الموضوع: قصة رمزية
عرض مشاركة واحدة
 
  #2  
قديم 06-22-2009
الصورة الرمزية admin
admin admin غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 14,425
افتراضي قصة رمزية مهمة

بسم الله الرحمن الرحيم
كان هناك صاحب قصور عظيمة، ودعونا نطلق عليه اسم العزيز، كان العزيز عالما قويا حكيما وكان عنده كل شيء، كان عنده الماء الوفير والطعام الكثير والأموال التي لا تأكلها النيران، وكان يستطيع أن يقوم بأي شيء يفكر فيه، ولم يكن يعجزه شيء، ولم يكن يحتاج أحد، ولكنه مع هذا قرر في أحد الأيام أن يحضر مجموعة من الناس ويُسكنهم في أحد قصوره، فزين قصرا أجمل تزيين، وجعل فيه ما تلذ به الأعين وتشتهيه الأنفس، وجعله واسعاً يتسع لكل هؤلاء الناس الذين أحضرهم ويزيد، فكرمه كان كبيرا، وعطاءه كان عظيماً، وعادته كانت أنه إذا أعطى شيئا لم يأخذه، فما هو بجاحد، وكان حكيما يرى ما لا نراه، ويعلم ما لا نعلمه، لذلك نظر للأمور قبل أن تحدث الأمور، فماذا رأى؟ رأى أنه إذا أدخل هؤلاء الناس إلى هذا القصر العظيم، وجعل كل منهم في غرفة من غرفه، فإن كل واحد منهم سينظر ويقارن غرفته مع باقي الغرف، وسيعتقد أنه يستحق الغرفة الأكبر أو الغرفة الأجمل أو الغرفة التي تطل على البحر، باختصار سيعتقد أنه أفضل من باقي أصحابه وأصدقائه لذلك فإنه يستحق ما هو أفضل، لذلك لم يُدخل العزيز هؤلاء الناس إلى القصر مباشرةً، ولكنه صنع لهم مسابقة لفترة وجيزة من الزمن ما بين الساعة والساعتين، أشار لهم العزيز لأحد البساتين الهزيلة الضعيفة وهو من أحقر ما يملك العزيز، وكان له بابان، باب للدخول، وآخر للخروج، أشار العزيز لهذا البستان، وقال لهم إذهبوا لهذا البستان، مع كل واحد منكم ساعتين، على كل واحد منكم أن يجمع أكبر قدر من الحطب، والذي يجمع حطباً أفضل وأكثر سيأخذ الغرفة الأجمل والأكبر، والذي يجمع حطباً أقل سيكون صاحب الغرفة الأصغر، وهكذا. قسم العزيز الناس إلى مجموعات على شكل افواج، لكل فوج وقت محدد معلوم يبدأ فيه إختباره، ذلك أنه اراد لكل فوج أن ينظر للفوج الذي قبله، ويتعلم منه، ويتعظ به فلا يفرط كما فرط، ويزيد على ما أحسن، وكان كلما جاء زمانُ فوجٍ من الأفواج ركض أناسه للبستان، وما أن يدخلوه وينظروا فيه إلا أن يجدوه جميلا واسعا مريحا، فيه من الثمار الخير الكثير والعظيم، فقد كان فيه ما لم يروه في معيشتهم السابقة، فأسرع معظمهم يسور له شجرة يطلق عليها ملكه، ويمنع غيره من الوصول لها، ثم يجلس في ظلها، يتفيء تحتها، يتناول من ثمارها الجميل، ونام معظمهم هانئ البال، مسرور الخاطر، وقلة منهم أسرع ليجمع الحطب، الحطبة فوق الحطبة، والرزمة فوق الرزمة، فهذه هي المهمة، وهذا هو الهدف، فقد أدرك أن النعيم الذي ينتظره سيكون من المؤكدا أكبر وأعظم، فإذا كان هذا هو حال أضعف البساتين وأحقرها عند العزيز، فما بال القصر الذي وعدهم أن يدخلهم إياه، وجماعة أخرى، كانت تجمع الحطب تارة، وتتفيء الظل وتأكل الثمار أخرى، وقلة قليلة جدا، كانت تجتهد في جمع الثمار، وتصيح على من فرط ونام، أن هلموا لجمع الحطب، فالساعة تتك، والوقت يمر، وسرعان ما تنتهي الساعتين، فما أنتم فاعلين إن إنتهت هاتين الساعتين، وبالفعل ما أن يبتدأ الإمتحان وما أن إبتدأت الساعة بالدوران حتى كانت الساعتين تنتهيان، ثم يضطر من كان في البستان أن يخرج منه، وكان العزيز قد أوكل مهمة أخراج من إنتهى إمتحانه من البستان لشخص مفتول العضلات قوي البنية لا يستطيع عليه أحد، من كانت تنتهي ساعتيه، ينظر لنفسه، أين حطبي، فإذا وجد أنه صرف الساعتين وهو لاهٍ يتنعم بثمار البستان، أراد أن يبدأ الآن بجمع الحطب، ولكن كان حارس البستان ينتزعه إنتزاعا منه، ويخرجه رغما عنه، وهكذا إستمرت العملية حتى إنتهى إمتحان كل الأفواج، ثم أحضر كل صاحب حطب حطبه، ليتم عد النقاط، وبناءاً على هذه النقاط، تم توزيع الغرف في القصر المشيد على هؤلاء الناس، فما أن جلسوا في مجالسهم من القصر، ولما نظر كل منهم لغيره، ما لام إلا نفسه، وما إدعى أنه أفضل من غيره، فقد كانت عنده فرصة، هو الذي أضاعها وهو الذي فرط فيها، فيامن تقرأ هذه القصة، أقول لك، لا زالت الفرصة لديك لجمع الحطب في الدنيا، بطاعة الله والإنتهاء عما نهانا عنه، وبالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وخدمة الإسلام والمسلمين.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
__________________
اللهم علمنا ما ينفعنا - وإنفعنا بما علمتنا
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه - وأرنا الباطل باطلا وأرزقنا إجتنابه
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
اللهم إجعل عملنا خالصا لوجهك الكريم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبة وسلم
رد مع اقتباس