تفسير أضواء البيان في تفسير القرآن/ الشنقيطي (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق
{ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }
قوله تعالى: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ }.
أشار في هذه الآية الكريمة إلى تحقيق معنى لا إله إلا الله: لأن معناها مركب من أمرين: نفي وإثبات. فالنفي: خلع جميع المعبودات غير الله تعالى في جميع أنواع العبادات، والإثبات: إفراد رب السموات والأرض وحده بجميع أنواع العبادات على الوجه المشروع. وقد أشار إلى النفي من لا إله إلا الله بتقديم المعمول الذي هو { إِيَّاكَ }. وقد تقرر في الأصول، في مبحث دليل الخطاب الذي هو مفهوم المخالفة. وفي المعاني في مبحث القصر: أن تقديم المعمول من صيغ الحصر. وأشار إلى الإثبات منها بقوله: { نَعْبُدُ }. وقد بين معناها المشار إليه هنا مفصلاً في آيات أخر كقوله:
قوله تعالى: { وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }.
أي لا نطلب العون إلا منك وحدك. لأن الأمر كله بيدك وحدك لا يملك أحد منه معك مثقال ذرة. وإتيانه بقوله: { وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } بعد قوله: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ } ، فيه إشارة إلى أنه لا ينبغي أن يتوكل إلا على من يستحق العبادة. لأن غيره ليس بيده الأمر. وهذا المعنى المشار إليه هنا جاء مبيناً واضحاً في آيات أخر كقوله: