عرض مشاركة واحدة
 
  #14  
قديم 08-24-2010
سليم سليم غير متواجد حالياً
عضو مرابط
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 554
افتراضي رد: النكات البلاغية في ايراد الصفات الثنائية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
والآية الثانية من نفس سورة الفاتحة فقد جاءت لنكتة بلاغية دقيقة,وذلك من أجل العناية بالرحمة أكثر منها بسائر الأمور,وأيضًا لأن الآية السابقة ذكرت "رب العالمين" وحيث أن لفظ رب قد يدل على السيد والملك من دون الله فأعادها لبيان أن هذا الرب هو الله الرحمن الرحيم,ونلاحظ أيضًا أن " مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ" جاءت بعد " ٱلرَّحْمـٰنِ ٱلرَّحِيم" ليقول لنا الله لا تغتروا بمضاعفة وتكرار رحمتي فإني مالك يوم الدين,وإلي مصيركم أجمعين,وهذه له وحده حيث لا يبقى إلا وجهه ذو الجلال والإكرام.
وأما آية البقرة:" وَإِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلرَّحْمَـٰنُ ٱلرَّحِيم ",فقد جاء بهذين الاسمين(الصفتين) " ٱلرَّحْمـٰنِ ٱلرَّحِيم"، أي المنعم بجلائل النعم ودقائقها وهما للمدح وفيهما تلميح لدليل الألوهية والانفراد بها لأنه منعم، وغيره ليس بمنعم وليس في الصفتين دلالة على الحصر ولكنهما تعريض به هنا لأن الكلام مسوق لإبطال ألوهية غيره فكان ما يذكر من الأوصاف المقتضية للألوهية هو في معنى قصرها عليه تعالى.
وآية النمل:" ." إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ",فإن النكتة البلاغية فيها كونها رسالة من نبي من أنبياء الله, ومن دأب الأنبياء والرسل أن يفتتحوا رسائلهم بالبسملة, فهي هنا بسملة وليس فقط ايراد الصفتين"الرحمن الرحيم",فكانت عنوان رسالة نبي إلى ملك آخر ليس على دينه, وهكذا فعل الرسول عليه الصلاة والسلام وكان قبل نزول آية هود:" بِسْمِ ٱللَّهِ مَجْريٰهَا وَمُرْسَاهَا" يكتب باسمك اللهم,وبعد أن نزلت هذه الآية أصبح يكتب البسملة. وهذا هو الأصل في رسائل الملوك وليس ما يفعلونه اليوم حيث يبدأون باسم الملك أو رئيس الجمهورية أو غيرها من ألقاب الزعامة والرئاسة, وذلك لأنهم بُتر غلف بهت.

وأية فصلت:" تَنزِيلٌ مِّنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ",فيها أيضًا نكتة بلاغية لذيذة, فالمسألة هنا مسألة إنباء وإخبار أن القرآن منزل من عند الله ,وتنزيله رحمة للعباد,وأن هذه الرحمة من عند الله الرحمن الرحيم,وهي آية استهلال تظهر البراعة في تنزيل الرحمة وتطمين المتلقي,فالقرآن رحمة للعباد كما هو رحمة للرسول, فأنزله رحمة وليس نقمة ,كما يقول الله تعالى في سورة طه:" مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى".
وأما في آية الحشر:" هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ",ووجه تعقيب صفة عموم العلم بصفة الرحمة أن عموم العلم يقتضي أن لا يغيب عن علمه شيء من أحوال خلقه وحاجتهم إليه، فهو يرحم المحْتاجين إلى رحمته ويُهْمِل المعاندين إلى عقاب الآخرة، فهو رحمان بهم في الدنيا،ونلاحظ أن التعقيب جاء بضمير الغائب"هو" وذلك للتأكيد وربط أول الآية بآخرها, حيث قال في أولها :" :" هُوَ اللَّهُ",وعقب الآية بقوله تعالى:" هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ", فالله هو الرحمن الرحيم.
__________________
رمضان أسم حروفه ناصعة=فالراء رحمة من الله واسعة
وميمه مغفرة منه جامعة=والضاد ضياء جنة رائعة
والألف احسان وألفة ماتعة=ونونه نُزل الصائمين ناعمة
رد مع اقتباس