عرض مشاركة واحدة
 
  #4  
قديم 02-10-2012
نائل أبو محمد نائل أبو محمد غير متواجد حالياً
عضو بناء
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 6,651
افتراضي رد: ما هو السر وراء حب المعرفة والقراءة والكتابة ..

الجمعة 18 ربيع الأول 1433


لقد منح الله الانسان العقل والقدرة على التفكير للتمييز بين الخبيث والطيب ، والخير والشر، والحرب والسلام ، فميزه عن غيره من المخلوقات ولقد خلق الانسان لوظيفة واحده فقط وهي اعمار الأرض ، أي البناء والتنمية ، وإعمال هذا العقل اللامحدود لتفكيره وقدراته في التصدي لكل المشاكل التي تعترض عملية الإعمار هذه .

ومع ذلك نجد هذا الانسان قد سخر جانبا مهما من قدرات عقله للشر والظلم ، واقتناء وسائل التدمير والقتل ، والسعي نحو السيطرة واستعباد غيره من البشر الأضعف والأقل حيلة ، أو الأكثر حبا للخير والنأي عن القوة ، ويقف وراء هذا التفسير العديد من الحروب وأشكال الصراع والقتل والجرائم التي ارتكبت وترتكب باسم البشرية ، وقصة قابيل وهابيل ليس الهدف منها مجرد حادثة قتل أخ لأخيه ، وإنما رسالة للجانب الشرير والظالم من العقل البشري الذي نلمس آثاره وأفعاله الشريرة في العديد من صور حياتنا اليومية ، حتى المسلسلات التي تزخر بها قنواتنا الفضائية لا مضمون لها الا إبراز هذا الجانب الشرير من عقل الانسان .

وهذا الانسان ليس قويا بقدراته الجسدية ، فهو أضعف مما نتصور ، ولا مجال للمقارنة مثلا بين ضخامة الفيل وهذا الانسان ، فبدهسة واحده من الفيل كفيلة بتحطيم وتحويل هذا الانسان الى قطعة واحدة غير معلومة المحددات ، ولكن برصاصة صغيرة بيد هذا الانسان كفيلة بقتل هذا الحيوان الضخم ، ولذا يقال دائما ان الانسان قوي بظلمه ، وجبروته ، وقوي وهو يحمل السلاح ، والعلاقة واضحه بين العقل وبين ما يملك الانسان من ادوات القتل والتعذيب والترهيب والتخويف ، فإذا غيب العقل ابتعدت الأخلاق ومعايير الانسانية والأخوة ، وسادت معايير القوة والظلم . ومن يمارس الظلم لا يراه .

ولنا صور عديدة من اللاأخلاقيات في حياة البشر ، والتي لا تقتصر على القتل والحروب ، بل قد تمتد الى حياتنا وعلاقاتنا اليومية ، في علاقة الأخ بأخيه، وعلاقة الأخ بأخته وحرمانها من أي ميراث شرعي ، وفي علاقة الجار بجاره ، وعلاقة البائع أو التاجر الشره الطماع بالمشتري الفقير ، وقد تمتد هذه الصور من اللاعقلانية والشر والظلم وتصل في أسوأ درجاتها الى الحاكم الظالم ، وهذا قد يكون أقصى درجات البلاء الذي تبتلى به أمة وشعب ، لأن ظلم الحاكم لا يعلوه ظلم ، وهو الذي يقف وراء أنهيار أمم كثيرة ، وتراجع حضارات ، وفيه هدر لكرامة الإنسان ، وعندما تضيع كرامة الانسان ، وتداس آدميته ، لا يبقى إلا الصورة الشريرة من العقل الذي منحه الله أياه ليعمر ويبنى ، بدلا من القتل والتدمير والتفكير فقط كيف أستعبد غيري ، وهو ما يتعارض مع الهدف الإلهي من خلق هذا الإنسان الذي خلق على الفطرة السليمة ، والسواسية ، والمحبة البيضاء الله خلق الانسان وميزه بالعقل السليم ، وتركه يتصرف بهذا العقل ، وكيف يسخره في الخير أم الشر. ووراء هذه الصورة الشريرة تسخر موازنات الدول الكبرى لزيادة قوتها العسكرية ، وتسخر الأموال وقدرات هذا العقل الابداعية في انتاج أسلحة فتاكة مدمرة وقاتله للبشرية جمعاء، ولو خصص جزء صغير من هذه الموازنات في حل مشاكل الفقر والبيئة ، والأمراض ،والتصحر ، وغيرها من الأمراض البشرية ، لكنا أسعد حالا على هذا الكوكب الأرضي الصغير .

لقد أرسل الله الرسل والأنبياء ومعهم رسالات من أجل هداية الناس ، وتبيان طرق الخير والحب والوحدانية ، وكل هؤلاء الرسل وما بعثوا به يلتقون حول هدف واحد وهو وحدانية الخالق ووحدانية البشرية ، وما نراه عكس ذلك حربا دينية شرسة ، ولعل الحروب الدينية من أصعب الحروب لأنها حروب عمياء ـ وقد اخذت في طريقها موت الآلاف من الأبرياء ، وما الحروب الصليبية إلا مثال واحد ، والحروب المستمرة التي حولت أرض السلام في فلسطين الى أرض حرب تقف وراءها هذه العقلية ،ولعل من أكثر الشعوب التي تعاني من هذا الظلم هو الشعب الفلسطيني ،بسبب الاحتلال والحصار والعنف والتشدد والقوة التي تمتهن من خلالها كرامته .

وقصة هذا الظلم البشري واستغواله هو قصة تاريخ طويل ما بين الدول والشعوب ، وما بين الشعب نفسه في كل علاقاته الحياتية . وهي قصة ستستمر الى أن تقوم الساعة ، لكن المهم من ينتصر على من ؟

وإذا ما ذهبنا الى عالم الحيوانات وبكل مخلوقاته العجيبة والمتنوعة والدالة على قدرة الخالق ، نجد العديد من الصور الأخلاقية التي نقف وراءها مشدوهين عاجزين ، وقد لا يكفي حجم مقالة صغيرة لسرد كل هذه الصور من الأخلاقيات ، ومن هذه الصور التي شاهدتها ووقفت متأملا بين العالمين عالم البشر وعالم الحيوان ، منظر هذه القطة التي شاءت الأقدار ان تجد نفسها على حافة سور عمارة عالية أسكن فيها ، كلما نظرت ألى أسفل أدركت أنها ستلقى حتفها ، وتبدو عليها معالم الخوف والمواء الحزين.

والأكثر عجبا اكثر من قطة على الارض مواؤها كله حزن وخوف على تلك التي تنتظر حتفها ، وما كان مني الا التدخل لعلي أمارس بعضا من العقل الخيري الذي منحه الله لنا لأنقذها لعلي أجد من ينقذني من بني البشر.

وقصة الحمام الذي يحنو على صغاره ويبني لها بيوتا من الريش الذي لا يقي حر الصيف ولا برودة الشتاء ، وأكثر هذه الصور التي شدتني صورة الحمام الذي يقبل بعضه بعضا . صور عديدة من الأخلاقيات يمكن لنا أن نستلهمها من حياة هذه الحيوانات التي لم تمنح عقل الإنسان ، بل منحت الفطرة السليمة ، ومنحت غريزة الحياة ، ومنحت كيف تحنو على أبنائها وتحميها من وحش هائج مفترس يبحث عن ضحية .

وأخيرا إننا في حاجة الى العودة الى حياة هذه الحيوانات والتأمل فيها ، لعلنا نخرج بدرس في الأخلاقيات .
رد مع اقتباس