عرض مشاركة واحدة
 
  #2  
قديم 10-22-2011
مستنير مستنير غير متواجد حالياً
عضو مشارك
 
تاريخ التسجيل: Oct 2011
المشاركات: 45
افتراضي رد: نقض كتاب حمل الدعوة واجبات وصفات

بالحق وانهم لكاذبون * ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله *إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض}.
وما كانت عبادتهم للأصنام إلا لتقربهم الى الله زلفى قال تعالى {والذين اتخذوا من دون الله أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى} وبعبادتهم الأصنام جعلوها أندادا لله تعالى قال تعالى {وجعلوا لله أندادا ليضلوا عن سبيله}. وبجعلهم الأصنام أندادا لله جاء التحدي للأصنام بمعجزة الخلق قال تعالى {يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب} فالتحدي هنا للأصنام لا للعرب لأن العرب جعلت من الأصنام أندادا لله، وينطبق ذلك على الذي حاج إبراهيم في ربه قال تعالى { الم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت قال أنا أحيي وأميت قال إبراهيم فان الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين}. كل ذلك يدل على خطأ ما ذهب إليه المؤلف في الاستدلال على وجود الخالق القدير بكون مخلوقات هذا الكون معجزة للبشر عن الاتيان بمثلها.
3- المؤلف كما عودنا في هذا الكتاب يقول الرأي في موضع ثم يقول نقيضه في موضع آخر وهو هنا في هذا البحث "الكون والقرآن" قال بالرأي وبنقيضه وما يفصل بين الرأيين سوى صفحتين اثنتين. فالمؤلف في هذا النص الذي نحن بصدد مناقشته يقول بأن الله تعالى تحدى البشر بأن يأتوا بمثل الآيات الكونية كما تحداهم بأن يأتوا بمثل الآيات التنزيلية، إلا أنه في صفحة 16 يقول ما نصه "وحيث أن العرب يدعون البراعة في اللغة واتقانها، وأنهم أهل فصاحة وبلاغة وبيان، فان تحدي الله لهم في لغتهم وأساليب التعبير فيها هو تحد في موضعه، أرأيت لو أنك تحديت أميا بأن يكتب فعجز أكنت تقيم عليه الحجة بأنك تملك الإعجاز؟ أرأيت لو أنك تحديت عالم رياضيات بأن يقوم بتشريح جثة فعجز أكان يصلح هذا العجز منه حجة لك بأنك تملك الإعجاز؟ كلا طبعا، فالتحدي لا يكون إلا في أمر يدعي صاحبه أنه عالم به بصير به قادر عليه، فان عجز عن الاتيان بما ادعى أنه عالم به، فهو الأمر المطلوب، وهو إقامة الحجة عليه، والعرب لم يكونوا يتقنون ويبدعون سوى التعبير بلغتهم ويدعون العلم التام بأساليب التعبير فيها، فكان التحدي في هذه المسألة حاسما ومفحما لهم".
النتيجة من جمع الرأيين معا هي أن التحدي بالاتيان بمثل الآيات الكونية هو تحد في غير موضعه وأن الحجة عليهم في الدلالة على وجود الله تعالى لم تقم لأن العرب كما يقول لم يكونوا يتقنون ويبدعون سوى التعبير بلغتهم، والله سبحانه تحداهم بمعجزة الخلق وهم لم يدعوا الخلق أو القدرة على الخلق.
