عرض مشاركة واحدة
 
  #28  
قديم 09-17-2010
سليم سليم غير متواجد حالياً
عضو مرابط
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 554
افتراضي رد: النكات البلاغية في ايراد الصفات الثنائية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


وباقي الآيات الوارد فيها "التوّاب" نكرة فكلها مقرونة باسمه "الرحيم":
1." وَاللَّذَانَ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ تَوَّاباً رَّحِيماً "النساء16,هذه الآية نزلت في الزانيين,"فاللذان " هنا هنا صنفا الزناة اي المحصن وغير المحصن كما قال ابن عباس ومجاهد,لأن الحكم الشرعي الخاص بالنساء قد ذكره في الآية السابقة لهذه في قوله تعالى:" وَٱللاَّتِي يَأْتِينَ ٱلْفَٰحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ فَٱسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنْكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي ٱلْبُيُوتِ حَتَّىٰ يَتَوَفَّاهُنَّ ٱلْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ ٱللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً "وقد كان هذا الحكم الشرعي فيهما قبل نسخها بآية النور,والحكم الشرعي وقتئذ كان الإيذاء أي الذم والتعنيف أوالإيلام غير الشديد بالفعل كالضرب غير المبرح، والإيلام بالقول من شتم وتوبيخ، فهو أعمّ من الجلد، والآية أجملته، فهو موكول إلى اجتهاد الحاكم كما قال ابن عاشور.
وقوله تعالى :" كَانَ تَوَّاباً " أي رجاعاً بمن رجع عن عصيانه إلى ما كان فيه من المنزلة" رَّحِيماً "أي يخص من يشاء من عباده بالتوفيق لما يرضاه له، فتخلقوا بفعله سبحانه وارحموا المذنبين إذا تابوا، ولا يكن أذاكم لهم إلا لله ليرجعوا، وليكن أكثر كلامكم لهم الوعظ بما يقبل بقلوبهم إلى ما يُرضي الله.
2." وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً "النساء64,هذه الآية نزلت في المنافقين عندما تحاكموا إلى الطاغوت, والقصة أن منافقًا ويهوديًا اختصما,فدعا المنافق إلى كعب بن الأشرف ليحكم بينهما ودعا اليهودي إلى النبي فأتياه فقضى لليهودي فلم يرض المنافق, فقتله عمر بن الخطاب,وفي هذه الآية أكد الله تعالى أن رسله يبعثهم كي يُطاعوا ,لأن طاعتهم من طاعة الله ولأنهم حملة رسالاته,وأنهم لو جاؤا بعدها واستغفروا الله وطلبوا أن يغفر لهم الرسول عليه الصلاة والسلام لتاب الله عليهم ورحمهم لأنه تواب رحيم.
ونلاحظ أن الآية لم تقصر الإستغفار على الله ,بل قرنه باستغفار الرسول لهم,وفي هذا تفخيم لشأن رسول الله حيث عدل عن خطابه إلى ما هو من عظيم صفاته ، وتعظيم لاستغفاره عليه الصلاة والسلام حيث أسنده إلى لفظ منبىء عن علو مرتبته.
3." يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ ",الحجرات 12,نلاحظ أن الآية بدأت بخطاب المؤمنين,إذن هو خطاب لمن آمن من العرب ,ولكن بعض عادات العرب القبيحة في الجاهلية بقيت متفشية بينهم منها ما ذكرت هذه الآية,والآية حرمت الظن والتجسس والغيبة بقرينة وصف الظن بالإثم, وكره آكل لحم أخيه, "وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ تَوَّابٌ رحيم " عطف على جُمل الطلب السابقة ابتداء من قوله: " اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ "هذا كالتذييل لها إذ أمر بالتقوى وهي جُماع الاجتناب والإمتثال فمن كان سالماً من التلبس بتلك المنهيات فالأمر بالتقوى يجنبه التلبس بشيء منها في المستقبل، ومن كان متلبساً بها أو ببعضها فالأمر بالتقوى يجمع الأمر بالكف عما هو متلبس به منها.
وجملة " إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ "تذييل للتذييل لأن التقوى تكون بالتوبة بعد التلبس بالإثم فقيل:" إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ "وتكون التقوى ابتداء فيرحم الله المتقي، فالرحيم شامل للجميع.
__________________
رمضان أسم حروفه ناصعة=فالراء رحمة من الله واسعة
وميمه مغفرة منه جامعة=والضاد ضياء جنة رائعة
والألف احسان وألفة ماتعة=ونونه نُزل الصائمين ناعمة
رد مع اقتباس