تصور هذا الموقف، أنت تقف على إشارة مرور حمراء داخل سيارتك، والشمس شديدة الحرارة، السيارة ليس بها مكيف هواء، الصف أمامك طويل، والإشارة الضوئية بطيئة بالكاد يمر منها سيارتين أو ثلاثة سيارات، ومدة الإنتظار لتحول الضوء الأحمر للأخضر طويلة، ثم وأنت تنتظر في طابور الإنتظار أنت وغيرك، تأتي بين فينةٍ وأخرى سيارةٌ مسرعة من جهة اليمين تتجاوز كل السيارات المنتظرة، وتحشر نفسها أمام أول سيارة في الطابور، بحيث لا يستطيع السائق المنتظر المرور بدون أن يعطيه الطريق، فيصبح زمن الإنتظار الذي عليك إحتمالة مضاعف ثلاث أو أربع مرات، بالله عليكم أسألكم بصدق (كيف ستشعر؟) ألن يدخل الضيق في نفسك من كل هؤلاء الذين تجاوزوك بلا وجه حق، كيف ستشعر تجاههم وهم إخوانك بالدين، والرسول يقول (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)، فكيف سنحبه ونأتمر بأمر الرسول عليه الصلاة والسلام، وهذا يدخل الغيظ في قلوبنا رغماً عنا؟ كيف نستطيع أن نحترمه، وهو لا يراعي الله ولا يراعي أوامر الرسول فينا؟ نسأل الله الهداية والصبر ونزع الغل من الصدور (اللهم لا تجعل في قلوبنا غلا للذين أمنوا). وقس على هذا الأمر كثيراً مما نشاهده يتكرر في كل مكان، طابور البريد، طابور دائرة الهاتف، طابور التأمين الوطني، طابور وزارة الداخلية، طابور البنك، طابور الأرنونا، وهكذا.
وهذا الأمر منتشر وللأسف الشديد، فمن الناس من يفرح عندما يموت الأب ويوصي أن توزع التركة على البنات، فيتشدد في أنه يريد تنفيذ وصية أبوه، ويرفض أن يقسم لأخواته حصتهم، وينسى هذا الذي تشدد في تنفيذ الوصية، ينسى أن عليه أولا تنفيذ وصية الرب، وصية الله رب العالمين في قوله عز وجل (يُوصِيكُمُ اللَّهُ)، وينسى أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ثم أن هناك نوع أخر من الإخوة، الأخ الخبيث المحتال الماكر، الذي يعطي المال ويقسمه لأخواته، ولكنه يأخذ بالتذلل تارة والتمسكن أخرى، حتى يرق قلب أخته عليه فتعطيه التركة قائلة له (خذ مال أبي، أنت أحق به مني، لا يوجد فرق بيني وبينك)، وما أن يضع يده على المال، حتى تنتهي الزيارات والولائم والاتصالات الهاتفية للاطمئنان عن أحوال أخته، فتنقطع صلة الرحم التي كانت في أجمل صورها، ثم أن هناك نوع ثالث من الأخوة، النوع القاسي الظالم، الذي يوصيه أبوه أن لا يظلم أخواته، ويقوم بوعد الأب ويقسم له الأيمان بأن يكون الأخ البار الحنون عليهم، وما أن يموت الأب حتى يأكل الأخ حقوق أخواته زوراً وبهتاناً مدعياً أن والده لم يترك شيء، وربما تذرع وأدعى أيضاً أن أباه كان مديناً، وأن عليهم جمع ما يمكن جمعه من مال لسد ديونه.
