عرض مشاركة واحدة
 
  #5  
قديم 06-18-2009
الصورة الرمزية admin
admin admin غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 14,425
افتراضي رد: كتاب - أعداء اللغة العربية - للإستاذ سليم الحشيم

مميزات اللغة العربية
1. المميزات النطقية (الصوتية)
فحروف اللغة العربية لها مخارج محددة معينة وتتدرج من أقصى الحلق إلى ما بعد الشفتين، مما أدى إلى انسجام صوتي مع توازن و ثبات بالإضافة إلى الرابطة القوية بين ألفاظها، و لكل صوت من اللغة العربية صفة و مخرج و إيحاء و دلالة و معنى داخل وإشعاع وصدى وإيقاع ووقع موسيقي على ألآذن البشرية _هذا ما شهد به المستشرق ماسينون عام 1949 عندما تحدث عن تركيب اللغات المختلفة. والحروف في اللغة العربية لا تكرار فيها كما هو واضح وظاهر في باقي اللغات، ومع خبرتي في اللغة الرومانية يُلاحظ ان حرف العلة الالف يتكرر ثلاث مرات مما يجبر على التكلف في النطق وكذلك وجود حروف _هي بالواقع مؤلفة من حرفين أو أكثر مثل حرف (تسي) في اللغة الرومانية.وارتباط الحروف مع بعضها البعض مكونة الكلام ليس له نظير في اللغات الآخرى حيث أن هذا الارتباط والاجتماع يُبعد الوحشية والشذوذ والغرابة في اللفظ والنطق على السواء.فمثلاً لا تجتمع الزاي مع الظاء والسين والضاد والذال. ولا تجتمع الجيم مع القاف والظاء والطاء والغين والصاد، ولا الحاء مع الهاء، ولا الهاء قبل العين، ولا الخاء قبل الهاء ، ولا النون قبل الراء ، ولا اللام قبل الشين. وكذلك اجتماع الحروف له درب منطقي ومنحنى رفيع الذوق، فمثلاً اجتماع حرف السين والراء يدل على الخفاء والستر _كلمة سر_ ولو اُضيف حرف الفاء الدال على الإفصاح والتشهير _لفظة فسر_ يصبح اللفظ كاشفاً مبيناً.كما وأنه من الناحية التركيبية فإن كلام العرب وُضع على المبدأ الثلاثي _أي ثلاثة حروف_ وقليل منها أصله رباعي أو خماسي لكيلا يطول النطق و يعسر، فلم يكثروا من الألفاظ الثنائية خشية تتابع عدة كلمات في العبارة الواحدة فيضعف متن الكلام و يحدث فيه ما يشبه التقطع لتوالي الألفاظ المكونة من حرفين، كما هو حاصل في غير اللغة العربية.وقد شهد المستشرق رينان في كتابه (تاريخ اللغات السامية) للغة العربية قائلاً: "تلك اللغة التي فاقت أخواتها بكثرة مفرداتها ورقة معانيها و حسن نظامها، ظهرت كاملة من غير تدرج". وهناك أمر آخر في اللغة العربية لم اقرأه في كتاب من كتب اللغة وهو إن اللغة العربية لها استعمالات رفيعة فريدة في الحروف المفردة، والتي لم أجد له مثيل في غيرها من اللغات، فمثلاً حرف الباء_ويستعمل للإستعانة فتقول _كتبت بالقلم_، وحرف اللام المستعملة للإختصاص والتاء للقسم.واللغة العربية لغة موسيقية ولها وقع مميز على الآذان ومن موسيقاها أن العرب أكثر ما أبدعوا في الشعر الموزون المقفى وكانت أسواق أدبية يتبارزون فيها وكان الشعر أسمى ما يتكلم به العربي الخلص، حتى قيل: "الشعر ديوان العرب"... أي أن الشعر مرجع وقياس للغة العربية.
2. المميزات النحوية والصرفية
النحو: من نحوت نحوًا أي قصدت قصدًا، وهو إنتحاء سمت كلام العرب، في تصرفه من إعراب وغيره، كالتثنية، والجمع، والتحقير، والتكسير والإضافة، والنسب، والتركيب، وغير ذلك، ليلحق من ليس من أهل اللغة العربية بأهلها في الفصاحة، فينطق بها وإن لم يكن منهم، وإن شد بعضهم عنها رد به إليها. وقيل هو: علم بأحوال الكلمات العربية من جهة الإعراب والبناء، وتأثير السياق فيها.
