عرض مشاركة واحدة
 
  #83  
قديم 02-18-2014
نائل أبو محمد نائل أبو محمد غير متواجد حالياً
عضو بناء
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 6,651
افتراضي رد: كتاب : الفرية الكبرى صفين والجمل

ومن هذه الأمارات أيضاً أن كل طرف كان يدعي على الطرف الآخر أنه الباغي، ففي تاريخ دمشق وبغية الطلب عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في أهل صفين قال: "زعموا أنا بغينا عليهم، وزعمنا أنهم بغوا علينا" ، وهذا يعني اشتباههم فيمن هو الباغي، وهذا هو عين الفتنة كما أخبر عنها حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: "الفتنة إذا اشتبه عليك الحق والباطل، فلم تدر أيهما تتبع فتلك الفتنة" ، وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه لعبد الله بن بديل وقد رأى رؤيا فقصها على أبي بكر، فقال له أبو بكر: "إن صدقت رؤياك فإنك ستُقتل في أمر ذي لبس، فقُتل في صفين" .
ومن الأمارات أيضاً: أن أهل الجمل وصفين مأجورون على اجتهاداتهم، الطالب منهم والمطلوب مع التفاوت في الأجر والفضل، وذلك أن أبا سلام الدالاني سأل علياً: هل لهؤلاء القوم حجة فيما طلبوا من هذا الدم إن كانوا أرادوا الله في ذلك؟ قال: نعم، قال: فهل لك من حجة في تأخير ذلك؟ قال: نعم، قال: فما حالنا وحالهم إن ابتلينا غداً؟ قال: إني لأرجو أن لا يقتل منا ومنهم أحد نقى قلبه لله إلا أدخله الجنة" ، وقال في أهل صفين: "من كان يريد وجه الله منا ومنهم نجا" ، وقال: "قتلاي وقتلى معاوية في الجنة" ، فلو كانوا بغاة فلا أجر لهم، ومن هذا المنطلق اعتبر المجتهد المصيب والمجتهد المخطئ في هاتين الفتنتين مأجوراً، لاشتباهها عليهم، لا على اجتهادهم في البغي كما يظنه البعض، لأن البغي في اللغة هو الظلم: فالبغاة جمع باغ، فمن بغى على الناس ظلم واعتدى، وبغى سعى بالفساد .
رد مع اقتباس