عرض مشاركة واحدة
 
  #8  
قديم 02-18-2012
نائل أبو محمد نائل أبو محمد غير متواجد حالياً
عضو بناء
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 6,651
افتراضي رد: بعض جوانب التاريخ الاجتماعي للقدس في العهدين الأيوبي والمملوكي د. علي السيد علي محمود

السبت 26 ربيع الأول 1433

أدوات الزينة:
لعلَّ أولَ ما يلفت النظرَ في نِساء ذلك العَصْر في مصر والشام بوجه عام، وبيت المقدس بوجه خاص، أنَّ الواحدة منهنَّ لم تهمل العنايةَ بنفسها وجسدها، وإبراز محاسنها؛ نظرًا لِمَا عرف في ذلك العَصْر من أنواع الزِّينة المختلفة، ومِن طلاء الأظافر، والوَشْم الذي اعتادَه كثير من النساء أن يزيِّنَّ به أجزاءً مختلفةً من أبدانهنَّ، فقد ذَكَر الرحَّالة اليهودي موشلام بن مناحم الفولتيري: أنَّ نساء هذه البلاد اعتدْنَ أن يزينَّ أجسامهنَّ برسوم مختلفة، لا يمكن إزالتُها من على الجلد لمدة سِتَّة أشهر على الرغم مِن ذهابهنَّ كثيرًا إلى الحمَّامات العامة[53].

هذا إلى جانب ما يُشير إليه بعضُ الرحَّالة من أنَّ النساء كنَّ يقمن بتخضيب أيديهنَّ وأرجلهنَّ بالحناء، كما اعتدنَ طلاء أظافرهنَّ بطلاء أحمر اللون[54].

• وتذكُر الوثائق بعضَ أدوات الزِّينة التي تستخدم لزينة الرأس أو الأذن، أو الرقبة، أو اليد أو الأصابع، فقد جاء في بعض الوثائق أن كثيرًا من النساء اعتدنَ أن يزينَّ أعناقهنَّ بقلائدَ أو سلاسلَ مصنوعةٍ من البللور، أو الأحجار الكريمة، كالعقيق، أو الجزع، أو الذهب، أو اللؤلؤ، أو الخرز[55].

ومِن أنواع الزِّينة التي جاء ذِكْرُها في الوثائق وكانت تستخدم لزينة الرأس، "مشخص ذهب فلوري"؛ أي: دينار الذهب الفلورنسي، و"لوح ذهب جنس صوري" أي الدنانير الذهبية المنسوبة إلى مدينة صُور، وعليها صُوَر منقوشة، و"لوح ذهب مكتوب فيه"؛ أي: دينار ذهب منقوش عليه بعضُ الكتابات، وهذه الأنواع كانتْ توضع في عصابات الرأس حيث تُعلَّق بها سلاسلُ معدنيَّة، تثبَّت فيها تلك المشاخص والألواح المشار إليها، فهي تلبسها النِّساء كالطواقي، وتزين بقطع نقدية فِضيَّة، أو قطع نقدية ذهبية[56].

هذا إضافةً إلى "الكلابند"، ولعلَّها مشتقَّة من "الكلبدون"، الذي انتشر في العصْر العباسي، وهي مِثل الطَّرْحة التي تُلبس فوقَ الرأس، وتكون من مطروق الذَّهَب والفِضَّة.

وإن كانت "الكلبندات" كلمةً فارسيَّة، معناها لباس الرقبة، أو الكوفية التي تلبسها النِّساء على رؤوسهنَّ، وتربط تحت الذقن، وتُطلق أيضًا على حُليٍّ ذهبية تُلبس حول الرقبة[57].

• ولزينة الأذن فقد لبستِ النِّساءُ أنواعًا من الحلق بأشكاله المختلفة، فقد وُجِد في تَرِكة إحدى النِّساء حلق ذهب بشمائج أربعِ لؤلؤات، وعندَ أخرى حلق ذهب بفصِّ جميز، كما جاء ذِكْر قُرْط ذهب بلولو، ومنمقة بأحرُف هجائية[58].

