سجلات المحكمة الشرعية في القدس

[admin]

سجلات المحكمة الشرعية في القدس

إعداد: الدكتور محمد هاشم غوشهfficeffice" />>>
> >
تكمن أهمية سجلات المحكمة الشرعية لمدينة القدس في قِدمِها، فهي أقدم السجلات الشرعية في بلاد الشام وتبدأ بالسجل أب المؤرخ في سنة 935هـ/1528م، حيث تبدأ سجلات محكمة حلب الشرعية على سبيل المقارنة في سنة 962هـ/1554م، وأقدم سجل شرعي من سجلات محكمة دمشق يبدأ في سنة 991هـ/1583م، ولا يسبق سجلات القدس الشرعية في القِدم سوى سجلات محكمة بورصة في سنة 860هـ/1455م، وسجلات محكمة قيصرى في سنة 895هـ/1489م، وتُعد محكمة القدس الشرعية محكمةً مركزيةً في بلاد الشام، فهي تشتمل على حجج شرعية تتعلق بمدن وقرى تمتد في مختلف أنحاء بلاد الشام ومصر ومكة المكرمة والمدينة المنورة وشرق الأردن واستانبول وغيرها، ولذلك، فإنّها تحتضن معلوماتٍ هائلة يمكن أن تُشكّل تاريخاً شاملاً لأكثر من مدينةٍ خلال العهد العثماني.>>
وتكمن أهمية سجلات القدس أيضاً في كونها تشتمل على حجج شرعية ووقفيات من العصرين الأيوبي والمملوكي أُعيد تسجيلها في العصر العثماني، ولذلك فإنّ بها تفاصيل مهمة تُلقي الضوء على الحالة الاجتماعية والدينية والعمرانية والسياسية والاقتصادية لمدينة القدس في مختلف الفترات التي تلت الاحتلال الفرنجي فضلاً عن وجود معلوماتٍ مهمة لمواقع أثرية وتاريخية استمر وجودها في القدس منذ ما قبل الاحتلال الفرنجي حتى درست في أوائل العهد العثماني.>>
مكان حفظ السجلات>>
كانت سجلات المحكمة الشرعية لمدينة القدس محفوظةً في مبنى المدرسة التنكزية الذي شكّل في أواسط العهد >>
> >
> >
العثماني مقراً للمحكمة الشرعية، وقد استمر وجودها هناك حتى العام 1941م حيث نُقلت فيما بعد إلى الزاوية النقشبندية إثر انتقال مقر المحكمة الشرعية إلى هناك، وقد أمر قاضي القدس الشيخ عبد الحميد السائح آنذاك بترميم السجلات وتجليدها، ثم نُقلت بعد ذلك ببضع سنواتٍ إلى المقر الجديد للمحكمة الشرعية الكائن في شارع صلاح الدين خارج سور القدس بالقرب من باب الساهرة، وأخيراً استقر بها المقام في مبنى القُبّة النحوية في المسجد الأقصى المبارك، وهي محفوظة اليوم في خزائن حديدية بهذا المكان . >>
عدد السجلات>>
يبلغ عدد سجلات القدس الشرعية حوالي (820) سجلاً بما فيها السجلات الإضافية غير المصورة، منها (565) سجلاً تُغطي العهد العثماني في مدينة القدس بدءاً من سنة 935هـ/1528م وحتى 1338هـ/1919م، ويذكر العسلي أنّ عددها حتى شهر ربيع الأول سنة 1402هـ/كانون أول سنة 1982م بلغ (616) سجلاً، ويضيف الأنصاري أنّه كان قد صُوّر منها في سنة 1983م (626) سجلاً، ثم أورد إحصائية أخرى للشيخ محمد أمين الدنف لسجلات القدس في العهد العثماني بلغت (343) سجلاً . >>
نُسخها الأصلية والمصورة>>
ما زالت السجلات الشرعية الأصلية محفوظةً في خزائن المدرسة النحوية في المسجد الأقصى المبارك، وقد صُوِّرت السجلات الشرعية على أفلام المايكرو فيلم لأول مرة في العام 1982م بإشراف الدكتور كامل العسلي وتنفيذ السيد خضر سلامة قيّم مكتبة المسجد الأقصى، والثانية بإشراف الدكتور محمود عطا الله وتنفيذ مؤسسة رماء لتصوير الوثائق والمخطوطات في نابلس في العام 1983م.>>
الفترات الزمنية التي تُغطّيها >>
تُغطي السجلات الشرعية لمدينة القدس الفترات الزمنية التالية:>>
> >

