من مذكراتي : أنا وذاك العجوز
|
|
|
|
|
|
|
|
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى أله وصحبه أجمعين .
من مذكراتي : أنا وذاك العجوز .
وأجد نفسي مستيقظاً من نومي والظلام حالكٌ في الغرفة , وإذ بي أهم لأرى الوقت في ساعتي على يميني.
وقلت في نفسي " يا إلهي , لم يتبق الكثير من الوقت , يجب علي أن أسرع لألحق بصلاة الفجر في المسجد
قبل أن تنقضي " .
فقمت وتوضأت وغيرت ملابس النوم , وخرجت من بيتي متوكلاً على الجبار الملك الله تعالى .
وأنا أمشي وأمشي بسرعة كبيرة جداً , خصوصاً أن المسجد الأقصى يبعد عن بيتي مسافة الساعة ونصف سيراً .
فنظرت إلى الساعة وكان لم يتبق من الوقت لإقامة الصلاة غير 55 دقيقة . أي أني إذا كنت اريد أن اصل بالوقت
المناسب قبل إنقضاء الصلاة , علي مضاعفة سرعتي العادية وأهرول هرولة سريعة .
مع أني لا احب الهرولة , لأن العجلة من الشيطان , والتأني من الله تعالى , وكما أني أطيع سيدي
وحبيبي الرسول محمد صلى الله عليه وسلم حيث قال :
عن أبي هـريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول:
(( إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون ، وأتوها تمشون ، وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا ، وما فاتكم فأتموا )) .
ولكن في حالتي هذه لا يسعني شيء , فأنا لا أصلي الفجر إلا في الأقصى , وأرفض بغيره .
وفي طريقي , رأيت من بعيد رجلاً عجوزاً معه عصا , وإذ بي أقترب منه شيئاً فشيئا ً , وكان العجوز أعمى
ويستعين بالعصا للسير لتجنب الإصتدام بالعوائق . فقلت " يا له من مسكين ,
الحمد لله على نعمه , الحمد لله على نعمة البصر , الحمد لله " .
فسمع صوت قدماي وأنا أمر بجانبه .
وكان العجوز يهودياً , حيث رأيت القبعة الصغيرة التي يلبسها اليهود على رأسه , وقال بالعبرية :
" يا من هناك , هل لك بمساعدتي ؟ "
فاحترت , شيء بداخلي كان يقول لي " لا اتركه , سوف يبطأك , ولن تلحق الصلاة , ومن ثم هذا يهودي ,
مالك وماله " .
فوجدت نفسي رددت على الصوت الذي بداخلي .
ولكن فجأة , ولا أدري كيف , رجعت وقلت له " نعم , أتحتاج مساعدة " ؟
قال لي "نعم , أود الذهاب الى الكنيس للصلاة , هلا ساعدتني ؟ "
فوجدت نفسي أضحك بصوت منخفض لئلا يسمعني العجوز , وقلت في نفسي :
" يا الهي , أنا ذاهب للصلاة , وأجد في طريقي عجوزاً يهودياً يريد الذهاب للكنيس للصلاة "
إستغربت الأمر , وقلت في نفسي " اليهود أيضاً عندهم صلاة فجر ؟ لم أكن أعرف هذا "
وأخذت بكتفه وسرنا ببطئ شديد , نظراً لكونه أعمى لا يستطيع الرؤية , والصدفة أن الكنيس كان
في نفس مسار طريقي , وخلال الطريق , أنظر إلى الساعة وأجد أنه لم يتبق سوى 30 دقيقة ,
والطريق من حيث كنت أنا عادة كانت تحتاج مني ل 50 دقيقة .
فقلت في نفسي : " لا بأس , إنما أتوكل على الله , اللهم بلغني الصلاة , اللهم بلغني الصلاة " .
