عرض مشاركة واحدة
 
  #2  
قديم 06-01-2009
نائل أبو محمد نائل أبو محمد غير متواجد حالياً
عضو بناء
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 6,651
افتراضي رد: من كتابات هشام العارف


فتنة الهرج - 1
إعداد: هشام بن فهمي العارف
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد...؛
فتنة الهرج
أخرج الإمام أحمد ، والطبراني وهو في "صحيح الجامع" (2852) عن خالد بن الوليد عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال:
(1) "بين يدي الساعة أيام الهَرْج".
وعن معقل بن يسار ـ رضي الله عنه ـ؛ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال:
(2) "العبادة في الهَرَجِ كهجرةٍ إلي". رواه الإمام مسلم (2948)، والترمذي، وابن ماجه، والحديث أخرجه الإمام أحمد بلفظ: "العبادة في الفتنة كهجرةٍ إلي".
ومعنى الهرْج: قال في "النهاية": "أي: قتال واختلاط . وقد هرَجَ الناس يهرجون هرْجاً، إذا اختلطوا. وأصل الهَرْج: ـ بفتح الهاء وسكون الراء المهملة ـ الكثرة في الشيء والاتساع".
ويقع الهرج عند الاختلاف والفتن، وقد فسر في بعض الأحاديث بالقتل؛ لأن الفتن والاختلاف من أسبابه، فأقيم المسبَّب مكان السبب.
قال النووي في "شرح مسلم": "المراد بالهرْج هنا الفتنة، واختلاط أمور الناس، وسبب كثرة فضل العبادة فيه: أن الناس يغفلون عنها، ويشتغلون عنها، ولا يتفرغ لها إلا أفراد"
ونقل المناوي في "فيض القدير" (4/373) قول ابن العربي: "وجه تمثيله بالهجرة: أن الزمن الأول كان الناس يفرُّون فيه من دار الكفر وأهله، إلى دار الإيمان وأهله، فإذا وقعت الفتن؛ تعيَّن على المرء أن يفر بدينه من الفتنة إلى العبادة، ويهجر أولئك القوم وتلك الحالة، وهو أحد أقسام الهجرة".
ونقل التويجري ـ رحمه الله ـ في كتابه "إتحاف الجماعة" (1/94) قول الحافظ ابن رجب ـ رحمه الله ـ: "وسبب ذلك أن الناس في زمن الفتن يتَّبعون أهواءهم ولا يرجعون إلى دين؛ فيكون حالهم شبيهاً بحال الجاهلية، فإذا انفرد من بينهم من يتمسك بدينه، ويعبد ربه، ويتبع مراضيه، ويجتنب مساخطه، كان بمنزلة من هاجر من بين أهل الجاهلية إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ مؤمناً به، متَّبعاً لأوامره، مجتنباً لنواهيه". انتهى كلام ابن رجب.
وقال الأُبّيُّ ـ رحمه الله ـ في كتابه "إكمال إكمال المعلم" (7/283): "الهرج: الفتنة والاختلاط، ووجه التشبيه: أن المهاجر فرَّ بدينه ممن يصدّه عنه إلى الاعتصام برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وكذلك هذا المنقطع للعبادة في الفتنة فرَّ عن الناس بدينه إلى الاعتصام بعبادة ربه ـ عز وجل ـ فهو مهاجر إلى الله ـ سبحانه وتعالى ـ".أ.هـ
من أجل ذلك كان من المعاني المهمة لهذا الحديث: الترغيب في العمل الصالح عند فساد الزمان، ولأن الهجرة ـ في سبيل الله ـ من العمل الصالح، فالاشتغال بالطاعة والعبادة هجرة، لأن فيها ترك للخطايا والذنوب التي تجرّها الفتن، كما قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد وهو في "الصحيحة" (549):
(3) "ألا أخبركم بالمؤمن؟ من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم، والمسلم من سلم الناس من لسانه ويده، والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله، والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب".
ومن معاني الهجرة: هجر ما نهى الله عنه، وهجر ما كرهه الله ـ عز وجل ـ وفي ذلك عبادة وطاعة؛ جاء في رواية أخرجها أحمد وهي في "الصحيحة" (553):
(4) "أفضل الهجرة: أن تهجر ما كره ربك ـ عز وجل ـ".