السنوات الهجرية للسجلات المصورة>>	أرقام السجلات>>
936هـ – 1000هـ (القرن 10هـ)>>	السجل 1 - 75>>
1001هـ – 1100هـ (القرن 11هـ)>>	السجل 76 - 190>>
1101هـ – 1200هـ (القرن 12هـ)>>	السجل 191 - 267>>
1201هـ – 1300هـ (القرن 13هـ)>>	السجل 286 - 370>>
1301هـ – 1335هـ (القرن 14هـ)>>	السجل 371 – 416 >>

> >
أنواع السجلات الشرعية >>
تتباين أنواع السجلات الشرعية لمدينة القدس على النحو التالي:>>
سجلات الفرمانات والأوامر السلطانية>>
سجلات الحجج الشرعية>>
سجلات الحجج الوقفية>>
سجلات القسام العسكري>>
سجلات الوصايا والوكالات>>
سجلات القرارات الشرعية >>
سجلات ضبط الصكوك الشرعية>>
سجلات الزواج>>
سجلات صناديق الأيتام >>
سجلات روزنامة المحكمة الشرعية>>
محتويات السجلات الشرعية >>
تشتمل سجلات المحكمة الشرعية لمدينة القدس على تفاصيل الحياة اليومية لمدينة القدس بشكلٍ خاص والنواحي والمدن المجاورة بشكلٍ عام، فهي تحتضن تفاصيل مهمة جداً للحياة اليومية مثل:>>
تسجيل الوقفيات بنوعيها الخيري والذُّري والتي تشتمل على الموقوفات وحدودها واشتمالاتها وشروط الواقف إضافةً كل ما يتعلق بأمور الوقف مثل التحكير والاستبدال والمحاسبة الشرعية ووظائف التولية والنظارة والخدمة والمشيخة والفراشة والشغالة وغير ذلك .>>
البناء والترميم للعقارات الوقفية بمعرفة المعمارباشي الذي يحدد مواصفات المبنى وتكاليف البناء والمواد المستعملة والارتداد عن الطريق العام وأماكن الشبابيك وتقييم العقار وحاجته للترميم وغير ذلك .>>
الوظائف الدينية والعلمية والاجتماعية والمهن الاقتصادية التي أصبحت بمرور الزمن حقاًّ مكتسباً لسكان القدس مثل تعيينات نُظاّر الحرم ومشايخه وخطباء المساجد وشيوخ المدارس ومدرسيها وموظفيها ومتولّي الأوقاف وشيوخ السوق ورؤساء الطوائف الحرفية والمهنية والمحتسب .>>
عقود الزواج والطلاق حيث يذكر اسم الزوج والزوجة وكيل الزوجة وشاهدا عقد القران والمهر المؤجل والمعجّل.>>
عقود البيع والشراء والتأجير والتراضي والتنازع والضمان.>>
قضايا الجرائم والاعتداء كالضرب والقذف والإزعاج والمضايقة والاعتقال والحبس وغير ذلك.>>
سعر صرف العملة المتداولة في الأسواق وسلامتها من الغش ومواصفاتها .>>
تحديد أسعار البضائع كالفواكه والخضراوات واللحوم والحلويات ومواد البناء والحبوب، ويتم تحديد هذه الأسعار عن طريق المحتسب والقاضي الشرعي.>>
حصر الإرث والتركات والطلاق والمخالعة الشرعية والنفقات والوصاية والوكالات الشرعية والتبنّي .>>
شراء الرقيق والجواري وعتقهم .>>
قضايا الطوائف غير المسلمة مثل النصارى واليهود من تسجيل كل ما يتعلق بأعيادهم وعاداتهم ومشاكلهم وامتيازات كل طائفة وتعيينات رؤسائهم .>>
شراء وتأجير والتجارة بالدواب من الخيل والجمال والحمير والبغال .>>
السفر من وإلى القدس والحج وكل ما يتعلق بالسفر من إنابة المسافر في وظائفه وحراسة قوافل الحج وما يلزمها من رعاية وعناية طبية وغير ذلك .>>
الصُّرر النقدية التي ترد سنوياً من السلطان العثماني إلى عددٍ من أهالي القدس وسكاّن الزوايا والربط، ثم ظهرت الصرة المصرية بعد حملة إبراهيم باشا على القدس، والصرة الشامية التي تُوزّع جميعها على مستحقيها بمعرفة الحاكم الشرعي في القدس .>>
تسجيل أحداث الاحتفالات والأعياد والزلازل وتساقط الثلوج والثورات والفيضانات والمواسم الدينية والاجتماعية ومراسيمها .>>
المكتبات الخاصة والموقوفة وأسماء الكتب وأسعارها وأماكن تواجدها .>>
الوظائف المتعلقة بقراءة الربعات الشريفة من المصاحف الموقوفة من قبل السلاطين والأمراء والنواّب في المسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرفة .>>
حالتها العامة>>
ما زالت هذه السجلات بحالةٍ جيدة، غير أنّها تُحفظ الآن بخزائن حديدية لا تحميها من الرطوبة وامتداد الصدأ، وقد امتدت الرطوبة والأرَضَة على مر التاريخ إلى صفحات كثيرة من هذه السجلات وأتلفت أقساماً منها، فأصبحت صفحات عديدة منها غير مقروءة وناقصة .>>
خطوطها ولُغتها>>
