عرض مشاركة واحدة
 
  #7  
قديم 08-15-2010
سليم سليم غير متواجد حالياً
عضو مرابط
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 554
افتراضي رد: النكات البلاغية في ايراد الصفات الثنائية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وأهم الملاحظات على ايراد اسماء الله الحسنى في القرآن:
1.على الرغم من تقارب بعض الأسماء والصفات إلا أن لكل منها معنى يختلف عن الآخر,اي أنها يختلفان في الدلالة حتى ولو تقاربا في الجذر ومادته.
2. لكل وزن معنى ودلالة,فالأسماء على وزن اسم الفاعل تدل على التجدد والحدوث,فقولنا مثلًا الله هو الخالق,فالخالق هنا تدل على تجدد خلقه وحدوثه,وكقولنا الله هو الرازق, فهذا يدل على تجدد رزقه للإنسان وحدوث هذا الرزق,وهكذا باقي الأسماء والصفات على هذا الوزن,وأما التي على وزن فعيل فتدل على الثبوت والدوام,فقولنا الله الرحيم,فتدل على ثبوت رحمته ودوامها.وأما الأسماء والصفات على وزن صيغ المبالغة مثل فعّال,وفعّول,وفعلان وفَعّول وغيرها, فإن الزيادة فيها تدل على الزيادة في المعنى والمبالغة في المتعلق,ولكن الملاحظ أن الزيادة في البنية تختلف في صيغ المبالغة,واختلافها هذا يدل على اختلاف المعنى وحتى المزيد منه,فوزن فعّال مثلًا أو فُعّول أو فَعّول أدل على المبالغة من فَعول أو فعيل,وهما أدل على المبالغة من فَعِل مثل "ملك".
وقد فطن أبو هلال العسكري لهذه فقال في فروقه:"إذا كان الرجل قويًا على الفعل قيل صبور وشكور,وإذا فعل الفعل وقتًا بعد وقت قيل فعّال مثل علّام وصبّار,وغذا كان عادة له قيل مفعال مثل معطاء ومعوان...,ومن لا يتحقق هذه المعاني يظن انها كلها تدل على المبالغة فقط,وليس الأمر كذلك بل هي مع افادتها المبالغة تدل على المعاني التي ذكرناها".
3.كثير من أسماء الله وصفاته جاءت في خواتم الآيات سواء في الفاصلة أو ما قبلها.
4.اختيار الاسم فيه من الحكمة والبلاغة ما فيه ,حيث يراعي المعنى من جانب ومضمون السورة وسياق الآيات من جانب آخر,وقد ذكر الزركشي هذا في كتابه"البرهان في علوم القرآن",حيث قال تحت بحث"ائتلاف الفواصل مع ما يدل عليه الكلام":"اعلم أن من المواضع التي يتأكد فيها إيقاع المناسبة مقاطعَ الكلام وأواخرَه، وإيقاع الشيء فيها [بما] يشاكله. فلا بدّ أن تكون مناسبةً للمعنى المذكور أولاً، وإلا خرج بعض الكلام عن بعض. وفواصل القرآن العظيم لا تخرج عن ذلك؛ لكن منه ما يظهر، ومنه ما يُستخرج بالتأمّل لِلَّبيب. وهي منحصرة في أربعة أشياء: التمكين، والتوشيح، والإِيغال، والتصدير.
والفرق بينها؛ أنه إن كان تقدم لفظها بعينه في أول الآية سُمِّيَ تصديراً. وإن كان في أثناء الصَّدْر سمِّيَ تَوْشِيحاً. وإن أفادَتْ معنى زائداً بعد تمام معنى الكلام سمِّي إيغالاً، وربما اختلط التوشيح بالتصدير لكون كلّ منهما صدره يدلُّ على عجزه، والفرق بينهما أن دلالة التصدير لفظية، ودلالة التوشيح معنوية.
التمكين
وهو أن تُمّهد قبلها تمهيداً تأتي به الفاصلة ممكَّنة في مكانها، مستقرة في قرارها، مطمئنة في موضعها، غير نافذة ولا قلقة، متعلِّقاً معناها بمعنى الكلام كلِّه تعلُّقاً تاماً؛ بحيث ول طُرِحَتْ اختلَّ المعنى واضطرب الفهم. وهذا الباب يُطلعك على سِرّ عظيم من أسرار القرآن. فاشدد يديك به.