فأوصلت العجوز إلى الكنيس , وتابعت سيري , وأخذت أفكر :
" هل ما فعلته صواب ؟ أني أوصلت اليهودي إلى الكنيس ؟ ...
ما الذي دفعني لمساعدته ؟
ألربما المشترك أني وهو ذاهبان للصلاة ؟
اللهم ساعدني وعلمني ...
وإذ أجد بي أقول لنفسي
" ما عملته خير , وإن كان يهودي , فقد رأيته رجلاً مسناً لا يجد من يساعده للسير ,
وخصوصاً إلى الصلاة , ولربما كانت صلاتهم باطلة , فهم يهود ,وهم المغضوب عليهم ,
ولكن ما ضرني مساعدته فإن أجري إلا على الله " .
,قلت في نفسي " : ثم انظر قول الله تعالى في اليهود " إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا " .
وتابعت سيري , والحمد لله وصلت إلى الأقصى وكان لإقامة الصلاة تبقى سوى 5 دقائق إغتنمتها
لصلاة ركعتين طاعة لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم .
كيف وصلت وماذا حدث , إنما هي إرادة الله عز وجل .
ققلت " الحمد لله الحمد لله الذي أبلغني الصلاة " .
.................................................. ....................................
اليوم التالي :
وأجد نفسي مستيقظاً من نومي والظلام حالكٌ في الغرفة , وإذ بي أهم لأرى الوقت في ساعتي على يميني.
وقلت في نفسي " يا إلهي , لم يتبق الكثير من الوقت , يجب علي أن أسرع لألحق بصلاة الفجر في المسجد
قبل أن تنقضي " .
فقمت وتوضأت وغيرت ملابس النوم , وخرجت من بيتي متوكلاً على الجبار الملك الله تعالى .
وأنا أمشي وأمشي بسرعة كبيرة جداً , خصوصاً أن المسجد الأقصى يبعد عن بيتي مسافة الساعة ونصف سيراً .
فنظرت إلى الساعة وكان لم يتبق من الوقت لإقامة الصلاة غير 40 دقيقة .
أي أني متأخر أكثر من البارحة ب ربع ساعة , أي أنه عندما أكون قد وصلت الأقصى , أكون قد وصلت بعد
الإقامة ب 10 دقائق .
فقال صوت في نفسي : " دعك , صلي في المسجد القريب من بيتك ( وهو يبعد 4 دقائق سيراً فقط ) ,
فقلت " أخسأ أيها الشيطان " , وخرجت متوجهاً إلى الأقصى مهرولاً كالبارحة .
وفي طريقي ونفس المكان , أجد نفس العجوز , ولكن هذه المرة , قلت أنا في نفسي :
" الأن لربما سيطلب المساعدة , لن أساعده , أنني متأخر جداً جداً , سوف أمشي ببطأ حتى لا
يسمع خطوات أقدامي , وبعدما أبتعد عنه , أسرع" .
ولكن ما إن لبثت أن إقربت منه , أجد نفسي أضرب قدمي بالأرض متعمداً , حتى يسمع العجوز الصوت
فإن كان محتاجاً للمساعدة طلبها .
وفعلاً , طلب المساعدة مني , وساعدته , فأخذت بيده وأنا واضع المعطف على يدي , لأني أعرف أنه يهودي
وإن أخذت بيده فسأفقد وضوئي , ولكن بوضعي المعطف على يدي , فلن أفقد الوضوء إن شاء الله .
وخصوصاً أني لا أملك الوقت للوضوء في الأقصى .
وخلال سيري والعجوز , إذ بها دورية شرطة صهيونية ,( وإتضح لي أنها كانت تراقبني منذ خرجت من بيتي ,
لأن هرولتي السريعة , وفي هذا الوقت من الفجر , مثيرة للشبهات ) , تقف أمامي وأنا أقطع الطريق بالعجوز
إلى الرصيف , فتعجب الشرطيان , حيث كان يخططان إلى إيقافي والتحقيق معي , ولكنهم لم يتوقعوا
أن يكون أحد معي , فاستغربوا مساعدتي للرجل المسن الأعمي اليهودي , ولم يوقفوني بل تابعوا
السير بالدورية ببطئ مراقبين تحركاتي . فلم اعرهم اهتماماً
وأوصلت العجوز إلى الكنيس , وكانت دورية الشرطة ما تزال تراقبني أين أذهب بالعجوز .
