عرض مشاركة واحدة
 
  #6  
قديم 06-14-2009
نائل أبو محمد نائل أبو محمد غير متواجد حالياً
عضو بناء
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 6,651
افتراضي رد: الشيخ خالد حسن المغربي

توقعت أن الروابط لا تعمل ,,
والتوقع جاء من التجربة .
على كل حال هذا الذي كان ولكن عدد صفحات أكثر :

ــــــــــــــــــــــــ
بسم الله الرحمن الرحيم

الوقف في مدينة القدس وأكنافها



تطور الوقف في مدينة القدس

عرفت مدينة القدس نظام الوقف الإسلامي منذ أن دخلت في رحاب الإسلام، وقد مسح الاحتلال الفرنجي للقدس خلال الفترة الزمنية الطويلة التي تمكّن فيها من هذه المدينة (492هـ/1099م – 583هـ/1187م) كل ما كان فيها من تراثٍ عربي وإسلامي مخطوط، حتى أنّهم رموا أحد علماء القدس وهو مكي بن عبد السلام بن الرميلي المقدسي المحدث بالحجارة على باب أنطاكية حتى نال الشهادة (1) .

وقد اعتنى السلطان صلاح الدين الأيوبي بعد تحرير القدس في سنة 583هـ/1187م بتحسين أوضاع المدينة المقدسة وإعادتها إلى ما كانت عليه قبل احتلالها من الفرنج، فقام بتدشين المؤسسات العلمية والدينية والصوفية فضلاً عن اهتمامه بعمارة القدس وتحصين سورها ودفاعاتها، ومن الأوقاف التي حبّسها السلطان صلاح الدين الأيوبي في القدس وقفية المدرسة الصلاحية، والخانقاه الصلاحية، والبيمارستان الصلاحي. كما اعتنى سلاطين وملوك وأمراء الدولة الأيوبية بتطوير الأوقاف الإسلامية في القدس حفاظاً على إسلامية المدينة، ومن هؤلاء الملك الأفضل نور الدين علي بن السلطان صلاح الدين الأيوبي الذي وقف الحارة المعروفة بحارة المغاربة على المغاربة المقيمين في القدس(2)، والملك المعظم شرف الدين عيسى بن أخي صلاح الدين الأيوبي الذي وقف عدداً من المدارس في رحاب المسجد الأقصى وفي أرجاء القدس.

وبالرغم من ازدهار الوقف الإسلامي في القدس في بدايات العصر الأيوبي، إلاّ أن هذه المدينة عانت في عهد الأيوبيين لا سيما بعد سنة 616هـ/1219م من قلاقل سياسية كثيرة أثرت بشكلٍ كبير على تطور الوقف الإسلامي فيها، فقد أثرت حادثة هدم وتخريب تحصينات القدس على يد الملك المعظم شرف الدين عيسى في تلك السنة على استقرار المدينة السياسي والاقتصادي والاجتماعي .

لقد رحل بعد تخريب سور القدس جُلّ سكان المدينة وهجروها خوفاً من قدوم الفرنج من جديد وذبح المسلمين تماماً كما فعلوا عند احتلالهم لها في سنة 492هـ/1099م، وقد كان خوف المقدسيين في محلّه، إذ احتل الفرنجُ القدسَ من جديد بعد عشر سنواتٍ أي في سنة 626هـ/1229م(3)، واستمر احتلالهم لها حتى سنة 637هـ/1239م، ثم عادوا واحتلوها مرةً ثالثةً في الفترة ما بين 641هـ/1243م – 642هـ/1244م(4)، وهكذا بقيت المدينة في حالةٍ غير مستقرة ضاعت خلالها معظم أوقافها وخلت من المؤسسات والعقارات التي كانت تموّل هذه الأوقاف.

