إيجار ليموزين في مطار القاهرة  آخر رد: الياسمينا    <::>    ليموزين المطار في مصر الرفاهية والراحة في خدمة المسافرين  آخر رد: الياسمينا    <::>    حفل تكريم أوائل الثانوية العامة للعام الدراسي 2023.  آخر رد: الياسمينا    <::>    دورة البادل، كانت فكرة وبالجهد نجحت  آخر رد: الياسمينا    <::>    لاونج بموقع مميز ودخل ممتاز للتقبيل في جدة حي الخالدية  آخر رد: الياسمينا    <::>    تورست لايجار السيارات والليموزين في مصر  آخر رد: الياسمينا    <::>    كود خصم تويو 90% خصم 2024  آخر رد: الياسمينا    <::>    كود خصم تويو 90% خصم 2024  آخر رد: الياسمينا    <::>    المحامية رباب المعبي تحاضر عن مكافحة غسل الأموال وتمويل الإر...  آخر رد: الياسمينا    <::>    مساعدة عائلة محاصرة في قطاع غزة يواجهون مخاطر الموت  آخر رد: الياسمينا    <::>   
 
العودة   منتدى المسجد الأقصى المبارك > القرآن الكريم > منتدى القرآن الكريم لمشاركات الأعضاء

 
إضافة رد
 
أدوات الموضوع ابحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
 
  #1  
قديم 02-04-2012
نائل أبو محمد نائل أبو محمد غير متواجد حالياً
عضو بناء
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 6,651
افتراضي تفسير سورة البقرة (22) الشيخ عبدالرحمن بن محمد الدوسري

السبت 12 ربيع الأول 1433
ــــــــــــــــــــــــ

قال تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ﴾ [البقرة: 83].

كانت الآيات السابقات تذكيراً لبني إسرائيل بالنعم التاريخية والملية، وذلك كتفضيلهم الذي يوجب عليهم الشموخ برءوسهم عن المعاصي، وإنجائهم من آل فرعون ومن الغرق، وإيتاء موسى الكتاب لهدايتهم، وتيسير معيشتهم، والترفيه عليهم في التيه بتظليل الغمام، وإنزال المن والسلوى، والآيات البينات في إحيائهم من الصاعقة، وتفجير عيون الماء من صخرة صغيرة تحمل باليد، ورفع الطور فوقهم كالظلة ليأخذوا الكتاب بقوة، ومقابلتهم لتلك النعم والآيات بالتمرد والجحود، والتعنت على موسى عليه السلام.

أما هذه الآية وما بعدها ففيها التذكير بأمهات الأحكام في العبادات التي هي من روافد العقيدة والإيمان، وفي المعاملات السياسية والاجتماعية مما هي من ضروريات الحضارة والاجتماع، كما فيها وما بعدها بيان ما عليه اليهود من غلظ القلوب وقسوتها وكثرة المراء والمشاغبة، فلذا جاء الله بها على سبيل الإطناب لما شحنت به أذهانهم مما يسمى علماً خالياً من الإيمان الصحيح والتقوى، وكل علم خال من ذلك يحجب قلوب أهله عن دخول شعاع الحق، والركون إلى ذكر الله، فيحصل من أهلها التعنت على الدعاة، والشرود عن طريق الخير والهداية كالعلم المادي الذي يتلقاه أكثر الناس في هذا الزمان، مما هو من تخطيط اليهود بمكر دقيق، فالعلم الذي لا يكون مشبعاً بروح التوحيد والإيمان يكون ضرره أكثر من نفعه، إن لم يكن كله ضرراً، ولذا قال تعالى عنهم: ﴿فَما اخْتَلَفُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ﴾ [الجاثية: 17].

كرر الله تعليل اختلافهم، وإصرارهم على فعل الشرور، في سورة البقرة وآل عمران ويونس والجاثية، وعلى العكس سلف هذه الأمة الذين كان علمهم روحانياً صحيحاً، كانوا مضرب المثل في الصلاح والإصلاح، وفتح القلوب، وتطهير كل بلد تطؤها أقدامهم من الفساد والأنانية، فما أبعد الفرق بينهم وبين الإسرائيليين للاختلاف الشاسع في أصل العلم، والله يذكر رسوله بالدور الثاني من أدوار بني إسرائيل قائلاً: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ﴾.

