عرض مشاركة واحدة
 
  #1  
قديم 05-06-2014
نغم نغم غير متواجد حالياً
عضو فعال
 
تاريخ التسجيل: May 2010
المشاركات: 251
افتراضي من (قصص علمتني الحياة)




ثمن المعجزة

توجّهت الطفلة ذات السادسة إلى غرفة نومها، وتناولت حصالة
نقودها من مخبئها السري في خزانتها، ثم أفرغتها مما فيها على الأرض،
وأخذت تعد بعناية ما جمعته من نقود خلال الأسابيع الفائتة، ثم أعادت
عدها ثانية فثالثة، ثم همست في سرها: «إنها بالتأكيد كافية، ولا مجال لأي
خطأ »؛ وبكل عناية أرجعت النقود إلى الحصالة ثم لبست رداءها، وتسللت
من الباب الخلفي، متجهة إلى الصيدلية التي لا تبعد كثيراً عن دارها.
كان الصيدلي مشغولاً للغاية، فانتظرته صابرة، ولكنه استمر منشغلاً
عنها، فحاولت لفت نظره دون جدوى، فما كان منها بعد أن يئست إلا أن
أخرجت قطعة نقود معدنية بقيمة ربع دولار من الحصالة، فألقتها فوق
زجاج الطاولة التي يقف وراءها الصيدلي؛ عندئذ فقط انتبه لها، فسألها
بصوت عبر فيه عن استيائه: ماذا تريدين أيتها الطفلة؟ إنني أتكلم مع
شقيقي القادم من شيكاغو، والذي لم أره منذ زمن طويل.. فأجابته بحدة
مظهرة بدورها انزعاجها من سلوكه:
شقيقي الصغير مريض جداً وبحاجة إلى دواء اسمه )معجزة(،
وأريد أن أشتري له هذا الدواء.
أجابها الصيدلي بشيء من الدهشة: عفواً، ماذا قلتِ؟
فاستأنفت كلامها قائلة بكل جدية: شقيقي الصغير أندرو، يشكو
من مشكلة في غاية السوء، يقول والدي إن هناك ورماً في رأسه، لا تنقذه
منه سوى معجزة، هل فهمتني؟؟؟ فكم هو ثمن )معجزة(؟ أرجوك
أفدني حالا

أجابها الصيدلي مغيراً لهجته إلى أسلوب أكثر نعومة: أنا آسف، فأنا
لا أبيع )معجزة( في صيدليتي!
أجابته الطفلة ملحَّة: اسمعني جيداً، فأنا معي ما يكفي من النقود
لشراء الدواء، فقط قل لي كم هو الثمن.
كان شقيق الصيدلي يصغي إلى الحديث، فتقدم من الطفلة سائلاً: ما
نوع )معجزة( التي يحتاجها شقيقك أندرو؟
أجابته الفتاة بعينين مغرورقتين: لا أدري، ولكن كل ما أعرفه أن
شقيقي حقيقة مريض جداً، قالت أمي إنه بحاجة إلى عملية جراحية،
ولكن أبي أجابها، أنه لا يملك نقوداً تغطي هذه العملية، لذا قررت أن
أستخدم نقودي.!
سألها شقيق الصيدلي مبدياً اهتمامه: كم لديك من النقود يا صغيرة؟
فأجابته مزهوة: دولار واحد وأحد عشر سنتاً، ويمكنني أن أجمع
المزيد إذا احتجت.
أجابها مبتسماً: يا لها من مصادفة! دولار وأحد عشر سنتاً، هي
بالضبط المبلغ المطلوب ثمناً ل)معجزة( من أجل شقيقك الصغير.
ثم تناول منها المبلغ بيد، وباليد الأخرى أمسك بيدها الصغيرة،
طالباً منها أن تقوده إلى دارها ليقابل والديها، وقال لها: أريد رؤية شقيقك
أيضاً.
لقد كان ذلك الرجل هو الدكتور كارلتُن أرمسترنغ، جرّاح
الأعصاب المعروف.
وقد قام الدكتور كارلتن بإجراء العملية للطفل أندرو مجاناً، وكانت
عملية ناجحة تعافى بعدها أندرو تماماً.. بعد بضعة أيام، جلس الوالدان
يتحدثان عن تسلسل الأحداث منذ تعرَّفا الدكتور كارلتون وحتى نجاح
العملية وعودة أندرو إلى حالته الطبيعية، كانا يتحدثان وقد غمرتهما
السعادة، وقالت الوالدة في سياق الحديث: «حقاً إنها معجزة! .»
ثم تساءلت: «تُرى كم كلفت هذه العملية؟ .»
رسمت الطفلة على شفتيها ابتسامة عريضة، فهي تعلم وحدها أن
)معجزة( كلفت بالضبط دولاراً واحداً وأحد عشر سنتاً.
عندما يكون حب الآخرين.. صادقاً.. ونابعاً من القلب.. عندها
ستكون المعجزة.. ولن تكلف الكثير..
مودتي للجميع
رد مع اقتباس