ومن أمثلته قوله تعالى: "وَرَدَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُواْ خَيْراً وَكَفَى ٱللَّهُ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱلْقِتَالَ وَكَانَ ٱللَّهُ قَوِيّاً عَزِيزاً", فإن الكلام لو اقتصر فيه على قوله: "وَكَفَى ٱللَّهُ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱلْقِتَالَ" لأوهم ذلك بعضَ الضعفاء موافقة الكفار في اعتقادهم أن الريح التي حدثت كانت سببَ رجوعهم، ولم يبلغوا ما أرادوا، وأنّ ذلك أمر اتفاقي، فأخبر سبحانه في فاصلة الآية عن نفسه بالقوة والعزَّة ليعلِّم المؤمنين، ويزيدَهم يقيناً وإيماناً على أنه الغالب الممتنع، وأن حزبه كذلك، وأن تلك الريح [التي هَبّت] ليست اتفاقاً، بل هي من إرساله سبحانه على أعدائه كعادته، وأنه ينوِّع النصر للمؤمنين ليزيدهم إيماناً وينصرهم مرة بالقتال كيوم بدر، وتارة بالريح كيوم الأحزاب، وتارة بالرُّعب كيوم النضير، وطوراً ينصر عليهم كيوم أُحُد، تعريفاً لهم أنّ الكثرة لا تغني شيئاً، وأنَّ النصر من عنده، كيوم حُنَيْن.
5.انتهاء الفاصلة في حرف من حروف المد واللين والحاقها بالنون,وذلك للترنيم,كما نقل الزركشي عن سيبويه:"أما إذا ترنموا فإنهم يلحقون الألف والواو الياء لأنهم أرادوا مد الصوت".
ومن دراسة احصائية قام بها محمد الحسناوي بيّن فيها ترتيب الحروف كفاصلة في الآية, وكانت النتائج كما يلي: حرف "النون" ورد 3152,و"الميم" 742,و"الراء" 710,ثم تلاها الدال,فالياء ,فالباء,فاللام,فالهاء..إلخ.
6.لم تأت الاسماء والصفات في كل سور القرآن, فهناك سور غنية في اسماء الله وأُخر لم يذكر اسم واحد كما في سورة الرسلات,وعبس,والبلد,والمسد,والتكاثر, والعصر,والماعون,والكافرون...
7.وبناءً على ما احصاه الترمذي في اسماء الله الحسنى,تبين الآتي:
*ندرة ما ورد في هذه الاسماء مفردًا في الفواصل
*اشتمال معظم السور على عدد من هذه الاسماء في فواصلها
*لم يرد في ثلاثة وستون اسماً من هذه الاسماء في الفواصل
*اكثر اسماء الله ترددًا في الفواصل "الرحيم" 114 مرة,و"العليم" 86 مرة,و"الحكيم" 79 مرة,و"الرحمن" 57 مرة,و"الشهيد"12,و"الحليم" 11,و"الغفور" 11,وأكثر الاسماء ورودًا في الفواصل هي الثنائية منها,مثل "الرحمن الرحيم",و"الغفور الرحيم","والعليم الخبير".
في هذا البحث سوف أحاول بعون الله أن أبين الآيات التي وردت فيها الصفات الثنائية كما جاءت في مواضعها المختلفة في القرآن, وبيان معنى كل اسم وصفة مفردة ,وإظهار النكتات البلاغية في ورودها مثنى.
قبل الولوج في صلب البحث أرى أنه من المناسب أن أذكر الآيات التي جاء فيها ذكر أسماء الله جمعًا, وهما آيتان من سورة الحشر,الأولى آية 23:"هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ",والثانية 24:"هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ",ففي الآية الأولى نلاحظ ترتيب الأسماء وهو ترتيب مقصود وله غايته من بيان روعة القرآن وحبك نظمه وتألق أسلوبه.