وهذا النهي عن عبادة غير الله مستلزم للأمر بعبادته، لأنها الأصل الأول لدين الله على ألسنة جميع الأنبياء والمرسلين أن تحصر جميع أنواع العبادة لله، ولا يشرك بها غيره مهما كان، لا ملك مقرب، ولا نبي مرسل، أو زعيم محبوب، أو متحكم، سواء كان من الزعماء الروحانيين أو السياسيين.

ومن مهمات العبادة الوقوف عند حدود الله فيما أباحه أو حرمه أو أوجب الاحتكام إليه، فمن حرم شيئاً مما أباح الله أو أو أباح شيئاً مما حرم الله، أو حكم بغير ما أنزل الله، معتقداً أحقيته على حكم الله، فهو مشرك مهما عمل من الأعمال، فوصية الله الأولى في خلقه أجمعين، ألا يعبدوا إلا الله، ولا يشكوا به شيئاً، ثم توثيق الصلة بين وشائج الإنسانية التي منها بر الوالدين، والإحسان إلى الأقارب، والعطف والحنان على اليتامي والمساكين وابن السبيل، ولذا ابتدأ الله بالأهم منها قائلاً: ﴿وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾، بتعظيمهما وتوقيرها والعطف عليهما، وطاعة أمرهما فيما لا يخالف أوامر الله، وعدم الشح عليهما، لأنهما قد بذلا له غاية الرعاية والشفقة، وقاما بشئونه، وتألما لآلامه، وسهرا لسهره، وفضلا شهوته على شهوتهما، وراحته على راحتهما، وخصوصاً الأم، فإنها تمتاز بمزيد من البر والإحسان، لزيادة شفقتها وعظيم كلفتها.

وقد ورد في التوراة الحكم بقتل من سب والديه، وسيأتي المزيد والمزيد من ذكر الإحسان إلى الوالدين إن شاء الله تعالى.

وقوله تعالى: ﴿وَذِي الْقُرْبَى﴾ مما هم من جهة الآباء أو الأمهات، لأن الإحسان إليهم يقوي الروابط فتتأصل الوشائج، فبالتعاطف والإحسان للأقربين يبلغ الاتحاد والتكاتف والتساند أعلى الدرجات الكمال، والامة تتألف من أسر وعائلات، ومن ليس له بيت صالح ليس له أمة، وصلاح البيوت بالعطف والحنان والبذل والإحسان، وجميع بيوت القرابة تكون بيتاً واحداً بحصول ذلك، فبحصول التراحم والتعاون بين سائر القريبين تشتد الأواصر، وتقوى الروابط حتى يكون أبعد الأقارب نسباً مثل أقربهما.

فهذه الأوامر الشرعية هي من الضروربات الفطرية لبني الإنسان، ومن فسدت فطرته فقسا على أقاربه وأعرض عنهم وابتعد بخيره منهم، فإنه لا يرجى فيه خير للأمة، ويكون محروماً من نصرة عصبته وأقاربه، وإذا خذله القريب فالبعيد أولى بالازدراء والحرمان، ومن لم تنفع فيه لحمة النسب التي هي أقوى صلة بين الناس، فأي لحمة بعدها تصله بغيرهم من الناس، فتجعله جزءاً منهم؟ لا يمكن أن ينفع الإنسان بغير أقاربه الذين يسره ما يسرهم، ويسوؤه ما يسوؤهم، ويسوؤهم ما يسوؤه، ويرى منفعتهم منفعة له، ومضرتهم مضرة عليه، وهم كذلك، فإن بهذا الترابط بين الأسر قوام المجتمعات وتكاتفها، وبانعكاس ذلك يحصل التفكك والانحلال وتكثر النفرة.

