عرض مشاركة واحدة
 
  #1  
قديم 10-17-2011
ابو عمر ابو عمر غير متواجد حالياً
عضو مشارك
 
تاريخ التسجيل: Oct 2011
المشاركات: 92
افتراضي كتاب مفتوح من حزب التحرير

بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب مفتوح
إلى الشرفاء المخلصين من أبناء الأمة الإسلامية في مصر
إلى الأحرار من ضباط القوات المسلحة في مصر الإسلام

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد..
فإن أمتنا الإسلامية أمة عطاء وتضحية، ومعدنها الكريم يدفعها إلى الانعتاق من الظلم وهضم الحقوق، ولكنها غيبت عن الوعي على هويتها الحقيقية ردحاً من الزمن، وضللت عن حقيقة إسلامها كما تم نهب مقدرات بلادها، ومورس عليها أشد أساليب القهر والإذلال والتضليل السياسي والحرمان، وهي ومنذ فترة تتطلع للانعتاق على أساس عقيدتها، حتى أن الغرب الكافر أطلق على الربع الأخير من القرن الماضي اسم (الصحوة الإسلامية). وكان يريد التعبير عن تحولات في النظرة إلى الإسلام عند الأمة من إسلام يمثل (الجانب الروحي) التعبدي إلى ما أسماه بـ (الإسلام السياسي)؛ أي نظرة المسلمين للإسلام بأن فيه معالجات لشؤون حياتهم المتعلقة بالدولة وعلاقات المجتمع؛ لذلك أصبح هاجس أميركا والغرب الكافر وصول الإسلام إلى سدة الحكم، وإقامة شرع الله من جديد في معترك الحياة والدولة والمجتمع.
ومع تخوف أميركا بخاصة والغرب الكافر بعامة من انعتاق الأمة الإسلامية من قبضتهم على أساس الإسلام، فقد انشغلت مراكز الدراسات ودوائر رسم السياسات في بلاد الغرب في ابتداع الخطط والأساليب لوأد إمكانية نهوض الأمة من جديد.
وعليه فإن إدراك ما تخطط له أميركا والغرب الكافر من ورائها، وما يكيدونه للمسلمين بغية تأخير ظهور الإسلام على غيره من الأديان والمعتقدات {لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ}، يؤسس لفهم مجريات الأحداث في مصر هذه الأيام، وما جرى ويجري في تونس وما سيجرى في العديد من بلدان العالم الإسلامي.
أيها الواعون والمثقفون في مصر الإسلام..
ولأجل إدراكٍ ووعيٍ صادقيْن لما يجري فإننا لا نضيف جديداً بأن حكامنا هم مجرد أدوات بيد أميركا والغرب الكافر، وأن مصالح أميركا المتفردة بالموقف الدولي هي التي تحدد لهم أدوارهم، وأن هناك غاية تسعى أميركا لتحقيقها وهي أن يكون هذا القرن قرناً أميركياً خالصاً، مما يعني المحافظة على بقاء دول العالم وبخاصة بلاد المسلمين خاضعة لها ومهيمنة عليها؛ لأهميتها الإستراتيجية ولثرواتها الهائلة، والأهم من ذلك الخطر الذي يخيفها من القوة المتوقع بروزها على الساحة الدولية حال نهضة المسلمين على أساس الإسلام. وحتى تتضح الصورة كان لا بد من استعراض بعض الأساليب والسياسات الأميركية تجاه المنطقة الإسلامية منذ الفترة التي أطلق عليها الغرب (الصحوة الإسلامية).
فقد كان من أبرز أساليبهم المبكرة هو زيادة القمع لحمل شباب المسلمين للتوجه لقتال إخوانهم من قوات الأمن والعسكر بدل أن يستعينوا ويستنصروا بهم لقلع أنظمة الكفر من بلاد المسلمين. وكان من أبشع ما جرى هو القتال الذي اندلع في الجزائر بين أبناء الأمة بعد فوز جبهة الإنقاذ في الانتخابات التي لم تَرُقْ نتائجها لدول الكفر (الديموقراطية) فأشعلت الفتنة بين أبناء الأمة، وقتل وجرح ما يقارب ربع مليون مسلم.
