عرض مشاركة واحدة
 
  #4  
قديم 05-28-2014
نغم نغم غير متواجد حالياً
عضو فعال
 
تاريخ التسجيل: May 2010
المشاركات: 251
افتراضي رد: من (قصص علمتني الحياة)

الوعاء الذي أدهش الملك


في أحد الأيام خرج إمبراطور من قصره يتمشى كعادته في الصباح،
عندما قابل شحاذاً.
أثار منظر الشحاذ الإمبراطور فسأله: ما الذي ترغب فيه؟
ضحك الشحاذ وقال للإمبراطور: ولكنك قد لا تستطيع أن تشبع
رغبتي. أحس الملك بالإهانة فقال: بالطبع أنا أستطيع أن أشبع رغبتك..
أخبرني ما هي؟ عرفني بها؟ أعدك بأني سأحققها لك.
فقال الشحاذ: ألا تعفيني من هذا الطلب أيها الإمبراطور؟ أصر
الملك وقال: سأجيب أي طلب تسأله، إنني إمبراطور قوي جداً، فما
الذي يمكن أن ترغبه ولا أستطيع أنا أن أعطيه لك؟
فقال الشحاذ: حسناً، إنها رغبة بسيطة جداً.. أترى يا مولاي وعاء
الشحاذة هذا؟ هل يمكنك أن تملأه بشيء ما؟
فقال الإمبراطور: بالطبع! واستدعى أحد معاونيه وقال له: املأ
وعاء الشحاذة هذا بالنقود.
ذهب هذا المعاون وأحضر بعض النقود، ووضعها في وعاء
الشحاذة، وإذ بها تختفي... فوضع نقوداً أكثر، ثم عاد ووضع نقوداً أكثر،
ولكن في اللحظة التي كان يضع نقوداً في وعاء الشحاذ كانت تختفي
فوراً، ويبقى وعاء الشحاذة دائماً فارغاً.
اجتمع كل من في القصر... وأخذت الإشاعة تنتشر خلال العاصمة،
وهكذا تجمع جمع غفير، وأصبحت هيبة الإمبراطور محل تساؤل، ولكنه
قال لمعاونيه: حتى لو فقدت كل المملكة، فأنا مستعد لذلك، ولكن لا
يمكن أن أهزم بواسطة هذا الشحاذ. عندها أخذ معاونو الملك يملؤون
الوعاء باللآلئ والجواهر والأحجار الكريمة، وأخذت كل كنوز الملك
تنفد. لقد بدا وعاء الشحاذة كما لو أنه بلا قرار.. كل شيء وضع فيه
اختفى في لحظتها، وكأنه لم يكن.
وأخيراً حل المساء، والجماهير واقفة هناك في صمت مهيب. سقط
الملك عند أقدام الشحاذ معترفاً بهزيمته، ثم قال له: فقط أخبرني بشيء
واحد، أنت انتصرت، ولكن قبل أن تتركنا، فقط أشبع فضولي.. من أي
شيء عمل وعاء الشحاذة هذا؟ هل هو مسحور؟
ضحك الشحاذ وقال: لا، إنه حقيقي وليس مسحوراً.. ليس هناك
سر.. ولكنه ببساطة صُنع من الرغبة الإنسانية.
أرجو أن تكونوا فهمتم مرادي من هذه القصة. هذا الفهم يغير
الحياة، فلو نظرت إلى رغبة ما، تُرى ما الطريقة التي تعمل بها؟
أولاً، يكون هناك الكثير من الاستثارة، رجفة حلوة عظيمة،
إحساس بالمغامرة.. أنت تشعر أنك ستحقق ضربة كبرى.. هناك شيء
وشيك الوقوع، وأنت على حافة حدوثه.
أنت أيها الإنسان، وبكل بساطة، تريد كل شيء.. تريد السيارة، ثم
تحصل على السيارة، ثم تريد المنصب، فيكون لك المنصب، وتريد المنزل
وتمتلك المنزل، وتريد الزوجة وتتزوج بامرأة جميلة، وفجأة يصبح الكل
في نظرك من دون معنى.. مرة أخرى ترى ما الذي حدث؟
إن عقلك فقَدَ إحساسه بما حصلت عليه.. فالسيارة أصبحت
قديمة.. والزوجة هناك من هي أجمل منها، والبيت هناك ما هو أفخم
منه.. وكل يوم هناك جديد وهناك مثير.. ولكن لم تعد هناك استثارة بعد،