وقوله تعالى: ﴿وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ﴾. واليتيم: هو من مات أبوه حال الصغر ولذلك قدم حقه على المسكين في جميع الوصايا الآتية دون تقييد بفقر أو مسكنة، لأن الوصية مقصودة لذاتها، لكون اليتيم قد فقد حنان والده ونصرته وعزه ففي قلبه انقهار أصيل ينبغي من كل أفراد المجتمع اجتثاثه بإسباغ العطف والإحسان والمواساة، والقيام بحفظ حقوقه، حتى لا يشعر بقهر ولا ذله، ولا يكون فيه تعقيد، فإن أغلب أدواء المجتمع من الأشخاص المعقدين، واليتيم وإن كان له أم فإنها عاجزة عما يقوم به أبوه، خصوصاً إذا تزوجت وأنسلت غيره من محبوبها الأخير، فأراد الله أرحم الراحمين من عباده أن يكونوا كلهم آباءً للأيتام حتى لا يفسدوا وتتعقد نفوسهم، وهذا من جملة الدلائل على عظم صلاحية دين الله للناس، وموافقته لنظريتهم، وقوامته على إنسانيتهم.

أما المساكين: فهم جمع مسكين، وهو الذي يعجز عن تحصيل ما يكفيه، فينبغي الإحسان إليهم ورفع مستواهم، وليس المساكين هؤلاء الشحاذين محترفي السؤال ممن قد يجمع أضعاف كفايته أو يكون له رصيد، وإنما هم الذين لا يسألون الناس إلحافاً، وسيأتي في سورة النساء بعض التوضيح لرفعة مستواهم، إن شاء الله.

وقوله تعالى: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾ هذه وصية عامة بعد الوصايا الخاصة بما يصلح البيوت من الإحسان إلى الوالدين والأقارب، وما يصلح بعض العامة من معونة اليتامى ورفد المساكين، أوصى بهذه الوصية العامة لسائر الناس، فكأنه يقول: يا بنى إسرائيل عاملوا الناس بمثل ما تحبون أن يعاملوكم به، انصحوا لهم بالأمر المعروف، والنهي عن المنكر، وحسن التوجيه، والقيام بالإصلاح، فليس معنى: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾ مجرد اللطف بالقول والمجالمة، وإنما هو ما يريده الله من النصيحة بكامل أنواعها، لتسود المحبة ويعم الوئام، فتحصل الوحدة الروحية الكفيلة بحصول جميع أنواع الوحدة.

وبعض الناس يحرف الكلم عن مواضعه، ويطلب من المسلمين أن يجبنوا عن تنفيذ الأمر بالمعروف ومطالبتهم بهذه الآية ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾. والقول الحسن: يحسن في مواضعه، من تذكير الناسي، وتعريف الجاهل، أما المعاند الذي يسمع نداء الأذان، نداء الله، ويصم أذنيه، معرضاً أو متهكماً، فهذه ينبغي معاملته حسب النصوص الشرعية إلى ما يقتضيه الحال؟

وقوله تعالى لهم: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾ أمر الله أولاً بعبادته مجملاً؛ ليعلم كل فرد منهم ومن غيرهم أنه مكلف بنوع من أنواع العبادة، يقيمون وجههم فيه لله وحده لا شريك له، وحيث إن بعض العبادات لا يهتدي إليها إلا بهداية الله، وأعظم ذكل الصلاة، اختصها بالذكر قائلاً: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾ وإقامتها بصدق التوجه إليه والخشوع التام لعظمته وجلالته، والاستكانة لسلطانه، واستشعار جنابه العزيز، وليست الصلاة مجرد الإتيان بصورتها، فإن الإتيان بصورتها فقط لا يؤدي الثمرة المقصودة من إصلاح النفوس وتنقيتها من أدران الرذائل وتحليتها بأنواع الفضائل، ولهذا لما كانت صلاتهم خالية من روحها فقدوا ثمارها، فكان نصيبهم التولي عن أمر الله ونكت عهده، وهم يصلون من عهد موسى إلى عهد النبوة.