أي أن المؤلف يقول "فالتحدي لا يكون إلا في أمر يدعي صاحبه أنه عالم بصير به قادر عليه" ويقول " والعرب لم يكونوا يتقنون ويبدعون سوى التعبير بلغتهم، ويدعون العلم التام بأساليب التعبير فيها"وفي نفس الوقت يقول "فالتحدي بخصوص الآيات الكونية كالتحدي الذي جاء بخصوص الآيات التنزيلية"

رابعا :- التفكر والتدبر

بحث منطقي بحت الهدف منه التوصل الى حكمة رب العالمين من استعمال لفظة التدبر مع آيات القرآن وحكمته تعالى من عدم استعمالها مع آيات الكون , وقد نص المؤلف في ص 22 على الحكمة الأولى بعد أن قدم لها سلسلة من القضايا المنطقية بقوله "ولا يستقيم هذا الأمر إلا بالنظر في جميع الآيات، إذ لو نظر في نصف الآيات أو ربعها فلم يجد ضعفا ولا هبوطا ولا ضحالة فان الحجة عليه لا تقوم، إذ ربما كان الضعف والهبوط والضحالة في القسم الباقي، فلكي تقطع حجة المحتجين أمر الله سبحانه الناس أن يتدبروا الآيات، أي ينظروا فيها كلها، أي يستقصوا النظر كاملا، هذه هي الحكمة وهذا هو القصد من استعمال لفظ التدبر مع آيات القرآن، ولو استعمل لفظ النظر أو التلاوة هنا لما قامت الحجة، ولما انقطعت التعلة، فحتى تكون جمل القرآن آيات، أي علامات على وجود الخالق القدير لا بد من استعراضها بالكامل، والتيقن عندها من أنها فعلا آيات ربانية وليست جملا من صياغة البشر". ونص على الحكمة الثانية بقوله " هذا المعنى غير مطلوب عند النظر في الآيات الكونية , ولو جاء استعمال لفظة التدبر معها لما استطاعه الإنسان , وبالتالي لما قامت الحجة , ولبقيت التعلة , فسبحان العليم الحكيم "
التعليق:-
أولا:- تبنى الحزب أن ما لم يرد بحكمته نص لا تلتمس له حكمة، كما لا تلتمس له علة، وهنا نص المؤلف على حكمة استعمال لفظة التدبر مع آيات القرآن وحكمة عدم استعمالها مع آيات الكون، إلا أن المؤلف لم يستدل على كلتا الحكمتين ولا بنص شرعي واحد، وأما الآيات التي وردت بها لفظة "تدبر" والآيات التي وردت بها لفظة "يتفكرون" فانه لا يوجد فيها ما يدل على حكمة استعمال لفظة تدبر أو على حكمة عدم استعمالها".
ثانيا:- خطأ القضايا أو المقدمات التي استعملت بهدف الوصول الى هاتين الحكمتين، وبيان ذلك كما يلي:-
خطأ قول المؤلف:- "فقد استعمل لفظة التدبر مع آيات القرآن، ولم يستعمل جل وعلا أية لفظة أخرى بديلة أو مرادفة".
ما قاله المؤلف هنا يدل على قلة تدبر المؤلف لآيات القرآن الكريم، وذلك أن الناظر في آيات القرآن يجد أن الله سبحانه وتعالى قد استعمل ألفاظا أخرى "بديلة أو رديفة" للفظة تدبر مثل "تعقلون" "تتفكرون" "يتذكرون" "يفقهوه " فهذه الألفاظ استعملت أيضا مع آيات القرآن الى جانب لفظة التدبر. ومن أمثلة آيات القرآن على ذلك قوله تعالى "الر تلك آيات الكتاب المبين، إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون" وقوله تعالى: "حم، والكتاب المبين، إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون".. أما لفظة "يتفكرون" فقد وردت في قوله تعالى: "وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون، بالبينات والزبر وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون" وأما لفظة "يتذكرون" كما في قوله تعالى "كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب" وقوله تعالى "ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون" وقوله تعالى "فإنما يسرناه بلسانك لعلهم يتذكرون" وقوله تعالى "سورة أنزلناها وفرضناها وأنزلنا فيها آيات بينات لعلكم تذكرون". وأما لفظة "يفقهوه" فقد استعملت في قوله تعالى { وجعلنا على قلوبهم أكنةً أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا } وفي قوله تعالى { فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا }.
أما قوله: "التدبر لغة: النظر في العواقب، والنظر في أول الشيء وآخره، اخذ هذا اللفظ من كلمة الدبر وهي المؤخرة، وعلى هذا فان التدبر يعني النظر في الشيء كله أوله وآخره حتى يأتي على آخره أي دبره ...... فعندما يخاطب الله سبحانه البشر بأن يتدبروا القرآن الكريم،فانه يطلب منهم أن ينظروا في آياته نظر بحث واستقصاء، أي نظرا يأتي على أولها وآخرها..".
لقد اجتهدت في البحث عن معنى لفظة "تدبر" في قواميس اللغة، وكتب اللغة، وكتب التفسير فلم أجد أحدا يقول بأن التدبر هو "النظر في أول الشيء وآخره".
فعلى سبيل المثال ورد في معاجم اللغة ما يلي:
لسان العرب
الدبُر والدبْر :نقيض القبل. ودبر كل شيء: عقِبُه ومؤخرُه. وجمعهما أدبار ودبر كل شيء:خلاف قبله في كل شيء.
