عرض مشاركة واحدة
 
  #6  
قديم 06-27-2009
نائل أبو محمد نائل أبو محمد غير متواجد حالياً
عضو بناء
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 6,651
افتراضي رد: كيف يجب علينا أن نفسر القرآن الكريم


الحقيقة الأولى :
أن في حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه الذي أشرت إليه آنفا زيادة تبين أن العذاب ليس بمعنى التألم , وإنما هو بمعنى العذاب المتبادر , أي : عذاب النار , إلا أن يعفو الله تبارك وتعالى , كما هو صريح قوله عزوجل ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ )]النساء48[ , ففي رواية المغيرة قال ( إن الميت ليُعذب ببكاء أهله يوم القيامة ) , فهذا صريح بأن الميت يُعذب بسبب بكاء أهله عليه يوم القيامة , وليس في القبر , وهو الذي فسره ابن تيمية بالألم والحزن .

الحقيقة الأخرى :
هي أن الميت إذا مات لا يحس بشيء يجري من حوله , سواء أكان هذا الشيء خيراً أو شراً – كما تدل عليه أدلة الكتاب والسنة – اللهم إلا في بعض المناسبات التي جاء ذكرها في بعض الأحاديث , إما كقاعدة لكل ميت , أو لبعض الأموات , حيث أسمعهم الله عزوجل بعض الشيء الذي يتألمون به .

فمن الأول :
الحديث الذي رواه البخاري في صحيحه من حديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن العبد إذا وضع في قبره , وتولى عنه أصحابه –حتى إنه سمع قرع نعالهم – أتاه ملكان )(10) , ففي هذا الحديث الصحيح إثبات سمع خاص للميت في وقت دفنه , وحين ينصرف الناس عنه , أي : في الوقت الذي يُجلسه الملكان أُعيدت الروح إليه , فهو في هذه الحالة يسمع قرع النعال , فلا يعني الحديث بداهة أن هذا الميت وكل الأموات تُعاد إليهم أرواحهم , وأنهم يظلون يسمعون قرع النعال المـارة بين القبور إلى يوم يبـعثون! لا .

إنما هذا وضعٌ خاص وسماع خاص من الميت , لأنه أُعيدت روحه إليه , وحينئذٍ لو أخذنا بتفسير ابن تيمية رحمه الله , وسعنا دائرة إحساس الميت بما يجري حوله , سواءً عند نشعه قبل دفنه , أو بعد وضعه في قبره , ومعنى ذلك : أن يسمع بكاء الأحياء عليه و وهذا يحتاج إلى نص , وهو مفقود . هذا أولاً .

وثانياً :
بعض نصوص الكتاب والسنة الصحيحة تدل على أن الموتى لا يسمعون , وهذا بحث طويل , ولكني سأذكر حديثاً واحداً , وأنهي الجواب عن السؤال وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم ( إن لله ملائكة سياحين في الأرض يبلغوني عن أمتي السلام )(11) , وقوله ( سياحين ) أي : طوافين على المجالس , فكلما صلى مسلم على النبي صلى الله عليه وسلم , فهناك ملك موكل يوصل السلام من ذاك المسلم إلى النبي صلى الله عليه وسلم , فلو كان الأموات يسمعون , لكان أحق هؤلاء الأموات أن يسمع هو نبينا صلى الله عليه وسلم , لما فضله الله تبارك وتعالى , وخصه بخصائص على كل الأنبياء والرسل والعالمين , فلو كان أحدٌ يسمع لكان النبي صلى الله عليه وسلم ثم لو كان النبي صلى الله عليه وسلم يسمه شيئا بعد موته , لسمع صلاة أمته عليه .

ومن هنا تفهمون خطأ – بلا ضلال – الذين يستغيثون ليس بالنبي صلى الله عليه وسلم بل وبمن دونه , سواء كانوا رسلا أو أنبياء أو صالحين , لأنه لو استغاثوا بالرسول عليه الصلاة والسلام لما سمعهم , كما هو صريح القران ( إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ )]الأعراف194[ , و ( إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ )]فاطر14[ إلى آخر الآية .

إذا فالموتى من بعد موتهم لا يسمعون , إلا ما جاء النص في قضية خاصة – كما ذكرت آنفا – من سماع الميت قرع النعال , وبهذا ينتهي الجواب عن هذا السؤال .
رد مع اقتباس