عرض مشاركة واحدة
 
  #3  
قديم 03-07-2012
نائل أبو محمد نائل أبو محمد غير متواجد حالياً
عضو بناء
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 6,651
افتراضي رد: المستقبل للإسلام ـ منقول لمشاركة العقول ـ .

المستقبل لهذا الدين
الشيخ الدكتور سفر بن عبدالرحمن الحوالي
من محاضرة: أسباب النصر

الحمد لله الذي كتب العز والنصر والتوفيق لمن أطاعه واتقاه، وكتب الذل والخزي والعار على من خالف أمره وعصاه، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد القائل: {بعثت بالسيف بين يدي الساعة حتى يعبد الله وحده لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وكتب الذل والصغار على من خالف أمري، ومن تشبه بقوم فهو منهم } وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
إن الأحداث التي تعيشها الأمة الإسلامية هي ملء السمع والبصر، وإنها لأحداث ينطبق عليها قول رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما في الحديث الصحيح حديث زينب بنت جحش رضي الله عنها لما ذكرت أنه قام صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فزعاً محمر الوجه من نومه ذات يوم وهو يقول: {لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه، وحلق بإصبعيه السبابة والوسطى }.
إنها لفتنة عظيمة، وسوف نبين -إن شاء الله- من خلال هذا الموضوع ما يجب على هذه الأمة حيال أسباب النصر المستنبطة من كتاب ربنا ومن سنة نبينا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذي ما من خير إلا وقد دلنا عليه، وما من شر إلا وقد حذرنا منه إلى قيام الساعة، فصلى الله وسلم وبارك عليه، فهو نبي الرحمة ونبي الملحمة، جاء بهذه وهذه، ودلنا على الخير كله، ونهانا عن الشر كله، وما أصابنا من خير فمن الله وباتباع سنته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وما أصابنا من شر فمن أنفسنا وبمخالفتنا لأمره وسنته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
إن النصر للإسلام، وإن المستقبل لهذا الدين بإذن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وإن الله قد وعد عباده المؤمنين بالنصر، كما قال تعالى: إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ [غافر:52] وقال: وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ [الحج:40] وقال: الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ [الحج:41].
فالنصر -بإذن الله- والمستقبل للإسلام، وما هذه المحنة إلا حلقة من محن كثيرة ومصائب كبيرة يحفل بها تأريخنا الإسلامي، فأي صفحة من تأريخنا ليس فيها وقائع ومعارك وأعداء يتكالبون؟! أي صفحة من تأريخنا ليس فيها دماء وفتن ومصائب؟! وهذا هو قدر هذه الأمة، وهذا هو ما أراده الله تبارك وتعالى لها، وهذه سنة الله عز وجل فيها، فيبلوها ويبتلي بها. فهذه هي إرادة الله في الدنيا كلها قال تعالى: وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ [البقرة:251] وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً [الحج:40]

العاقبة للمتقين
إن من سنن الله في الحياة أنها كفاح، وصراع، ومعركة دائمة، ولكن العاقبة للمتقين، والعاقبة للتقوى، وقد أخبر الصادق المصدوق صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، في أحاديث كثيرة بأن العاقبة -فعلاً- لهذا الدين، كما في قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله تبارك وتعالى بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله الإسلام، بعز عزيز أو بذل ذليل، عزاً يعز الله به الإسلام، وذلاً يذل الله به الكفر } فلن يبقى بيت -ولا سيما في هذه الجزيرة وما حولها- إلا ويدخل الله تبارك وتعالى فيه هذا الدين، بعز عزيز أو بذل ذليل، وهذا من فضل الله تبارك وتعالى على هذا الدين، وسوف يبلغ ما بلغ الليل والنهار.
إن هذا العالم الجديد -كما يسمونه- الأمريكتين وما جاورهما، واستراليا - لم يكتشف إلا قريباً، ولم يكن الصحابة والتابعون ومن بعدهم يعلمون عنها شيئاً، وسوف يبلغها هذا الدين بإذن الله، وسوف يدخلها ويحكمها شرع الله -بإذن الله-؛ لأن هذا ما وعد به رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.