فالإثارة كانت في الحصول عليها فقط.. حتى لقد أصبحت ثملاً بالرغبة
التي امتلكتك.. حتى إنك نسيت فراغك الداخلي، والآن الرغبة تحققت،
وها هي السيارة في الطريق، والزوجة في البيت، والمال في حسابك في
المصرف، وكل ما هو جديد تحت يديك ولكن الإثارة اختفت مرة ثانية..
أنت تريد ولا تعرف ماذا تريد!!
تريد أن تشاهد أفلام العالم كلها، وتريد أن تسمع قصص العالم
كلها، وتريد )..............(، وتريد ).......(، وتريد )...........(،
وتريد.. تريد حتى الممنوع والمحرم، تريده لأنك تريده.. فقط لأنك
أردته.. ألم تشاهدوا من يدفع الملايين من أجل تحفة أثرية أو شراء منديل
مغنية أو... لا تقولوا بأني لا أقدِّر هذه الأشياء، صدقوني إنها الرغبة التي
لن تشبع.. هي مثل وعاء الشحاذ لا يمتلئ أبداً.
إذاً، ما الذي يحدث... ها أنت تشعر بالفراغ الداخلي مرة أخرى،
وهو يكاد يأكلك ويبتلعك، تكاد تبكي.. وتكاد الهموم تقطعك أشلاء..
ومرة أخرى تجد أنه عليك أن تخلق رغبة أخرى كي تهرب من هذه الهوة
المخيفة والسحيقة والمظلمة، والتي لا تكاد ترى فيها بصيصاً من ضوء،
وهذه هي الحقيقة، كيف يتنقل الواحد من رغبة لأخرى، وكيف يبقى
الواحد شحاذاً.. وحياتك تثبت ذلك المرة تلو الأخرى، كل رغبة باطلة
لأنه عندما تحقق الهدف، ستحتاج إلى رغبة أخرى.
أعرف أنكم تقولون: ما الذي تريد أن تتوصل إليه؟ أريد أن أقول
إن كل ما عدا الله باطل، وصدق الشاعر حيث يقول:
أَلا كُلُّ ءَيشٍ ما خَلا ا باطِلُ وَكُ 􀃥􀃥لُّ نَعيمٍ لا اَحملَةَ زائِلُ
«يا رُبَّ شهوة ساعة أورثت حزناً طويلاً »، ولو كان لابن آدم واديان
يسيلان ذهباً وفضة لابتغى لهما ثالثاً.. ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب،
وقديماً قالوا: «القناعة كنز لا يفنى .»
وهذه كلمات قرأتها فأعجبتني، تتحدث حول هذا الموضوع:
في البداية ما كنت أصدق متى أنتهي من الثانوية وأدخل الجامعة،
ثم كنت أتوق إلى الانتهاء من الجامعة وأشتغل، بعدها تطلعت نفسي
إلى الزواج وإنجاب أطفال، وبعدها كانت لدي رغبة عارمة أن يكبر
الأطفال وأرجع إلى الوظيفة، وبعدها انتظرت التقاعد من الوظيفة بفارغ
الصبر، والآن... أنا أموت.. ولكني نسيت كيف أعيش.
لا تجعلوا هذا يحدث لكم؛ عش في حدود يومك ووضعك..
واستمتع بكل يوم في حياتك، ودائماً ابتغِ مرضاة الله في كل عمل وكل
هدف.
رد مع اقتباس