عرض مشاركة واحدة
 
  #2  
قديم 12-30-2010
|علاء| |علاء| غير متواجد حالياً
عضو فعال
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
الدولة: بيت المقدس
المشاركات: 336
افتراضي رد: ارجو تفسير هذه الأيه الكريمه

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,


أما بعد ..

الملائكة هي مخلوقات من مخلوقات الله , كل شيء سوى الله هو مخلوق وخالقه الله .
ما يميز المخلوقات انها ناقصة غير مكتملة , لا أحد مكتمل إلا الله .
الملائكة لا تعصي الله , البشر بلى . ولكن الملائكة مخلوقات , وهي غير مكتملة , الملائكة واقع عليها
الخطأ . نعم , فالملائكة يمكن أن تخطأ , ولكن لا يمكن أن تعصي الله , فهي مفطورة على الطاعة التامة .
من منطلق أنها غير مكتملة ويمكن أن تخطأ , فقد قامت الملائكة بتقدير الوضع عندما رأت فساد الجن في
الأرض. وعندما قال الله للملائكة أنه جاعل في الأرض خليفة , ظنت الملائكة بداخل أنفسها أن هذه الخليفة
القادمة في الأرض ستكون مفسدة كالجن , فقالت لله : " أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء " .
وفي هذا الموضع وقعت الملائكة بالخطأ .
والخطأ في هذا الموضع هو أنها تكلمت بعلم غيبي , ولا يعلم الغيب إلا الله , فالله هو الوحيد عالم الغيب والشهادة .
والتكلم بالغيب من قبل المخلوقات أمر لا يجوز أبداً ويعتبر تكبر على الله أيضاً .
فمن هنا الملائكة لا تعلم الغيب , ولكن تحدثت بأمر غيبي , وبهذا قد أخطأت .
وقولها "أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء " , يشمل بداخله شمولية لكل هذه الخليفة ,
أي أنها ظنت أن كل هذه الخليفة الجديدة ستكون مفسدة , وهذا الأمر الخاطئ ,
حيث يوجد من بين البشر الأنبياء , والصديقين , والشهداء , والصالحين , والمؤمنين ...

الخطأ الثاني الذي وقعت فيه الملائكة هو في الموضع الثاني من الأية : "وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ " .
حيث أن الملائكة بعدما رأت فساد الجن في الأرض , وبعدما أخبرهم الله أنه سيجعل في الأرض خليفة
وتصور الملائكة لهذه الخليفة كان سلبياً , جرها الوقوع في الخطأ الأول , إلى الوقوع في خطأ ثان ,
ألا وهو , التفضيل .
حيث كأن الملائكة فضلت نفسها ونسبت لنفسها الأحقية بعبادة الله , لأن الجن مفسد . فقالت :
"أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ".

وهنا الله الحكيم العليم أراد أن يعلم الملائكة خطأها ويعلمها العبرة . فقال الجبار :
"إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ "

فالملائكة لا تعلم إلا ما علمها الله .

أما الدرس الذي علمه الله للملائكة نتيجة لوقوعها في الخطأ هو في الأيات التالية :


وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (31)
قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ(32)
قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ
السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ(33)


أما تلخيص الدرس فهو :

أراد الله أن يعلم الملائكة أن الله فقط هو من يعلم الغيب , وأن الله يعلم ما في الملائكة وما يكتمون وما
يعلنون , وأن الغيب هو لله فقط , وأن التكلم بأمور غيبية من قبل المخلوقات خاطئ ولا يجوز .

فجاء الله بالخليفة ( أدم عليه السلام ) وعلمه أسماء .. ( أما أسماء ماذا بالضبط فلم يذكر الله لنا ما هي
هذه الأسماء , فالله أعلم . والأسماء نفسها لا تلعب دوراُ أساسياً , المهم العبرة من تعليم الله لأدم هذه الأسماء ) .

وبعدما علم الله أدم الأسماء , عرضها على الملائكة وقال الله للملائكة أن تنبأه ( إستعمل الله
كلمة التنبأ , والتنبأ تكون للعلوم الغيبية ) بتلك الأسماء . فقالت الملائكة :

سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ

فقال الله لأدم : يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ
السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ


الخلاصة :


صحيح أن من بني البشر المفسدون والذين يسفكون الدماء , ولكن حكم الملائكة على هذه الخليفة
لم يكن نابع من علمها بالغيب , بل لتصورها ذلك نتيجة ما رأته من أعمال الجن , فظنت أن الخليفة القادمة
ستكون كلها مشابهة للجن .
فمن هنا جعل الله الملائكة ترى أن الغيب فقط لله , فهي لم تستطع التنبأ بالأسماء التي علمها الله لأدم ,
وعندما رأت عجزها , أدركت خطأها وتعلمت العبرة , وتعلمت أن حكمها على الخليفة غير جائز , وأن حكمها
على هذه الخليفة من بادئ الأمر كان خاطئ . وفيما بعد جاء التكريم لهذه الخليفة , فأمر الله عز وجل
الملائكة بالسجود لأدم , تكريماً له ... فسجدت إلا إبليس الذي إستكبر وكان من الكافرين .



الكلام في هذا الباب كثير جداً وجميل .

أرجو أن يكون جوابي سديد .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
__________________


آخر تعديل بواسطة |علاء| ، 12-31-2010 الساعة 11:00 PM
رد مع اقتباس