عرض مشاركة واحدة
 
  #5  
قديم 11-30-2013
نائل أبو محمد نائل أبو محمد غير متواجد حالياً
عضو بناء
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 6,651
افتراضي رد: الأدلة السبعة على عودة المسيح عيسى عليه السلام إلى الأرض

2 الدليل الثاني من سورة النساء :

إضافة إلى الآيتين الكريمتين (156-158) من سورة النساء اللتين بحثنا فيهما في المقال السابق فإن الله تعالى يقول في الآية 159 من السورة نفسها :

( وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً )
النساء 159

عبارة "إلا ليؤمنن به قبل موته" تدعو إلى التأمل والتفكير وبعض المفسرين يُرجِعون الضمير المتصل في "به" وهو "الهاء" إلى القرآن الكريم ويقولون إن قسماً من أهل الكتاب لا بد وأن يؤمنوا بالقرآن الكريم.

ولكن الضمير المتصل "الهاء" راجع إلى عيسى وهو أمر لا يحتاج إلى نقاش:

( وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً بَل رَّفَعَهُ الله إِلَيْهِ وَكَانَ الله عَزِيزاً حَكِيماً وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ) النساء 157-159


ومن جانب آخر فإن عبارة ( وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا ) تسترعي الانتباه فضمير "الهاء" هنا لا يرجع إلى القرآن الكريم وعلى فرض أن ضمير "الهاء" راجع إلى القرآن الكريم في الآية الأولى (ولو أن ذلك خالٍ من أي دليل نحوي أو منطقي) فيجب القبول حينذاك أن "الهاء" في الآية الثانية راجعة إليه أيضاً، ولكي نقول ذلك علينا أن نأتي بآية تدل على ذلك فالقرآن يخلو من أية آية تقول بأنه (أي القرآن) سوف يكون شهيدا على الناس يوم القيامة فالقرآن الكريم يخبرنا بأن لسان الإنسان ويديه وقدميه سوف يشهدون عليه يوم القيامة ( النور 24 و يس 65 ) أما في الآيات الكريمة 20-23 من سورة فصلت فهي تشير أيضا إلى أن سمع الإنسان وبصره وجلده سوف يشهدون عليه أيضاً .

وعند تفحصنا لباقي سور القرآن الكريم فإننا نلاحظ أن الآيات التي تتم فيها الإشارة إلى القرآن الكريم بضمير ما لا بد وأن يأتي قبلها أو بعدها ذكر صريح له (أي للقرآن) ومثال على ذلك الآيات الكريمة التالية ( الطارق 13 التكوير 19 النمل 77 الشعراء 192- 196 )

ولهذا فإن القرآن لا يدع مجالاً للنقاش فيما يتعلق بهذه المسألة. ويكون من الخطإ القول بأن المقصود في هذه الآية هو القرآن الكريم إن لم تتم الإشارة إليه صراحة قبل الآية المقصودة أو بعدها وبما أن الآية لا تتحدث عن القرآن فمن البديهي إذاً أنها تتحدث عن سيدنا عيسى عليه السلام.

أما الموضوع الآخر الذي سوف نتناوله بالبحث فهو التفاسير المتعلقة بعبارة ( قَبْلَ مَوْتِهِ ) الواردة في الآية وبعض المفسرين يقولون بأن تفسير العبارة هو أن أهل الكتاب سوف يؤمنون بعيسى قبل موتهم مع أن اليهود - وهم ممن ينطبق عليهم تعريف أهل الكتاب - الذين عاصروا سيدنا عيسى عليه السلام لم يكتفوا بإنكار رسالته بل سعوا جهدهم لقتله والتخلص منه والقول بأن اليهود والنصارى الذين عاشوا بعد عيسى عليه السلام يؤمنون به كما جاء في القرآن الكريم ادعاء غير واقعي وما نخلص إليه عند تفسير الآية تفسيراً صحيحاً : أنّ أهل الكتاب سوف يؤمنون بعيسى عليه السلام قبل موته.

أما عند تناول الآية في معناها الحقيقي فسوف نكون إزاء عدة حقائق
أولاً من الواضح أن الآية تتحدث عن المستقبل فهي تتحدث عن موت سيدنا عيسى عليه السلام وهذا يعنى أنه لم يمت بعد بل رفعه الله إليه وسوف يعود إلى لأرض مرة أخرى ويعيش ويموت كما هو الحال مع أي إنسان.

وثانياً جميع أهل الكتاب سوف يؤمنون به قبل موته وهو أمر لم يتحقق بعد أيضاً ولهذا فإن الشخص الذي يرجع إليه الضمير المتصل (الهاء) في قبل موته إنما هو عيسى وسوف يراه أهل الكتاب ويؤمنون به ويطيعونه وهو حي وسوف يكون شاهداً عليهم يوم القيامة والله أعلم .
رد مع اقتباس