عرض مشاركة واحدة
 
  #5  
قديم 08-05-2009
سليم سليم غير متواجد حالياً
عضو مرابط
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 554
افتراضي رد: السحر وعلاقته بالجن!

السلام عليكم
هذا ما كان من تقوّل اليهود على سليمان والملكين بأنهما علمّا الناس السحر ,وما كان ملك سليمان إلا بالسحر وتسخير الجن...وأما الملكين فإن لهما تأويل...فهناك من قرأ الملكين بفتح اللام وهو المتواتر وقرأه ابن عباس والضحاك والحَسن وابن أَبْزَى بكسر اللام.
فعلى قراءة إبن عباس فاللذان علمّا الناس السحر هما ملَِكان من البشر...وهكذا ننفي علاقة الجن بالسحر...وأما على القراءة المشهورة بكسر اللام ...فمن بيان عطف "وما أنزل } على { مُلك سليمان } يتضح تقوّل وكذب الناس أنهم تعلموا السحر على يدي الملَكين...قال الفخر وهو اختيار أبي مسلم وأنكر أبو مسلم أن يكون السحر نازلاً على المَلَكين إذ لا يجوز أمر الله به وكيف يتولى الملائكة تعليمه مع أنه كفر أو فسق.
وكما هو ملاحظ أن لفظ ملكين جاء معرفًا وهذا يدل إما على الجنس وإما على العهد, بأن يكون الملكان معهودين لدى العارفين بقصة ظهور السحر.
وأما قوله تعالى :" نحن فتنة فلا تكفر "...فكيف يجتمع قصد الفتنة مع التحذير من الوقوع فيها الرابع كيف حصرا حالهما في الاتصاف بأنهما فتنة فما هي الحكمة في تصديهما لذلك لأنهما إن كانا ملَكين فالإشكال ظاهر وإن كانا ملِكين بكسر اللام فهما قد علما مضرة الكفر بدليل نهيهما عنه وعلِما معنى الفتنة بدليل قولهما { إنما نحن فتنة } فلماذا تورطا في هذه الحالة؟
قال إبن عاشور فيها:"ودفع هذا الإشكال برمته أن الإنزال هو الإيصال وهو إذا تعدى بعلى دل على إيصال من علو واشتهر ذلك في إيصال العلم من وحي أو إلهام أونحوهما، فالإنزال هنا بمعنى الإلهام وبمعنى الإيداع في العقل أو في الخلقة بأن يكون الملكان قد برعا في هذا السحر وابتكرا منه أساليب لم يسبق لهما تلقيها من معلم شأن العلامة المتصرف في علمه المبتكر لوجوه المسائل وعللها وتصاريفها وفروعها.
والظاهر عندي أن ليس المراد بالإنزال إنزال السحر إذ السحر أمر موجود من قبل ولكنه إنزال الأمرِ للملَكين أو إنزال الوحي أو الإلهام للملِكين بأن يتصديا لبث خفايا السحر بين المتعلمين ليبطل انفراد شرمذة بعلمه فيندفع الوجهان الأول والثاني."اهـ
وقد يتساءل بعض الناس كيف يكون إذن قول الملكين " نحن فتنة فلا تكفر "...فالفتنة هي كما قال إبن عاشور:"الفتنة لفظ يجمع معنى مرج واضطراب أحوال أحد وتشتت باله بالخوف والخطر على الأنفس والأموال على غير عدل ولا نظام وقد تخصص وتعمم بحسب ما تضاف إليه أو بحسب المقام يقال فتنة المال وفتنة الدين."اهـ
وتابع قوله:" والإخبار عن أنفسهم بأنهم فتنة إخبار بالمصدر للمبالغة وقد أكّدت المبالغة بالحصر الإضافي والمقصد من ذلك أنهما كانا يصرحان أن ليس في علمهما شيء من الخير الإلٰهي وأنه فتنة محضة ابتلاء من الله لعباده في مقدار تمسكهم بدينهم وإنما كانا فتنة لأن كل من تعلم منهما عمل به. فلا تكفر كما كفر السحرة حين نسبوا التأثيرات للآلهة وقد علمت سرها. وفي هذا ما يضعف أن يكون المقصد من تعليمهما الناس السحر إظهار كذب السحرة الذين نسبوا أنفسهم للألوهية أو النبوءة...