وكان من أساليبهم الخبيثة لتشويه صورة الإسلام في أعين أبناء الأمة هو ابتداع نماذج حكم نسبوها للإسلام مثل أنموذج نظام النميري في السودان الذي تعرف الأمة سلوكه وخيانته وعلمانيته وبعده عن تطبيق الإسلام الذي لا يصح تطبيقه مجتزأً، فضلاً عن أنه لا يصح حصره في حدود دولة أو قطر دون العمل على ضم البلاد الأخرى لتحقيق وحدة الأمة.
ومن أساليبهم ربط الحكم بالإسلام بالهمجية بعد إيصال طالبان إلى الحكم في أفغانستان. واشتغال الآلة الإعلامية الضخمة والمؤثرة في صناعة الرأي العام بتشويه صورة الإسلام وربطه بالهمجية والتخلف.
ومن أكثر أساليبهم دهاءً ربط الإسلام بالإرهاب، لاتخاذ وصف الإرهاب ذريعة للتدخل في بلاد المسلمين، وكانت حادثة البرجين هي المدخل الذي خططت له وسهلت تنفيذه الإدارة الأميركية ليعلن الرئيس الأميركي في أول خطاب له بعد ذلك أنه سيلاحق الإرهاب في أكثر من ستين بلداً (عدد بلاد المسلمين) وأن ذلك قد يستغرق عشرات السنين. وقد تركت سياسة مكافحة الإرهاب نتائج خطيرة على المسلمين داخل بلادهم وخارجها.
و في منتصف العقد الماضي كشفت أميريكا عن مشروع يخص المنطقة الاسلامية أطلقت عليه "مشروع الشرق الأوسط الكبير أو الموسع"، والذي شمل بلاد الإسلام من أواسط آسيا شرقاً إلى المحيط الهادئ غرباً، والذي تم التمهيد له بالإصلاحات التي طُلبت من أنظمة الحكم؛ وكانت الإصلاحات المطلوبة سياسية مثل تخفيف القيود على الحريات السياسية، وثقافية وهي أخطرها لتأثيرها على فكر الامة وهي التي كانت موضع التنفيذ الفعلي مثل "الإصلاحات" في مناهج التعليم والتي تقطر حقداً وسماً مثل إخفاء أو تخفيف ألفاظ "الكفر" أو "العدو" أو "الجهاد" أو "الولاء والبراء" أو "الخلافة"... وكل ما يدعم أو يوضح مدلولاتها بحجة إظهار تسامح الإسلام وعدم دعم ما يشير إلى الإرهاب، إضافة إلى إصلاحات تشريعية وأخبثها التي تتعلق بحقوق المرأة والطفل والتي هي في حقيقتها شن هجوم شرس لهدم الأسرة المسلمة بغية تفكيكها وتدميرها.
ومن أبرز معالم هذا المشروع هي إحكام السيطرة على أمن بلدان المنطقة الإسلامية الخارجي والداخلي، فبالإضافة إلى ربط أميركا لجيوش المنطقة تسليحاً وتدريباً بها، وشراء ذمم كبار ضباط تلك الجيوش، فقد أعدت خطة شاملة لحفظ أمن المنطقة الإسلامية الخارجي برمتها مستعينة بل مسخرة لقوات حلف الأطلسي. أما الأمن الداخلي، فقد تضمن المشروع إشراف السفارات الأميركية على أعمال الأمن الداخلي لدول المنطقة بذريعة المساعدة في مكافحة الإرهاب والتعاون الأمني بين الدول.
ومن أهم معالم المشروع المميزة هو سعي أميركا للتخلص من أنظمة الحكم القمعية، واستبدال أنظمة شعبية بها، لذلك فقد تركت أميركا الأنظمة البوليسية في المنطقة تتمادى في بعض الممارسات مثل تجاهل تحضير رؤساء الجمهوريات في المنطقة لتوريث الحكم لأبنائهم، والتمادي في قمع خصومهم السياسيين وتهميشهم، رغم دعوتها لهم للسير فيما أسمته بالإصلاحات، وهي تخطط في ذات الوقت لاستبدال أولئك الحكام القمعيين في الوقت المناسب بعد إعداد الشخصيات والتحضير للأوضاع البديلة.
