عرض مشاركة واحدة
 
  #5  
قديم 06-27-2009
نائل أبو محمد نائل أبو محمد غير متواجد حالياً
عضو بناء
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 6,651
افتراضي رد: كيف يجب علينا أن نفسر القرآن الكريم


سؤال 3 :
هناك من يقول : إذا عارض الحديث آية من القران , فهو مردود مهما كانـت درجة صحـته , وضرب مثالاً لـذلك بحديث ( إن الميت ليُعـذب ببكاء أهله عليه )(9) , واحتج بقول عائشة في ردها الحديث بقول الله عزوجل ( وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى )]فاطر18[ , فكيف على يُرد على من يقول ذلك ؟

الجواب : رد هذا الحديث هو من مشاكل رد السنة بالقران وهو يدل على انحراف ذلك الخط .

أما الجواب عن هذا الحديث – وأخص به من تمسك بحديث عائشة رضي الله عنها فهو :

*أولاً : من الناحية الحديثية : فإن هذا الحديث لا سبيل لرده من الناحية الحديثية اثنين :

أ – أن جاء بسند صحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما .
ب – أنه ابن عمر رضي الله عنه لم يتفرد به , بل تابعه على ذلك عمر بن الخطاب وهو وابنه لم يتفردا به , فقد تابعهما المغيرة ن شُعبة , وهذا مما يحضرني في هذه الساعة بأن هذه الروايات عن هؤلاء الصحابـــة الثلاثة رضي الله عنهـم فـي الصحيحين .

أما لو أن الباحث بحث يحثاً خاصاً في هذا الحديث فيسجد له طرقاً أخرى , وهذه الأحاديث الثلاثة كلها أحاديث صحيحة الأسانيد فلا تُرد بمجرد دعوى التعارض مع القران الكريم .

*ثانياً : من الناحية التفسيرية : فإن هذا الحديث قد فسره العلماء بوجهين :

الوجه الأول : أن هذا الحديث إنما ينطبق على الميت الذي كان يعلم في قيد حياته أن أهله بعد موته سيرتكبون مخالفات شرعية , ثم لم ينصحهم ولو يوصهم أن لا يبكوا عليه , لأن البكاء يكون سبباً لتعذيب الميت .

و – ال – التعريف في لفظ ( الميت ) هنا ليست للاستغراق والشمول , أي : ليس الحديث بمعنى أن كل ميت يُعذب ببكاء أهله عليه , وإنما – ال - هنا للعهد , أي : الميت الذي لا ينصح بألا يرتكبوا بعد وفاته ما يخالف الشرع , فهذا الذي يعذب ببكاء أهله عليه , أما من قام بواجب النصيحة , وواجب الوصية الشرعية بألا ينوحوا عليه , وألا يأتوا بالمنكرات التي تُفعل خاصة في هذا الزمان , فإنه لا يُعذب وإذا لم يُوص لم ينصح عُذب .

هذا التفصيل هو الذي يجب أن نفهمه من التفسير الأول لكثير من العلماء المعروفين والمشهورين , كالنووي وغيره , وإذا عرفنا هذا التفصيل , وضح ألا تعارض بين هذا الحديث وبين قوله تعالى ( وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى )]فاطر18[, إنما يظهر التعارض فيما لو فُهم أن – ال – في لفظ ( الميت ) إنما هي للاستغراق والشمول , أي : كل ميت يُعذب , حينئذٍ يُشكل الحديث ويتعارض مع الآية الكريمة , أما إذا عرفنا المعنى الذي ذكرناه آنفا , فلا تعارض ولا إشكال , لأن الذي يُعذب إنما يُعذب بسبب عدم قيامه بواجب النصح والوصية , هذا الوجه الأول مما قيل في تفسير هذا الحديث لدفع التعارض .

أما الوجه الثاني : فهو الذي ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في بعض مصنفاته , أن العذاب هنا ليس عذاباُ في القبر , أو عذاباً في الآخرة , وإنما هو بمعنى التألم وبمعنى الحزن , أي : إن الميت إذا سمع بكاء أهله عليه , أسف وحزن لحزنهم هم عليه .

هكذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية , وهذا لو صح لاستأصل شأفة الشبهة .
لكني أقول : أن هذا التفسير يتعارض مع حقيقتين اثنتين لذلك لا يسعنا إلا أن نعتمد على التفسير الأول للحديث :
رد مع اقتباس