يختلف الخط الذي كتبت به هذه السجلات من سجلٍّ إلى آخر، فخطوط سجلات القرن العاشر الهجري/السادس عشر الميلادي صعبة القراءة، كُتبت بشكلٍ أقرب إلى الخط المملوكي الذي نعرفه في الوثائق التي تعود في تاريخها إلى العصر المملوكي، وتتحسّن خطوط السجلات اللاحقة للقرن العاشر الهجري بشكلٍ ملحوظ، فهي مقروءة إلى حدًّ ما، ويشيع خط النسخ العادي في الحجج المتعلقة بأحوال المدينة، في حين كُتبت الفرمانات والأوامر السلطانية والقضايا المالية والعسكرية بخط السياقة وأحياناً باللغة التركية القديمة .>>
حجمها>>
تتباين أحجام السجلات الشرعية من سجلٍّ إلى آخر، فبعضها كبيرة يصل حجم الورقة فيها حوالي 50 سم × 18سم ، وأحياناً 55 سم × 36 سم ، والبعض الآخر لا يكاد يختلف عن كتاب بحجم 22 سم × 30 سم . >>
فهارسها >>
بدأ الشيخ محمد أسعد الإمام الحسيني فهرسة سجلات المحكمة الشرعية في سنة 1980م، وقد أُضيف إليه مساعدان في سنة 1981م، واستطاع بمعاونة مساعديه فهرسة سجلات القرنين العاشر والحادي عشر الهجريين، إلاّ أنّ مشروع الفهرسة لم يُستكمل، ونحن نسمع اليوم عن خطة لإعادة إحياء مشروع الفهرسة بإشراف دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، وتختصر الفهارس الحجج الشرعية الواردة في السجلات بذكر صاحب العلاقة ومضمون الحجة وتاريخها .>>
كيفية الاستفادة منها >>
أصبحت قراءة السجلات الشرعية اليوم متاحةً للباحثين ، فهي مصورة على نسخ من المايكرو فيلم، ويوجد نُسخ من هذه الصور في مكتبة الجامعة الأردنية وفي ومركز الوثائق والمخطوطات التابع للجامعة الأردنية وفي مؤسسة >>
إحياء التراث الإسلامي في أبو ديس في القدس وفي جامعة هارفرد، ويستطيع الباحثون الاطلاع على هذه السجلات وقراءة نصوصها من خلال شاشة المايكرو فيلم، وتوفّر مكتبة الجامعة الأردنية طابع المايكرو فيلم الذي يُمكّن الباحثين تصوير بعض الحجج الشرعية على شكل صور ورقية، كما جرت محاولة فيما يبدو من مكتبة الجامعة الأردنية لتصوير السجلات الشرعية على ورق الفوتوستات، غير أنّها لم تُستكمل .>>
كيفية التعامل معها>>
إنّ قراءة السجلات الشرعية بشكلٍ سليم بحاجةٍ إلى خبرة طويلة ودراية ومعرفة بخطوطها التي تختلف من حينٍ إلى آخر، وتحتاج كذلك إلى صبرٍ وجلدٍ من الباحثين الذين قد يجدون صعوباتٍ جمّة في قراءة بعض الكلمات (غير المقروءة) أو تحليل بعض الجُمل الساقطة من التصوير أو تلك التي أتت عليها عوارض الزمان من الرطوبة والتلف، وتُعد قراءة السجلات الشرعية أكثر صعوبةً من قراءة المخطوطات العربية، فهي مكتوبة بلغةٍ تختلط فيها العامية وبعض المفردات التركية والفارسية والمختصرات التي هي بحاجة إلى تحليل وتمحيص لمعرفة تفسيرها وخصوصاً المختصرات التي ترد عند تحديد أسعار البضائع، أو تلك الخاصة بالأمور المالية .>>
الفئة المُستفيدة >>
يستفيد من سجلات المحكمة الشرعية لمدينة القدس الباحثون في تاريخ وتراث المدينة بشكلٍ خاص، ثم متولو الأوقاف الإسلامية ممن يبحث عن قضايا الأوقاف والتحكير وحدود المحبّسات والموقوفات والمتروكات، وقد كان قاضي القضاة مجير الدين عبد الرحمن العليمي الحنبلي أول من تنبّه إلى أهمية السجلات الشرعية لدراسة تاريخ القدس، فاستفاد من سجلات القدس في العصر المملوكي أثناء تأليفه كتاب الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل .>>
وتنبّه الدكتور أسد رستم في كتابه الأصول العربية لتاريخ سورية في عهد محمد علي باشا إلى أهمية السجلات الشرعية، فوضع مجلداتٍ أربعة اعتمدت فيها على السجلات كمادة رئيسة للكتاب، واستعان المؤرخ عارف العارف في كتابه المفصّل في تاريخ القدس بالسجلات الشرعية في الفصل المخصص لمدراس القدس والفصل الاقتصادي، وحظيت السجلات الشرعية أيضاً مكانةً خاصة من الدكتور كامل العسلي في مجلداته الثلاثة عن وثائق القدس، وفي مؤلفاته عن معاهد العلم في بيت المقدس وأجدادنا في ثرى بيت المقدس ومن آثارنا في بيت المقدس إضافةً إلى مقدمة في تاريخ الطب في القدس، وموسم النبي موسى في فلسطين وغيرها . >>

