عرض مشاركة واحدة
 
  #30  
قديم 09-25-2010
سليم سليم غير متواجد حالياً
عضو مرابط
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 554
افتراضي رد: النكات البلاغية في ايراد الصفات الثنائية

السلام ورحمة الله وبركاته
وأهم الملاحظات على إيراد " التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ":
أولًا:في كل الآيات جاء "التوّاب"متقدم على "الرحيم" سواء كان معرفًا أو نكرة.
ثانيًا: كان "الرحيم" هو الكلمة الفاصلة في كل الآيات .
ثالثًا: في كل آيات التعريف جاء " التَّوَّابُ الرَّحِيمُ " بعدذكر فعل التوبة بصيغة الماضي مثل"تاب" أو المضارع "أتوب" أو طلب التوبة من الله "تب",أو بيان من الله أنه قابل التوبة, ولكل منها وجهها البلاغي :
1." ." فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ",البقرة 37,هنا الكلام عن آدم عليه السلام,ويُلاحظ أنه استهل الآية بالفاء وتدل على مبادرة آدم عليه السلام بطلب العفو,وأُختير فعل "تلقى" وهو على صيغة تفعل من لقي لما فيه من تكلف وطلب,والتكلف في الحصول وتطلبه يكون في الأمر المحبوب على عكس لاقى لما في من دلالة على لقاء غير المحبوب كما لو قلنا لاقي العدو.
وجاء بعد التلقي بفاء آخرى ودخلت على فعل"تاب"_ وهو بصيغة الماضي وذلك لحدوثه ووقوعه_ و لبيان أن الكلمات التي تلقاّها آدم عليه السلام هي كلمات عفو ومفغرة وليست توبيخ .
وذيّل الآية بقوله تعالى:" إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ "مؤكدًا أن الله تعالى هو الذي يقبل التوبة ويرحم عباده,فقبل توبة آدم ورحمه .
2."وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُواْ إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ",البقرة54,وهذه الآية نزلت في حق قوم موسى عليه السلام,وعبادتهم العجل ,وهو ظلم بمعنى شرك بالله,وطلب الله من موسى أن يخبرهم بأن توبتهم تكون بقتل أنفسهم,غمن قتل نفسه يكون قد ندم فتاب إلى الله ,ويتوب الله عليه ويرحمه بتقبل توبته.
من النكت البلاغية هنا قول الله تعالى:" الْعِجْلَ فَتُوبُواْ إِلَى بَارِئِكُمْ ",فطلب التوبة إلى البارئ, فالبارئ من براءة, وكأن القصد التوبة البراء من الرياء,فإن التوبة الحقة هي التي لا رياء فيها, والقصد منها الرجوع إلى الله, ولهذا عقب بقوله تعالى:" فَاقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ ",فإن كانت توبة حقة_براء_ بعيدة عن الرياء فقتل النفس يبدو يسيرًا.
3.." رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ"البقرة128,هنا يسأل إبراهيم عليه السلام ربه أن يجعله وذريته مسلمين,وأن يريهم مناسكهم,وبعد ذلك طلب التوبة له وذريته من بعده,وهي الآية الوحيدة التي جاء فيها التوبة بالأمر_ دعاء الإنسان_,وكذلك توجيه الخطاب إلى الله سبحانه وتعالى حيث قال تعالى:" إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ".
4." إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَـئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ",البقرة160,هذه الآية جاءت في اليهود الذين أنكروا البينات في التوراة التي تذكر سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام, وقيل والمراد أيضًا نكرهم لحكم الرجم ,وقد استثنى من هؤلاء استثناءًحقيقيًا من تاب بصدق وجعل التوبة مربوطة بأمرين ,أولهما الإصلاح,أي إصلاح ما نتج عن طمسهم الآيات والتي منها نبوة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام والثانية البيان أي بيان ما كتم, لأن شرط كل توبة أن يتدارك التائب ما يمكن تداركه مما أضاعه بفعله الذي تاب عنه.فيقبل الله توبتهم,لأنه هو التواب الرحيم.
وقد عقب بقوله تعالى:"َوأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ " ليعطف على ما قبله وتذييل له والالتفات إلى التكلم للافتنان مع ما فيه من الرمز إلى اختلاف مبدأ فِعْليه السابق واللاحق.ونلاحظ أنه في هذه جاء فعل التوبة من الناس أولًا ومن الله ثانية, وعقب بدلالة واضحة بأنه هو التواب الرحيم.
5." أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ "التوبة104,هذه أولى الآيات من سورة التوبة التي تذكر أن الله تواب رحيم, في هذه الضمير يعود على الذين اعترفوا بذنوبهم,أو لغيرهم والمراد التحضيض على التوبة والصدقة والترغيب فيهما, " وَأَنَّ اللّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ "عطف على " أَنَّ اللّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ " ، تنبيهاً على أنه كما يجب العلم بأن الله يفعل ذلك يجب العلم بأن من صفاته العُلى أنه التواب الرحيم، أي الموصوف بالإكثار من قبول توبة التائبين، الرحيم لعباده، ولا شك أن قبول التوبة من الرحمة فتعقيب"التواب" بـــ " الرحيم" في غاية المناسبة.
6." وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّواْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ",التوبة118,في قوله تعالى:" ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ "يدل على أن التوبة فعل الله وقوله: "لِيَتُوبُواْ " يدل على أنها فعل العبد, وقوله تعالى:" إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ"واعلم أن ذكر الرحيم عقيب ذكر التواب، يدل على أن قبول التوبة لأجل محض الرحمة والكرم، لا لأجل الوجوب.
رابعًا:لم يأت اسم "التواب" في حق الله تعالى إلا مفردًا,وإن جاء جمعًا فهو يدل على الناس كما في قوله تعالى في سورة البقرة:" وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ".
هذا ما كان من آيات القرآن التي جاء فيها اسمه "الرحيم" مقترنًا مع اسماء اخرى.




__________________
رمضان أسم حروفه ناصعة=فالراء رحمة من الله واسعة
وميمه مغفرة منه جامعة=والضاد ضياء جنة رائعة
والألف احسان وألفة ماتعة=ونونه نُزل الصائمين ناعمة
رد مع اقتباس