عرض مشاركة واحدة
 
  #12  
قديم 08-22-2010
سليم سليم غير متواجد حالياً
عضو مرابط
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 554
افتراضي رد: النكات البلاغية في ايراد الصفات الثنائية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وأهم الملاحظات على إيراد " الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ ":
1.إيراد الصفتين دون اداة عطف,فلم يقل "الرحمن والرحيم",وذلك لأن العطف لا يفيد الترتيب,وحتى لو استخدمت اداة عطف تفيد الترتيب فهذا لا يعني أنها سوف تفيد تلازم الصفتين كمًا وقدرًا,فقولنا "الرحمن الرحيم" يدل على ترتيب الصفتين وتلازمها ووجودهما معًا وفي آنٍ واحد,فالله سبحانه وتعالى رحمن بقدر ما هو رحيم, ورحيم بقدر ما هو رحمن,فلا تفاضل في القدر بين الصفتين.
وقد جاء في القرآن الكريم إيراد صفتين مما يتصف فيها البشر دون عطف, فقول الله عزوجل في سورة القصص:" قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يٰأَبَتِ ٱسْتَئْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ ٱسْتَئْجَرْتَ ٱلْقَوِيُّ ٱلأَمِين", هنا نلاحظ أن الله سبحانه وتعالى وصف سيدنا موسى عليه السلام بصفتين متلازمتين دون عطف بينهما, فلم يقل "إن خير من استأجرت من كان قويًا وأمينًا",بل جاءت الصفتان معرفتان_تعريف عموم الجنس_ متلازمتان من غير عطف,وقدّم "القوي" على "الأمين" لسببين وهما:
الأول:لأن القوة أظهر من الأمانة,حيث رأت إبنة سيدنا شعيب عليه السلام قوته في هيئته وما فعله من أجلهن,وبعدها أدركت أمانته من خلال تصرفه معها وتقدمه عليها في السير,فهذه من إمارات الأمانة,فلما رأت قوته وأدركت أمانته حكمت عليه بـالأمانة بقدر حكمها عليه بالقوة.
الثاني:لأن موسى عليه السلام أول ما فعله معهن بانت قوته,فكانت قوته أول ما لاحظن بنات شعيب عليه السلام,وتبعها إدراك الأمانة.
وجاءت الصفتان هكذا للدلالة على أن القوة والأمانة يجب أن تلزما الشخص المستأجر,وهما بنفس القدر, فيجب أن يكون أمينًا بقدر ما يجب أن يكون قويًا.
وكذلك قول الله تعالى في سورة إبراهيم:" َلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ",وقوله تعالى في سورة القلم:" هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ".
وهذا ينطبق على كل الصفات الثنائية التي سوف نتعرض لها في هذا البحث.
2.تقديم الرحمن على الرحيم, وفي كل المواطن في القرآن, وقدّم الرحمن على الرحيم وذلك للأسباب التالية:
أولًا: صفة الرحمن خاصة بالله عزو جل, ولا يتصف بها غيره من مخلوقاته,وأما الرحيم فقد يوصف بها إنسان, فنقول:رجل رحيم, ولا نقول:رجل رحمن,فقدّم الخاص على العام.
ثانيًا: الرحمن أبلغ من الرحيم للزيادة اللغوية,فقدّم الأبلغ .
ثالثًا:الرحمن لا يتعدى بينما الرحيم يتعدى,فنقول رحيم به, ولا نقول رحمن به.
رابعًا:الرحمن أعم وأشمل لأنه وكما قيل رحمن الدنيا والآخرة ورحيم الدنيا,فقدّم الأعم والأشمل.
خامسًا:قرن الله تعالى في كتابه العزيز اسم الجلالة بالرحمن ولم يقرنه بالرحيم, يقول الله تعالى في سورة الإسراء:" قُلِ ٱدْعُواْ ٱللَّهَ أَوِ ٱدْعُواْ ٱلرَّحْمَـٰنَ أَيّاً مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ ٱلاْسْمَاءُ ٱلْحُسْنَى".
سادسًا: قدم الرحمن والتي هي الصفة المتجددة وفيها الامتلاء بالرحمة لأبعد حدودها لأن الإنسان في طبيعته عجول وكثيراً ما يؤثر الإنسان الشيء الآتي السريع وان قل على الشيء الذي سيأتي لاحقاً وإن كثر ,كما في سورة القيامة:" كَلاَّ بَلْ تُحِبُّونَ ٱلْعَاجِلَةَ",وقوله سبحانه وتعالى في سورة الإسراء:" وَكَانَ الإِنسَانُ عَجُولاً", لذا جاء سبحانه بالصفة المتجددة ورحمته قريبة ومتجددة وحادثة إليه ولا تنفك لأن رحمته ثابتة.
سابعًا: الملاحظ أن الرحمن جاء بعد اسم الجلالة "الله" _الذي يوحي بالعظمة والهيبة المطلقة_وذلك للتخفيف من وطأة المهابة والهول الحاصل عند سماع اسم الله الأعظم,ليبعث الأمل في النفوس والرجاء في الرحمة المطلقة والممتلئة في اسمه "الرحمن",وأعقبها بــ "الرحيم" كي يبعد الوهم الحاصل في نفوس البشر لما يقع في صدورهم أنه "رحمن"
في ذاته لا تتعدى رحمته إلى مخلوقاته.
__________________
رمضان أسم حروفه ناصعة=فالراء رحمة من الله واسعة
وميمه مغفرة منه جامعة=والضاد ضياء جنة رائعة
والألف احسان وألفة ماتعة=ونونه نُزل الصائمين ناعمة
رد مع اقتباس