وكان هذه المرة على باب الكنيس يهودياً أخر ليس بأعمى , إستغرب
الأمر جداً , حيث رأيت في عينيه كأنه يقول " لا أصدق عيناي , كيف يساعد شاب مسلم عربي
يهودياً , وخصوصاً بالتوجه إلى الكنيس ؟ " ...
وما لبثت إلا أن أسرعت وأسرعت , تاركاً ورائي مشهد اليهود ورجال الشرطة مستغربين الأمر جداً .
وخلال سيري إعتلت وجهي بسمة كبيرة , وأخذت أضحك بصوت منخفض , لا أدري لماذا , ولكن
مشهدهم جميعاً وهم مستغربون جداً أضحكني . وقلت في نفسي :
" هذا هو ديننا الإسلام , فتعلموه يا يهود " .
والحمد لله , وصلت الأقصى بالوقت ... صحيح أنني لم أصلي ركعتين فور وصولي , ولكن سبحان الله
وصلت وقد بدأ الإمام بقراءة الفاتحة بالركعة الأولى .
ومنذ ذلك اليوم , إلى هذا اليوم , وأنا أمر من نفس الطريق , ولكن لا أرى العجوز , وكأنه اختفى فجأة .
فقلت في نفسي " سبحان الله , أهذا امتحان من الله ليراني ما أفعل وهل أساعد يهودياً , علماً
ان اليهود أعدائنا و هم من يسفكون دمائنا ؟ " ... فأجد نفسي أجواب نفسي :
" نعم , لربما إمتحان , وإن كان كذلك , فقد نحجت فيه بإذن الله في كل الأحوال , وإن أجري إلا على الله
رب العالمين " .
هذه إحدى الدروس التي علمني إياها الله عز وجل :
( ساعد من يطلب منك يد العون , إن كان غير قادر وعاجز و وصادق في طلبه وكان في طلبه الخير
وإن كان عدوك ) .
النهاية .
( كتبتها للعبرة ) .
ملاحظة:
ملاحظة مهمة جداً :
قال تعالى :
بسم الله الرحمن الرحيم
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ" ( المائدة , أية 51 )
"لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ "
صدق الله العظيم
(سورة المائدة , أية 82 )
قد يلبس الشيطان على القارئ أن فحوى العبرة من الدرس المسارعة في مد يد العون للمحتاج وإن كان العدو.
وهذا خطير جداً . بل فحوى العبرة من الدرس هي :
ساعد من كان محتاجاً عاجزاً صادقاً مسالماً غير كافر ولا فاجر نيته صادقة وينوي الخير
ولا يؤذي المسلمين بأي شكل ولو كان من الأعداء .
أما أذا إنتقصت إحدى هذه الشروط , فإن كلام الله في الأيات السابقة قد تنطبق عليه .
أما إن توفرت به كل الشروط السابقة , فإن المساعدة
في ما يرضي الله عز وجل تعتبر قوة إيمان وخير عند الفاعل .
دعونا نعجل بإقامة دولة الخلافة بإذن الله :
إن قام اليهود بسب رسولنا لا نسب رسلهم.
إن قام اليهود بالسخرية منا لا نسخر منهم , بل نقول سلاما
قال تعالى :
وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا
(سورة الفرقان , أية 63 )
ولا نقوم بأعمالهم , بل نكون أفضل منهم .
ولله عاقبة الأمور .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
آخر تعديل بواسطة |علاء| ، 01-07-2012 الساعة 08:32 PM
|