ولما كانت الزكاة قرينة الصلاة في الفريضة، وقرينتها في التأثير، من تليين القلب، ومراقبة الله بالدفع، وتطهير القلب وصيانة المال، قال الله لهم: ﴿وَآَتُوا الزَّكَاةَ﴾ لما فيها من إصلاح المجتمع، وبذر المودة فيما بينهم، وحسن التصرف في المال، وقد كان لهم ضروب في دفع الزكاة، منها ما يدفعونه لآل هارون الذي يسمونهم الآن بالأيوبيين، ومنها ما يدفعونه للمساكين، ومنها زكاة ثمرات الأرض، ومنها زكاة السبت في كل سنة سابعة يتصدقون بما يخرج فيها، ولكنهم لما قصروا في إقامة الصلاة، فقست فقلوبهم عن تحقيق واجب الزكاة، واستمر أكثرهم على التمرد، ونقض العهود، والتولي عن أمر الله، فلهذا قال تعالى: ﴿ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ﴾ يعنى: ثم كان عاقبة أمركم بعد هذا الميثاق الذي فيه سعادتكم وصلاح مجتمعكم، وفوزكم برضوان الله الذي يعزكم، وينجز لكم وعده العاجل والآجل، كانت عاقبتكم التولي عن العمل بما أمر الله عن إعراض عنه وعدم اكثراث به.

فقوله تعالى: ﴿وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ﴾ يفيد بكل جلاء ووضوح أنهم قد انصرفوا عن أوامر الله وعهده إلى غير رجعة، قد صمموا العزم على عدم العودة إلى ما انصرفوا عنه، ذلك أن الإنسان قد ينصرف عن الشيء وهو عازم على أن يعود إليه ويوفيه حقه، إذ ليس كل متول عن شيء معرضاً عنه ومهملاً له بالكلية إلى الأبد إلا بنو إسرائيل، فإنهم انصرفوا وتولوا عن امر الله، عازمين على عدم العودة أبداً فلهذا وصف الله حالهم بكامل الانصراف والإعراض المستديم قائلاً: ﴿وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ﴾ فليست هذه الكلمة تكراراً، وإنما هي تتميم للمعنى الذي هو من لوازم حالهم.

والسبب الأصيل في ذلك التولي والإعراض أن الله سبحانه أمرهم، كما أمر من قبلهم، وكما أمر من بعدهم، من قصر أخذ الذين على وحيه المبارك، نعم أمرهم ألا ياخذوا الدين إلا من جهة الوحي لا يكون مشوباً بمصدر آخر، فخالفوا أمر الله، واتخذوا أحبارهم أرباباً من دون الله، يحلون برأيهم، ويحرمون برأيهم، ويسقطون عنهم من واجب المال على رأيهم، بل يسقطون من فرائض الصلاة على حسب أذواقهم وما يرونه مصلحة، وينيطون الإباحة والتحريم باجتهادهم، ويزيدون في التشريعات وينقصون ، ويصنعون ما شاءوا من الأعياد والاحتفالات والشعائر مما صدق عليهم أنهم اتخذوا من دون الله شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله، لأن الله سبحانه وتعالى هو الذي يضع الدين وحده بجميع أصوله وفروعه، وليس ذلك لأحد سواه كائناً ما كان، حتى الرسول الأمين محمد صلى الله عليه وسلم قال الله فيه: ﴿وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ * فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ﴾ [الحاقة: 44، 47] وأن العلماء كالدليل على الطريق مستعان بهم على فهم الوحي، والحكام ينفذون ذلك، فلا يملك أحد منهم حق التشريع في أي ناحية من نواحي الحياة، سواء كانت سياسية أو ثقافية أو اقتصادية أو اجتماعية، بل يحب حصر الاتجاه والتشريع في جميع هذه الشئون لله وحده وألا يجعل أحد لنفسه الخيرة في شيء من ذلك دون الرجوع إلى حكم الله فيه والتزامه، لأن المشرع في شيء من ذلك يكون منازعاً لله في ألوهيته وملوكيته، فيخرج عن دينه وعبوديته إلى عبودية الهوى والشيطان، ويكون المتبع له ولا مثاله متخذاً من دون الله شركاء، يشرعون لهم ما لم يأذن به الله.

