عرض مشاركة واحدة
 
  #5  
قديم 02-28-2011
الصورة الرمزية admin
admin admin غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 14,425
افتراضي رد: ثناء ابن باز رحمه الله تعالى على كتـــــــــــــاب فقه الزكاة للشيخ العلامة القرضاوي

التحذير الشديد من منع الزكاة
وفي أحاديث أخرى: أنذر الرسول - صلى الله عليه وسلم - مانعىالزكاة بالعذاب الغليظ في الآخرة؛ لينبه بهذا الوعيد القلوب الغافلة، ويحرك النفوسالشحيحة إلى البذل، ويسوقها بعصا الترغيب والترهيب إلى أداء الواجب طوعًا، وإلاسيقت إليه بعصا القانون وسيف السلطان كرهًا.
العذاب الأخروي
روى البخاري عن أبى هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم
-:"من آتاه الله مالاً فلم يؤدِّ زكاته، مثل له يوم القيامة شجاعًا أقرع، له زبيبتان، يُطَوِّقُه يوم القيامة، ثم يأخذ بلهزمتيه - يعنى بشدقيه - ثم يقول: أنا مالك، أنا كنزك، ثم تلا النبي - صلى الله عليه وسلم - الآية: (ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرًا لهم، بل هو شر لهم، سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة)(آل عمران: 180)
. الشجاع: الحية الذكر... والأقرع: الذي لا شعر له، لكثرة سمه، وطول عمره. الزبيبتان: نقطتان سوداوان فوق العينين وهو أخبث الحيات.
وروى مسلم عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال
: "ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدِّى حقها إلا جُعلت له يوم القيامة صفائح، ثم أُحْمِىَ عليها في نار جهنم، فيكوى بها جنبه وجبهته وظهره، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين الناس فيرى سبيله، إما إلى الجنة وإماإلى النار. وما من صاحب بقر ولا غنم لا يؤدى حقها إلا أُتِىَ بها يوم القيامة تطؤه بأظلافها، وتنطحه بقرونها، كلما مضى عليه أخراها رُدَّت عليه أولاها، حتى يحكم الله بين عباده في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة مما تعدون. ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار ".