وقد بوَّب المنذري باباً بهذا المعنى في كتاب التوبة والزهد من كتابه المعروف المشهور "الترغيب والترهيب"، صدَّره بما رواه ابن ماجه، والترمذي، عن أبي ثعلبة الخشني قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
(5) "فإن من ورائكم أيامَ الصبرِ، الصبرُ فيهن مثل القبضِ على الجمر، للعامل فيهن مثلُ أجرِ خمسين رجلاً يعملون مثلَ عمله".
وزاد أبو داود: "قيل: يا رسول الله! أجرُ خمسين رجلاً منا أو منهم؟ قال" "بل أجرُ خمسين منكم". وأخرج نحوه ابن نصر في "السنة" وهو في "الصحيحة" (494).
ومعلوم أن الصبر: خلق ودين، فيحتاج القائم على هذه العبادة إلى أمرين:
الأول: الفطنة في ضبط النفس عن التهور في اتخاذ القرار إذا ابتلي صاحبها بمصيبة ما من مصائب أيام الفتن. بحيث لا يغريه التهور الدخول في الفتنة والانشغال بها.
الثاني: عدم الغفلة عن الاستمرار في العبادة القائمة على الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة، والدعوة إلى الله على بصيرة. فعليه أن يشتغل بالذكر، والعلم، والتعليم، والعبادة لأن الأمور في فتنة الهرْج خاصةً تزداد اختلاطاً، وتتسع اختلافاً، بحيث لا ينجو من زحام تدافعها إلا القليل من القليل.
وقد روى ابن أبي شيبة في "مصنفه" (15/40): عن حذيفة قال: "والله لا يأتيهم أمر يضجون منه، إلا أردفهم أمر يشغلهم عنه".
من أجل ذلك خصَّ الإمام مسلم ـ رحمه الله ـ في "صحيحه" باباً في كتاب الفتن وأشراط الساعة سمَّاه "باب فضل العبادة في الهرج".
فالصبر والعبادة في الفتن لها أجر عظيم، كيف لا وقد حث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على المبادرة إلى الأعمال الصالحة قبل دخول الفتن. فما بالك بالذي يعمل الصالح ـ متعبداً ربه عز وجل ـ أثناء حدوثها؟ أو على الأقل يكون في منأى عنها، جنَّبه الله إياها.
روى أبو داود في "سننه" وهو في "الصحيحة" (975) عن المقداد بن الأسود مرفوعاً:
(6) "إن السعيد لمن جُنِّب الفتن، ولمن ابتلي فصبر".
وأخرج الإمام مسلم في "صحيحه" عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ مرفوعاً:
(7) "بادروا بالأعمال فتناً؛ كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً، ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً، يبيع أحدهم دينه بعرض من الدنيا قليل". وفي رواية: "يبيع أقوام دينهم بعرض الدنيا".
روى الترمذي "صحيح سنن الترمذي" (1789) عن الحسن: أنه كان يقول في هذا الحديث: "يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً، ويصبح كافراً ويمسي مؤمناً" قال: " يصبح محرِّماً لدم أخيه وعرضه وماله، ويمسي مستحلاًّ له، ويمسي محرِّماً لدم أخيه وعرضه ماله، ويصبح مستحلاًّ له".
وعنه فيما أخرجه أحمد (4/272): "فوالله لقد رأيناهم صوراً ولا عقولاً، وأجساماً ولا أحلاماً، فراش نار وذباب طمع، يغدون بدرهمين ويروحون بدرهمين، يبيع أحدهم دينه بثمن العنز".
وأخرج ابن حبان "صحيح ابن حبان" (1583) عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
(8) "لا تقوم الساعة؛ حتى تكون السجدة الواحدة خيراً من الدنيا وما فيها".
المصدر وباقي الحلقات :http://www.aqsasalafi.com/aqsasalafimain/index.php
نظرت للرابط فهو لا يعمل وتركته للذكرى والتوثيق ، محطات في حياة الدعوة / بيت المقدس .
--------------------------------------------------------------------------------
التعديل الأخير تم بواسطة نائل سيد أحمد ; 14-02-2007 الساعة 02:16 PM
رد مع اقتباس