فالملاحظ أن آخر الآية " سُبْحَانَ ٱللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ" جاءت لتدل على تنزيه الله عن أن يكون له شركاء في أحد هذ الصفات,فهو _سبحانه وتعالى_ واحد أحد فرد صمد لا يوازيه أحد ولا يعادله شيء,ولتدل على أن الصفات هذه صفات تنزيه وكلها تصب في محل واحد:
فقوله تعالى:"ٱلْمَلِكُ" أي الحاكم في الناس ولا حاكم فوقه, وهو الملك الحق ولا ملك سواه, وجاء بهذه الصفة بعد صفة الرحمن الرحيم في الآية التي سبقت هذه بقوله:" هُوَ ٱللَّهُ ٱلَّذِي لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ عَالِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ هُوَ ٱلرَّحْمَـٰنُ ٱلرَّحِيمُ"ليبيّن لنا أنها حاكمية رحمة ورأفة وليست حاكمية جور وظلم,
وجاء بعدها بصفة " ٱلْقُدُّوسُ"لينزه الملك_ الله_ عن نقائص الملوك من بني آدم وما يلحقها من غرور واعتداد بالنفس واتباع الشهوات في الحكم,فالقدوس تعني المبارك والمطهر في ذاته.وذكر بعدها صفة "ٱلسَّلاَمُ"أي ذو السلام، أي السلامة، وهي أنه تعالى سالَمَ الخلقَ من الظلم والجور.
وفي الحديث " إن الله هو السلام ومنه السّلام". وذلك للدلالة على العدل في معاملته.
وعقب صفه السلام بـ" ٱلْمُؤْمِنُ" وهواسم فاعل من آمن, أي جعل غيره آمن فغيره يآمنون الغدر والكَيد منه,فهو لا يغدر ولا يمكر مكر البشر السيء.
وصفة "ٱلْمُهَيْمِنُ"جاءت بعد المؤمن والتي تعني الرقيب بلغة قريش، والحافظ في لغة بقية العرب, وذلك لدفع توهم أن تأمينه عن ضعف أو عن مخافة غيره، فأُعلموا أن تأمينه لحكمته مع أنه رقيب مطلع على أحوال خلقه فتأمينه إياهم رحمة بهم.و"ٱلْعَزِيزُ" عقبت صفة المهيمن والتي تعني الذي لا يُغلب ولا يُذلّه أحد، فهو الغالب, ليعلم الناس أن الله غالب لا يعجزه شيء.
و"ٱلْجَبَّار" وتدل على أنّه مسخر المخلوقات لإِرادته ولا شيء يخرج عن مشيئته والكل طوع أمره,وختم بصفة"ٱلْمُتَكَبِّر" الدالة على أنه ذو الكبرياء يصغر كل شيء دون كبريائه فكانت هذه الصفات في جانب التخويف كما كانت الصفات قبلها في جانب الإِطماع, فــــ" سُبْحَـٰنَ ٱللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُون".
وأما في الآية 24 فقد جاء ترتيب الصفات: ( الخالق ، البارىء ، المصور )ّ ومعانيها كما فسرها العلماء تدل على سر الترتيب فيها ، و أنها ليست مترادفة
فالخالق : المقَدِّر والمقلب للشيء بالتدبير إلى غيره.
والْبَارِئُ : المنشئ للأعيان من العدم إلى الوجود.
و أمّا الْمُصَوِّرُ:فهو الممثل للمخلوقات بالعلامات التي يتميز بعضها عن بعض. يقال: هذه صورة الأمر أي مثاله.
فأولا يكون خلقًا ثم بَرْءًا ثم تصويرًا. فالشيء قبل أن يتصور على حالته التي تميزه عن غيره لابد أن يكون قد أوجد من العدم و لابد أن يكون قبل ذلك قد قدر و هيكل ..فسبحان الله " لَهُ الأسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ".
وفي سورة الحشر وايراد الصفات الثنائية" العزيز الحكيم" نكتة بلاغية سوف أذكرها_إن شاء الله_ في محلها عند الكلام عن "العزيز الحكيم".
__________________
رمضان أسم حروفه ناصعة=فالراء رحمة من الله واسعة
وميمه مغفرة منه جامعة=والضاد ضياء جنة رائعة
والألف احسان وألفة ماتعة=ونونه نُزل الصائمين ناعمة
رد مع اقتباس