العقوبة الدنيوية لمن منعالزكاة:.
ولم تقف السنة عند حدالوعيد بالعذاب الأخروي لمن يمنع الزكاة. بل هددت بالعقوبة الدنيوية - الشرعيةوالقدرية - كل من يبخل بحق الله وحق الفقير في ماله. وفي العقوبة القدرية - التييتولاها القدر الأعلى - يقول عليه الصلاة والسلام: "ما منع قومالزكاة إلا ابتلاهم الله بالسنين"(رواه الطبراني فيالأوسط ورواته ثقات، والحاكم البيهقي في حديث إلا أنهما قالا: "ولا منع قوم الزكاةإلا حبس الله عنهم القطر" وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم. الترغيب والترهيب: 1/270- ط. المنبرية. ومجمع الزوائد: 3/96) - جمع سنة - وهي المجاعة والقحط. وفيحديث ثان: "ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر منالسماء، ولولا البهائم لم يمطروا"(رواه ابن ماجةوالبزار البيهقي واللفظ له من حديث ابن عمر - المصدر نفسه. ورواه الحاكم وصححهووافقه الذهبي وله شواهد، انظر: سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني - الحديث رقم "105"). وفي حديث آخر: "ما خالطت الصدقة - أو قال: الزكاة - مالاً إلا أفسدته" (رواه البزار البيهقي كمافي الترغيب. وقال في المنتقى: رواه الشافعي والبخاري في تاريخه والحميدي وزاد: يكونقد وجب عليك في مالك صدقة فلا تخرجها فيهلك الحرام الحلال. نيل الوطار: 4/126) .
وهذا الحديث يتحمل معنيين كما قال المنذريالأول: أن الصدقة - بمعنى الزكاة - ما تركت في مال ولمتخرج منه إلا كانت سببًا في هلاكه وفساده. ويشهد لهذا المعنى ما روى في حديث آخر: "ما تلف مال في بر ولا بحر إلا بحبس الزكاة"(قال في مجمع الزوائد (3/93): رواه الطبراني في الأوسط وفيه عمر بنهارون وهو ضعيف).
الثاني: أن الرجل يأخذ الزكاة وهو غنى عنها، فيضعها مع ماله، فيهلكه. وبهذا فسر الإمام أحمد (الترغيب والترهيب، المرجع السابق).
العقوبة الشرعية لمانع الزكاة
وفي العقوبة الشرعية القانونية - التي يتولاها الحاكم أو ولى الأمر - جاء قوله - صلى الله عليه وسلم - في الزكاة: "من أعطاها مؤتجرًا فله أجره، ومن منعها فإنا آخذوها وشطر ماله، عزمة من عزمات ربنا، لا يحل لآل محمد منها شئ"(رواه أحمد والنسائي وأبو داود من رواية بهز بن حكيم عن أبيه عن جده " معاوية بن حيدة "، ورواه البيهقي في سننه: 4/105، وقال هذا حديث أخرجه أبو داود في "السنن". فأما البخاري ومسلم رحمهما الله فلم يخرجاه، جريًا على عادتهما في أن الصحابي أو التابعي إذا لم يكن له إلا راوٍ واحد لم يخرجا حديثه في الصحيحين. ومعاوية بن حيدة القشيري لم يثبت عندهما رواية ثقة عنه غير ابنه فلم يخرجا حديثه في الصحيح والله أعلم. وتعقبه ابن التركماني في "الجوهر النقي" بما يدل على أن عادة الشيخين التي ذكرها البيهقي غالبة لا مطردة، وانظر الكلام على الحديث في نيل الأوطار: 4/312 - ط. العثماينة -سيأتي مزيد من كلام عن هذا الحديث في الباب الخامس، فليراجع هناك-)
.
تضمن هذا الحديث الكريم جملة مبادئ هامة في باب الزكاة أحدها: أن الأصل في الزكاة أن يعطيها المسلم مؤتجرًا، أي طالبًا الأجر، ومحتسبًا الثواب عند الله تعالى، لأنه يتعبد لله بأدائها، فمن فعل ذلك فله أجره، ومثوبته عند ربه.
الثاني: أن من غلب عليه الشح وحب الدنيا، ومنع الزكاة لم يترك وشأنه، بل تؤخذ منه قهرًا، بسلطان الشرع، وقوه الدولة، وزيد على ذلك فعوقب بأخذ نصف ماله تعزيرًا وتأديبًا لمن كتم حق الله في ماله، وردعًا لغيره أن يسلك سبيله.
وقد قيل: إن هذا كان في ابتداء الإسلام ثم نسخ
(ذكر ذلك الشيرازي في المهذب "المجموع: 5/332"ورد عليه النووي ص 334)
، ولكن لا دليل على النسخ، ولا يثبت بالاحتمال. والذي أراه: أن هذه عقوبة مفوضة إلى تقدير الإمام. ينفذها حيث يرى تمادى الناس في منع الزكاة، ولم يجد سبيلاً لزجرهم غير هذا. وسنعود لهذه المسألة في باب "أداء الزكاة".
الثالث: أن هذا التشديد في أمر الزكاة إنما هو لرعاية حق الفقراء والمستحقين الذين فرض الله لهم الزكاة، وأما النبي - صلى الله عليه وسلم - وآله، فليس لهم نصيب في هذه الزكاة ولا يحل لهم منها شئ. على خلاف ما عرف في الصدقات عند اليهود، حيث كان عُشرها مخصصًا لآل هارون (اللاويين)الذين كانوا كهانًا بالنسل والوراثة , وكان جزء آخر منها يصرف إلى أصحاب المناصب الدينية
(انظر: الأركان الأربعة للأستاذ أبى الحسن الندوي ص129).

__________________
اللهم علمنا ما ينفعنا - وإنفعنا بما علمتنا
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه - وأرنا الباطل باطلا وأرزقنا إجتنابه
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
اللهم إجعل عملنا خالصا لوجهك الكريم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبة وسلم
رد مع اقتباس