ومما يساعد أميركا في السيطرة على المنطقة هو زيادة تقسيمها بغية الإمعان في إضعافها وارتمائها في حضنها، ولذلك كان من معالم المشروع البارزة تقسيم المنطقة عرقياً ومذهبياً وطائفياً.
وعليه فإن السياسات والأساليب السالفة الذكر وغيرها تؤشر بشكل واضح لما ينبغي إدراكه والتنبه له لفهم مجريات الأحداث ورصد تحركات دول الكفر وغاياتهم التي يسعون لتحقيقها في بلاد الإسلام.
أيها الشرفاء في مصر الإسلام ...
لقد فاجأت حادثة البوعزيزي التي فجرت الأحداث في تونس الجميع، ومنهم أميركا التي كانت تونس ضمن قائمة الدول التي سيشملها التغيير، ولكن هذا التغيير لم يكن متوقعاً قبل نهاية فترة رئاسة بن علي سنة 2014م؛ لذلك سارعت أميركا لاحتواء الوضع، ورتبت خروج بن علي لتسلم السلطة لرئيس وزرائه (الوزير الاول) الذي عهدت إليه الترتيب لحكومة جديدة، سعياً منها لتجيير جهود الناس وتضحياتهم لصالحها، وأهم ما خلفته ثورة أبناء الأمة في تونس هو كسر حاجز الخوف من الأنظمة وأن الأمة بإمكانها أن تثور في وجه الطواغيت وتقتلعهم، ولكن إبقاء جذورٍ الطواغيت لتنمو من جديد تحتاج إلى يقظة الأمة ودقة انتباهها لتزيل آثار الكفر والمتعاونين معه وتقتلع جذورهم.
أما ما يجري في مصر منذ أواخر الشهر الماضي، فهو تأثر ملموس بما جرى في تونس؛ أي في حصول التغيير فيها قبل آوانه حسب ما يبدو من ترتيبات أميركا لمصر، ولكن الفرق أن أميركا لم تفاجأ بانتفاضة مصر؛ لإدراكها للاحتقان الشديد عند المصريين وبخاصة بعد مشاهدتهم لنجاح ثورة الناس على حاكم تونس وهربه من البلاد مما ألهب حماسهم للثورة على نظام الطاغية حسني مبارك. وينبغي الإدراك وبوضوح أن أدوات أميركا في النظام ورموز المعارضة قد عملوا وما يزالون على احتواء ثورة الناس وغضبهم الذي فاق توقعات الجميع ولمزيد من الإيضاح لا بد من لفت الانتباه إلى الحقائق التالية:
الحقيقة الأولى: أن الأمة الإسلامية ومنها أبناء مصر الإسلام بخاصة مستهدفون من أميركا والغرب الكافر، وأن دراسة تاريخ المنطقة تبين ما يتمتع به أهل مصر من تمسك شديد بدينهم، وحماس في الذب عن حرماته، وأن أعتى القوى تم تحطيمها (التتار) أمام صبر وصمود أهل مصر المجاهدين؛ فاستهداف مصر بخاصة نابع من إمكانياتها ودورها البالغ الأهمية في المنطقة الإسلامية.
الحقيقة الثانية: ولأن مصر تمثل قلب المنطقة فهي الأكثر تاثيراً في أوضاعها، ولذلك فهي الأكثر أهمية عند أميركا حتى من وجود "إسرائيل" نفسها، ولذلك يلاحظ التردد والحذر الشديد في ترتيب أوضاعها وانتقال السلطة فيها وفقاً لمصلحتها، ومن يراقب الاهتمام الزائد والاجتماعات المتواصلة لكبار المسؤولين الأميركيين يخيل إليه كما لو أن هناك حدثاً خطيراً يجري داخل أميركا نفسها، فالمسألة عند الإدارة الأميركية هي الحفاظ على بقاء مصر في يدها.