ومن ناحية أخرى: فقدِ استخدم كثيرٌ من النساء أنواعًا من الأساور لتزيين اليد، وكانت تلك الأساور زرقاءَ اللون، ومعلَّقًا بها حبَّات من اللؤلؤ بلغت أربعًا في إحداها، كما نلاحظ أنَّ لها أشكالاً مختلفة، فقد كان سوار إحدى النِّساء - والمذكور في الوثيقة رقم 124 - ذهبيًّا، وعلى هيئة العقرب، وسوار آخر على هيئة الدلو[59].

• أما أدوات زينة الأصابع: فقدِ اقتصرتْ على الخواتم بأنواعها المختلفة، وأشكالها المتعدِّدة، وكان معظمها مصنوعًا من الذَّهب أو الفِضَّة، وقد تكون بفصوص حمراء، أو زرقاء بلورية، أو فصوص العقيق، وقد تكون بلا فصوص[60].

• هذا إضافةً إلى موادِّ الطِّيب، مثل: العنبر وغيره، ومواد الكُحْل للعين بمكاحلها الزجاجيَّة التي كانت على هيئة قلبين، وفي إحدى الوثائق كانت المكحلة من مادة الفُخار، إلى جانب زجاجات العطر أو "العطريات" التي يحفظ فيها العطر بأنواعه المختلفة، والمباخِر ذات الأبراج والأمشاط لتمشيط الشَّعْر، والمرايا بحاملها النحاسي[61].

هذا إلى جانب ما يَذكُره أحدُ الرحَّالة الأوربيِّين، الذين زاروا البلادَ في ذلك العصر، مِن أنَّ النساء كُنَّ يرتدين السراويل الطويلة التي تزيِّن أطرافَها الأحجارُ الكريمة واللآلي، إلى جانب أنَّ العديد مِن النساء كنَّ يثقبنَ آذانهنَّ ما بيْن عشرة وثمانية ثقوب، ويثبتنَ فيها اللآلي المختلفة، وبذلك يمكنك التعرُّف على مستوى الواحدة منهنَّ الاقتصادي والاجتماعي مِن خلال أذنيها[62].

هذا عدَا الخلاخيل التي توضَع فوقَ السراويل حتى تظهر للعِيان، وقد تَضرِب الواحدة منهنَّ برِجلها في الغالب، حتى يسمعَ لها حِسُّ هذه الخلاخيل، التي غالبًا ما كانت تُصْنع من الذهب أو الفضة، وتُحلَّى بالجواهر الثمينة[63].

ويُشير الشعراءُ في إشارات خاطِفة إلى بعض ما كان يتفنَّنُ فيه نساء ذلك العصر مِن جعْل شعورهن على هيئة خاصَّة، فقد كان منهنَّ مَن تفرق شَعْرَها فوق الجبين، وتضفره عِدَّة ضفائر، واضعة بعضها فوق بعض، وقد يرخي بعضُهنَّ هذه الضفائرَ خلفهنَّ.

كما كان بعضهنَّ يسدلنَ خُصلاً من الشَّعْر على خدودهن تنساب هفهافةً على غير نظام، وكان بعضهنَّ يجعلنَ هذه الخُصلاتِ تستدير حولَ صدغيها، وكان بعضهنَّ يجعلنَ هذه الخصلات تستدير حولَ الخدِّ على هيئة العقرب؛ لذلك كثر حديثُ الشعراء عن الشَّعر المعقرب، وعقارب الأصداغ التي تحمي وردَ الخدود، ولم تكن تلك العناية بزينة المرأة قاصرةً على بنات المدينة، بل شاركتْ فيها المرأة الرِّيفيَّة بحسب مستواها الاقتصادي والاجتماعي[64].


رابط الموضوع: http://www.alukah.net/Culture/1007/29254/#ixzz1mYY8FVr4
رد مع اقتباس