هل صحيح أن خلافة النبوة الثانية لا تكون إلا للمهدي

[نائل أبو محمد]

وأما استدلالهم بحديث (يكون بعدي اثني عشر خليفة كلهم من قريش وكلهم يجتمع عليه الناس) معتبرين مجيء المهدي بعدهم وأنهم لم يأتوا بعد، الجواب عليه: هذا كلام ليس عليه دليل سوى التخمين والظن الذي لا يرقى للاحتجاج به سيما وحديثنا في الأُمور الغيبية، ويكفي لرد هذا الظن وهذا التخمين بما رواه نعيم بن حماد بإسناد جيد عن ابن عباس رضي الله عنه وقد ذكروا عنده أنه يكون اثني عشر خليفة ثم الأمير، فقال: (والله إن منا بعد ذلك السفاح والمنصور والمهدي يدفعها إلى عيسى بن مريم) وكلامه هذا يعني صراحة أنهم قد مضوا، لأن من المعلوم أن السفاح والمنصور كانوا في العصر العباسي ولم يبق إلا مجيء المهدي، وهذا يأخذ حكم المرفوع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه كلام في غيب، أضف إليه ما رواه ابن أبي شيبة وابن أبي عاصم بسند صحيح عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه عد الخلفاء الراشدين من الاثني عشر خليفة، وقد ذهب إلى هذا القول غير واحد من العلماء، ومنهم من قال بمضيهم ولم يبق إلا المهدي، يعرف ذلك عنهم المتبحر في هذا العلم، أضف إليه أنه لا يصلح أن يقال بأن المهدي واحد من هؤلاء، إذ من المعلوم أن المهدي لا يظهر في عصر العدل والرخاء بل في عصر الظلم والجور كما جاء في الأحاديث آنفاً، فلا يصح أن تكون قبله خلافة على منهاج النبوة وقد ملئت الأرض في عهدها ظلما وجورا.