الحقيقة الثالثة: وأمام أهمية مصر ومكانتها فإنه لا يوجد عند أميركا أية أهمية للحفاظ على زعامة مبارك أو غيره في الحكم، فهم آخر ما تفكر فيه. بل لا أهمية لأي من عملائها إلا حسب حاجتها لخدماته؛ لذلك لا مانع لديها حتى من التضحية بهم ولو أدى ذلك إلى سحلهم في الشوارع ومعهم أتباعهم.
الحقيقة الرابعة: أن أميركا حريصة على التدخل في شؤون مصر بما يحفظ بقاء نفوذها فيها، ولذلك فإنه ليس من المستغرب أن تزرع الجواسيس والأذناب في كل تجمع ذي بال، بل وتدفع بهم ليكونوا في المقدمة، وأن أحزاب المعارضة لم تسلم من ذلك التدخل، ولم تسلم كذلك التجمعات الشبابية، وما اتهام الناشطة إسراء عبد الفتاح، بعد طردها من حركة 6 إبريل بسبب حضورها مع باسم فتحي احتفال السفارة الأميركية في القاهرة بعيد الاستقلال إلا مثالٌ على ذلك. أما باسم فتحي فبعد طرده من حركة شباب 6 أبريل بسبب لقائه مع وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون عند زيارته لأميركا، انضم إلى حزب الغد الذي يرأسه أيمن نور، وعلى إثر ذلك تم تنصيبه رئيساً لاتحاد شباب حزب الغد بالتزكية في 14 كانون الثاني/يناير2011م.
الحقيقة الخامسة: أن مما يقض مضاجع الساسة الأميركان، ويفسر اهتمامهم الشديد بما يجري في مصر، أنهم يدركون أن تمرداً في الجيش، أو تحركاً مخلصاً من قبل بضعة ضباط شرفاء يستهدف السيطرة على الحكم في ظل هذه الأجواء سيدخلها في دوامة من المشاكل ليس في مصر وحسب بل في المنطقة كلها، مما يشكل خطراً كبيراً على مصالحها الحيوية.
أما ما ستؤول إليه الأوضاع في مصر، فإنه من المرجح أن يتولى نائب مبارك عمر سليمان صلاحيات رئيس الجمهورية مؤقتاً، وبخاصة بعد بدء المفاوضات (المطلوبة أميركيا) بينه وبين بعض أحزاب المعارضة. حيث أن من شأن قبول بعض الأطراف التفاوض مع نائب الرئيس أن يمهد لتفاوض الأطراف الأخرى بعد الاستجابة للحد الأدنى من مطالبها، حيث من المنتظر تشكيل حكومة مؤقتة على غرار ما جرى في تونس تكون مهمتها الترتيب للحكم الجديد.
وسوف تقوم أميركا بالتنفيس عن الشعب برحيل مبارك عندما يتم الإنتهاء من ترتيب الأوضاع من الداخل، وسيتم تصوير رحيل مبارك على أنه إنجاز كبير للجماهير تغطية على ما دبرته مع أدواتها مثل عمر سليمان وكبار جنرالات الجيش وبعض رموز حركات المعارضة. وأميركا تسير فعلاً في مشروع تحويل النظام الجمهوري الرئاسي إلى نظام جمهوري برلماني على شاكلة النظام السياسي في تركيا، وبخاصة وأن أحزاب المعارضة في كل من مصر وتونس قد تنادت بهذا المطلب وجعلته ضمن أجندتها السياسية للإصلاح وتحقيق ما تسميه بالانتقال نحو الديمقراطية.
كما أنه من المرجح أن تدخل مصر في حالة من الفوضى السياسية، إذ أن المطالبة بتشكيل حكومة وحدة وطنية مؤقتة أو حكومة إنقاذ وطني يوحي بعدم الاستقرار السياسي في مصر، مما يؤدي إلى دخول مصر في حالة من الفوضى بين الأحزاب السياسية، هذه الفوضى التي أطلقت عليها رايس "الفوضى الخلاقة" التي تعتمد نظرية الهدم من أجل البناء, والغاية من البناء أميركياً هو بناء التبعية والخضوع لها.
رد مع اقتباس