عرض مشاركة واحدة
 
  #21  
قديم 02-28-2011
الصورة الرمزية admin
admin admin غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 14,425
افتراضي زكاة الثروة التجارية - مقدمة

مقدمة

أباح الله للمسلمين أن يشتغلوا بالتجارة ويكسبوا منها، بشرط ألا يتجروا في سلعة محرمة ولا يهملوا العنصر الأخلاقي في معاملاتهم، من الأمانة والصدق والنصح، ولا تلهيهم مشاغل التجارة ومكاسبها عن ذكر الله وأداء حقه سبحانه (انظر في ذلك: كتابنا "الحلال والحرام" فصل "الكسب والاحتراف").
وقد عرفنا من الفصل الماضي، كيف فرض الإسلام زكاة سنوية (2.5بالمائة) على أصحاب النقود يطهرهم ويزكيهم بها، كما يطهر أموالهم ويزكيها وعرفنا من حكمة فرض هذه الزكاة: أن الشارع جعلها دافعًا قويًا، يسوق أصحاب النقود سوقًا حثيثًا، إلى استغلال أموالهم وتثميرها في كل عمل حلال، وكسب مشروع وبذلك ينجون من إثم الكانزين الذين يحبسون نقودهم عن التداول، ويعطلونها عن العمل في ميدان التثمير، كما تفيدهم هذه التنمية في إنقاذ أموالهم من أن تأكلها الزكاة بمرور الأعوام.
والتجارة من أنواع هذا الكسب المشروع ولهذا جاءت الآثار التي ذكرنا من قبل، آمرة بالاتجار في أموال اليتامى خاصة حتى لا تأكلها الزكاة.
فلا عجب أن تتحول طائفة غير قليلة من ثروات الأمة إلى التجارة، بمختلف أنواعها وفروعها وأن تصبح التجارة مصدرًا هائلاً لكسب المال وتنميته وأن يوجد بين التجار من يملك من السلع والبضائع ما يُقدَّر بالألوف والملايين.
ولا عجب أيضًا أن يفرض الإسلام في هذه الثروات، المستغلة في التجارة، والمكتسبة منها: زكاة سنوية، كزكاة النقود، شكرًا لنعمته تعالى، ووفاءً بحق ذوي الحاجة من عباده، مساهمة في المصالح العامة للدين والدولة، كما هو الشأن في كل زكاة.
ومن هنا عنى الفقه الإسلامي ببيان أحكام هذه الزكاة، ليكون التاجر المسلم على بيِّنة مما تجب فيه الزكاة من ماله، وما يعفى عنه.
ويسمى الفقهاء الثروة التجارية: "عروض التجارة " (العروض: جمع "عَرْض" بفتح العين وسكون الراء، وهو - كما في التاج-: ما خالف النقدين من متاع الدنيا وأثاثها، بخلاف العَرَض - بفتحتين - فهو حطام الدنيا ومتاعها قال الإمام النووي: مال التجارة: كل ما قصد الاتجار فيه عند اكتساب الملك بمعاوضة محضة "يعني معاوضة مالية" قال: وتفصيل هذه القيود: أن مجرد نية التجارة لا تصير المال مال تجارة، فلو كان له عرض قنية ملكه بشراء أو غيره، فجعله للتجارة "أي نوى به ذلك" لم يصر، على الصحيح الذي قطع به الجماهير "من الشافعية" وقال الكرابيسي من أصحابنا: يصير وأما إذا اقترنت نية التجارة بالشراء، فإن المشتري يصير مال تجارة ويدخل في الحول، سواء اشترى بعرض أو نقد، أو دين، حال أو مؤجل، وإذا ثبت حكم التجارة لا تحتاج كل معاملة إلى نية جديدة، ومعنى هذا: أنه يُعَد تاجرًا منذ أول سلعة يشتريها بنية التجارة.
أما لو كان له ما يقتنيه من متاع في بيته أو دابة يركبها أو نحو ذلك فنوى أن يتاجر بها، ويبيعها لذلك فلا تكفي هذه النية حتى يبيعها بالفعل ويقبض ثمنها ويبدأ من وقتها اعتبار التجارة) ويعنون بها: كل ما عدا النقدين مما يُعَد للتجارة من المال، على اختلاف أنواعه، مما يشمل الآلات والأمتعة والثياب والمأكولات، والحلي والجواهر، والحيوانات، والنباتات، والأرض والدور، وغيرها من العقارات والمنقولات.
وعرَّف بعضهم عروض التجارة تعريفًا دقيقًا فقال: هي ما يُعَد للبيع والشراء بقصد الربح (مطالب أولي النهى: 2/96).
فمن مَلَك منها شيئًا للتجارة وحال عليه الحَوْل، وبلغت قيمته نصابًا من النقود في آخر الحَوْل، وجب عليه إخراج زكاته، وهو ربع عُشر قيمته أي 2.5بالمائة كزكاة النقود، فهي ضريبة على رأس المال المتداول وربحه، لا على الربح وحده وسنفصِّل أحكام هذا الفصل في المباحث التالية:
المبحث الأول: في أدلة وجوب الزكاة في التجارة.
المبحث الثاني: في شبهات المخالفين من الظاهرية والإمامية والرد عليهما.
المبحث الثالث: في شروط زكاة التجارة.
المبحث الرابع: كيف يزكي التاجر ثروته التجارية.
__________________
اللهم علمنا ما ينفعنا - وإنفعنا بما علمتنا
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه - وأرنا الباطل باطلا وأرزقنا إجتنابه
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
اللهم إجعل عملنا خالصا لوجهك الكريم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبة وسلم
رد مع اقتباس