الدبُر والدبْر خلاف القبل ودبر الشهر: آخره
دابر الشيء: آخره ودُبُرُ الأمر و دُبْرُه: آخره
استدبَرَه : أتاه من ورائه
تدابر القوم : تعادوا وتقاطعوا
ودبَّرَ الأمر وتدبَّرَه: نظر في عاقبته واستدبره: رأى في عاقبته ما لم ير في صدره، وعرف الأمر تدبُّراً أي بأَخَرَةٍ، قال جرير:
ولا تتقون الشر حتى يصيبكم ولا تعرفون الأمر إلا تدبرا
والتدبير في الأمر: أن تنظر ما تؤول اليه عاقبته،
والتَّدَبُّر:التفكر فيه
وفلان ما يدري قبال الأمر من دباره أي أوله من آخره
والتدبير: أن يتدبر الرجل أمره و يُدَبَّرَه أي ينظر في عواقبه
المفردات في غريب القرآن للأصفهاني:-
دبر: دُبُرُ الشيء خلاف القبل ...
قال تعالى: {ومن يولهم يومئذ دبره} وقال: {يضربون وجوههم وأدبارهم} أي قدامهم وخلفهم وقوله {وأدبار السجود} أواخر الصلوات
والاستدبار طلب دبر الشيء
والتدبير التفكير في دبر الأمور
مختار الصحاح لأبي بكر الرازي:-
د ب ر : والدبْر والدُّبُر أيضا ضد القبل
و"التدبير" في الأمر النظر الى ما تؤول اليه عاقبته
و "التدبُّرْ" التفكر فيه
الفروق اللغوية لأبي هلال العسكري:-
"الفرق" بين التفكر والتدبر أن التدبر تصرف القلب بالنظر في العواقب، والتفكر تصرف القلب بالنظر في الدلائل.
"الفرق" بين التقدير والتدبير أن التدبير هو تقويم الأمر على ما يكون فيه صلاح عاقبته، وأصله من الدبر وأدبار الأمور عواقبها وآخر كل شيء دبره، وفلان يتدبر أمره أي ينظر في أعقابه ليصلحه على ما يصلحها، والتقدير تقويم الأمر على مقدار يقع معه الصلاح ولا يتضمن معنى العاقبة.

أما ما ورد في كتب التفسير في معنى لفظة التدبر حيث وردت في آيات القرآن فهذا بيانه:
قوله تعالى "أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا"
الطبري: عن الضحاك قوله "أفلا يتدبرون القرآن، قال: "يتدبرون" النظر فيه.
القرطبي: ثم عاب المنافقين بالإعراض عن التدبر في القرآن والتفكر فيه وفي معانيه. تدبرت الشيء فكرت في عاقبته. وفي الحديث "لا تدابروا" أي لا يولي بعضكم بعضا دبره. وأدبر القوم مضى أمرهم الى آخره. والتدبير أن يدبر الانسان أمره كأنه ينظر الى ما تصير اليه عاقبته. ودلت هذه الآية وقوله تعالى "أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها" على وجوب التدبر في القرآن ليعرف معناه. فكان في هذا رد على فساد قول من قال: لا يؤخذ من تفسيره إلا ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومنع أن يتأول على ما يسوغه لسان العرب. وفيه دليل على الأمر بالنظر والاستدلال وابطال التقليد. وفيه دليل على اثبات القياس.
فتح القدير للشوكاني: "أفلا يتدبرون" للإنكار، والفاء للعطف على مقدر، أي: أيعرضون عن القرآن، فلا يتدبرونه يقال تدبرت الشيء: تفكرت في عاقبته، وتأملته، ثم استعمل في كل تأمل، والتدبير: أن يدبر الانسان أمره كأنه ينظر إلى ما تصير اليه عاقبته، ودلت هذه الآية، وقوله تعالى: "أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها" على وجوب التدير للقرآن، ليعرف معناه. والمعنى: أنهم لو تدبروه حق تدبره لوجدوه مؤتلفا غير مختلف، صحيح المعاني، قوي المباني، بالغا في البلاغة إلى أعلى درجاتها.
ابن كثير:- يقول تعالى آمرا لهم بتدير القرآن وناهيا لهم عن الإعراض عنه وعن تفهم معانيه المحكمة وألفاظه البليغة، ومخبرا لهم أنه لا اختلاف فيه ولا اضطراب، ولا تعارض لأنه تنزيل من حكيم حميد فهو حق من حق.
الكشاف للزمخشري:- تدبر الأمر تأمله والنظر في ادباره وما يؤول اليه في عاقبته ومنتهاه، ثم استعمل في كل تأمل، فمعنى تدبر القرآن: تأمل معانيه وتبصر ما فيه.