والذي يظهر في تفسير هذه الجملة أن قولهما: { إنما نحن فتنة } قصر ادعائي للمبالغة فجعلا كثرة افتتان الناس بالسحر الذي تصديا لتعليمه بمنزلة انحصار أوصافهما في الفتنة ووجه ابتدائهما لمن يعلمانه بهذه الجملة أن يبينا له أن هذا العلم في مبادئه يظهر كأنه فتنة وشر فيوشك أن يكفر متعلمه عند مفاجأة تلك التعاليم إياه إذا كانت نفسه قد توطنت على اعتقاد أن ظهور خوارق العادات علامة على ألوهية من يظهرها، وقولهما: { فلا تكفر } أي لا تعجل باعتقاد ذلك فينا فإنك إذا توغلت في معارف السحر علمت أنها معلولة لعلل من خصائص النفوس أو خصائص الأشياء فالفتنة تحصل لمن يتعلم السحر حين يرى ظواهره وعجائبه على أيدي السحرة ولمن كان في مبدأ التعليم فإذا تحقق في علمه اندفعت الفتنة فذلك معنى قولهما { فلا تكفر } فالكفر هو الفتنة وقولهما { فلا تكفر } بمنزلة فلا تفتتن وقد اندفع الإشكال الرابع المتقدم.اهـ
وأما التفريق بين المرء وزوجه فهو من باب إستعمال مفسدات لعقل أحد الزوجين حتى يبغض زوجه وإما بإلقاء الحيل والتمويهات والنميمة حتى يفرق بينهما.وقوله تعالى:"ما يفرقون به بين المرء وزوجه"...إشارة الى جزئي من أهم وأكثر جزيئات السحر شيوعًا وإنتشارًا وأقصى تأثيراته...قال إبن عاشور:"قوله: { ما يفرقون به بين المرء وزوجه } إشارة إلى جزئي من جزئيات السحر وهو أقصى تأثيراته إذ فيه التفرقة بين طرفي آصرة متينة إذ هي آصرة مودة ورحمة قال تعالى:
{ ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة }
[الروم: 21] فإن المودة وحدها آصرة عظيمة وهي آصرة الصداقة والأخوة وتفاريعهما، والرحمة وحدها آصرة منها الأبوة والبنوة، فما ظنكم بآصرة جمعت الأمرين وكانت بجعل الله تعالى وما هو بجعل الله فهو في أقصى درجات الإتقان وقد كان يشير إلى هذا المعنى شيخنا الجليل سالم أبو حاجب في قوله تعالى: { وجعل بينكم مودة ورحمة }. وهذا التفريق يكون إما باستعمال مفسدات لعقل أحد الزوجين حتى يبغض زوجه وإما بإلقاء الحيل والتمويهات والنميمة حتى يفرق بينهما.وقوله: { وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله } جملة معترضة. وضمير { هم } عائد إلى (أحد) من قوله: { وما يعلمان من أحد } لوقوعه في سياق النفي فيعم كل أحد من المتعلمين أي وما المتعلمون بضارين بالسحر أحداً. وهذا تنبيه على أن السحر لا تأثير له بذاته وإنما يختلف تأثير حيله باختلاف قابلية المسحور، وتلك القابلية متفاوتة ولها أحوال كثيرة أجملتها الآية بالاستثناء منقوله: { إلا بإذن الله } أي يجعل الله أسباب القابلية لأثر السحر في بعض النفوس فهذا إجمال حسن مناسب لحال المسلمين الموجه إليهم الكلام لأنهم تخلقوا بتعظيم الله تعالى وقدرته وليس المقام مقام تفصيل الأسباب والمؤثرات ولكن المقصود إبطال أن تكون للسحر حالة ذاتة وقواعد غير مموهة، فالباء في قوله: { بإذن الله } للملابسة".اهـ
وأما آية الفلق في قوله تعالى:"وَمِن شَرِّ ٱلنَّفَّاثَاتِ فِي ٱلْعُقَدِ "...فلا يقوم بها دليل على علاقة الجن بالسحر...بل يمكننا أن نستدل بها على علاقة السحر بالإنس وخاصة النساء منهم...ومن الملاحظ أن التعوذ جاء بالنفاثات أي الساحرات وليس النفث وهو السحر بحد ذاته...فلم يقل الله تعالى ومن شر النفث في العقد!,كما وربط التعوذ بالنفاثات عطفًا على التعوذ بالليل في الآية السابقة وذلك لأن الساحرات يتحيّن الليل في إجراء شعوذتهم لئلا يطلع عليهم أحد.