فتح القسطنطينية
وقد أخبر صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحديث الآخر من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما لما سئل عبد الله بن عمرو أي المدينتين تفتح أولاً مدينة هرقل يعني القسطنطينية أو رومية فقام عبد الله بن عمرو ليؤكد للسائل وللحاضرين ما قال، وأتى بصندوق له فيه حلق وفتحه وأخرج منه كتاباً وقرأه، فإذا فيه: {بينما نحن جلوس عند النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذ سئل صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أي المدينتين تفتح أولاً؟ فقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مدينة هرقل تفتح أولاً } أي: القسطنطينية ، وإلى الآن لم تفتح المدينة الأخرى، وهي مدينة رومية -أي روما عاصمة إيطاليا ومقر الفاتيكان - وسوف تفتح وتدخلها جيوش الإيمان، وترفع فيها راية لا إله إلا الله محمد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.


الفتوحات التي بشر بها النبي صلى الله عليه وسلم
ورد في صحيح مسلم من حديث جابر بن سمرة ، ونافع بن عتبة رضي الله عنهما في آخره يقول جابر رضي الله عنه: سمعت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: {تغزون جزيرة العرب فيفتحها الله عز وجل، ثم تغزون فارس فيفتحها الله عز وجل، ثم تغزون الروم فيفتحها الله، ثم تغزون الدجال فيفتحه الله } فقال نافع : يا جابر أرى أن الدجال لا يخرج إلا بعد فتح الروم.
فالدجال لا يخرج إلا بعد فتح الروم، وهذه الجملة تصدقها أحاديث كثيرة في الصحيحين وغيرهما، من أن المسلمين يفتحون القسطنطينية وهي عاصمة الروم في القديم، وهي أكبر مدينة في الامبراطورية الرومية الشرقية كما كانت تسمى.
وقد جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه في صحيح مسلم : {أن المسلمين يفتحونها -ولعله في إحدى المرات- بالتكبير، فيأتون إلى المدينة نصفها في البر ونصفها في البحر، فيقولون: لا إله إلا الله، فيسقط النصف الأول الذي في البحر، ثم يقولون: لا إله إلا الله، فيسقط النصف الآخر الذي في البر }.
وهناك أحاديث كثيرة تدل على أن هذه الأمة منصورة وغالبة، ومظفرة، وأن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى سوف يفتح لها الأرض، وأنه مهما اعتراها من خلل، ومهما دخلها من عوج، ومهما كان فيها من دخن، فإن العاقبة للطائفة المؤمنة المنصورة، وهذه الطائفة موجودة فيها، وستظل ظاهرة وغالبة على الحق، حتى يُظهِر الله عيسى بن مريم عليه السلام في آخر الزمان حكماً عدلاً، فيكسر الصليب، ويضع الجزية، ويقتل الخنزير، وتترك القلائص -وهي الإبل الثمينة- لأن الناس ينصرفون عن الدنيا إلى الجهاد، كما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {ويدعو إلى المال -أي عيسى عليه السلام- حتى لا يجد من يأخذه } وفي هذه الأثناء تكون الطائفة المؤمنة والعصبة المنصورة، في بلاد الشام .
فيأتي عيسى عليه السلام إليها، فيقدِّمه الإمام فيأبى إلا أن يصلي وراءه، وفي ذلك يقول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {وإمامكم منكم تكرمةً من الله تعالى لهذه الأمة } فيصلي عيسى عليه السلام، خلف إمام من هذه الأمة ومع هذه العصبة المؤمنة، ويصبح عليه السلام -وهو من أولي العزم من الرسل، وهو الذي تعبده النصارى وتشرك به من دون الله عز وجل- معدوداً ضمن الطائفة المنصورة التي هي من هذه الأمة تكرمةً من الله تعالى لهذه الأمة، لأنه يحكم بشريعتها، ويكون كواحد منها، ويصلي خلف إمامها.
فالأحاديث كثيرة، والعبر كثيرة، فما من زحف ابتلى الله تبارك وتعالى به هذه الأمة إلا وَرُدَّ على أعقابه خاسراً حسيراً مقهوراً بإذن الله عز وجل.
رد مع اقتباس