وأما قوله تعالى "أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها"
الطبري:- يقول تعالى ذكره: أفلا يتدبر هؤلاء المنافقون مواعظ الله التي يعظهم بها في آي القرآن الذي أنزله على نبيه عليه الصلاة والسلام، ويتفكرون في حججه التي بينها لهم في تنزيله فيعلموا بها خطأ ما هم عليه مقيمون. "أم على قلوب أقفالها" يقول: أم أقفل الله على قلوبهم فلا يعقلون ما أنزل الله في كتابه من المواعظ والعبر.
القرطبي:- أي يتفهمونه فيعلمون ما أعد الله للذين لم يتولوا عن الاسلام "أم على قلوب أقفالها" أي بل على قلوب أقفال أقفلها الله عز وجل عليهم فهم لا يعقلون.
فتح القدير للشوكاني:- والمعنى: أفلا يتفهمونه، فيعلمون بما اشتمل عليه من المواعظ الزاجرة، والحجج الظاهرة والبراهين القاطعة التي تكفي من له فهم وعقل، وتزجره عن الكفر بالله، والاشراك به والعمل بمعاصيه. "أم على قلوب أقفالها" أم هي المنقطعة أي: بل على قلوب أقفالها، فهم لا يفهمون ولا يعقلون.
ابن كثير:- يقول تعالى آمرا بتدبر القرآن وتفهمه وناهيا عن الاعراض عنه.
الكشاف للزمخشري:- "أفلا يتدبرون القرآن" ويتصفحونه وما فيه من المواعظ والزواجر ووعيد العصاة، حتى لا يجسروا على المعاصي.
وأخيرا قوله تعالى "كتاب أنزلناه اليك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب"
الكشاف للزمخشري:- وتدبر الآيات: التفكر فيها، والتأمل الذي يؤدي الى معرفة ما يدبر ظاهرها من التأويلات الصحيحة والمعاني الحسنة، لأن من اقتنع بظاهر المتلو، لم يحل منه بكثير طائل، وكان مثله كمثل من له لقحة درور لا يحلبها، ومهرة نثور لا يستولدها.
ابن كثير:- أي ذوو العقول وهي الألباب جمع لب وهو العقل، قال الحسن البصري والله ما تدبره بحفظ حروفه واضاعة حدوده حتى أن أحدهم ليقول قرأت القرآن كله ما يرى له القرآن في خلق ولا عمل.
فتح القدير للشوكاني:- "ليدبروا" أصله ليتدبروا، فأدغمت التاء في الدال، وهو متعلق بأنزلناه وفي الآية دليل على أن الله سبحانه انما أنزل القرآن للتدبر، والتفكر في معانيه، لا لمجرد التلاوة بدون تدبر..."وليتذكر أولوا الألباب" أي ليتعظ أهل العقول.
القرطبي:- "ليدبروا" أي ليتدبروا فادغمت التاء في الدال. وفي هذا دليل على وجوب معرفة معاني القرآن، ودليل على أن الترتيل، أفضل من الهذ، إذ لا يصح التدبر مع الهذ. وقال الحسن: تدبر آيات الله اتباعها.
الطبري:- "مبارك ليدبروا آياته" يقول ليدبروا حجج الله التي فيه، وما شرع فيه من شرائعه، فيتعظوا ويعملوا به.
"وليتذكر أولوا الألباب" يقول: وليعتبر أولوا العقول والحجا ما في الكتاب من الآيات، فيرتدعوا عما هم عليه مقيمين من الضلالة، وينتهوا الى ما دلهم عليه من الرشاد وسبيل الصواب.
أما ما نص عليه المؤلف بقوله "وحيث أن المقصود من هذا الطلب هو الوصول الى الأيمان بوجود الخالق القدير، فان الايمان هذا يحتاج من الانسان لأن ينظر في آيات الله التنزيلية كلها، وهذا المعنى يظهر بوضوح في قوله تعالى في سورة النساء: "أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا"".
ما أود لفت النظر إليه هنا أن قول المؤلف هذا جاء في معرض الحديث عن معنى لفظة "التدبر" حيثما وردت في آيات القرآن وليس فقط حيث وردت في قوله تعالى "أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا" والذي يؤكد على ذلك هو أن المؤلف أشار الى أن "هذا المعنى يظهر بوضوح في هذه الآية".
