عرض مشاركة واحدة
 
  #19  
قديم 09-04-2010
سليم سليم غير متواجد حالياً
عضو مرابط
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 554
افتراضي رد: النكات البلاغية في ايراد الصفات الثنائية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


وأما تفصيل الآيات التي ذكرت " الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ":

1.آيات الشعراء التسع,الذي نلاحظه أن ثماني آيات تكررت تماماً كما هي :" وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ",وكانت كل آية عقب قصة من قصص الأنبياء,وأولها كانت عقب تسلية الرسول محمد عليه الصلاة وتذكيره بالرسل من قبله وكفر أقوامهم وإعراضهم,أو كما قال عبد الرزاق بن عبد المسن البدر في كتابه "فقه الاسماء الحسنى":"وفيه دلالة أن ما قدّر الله لأنبيائه من النصر والتأييد والرفعة من آثار رحمته التي اختصهم بها,فكان لهم حافظًا ومؤيدًا وناصرًا ومعينًا,وما قدّره لأعدائهم من الخذلان والحرمان والعقوبة والنكال من آثار عزّته,فنصر رسله برحمته,وانتقم منأعدائه وخذلهم بعزّته,فكان ذكر الاسمين مقرونين في هذا السياق في غاية الحكمة والمناسبة".
وأما التاسعة والأخيرة كانت أيضًا بحق سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام وخطابًا له,وأمره بالتوكل على الله فهو حسبه وهو العزيز الحق الذي يعز من يشاء ويذل من يشاء وهو الرحيم وأرحم الراحمين,حيث قال تعالى:" وَتَوكَّلْ عَلَى ٱلْعَزِيزِ ٱلرَّحِيمِ",وقال ابن عاشور في تفسيرها:" وعلق التوكل بالاسمين { العزيز الرحيم } وما تبعهما من الوصف بالموصول وما ذيل به من الإيماء إلى أنه يُلاحظ قوله ويعلم نيتَه، إشارة إلى أن التوكل على الله يأتي بما أومأت إليه هذه الصفات ومستتبعاتها بوصف { العزيز الرحيم } للإشارة إلى أنه بعزته قادر على تغلبه على عدوّه الذي هو أقوى منه، وأنه برحمته يعصمه منهم. وقد لوحظ هذان الاسمان غير مرة في هذه السورة لهذا الاعتبار كما تقدم.

2. " بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ",الروم 5,قال ابن عاشور فيها:"وجملة ينصر من يشاء } تذييل لأن النصر المذكور فيها عامّ بعموم مفعوله وهو { من يشاء } فكل منصور داخل في هذا العموم، أي من يشاء نصره لحِكَم يعلمها، فالمشيئة هي الإرادة، أي: ينصر من يريد نصره، وإرادته تعالى لا يُسأل عنها، ولذلك عُقب بقوله { وَهُوَ العَزِيزُ } فإن العزيز المطلق هو الذي يغلب كل مغالب له، وعقبه بــــ { الرَّحِيم } للإشارة إلى أن عزّته تعالى لا تخلو من رحمة بعباده ولولا رحمته لما أدال للمغلوب دولة على غالبه مع أنه تعالى هو الذي أراد غلبة الغالب الأول، فكان الأمر الأول بعزته والأمر الثاني برحمته للمغلوب المنكوب وترتيب الصفتين العليتين منظور فيه لمقابلة كل صفة منهما بالذي يناسب ذكره من الغلبين، فالمراد رحمته في الدنيا.

3." ذٰلِكَ عَالِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ ",السجدة 6,في هذه الآية ذكر الله تعالى "العزيز" لما تقدم من ذكر الكتاب وأنه من عند الله ولا ريب في هذا, وذكر خلقه السموات والأرض,وتدبيره الأمر بينهما,فعقب بـ"الرحيم",فالقرآن من عند العزيز الحق الغالب القاهر وهو الرحيم بعباده بهدايته وتنزيله الفرقان.أو أنه خلق الخلق بمحض قدرته بدون معين، فالعزة وهي الاستغناء عن الغير ظاهرة، وأنه خلقهم على أحوال فيها لطف بهم فهو رحيم بهم فيما خلقهم إذ جعل أمور حياتهم ملائمة لهم فيها نعيم لهم وجنبهم الآلام فيها. فهذا سبب الجمع بين صفتي " العزيز " و " الرحيم " هنا على خلاف الغالب من ذكر " الحكيم"مع " العزيز".

4." تَنزِيلَ ٱلْعَزِيزِ ٱلرَّحِيمِ ",يس 5,في هذه الآية نلاحظ أن الله عزوجل أقسم وأجاب القسم وأقر وأثبت فحوى القسم,فأثبت نبوة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام بعد أن استكبر الكفار نبوته,فكان المقام مقام اثبات مع عزة,واقرار مع قدرة فأورد اسمًا مما اصطفاه لنفسه من اسماء,ومعن يدل على الرفعة والعلو,فأعز رسوله الكريم بلا ضعف ولا وهن ولا هوان,فأسند التنزيل للعزيز الرحيم مباشرة دون تبعيض ولا إجزاء,فلم يقل"تنزيل من العزيز الرحيم",وذلك لاتمام العزة واظهار القوة والسلطان في أمر تنزيل القرآن,وقرن العزيز بالرحيم لأن المسألة مسألة تنزيل القرآن وارسال النبي,فالله سبحانه وتعالى عزيز بتنزيل القرآن,وهو رحيم بارسال الرسول,فوافقت هنا الأسماء مقام العزة والرحمة.

5." إِلاَّ مَن رَّحِمَ ٱللَّهُ إِنَّهُ هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيم ",الدخان 42,في هذه الآية استئناف بياني هو جوابٌ مجمل عن سؤال سائل عن تعيين من رحمهُ الله، أي أن الله عزيز لا يُكرهه أحد على العدول عن مراده، فهو يرحم من يَرحمه بمحض مشيئته وهو رحيم، أي واسع الرحمة لمن يشاء من عباده على وفق ما جرى به علمه وحكمته ووعدُه.ثم إن المقام مقام رهبة وخوف وذل وضعف,فهو يوم الميقات فيه يعز الله من يشاء ويرحم,ويوم لا تنفع عزة إلا عزة الله ولا تجدي رحمة إلا رحمته سبحانه وتعالى.
__________________
رمضان أسم حروفه ناصعة=فالراء رحمة من الله واسعة
وميمه مغفرة منه جامعة=والضاد ضياء جنة رائعة
والألف احسان وألفة ماتعة=ونونه نُزل الصائمين ناعمة
رد مع اقتباس