلى، ولكن طلب الزيادة منه كما قال:

{ وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ } [ق: 35]

فكان معنى قوله: " اهدنا ": أمددنا منك بالمعونة والتمكين. وقال مرة أخرى " اهدنا " معناه أرشدنا إلى دين الإسلام الذي هو الطريق إليك بمعونة منك، وهي البصيرة، فإنا لا نهتدي إلاَّ بك، كما قال:

{ عَسَىٰ رَبِّيۤ أَن يَهْدِيَنِي سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ } [القصص28: 22]

أي يرشدني قصد الطريق إليه. قال: وسمعت سهلاً يحكي عن محمد بن سوار عن سفيان عن سالم عن أبي الجعد عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يقول الله عزَّ وجلَّ: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فنصفها لي ونصفها لعبدي، ولعبدي ما سأل. قال: فإذا قال العبد: { ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } قال تعالى: حمدني عبدي، فإذا قال: { ٱلرَّحْمـٰنِ ٱلرَّحِيمِ } قال الله تعالى: أثنى عَليّ عبدي، وإذا قال: { مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ } يقول الله: فهذه الآيات لي ولعبدي بعدها ما سأل، وإذا قال: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِين ٱهْدِنَا ٱلصّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ } إلى آخره يقول الله عزَّ وجلَّ: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل ".


قال سهل: معنى قوله: " مجدني عبدي " أي وصفني بكثرة الإحسان والإنعام، وقال سهل: وروي عن مجاهد أنه قال: آمين اسم من أسماء الله تعالى، وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: ما حسدتكم النصارى على شيء كما حسدتكم على قولكم آمين. وحكى محمد بن سوار عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " استقيموا ولن تحصوا، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة، ولا يحافظ على الوضوء إلاَّ مؤمن، فإذا قال الإمام: ولا الضالين، فقولوا: آمين، فإن الله يرضى على قائلها، ويقبل صلاته، ويجيب دعاءه " وحكى الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا قال الإمام: " ولا الضالين " قولوا: آمين، فإن الملائكة يقولون آمين، فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه ".

__________________
اللهم علمنا ما ينفعنا - وإنفعنا بما علمتنا
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه - وأرنا الباطل باطلا وأرزقنا إجتنابه
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
اللهم إجعل عملنا خالصا لوجهك الكريم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبة وسلم
رد مع اقتباس
 
 
  #18  
قديم 12-25-2010
الصورة الرمزية admin
admin admin غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 14,425
افتراضي تفسير حقائق التفسير/ السلمي (ت 412 هـ) مصنف و مدقق

تفسير حقائق التفسير/ السلمي (ت 412 هـ) مصنف و مدقق

{ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }


على ترك زكاتنا، وأيضاً إياك نعبد بالعمل الخالص أى: إياك نعبد بقطع العلائق والأعواض، وإياك نستعين على الثبات على هذه الحال فإنا بك لا بنا.

وأيضًا إياك نعبد بالإخلاص وإياك نستعين على المكاشفة لأسرارنا.

وأيضًا إياك نعبد بالإرادة وإياك نستعين عليه بالهمة.

وأيضًا إياك نعبد بالعلم وإياك نستعين عليه بالمعرفة.

وأيضًا إياك نعبد عبادة مَن يعلم أنه بتوفيقك وتيسيرك قد عبدك وبك نستعين على قبولها وتصحيحها من عندك.

وأيضًا إياك نعبد بأمرك وإياك نستعين عليها بفضلك.

وأيضًا إياك نعبد بالدعاوى وإياك نستعين أن تسقط عنا الدعاوى تمررنا إلى رياض الحقائق.

وأيضًا إياك نعبد ظاهرًا وإياك نستعين عليها باطنًا، إياك نعبد فأسقط بإياك عنا رؤية العبادة، وإياك نستعين فأزل عنا بإياك رؤية الاستعانة.

وأيضًا إياك نعبد فأهلنا لعبادتك وإياك نستعين فلا تحرمنا معونتك إياك نعبد فأخلص عبادتنا وإياك نستعين فأعذنا من رؤية عبادتنا.

وأيضًا إياك نعبد على المشاهدة، وإياك نستعين على النازلة.

قال الجنيد: إن الله عز وجل خص قوماً بمعرفة عبوديته، فأفردوا له العبودية ثم أخرجهم عن ذلك فعرفوا أنفسهم، وما تولى الله من ذلك لهم فقالوا: وإياك نستعين على عبادتنا إذ لا يمكن أداؤها إلا بك، فبك عبدنا كذلك، وبك استعنا على شكر النعمة فيه.

وقال القاسم: إياك نعبد بالتوفيق، وإياك نستعين على شكر ما وفقتنا له من عبادتك.

سمعت محمد بن عبد الله بن شاذان يقول: سمعت أبا جعفر الفرغلى يقول: من أقر بإياك نعبد وإياك نستعين فقد برئ من الجبر والقدر.


