عرض مشاركة واحدة
 
  #12  
قديم 02-16-2014
نائل أبو محمد نائل أبو محمد غير متواجد حالياً
عضو بناء
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 6,651
افتراضي رد: كتاب : الفرية الكبرى صفين والجمل

وأما ما قيل من أن هذه الرواية عن أنس تعارض ما رواه من هو أوثق من موسى السيلاني كما جاء في الصحيح عن سليمان التيمي عن أنس قال: {لم يبق ممن صلى القبلتين غيري} .
الجواب عليه: أولاً: إنها فيمن صلى القبلتين لا في إثبات الصحبة أو نفيها، ولذلك أوردها البخاري في باب التفسير لا في موضوع الصحابة، ثانياً: ليس لها مفهوم يفيد أن هنالك صحابة غير أنس ممن له مجرد رؤية، وأكثر ما تفيده أنه بقي غيره ممن لم يصل القبلتين، فمن هم يا ترى؟ فهل هم من حاز على مجرد الرؤية؟ أم هم من أسلم بعد الحديبية والفتح؟ وهذا كله محتمل، أو لعل مراده أنه آخر من بقي ممن صلى القبلتين في البصرة، سيما وأنه لم يرد في الرواية أنها سؤال عن الصحابة، إذ لو كان الكلام عن الصحابة لضيق أنس واسعاً، أي لاحتمل كلامه أن كل من لم يصل القبلتين ليس بصحابي، وهذا ليس صحيحاً، فهنالك الكثير ممن أسلم وصحب بعد تحويل القبلة بل وحضر المعارك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبذلك كله يثبت أن استدلالهم بهذه الرواية استدلال مبهم لا يقوى على معارضة رواية موسى السيلاني المفسَّرة، حيث من المعلوم أُصولاً أنه إذا تعارض المبهم مع المفسَّر فيقدم المفسَّر على المبهم ، ناهيك عن موافقته للمرفوع آنفاً.
وأما ما قيل ويقال تأويلاً لهذه الرواية بأن أنس بن مالك أراد الصحبة الخاصة لا الصحبة العامة، فكلام لا دليل عليه ولا واقع له سوى التعصب لمذهب بعض علماء الحديث المتباين والعاري عن الدليل والمخالف للمعنى الشرعي واللغوي والعرفي لمعنى الصحبة كما قد عرفت آنفاً.
ومن غريب استدلالهم وعدم انطباقه على دعواهم سوى أن يقال أنهم أتوا بدليل، وذلك قصة كلام خالد بن الوليد في عبد الرحمن بن عوف وقول النبي صلى الله عليه وسلم له: {لا تسبوا أصحابي} فزعموا أن نهي خالد بن الوليد عن سب عبد الرحمن بن عوف فيه دليل على أن عبد الرحمن من أصحاب الصحبة الخاصة بخلاف ابن الوليد.
الجواب عليه: أولاً: لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم لخالد: {لا تسب أصحابي} وإنما قال: { لا تسبوا} بصيغة الجمع والعموم، ومعلوم أُصولاً أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، أي لا يسب غير الصحابي أصحابي ولا يسب بعضهم بعضاً، فلا يستلزم أن يكون المنهي عن السب غير صحابي أو أنه من أصحاب الصحبة العامة لا الخاصة كما يزعمون، ونظير ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب في قصة مشابهة لها حين رفض عمر اعتذار أبي بكر له عن كلام قاله في حقه فقال:{فهل أنتم تاركو لي أصحابي} وفي رواية {لا تؤذوني في صاحبي} فمن يقول أنه يستلزم أن يكون المنهي عن السب غير صحابي فقد أخرج عمر بن الخطاب رضي الله عنه من الصحابة أو من الصحبة الخاصة فيما يزعمون تقسيمها، فيثبت بذلك جهلهم ويكونون قد أتوا بكبيرة، لأن عمر رضي الله عنه ممن ثبتت صحبته بالتواتر.
رد مع اقتباس