عرض مشاركة واحدة
 
  #2  
قديم 01-30-2012
سليم سليم غير متواجد حالياً
عضو مرابط
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 554
افتراضي رد: القاعدة الشرعية"شرع من قبلناليس شرع لنا"

قال الرازي في بفسير هذه الآية:"اعلم أنه تعالى لما قال في آخر الآية المتقدمة
{ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ }
[آل عمران: 84] أتبعه بأن بيّن في هذه الآية أن الدين ليس إلا الإسلام، وأن كل دين سوى الإسلام فإنه غير مقبول عند الله، لأن القبول للعمل هو أن يرضى الله ذلك العمل، ويرضى عن فاعله ويثيبه عليه، ولذلك قال تعالى:
{ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلْمُتَّقِينَ }
[المائدة: 27] ثم بيّن تعالى أن كل من له دين سوى الإسلام فكما أنه لا يكون مقبولاً عند الله، فكذلك يكون من الخاسرين، والخسران في الآخرة يكون بحرمان الثواب، وحصول العقاب، ويدخل فيه ما يلحقه من التأسف والتحسر على ما فاته في الدنيا من العمل الصالح وعلى ما تحمله من التعب والمشقة في الدنيا في تقريره ذلك الدين الباطل واعلم أن ظاهر هذه الآية يدل على أن الإيمان هو الإسلام إذ لو كان الإيمان غير الإسلام وجب أن لا يكون الإيمان مقبولاً لقوله تعالى: { وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ ٱلإسْلَـٰمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ } إلا أن ظاهر قوله تعالى:
{ قَالَتِ ٱلأَعْرَابُ ءَامَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُواْ وَلَـٰكِن قُولُواْ أَسْلَمْنَا }
[الحجرات: 14] يقتضي كون الإسلام مغايراً للإيمان ووجه التوفيق بينهما أن تحمل الآية الأولى على العرف الشرعي، والآية الثانية على الوضع اللغوي".
وقال ابن عاشور:"تفريع عن التذكير بما كان عليه الأنبياء.

والاستفهام للتوبيخ والتحذير.

وقرأه الجمهور { تبغون } بتاء الخطاب فهو خطاب لأهل الكتاب جارٍ على طريقة الخطاب في قوله آنفاً:
{ ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة }
[آل عمران: 80] وقرأه أبو عَمرو، وحفص، ويعقوب: بياء الغيبة فهو التفات من الخطاب إلى الغيبة، إعراضاً عن مخاطبتهم إلى مخاطبة المسلمين بالتعجيب من أهل الكتاب. وكله تفريع ذكر أحوال خلَف أولئك الأمم كيف اتبعوا غير ما أخذ عليهم العهد به. والاستفهام حينئذ للتعجيب.

ودين الله هو الإسلام لقوله تعالى:
{ إن الدين عند الله الإسلام }
[آل عمران: 19] وإضافته إلى الله لتشريفه على غيره من الأديان، أو لأنّ غيره يومئذ قد نسخ بما هو دين الله".
وقال ابن عجيبة:"قلت: { أفغير }: مفعول مقدم، و { يبغون }: معطوف على محذوف، أي: أتتولون فتبغون غير دين الله، وقدم المعمول؛ لأنه المقصود بالإنكار، و { طوعاً وكرهاً }: حالان، أي: طائعين أو كارهين.

يقول الحقّ جلّ جلاله: للنصارى واليهود، لمَّا اختصموا إلى النبيّ ، وادعوا أن كل واحد على دين إبراهيم، فقال لهم - عليه الصلاة والسلام: " كِلاكما بَرِيءٌ مِنْ دِينه، وأنا على دِينه، فخذوا به " ، فغضبوا، وقالوا: والله لا نرضى بحكمك ولا نأخذ بدينك، فقال لهم الحقّ جلّ جلاله - منكراً عليهم -: أفتبغون غير دين الله الذي ارتضاه لخليله وحبيبه، وقد انقاد له تعالى { من في السماوات والأرض } طائعين ومكرهين، فأهل السموات انقادوا طائعين، وأهل الأرض منهم من انقاد طوعاً بالنظر واتباع الحجة أو بغيرها، ومنهم من انقاد كرهاً أو بمعاينة ما يُلجئ إلى الإسلام؛ كنتق الجبل وإدراك الغرق والإشراف على الموت، أو: " طوعاً " كالملائكة والمؤمنين، فإنهم انقادوا لما يراد منهم طوعاً، { وكرهاً } كالكفار فانقادوا لما يراد منهم كرهاً، وكلٍّ إليه راجعون، لا يخرج عن دائرة حكمه، أو راجعون إليه بالبعث والنشور. والله تعالى أعلم.

الإشارة: اعلم أن الدين الحقيقي هو الانقياد إلى الله في الظاهر والباطن، أما الانقياد إلى الله في الظاهر فيكون بامتثال أمره واجتناب نهيه، وأما الانقياد إلى الله في الباطن فيكون بالرضى بحكمه والاستسلام لقهره. فكل من قصَّر في الانقياد في الظاهر، أو تسخط من الأحكام الجلالية في الباطن، فقد خرج عن كمال الدين، فيقال له: أفغير دين الله تبغون وقد انقاد له { من في السماوات والأرض طوعاً وكرهاً } ، فإما أن تنقاد طوعاً أو ترجع إليه كرها. وفي بعض الآثار يقول الله تبارك وتعالى: " منْ لم يَرْضَ بقضائي ولم يَصْبِرْ على بَلائِي، فليخرجْ من تحت سَمَائي، وليتخذْ ربّاً سِوَاي ".
وكما ذكرت فإن ورود الإستفهام الإستنكاري في مطلع الآية يدل على أن الإسلام هو دين الله ,وبما أن الاديان والكتب السماوية تدعو جميعا إلى التوحيد وعدم الشرك بالله, فعلى هذا فيكون المراد من دين الله "الإسلام" هو شريعته وأحكامه العملية.
يبتع...
__________________
رمضان أسم حروفه ناصعة=فالراء رحمة من الله واسعة
وميمه مغفرة منه جامعة=والضاد ضياء جنة رائعة
والألف احسان وألفة ماتعة=ونونه نُزل الصائمين ناعمة
رد مع اقتباس