__________________
اللهم علمنا ما ينفعنا - وإنفعنا بما علمتنا
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه - وأرنا الباطل باطلا وأرزقنا إجتنابه
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
اللهم إجعل عملنا خالصا لوجهك الكريم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبة وسلم
رد مع اقتباس
 
 
  #19  
قديم 12-25-2010
الصورة الرمزية admin
admin admin غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 14,425
افتراضي تفسير لطائف الإشارات / القشيري (ت 465 هـ) مصنف و مدقق

تفسير لطائف الإشارات / القشيري (ت 465 هـ) مصنف و مدقق



{ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }


معناه نعبدك ونستعين بك. والابتداء بذكر المعبود أتمُّ من الابتداء بذكر صفته - التي هي عبادته واستعانته، وهذه الصيغة أجزل في اللفظ، وأعذب في السمع. والعبادة الإتيان بغاية ما في (بابها) من الخضوع، ويكون ذلك بموافقة الأمر، والوقوف حيثما وقف الشرع.

والاستعانة طلب الإعانة من الحق.

والعبادة تشير إلى بذل الجهد والمُنَّة، والاستعانة تخبر عن استجلاب الطول والمِنَّة، فبالعبادة يظهر شرف العبد، وبالاستعانة يحصل اللطف للعبد. في العبادة وجود شرفه، وبالاستعانة أمان تلفه. والعبادة ظاهرها تذلل، وحقيقتها تعزز وتجمُّل:

وإذا تذللت الرقاب تقرباًمِنَّا إليك، فعزُّها في ذُلِّها


وفي معناه:

حين أسلَمْتَني لذالٍ ولامألقيتني في عينِ وزاي


فصل: العبادة نزهة القاصدين، ومستروح المريدين، ومربع الأنس للمحبين، ومرتع البهجة للعارفين. بها قُرَّةُ أعينهم، وفيها مسرة قلوبهم، ومنها راحة أرواحهم. وإليه أشار صلى الله عليه وسلم بقوله: " أرِحنا بها يا بلال " ولقد قال مخلوق في مخلوق:

يا قوم ثاري عند أسمائييعرفه السامع والرائي
لا تدعني إلا بيا عبدهافإنه أصدق أسمائي


والاستعانة إجلالك لنعوت كرمه، ونزلك بساحة جوده، وتسليمك إلى يد حكمه، فتقصده بأمل فسيح، وتخطو إليه بخطو وسيع، وتأمل فيه برجاء قوي، وتثق بكرم أزلي، وتنكل على اختيار سابق، وتعتصم بسبب جوده (غير ضعف).


__________________
اللهم علمنا ما ينفعنا - وإنفعنا بما علمتنا
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه - وأرنا الباطل باطلا وأرزقنا إجتنابه
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
اللهم إجعل عملنا خالصا لوجهك الكريم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبة وسلم
رد مع اقتباس
 
 
  #20  
قديم 12-25-2010
الصورة الرمزية admin
admin admin غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 14,425
افتراضي تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 404 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى

تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 404 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى



{ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }


قوله تعالى { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } اي بمعونتك نعبدك لا بحولنا وقوّتنا وايّاك نستعين بتمام عبوديتك ودوام سَتْرك علينا حتَى نرى فضلك ولا ننظر الى اعمالنا ايّاك نعبد اي ايّاك نعبد لا برؤية المعاملات وطلب المكافآت واياك نستعين اي نستعينك بمزيد العناية بنعت العصمة عن القطيعة وايضا اياك نعبد بالمراقبة واياك نستعين بكشف المشاهدة وايضاً اياك نعبد بعلم اليقين واياك نستعين بحق اليقين وايضا واياك نعبد واياك نستعين بالرّؤية وقيل إياك نعبد بقطع العلائق والاغراض واياك نستعين على ثبات هذا الحال بك ولا بنا وقيل ايّاك نعبد بالعلم وإياك نستعين بالمعرفة وقيل اياك نعبد بأمْرك واياك نستعين علينا بفضلك قال سهل اياك نعبد بهدايتك وإياك نستعين بكلايتك على عبادتك قال الانطاكىُّ انّما يعبدُ الله على اربع على الرغبة والرّهبة والحياء والمحّبة فأفضلها المحبَّةُ التي تَليها والحيَاء ثم الرَّهبةُ ثم الرَّغبةُ وقال الاستاذ العبادة بستانُ القاصدين ومستروح المريدين ومَرْتَعُ الانس للمحبين ومرتع البَهْجة للعارفين بها قوة أعينِهم وفيها مسَرَّةُ قلوبهم ومنها راحة ابدانهم.

__________________
اللهم علمنا ما ينفعنا - وإنفعنا بما علمتنا
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه - وأرنا الباطل باطلا وأرزقنا إجتنابه
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
اللهم إجعل عملنا خالصا لوجهك الكريم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبة وسلم
رد مع اقتباس
 
إضافة رد
أدوات الموضوع ابحث في الموضوع
ابحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 06:49 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.2
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.