عرض مشاركة واحدة
 
  #15  
قديم 02-23-2012
نائل أبو محمد نائل أبو محمد غير متواجد حالياً
عضو بناء
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 6,651
افتراضي رد: كتاب "الدولة الإسلامية والدولة المدنية" لحزب التحرير

الخميس 1 ربيع الثاني 1433 قرأت لك :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ
عقول وقلوب ودولارات

حرب أمريكا لتغيير الإسلام



وضعه دايفيد كابلان

وترجمه د. إبراهيم علوش



مقدمة المترجم:

عقول وقلوب ودولارات تقرير عن الحملة الأمريكية لتفكيك وإعادة تركيب الإسلام بما يخدم المصالح الأمريكية، حيث يتمثل الهدف النهائي لتلك الحملة بعزل التيارات الجهادية وإعادة صياغة التيار الأساسي في الحركة الإسلامية بشكل يخلو من أية نزعات جهادية، أي لإعادة تركيب الإسلام السياسي أمريكياً!!

لأجل تحقيق هذا الهدف يتم أولاً الترويج لمفهوم ليبرالي عن الإسلام لا يعادي أمريكا واستثماراتها ومساعداتها وقواعدها العسكرية، ولا يصطدم مع زحف العولمة بشكلٍ عام، ويتم ثانياً الاتصال والتنسيق، على ذمة التقرير، مع القوى والشخصيات الإسلامية المعادية لتنظيم القاعدة وتفرعاته، من جماعة الأخوان المسلمين إلى الحركة الصوفية.

وبالرغم من طول التقرير، فإنه يستحق قراءة متأنية ودقيقة لما يكشفه من تفاصيل حول منهجية أجهزة المخابرات الأمريكية في اختراق وتفكيك وتجويف الحركة الإسلامية، وهي المنهجية نفسها التي يقول التقرير أنها اُعتمدت قبل ذلك أيضاً ضد الحركة الشيوعية والاتحاد السوفياتي أبان الحرب الباردة.

يبرز هنا بشكل موثق دور التمويل الأجنبي وجماعاته في عملية الاختراق والتفكيك والتجويف، وهو ما لا يترك مجالاً للحديث عن الفرق ما بين التمويل المشروط وغير المشروط الذي يحب البعض التحدث عنه، فكل ذلك التمويل يخضع لاستراتيجية واحدة تشكلت داخل مربع تحده وزارة الدفاع الأمريكية ووزارة الخارجية الأمريكية والسي أي إيه ومجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض.

ويكشف التقرير أن المعركة الأساسية للإمبريالية في "الحرب ضد الإرهاب" هي معركة كسب العقول والقلوب... والتفاصيل المملة التي يوردها التقرير حول استراتيجية أمريكا لخوض تلك المعركة تؤكد على وجود بعد ثقافي لصراعنا مع الطرف الأمريكي-الصهيوني. فتناقضنا التناحري مع العدو لا يمكن اختزاله بالأبعاد السياسية والاقتصادية فحسب، بل ثمة بعد ثقافي لذلك التناقض يدركه العدو جيداً، ولو لم تكن دوافعه دينية.

ساحة المعركة الثقافية هنا هي الإسلام نفسه، أو بالتحديد أكثر: التأويل الأمريكي للإسلام مقابل التأويل الجهادي. وهي الطريقة التي رسم فيها التقرير حدود ميدان المعركة على العقول والقلوب، أو التناقض الرئيسي من وجهة نظر العدو في الحرب الثقافية التي يشنها. فأمريكا الإمبريالية تشن علينا حرباً ثقافية لفرض هيمنتها ولتحقيق مصالحها السياسية والاقتصادية. وهي معركة لا يملك أي مناهض للإمبريالية والصهيونية أن يقف منها موقفاً محايداً، بغض النظر عن انتمائه الإيديولوجي، فنتيجة تلك المعركة سيتوقف عليها ما إذا كانت أمريكا ستتمكن من استقطاب ملايين المسلمين لصفها باسم إسلام إمبريالي معولم مفصل على قياسها... وهي جريمة سياسية أساساً أن نترك هذه الساحة لأمريكا لتفعل فيها ما تشاء، والإسلام بالأساس ساحتنا الطبيعية.

وليس ضرورياً في هذه المعركة أن نتفق مع أو أن نوافق على المواقف الطالبانية المتزمتة والمغلقة في القضايا الاجتماعية والثقافية لكي نجد أنفسنا بالضرورة في معسكرٍ واحدٍ مع التيار الجهادي المناهض عملياً للطرف الأمريكي-الصهيوني، وليس ضرورياً أن نختلف أيديولوجياً مع أي إسلامي أو قومي أو يساري لكي نجد أنفسنا في مواجهته عندما يقف عملياً في معسكر "الإصلاح" الأمريكي- الصهيوني. فجوهر المعركة بالنهاية سياسي لا أيديولوجي، وعنوانه الأساسي في مرحلة التحرر الوطني هو مناهضة الإمبريالية والعولمة.

ولا شك أن استعداد أمريكا للتحالف والتنسيق مع أطراف وقوى إسلامية مختلفة يمكن أن تخدم مصالحها، كما يدل التقرير، سواء في فترة الحرب الباردة أو اليوم، يدل أن معركة أمريكا معنا، حتى ببعدها الثقافي، ليست بالأساس معركة دينية، بل معركة فرض الهيمنة الإمبريالية على بلادنا بأدوات "إسلامية" أو غير إسلامية. بل أن أمريكا تحالفت مع الحزب الشيوعي العراقي عندما اقتضت الحاجة، ونسقت مع الحزب الإسلامي العراقي، ومع أي لون أيديولوجي أخر يخدم مصالحها.

والخلاصة أن صراع أمريكا مع أي إسلامي أو قومي أو يساري أو بوذي أو نباتي لا يكون إلا بمقدار تبني الأخير لموقف عملي يصطدم فيه مع الهيمنة الإمبريالية على الأرض، أي موقف عملي يدافع فيه عن وطنه وأمته، فأمريكا لا تصطدم مع العقائديين لأنهم كذلك، بل بمقدار ما يصبحون عقبة سياسية أو عقبة جغرافية سياسية، أي بمقدار ما يتصرفون عملياً كوطنيين وقوميين، وليس هناك معنى ملموس لمناهضة الإمبريالية في زماننا، أو للدفاع عن الإسلام في ظروف بلادنا سوى هذا، ولعلها من خصائص صراعنا في هذه المرحلة من تاريخنا أن ينسجم نضالنا من أجل التحرر الوطني على صعيد الوطن العربي بأسره مع مقاومة الهجمة الأمريكية الشرسة لأمركة الإسلام...

إبراهيم علوش

للمزيد، الرجاء مراجعة مقالة "إسلاميو الحرب الباردة يعودون من جديد" التي كتبت قبل تقرير عقول وقلوب ودولارات بفترة طويلة:

http://www.freearabvoice.org/arabi/m...bAlbaredah.htm

رد مع اقتباس