عرض مشاركة واحدة
 
  #1  
قديم 11-27-2011
المحرر السياسي المحرر السياسي غير متواجد حالياً
عضو فعال
 
تاريخ التسجيل: Sep 2011
المشاركات: 106
افتراضي واجب الأمّة الإسلامية في التغيير

واجب الأمّة الإسلامية في التغيير

بقلم الشيخ: معن فريحات

إن المسلمين أحوجَ الناسِ إلى التغيير؛ لأن القضية مصيرية، وعليها تتوقف حياتهم، وتُنقذهم من الفناء والدمار. وهذا الأمر لا يقبل التأجيل ولا التسويف ولا المداهنة ولا المماطلة ولا المساومة، فنحن المسلمون نعيش انحطاطاً وذلاً وهواناً لا مثيل له.
والذي يدفعني إلى هذا القول أن الظروف التي نعيشها هي من القسوة والضغط بمكان بحيث لا يمكن لإنسان مهما بلغ من جهل وانحطاط أو غباء أو بلادة حسٍ إلاّ ويحسَّ بفسادها.
ويوم أن كانت الأمّة حيث كانت تعرف حقها الشرعي وتطالبُ به عزيزة ولا يملك الحاكم إلاّ أن يسمع ويطيع باعتباره يمثل الأمّة وينوب عنها في تطبيق شرع الله جلّ جلاله. وإذا تراخت في الأخذ بحقها قام من أولي العزم من الرجال بالدفاع عن حقها ولو كان وحيداً.
وإليكم هذا المثال الرائع من واقع الأمّة الإسلامية يوم كانت عزيزة في ظل دولة الخلافة الإسلامية:
جاء في "مجمع الزوائد" للهيثمي (ص55): عن أبي نُفيل عن (معاوية بن أبي سفيان) أنه صعد المنبر فقال: "إنّما المال مالُنا والفيء فيئُنا فمن شئنا أعطيناه ومن شئنا منعناه، فلم يُجبهُ أحد". فلمّا كان في الجمعة الثانية قال مثل ذلك، فلم يُجبهُ أحد. فلمّا كان في الجمعة الثالثة قال مثل ذلك، فقام إليه رجلٌ ممن حضر المسجد فقال: كلا، إنّما المال مالنا والفيء فيئُنا، فمن حالَ بيننا وبينه حاكمناهُ إلى الله بأسيافنا. فنزل معاوية فأرسل إلى الرجل فأدخله عليه. فقال القوم: هلك الرجلُ. ثم دخل الناس فوجدوا الرجلَ معه على السرير. فقال معاوية للناس: إن هذا أحياني أحياه الله، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "سيكون بعدي أمراء يقولون ولا يُردُّ عليهم يتقاحمون في النار كما تتقاحم القِرَدة"، وأنا تكلّمتُ أول جمعة فلم يَرُدَّ عليّ أحد فخشيتُ أن أكون منهم، ثم تكلمت في الجمعة الثانية والثالثة فردّ عليّ هذا الرجلُ، فأحياني أحياه الله".
ينبغي على الأمّة الإسلامية أن لا تترك حَمَلة الدعوة الإسلامية المخلِصين والعاملين للإسلام، ينفرِد بهم الطاغوت، أو ينفرد بهم المتسلِّطون على الناس بالجبروت، وهم (أي حَمَلة الدعوة الإسلامية) الذين يعملون لإيجاد سلطان الإسلام، يريدون لهم العزّة والانتصاف من الظالمين، وهذا ما مكّن لأعداء الإسلام في بلاد المسلمين؛ يقوم حَمَلة الدعوة إلى الله تعالى ثم يخذُلُهم الشعب! وهم يعملون لرفع مكانتهم وتخليصهم من الظالمين والطواغيت.
فإن الأمّة التي تفعل ذلك قد ارتكبت جُرماً عظيماً أيضاً، قال عليه الصلاة والسلام: "إذا رأيتم أمّتي تهاب أن تقول للظالم أنت ظالم، فقد تُوُدِّع منهم". وسببُ ضرب المذلّة والمسكنة على اليهود هو أن موسى عليه السلام جاء لتخليصهم من الأسر والاستعباد والذل، كما قال الله تعالى في كتابه على لسان موسى: (فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلاَ تُعَذِّبْهُمْ) [طه/ آية 47]، وقال تعالى: (وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ) [الشعراء/ آية 22]. فعِوَضَ أن يقفَ معه بنو إسرائيل ويجاهدوا معه خذلوه في ساعة العُسرة فكانت عاقبتهم الذل والتيه والهوان، قال تعالى: (ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ* قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ* قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ* قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ* قَالَ رَبِّ إِنِّي لاَ أَمْلِكُ إلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ* قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ) [المائدة/آية21-26].
نعم أيها الإخوة في الله، هذه هي نهايةُ الأمم الجبانة التي تتخاذل أمام الباطل عند طغيانه، ولن تجد لسنّة الله تبديلاً، ورغمَ هذا يجب على المسلم أن يكون ثابتاً على الطريق مهما خذله الخاذلون.
فالحاكم المسلم بحقٍ هو ذلك الذي يحكم بما أنزل الله تعالى، ويؤدّي حقوق الرعية وهو خائف من التفريط وعواقبه أمام الله تعالى ثم أمام الرعية.
جاء في تاريخ الخلفاء للسيوطي (ص231): "عن مزاحم مولى عمر رضي الله عنه أنه رأى عمر مغتمّاً، فسأله مزاحم: ما لي أراك مغتمّاً؟ فأجاب عمر: لمثل ما أنا فيه فليُغْتَمّ، ليس أحد من الأمّة إلاّ وأنا ملزَمٌ أن أوصِلَ إليه حقه".
فأين حكام المسلمين من هذه الأخلاق العظيمة؟!! إن حكام المسلمين المغتصِبين يأكلون والشعب يجوع، ويفرَحون ويُغنّون ويلهون والشعوب الإسلامية في المآسي والضيق والحِرمان، يعبَثون بمقدّرات الأمّة ويقامرون بمصائرها، ويأتمرون بأوامر الكافر المستعمِر، وتنفيذ خُططه وأساليبه الخبيثة، لإبقاء الأمّة مقطَّعة الأوصال، والحيلولة دون وحدتها على أساس الإسلام.
اللهم إنا نجعلك في نحورهم واجعل تدميرهم في تدبيرهم، ونعوذ بك اللهم من شرورهم.
رد مع اقتباس