عرض مشاركة واحدة
 
  #14  
قديم 03-06-2012
سليم سليم غير متواجد حالياً
عضو مرابط
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 554
افتراضي رد: القاعدة الشرعية"شرع من قبلناليس شرع لنا"

السلام عليكم
ودليلهم الثاني من الكتاب هو قول الله تعالى في سورة النساء:"إِنَّآ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ كَمَآ أَوْحَيْنَآ إِلَىٰ نُوحٍ وَٱلنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَٱلأَسْبَاطِ وَعِيسَىٰ وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً",هذه الآية تبين لنا أن الوحي منذ عهد نوح والأنبياء السابقين لسيدنا محمد عليهم الصلاة والسلام أجمعين هو نفس الوحي الذي نزل على سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام,والذي يدل على هذا هو أداة التشبيه "الكاف" في قوله تعالى:"كَمَآ أَوْحَيْنَآ ",فهذه تدل على أن الله الذي أوحى الى محمد عليه الصلاة والسلام هو الله الذي أوحى إلى من سبقه من الانبياء والرسل,وأن الوحي المنزل على سيدنا محمد هو نفس جنس الوحي المنزل على من سبقه من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أجمعين.
فالكاف تشبيه صريح وهي متعلقة بمحذوف ,وقال الجرجاني في دلائل الإعجاز:" فإنّك تقول زيدٌ الأسد أو مِثل الأسد أو شبيه بالأسد فتجد ذلك كله تشبيهاً غفلاً ساذجاً ثم تقول كأنّ زيداً الأسد فيكون تشبيهاً أيضا إلا أنّك ترى بينه وبين الأول بوناً بعيدا ، لأنك ترى له صورة خاصة ، وتجدك قد فخّمتَ المعنى ، وزدتَ فيه بل فت أنّه من الشجاعة وشدة البطش وأنّ قلبه قلب لايخامره الذكر ولايدخله الرّوع بحيث يتوهم أنّه الأسد بعينه ".
فالتشبيه بالكاف أصرح من غيره وألصق إن لم يكن أبلغ.
قال الالوسي في روح المعاني:"{ إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَىٰ نُوحٍ وَٱلنَّبِيّينَ مِن بَعْدِهِ } جواب لأهل الكتاب عن سؤالهم رسول الله صلى الله عليه وسلم [أن ينزل عليهم] كتاباً من السماء، واحتجاج عليهم بأن شأنه في الوحي كشأن سائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام الذين لا ريب في نبوّتهم، وقيل: هو تعليل لقوله تعالى:{ ٱلرَّاسِخُونَ فِى ٱلْعِلْمِ }[النساء: 162]. وأخرج ابن إسحاق وغيره عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: «قال سكين وعدي بن زيد: يا محمد ما نعلم الله تعالى أنزل على بشر من شيء بعد موسى عليه السلام فأنزل الله تعالى هذه الآية» والكاف في محل النصب على أنه نعت لمصدر محذوف أي إيحاءاً مثل إيحائنا إلى نوح عليه السلام، أو حال من ذلك المصدر المقدر معرفاً كما هو رأي سيبويه أي إنا أوحينا الإيحاء [حال كونه] مشبهاً بإيحائنا الخ، و (ما) في الوجهين مصدرية. وجوّز أبو البقاء أن تكون موصولة فيكون الكاف مفعولاً به أي أوحينا إليك مثل الذي أوحيناه إلى نوح من التوحيد وغيره وليس بالمرضي، و (من بعده) متعلق ـ بأوحينا ـ ولم يجوّزوا أن يكون حالاً من النبيين لأن ظروف الزمان لا تكون أحوالاً للجثث، وبدأ سبحانه بنوح عليه السلام تهديداً لهم لأنه أول نبـي عوقب قومه، وقيل: لأنه أول من شرع الله تعالى على لسانه الشرائع والأحكام، وتعقب بالمنع، وقيل: لمشابهته بنبينا صلى الله عليه وسلم في عموم الدعوة لجميع أهل الأرض، ولا يخلو عن نظر لأن عموم دعوته عليه السلام اتفاقي لا قصدي، وعموم الفرق على القول به ـ وسيأتي إن شاء الله تعالى تحقيقه ـ ليس قطعي الدلالة على ذلك كما لا يخفى.اهت
وقال ابن عاشور في تحريره:"استأنفتْ هذه الآياتُ الردّ على سؤال اليهود أن يُنَزّل عليهم كتاباً من السماء، بعد أن حُمقوا في ذلك بتحميق أسلافهم: بقوله:{ فقد سألوا موسى أكبر من ذلك }[النساء: 153]، واستُطردت بينهما جمل من مخالفة أسلافهم، وما نالهم من جرّاء ذلك، فأقبل الآن على بيان أنّ إنزال القرآن على محمّد صلى الله عليه وسلم لم يكن بِدْعاً، فإنّه شأن الوحي للرسل، فلم يقدح في رسالتهم أنَّهم لم ينزّل عليهم كتاب من السماء.