وهذا الداء العضال هو سرطان بني إسرائيل من قدم الزمان، ولهذا اعتنى الله بنشر مخازيهم رحمة بهذه الأمة وتوعية لها، وتحذيراً من سلوك مسالكهم، ولقد عمل اليهود على إضلال جميع العالم، وركزوا جهودهم في إضلال هذه الأمة بشتى ضروب الإضلال وأساليبه، وبثوا عملاءهم ووكلائهم في كل ناحية وميدان، وحرصوا على إضلال المتمركزين في المراكز الدينية والدنيوية، وأحدثوا من البدع والخرافات أولاً، ثم من المبادى العصبية والمذاهب المادية آخراً، لأنهم يلبسون لكل عصر لباساً، فأولعوا المتمركزين في النواحي الدينية سابقاً على تقديس المقبورين واعتقاد أقطاب وأوتاد تتصرف في الكون وتحمي اللائذ بها من عقوبات الله، وجعلوا تحت هؤلاء ما يسمى بالكبريت الأحمر (زيارته نفعها مجرب)[1] إلى غير ذلك، وأولعوا المتمركزين في المراكز الدنيوية على اللهو والمجون والسكر والعربدة وإشباع الغرائز واتباع الشهوات وازدراء الدين.

ثم تفاقم شرهم إلى أبعد من ذلك، حتى عملوا على فصل الدين عن الدولة تنفيذاً لقرارات الماسونية، كما تقدم ذكره، وجعل الحكم للمصنوعين من خلق الله لا لله، إيغالا في نقضهم لمواثيق الله وعهوده، قال صاحب المنار رحمه الله: "وقد اتبع سنن الهيود في هذا التشريع - المخالف لحكم الله – جميع من بعدهم من أهل الملل، وحكم الجميع عند الله واحد لا يختلف، فهو لا يخالف أحداً ﴿وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا﴾ [الكهف: 49]. إلى أن قال: لو تدبر جهالنا هذه الآية لعلموا أنهم مغرورون بالأقطاب والأوتاد والأبدال في تحمل البلاء عنهم ومنع العذاب أن ينزل بالأمة ببركتهم، ولو فرض أن هؤلاء الأقطاب موجودون حقيقة، فإن وجودهم لا يغني عن الأمة شيئاً، وقد عصى الله جماهيرها ونقضوا ميثاقة الذي واثقهم به، فقد جرت سنته في خلقه بأن بقاء الأمم عزيزة إنما يكون بمحافظة الجماهير فيها على الأخلاق والأعمال التي تكون بها العزة، ويحفظ بها المجد والشرف، ومن لم يعتبر بآيات الله في كتابه لا يعتبر بآياته وسنته في خلقه، فقد فتن المسلمون في دينهم ودنياهم، وحل بجميع بلادهم ما حل من البلاء، وهم لا يعتبرون".

والمقصود أنه يجب علينا أخذ الحذر والحيطة من اليهود، بالابتعاد التام عن كل ما خططوه، وأن نعرف مراد الله من هذه الآية الكريمة التي ذكرت بعض تفسيرها، وأختمه بأنها تنص على وحدة دين الله لموسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام وغيرهما من الأنبياء، وأنها تنص على تصديق هذا الدين المحمدي لما قبله في أصوله، أما تعنت اليهود فقد نصت عليه كسابقاتها، وسنرى في الآيات المقبلة أمراً عجباً من تعنتهم ومتناقضاتهم ، وبالله التوفيق.

[1] هكذا يزعمون، بل هكذا يكذبون.



رابط الموضوع: http://www.alukah.net/Sharia/0/37851...ــــــــــــــ
رد مع اقتباس
 
إضافة رد

أدوات الموضوع ابحث في الموضوع
ابحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 10:16 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.2
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.