عرض مشاركة واحدة
 
  #9  
قديم 08-16-2010
سليم سليم غير متواجد حالياً
عضو مرابط
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 554
افتراضي رد: النكات البلاغية في ايراد الصفات الثنائية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أولى هذه الصفات الثنائية هي" الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ":
1." الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ"
لقد جاءت هذه الصفة الثنائية في ست آيات وهي:
1."بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ",الفاتحة1
2." الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ",الفاتحة 3
3." وَإِلَـهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ" البقرة 163
4." إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ"و النمل 30
5." تَنزِيلٌ مِّنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ",فصلت 2
6." هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ"والحشر22.

"الرحمن الرحيم" مؤلفة من اسمين "صفتين" الأول:"الرحمن" والثاني" الرحيم",أسم الرحمن جاء في القرآن الكريم مفردًا في خمسين آية,وفي ست آيات مقرونًا بالرحيم كما جاء أعلاه.
معنى "الرحمن": انقسم العلماء في معناها قسمين: قسم قال أنه لفظ عربي مشتق من الرحمة,والرحمة هي النعمة على المحتاج، قال الله تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِين", يعني نعمةً عليهم، وإنما سميت النعمةُ رحمةً لحدوثها عن الرحمة,ومن العلماء من فرق بين الرحمة "للرحيم" وبين الرحمة"للرحمن", ليصح امتياز الاسمين، وتغاير الصفتين، ومن قال بهذا القول اختلفوا في الرحمتين على ثلاثة أقوال:
أحدها: أن الرحمن مشتق من رحمة الله لجميع خلقه، والرحيم مشتق من رحمة الله لأهل طاعته.
والقول الثاني: أن الرحمن مشتق من رحمة الله تعالى لأهل الدنيا والآخرة، والرحيم مشتق من رحمتِهِ لأهل الدنيا دُون الآخرة.
والقول الثالث: أن الرحمن مشتق من الرحمة التي يختص الله تعالى بها دون عباده، والرحيم مشتق من الرحمة التي يوجد في العباد مثلُها.
وقد فرق أبوعبيدة بينهما, فقال بأن الرحمن ذو الرحمة، والرحيم الراحم.
وقسم قال أنه لفظ عبراني معرب وحجتهم أن العرب لم يعرفوا "الرحمن" وأنكروا هذا الاسم,إلا أن الحقيقة أنه لفظ عربي وقد جاء في اشعار العرب ما يدل على هذا , فقد قال الشاعر الشنفري:
أَلاَ ضَرَبَتْ تِلْكَ الْفَتَاةُ هَجِينَهَا***أَلاَ ضَرَبَ الرًّحْمنُ رَبِّي يَمِينَهَا
وقد فنّد العلامة ابن عاشور قول المبرد في أن الرحمن اسم عبراني واستشهاده ببيت شعر لجرير يخاطب به الأخطل:
أو تتركُنَّ إلى القسّيس هِجْرَتكم***ومسْحَكُم صُلْبَكم رَخْمان قُربَان
فقال:"ولم يأت المبرد بحجة على ما زعمه، ولم لا يكون الرحمٰن عربياً كما كان عبرانياً فإن العربية والعبرانية أختان وربما كانت العربية الأصلية أقدم من العبرانية ولعل الذي جرأه على ادعاء أن الرحمٰن اسم عبراني ما حكاه القرآن عن المشركين في قوله:" قالوا وما الرحمٰن" ويقتضي أن العرب لم يكونوا يعلمون هذا الاسم لله تعالى كما سيأتي وبعض عرب اليمن يقولون رَخِم رخمة بالمعجمة".اهـ
والدليل على أنه لفظ عربي هو ما جاء عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ : قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : أَنَا الرَّحْمَنُ ، خَلَقْتُ الرَّحِمَ وَشَقَقْتُ لَهَا اسْمًا مِنَ اسْمِي ، فَمَنْ وَصَلَهَا وَصَلْتُهُ ، وَمَنْ قَطَعَهَا بَتَتُّهُ".
واسم الرحمة موضوع في اللغة العربية لرقة الخاطر وانعطافه نحو حيّ بحيث تحمل من اتصف بها على الرفق بالمرحوم والإحسان إليه ودفع الضر عنه وإعانته على المشاق. فهي من الكيفيات النفسانية لأنها انفعال، ولتلك الكيفية اندفاع يحمل صاحبها على أفعال وجودية بقدر استطاعته وعلى قدر قوة انفعاله، فأصل الرحمة من مَقُولة الانفعال وآثارُها من مقولة الفِعل، فإذا وصف موصوف بالرحمة كان معناه حصول الانفعال المذكور في نفسه، وإذا أخبر عنه بأنه رحم غيره فهو على معنى صدَر عنه أثر من آثار الرحمة، إذ لا تكون تعدية فعل رحم إلى المرحوم إلا على هذا المعنى فليس لماهية الرحمة جزئيات وجودية ولكنها جزئيات من آثارها. فوصف الله تعالى بصفات الرحمة في اللغات ناشىء على مقدار عقائد أهلها فيما يجوز على الله ويستحيل، وكان أكثر الأمم مجسِّمة ثم يجيء ذلك في لسان الشرائع تعبيراً عن المعاني العالية بأقصَى ما تسمح به اللغات مع اعتقاد تنزيه الله عن أعراض المخلوقات بالدليل العام على التنزيه وهو مضمون قول القرآن:
"ليس كمثله شيء " فأهل الإيمان إذا سمعوا أو أطلقوا وصفي الرحمٰن الرحيم لا يفهمون منه حصول ذلك الانفعال الملحوظ في حقيقةِ الرحمة في متعارف اللغة العربية لسطوع أدلة تنزيه الله تعالى عن الأعراض، بل إنه يراد بهذا الوصف في جانب الله تعالى إثباتُ الغرض الاسمى من حقيقة الرحمة وهو صدور آثار الرحمة من الرفق واللطف والإحسان والإعانة؛ لأن ما عدا ذلك من القيود الملحوظة في مسمى الرحمة في متعارف الناس لا أهمية له لولا أنه لا يمكن بدونه حصول آثاره فيهم ألا ترى أن المرء قد يرحم أحداً ولا يملك له نفعاً لعَجز أو نحوه.(ابن عاشور).
وقال البيهقي في كتابه"الأسماء والصفات":الرحمن وهو المريد لرزق كل حي في دار البلوى والامتحان
".
__________________
رمضان أسم حروفه ناصعة=فالراء رحمة من الله واسعة
وميمه مغفرة منه جامعة=والضاد ضياء جنة رائعة
والألف احسان وألفة ماتعة=ونونه نُزل الصائمين ناعمة
رد مع اقتباس