عرض مشاركة واحدة
 
  #2  
قديم 03-03-2012
نائل أبو محمد نائل أبو محمد غير متواجد حالياً
عضو بناء
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 6,651
افتراضي رد: التغيير حتمية الدولة الإسلامية, كتاب للكاتب محمود عبد الكريم حسن

السبت 10 ربيع الثاني 1433

بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة الطبعة الثانية
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد،
فقد كانت مواضيع هذا الكتيِّب في الأصل مما بُحثَ مع بعض حَمَـلَة الدعوة من العاملين لإقامة حكم الله في الأرض، نوقش فيها حال الأمة، وما اعتراها من تردٍّ وانحدار، وما تعانيه في سبيل صحوتها ونهوضها، وما الذي أُنجز على طريق إقامة الدولة الإسلامية، وما الذي ينبغي إنجازه لكي يتحقق وجود هذه الدولة، فيُطبق الإسلام وتُحمل دعوته إلى العالم. وبناءً على ذلك، ما الذي ينبغي أن تخاطب به الأمة وتُدعى إليه وتعـيـه؟
الدولة الإسلامية كيان سياسي لتنفيذ الإسلام وحمله إلى العالـم، وهذا يحتاج إلى قدرةٍ وصلاحية شرعية. وقد جعل الشرع هذه الصلاحية للأمة. ولا يملك هذه القدرة ولا هذه الصلاحية الشرعية جماعةٌ أو طائفة وحدها، ولا حزبٌ سياسي وحده. وإنما يقيم الدولةَ الإسلاميةَ الأمةُ بقيادة هذه الطائفة أو هذا الحزب الذي يُحيي في الأمة إيمانَها بهذه الفريضة العظيمة، وإيمانها بوجوب العمل لها والتضحية في سبيلها.
فالدولة الإسلامية كيان ينبثق من رَحِم كيان الأمة لينفِّـذَ بالأمة وعليها نظام الإسلام، وليحمله بها ومعها إلى الناس جميعاً. فالدولة الإسلامية تلدها الأمة الإسلامية.
وكيان الأمة لا يكتمل ولا يتميز إلا بما تكون به الأمةُ أمةً، وبعيشها على أساسه. وأمتنا الإسلامية لا تكون كذلك إلا بدينها عقيدةً ونظاماً. ولا تكون لها فاعليتها أو وجودها العملي المؤثر إلا بوجودها كجماعة واحدة موحدة تحت إمرة أمير واحد. فلا يكتمل كيان الأمة ولا يتميز تمام التميز إلا بانبثاق كيان دولتها، ومبايعة خليفتها على الحكم بما أنزل الله.
ومن هنا، فلا سبيل إلى إنهاض الأمة إلا بأن تعرف معنى لا إله إلا الله محمد رسول الله، وأن تلتزم بهذا المعنى، فتعرف معنى وجودها في الحياة وغاية هذا الوجود، وتسعى إلى تحقيق هذا الوجود وهذه الغاية.
وكذلك فإن هذه المعرفة لا تكفي، والسعي إلى تحقيق هذه الغاية لا يبرئ الذمة إلا إذا كان على المستوى المطلوب شرعاً. فلا بد بعد تحديد الغاية أن يُسعى إلى تحقيقها بالأعمال التي تؤدي إليها، بحسب ما خلق الله في الكون من سنن، ومنها ربط الأسباب بالمسببات، واعتبار خصائص الأشياء وشروط العلاقات.
ولقد عرض أحد الإخوة الأفاضل أن تُكتَب هذه الأفكار وتوزَّعَ على الناس، وأن يكون ذلك على نفقته الخاصة طمعاً بالأجر والثواب. وهكذا كان، فصدر الكُتـيِّب بحمد الله، وفيه أربعة مواضيع. وقد جعل الله سبحانه وتعالى له قبولاً، فنفدت نسـخه واستمر طلبه وشعر أخٌ فاضلٌ آخر بهذا الطلب فعرض أن يُطبع على نفقته من جديد، فصدرت هذ الطبعة الثانية بإضـافة موضوع خامس إليه بعنوان: الأمانة والإيمان.
إن حب الدنيا وكراهية الموت، والمغالطات الفكرية، والضعف والتيئيس، وتغييب مفاهيم العـقيـدة المتعلقة بالرزق والأجل والنصر والتوكل والخير والشر وغيرها، قد تصرف كثيراً من المسلمين عن غايتهم في الحياة التي هي عبادة الله، أي الالتزام بأوامره ونواهيه سبحانه وتعالى، وبخاصة حينما يتأثرون بفتاوى أو آراء يَـنْـفُـثُها علماءُ سوءٍ يروّجون لسلاطين الجوْر والفجور والخيانة، وأحزابٌ لهم أو أتباعٌ يحرِّمون الدين ويفترون على الله الكذب، فيحلون الحرام ويحرمون الحلال ويُلهون أبناء الأمة بتوافه الأمور ويصرفونها عن طريق التغيير وإقامة الدولة الإسلامية.
ولأجل التنبيه على هذا الأمر وخطره، والتحذير منه، كان موضوع: الأمانة والإيمان.
وإنني إذ أقدم هذا الكتيب إلى الأمة الإسلامية فإنني أناشد قارئيه من المهتمين والعاملين لأجل قضية لا إله إلا الله، أن يتلقوه ويدرسوه بعقولهم وقلوبهم، كما قدمته إليهم من عقلي وقلبي. وأسأله تعالى الثواب والأجر الجزيل لكل من أعان فيه بتوجيه أونصح، أو بمالٍ أو جهد، ولكل من دعا لي ولوالدَيَّ.
اللهم من أراد بالإسلام والمسلمين خيراً فوفقه لكل خير، ومن أراد بالإسلام والمسلمين شراً فخذه أخذ عزيز مقتدر.
رد مع اقتباس