بينما الصرف:علم تعرف به بنية الكلمة بعيدة عن السياق. واما الاعراب: هو الإبانة عن المعاني بالألفاظ، فمثلاً عند قولما يحترمُ احمدٌ أباه، وشكر سعيداً أبوه، علمت برفع أحدهما ونصب الآخر الفاعل من المفعول، ولو كان الكلام شرجاً واحداً لاستبهم أحدهما من صاحبه. قال إبن جني في الخصائص: "وأصل هذا كله قولهم "العرب" وذلك لما يعزى إليها من الفصاحة، والإعراب، والبيان. ومنه قوله في الحديث "الثيب تعرب عن نفسها" والمعرب: صاحب الخيل العراب، وعليه قول الشاعر:
يصهل في مثل جوف الطوى ==== صهيلاً يبين لـلـمـعـرب
أي إذا سمع صاحب الخيل العراب صوته علم أنه عربي. ومنه عندي عروبة والعروبة للجمعة، وذلك أن يوم الجمعة أظهر أمراً من بقية أيام الأسبوع، لما فيه من التأهب لها، والتوجه إليها، وقوة الإشعار بها، قال: بوائم رهطاً للعروبة صيماً ".اهـ
وبفضل الإعراب نستطيع التقديم والتأخير في الجملة وفق ما يناسب المعنى ويعطيه دلالات أعمق، مع المحافظة على مراتب الكلمات، فالفاعل يبقى فاعلا وإن أخرناه، والمفعول يبقى مفعولا وإن قدمناه ، لكنا نكون قد حظينا بمعان جديدة.وإن تأملنا فيما تقدم ظهر لنا أن الإعراب نفسه هو ضرب من ضروب الإيجاز في اللغة لأننا بالحركات نكتسب معاني جديدة دون أن نضطر لزيادة حجم الكلمة أو رفدها بمقاطع أخرى أو بأفعال مساعدة.ومن أهم المميزات أيضًا الإيجاز، وقولهم (البلاغة الإيجاز) مشهور جدا، فكأنهم قصروا البلاغة عليها، والإيجاز المقصود هو بالطبع ليس ما ينشأ عنه الخلل في الفهم، لكنه ما يستغني عن زوائد الكلام، ويحتفظ بالمعنى المراد.
وخاصية الإيجاز واضحة في أمور كثيرة، في اللفظ وفي الكتابة، فمن مظاهر ذلك أن الحرف المتحرك تكتب حركته فوقه أو تحته، ولا تكتب منفصلة عنه، فلا تأخذ حيزا في الكتابة، وهذه الحركة لا تكتب إلا في المواضع التي قد يضطرب فيها الفهم، فترسم لمنع اللبس.
كما سبق وذكرتُ أن اللغة العربية ليست توقيفية، فهي من وضع العرب، والعرب كغيرهم من الأمم وضعوا ألفاظًا واتفقوا واصطلحوا عليها فيما بينهم وأصبحت لغتهم التي يتسامرون ويتحادثون بها، فهي من اصطلاح العرب وليست توقيفًا من عند الله تعالى، ولكن لكونها لغة سامية (بمعنى راقية) في التعبير والإيجاز وذات ألفاظ دقيقة رقيقة اختارها الله تعالى على ما سواها من لغات وجعلها لغة كلامه (القرآن). الألفاظ وضعت ابتداءً للدلالة على معاني معينة، وقد وصلت إلينا هذه الألفاظ عن طريق الرواية الصحيحة وقد اشتهر بعض الرجال بالرواية منهم خلف الأحمر وحماد الراوية، فكل لفظ كي يكون عربيًا لا بد وان يروى عن العرب بالرواية الصحيحة، والمقصود بالرواية الصحيحة هو النقل المتواتر وخبر الآحاد.
هذه الألفاظ _كما يسميها أهل العلم الحقيقة_تشمل ثلاثة حقائق:
1. الحقيقة اللغوية:هي اللفظ المستعمل فيما وضع له أولا في اللغة.
2. الحقيقة الشرعية: هي اللفظ الذي نُقل عن مسماه اللغوي إلى الشرع لاستعماله له.
3. الحقيقة العرفية: هي اللفظ الذي نُقل عن مسماه اللغوي الى غيره للاستعمال العام في اللغة، مثل اصطلاح علماء اللغة والنحو على استعمال الفاعل والمفعول به وغيره.
والذي يهمنا هنا هي الحقيقة الشرعية لأنها هي التي لها اكبر الأثر على المسلمين من عرب وعجم، فكل مسلم عليه أن يعرف الأحكام الشرعية واستنباطها من أدلتها الشرعية، وهي القرآن الكريم والسنة النبوية، فالقرآن الكريم نزل بلسان عربي مبين، يقول الله تعالى: "بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ" (الشعراء26: 195) (195)/الشعراء، وغيرها من الآيات.ومع توسع الفتوحات الإسلامية ودخول شعوب غير عربيه إلى الإسلام مثل الفرس والتتار والترك وامتداد الرقعة الإسلامية مروراً بدولة الفرس والأتراك ودول البلقان وجنوب الجزيرة وشمال إفريقيا بدأ يظهر أثر العربية على كل تلك اللغات، وتقلدت موقعها بينها أي الصدر، وقد أجاد المسلمون غير العرب في اللغة فتعلموها وأتقنوها ونطقوا بها خير منطق، فمن فطاحل اللغة العربية ابتداءً بسيبويه وابن نفطويه ومرورًا بأبي علي الفارسي وابن جني والزركشي وحتى سعيد الأفغاني_رغم أن مولده كان في دمشق_ فوالده جاء من كشمير، كل هؤلاء قد برعوا وبرزوا وتقلدوا أسمى المراتب لمعرفتهم اللغة العربية.
__________________
اللهم علمنا ما ينفعنا - وإنفعنا بما علمتنا
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه - وأرنا الباطل باطلا وأرزقنا إجتنابه
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
اللهم إجعل عملنا خالصا لوجهك الكريم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبة وسلم
رد مع اقتباس