عرض مشاركة واحدة
 
  #20  
قديم 09-05-2010
سليم سليم غير متواجد حالياً
عضو مرابط
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 554
افتراضي رد: النكات البلاغية في ايراد الصفات الثنائية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



"الْغَفُورُ الرَّحِيمُ"


" الْغَفُورُ الرَّحِيمُ",مؤلف من " الْغَفُور" و " الرَّحِيم",والغفور فعول من غفر وتعني ستر,وهي للمبالغة كما غفاّر,وقد ذكر الزجاج في كتابه"تفسير أسماء الله الحسنى"أن أبي علي قطرب فرق بينهما,فقال:"أن يكون الغفور في ذنوب الآخرة,والغفارُ الذي يسترهم في الدنيا فلا يفضحهم.
وقال الأصفهاني:"وقيل: أغفروا هذا الأمر ,أي: استروه بما يجب أن يستر به".
وجاء في لسان العرب:"غفَر الشيءَ يغفِرهُ غَفْرًا سترهُ, والمتاع في الوعاءِ أدخلهُ وسترهُ والشيب بالخضاب غطَّاهُ,قال الشاعر:
حتى اكتسيتُ من المشيبِ عمامةً = غفراءَ أغفَرَ لونُها بخضاب
وقال الزبيدي في "تاج العروس":"والغَفُورُ. والغَفَّارُ - والغافِرُ -: من صفاتِ الله تَعَالَى، وهُمَا من أَبْنِيَةِ المُبَالَغَة، ومعناهُما، السّاتِرُ لِذُنوبِ عِبَادِه، المُتَجَاوِزُ عن خَطاياهُمْ وذُنُوبِهم.
وهي للمبالغة في كثرة عدد ما يغفر الله من ذنوب,وتفيد الثبوت والدوام.
وقد جاءاسم الله في غفره الذنوب وسترها في صيغ ثلاث:اسم الفاعل:غافر, وفعّال :غفّار, وفعول :غفور,فأما غافر لم يأت مفردًا هكذا وإنما مضافًا إلى الذنب, وجاءت في آية واحدة, وهي في سورة غافر:" غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ", والوجه البلاغي كونه جاء مضافًا لدلالتها على مجرد وقوع الحدث,أي غفران الذنب.
وغفًار جاء في خمس آيات, أثنتان نكرة وهما:
1."وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى",طه
2."فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً",نوح
وثلاث آيات معرفًا ومقرونًا باسمه العزيز وهي:
1."رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ",ص
2."خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ",الزمر
3." َدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ",غافر.
وغفّار على هذه الصيغة تفيد التعدد والتكرار,ففي آية طه نلاحظ أن الله تعالى علق الغفران بالتوبة والإيمان والعمل الصالح والهداية, فالله سبحانه يغفر الذنب للعبد إذا قام بهذه الأمور الأربعة.
وأما " الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ ",فالوجه البلاغي في إيرادها: فإن وصف " العزيزُ "كناية عن أنه يفعل ما يشاء لا غالب له فلا تُجدي المشركين عبادةُ أوليائهم، ووصفَ " الغَفَّارُ " مؤذن باستدعائهم إلى التوبة باتباع الإِسلام. وفي وصف " الغَفَّارُ " مناسبة لذكر الأجل لأن المغفرة يظهر أثرها بعد البعث الذي يكون بعد الموت وانتهاء الأجل تحريضاً على البدار بالتوبة قبل الموت حين يفوت التدارك.
و"غفور" مفردًا جاء في آية واحدة في سورة الإسراء:"إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُوراً",فالملاحظ أن "غفور" لم تقرن هنا باسمه الرحيم,والوجه البلاغي يكمن في سياق الآيات,فقد جاءت هذه الآية بعد أمر الله بعبادته وحده والإحسان بالوالدين,وعلق المغفرة بالإنابة وجاء بصيغة فعّال "أوّاب" في قوله تعالى:" لِلأَوَّابِينَ " أيالمداومين على التوبة والاستغفار,فالذنب مغفور وأما الرحمة فعلمها عند الله إن شاء رحم وإن شاء عاقب, وفي هذه تنويه على عظيم الإحسان بالوالدين.
الغفور ورد في القرآن الكريم في إحدى وتسعين آية,معرفًا ومفردًا ومقرونًا باسم آخر.
فقد جاء معرفًا مقرونًا باسم الرحيم في ثماني آيات سبع منها كان "الرحيم" كلمة الفاصلة, وواحدة "الغفور" كان الفاصلة.,ونكرة في أربع وستين آية, ومعرفًا مقرونًا باسم الودود,والعزيز,و"ذو الرحمة" مرة واحدة لكل منها,
ونكرة مقرونًا باسم "حليم" في أربع آيات "غفور حليم", "حليم غفور" في آيتين,وكذلك مقرونًا باسم"عفو" في أربع آيات,ومقرونًا باسم "شكور" في ثلاث آيات,وغفور في آيتين.
__________________
رمضان أسم حروفه ناصعة=فالراء رحمة من الله واسعة
وميمه مغفرة منه جامعة=والضاد ضياء جنة رائعة
والألف احسان وألفة ماتعة=ونونه نُزل الصائمين ناعمة
رد مع اقتباس