وأما الأحاديث في سحر الرسول فقد جاء في الآثر عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : "كان رسول الله سحر حتى كان يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن – قال سفيان : وهذا أشد ما يكون من السحر إذا كان كذا – فقال : يا عائشة : أعلمت إن الله أفتاني فيما استفتيته فيه ، أتاني رجلان ، فقعد أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي ، فقال الذي عند رأسي للآخر : ما بال الرجل ؟ قال : مطبوب 0 قال : ومن طبه ؟ قال : لبيد بن أعصم رجل من بني زريق حليف ليهود كان منافقاً 0 قال : وفيم ؟ قال : في مشط ومشاقة – أي ما يغزل من الكتان - 0 قال وأين ؟ قال : في جف طلعة ذكر تحت رعوفة – أي حجر في أسفل البئر - في بئر ذروان ، قال : فأتى النبي البئر حتى استخرجه ، فقال : هذه البئر التي أريتها وكأن ماءها نقاعة الحناء، وكأن نخلها رؤوس الشياطين0 قال : فاستخرج 0 قال : فقلت : أفلا أي تنشرت ، فقال : أما والله فقد شفاني وأكره أن أثير على أحد منه شراً .
فهذا لا يدل على أن السحر له علاقة بالجن بل على العكس فإن صح الحديث فإنه دلالة واضحة على أن الجن ليس له علاقة بالسحر لأسباب:
1.نفي القرآن القطعي الدلالة والثبوت أن يكون للشيطان على عباد الله الصالحين سلطانًا,يقول الله تعالى :" إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلْغَاوِينَ "....وسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام خير البشر وسيد الصالحين ولم يك من الغاوين,وقوله تعالى:"إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَىٰ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ",والرسول عليه الصلاة والسلام أحق وأولى من غيره في نفي سلطان الجن عليه وكما جاء في حديثه عليه الصلاة والسلام أن الله عزوجل قد أعانه على قرينه من الجن فأسلم.
2.جاء في الحديث أن الذي سحره هو لبيد بن أعصم اليهودي وهو من الإنس وهذا يدل ايضًا على تمرس اليهود من الإنس في السحر ,ولم يذكر أحد الملكين أن سحره كان بمعونه الجن.
3.جاءت الأحكام الشرعية المتعلقة بالسحر والسحرة وممارستها لما فيها من فحش ورذيلة وإتكال على غير الله,ولم يك الحكم الشرعي لما للجن من علاقة بالسحر,فلو كان لكانت العقوبة على الإتصال بالجن وليس ممارسة السحر من شعوذة وفحش بالقول وسوء عمل.
هذا والله أعــــلم
.
__________________
رمضان أسم حروفه ناصعة=فالراء رحمة من الله واسعة
وميمه مغفرة منه جامعة=والضاد ضياء جنة رائعة
والألف احسان وألفة ماتعة=ونونه نُزل الصائمين ناعمة
رد مع اقتباس