قبل أن نختم أتساءل
أود قبل أن أختم هذه المطوية، أن أتساءل، هل أصناف الناس الذين ذكرناهم هم من المؤمنين؟ هل هم إخواننا وأبنائنا وآبائنا وأعمامنا وأخوالنا وأصدقائنا؟ هل يحبون الله والرسول؟ أنا متأكد أنهم يحبون الله، ويحبون الرسول، ومن هنا تأتي حيرتي، ربما أنمهم لا يرون ما نرى، ولا يعرفون ما أعرف، لذلك فإني انصحهم بالله وأدعوكم أن تنصحوهم معي، أن يكفوا، وأن يعودا لرشدهم، وأن يعودوا لدينهم، دعونا نسألهم معا، لنقل لواحدهم، إن كنت تحب الرسول فعلاً، وإن كنت تحبه أكثر من نفسك ومالك وولدك كما تقول، وإن كنت مستعد أن تدفع كل ما تملك من أجل رؤيته صلى الله عليه وسلم، تخيل لو أن الرسول بيننا، واسأل نفسك، لو أنه صلى الله عليه وسلم دخل على طابور، فكيف يتصرف؟ هل يتجاوز كل الناس، ويغمصهم حقها، ويبخسهم أشياءهم، ويقف أولهم؟ أم أنه يختار أن يأخذ دوره مِثله مِثل باقي الناس؟ ما رأيك أنت؟ ماذا سيفعل عليه الصلاة والسلام؟ نعم أسمعك، إنك تقول أنه سيختار أن يكون مثل باقي الناس، إذن من تحسب نفسك أنت عندما تتقدم وتغمص الناس حقوقها وتبخسهم أشيائهم، ربما تحسب نفسك أنك أفضل من الرسول عليه الصلاة والسلام؟ إن كنت فعلاً تحب الرسول، فإنك لن تفعل ما يخجل الرسول أن يفعله، لن تغمص الناس حقوقها، لن تأكل حق زوجتك، لن تحرم بنتك من الميراث، لن تأكل حق أختك، لن تأكل حقوق العباد، اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا إتباعه، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه.
__________________
اللهم علمنا ما ينفعنا - وإنفعنا بما علمتنا
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه - وأرنا الباطل باطلا وأرزقنا إجتنابه
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
اللهم إجعل عملنا خالصا لوجهك الكريم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبة وسلم
آخر تعديل بواسطة admin ، 06-19-2009 الساعة 09:46 AM
تصور هذا الموقف، أنت تقف على إشارة مرور حمراء داخل سيارتك، والشمس شديدة الحرارة، السيارة ليس بها مكيف هواء، الصف أمامك طويل، والإشارة الضوئية بطيئة بالكاد يمر منها سيارتين أو ثلاثة سيارات، ومدة الإنتظار لتحول الضوء الأحمر للأخضر طويلة، ثم وأنت تنتظر في طابور الإنتظار أنت وغيرك، تأتي بين فينةٍ وأخرى سيارةٌ مسرعة من جهة اليمين تتجاوز كل السيارات المنتظرة، وتحشر نفسها أمام أول سيارة في الطابور، بحيث لا يستطيع السائق المنتظر المرور بدون أن يعطيه الطريق، فيصبح زمن الإنتظار الذي عليك إحتمالة مضاعف ثلاث أو أربع مرات، بالله عليكم أسألكم بصدق (كيف ستشعر؟) ألن يدخل الضيق في نفسك من كل هؤلاء الذين تجاوزوك بلا وجه حق، كيف ستشعر تجاههم وهم إخوانك بالدين، والرسول يقول (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)، فكيف سنحبه ونأتمر بأمر الرسول عليه الصلاة والسلام، وهذا يدخل الغيظ في قلوبنا رغماً عنا؟ كيف نستطيع أن نحترمه، وهو لا يراعي الله ولا يراعي أوامر الرسول فينا؟ نسأل الله الهداية والصبر ونزع الغل من الصدور (اللهم لا تجعل في قلوبنا غلا للذين أمنوا). وقس على هذا الأمر كثيراً مما نشاهده يتكرر في كل مكان، طابور البريد، طابور دائرة الهاتف، طابور التأمين الوطني، طابور وزارة الداخلية، طابور البنك، طابور الأرنونا، وهكذا.