والتأكيد (بإنّ) للاهتمام بهذا الخبر أو لتنزيل المردود عليهم منزلة من ينكر كيفيّة الوحي للرسل غير موسى، إذ لم يَجْروا على موجب علمهم حتّى أنكروا رسالة رسول لم يُنْزل إليه كتاب من السماء.
والوحي إفادة المقصود بطريق غير الكلام، مثل الإشارة قال تعالى:{ فخرج على قومه من المحراب فأوحَى إليهم أن سبّحوا بكرة وَعَشِيّاً }[مريم: 11]. وقال داوود بن جرير:
يَرْمُون بالخُطب الطِوالِ وتارةً = وَحْيُ اللواحِظِ خيفَةَ الرقباء
والتشبيه في قوله: { كما أوحينا إلى نوح } تشبيه بجنس الوحي وإن اختلفت أنواعه، فإنّ الوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم كان بأنواع من الوحي ورد بيانها في حديث عائشة في الصحيح عن سؤال الحارث بن هشام النّبي صلى الله عليه وسلم كيف يأتيك الوحي ـــ بخلاف الوحي إلى غيره ممّن سمّاهم الله تعالى فإنّه يحتمل بعض من الأنواع، على أنّ الوحي للنبي صلى الله عليه وسلم كان منه الكتاب القرآن ولم يكن لبعض من ذكر معه كتاب. وعدّ الله هنا جمعاً من النبيئين والمرسلين وذكر أنّه أوحي إليهم ولم يختلف العلماء في أنّ الرسل والأنبياء يُوحى إليهم.اهـ
وقال الحلبي السمين في دره المصون:"قوله تعالى: { كَمَآ أَوْحَيْنَآ }: / الكافُ نعتٌ لمصدرٍ محذوفٍ أي: إيحاءً مثلَ إيحائنا، أو على أنه حالٌ من ذلك المصدر المحذوف المقدَّرِ معرفاً أي: أوحيناه أي: الإِيحاء حالَ كونِه مشبهاً لإِيحائنا إلى مَنْ ذكر. وهذا مذهبُ سيبويه وقد تقدَّم تحقيقه. و " ما " تحتمل وجهين: أنه تكونَ مصدريةً فلا تفتقر إلى عائدٍ على الصحيح، وأن تكونَ بمعنى الذي، فيكونُ العائدُ محذوفاً أي: كالذي أوحيناه إلى نوح. و " من بعده " متعلقٌ بـ " أوْحينا " ، ولا يجوز أن تكونَ " من " للتبيين، لأنَّ الحالَ خبرٌ في المعنى، ولا يُخبر بظرف الزمان عن الجثة إلا بتأويل ليس هذا محلِّه. وأجاز أبو البقاء أن يتعلق بنفس " النبيين " ، يعني أنه في معنى الفعل كأنه قيل: " والذين تنبَّؤوا مِنْ بعدِه " وهو معنى حسن.اهـ
وقال الشعراوي في خواطره:" إِنَّآ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ كَمَآ أَوْحَيْنَآ إِلَىٰ نُوحٍ وَٱلنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ ". لماذا قال الحق: { وَٱلنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ } أي من بعد نوح؟، ولماذا قال: { وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ } وذكر أسماء الأنبياء من بعد إبراهيم؟
يقول العلماء: هنا عطف خاص على عام لزيادة التنبيه على شرف هؤلاء، { وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَٱلأَسْبَاطِ وَعِيسَىٰ وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً } ، وكأن الحق يقول: حين يسألك اليهود - يا محمد - أن تنزل عليهم كتابا من السماء قل لهم: إن الله أوحى إليَّ كما أوحى إلى ألأنبياء السابقين؛ فلست بدعا من الرسل. وحتى لو أنزل إليهم محمد كتاباً في قرطاس ولمسوه بأيديهم لقالوا: هذا سحر مبين، كما قال:{ وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَاباً فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ }
[الأنعام: 7]فالمنْكِر يريد الإصرار على الإنكار فقط. وليست المسألة جدلاً في حق وإنما هي لَجَاج في باطل.اهت
فهذه تعضد بعضها بعضًا أن المقصود بالوحي هنا بيان جهة الوحي وجنسه,ولا تدل بأي حال من الأحوال على شرائعهم أو حتى شريعة أحدهم,فشرائعهم متباينة وإلزام اتباعها تجعل المرء يضطرب,وتضعه في حيرة من أمره لتغاير أحكام تلك الشرائع.
__________________
رمضان أسم حروفه ناصعة=فالراء رحمة من الله واسعة
وميمه مغفرة منه جامعة=والضاد ضياء جنة رائعة
والألف احسان وألفة ماتعة=ونونه نُزل الصائمين ناعمة

آخر تعديل بواسطة سليم ، 03-06-2012 الساعة 02:00 AM
رد مع اقتباس