عرض مشاركة واحدة
 
  #12  
قديم 07-08-2011
نائل أبو محمد نائل أبو محمد غير متواجد حالياً
عضو بناء
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 6,651
افتراضي رد: مشروعية الخروج على الظلمة والطواغيت

ومن اعتراضاتهم الموهومة أيضاً: قولهم إن الخروج على الظلمة والطواغيت يخالف ما كان عليه صلى الله عليه وسلم في العصر المكي حيث لم يستخدم الأساليب المادية في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الجواب عليه: أولاً: هنالك فرق كبير بين واقعه صلى الله عليه وسلم في العصر المكي وبين واقعنا هذه الأيام، فقد كان يدعو كفاراً إلى الإسلام، ونحن ندعو مسلمين للتمسك بالإسلام، ثانياً: لم يكن التشريع في العصر المكي مكتملاً، فاكتمل بعد ذلك، فالعود هذه الأيام إلى ما قبل اكتمال التشريع، قول وعمل لا دليل عليه سوى ظنون موهومة لا ترقى إلى تخصيص عموم الأدلة القاضية بالعمل بكل الشريعة من غير تجزئة، وتعطيل للكثير من الأحكام، كعدم محاسبة وقتل من يتعرض لشخص الرسول صلى الله عليه وسلم بالأذى، بحجة أنه صلى الله عليه وسلم أُمر في العصر المكي بالعفو عن من تعرض له بالأذى، ثم وأشبه شيء بهذا أيضاً الجهاد في سبيل الله، فلا أظن مسلماً عاقلاً واعياً يقول بتعطيله بحجة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستخدمه في العصر المكي سيما الجهاد العيني، فعموم الأدلة بعد اكتمال الشريعة تقضي باستمراريته وعدم انقطاعه، ولا يبطله عدل عادل ولا جور جائر، والخروج على الظلمة والطواغيت شيء من الجهاد في سبيل الله كما تقدم ذكره. ثالثاً: إن أصحاب هذا الرأي وقعوا في تناقض عجيب، ففي حين يحرمون على أنفسهم الجهاد والخروج على الظلمة، يبيحونه لغيرهم، بل يوجبونه عليهم، وقد قال الله تعالى لبني إسرائيل ناعياً عليهم فعلهم (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم).
ومن اعتراضاتهم الموهومة أيضاً: أنه لا يُخرج على الظلمة والطواغيت من باب الزهد في الحكم، الجواب عليه: أولاً: هنالك فرق كبير بين الخروج على الظلمة لأطرهم على الحق أطراً وقصرهم عليه قصراً، وبين المنازعة على الملك والاقتتال عليه، فالأول واجب شرعي كما تقدمت الأدلة عليه، والثاني اقتتال على الدنيا وهو حرام ومعصية ففي مسند البزار (إذا اقتتلتم على الدنيا فالقاتل والمقتول في النار) ومن المعلوم على ظاهر الكف عند أهل العلم أن الاقتتال على الحكم والسلطة اقتتال على الدنيا، ثانياً: الزهد في الحكم يعني تركه لغيره بشرط القدرة عليه ذهنياً وجسمياً، وهذا خلافاً للضعفاء، فلا يُسمى تركهم له زهداً، ثالثاً: لا وجود لحكم الله في الأرض هذه الأيام، فكل حكام هذا الزمان حتى كتابة هذه الأسطر لا يحكم بما أنزل الله، فمنازعتهم على الحكم لجعله بما أنزل الله، فرض على أهله القادرون عليه، والزهد هنا يعتبر خُذلاناً عن نصرة الحق وأهله.
ومن اعتراضاتهم الموهومة أيضاً: إن الشرع أمر بالعزلة وقت وجود الظلمة ولم يأمر بالخروج عليهم كما في حديث حذيفة (فاعتزل تلك الفرق كلها) ولحديث ابن عباس المار (ومن اعتزلهم سلم) الجواب عليه: أولاً: إنه أمر حذيفة باعتزال الفرق الضالة إذا لم يكن للمسلمين جماعة ولا إمام، ولم يأت في الحديث ذكر اعتزال ظلمة الحكام، وإليك نص الحديث كما في الصحيحين من حديث حذيفة بن اليمان في سؤآله رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشر مخافة أن يدركه، جاء فيه: (فقلت هل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: نعم، دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها، فقلت يا رسول الله صفهم لنا، قال هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا، قلت يا رسول الله فما ترى إن أدركني ذلك؟ قال: عليك بجماعة المسلمين وإمامهم، فقلت فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام، قال: فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض على أصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك) ثانياً: معلوم على ظاهر الكف أن العزلة تشرع إذا كان هنالك فتنة اقتتال على الملك، أما الخروج على الظالم ليعدل أو يعزل فليس اقتتالاً على الملك، بل يجب، فهو كالخروج مع الحاكم العادل على البغاة سواء بسواء، لأن في الأمرين نصرة للحق على الباطل، ثالثاً: الاعتزال مشروع فقط للضعفاء، كحال الذي لا يقدر على تغيير المنكر إلا بقلبه، أما الأقوياء فيجب عليهم نصرة الحق وأهله أينما حل وارتحل كما تقدم ذكره.
ومن اعتراضاتهم الموهومة أيضاً: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بطاعة الحاكم وإن فعل الأفاعيل لحديث حاتم بن عدي من طريق الطبراني جاء فيه (قلنا يا رسول الله لا نسألك عن طاعة من اتقى وأصلح، ولكن من فعل كذا وكذا يذكر الشر، فقال: اتقوا الله واسمعوا وأطيعوا) الجواب عليه: أولاً: هذا حديث ضعيف، قال عنه الهيثمي في مجمع الزوائد: رواه الطبراني وفيه عثمان بن قيس وهو ضعيف. ثانياً: على فرض صحته للمكابر، فإنه حديث منكر لا يحتج به لتعارضه مع ما رواه الثقات في المتفق على صحته بوجوب منابذة الحاكم بالسيف إن أظهر الكفر البواح، أو أظهر الإثم والمعصية، أو لم يُصلّ , أولم يستقم كما تقدم ذكره.
رد مع اقتباس