وهذا الأمر منتشر وللأسف الشديد، فمن الناس من يفرح عندما يموت الأب ويوصي أن توزع التركة على البنات، فيتشدد في أنه يريد تنفيذ وصية أبوه، ويرفض أن يقسم لأخواته حصتهم، وينسى هذا الذي تشدد في تنفيذ الوصية، ينسى أن عليه أولا تنفيذ وصية الرب، وصية الله رب العالمين في قوله عز وجل (يُوصِيكُمُ اللَّهُ)، وينسى أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ثم أن هناك نوع أخر من الإخوة، الأخ الخبيث المحتال الماكر، الذي يعطي المال ويقسمه لأخواته، ولكنه يأخذ بالتذلل تارة والتمسكن أخرى، حتى يرق قلب أخته عليه فتعطيه التركة قائلة له (خذ مال أبي، أنت أحق به مني، لا يوجد فرق بيني وبينك)، وما أن يضع يده على المال، حتى تنتهي الزيارات والولائم والاتصالات الهاتفية للاطمئنان عن أحوال أخته، فتنقطع صلة الرحم التي كانت في أجمل صورها، ثم أن هناك نوع ثالث من الأخوة، النوع القاسي الظالم، الذي يوصيه أبوه أن لا يظلم أخواته، ويقوم بوعد الأب ويقسم له الأيمان بأن يكون الأخ البار الحنون عليهم، وما أن يموت الأب حتى يأكل الأخ حقوق أخواته زوراً وبهتاناً مدعياً أن والده لم يترك شيء، وربما تذرع وأدعى أيضاً أن أباه كان مديناً، وأن عليهم جمع ما يمكن جمعه من مال لسد ديونه.
قبل أن نختم أتساءل
أود قبل أن أختم هذه المطوية، أن أتساءل، هل أصناف الناس الذين ذكرناهم هم من المؤمنين؟ هل هم إخواننا وأبنائنا وآبائنا وأعمامنا وأخوالنا وأصدقائنا؟ هل يحبون الله والرسول؟ أنا متأكد أنهم يحبون الله، ويحبون الرسول، ومن هنا تأتي حيرتي، ربما أنمهم لا يرون ما نرى، ولا يعرفون ما أعرف، لذلك فإني انصحهم بالله وأدعوكم أن تنصحوهم معي، أن يكفوا، وأن يعودا لرشدهم، وأن يعودوا لدينهم، دعونا نسألهم معا، لنقل لواحدهم، إن كنت تحب الرسول فعلاً، وإن كنت تحبه أكثر من نفسك ومالك وولدك كما تقول، وإن كنت مستعد أن تدفع كل ما تملك من أجل رؤيته صلى الله عليه وسلم، تخيل لو أن الرسول بيننا، واسأل نفسك، لو أنه صلى الله عليه وسلم دخل على طابور، فكيف يتصرف؟ هل يتجاوز كل الناس، ويغمصهم حقها، ويبخسهم أشياءهم، ويقف أولهم؟ أم أنه يختار أن يأخذ دوره مِثله مِثل باقي الناس؟ ما رأيك أنت؟ ماذا سيفعل عليه الصلاة والسلام؟ نعم أسمعك، إنك تقول أنه سيختار أن يكون مثل باقي الناس، إذن من تحسب نفسك أنت عندما تتقدم وتغمص الناس حقوقها وتبخسهم أشيائهم، ربما تحسب نفسك أنك أفضل من الرسول عليه الصلاة والسلام؟ إن كنت فعلاً تحب الرسول، فإنك لن تفعل ما يخجل الرسول أن يفعله، لن تغمص الناس حقوقها، لن تأكل حق زوجتك، لن تحرم بنتك من الميراث، لن تأكل حق أختك، لن تأكل حقوق العباد، اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا إتباعه، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه.
حقائق :
وقس على هذا الأمر كثيراً مما نشاهده يتكرر في كل مكان، طابور البريد، طابور دائرة الهاتف، طابور التأمين الوطني، طابور وزارة الداخلية، طابور البنك، طابور الأرنونا، وهكذا.