ما قاله المؤلف في هذا النص خطأ وبيان ذلك على النحو التالي:
1- لم يتخذ الحزب من إعجاز القرآن دليلا على وجود الخالق عز وجل ولم يقل بذلك مطلقا، وإنما قال أن القرآن هو معجزة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم الدالة على نبوته وذلك مثل قوله "والقرآن هو معجزة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم" ومثل قوله "ولذا نقول أن القرآن هو معجزة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، التي بها ثبتت رسالته منذ نزول القرآن عليه الى يوم القيامة".
2- أما الآية فلا تدل لا في منطوقها ولا في مفهومها على أن المقصود من الطلب هو الوصول الى الأيمان بوجود الخالق القدير، وذلك ان حرف "لو" الوارد في الآية حرف شرط يدل على امتناع الجواب لامتناع الشرط، ومما قاله النحاة في حرف "لو" أن المنفي بعد لو مثبت والمثبت بعدها منفي، وأن جواب لو منفي أبدا، وعلى ذلك فالمقصود من الطلب كما يدل عليه منطوق الآية هو الوصول الى أن القرآن من عند الله تعالى، واثبات كون القرآن من عند الله تعالى هو إثبات لنبوة محمد صلى الله عليه وسلم وليس اثباتا لوجود الله، فوجود الله تعالى ليس هو المقصود من الطلب وهي مسألة تختلف عن مسألة اثبات نبوة محمد صلى الله عليه وسلم.
3- ومما يؤكد أن المقصود من الطلب ليس هو الوصول الى الإيمان بوجود الخالق القدير هو أن أهل مكة كانوا يقرون ويعترفون بوجود الخالق وبأن الله تعالى خالق كل شيء وبيده ملكوت كل شيء قال تعالى {ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم} وقال جل شأنه {ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله فأنى يؤفكون} وعلى ذلك فأهل مكة بشكل خاص والعرب بشكل عام لم يكونوا بحاجة الى النظر في كل الآيات القرآنية حتى يستدلوا من عدم وجود اختلاف فيها على وجود الخالق القدير. يقول الحزب في كتاب الفكر الاسلامي ص 18 ما نصه "فباعترافهم هذا من أن الله هو خالق كل شيء، وبيده ملكوت كل شيء، فقد ألزموا أنفسهم بعبوديته وحده، لأنه حسب اعترافهم هو وحده المستحق للعبادة".
أما قول المؤلف:- "فان الأيمان هذا يحتاج من الانسان لأن ينظر في آيات الله التنزيلية كلها" وقوله "فحتى تكون جمل القرآن آيات، أي علامات على وجود الخالق القدير لا بد من استعراضها بالكامل" وقوله: "إذ لو نظر في نصف الآيات أو ربعها فلم يجد ضعفا ولا هبوطا ولا ضحالة، فان الحجة عليه لا تقوم"
فقول باطل من عدة وجوه:-
1- ما بني على خطأ، فهو خطأ، وقد بنى المؤلف قوله هذا على مقدمات مغلوطة وأخص بالذكر هنا ما قدمه المؤلف من قول بأن المقصود من هذا الطلب هو الوصول الى الإيمان بوجود الخالق القدير، فقوله تعالى "أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا" لا يدل على أن المقصود من الطلب هو الايمان بوجود الخالق القدير علاوة على أن لفظة التدبر لا تعني النظر في الشيء كله أوله وآخره حتى يأتي على آخره كما زعم المؤلف، وبالتالي فان الآية لا يوجد فيها دلالة على أن الايمان بوجود الخالق القدير يحتاج من الانسان لأن ينظر في آيات الله التنزيلية كلها، فلا تدل إذا مطلقا على أن الحجة في الإيمان بوجود الخالق القدير تسقط عمن نظر في نصف الآيات أو في ربعها أو تسقط من باب أولى عمن أعرض عن النظر في آيات القرآن كلها.
2- ما قاله المؤلف يعتبر بمثابة اعلان براءة أهل مكة من الحجة التي ألزموا أنفسهم بها بتوحيد عبوديتهم لله وهي ما اعترفوا به من أن الله تعالى هو خالق كل شيء وبيده ملكوت كل شيء.
وذلك لأن المؤلف قد أسقط الحجة عمن لم ينظر في آيات القرآن كلها أو عمن لم يستعرضها بالكامل أو عمن نظر في نصف الآيات أو في ربعها فقط، وأهل مكة بدلالة نفس الآيات التي استدل بها المؤلف تدل على أن أهل مكة رفضوا تدبر القرآن، فقوله تعالى: "أفلا يتدبرون القرآن..." وقوله تعالى "أفلم يدبروا
رد مع اقتباس