وينفرد النعيمي(5) بأحسن وصفٍ لما آلت إليه حال الوقف الإسلامي في المدينة المقدسة في العصر الأيوبي، فقد نقل أنّ عز الدين أيبك المعظمي أستادار الملك المعظم شرف الدين عيسى كان قد وقف مدرسةً في القدس عرفت بالمدرسة العزّية، لكنه شرط أن تؤول منفعة وقفه على مدرسة القدس فقط حينما تكون القدس فقط بيد المسلمين، في حين خصّص منفعة وقفه إلى المدرسة الحنفية التي وقفها في الجامع الأموي بدمشق إذا ما كانت القدس تحت الاحتلال الفرنجي، وهذه الحادثة تؤكد تراجع الاستقرار السياسي في المدينة المقدسة بعد وفاة السلطان صلاح الدين الأمر الذي أدى إلى تراجع الاهتمام بالوقف الإسلامي في القدس بعد وفاة السلطان صلاح الدين الأيوبي.

عادت مدينة القدس تزدهر بأوقافها الإسلامية بعد خروج الفرنج للمرة الثالثة والأخيرة، ولكن هذه المرة برعاية الدولة المملوكية التي اهتم سلاطينها وأمراؤها بإنشاء المؤسسات الخيرية ووقفها على مصالح المسلمين، وقد ازدهرت المباني الوقفية كالمدارس والترب والزوايا وخدمت مختلف النواحي الحياتية في المدينة المقدسة وقد وثّق مؤرخ القدس والخليل قاضي القضاة مجير الدين عبد الرحمن العليمي الحنبلي تلك الأوقاف في كتابه الأنس الجليل في تاريخ القدس والخليل، ومن هذه الأوقاف: وقف الملك الظاهر بيبرس على مقام النبي موسى في سنة 668هـ/1269م، ووقف الأمير تنكز الناصري(6) نائب الشام في سنة 730هـ/1329م، ووقف الأمير منجك(7) في سنة 776هـ/1355م، ووقف الملك الأشرف قايتباي(8) في سنة 877هـ/1473م.

كما ازدهر الوقف الإسلامي في القدس في العهد العثماني بشكلٍ فاق كل العصور، وعرفت القدس نوعاً جديداً من الأوقاف الإسلامية إلى جانب الوقف الخيري والوقف الذري تمثل في وقف النقود، وفي هذا العصر شهدت القدس كبرى أوقافها عبر التاريخ، وهو وقف خاصكي سلطان زوجة السلطان سليمان خان القانوني بالإضافة إلى الننافس الشديد بين سكان وأهالي المدينة على فعل الخير من خلال تحبيس العقارات ووقفها للمصلحة العامة.

مصادر الوقفيات وأماكن وجودها

1. سجلات المحكمة الشرعية

تُعد سجلات المحكمة الشرعية في القدس أهم المصادر التاريخية التي تحتفظ بأصول حجج وكتب الوقف الخاصة بالمدينة المقدسة، فهذه السجلات تحتضن معظم حجج الوقف التي ترقى إلى العصر العثماني بالإضافة إلى إسجالات لحجج وقف من العصرين الأيوبي والمملوكي، وتبدأ سجلات محكمة القدس الشرعية في سنة 935هـ/1529م بسجلٍ غير مصور يحمل رقم أب، وهو يسبق السجل المعروف بالسجل الأول ويتألف من 351 صفحة سُجّل بها ست وقفيات .

ولما كانت السجلات الشرعية التي سُمح بتصويرها والمحفوظة أصولها في المحكمة الشرعية في القدس تبدأ بالسنة 936هـ/1529م، فإنّ جميع السجلات الشرعية التي تسبق السجل أب غير المصور قد ضاعت وتبعثرت بمرور الزمن ولم يبق لها أثر مما يعني أن غالبية وقفيات القدس التي تسبق ذلك التاريخ وترجع إلى فترات العصر الأيوبي والمملوكي ومطلع العهد العثماني ضاعت وأصبحت من الزمن الماضي للأسف الشديد .

والبحث طويل .
رد مع اقتباس