واهتم كذلك بسجلات القدس الشرعية كلٌّ من الدكتور أحمد العلمي الذي نشر وقفية صلاح الدين ثم وقفيات المغاربة، والباحث محمد أحمد سليم اليعقوب في أطروحته لنيل الماجستير بعنوان ناحية القدس الشريف في القرن العاشر الهجري، والدكتور زياد المدني في أطروحته لنيل الدكتوراه حول القدس وجوراها خلال الفترة 1215هـ/1800م – 1245هـ/1830م، والدكتور أمين مسعود أبو بكر في أطروحته لنيل الدكتوراه حول ملكية الأراضي في متصرفية القدس، والباحث يوسف النتشه في أطروحته لنيل الدكتوراه عن الآثار العثمانية في القدس، والباحث خضر سلامة في سلسلة من المقالات حول السجلات الشرعية واشتمالاتها في القدس، والدكتور محمد الأرناؤوط في مقالة عن تطور وقف النقود في مدينة القدس في العصر العثماني في مجلة دراسات الصادرة في الجامعة الأردنية، والمؤرخ فهمي الأنصاري الذي أعدّ لنفسه فهرسةً شاملةً للسجلات الشرعية التي قرأها جميعها بعناية فائقة، إضافةً إلى الدكتور محمد غوشه في مؤلفاته حارة السعدية في القدس، والقدس في تراث كامل العسلي، وعائلة عرفات القدوة في القدس، وتاريخ المسجد الأقصى، والدكتور مايكل هاملتون بورغوين في كتابه Mamluk Jerusalem والدكتور أمنون كوهن في مؤلفاته ومن بينها Economic Life in Ottoman Jerusalem.>>

[نائل أبو محمد]

السبت 16 رمضان 1430هـ
للرفع والتذكير ...

كنوز من حضارة الإسلام ... كنوز من حضارة الإسلام ... كنوز من حضارة الإسلام ...

[صقر القسام]

مشكور أخى الفاضل والعزيز


على هذا الموضوع

وعلى هذه المعلومات القيمة

بارك الله فيك

تحيتى لك

[نائل أبو محمد]

الاثنين 19 شوال 1431

[نائل أبو محمد]

السبت 13 محرم 1435